إجــــــــــــراءات رفـــع الدعــــــــــــوى
أمام قسم شــــــــؤون الأســــــــــــــــــــــــرة
بسم الله الرحمـــــــن الرحيم و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين أما بعد
مقدمـــــة :
يعتبر قسم شؤون الأسرة من أهم أقسام المحكمة بإعتباره بوابة على المجتمع يتسنى للباحث الاجتماعي تكوين نظرة شاملة على خباياه و أهم المشاكل التي تواجه الأسر الجزائرية و قد أولاه المشرع الجزائري اهتماما خاصا بالتعديل الأخير القانون 08/09 المتضمن قانون الإجراءات المدنية و الإدارية المؤرخ في 25 فبراير 2022 و أفرد لقسم شؤون الأسرة أحكاما خاصة في الكتاب الثاني من المادة 423 إلى المادة 499 أي ما مجموعه 76 مادة و هو ما لم تحض به باقي الأقسام المكونة للمحكمة كالقسم الاجتماعي و القسم العقاري و القسم التجاري و كذا المدني و عليه سوف نتطرق بشيء من التفصيل للإجراءات المتبعة لمباشرة دعوى قضائية أمام هذا القسم على النحو التالي :
§نوع القضايا التي يعالجها القسم :
ترفع الدعوى بصفة عامة أمام قسم شؤون الأسرة كباقي الدعاوى المدنية و ما يجدر الإشارة إليه هو أن قضايا شؤون الأسرة لا يسري عليها إجراء الوساطة المنصوص عليه بالمادة 994 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية على غرار القضايا العمالية باعتبار أن الصلح وجوبي فيها و بالتالي ليست بحاجة للوساطة و قد خص المشرع هذا القسم بنوع القضايا التي ينظر فيها على وجه الخصوص أشار إليها في المواد 40/2 و 423 و 426 من ق.إ.م.إ كالتالي:
1 – الدعاوى المتعلقة بالخطبة و الزواج و الرجوع إلى بيت الزوجية و انحلال الرابطة الزوجية و توابعها حسب الحالات و الشروط المذكورة في القانون مع التذكير بأنه في حالة ما سجلت قضية خطأ في القسم المدني أو التجاري أو العقاري أو أي قسم مدني آخر يتم إخطار رئيس المحكمة الذي يفصل في الإحالة من قسم لآخر و في حالة الرفض تبقى القضية أو الدعوى بالقسم الذي سجلت به و يفصل القاضي فيها بإجراءات قسمها الأصلي م 32 من ق.إ.م.إ على أن يتم احترام التشكيلة إذا كانت خاصة كالقضايا الإجتماعية و التجارية لوجود مساعدين إضافة إلى تصفية المصاريف لاختلافها من قسم لآخر حسب النوع.
2 – دعاوى النفقة و الحضانة و حق الزيارة .
3 – دعاوى إثبات النسب و الزواج .
4 – الدعاوى المتعلقة بالكفالة .
5 – الدعاوى المتعلقة بالولاية و سقوطها و الحجر و الغياب و الفقدان و التقديم.
6 – المنازعات المتعلقة بمتاع الزوجية .
7 – الت**** بالزواج الثاني .
8 – منازعات الصداق .
9 – دعاوى الميراث .
10- دعاوى تصحيح وثائق الحالة المدنية و هذا النوع من القضايا إما يكون بواسطة أمر قضائي صادر عن رئيس المحكمة و إما بواسطة دعوى أمام قسم شؤون الأسرة .
غير أن ما يلاحظ حسب التعديل الأخير لقانون الإجراءات المدنية و الإدارية أن المشرع جعل المطالبة القضائية تتم بطريقتين و هما :
1 – بواسطة الدعوى و هذا الطريق العادي تكون إما عادية أو إستعجالية .
2 – عن طريق الأوامر الولائية و التي حصرها في بعض القضايا مثل الحجر أو ما يسمى بافتتاح التقديم م 481 ق إ م إ ، تعيين مقدم م 471 ، الولاية على أموال القاصر م 467 ، التدابير المؤقتة لحماية مصالحه م 473 ، الكفالة م 493 غير أن إلغائها يتم بدعوى عادية أمام قسم شؤون الأسرة .
و بخصوص الأوامر على ذيل عرائض تكون في جميع التدابير المؤقتة خصوصا النفقة و الحضانة و الزيارة و المسكن حسب نص المادة 57 مكرر من قانون الأسرة .
هناك بالإضافة إلى الدعاوى أو القضايا المذكورة سابقا يمكن للمعني رفع دعواه أمام القسم بواسطة الطريق العادي كالحجر و الكفالة و الولاية طبقا لأحكام قانون الأسرة و بخصوص دعوى النسب لشخص مجهول النسب أو إنكار الأبوة تكون بجلسة سرية م 491 ق إ م إ التدابير التحفظية بخصوص التركة بواسطة دعوى إستعجالية م 499 ق إ م إ .
ترفع الدعوى بواسطة عريضة إفتتاحية مكتوبة و موقعة م 14 تودع بأمانة ضبط المحكمة بعدد نسخ تساوي عدد الأطراف و يجب إحترام الشكل المطلوب قانونا حسب ما أشارت إليه المادة 15 ق إ م إ و ذلك تحت طائلة عدم القبول فالعريضة يجب أن تحتوي ما يلي :
1 – تحديد الجهة القضائية المرفوع أمامها الدعوى .
2 – إسم و لقب المدعي و موطنه .
3 – إسم و لقب و موطن المدعى عليه و إن لم يكن له موطن معلوم آخر موطن له .
4 – الإشارة إلى التسمية و طبيعة الشخص المعنوي و مقره الاجتماعي و صفة ممثله القانوني أو الإتفاقي .
5 – عرض موجز للوقائع و الطلبات و الوثائق التي تؤسس عليها الدعوى .
6 – الإشارة عند الاقتضاء إلى الوثائق و المستندات المؤيدة للدعوى و على ذكر الوثائق نصت المادة 08/2 ق إ م إ على وجوب تقديمها باللغة العربية أو مصحوبة بترجمة رسمية إلى هذه اللغة تحت طائلة عدم القبول أما الحالة الوحيدة التي ترفع فيها الدعوى بعريضة افتتاحية مشتركة تكون في قضايا الطلاق بالتراضي م 428 ق إ م إ و يجب أن تتضمن حسب نص المادة 429 من نفس القانون ما يلي : الجهة القضائية المرفوع أمامها الطلب ، إسم و لقب و جنسية كلا الزوجين و موطن و تاريخ و مكان ميلادهما ، تاريخ و مكان زواجهما و عند الاقتضاء عدد الأولاد القصر ، عرض موجز يتضمن جميع شروط الاتفاق الحاصل بينهما حول توابع الطلاق على أن يكون تسجيلها بحضور الطرفين و هذا ما يمكن استخلاصه من المادة 430 من ق إ م إ حتى يكون كلاهما على علم بتاريخ جلسة الصلح كما سيأتي ذكره لاحقا .
§الإختصــاص الإقــليمي :
قبل التطرق للاختصاص الإقليمي لمحكمة شؤون الأسرة يجب التنويه إلى أن هذا الدفع شكلي و ليس موضوعي و هذا باستقراء المادة 47 من ق إ م إ و تجدر الإشارة إلى أن المادة 45 من ق إ م إ نصت على أنه يعتبر لاغيا كل شرط يمنح الاختصاص الإقليمي لجهة قضائية غير مختصة إلا إذا تم بين التجار و أضافت المادة 46 أنه يجوز للخصوم الحضور باختيارهم أمام القاضي حتى و لو لم يكن مختصا إقليميا و يوقعان على تصريح بطلب التقاضي و إذا تعذر التوقيع يشار إلى ذلك على أنه يمتد بعد ذلك الاختصاص في حالة الاستئناف إلى المجلس القضائي الموجود بدائرة اختصاصه المحكمة المصدرة للحكم ، و ليس للمدعي الحق في التمسك به ( الاختصاص الإقليمي ) بل هو مخول فقط للمدعى عليه م 51 ق إ م إ و يثار قبل أي دفع في الموضوع أو دفع بعدم القبول م 47 ق إ م إ .
و بخصوص الاختصاص الإقليمي للمحكمة يحدده نوع القضية كما نصت عليه المادة 426 ق إ م إ على المنوال التالي :
1 – العدول عن الخطبة مكان موطن المدعى عليه .
2 – إثبات الزواج بمكان وجود موطن المدعى عليه .
3 – الطلاق أو الرجوع بمكان وجود مسكن الزوجية أما الطلاق بالتراضي مكان إقامة أحد الزوجين حسب اختيارهما .
4 – الحضانة و حق الزيارة و الرخص الإدارية المسلمة للقاصر المحضون بمكان ممارسة الحضانة .
5 – النفقة الغذائية بموطن الدائن بها .
6 – المتاع مكان وجود المسكن الزوجي .
7 – الت**** بالزواج مكان طالب الت**** .
8 – الولاية مكان ممارسة الولاية .
9 – مواد الميراث محكمة موطن المتوفى م 40/2 ق إ م إ .
غير أن الإشكال المطروح في الاختصاص الإقليمي أمام قسم شؤون الأسرة و الذي كثيرا ما يعوق العمل القضائي و يعطل إجراءات التقاضي بين الطرفين هو مكان السكن الزوجي فكثيرا ما يتقدم كل من الزوجين في بعض قضايا الطلاق ببطاقة إقامة لإثبات المسكن الزوجي حسب المنطقة التي يتواجد فيها هذا الخصم أو ذاك في حين أن حجية هذه البطاقات محدودة و لا ترقى إلى شهادة إقامة التي لا تسلم إلا لاستخراج وثائق إدارية خاصة و من ثم كان لزاما أن يبحث القاضي عن وسائل أخرى أكثر نفعا في الإثبات كوصولات الكهرباء و الغاز أو الهاتف على أن تكون حديثة أما الإشكال الثاني هو عندما يكون الطلب القضائي مركب مثال ذلك دعوى رجوع و نفقة فكما سبق ذكره الرجوع أمام محكمة مكان تواجد مسكن الزوجية و النفقة أمام محكمة مقر سكن الدائن فإذا كانت الزوجة مثلا من بلدية غريس التابعة إداريا و قضائيا لولاية معسكر و سكنها الزوجي بفرندة فكل من محكمة فرندة و غريس مختصتين و بالتالي يؤول الاختصاص لكل من قاضيي شؤون الأسرة للمحكمتين .
إضافة إلى هذا هناك نوع من القضايا تختص بها محكمة شؤون الأسرة كتصحيح وثائق الحالة المدنية عملا بمبدأ من يملك الكل يملك الجزء و التي نظمها الأمر 70/20 الصادر بتاريخ 19/02/1970 المتضمن قانون الحالة المدنية فالمعروف كما سبق ذكره هناك ثلاث أنواع من العقود التي نظمها هذا القانون ( الميلاد ، الزواج و الوفاة ) فحسب المادة 49 من قانون الحالة المدنية يؤول الاختصاص هنا بمكان تحرير العقد الأصلي مثلا إن كانت شهادة ميلاد مسجلة ببلدية فرندة ترفع الدعوى أمام محكمة فرندة و إن كانت شهادة الميلاد مسجلة ببلدية تيارت ترفع أمام محكمة تيارت و عليه يراعى في ذلك التقسيم القضائي و ليس الإداري و يمتد اختصاص القاضي حتى للعقود المسجلة خارج اختصاص دائرته إذا اشتملت على الغلطة أو تضمنت إغفالا أصليا مثلا شهادة الميلاد الأصلية مسجلة ببلدية فرندة و عقد الزواج مسجل ببلدية وهران يمكن للقاضي إذا قام بتصحيح شهادة الميلاد أن يصحح أيضا عقد الزواج لوجود ارتباط وثيق بين العقدين .
– يجب على أمين الضبط قبل أن يقوم بقيد الدعوى بالسجل الخاص بالقيد العام يكلف المدعي تسديد الرسوم م 17 ق إ م إ و هي محددة بقسم شؤون الأسرة بمبلغ 300 دج بعدها يقوم بجرد الوثائق مع الإشارة إلى أن الوثائق يجب أن تكون باللغة العربية أو مصحوبة بترجمة رسمية تحت طائلة عدم القبول حسب نص المادة 08/2 من ق إ م إ ويقوم بتكوين ملف لإيداعها رفقة العريضة الإفتتاحية و يحدد له تاريخا للجلسة يكون في أجل لا يقل عن 20 يوما و بالنسبة للمقيمين بالخارج مدة ثلاثة أشهر مع العلم أن نص المادة 16/3 من ق إ م إ اشترط مدة 20 يوما بين تاريخ تسليم التكليف و تاريخ أول جلسة و أثناء السير في الدعوى يتم تقديم الوثائق بأمانة ضبط المحكمة بأصولها و نسخها الرسمية أو المطابقة للأصل يقوم أمين الضبط بجردها و التأشير عليها قبل إيداعها بالملف تحت طائلة الرفض و ذلك مقابل وصل يسلمه للمعني م 22 ق إ م إ و يمكن تبادلها بالجلسة م 23 ق إ م إ .
§الوثائق المطلوبة لقيد دعوى بقسم شؤون الأسرة :
لا يمكن حصر قضايا شؤون الأسرة على وجه دقيق لكن عموما كل ما تعلق بحالة الأشخاص و الأسرة يختص به القسم المذكور وكل دعوى لها وثائق خاصة بها يجب أن تودع بملف القضية و سوف نستعرض لأهم القضايا المعروضة و الوثائق التي تتطلبها على الشكل التالي.
1 – قضايا الطلاق سواء كان بالإرادة المنفردة أو بالتراضي : نسخة من عقد الزواج ، نسخة من الشهادة العائلية م 429 ق إ م إ و إضافة على ذلك دأب العمل القضائي على أن يكون بالملف شهادة طبية خاصة بالزوجة تثبت الحمل من عدمه و لو أن حجيتها القانونية ليست مطلقة بالنسبة لآثارها و نفس الوثائق مطلوبة لو كانت دعوى خلع أو تطليق .
2 – قضايا الرجوع و النفقة : نسخة من عقد الزواج ، نسخة من البطاقة العائلية إن كان هناك أبناء و بالنسبة لمراجعة النفقة الغذائية نسخة من الحكم القاضي بالحضانة إضافة إلى نسخة من شهادة ميلاد المحضون للتأكد من توفر شروط الحضانة .
3 – قضايا إلحاق نسب أبناء : نسخة من عقد الزواج و شهادات طبية للأبناء مرفقة بصورة شمسية لهم تثبت سنهم التقديري .
4 – قضايا تثبيت الزواج العرفي : نسخة من شهادتي ميلاد الطرفين مستخرجة من السجل الأصلي م 12 على أن تكون حديثة الصدور .
5 – قضايا الكفالة : نسخة من شهادة ميلاد الكافل و المكفول مستخرجة من السجل الأصلي ، شهادة الأجر أو الدخل و إن كان متزوجا و يستحسن ذلك نسخة من عقد زواج الكافل .
6 – قضايا تصحيح شهادة ميلاد : سواء كان خطأ مادي كعدم كتابة الاسم بشكل صحيح أو إسقاط حرف أو تصحيح نسب يرفق بالملف نسخة من شهادة الميلاد الأصلية أو عقد الزواج حسب الحالة مع العلم أن قانون الحالة المدنية نظم ثلاث عقود فقط هي شهادة الميلاد و عقد الزواج و شهادة الوفاة إضافة إلى شهادة السوابق العدلية حديثة باعتبار أن تصحيح شهادة ميلاد يترتب عليه آثار عديدة و أن الحالة تؤثر على تنفيذ العقوبات إن كان الشخص طالب التصحيح قد صدر بشأنه حكم جزائي و بالتالي يجب التحري جيدا في مثل هذا النوع من القضايا لأن كل تعديل يمس الحالة يؤثر بشكل مباشر على شهادة السوابق العدلية.
7 – قضايا أو منازعات الجنسية : نص على هذا النوع من القضايا قانون الجنسية المادة 31 و ما بعدها من الأمر 70/86 المعدل و المتمم بالأمر 05/01 المتضمن قانون الجنسية و عموما لم ينص القانون صراحة على أن قسم شؤون الأسرة هو المختص لكن بما أنها من قضايا الحالة ترفع أمامه و تكون بإحدى الطريقتين المادة 32 من القانون المذكور :
بالنسب : بإثبات وجود أصلين ذكرين مولودين بالجزائر و متمتعين بالشريعة الإسلامية و بمفهوم المخالفة أن من كان أبويه مسيحيين أو يهوديين لا يستفيد من الجنسية الجزائرية الأصلية خلافا لما جاء بالمادة 36 من الدستور التي نصت على أنه لا مساس بحرمة حرية المعتقد و حرمة حرية الرأي .
بالحالة الظاهرة : و هي مجموعة من الوقائع التي تثبت أن المعني و أصوله كانوا يتظاهرون بالصفة الجزائرية كأن أدوا واجبهم الانتخابي بالإدلاء ببطاقة الانتخاب أو قاموا باستخراج بطاقة تعريف وطنية إلخ …
§الإجراءات المتبعة عند السير في الدعوى :
سنتكلم عن الطلاق باعتباره أكثر القضايا معالجة من طرف أقسام شؤون الأسرة عبر المحاكم الوطنية و قبل التطرق لها نشير إلى أن إجراء الصلح في هذا النوع من القضايا وجوبي طبقا للمادة 439 من ق إ م إ و المادة 49 من قانون الأسرة و أن حضور أحد الزوجين ليس ضروريا إن كانت هناك وكالة من أحدهما لشخص آخر شرط أن تكون وكالة خاصة و ليس عامة و هذا ما أشارت إليه المادة 431 ق إ م إ بعبارة "ينظر مع الزوجين أو وكلائهما " و حرف " أو " لغة يفيد التخيير ) (.
1- في الطلاق بالتراضـــــــي :
بعد قيد الدعوى بأمانة ضبط المحكمة يتم إخطار الطرفين بتاريخ حضورهما من طرف أمين الضبط و لا يشترط هنا في هذه الحالة مهلة العشرين يوما 20 المنصوص عليها سابقا لعدم وجود تكليف بالحضور لسببين الأول أنه لا يوجد نزاع أو خصومة و الثاني هو أنه يجوز لهما رفعها أمام محكمة مقر مكان إقامة أحدهما حسب اختيارهما حسب المادة 426/3 من ق إ م و هنا استثناء لنص المادة 40/2 من نفس القانون التي نصت على أن الاختصاص الإقليمي في قضايا الطلاق يؤول للمحكمة التي يوجد بها مسكن الزوجية .
و بالتاريخ المحدد لجلسة الصلح التي تتم بجلسة سرية ما عدا إذا طلب أحد الزوجين حضور أحد أفراد العائلة المادتين 439 و 440 من ق إ م إ يقوم القاضي بمراجعة العريضة الافتتاحية من حيث قبولها الشروط الشكلية المنصوص عليها بالمادة 429 ق إ م إ ثم يستمع لهما على إنفراد ثم مجتمعين معا و يتأكد من عنصر الرضائية في الطلاق و يحاول ما أمكن الصلح بينهما ثم يناقش معهما بنود الاتفاق و في هذه النقطة بالذات للقاضي صلاحيات واسعة في تعديل أو إلغاء أحد الشروط إذا كانت تتعارض مع مصلحة الأولاد أو خالفت النظام العام مثلا إذا تم الاتفاق على إسقاط نفقة الأبناء رغم صغر سنهم و استحقاقهم لها يجوز للقاضي إلغاء هذا البند من الاتفاق عند معالجته للملف باعتبار أن النفقة من النظام العام و بخصوص التعديل مثال ذلك حضانة أحد الأبناء إذا تم الاتفاق على إسناد حضانة ابن لم يبلغ بعد سن الفطام و كان سنه على سبيل المثال ستة أشهر لا يمكن قبول إسناد حضانته للأب باعتباره ما يزال في حاجة لرعاية أمه و أنها تجبر على ذلك تطبيقا لمصلحة المحضون المنصوص عليه بالمادتين 66 و 67/3 من قانون الأسرة و يشترط أن يكون الزوجين متمتعين بأهلية كاملة و إذا تبين للقاضي وجود عارض من عوارض الأهلية أو اختلال في قدراته الذهنية لا يمكن له التعبير عن إرادته يستعين القاضي بطبيب مختص لإثبات ذلك م 432/2 ق إ م إ .
عند الانتهاء من جلسة الصلح يصدر حكمه و يكون وصفه نهائيا يثبت فيه إرادتهما و اتفاقهما على أن يكون بعبارة " المصادقة على الاتفاق النهائي " باعتبار أن أحكام الطلاق بالتراضي غير قابلة للاستئناف حتى في جوانبها المادية حسب نص المادة 433 من ق إ م إ و هي قابلة للطعن بالنقض المادة 434 من ق إ م إ و يسري أجل الطعن من تاريخ النطق بالحكم و ليس التبليغ .
2 – في الطلاق بطلب من أحد الزوجين :
لا تختلف إجراءات الطلاق بطلب من أحد الزوجين عن إجراءات الطلاق بالتراضي كثيرا غير أنه يشترط أن يقوم المدعي في دعوى الطلاق بتبليغ العريضة الافتتاحية للمدعى عليه و النيابة رسميا المادة 438 من ق إ م إ و بالنسبة للنيابة يمكن للمدعي أو المدعية حسب الحالة تبليغها عن طريق أمانة الضبط حسب الفقرة الثانية من المادة المذكورة .
يقوم القاضي بدعوة الطرفين لجلسة الصلح مع الإشارة إلى أنه يحبذ أن تكون أكثر من جلسة و إن تخلف عنها أحد الطرفين رغم صحة تبليغه شخصيا يحرر محضر عدم حضور المادة 441 من ق إ م إ و في هذه النقطة نظن أن المشرع قصد أن يكون تبليغ الطرف المتخلف بواسطة رسالة موصى عليها أو استدعاء من طرف المحكمة على أن تتم محاولات الصلح في مهلة لا تتجاوز ثلاثة أشهر من تاريخ رفع الدعوى المادة 442 من ق إ م إ و هذا يتوافق مع نص المادة 49 من قانون الأسرة التي نصت على نفس المهلة التي يمكن للزوج مراجعة زوجته شرعا فهذه المدة مستمدة من الشريعة الإسلامية إذا راجعها فيها لا يحتاج لعقد جديد أما من أراد مراجعة زوجته بعد صدور حكم الطلاق يتوجب عليه إبرام عقد جديد المادة 50 من قانون الأسرة و تنتهي المرحلة الأولى إما بصلح و إما بعدم صلح فإن توصلا لصلح يثبت القاضي ذلك في محضر حالا يقوم أمين الضبط بتحريره تحت إشرافه و يوقع عليه الطرفين و يودع بأمانة ضبط المحكمة و يعتبر سندا تنفـيذيا المادة 443/1و2 و3 و المادة 600 /8 من ق إ م إ أما إذا بقيا على خلاف و أصر أحد الطرفين على الطلاق يثبت ذلك أيضا في محضر و يفسح المجال لهما لمناقشة الموضوع على أنه يمكن للقاضي الإستعانة بحكمين إثنين واحد من أهل الزوج و الثاني من أهل الزوجة ( م 56 ق أ ) لإجراء الصلح بينهما بشرط عدم وجود ضرر من ذلك أثناء سريان الخصومة المادة 446 من ق إ م إ و نصت على هذا الإجراء المادة 56 من قانون الأسرة و بنفس الشرط المذكور آنفا غير أنها نصت على أجل القيام بالمهمة و هو شهرين إذا تمكنا من إصلاح ذات البين يثبت ذلك في محضر وليس للقاضي سوى المصادقة عليه بموجب أمر غير قابل لأي طعن المادة 448 من ق إ م إ لكن إذا تبين له أن هناك صعوبة في تنفيذ مهمة الحكمين يمكن له إنهاء مهامهما بصفة تلقائية و تعاد القضية إلى الجدول لمتابعة الإجراءات العادية لسير الدعوى .
كانت هذه لمحة موجزة عن دور قسم شؤون الأسرة على ضوء قانون الإجراءات المدنية و الإدارية على أن يتم التطرق في فرصة لاحقة لبعض المهام التي أوكلت للقسم من خلال التعديل الجديد و الله ولي التوفيق .
محكمة فرندة يوم 30/03/2010
محاضرة ألقيت من طرف القاضي
سيدهم سيدي محمد .
شكرا جزبلا و يشرفني ان ارد على مواضيعك الجميلة شكراا
شكرا جزبلا و يشرفني ان ارد على مواضيعك الجميلة شكراا
|
جزاك الله خيرا على المرور اختي وعلى الرد الجميل مشكورة
وجه أفراد الأسرة التربوية، عشية الدخول المدرسي “2013، 2022”، رسالة إلى الوزير الأول عبد المالك سلال ووزير التربية عبد اللطيف بابا أحمد، يطالبون فيها بالتكفل بانشغالات عمال القطاع وتسوية الملفات العالقة التي وصفوها بالقنابل الموقوتة التي تهدد استقرار السنة، إلى جانب الإسراع في إنجاز المؤسسات التربوية للقضاء على مشكل الاكتظاظ الذي يمس أغلب ولايات الوطن، وليس 5 منها كما كشفت الوصاية.
يواجه وزير التربية الوطنية، عبد اللطيف بابا أحمد، الذي يترأس القطاع للموسم الثاني على التوالي، بداية من اليوم، عدة ملفات تشكل بؤر توتر تهدد استقرار القطاع، خاصة وأن معظم نقابات التربية هددت بالعودة إلى خيار الاحتجاجات والإضرابات، وأعطت مهلة شهر للوزير حتى يتسنى له معالجة هذه الملفات. وعشية الدخول المدرسي “2013، 2022” وجه أفراد الأسرة التربية، ممثلة في أساتذة ونقابات وأولياء التلاميذ، رسالة ونداء إلى كل من الوزير الأول عبد المالك سلال وزير التربية عبد اللطيف بابا أحمد، من أجل حل المشاكل العالقة من بداية السنة حتى لا تؤثر على السير الحسن للموسم الدراسي، حيث طالبوا الوزير الاول الاهتمام بالهياكل والمؤسسات التربوية من خلال الإسراع في إنجاز المدارس نظرا للاكتظاظ الذي ستعرفه جل المؤسسات التربوية في أغلبية الولايات، وليس 5 منها فقط حسب ما صرح به الوزير، الأسبوع الماضي. واعتبر أفراد الأسرة التربوية أن الاكتظاظ الذي ستشهده المدارس يعود إلى ارتفاع نسبة الرسوب التي عرفتها كل الأطوار التعليمية، لهذا طالبوا الوزير الأول بالإسراع في إنجاز الهياكل المدرسية تفاديا لهذا المشكل، الذي سيؤثر على المستوى التعلمي للتلاميذ. من جهة أخرى، وجهوا نداء إلى الوزير بابا أحمد يطالبونه بضرورة الاهتمام بمشاغل عمال التربية من معلمين وأساتذة وأسلاك مشتركة وعمال مهنيين، خاصة فيما يتعلق بمراجعة القانون الأساسي وتعديل اختلالاته والذي يشكل أهم ملف لا بد على الوزير حله حسبهم، إضافة إلى ملفات طب العمل والمناصب المكيفة ومنح الجنوب والامتياز، ومشكل الزيادة في أجور العمال المهنيين بنسبة 10 بالمائة. وأكد أفراد الأسرة التربوية على السلطات العمومية، خاصة وزارة التربية، تنفيذ كافة الوعود التي قدمتها إلى عمال القطاع، وكذا تجسيد ما صرح به الوزير، الأسبوع المنصرم، في الندوة الوطنية للتحضير للدخول المدرسي، وهذا كله من أجل ضمان موسم دراسي خالٍ من الإضرابات والاحتجاجات.
يذكر أن قرابة 8.5 مليون تلميذ يلتحقون، اليوم، بمقاعد الدراسة للموسم الدراسي “2013 – 2022” في الوقت الذي تتواصل فيه عملية التسجيلات المدرسية للأقسام النهائية والرابعة متوسط على مستوى المؤسسات التعليمية.
سبحان الله وبحمده.
دراسة نص للسنة الرابعة ابتدائي
فمن واجبات كل فرد في الأسرة أن يعمل على أن يكون بيته أسعد مكان و أعزّ بقعة على الأرض لتبقى العلاقة بين أفراد الأسرة قوية متينة.
جزاك الله خيرا.
شرح المفردات:
الحفيد:ابن الابن أوابن البنت
آيات:دلالات وعبر
مفهوم الأسرة:ماهي الأسرة ؟
الأسرة هي المكان الطبيعي لرعاية الأطفال وهي أساس بناء المجتمع ومنشأ العمران ومصدر الاستقرار ومبعث لمشاعر المودة والرحمة.
أسس بناء الأسرة في الإسلام:ماهي مقومات بناء أسرة صالحة؟
·حسن الاختيار
·الكفاءة في الدين والخلق
·إباحة النظر للزوجين قبل إبرام العقد
·الرضا
·أداء كل طرف لواجباته مثل النفقة وحسن المعاشرة على أساس المودة والرحمة ورعاية الأبناء
تعريف الزواج وبيان أركانه:ماهو الزواج شرعا ؟ ما أركانه؟
1 ـ الزواج هو عقد شرعي بين رجل وامرأة خاليين من الموانع الشرعية لتكوين أسرة على أسس صحيحة وقوية.
2 ـ أركان الزواج هي:
·الزوجان
·ولي الزوجة
·الصداق
·الصيغة[ألفاظ الإيجاب والقبول الدالة على رضا الطرفين]
· شاهدا عدل عند العقد أو قبل دخول الزوج بزوجته
خصائص الأسرة المسلمة
خصائص الأسرة المسلمة
إن العائلة المسلمة التي تريد أن تطبق قوانين الإسلامفي الأسرة يجب أن تسودها
الأمور التالية بشكل جيّد
الأمر الأولتبادل المحبة
ونقصد به ، تبادل الحُب والعطف بين الزوجين من ناحية ، وبينهماوبين الأولاد من ناحية
أخرى ، فإن الأسرة إذا غادرها الحب ، وهجرها العطف ،لا بُدَّ أن تتفاعل فيها عوامل
الانهيار والهدم ، فتُهدِّد مصير الأسرة .
ولا بُدَّ أن كل دقيقة تَمرُّ عَبْر حياة هذه الأسرة تنذر بأن تكون هيتلك الدقيقة التي تتحول
فيها إلى ركام من أنقاض ورماد ، لأنها تكون دائماًعلى مسرح خطر معرَّض لِلَهِيب النار ، ولَفَحات البركان .
إن الحب المتبادليجب أن يرقد في قلب كل واحد من أفراد الأسرة ، حتى يكون قنديلاً يضيء له دروبالحياة ، ونبراساً لمسيرته نحو روافد السعادة وينابيع الازدهار ، ومنابع الخيروالنعيم ، ومن ثَمَّ يكون مشعل الحياة الفُضلَى في دَرب الحياة الكبير .
إنالحب المتبادل هو العامل الفَعَّال الذي يدفع كل واحد من أفراد الأسرة إلى أنيتحمَّل مسؤولياته بِرَحَابة صَدْر .
فكل واحد يشعر بأنه سعيد لأنه يتمتعبعطف الآخرين ، وحُبهم العميق ، ولهذا فإن الإسلام يركّز كثيراً على هذه النقطة .
يؤكد الرسول الأعظم ( صلىالله عليه وسلم ) ذلك بقوله : ( أحِبُّوا الصبيان وارحَمُوهم ) ، لأن الحُبَّوالرحمة عاملان أساسيان في توطيد العلاقات العائلية .
الأمر الثانيالتعاون المشترك
يجب أن يسود التعاون المشترك في المجالات المختلفة بين أفرادالعائلة ، لكي لا تُشَلُّ الأسرة عن حيويتها ونشاطها بصورة مستمرة .
فإنالتعاون يكنس الإرهاق ، ويذيب التذمر من تحمل المسؤوليات ، وكذلك يوطد علاقات
أفراد الأسرة بعضهم مع بعض ، ولا يدع مجالاً لأن يتسرب التفكك إلى ربوعالعائلة المسلمة ، التي تلتزم بمبدأ التعاون ، والتكافل الإجتماعيين .
والتعاون بين أفراد العائلة لا بُدَّ وأن يقود سفينة الحياة نحو مرافئالسعادة ، ونحو موانئ الرفاه ، والهناء ، والدفء .
التعاون لا بُدَّ أنيحقِّق كل الآمال التي يعيشها جميع أفراد العائلة ، ويترجمها على حلبة الواقعالعملي .
التعاون لا بُدَّ أن يجسد كل الأماني التي تدور في سراب الأفكار ،فيمثلها مجسمة نابضة بالحياة .
الأمر الثالثالاحترام المتبادل
تبادل الاحترام ،والتوقير ، والإحسان ، سواءً من جانب الصغير للكبير ، أو من جانب الكبير
للصغير ، يزرع بذور الشعور بالشخصية ، ويغرس أوتاداً توطد العلاقاتالأُسَرِيَّة بين الأفراد .
فعلى الوالدين أن يرحما الأولاد ، لكي يحترمهماالأولاد من جانبهم ، وكذلك على الأبناء أن يحترموا الآباء ، ويحترم أحدهم الآخر .
ويؤكد الرسول الأعظم ( صلى الله عليه وسلم ) على هذه الناحية بقولهوَقِّروا كِباركم ، وارحَموا صِغاركم.
فالإسلاميبني علاقات الأسرة على أساس من الإحسان المتبادل بين الزوج والزوجة ، والزوجوالأولاد ، والزوجة والزوج ، والزوجة والأولاد .
الأمر الرابعطاعة رَبّ العائلة
إ
ان إطاعة الأب من قبل جميع أفرادالعائلة يمثل النقطة المركزية في الأسرة ، لأنه
أعرف – بحكم تجاربه وثقافته – بالمصالح الفردية ، والإجتماعية ، لكل واحد منهم .
وطبيعي أن الإسلاميقرّر الطاعة للأب في حدود طاعة الخالق ، فلو تمرَّد الوالد على
مُقرَّراتالنظام العام ، وشذَّ عن حدود العقيدة ، وراحت أوامره تنغمس في رافد مصلحي
شخصي ، فلا يجوز للأولاد أو الزوجة إطاعته في الأمور العقائدية والدينية .
لأن أوامره لا تحمل حينذاك أية مصونيَّة تقيها من الظلم ، والعصيانوالتمرد .
وصرَّح بذلك القرآن الحكيم في قوله : ( وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَنتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِيالدُّنْيَا مَعْرُوفًا ) لقمان : 15 .
فهنا تنقطع العلاقات العقائدية ،والعملية بينهما ، أمَّا علاقات الحب ، والعطف ، والوِدّ ، والإحسان ، فيجب وصلهامع الأب حتى المنحرف فكرياً ، لئلا تنهار الأسرة .
الأمر الخامس أداء الأب للنفقة
لا بُدَّ للأب من الإنفاق على العائلة ، وتجهيز الملبس والمسكنللزوجة ، والأولاد ، في مقابل قَيْمومَتِه عليهم .
فإن كل هذه الأسُس توطدعلاقات أفراد العائلة ، وتربطهم الواحد بالآخر أكثر فأكثر ، وتجعل منهم جسداًواحداً .
الأمر السادس أداء حقوق الأب
عندما يقرّر الإسلام حقوق الأبباعتباره سيد الأسرة ، لا ينسى أن يضع بين يديه قائمة عن الحقوق المفروضة عليه تجاهأفراد العائلة ، من الأولاد ، والزوجة ، على حد سواء ، لكي تتوطَّد العلاقاتالزوجية ، والروابط العائلية ، وتبنى على أساس العدالة والمساواة .
فالأبإنما هو كموظف وَكَّلت إليه إدارة ( مؤسسة العائلة ) ضمن حقوق ، وواجبات معينة ،فعليه مسؤولية تشغيل وإصلاح هذه المؤسسة البشرية في إطار تلك الحقوق والواجبات .
وهكذايقيم الإسلام علاقات الأسرة على أساس وطيد ، ويرسم لها قوانين ومناهج تلتقي على خطالمساواة والعدالة ، لكي تغمر السعادة حياتها ، ولكي تسير نحو ينابيع الهناءوالسلامة .
الأسرة في الغرب :
نعود الآن إلى المجتمع الغربي المعاصر ،الذي تفكَّكت فيه الروابط العائلية ، فتقول الإحصاءات : أنَّ معدَّل الرجال والنساءالذين يتزوَّجون في فرنسا لا يتجاوز السبعة أو الثمانية في الألف .
وتقولأيضاً : أن الرابطة الزوجية أصبَحَت أوهن من بيت العنكبوت ، حتى أن مَحكَمة بمدينة(سين ) فَسَخَت ( 294 ) نكاحاً في يوم واحد .
فلماذا هذا الانخفاض الرهيبفي نسبة الزواج ؟ ولماذا هذه النسبة الضخمة في قضايا الطلاق ؟ الواقع ، أن الأنظمةالمادِّية التي هجرت تعاليم الدين الأساسية ، لم ولن تتمكن أن تضع العائلة في سياجمَتين ، يمنعها من الانهيار .
فالدساتير الأُسَريَّة المادية لا تستطيع أنتعمل على توطيد العلاقات الزوجية ، لأنها لا تستطيع أن تجيب على كل متطلبات الأسرة، سواءً منها ما يرتبط بعلاقات أفراد العائلة ، أو ما يرتبط بالزواج وحده ، والزوجةوحدها .
ومن الطبيعي في مثل ذلك أن يهرب الرجال والنساء من بناء حياة زوجية، ما دامت تتسربل بالمأساة ، والتعاسة ، والفوضى ، بسبب تمزُّق الزوجين على أثرالانحرافات العريضة ، التي يفعم بها النظام العائلي الغربي .
أما الإسلام ،فهو لا يترك الأسرة تسير حسب الأهواء ، وتنجرف مع تيار العواطف ، وإنما يرسم لهاخطّاً واضحاً في كل مجال من مجالاتها ، خطّاً يحافظ على توازن البناء الأسري ، خطاًيوثِّق علاقات الحب ، والعطف ، والحنان ، فيما بين أفراد العائلة .
إذا كانت الأسرة هي الخلية الأساسية للمجتمع و ثمرة لنظام الزواج ، فما هو الدور الأساسي الذي يجب إن تلعبه في الحياة الاجتماعية ؟ و إذا كانت الحياة الزوجية معرضة لعوائق و مشاكل فكيف السبيل إلى مواجهتهـــا ؟
ا- الموقف الأول / .ان الأسرة مؤسسة قابلة للانحلال وذلك بتلاشي وظائفها ، إذ بإمكان الفرد ان يستغني عنها وتلبية مطالبه الأساسية لوحده ، فالشباب في المجتمعات الغربية بمجرد بلوغهم سن الرشد يغادرون عائلاتهم ويتحملون مسؤوليتهم في بناء مستقبلهم لوحدهم ، وأكثر من ذلك أصبحوا ينظرون إلى الروابط الأسرية كقيود تقضي على حريتهم و على كيانهم الفردي المستقل. ان الشعور بالأنا يقتضي التحرر من سلطة الوالدين حسب رأي البعض . هذا من جهة ،ومن جهة ثانية اعتبر الفيلسوف الألماني هيجلHeggelأن نهاية الأسرة هو الانحلال ليتحول أعضاؤها أفرادا في المجتمع يخضعون لسلطة خارجية ، تربطهم قوانين موضوعية لا روابط عاطفية و ذاتية كحال الأسرة ، و الأسرة في نظر الشيوعيين مؤسسة تكرس الانقسام و تعمق الفوارق بين الناس وتهدف إلى إنشاء مجتمع الطبقات الذي لا يخدم المجتمع الشيوعي القائم على المساواة و العدالة الاجتماعية ، لقد كانت الأسرة سببا في نشوء السلطات الملكية التي استولت على حرية الشعوب وممتلكاتهم ، كما كانت سببا في بقاء الأنظمة الطبقية الاستبدادية ،غير أن ظهور الاشتراكية قضى على الأسرة وجعل أفرادها جزء من الدولة تستمد منهم قوتها ويستمدون منها متطلبات حياتهم ، اذ أصبحت الدولة هي التي تتكفل بتربية الأطفال وتعليمهم و رعايتهم وتوظيفهم وتسخيرهم للصالح العام ولم يبقى للأسرة أي وظيفة
النقد/ مهما شعر الفرد بالضيق تجاه أسرته الا ان ذلك ليس سببه وجود الأسرة بل سببه سوء المعاملة بين أفرادها ،و مهما بدت الدولة أكثر قوة من الأسرة غير بدون اسرة ما كان هناك فرد او مجتمع على الإطلاق
ب- الموقف الثاني/ الأسرة مؤسسة ضرورية وغير قابلة للانحلال والتلاشي وتتمثل أهميتها في الوظائف التالية
*الوظيفة البيولوجية/ تتمثل في التكاثر الذي يحفظ به النوع البشري . و تنظيم العلاقات الجنسية ، فالزواج يضمن طريقة شرعية و صفة اجتماعية للأطفال ،ويحارب الإنجاب غير الشرعي الذي لا يخدم المجتمع . كذلك المعاشرة الزوجية تبنى على إشباع الرغبات الجنسية باعتبارها سنة الحياة الطبيعية القائمة على الفطرة .اعتبر البيولوجيون هذه الوظيفة من المقومات الأساسية للأسرة .بدونها تنتهي الأسرة بالانحلال و الزوال من الوجود . اذن لا يمكن للمجتمع أن يستمر في الوجود الا من خلال إنجاب الأطفال ورعايتهم و حمايتهم .
*الوظيفة الاقتصادية /تتمثل في الإنفاق . فالأسرة مؤسسة اقتصادية صغيرة تنتج و تستهلك و تدخر الفائض من أجل توفير الغذاء و الملبس و المأوى و كل ضروريات الحياة لأفرادها ، و هذا بفضل الأجرة التي يقتنيها رب البيت من وظيفته الخارجية ، لذلك أصبح العمل من الشروط الأساسية للزواج والضامن لبناء الأسرة واستمرارها . ويؤكد الواقع أن اغلب المشاكل التي تتخبط فيها بعض الأسر تعود بالدرجة الأولى إلى عدم تحقيق اكتفائها الذاتي في سد حاجياتها .
*الوظيفة النفسية/ للأسرة روابط نفسية تتجلى في صور الحب و الحنان و التآلف ، و الاهتمام المتبادل ، و هذه الوظيفة تعد بمثابة الحبل القوي الذي يشد أفراد الأسرة بعضهم الى بعض . و من خلال العلاقة الأولية المبكرة بين الأم و الطفل ، يحصل الطفل على حاجته في الرعاية و الأمن ، فتتحول فيه المراة من أم بيولوجية إلى أم سيكولوجية ، إن إشاعة الود والعطف بين الأبناء له أثره البالغ في تكوينهم تكوينا سليما ، فاذا لم يرع الآباء ذلك فان أطفالهم يصابون بعقد بعقد نفسية تسبب كثيرا من المشاكل في حياتهم ولا تثمر ةسائل النصح و الإرشاد التي يسدونها لابنائهم ما لم تكن هناك مودة صادقة بين أفراد الأسرة . و قد ثبت في علم النفس أن أشد العقد خطورة و أكثرها تمهيدا لاضطرابات الشخصية هي التي تكون في مرحلة الطفولة الباكرة خاصة من صلة الطفل بأبويه ،كما أن تفاهم الاسرة وشيوع المودة فيما بينهما يساعد على نموه الفكري وازدهار شخصيته .
*الوظيفة الاجتماعية / تتمثل في التنشئة الاجتماعية ، فالأسرة هي الخلية الأولى في بناء المجتمع اذا صلحت صلح المجتمع ، و إذا فسدت فسد المجتمع . و هنا تكمن مهامها الاجتماعية في تربية النشأ على المبادئ الاجتماعية و القيم الأخلاقية و الحضارية، فالسنوات القليلة الأولى في حياة الطفل تنقضي معظمها في نطاق الاسرة حيث تقام دعائم الشخصية قبل دخول مؤثرات أخرى كالمدرسة وغيرها .. والأسرة تساعد الفرد على الاندماج في المجتمع والامتثال للعادات والتقاليد و القوانين .هكذا تعمل من اجل ان يبقى الفرد وفيا للمجتمع الذي ينتمي إليه ، و ينمو داخله نمو سويا .
تواجه الأسرة مشاكل قد تؤدي الى تفككها ، و يعود السبب الى انحراف افرادها وتخليهم عن واجباتهم في الرعاية و الحماية و توفير ضروريات الحياة ، و هذا ما يفسح المجال الى نشوب الأزمات و تراكمها ، و ينتهي الامر بالطلاق أو الهجر . فللطلاق أو الهجر أذن أسباب اقتصادية و اجتماعية و نفسية و أخلاقية ، غير ان هذه العوائق يمكن تجاوزها بتوثيق العلاقة بين الزوجين على أساس المحبة والإخلاص و المودة ، و حل الخلافات و المشاكل بالتفاهم و الحوار المتبادل وتقديم المصلحة العامة للأسرة على المصلحة الشخصية الضيقة ، فالأسرة كيان موحد ،و منظومة ثقافية ، و رابطة خلقية و علاقة روحية تقوم على قيم سامية قبل ان تكون مجرد علاقة جنسية ضيقة .و من اجل تغطية العجز الاقتصادي خرجت المرأة الى العمل لتساعد الرجل على تحقيق الاكتفاء الذاتـي ، بهذه الكيفية تحافظ الأسرة على كيانها و وحدتها وتساهم في بناء المجتمع و الحضــــــــارة الأستاذ ج-ف
إن الذي خلق هذا الإنسان جعل من فطرته (الزوجية) وهي الرغبة في تكون الاسرة قال تعالى ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون) ثم شاء تعالى أن يجعل في الإنسان شطرين للنفس الواحدة ( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها ) فالرجل و المرأة من خلق الله وقال صلى الله عليه وسلم ( النساء شقائق الرجال ) . والله سبحانه لا يظلم أحد من خلقه فنقول إن القِوامة (بكسر القاف): هي قيادة الاسرة , لقد زودت المرأة بالرقة و العطف وسرعة الانفعال وتلبية مطالب الطفولة بغير وعي سابق وباستجابة غير إرادية لتلبية حاجة طفلها مهما كانت التضحية و المشقة (صنع الله الذي أتقن كل شيء) وقيل فلان قِوام أهل بيته يعني يقيم شأنهم , وكذلك زود الرجل بالخشونة و الصلابة و بطء الانفعال و الوعي و التفكير قبل الحركة ,وكلها خصائص يحتاج إليها لحماية اسرته و تأمين رزقه وعمله وتأمين أولاده صغاراً وتعليمهم ثم توجيههم و تزويجهم كباراً, وغرس خصال الخير و المحافظة على العبادة وحسن التعامل وغير ذلك. وهذه الخصائص تجعله أقدر على القِوامة وقيادة الاسرة خدمة ً لها ومحافظة عليها ,فالأمر ليس تفضيلاً للرجل على المرأة وإنما هو توزيع اختصاصات, كل واحد يقوم بما هو أقدر عليه وبما يتناسب مع الخصائص التي زوده الله بها ,وهذا لا يعني أن لا يشاور الرجل أحداً فيما يقوم عليه , ولكن حين يتنازل الرجل عن دوره في قيادة الأسرة فإن أول من يشعر بالحرمان و النقص والقلق هي زوجته ذاتها , ولو أخذت هي دور الرجل في الاسرة لأن ذلك مغاير لفطرتها , وسوف ينشأ عن ذلك على الغالب أولاد ممزقون وغير أسوياء,وقد شبه بعضهم السعادة ضمن الاسرة بقرص من العسل, تبنيه نحلتان وكلما زاد الجهد المبذول في صنعه زادت حلاوة الشهد فيه, في إطار من التعقل و التوافق الروحي و الإحساس العاطفي النبيل مع التسامح بين الزوجين, أما قول إن المرأة خلقت من ضلع أعوج والذي يستغله كثير من الأزواج بفهم خاطئ لإثبات استقامتهم وحدهم وقوة شخصيتهم وصفاتهم التي تخولهم أن يكونوا على صواب دائماً, فإن هذا الضلع الأعوج قد شبهوه بترس المحارب. الذي يمسكه بيده اليمنى ليدافع عن نفسه ,فكذلك دور المرأة بصفات العاطفة وسرعة الانفعال تحمي أسرتها و زوجها .
إن ثقة كل واحد منهما بالآخر و حسن الظن به كفيل بحماية الاسرة واستمرارها فكثير ما يهدم البيت لسان لاذع أو طبع حاد يسرع إلى الخصام, ومعظم النار من مستصغر الشرر , على أنه لا يوجد حريق يصعب إطفاؤه عند اشتعاله بفنجان من الماء, ذلك أن أكثر الملامات التي تنتهي إلى الطلاق (وقد زادت نسبتها مؤخراً) تبدأ صغيرة تافهة ثم تتطور حتى يتعذر إصلاحها.
وهاك بعض الوصايا التي تسهم في إقامة بيت سعيد:
1 لا تكن صاحب وجهين وجهٍ سمح لطيف مع الأصدقاء ووجه عبوس مقطب مع الزوجة والأبناء – إن أخطأت زوجته صرخ في وجهها, وإن تحرك ابنه ضربه وإن قام طرده – في هذه الحالة يُسر ويفرح الجميع حين يغادر هذا الأب المنزل
2 لا تكن كريماً جواداً مع أصدقائك بخيلاً مع اسرتك
3 ولا تنسى أن تقدم بعض الهدايا خلال العام لأولادك و زوجك فللهدية مفعول السحر
4 إذا أرادت زوجتك التعلم أو التعليم و الدعوة إلى الله فلا تصدها بل قف إلى جوارها و تنازل عن بعض حقوقك واحتسب الأجر عند الله
5 قم لصلاة ركعات قبل الفجر وأيقظ أهلك ,تجتمعان على طاعة الله وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام
6 لا تهن زوجتك ولا تشتمها أو تلعن أباها أو تتهمها في عرضها فإن ذلك سوف يظل راسخاً في عقلها وقلبها طيلة حياتها ويطبع حياتك بالقلق
7 كن مستقيماً في حياتك تكن هي كذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم (عفوا تعف نساؤكم)
8 حذارِ أن تمد عينيك على مالها فهو لا يحل لك
9 إياك .. إياك أن تثير غيرة زوجتك باستعدادك للزواج من أخرى (ولو مزاحاً) فإنك تطعنها في الصميم و تحول حياتها إلى قلق وشك وظن وربما تصاب بالأمراض كانت في غنىً عنها (أصيبت بها بسبب مزاحك الثقيل)
10 هدئ من غضبك حرصاً على صحتك و لا تشاحن , وإذا غضبت فلا تنم قبل أن تصلح ذلك
11 أثن على زوجك أو ولدك عندما يستحق ذلك و أظهر الرضا و تبسم لكل فعل حسن كما تغضب لكل أمر شيء
12 امتدح بعض أهلها الصالحين فلذلك أثر بالغ في نفسها و من لم يشكر الناس لم يشكر الله
13 حذارِ من العلاقات المشبوهة أو المحرمة فهي تساهم في خراب البيوت
14 وازن بين حبك لزوجك وأولادك و حبك لوالديك وأهلك و أعط كل واحد حقه
15 حافظ على نظافتك و زينتك كما تحب أن يكون غيرك
16 أعط لاسرتك قسطاً من الراحة للنفس و القلب من خلال رحلة أو نزهة كلما أتيح لك ذلك
17 أحسن لاسرتك يقول صلى الله عليه وسلم( خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي)
18 أنفق و لا تخشى من ذي العرش إقلالا والنبي صلى الله عليه وسلم يقول (أفضل الدينا دينار تنفقه على أهلك )مسلم
19 غض الطرف عن بعض أخطائهم من ذا الذي يدعي الكمال
ومن ذا الذي ترجى سجاياه كلها** كفى المرء نبلاً أن تعد معايبه
ليس الغبي بسيدٍ في قومه *** لكن سيد قومه المتغابي
والنبي صلى الله عليه وسلم يقول :
(لا يفرك (لا يبغض) مؤمن مؤمنه إن كره منها خلقاً رضيَ منها آخر ) رواه مسلم
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
منقول من خطبة الجمعة
الأسرة هي المؤسسة التربوية الأولى التي يتلقى فيها المسلم قيمه و أخلاقه ، لهذا فإن الأسرة هي المخزون الاستراتيجي الذي به تقوى الأمة و يتماسك المجتمع لأنها اللبنة الأولى في هذا المجتمع ، فالأسرة هي الحلقة الوسطى بين الفرد و المجتمع ، و بصلاحها ينصلح ما قبلها "الفرد" و ما بعدها "المجتمع" . و المتابع لأحوال الأسرة في مجتمعاتنا يجد أنه قد أصابها الكثير من الأمراض التي ينبغي معالجتها و الوقاية منها .
من مشاكل الأسرة:
1. ارتفاع معدلات الطلاق عند حديثي الزواج : غالبا ما يكون السبب في ذلك اختلافات في البناء القيمي بين الزوجين مما يستلزم مراجعة وضع هذا البناء القيمي عند الزوجين بالنسبة لمنهج الإسلام لضمان تأسيس العلاقة و استمرارها على قواعد سليمة متفق عليها .
2. ضعف التواصل بين أفراد الأسرة : لانشغال أحد الوالدين أو كليهما في طلب الرزق مما يقتضي قضاء معظم الوقت خارج المنزل ، فأصبح الأبناء يتلقون القيم ممن يخالطون من الأصحاب و الأقران مما أدى إلى ضعف البناء الأخلاقي و القيمي عند الجيل الجديد . و قد أصاب هذا الداء معظم البيوت إلا من رحم ربي ، حتى بيوت الدعاة بدأت تعاني خلافات حادة بين الآباء و الأبناء تظهر واضحة عندما يصل الأبناء إلى مرحلة المراهقة .
3. اضطراب الحالة الإيمانية لكثير من الأسر : إن الحالة الإيمانية لأفراد الأسرة تؤثر كثيرا على مستوى التفاهم و التناغم بينهم ، فالرباط بين الزوجين في الواقع هو رباط إيماني قوامه المودة و الرحمة . قال تعالى : " وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ " (سورة الروم – 21) . و الإيمان يزيد و ينقص ، يزيد بالطاعات و بالارتباط و الالتزام بمنهج الله و يقل بالمعاصي و البعد عن هذا المنهج ، لهذا كان الرجل الصالح يقول : إني لأعرف منزلتي عند ربي من خلق زوجتي و خلق دابتي . فزيادة الإيمان و استقرار الحالة الإيمانية في مستوى مرتفع بلا شك من أهم دعائم استقرار الأسرة .
و فيما يلي بعض الأنشطة المقترحة التي تحقق وقاية الأسرة من هذه المشكلات و تدعم الترابط بين أفرادها لتتمكن من تحقيق رسالتها :
البرامج العشر لسعادة الأسرة:
هذه مجموعة من الأنشطة المجربة لنأخذ منها ما يناسب أسرة كل منا و ما يمكن تنفيذه لدعم التواصل و زيادة الإيمان و توفير مناخ صحي لتربية الأبناء ، و يفضل تحديد مسئول من أفراد الأسرة عن كل نشاط من الأنشطة ؛ للتدريب على القيادة و تحمل المسئولية .
1. مجلس لتدبر القرآن مرة كل أسبوع : حيث يجتمع أفراد الأسرة في وقت يناسب الجميع على أن يتفرغ كل منهم تماما لهذا اللقاء الذي يجتمعون فيه لتدبر مجموعة من الآيات في كتاب الله ، فتنزل عليهم السكينة و تغشاهم الرحمة و تحفهم الملائكة و يذكرهم الله فيمن عنده ، ثم يقوم أفراد الأسرة و قد غفر لهم ما تقدم من ذنوبهم . ما أجمل أن يستخلص الجميع بعض الواجبات العملية و أن يتعاهدوا على الالتزام السلوكي بما توحي به الآيات و أن يتم الحوار و المناقشة حول المعاني القرآنية ، و مع الحوار الهادئ يتم تصحيح المفاهيم المغلوطة ، و إشاعة الحب و التفاهم و تقبل آراء المخالفين .
يمكن مراجعة مشروع مجالس القرآن ( http://www.saaid.net/Quran/41.htm ) لمعرفة المزيد عن وسائل تنفيذه .
2. مشروع حفظ القرآن الكريم : و نقترح أن يتفق الجميع على حفظ آية واحدة من كتاب الله تعالى في كل يوم . و لا تتعجب فبعد زمن قصير سيكون حظ كل فرد من أفراد الأسرة عظيما من حفظ آيات الكتاب العزيز و المهم أن يتواصى أفراد الأسرة بالتنفيذ العملي لما تدعو إليه الآية .
3. حفظ أحاديث النبي صلى الله عليه و سلم : نختار حديثا من الأربعين النووية ، يكتب الحديث على سبورة في مكان يراه الجميع ، و يترك لمدة أسبوع كامل و لا يرفع الحديث إلا بعد أن يقوم الجميع بتسميعه .
4. مكتبة البيت : تحتوي على كتب تناسب جميع المستويات و الأعمار . تحتوي على بعض الأشرطة و CDs التي تحتوي على الدروس العلمية و الدينية لمشاهير الدعاة . الاشتراك في المجلات الدورية ذات الطابع الإسلامي .
5. المسابقات : في جلسات السمر بين أفراد الأسرة ، و في الرحلات الخلوية التي تجتمع فيها الأسرة . و جو المسابقات يؤلف القلوب و يشيع البهجة ، و هي من أسهل الطرق لتوصيل المعلوممات و تصحيح المفاهيم . يمكن الاستعانة ببعض كتب المسابقات لاختيار ما يناسب الأفراد . و يمكن عقد مسابقة بين الأبناء في تلخيص أحد الأشرطة لأحد العلماء و عرضه على أفراد الأسرة بأسلوب سهل مع مناقشة بعض الأفكار فيه .
6. الحرص على السكن بجوار المساجد : ليسمع أهل البيت الآذان و الخطب ، و ليشاركوا في الأنشطة الدعوية و الاجتماعية التي تقام فيه . و حث الأبناء على الصلاة في المسجد و المسارعة إلى الصف الأول و التبكير في صلاة الجمعة ، و حث البنات على الصلاة فور سماع الآذان . و اصطحاب الأبناء للإعتكاف في الليالي العشر الأخيرة من رمضان .
7. صيام النوافل: كصيام الإثنين و الخميس ، و ثلاثة أيام في كل شهر ، و التاسع و العاشر من المحرم ، و يوم عرفة ، و ستة أيام من شوال .
8. السفر التعبدي: للمسجد الحرام بمكة ، و مسجد النبي صلى الله عليه و سلم في المدينة .
9. تدريب الأبناء على: إكرام الضيف ، و الإحسان إلى الجار ، و صلة الرحم ، و المشاركة في تشييع الجنائز ، و عيادة المريض ، و المساهمة في صندوق لدعم القضية الفلسطينية ، و التصدق بكل ما هو نافع كالتبرع بالملابس المستعملة و المشاركة في المعارض الخيرية . و كذلك حثهم على التعاون على ترتيب و تنظيم و نظافة المنزل .
10. متابعة الأبناء في التزامهم بالأذكار: أذكار الصباح و المساء ، و أذكار الأحوال كأذكار الطعام و النوم ، و دخول البيت و الخروج منه ، و دخول الخلاء ، الخ . و يمكن تعيين مسئول لأذكار الصباح و آخر لأذكار المساء ، على أن يكون دوره تذكير أهل المنزل بموعد الأذكار و جلوسه مع من تواجد منهم لأدائها .
الأسرة السعيدة
الزواج في الإسلام
قال تعالى: {ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون} [الذاريات: 49]، وقال: {سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون} [يس: 36].
كم هي رائعة السنة الشرعية التي سنها الله في مخلوقاته حتى لكأن الكون كله يعزف نغمًا مزدوجًا. والزواج على الجانب الإنساني رباط وثيق يجمع بين الرجل والمرأة، وتتحقق به السعادة، وتقر به الأعين، إذا روعيت فيه الأحكام الشرعية والآداب الإسلامية. قال تعالى: {ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إمامًا} [الفرقان: 74].
وهو السبيل الشرعي لتكوين الأسرة الصالحة، التي هي نواة الأمة الكبيرة، فالزواج في الشريعة الإسلامية: عقد يجمع بين الرجل والمرأة، يفيد إباحة العشرة بينهما، وتعاونهما في مودة ورحمة، ويبين ما لكليهما من حقوق وما عليهما من واجبات.
الحثَّ على النكاح:
وقد رغَّب النبي صلى الله عليه وسلم في الزواج، وحثَّ عليه، وأمر به عند القدرة عليه، فقال صلى الله عليه وسلم: (يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة (أي: القدرة على تحمل واجبات الزواج) فليتزوج، فإنه أغضُّ للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وِجَاء (أي: وقاية وحماية) [متفق عليه]. كما أن الزواج سنة من سنن الأنبياء والصالحين، فقد كان لمعظم الأنبياء والصالحين زوجات.
وقد عنَّف رسول الله صلى الله عليه وسلم، من ترك الزواج وهو قادر عليه، ونبه إلى أن هذا مخالف لسنته صلى الله عليه وسلم، عن أنس -رضي الله عنه- قال: جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم، فلما أخْبِرُوا كأنهم تقالُّوها، فقالوا: وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم، وقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر؟ قال أحدهم: أما أنا، فإني أصلي الليل أبدًا وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر . وقال آخر: أنا أعتزل النساء، فلا أتزوَّج أبدًا. فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: (أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما والله، إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني) _[متفق عليه].
حكم الزواج:
المسلمون والمسلمات أمام النكاح ثلاثة أصناف:
*صنف توافرت له أسباب النكاح، وعنده الرغبة المعتدلة في الزواج، بحيث يأمن على نفسه -إن لم يتزوج- من أن يقع في محظور شرعي؛ لأن غريزته لا تلح عليه بصورة تدفعه إلى الحرام. وفي نفس الوقت يعتقد هذا الصنف -أو يغلب على ظنه- أنه إن تزوج فسوف يقوم بحقوق الزوجية قيامًا مناسبًا، دون أن يظلم الطرف الآخر، ودون أن ينقصه حقًّا من حقوقه. والزواج في حق هذا الصنف سنَّة مؤكدة، مندوب إليه شرعًا، ومثاب عليه عند الله -تعالى- وإلى هذا الصنف تشير النصوص السابقة.
*والصنف الثاني أولئك الذين توافرت لهم أسباب الزواج، مع رغبة شديدة فيه، وتيقنه -غلبه الظن- أنه يقع في محظور شرعي إن لم يتزوج، فهذا الصنف يجب عليه الزواج لتحصيل العفاف والبعد عن أسباب الحرام، وذلك مع اشتراط أن يكون قادرًا على القيام بحقوق الزوجية، دون ظلم للطرف الآخر. فإن تيقن من أنه سيظلم الطرف الآخر بسوء خلق أو غير ذلك، وجب عليه أن يجتهد في تحسين خلقه وتدريب نفسه على حسن معاشرة شريك حياته.
*والصنف الثالث من لا شهوة له، سواء كان ذلك من أصل خلقته، أو كان بسبب كبر أو مرض أو حادثة. فإنه يتحدد حكم نكاحه بناء على ما يمكن أن يتحقق من مقاصد النكاح الأخرى، التي لا تقتصر على إشباع الغريزة الجنسية، كأن يتحقق الأنس النفسي والإلف الروحي به، مع مراعاة ما قد يحدث من ضرر للطرف الآخر، ولذا يجب المصارحة بين الطرفين منذ البداية في مثل هذا الأمر؛ ليختار كل من الطرفين شريكه على بينة.
وقد تبدو المصلحة الاجتماعية ظاهرة من زواج الصنف الثالث في بعض الحالات المتكافئة، كأن يتزوج رجل وامرأة كلاهما قد تقدم به السن، ولا حاجة لهما في إشباع رغبات جنسية بقدر حاجتهما إلى من يؤنس وحشتهما ويشبع عاطفة الأنس والسكن. أو نحو ذلك من الحالات المتكافئة، فهؤلاء يستحب لهم الزواج لما فيه من مقاصد شرعية طيبة، ولا ضرر حادث على الطرفين.
فوائد الزواج وثمراته:
والزواج باب للخيرات، ومدخل للمكاسب العديدة للفرد والمجتمع، ولذلك فإن من يشرع في الزواج طاعة لله واقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم فإنه يجد العون من الله، قال صلى الله عليه وسلم: (ثلاثة حق على الله عونهم: المجاهد في سبيل الله، والمكاتب الذي يريد الأداء، والناكح الذي يريد العفاف)
[الترمذي، وأحمد، والحاكم]. وبذلك يصبح الزواج عبادة خالصة لله يثاب المقبل عليها .
أما عن ثمراته فهي كثيرة، فالزواج طريق شرعي لاستمتاع كل من الزوجين بالآخر، وإشباع الغريزة الجنسية، بصورة يرضاها الله ورسوله، قال صلى الله عليه وسلم: (حُبِّب إليَّ من دنياكم: النساء والطيب، وجُعلتْ قرَّة عيني في الصلاة) [أحمد، والنسائى، والحاكم].
والزواج منهل عذب لكسب الحسنات. قال صلى الله عليه وسلم: (وفي بُضْع (كناية عن الجماع) أحدكم صدقة). قالوا: يا رسول الله، أيأتي أحدنا شهوته، ويكون له فيها أجر؟ قال: (أرأيتم، لو وضعها في حرام، أكان عليه وِزْر؟). قالوا: بلى. قال: (فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر) [مسلم].
وقال صلى الله عليه وسلم -أيضًا-: (وإنك لن تنفق نفقة تبتغى بها وجه الله إلا أجرت عليها، حتى ما تجعل في في (فم) امرأتك) [متفق عليه].
والزواج يوفر للمسلم أسباب العفاف، ويعينه على البعد عن الفاحشة، ويصونه من وساوس الشيطان، قال صلى الله عليه وسلم: (إن المرأة تقبل في صورة شيطان، وتدبر في صورة شيطان (أي أن الشيطان يزينها لمن يراها ويغريه بها) فإذا رأى أحدكم من امرأة (يعني: أجنبية) ما يعجبه، فلْيَأتِ أهله، فإن ذلك يردُّ ما في نفسه) [مسلم].
وهو وسيلة لحفظ النسل، وبقاء الجنس البشرى، واستمرار الوجود الإنساني، قال تعالى: {يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرًا ونساء} [النساء: 1]. فهو وسيلة -أيضًا- لاستمرار الحياة، وطريق لتعمير الأرض، وتحقيق التكافل بين الآباء والأبناء، حيث يقوم الآباء بالإنفاق على الأبناء وتربيتهم، ثم يقوم الأبناء برعاية الآباء، والإحسان إليهم عند عجزهم، وكبر سِنِّهم.
والولد الصالح امتداد لعمل الزوجين بعد وفاتهما، قال صلى الله عليه وسلم: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم يُنْتفَع به، أو ولد صالح يدعو له) [مسلم].
والزواج سبيل للتعاون، فالمرأة تكفي زوجها تدبير أمور المنزل، وتهيئة أسباب المعيشة، والزوج يكفيها أعباء الكسب، وتدبير شئون الحياة، قال تعالى: {وجعل بينكم مودة ورحمة} [الروم: 21].
والزواج علاقة شرعية، تحفظ الحقوق والأنساب لأصحابها، وتصون الأعراض والحرمات، وتطهر النفس من الفساد، وتنشر الفضيلة والأخلاق، قال تعالى: {والذين هم لفروجهم حافظون. إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين. فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون} [المعارج: 29-31].
وقال صلى الله عليه وسلم: (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، الإمام راع وهو مسئول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسئول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسئولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده وهو مسئول عن رعيته، والرجل راعٍ في مال أبيه وهو مسئول عن رعيته، فكلكم راع، وكلكم راع ومسئول عن رعيته) [متفق عليه].
كما يساهم الزواج في تقوية أواصر المحبة والتعاون من خلال المصاهرة، واتساع دائرة الأقارب، فهو لبنة قوية في تماسك المجتمع وقوته، قال تعالى: {وهو الذي خلق من الماء بشرًا فجعله نسبًا وصهرًا وكان ربك قديرًا} [الفرقان: 54].
ولما غزا النبي صلى الله عليه وسلم بني المصطلق في غزوة المريسيع، وأسر منهم خلقًا كثيرًا، تزوج السيدة جويرية بنت الحارث – وكانت من بين الأسرى- فأطلق الصحابة ما كان بأيديهم من الأسرى؛ إكرامًا للرسول صلى الله عليه وسلم وأصهاره، فكان زواجها أعظم بركة على قومها.
كان هذا بعضًا من فوائد الزواج الكثيرة، وقد حرص الإسلام أن ينال كل رجل وامرأة نصيبًا من تلك الفوائد، فرغب في الزواج وحث عليه، وأمر ولى المرأة أن يزوجها، قال تعالى: {وانكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم} [النور: 32]. واعتبر الإسلام من يرفض تزويج ابنته أو موكلته – إذا وجد الزوج المناسب لها – مفسدًا في الأرض. قال صلى الله عليه وسلم: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد) [الترمذي].
النية في النكاح:
عن عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى اللَّه ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها، أو امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه) [متفق عليه].
وبالنية الصالحة التي يبتغى بها وجه اللَّه، تتحول العادة إلى عبادة. فالناس عندما يتزوجون منهم من يسعى للغنى والثراء، ومنهم من يسعى لتحصين نفسه، فالنية أمر مهم في كل ذلك.
فإذا أقبل المسلم على الزواج، فعليه أن يضع في اعتباره أنه مقدم على تكوين بيت مسلم جديد، وإنشاء أسرة؛ ليخرج للعالم الإسلامي رجالا ونساءً أكفاءً، وليعلم أن في الزواج صلاحًا لدينه ودنياه، كما أن فيه إحصانًا له وإعفافًا.
الزواج نصف الدين:
الزواج يحصن الرجل والمرأة، فيوجهان طاقاتهما إلى الميدان الصحيح؛ لخدمة الدين؛ وتعمير الأرض، وعلى كل منهما أن يدرك دوره الخطير والكبير في إصلاح شريك حياته وتمسكه بدينه، وأن يكون له دور إيجابي في دعوته إلى الخير، ودفعه إلى الطاعات، ومساعدته عليها، وأن يهيِّئ له الجو المناسب للتقرب إلى اللَّه، ولا يكون فتنة له في دينه، ولا يلهيه عن مسارعته في عمل الخيرات، فالزوجة الصالحة نصف دين زوجها، قال صلى الله عليه وسلم: (من رزقه اللَّه امرأة صالحة، فقد أعانه على شطر دينه، فليتَّق اللَّه في الشطر الباقي) [الحاكم].
الحُبُّ والزواج:
تنمو عاطفة الحب الحقيقي بين الزوجين حينما تحسن العشرة بينهما، وقد نبتت بذوره قبل ذلك أثناء مرحلة الخطبة، وقد نمت المودة والرحمة بينهما وهما ينميان هذا الحب، ويزكيان مشاعر الألفة، وليس صحيحًا قول من قال: إن الزواج يقتل الحب ويميت العواطف. بل إن الزواج المتكافئ الصحيح الذي بني على التفاهم والتعاون والمودة، هو الوسيلة الحيوية والطريق الطيب الطاهر للحفاظ على المشاعر النبيلة بين الرجل والمرأة، حتى قيل فيما يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لم يُرَ للمتحابَيْن مثل النكاح) [ابن ماجه، والحاكم].
والزواج ليس وسيلة إلى الامتزاج البدني الحسي بين الرجل والمرأة فحسب، بل هو الطريق الطبيعي لأصحاب الفطر السليمة إلى الامتزاج العاطفي والإشباع النفسي والتكامل الشعوري، حتى لكأن كل من الزوجين لباسًا للآخر، يستره ويحميه ويدفئه، قال تعالى: {هن لباس لكم وأنتم لباس لهن} [البقرة: 187].
وتبادل مشاعر الحب بين الزوجين يقوِّي رابطتهما، فالحب أمر فطر الله الناس عليه، وهو رباط قوي بين الرجل وزوجته، فهو السلاح الذي يشقان به طريقهما في الحياة، وهو الذي يساعدهما على تحمُّل مشاقَّ الحياة ومتاعبها.
ولقد اهتمَّ الإسلام بعلاقة الرجل والمرأة قبل الزواج وبعده وكان حريصًا على أن يجعل بينهما حدًّا معقولاً من التعارف، يهيئ الفرصة المناسبة لإيجاد نوع من المودة، تنمو مع الأيام بعد الزواج، فأباح للخاطب أن يرى مخطوبته ليكون ذلك سببًا في إدامة المودة بينهما، فقد قال صلى الله عليه وسلم لرجل أراد أن يخطب امرأة: (انظر إليها، فإنه أحرى أن يؤدم بينكما) [الترمذي والنسائى
وابن ماجه].
ومع ذلك كان حريصًا على وضع الضوابط الشرعية الواضحة الصريحة؛ لتظل علاقة خير وبركة.. وشدَّد في النهي عن كل ما يهوى بهذه العلاقة إلى الحضيض، ونهي عن كل ما يقرب من الفاحشة والفجور؛ فمنع الاختلاط الفاسد والخلوة، وغير ذلك.
ونتيجة للغزو الفكري للمجتمعات الإسلامية؛ بدأت تنتشر العلاقات غير الشرعية بين الشباب والفتيات قبل الزواج، تحت شعارات كاذبة مضللة، وبدعوى الحب والتعارف، وأن هذا هو الطريق الصحيح للزواج الناجح، وهذا الأمر باطل. ومن دقق النَّظر فيما يحدث حولنا يجد أن خسائر هذه العلاقات فادحة، وعواقبها وخيمة، وكم من الزيجات فشلت؛ لأنها بدأتْ بمثل هذه العلاقات، وكم من الأسر تحطمت؛ لأنها نشأت في ظلال الغواية واتباع الهوى.
تأخُّر سِنِّ الزواج:
بدأتْ ظاهرة تأخُّر سن الزواج تنتشر في بعض البلاد الإسلامية، فارتفع متوسط سن الزواج لدى الشباب، وارتفع متوسط سنِّ زواج الفتيات بشكل غير طبيعي.
ومن المعروف أن الوصول إلى السن الذي يكتمل فيه بلوغ الشباب والفتيات نفسيًّا وعقليًّا وبدنيًّا، يجعلهم أكثر قدرة على تحمل واجبات الزواج، ولكنَّ تأخر الزواج إلى مثل هذه السن يعطِّل الطاقات، وينجرف بها إلى طريق غير صحيح، وربما ساعد على انتشار الفاحشة، كما أن التأخر في الزواج يرهق الشباب والفتيات من أجل حفظ أعراضهم، وردع النفس عن اتباع الهوى.
ويرجع تأخُّر سن الزواج إلى أسباب عديدة، منها ما هو مادي، ومنها ما هو اجتماعي، ومن هذه الأسباب:
– رغبة الفتاة في الزواج من رجل غني، فترفض هي أو وليها كل خاطب فقير أو متوسط الحال، لأنها تحلم بأن تمتلك بيتًا، أو تركب سيارة فارهة، أو تلبس الأزياء الراقية.
– المغالاة في المهر المعجل منه والمؤجل.
– إرهاق الزوج باشتراط فخامة الأثاث وغيره.
– تنازل الزوج عن كل ما جمعه في بيت الزوجية، فالوليُّ يكتبُ قائمة بمحتويات المنزل الذي أعده الزوج؛ ليوقع بالتنازل عنه، فإذا ترك زوجته، ترك المنزل بما فيه، وخرج بمفرده. مع ملاحظة أنه يتنازل عن أثاث البيت بموجب توقيعه على القائمة في مقابل المهر الذي لم يدفعه لها قبل الزواج.
– فقر الشباب، فهناك الكثير من الشباب الذي لا يمتلك مالا، ولا وظيفة، ولا ميراثًا، ولا غير ذلك من مصادر الدخل، فينتظر حتى تتهيأ له سُبُل الزواج.
– انتشار الاعتقاد بضرورة إتمام الفتاة أو الفتى مراحل التعليم؛ فلا يتزوج أحدهما حتى يتم المرحلة الجامعية، وقد يؤخر البعض التفكير في الزواج حتى يحصل على درجة الماجستير أو الدكتوراه.
– ظروف الدولة الاقتصادية، ومدى توفيرها لفرص العمل، فإذا انتشرتْ البطالة في الدولة أحجم الشباب عن الزواج؛ لعجزهم عن الوفاء بتكاليفه.
– انتشار الرذيلة والفساد؛ حيث يلجأ بعض الشباب في المجتمعات الفاسدة إلى تصريف شهواتهم بطريق غير مشروع، ويترتب على هذا زهدهم في الزواج؛ نتيجة لفهمهم الخاطئ لأهداف الزواج السامية.
السلام عليكم أنا عضو جديد فهل من ترحيب لي؟
و كيف لنا ألا نقل بك؟
أهلا بك
مئة الف مرحبا اهلا وسهلا
رمضان كريم وكل عام وانت بخير
اهلا وسهلا……….نورت المنتدى
أهلا وسهلا ومرحبا
شكرا لكم على الترحيب الحار اتمنى ان اكون عند حسن ظنكم