تسلمت الجزائر المستقلة في سبتمبر 1962 نظاما تعليميا مهيكلا حسب الأهداف والغايات التي رسمها له النظام الاستعماري الفرنسي حتى يخدم مصالحه المختلفة والمتنوعة . وكانت ظروف هذا الاستلام صعبة للغاية إذا ما علمنا أن عدد التلاميذ الذين كانوا يزاولون الدراسة قبل سنة 1962 أي بالضبط في السنة الدراسية 16/62 لم يتجاوز 353358 تلميذا من بينه عدد ضئيل جدا من البنات ويقفز عدد الذين سجلوا في مطلع العام الدراسي 62/63 إلى 777636 تلميذا ومن بينهم عدد لا باس به من التلميذات . وهو عدد ضخم إذ يمثل نسبة تفوق 100% أي أكثر من ضعف العدد المسجل في السنة الدراسية 61/62 ، وهو عدد يفوق ما يمكن لدولة الفتية أن توفر له ما يلزمه من إمكانيات مادية وبشرية ، فقد غادر الجزائر صبيحة الاستقلال معظم المعلمين الفرنسيين إذ لم نقل كلهم ولم يبق من سلك التعليم إلا المعلمون الجزائريون وعددهم 2602 معلما إضافة إلى نحو 1000 معلم ذي أصل فرنسي ، بينما يحتاج هذا الدخول المدرسي الاستثنائي حسب التقديرات الرسمية إلى نحو 20000 معلم على أقل تقدير .
وللمواقف الاستثنائية حلول استثنائية ولذا لجأت الحكومة إلى إجراءين إثنين :
1 ـ التوظيف المباشر والذي كان في شكل تعبئة وطنية يخص كل من يتوفر على مستوى مقبول من التعلم باللغة العربية أو الفرنسية .
2 ـ اللجوء إلى البلدان الشقيقة وإلى فرنسا ذاتها في شكل تعاون ثقافي .
وأسفر الإجراء الأول على تجنيد 6695 معلما جزائريا من مستويات علمية مختلفة أغلبها يحوم حول شهادة التعليم المتوسط في أحسن الظروف .
ونتج عن الإجراء الثاني أن حصلت الجزائر على 7691 معلما فرنسيا يتوزعون كالتالي :
2600 مدرس و5091 معلما مساعدا كانوا في الأغلب يعلمون بالجزائر وغادروها بعد الاستقلال وأغلبهم كان قد وظف تطبيقا للمخطط التعليمي الخاص الذي انطلق العمل به في الخمسينات وخاصة إبان سنوات الثورة التحريرية الكبرى (مرسوم 17/08/1956) .
وغطيت البقية الباقية من الاحتياج بمعلمين من البلدان العربية الشقيقة مشرقا ومغربا وكان العدد يتراوح ما بين 2000 و 2500 .
وسار الموسم الدراسي الجديد والأول من نوعه بصعوبة كبرى ، فلم تغط بعض المناصب إلا في الفصل الثاني ورغم ذلك فقد بقيت مناصب عديدة غير مشغولة مما اضطر مديري المؤسسات إلى استعمال نظم بيداغوجية خاصة مثل تخفيف الساعات المقررة أو تجميع الأفواج في فوج واحد والتناوب على الحجرة الدراسية الواحدة مرات عديدة في اليوم أو تناوب المعلم الواحد على أفواج متعددة .
هذا من حيث الموارد البشرية أما من حيث هياكل الاستقبال فإن الحالة كانت خطيرة والحاجة كانت تتمثل في قلة عدد الحجرات التي كانت قائمة مما حدا بالمسؤولين إلى استعمال كل الإمكانيات مهما كانت فاستعملت المراكز العسكرية وأماكن المحتشدات والثكنات العسكرية والسكنات المدرسية والمحلات التجارية وحتى المساجد في بعض الجهات . ورغم هذا فإن الوضعية في المراكز الكبرى التي نزح إليها السكان الريفيون بكثرة والمشردون واللاجئون العائدون لم يستقر بها الحال كما يجب .
أما من حيث البرامج والمواقيت فإن السلطات التعليمية اضطرت إلى الإبقاء مؤقتا على الوضع السائد قبلا للتكفل بالأولويات الأساسية مثل توفير المعلمين والحجرات وتسجيل جميع الأطفال الذين تقدموا للمدرسة وأنشأت الوزارة لجنة تكفلت بإعادة النظر في البرامج والمواقيت والمواد ولغة التعليم في بعضها .
ولا ننسى أن الوزارة وزارة فتية لم تنشأ إلا في سنة 1962 بموجب المرسوم المؤسس للحكومة الأولى في عهد الاستقلال المؤرخ في 27/09/1962 الذي يحمل رقم 01/62 وأن من جملة انشغالاتها كذلك هو هيكلة نفسها وتنظيمها وتلبية الحاجات الملحة على المستويات القاعدية وسن القوانين التي تنظم التعليم بصفة عامة وإنشاء بعض اللجان المختصة والمعاهد المتخصصة مثل المعهد التربوي الوطني واستصلاح الوظيفة التعليمية وإنشاء أسلاك جديدة فرضتها الظروف الاستثنائية مثل إطار الممرنين وأعمال ووظائف أخرى لا يتسع الوقت للتعرض لها .
ولا غرو أن الانشغال الأكبر للوزارة كان المردود التعليمي وسد الحاجات الأساسية من هياكل استقبال وموارد بشرية وتكوين هذه الجحافل من المعلمين الذين كان مستواهم الثقافي والتكويني غير كاف لسد الحاجة إذ أن أغلبهم من المساعدين ومن الممرنين خاصة وحتى أن بعض الفئات من المتعاونين الوافدين خاصة من بلدان المشرق يحتاجون هم الآخرون إلى تكوين . وكان لزاما على الوزارة إذن أن تتولى تكوينهم وتثقيفهم فبادرت إلى إنشاء إطار المستشارين البيداغوجيين والموازاة إنشاء المراكز الثقافية والمهنية في 06/10/1964 والتي وظيفتها الأساسية هي التكفل بتكوين الممرنين بواسطة دروس مسائية وبالمراسلة وفي روشات صيفية لتؤهلهم إلى الارتقاء إلى مستويات التعليم مثل درجة مساعد أو مدرس .
هيكلة التعليم :
إن هيكلة التعليم أبقت على ما كانت عليه في الفترة الاستعمارية وتنقسم إلى مرحلتين إثنتين هما :
المرحلة الابتدائية .
المرحلة الثانوية التي كانت بدورها تشمل الطور الأول من التعليم الثانوي ، وتوازي مرحلة التعليم المتوسط الذي أحدث فيما بعد في 1971 ، والطور الثاني من التعليم الثانوي وهو ما يوازي التعليم الثانوي بسنواته الثلاث .
التعليم الابتدائي :
تشمل المرحلة الابتدائية ست سنوات تضاف لها أحيانا على مستوى بعض المدارس سنة سابعة تدعى سنة انتهاء الدروس . وهو مقسم إلى ثلاث إلى ثلاث درجات :
الأقسام التحضيرية و بها سنتان .
الأقسام الابتدائية و بها سنتان .
الأقسام المتوسطة و بها سنتان .
يمكن أن ينتقل التلميذ من الابتدائي إلى الطور الأول من التعليم الثانوي بشرطين ، المستوى التعليمي والسن فيجتاز امتحان التأهيل للدخول إلى السنة السادسة .
التعليم الثانوي :
يشمل التعليم الثانوي سبع سنوات بترتيب تنازلي من النهائية وهي سنة التأهيل للقسم الثاني من شهادة البكالوريا ثم على التوالي السنوات : الأولى ثم الثانية وهذه سنوات الطور الثاني من التعليم الثانوي ثم الثالثة فالرابعة فالخامسة فالسادسة وهي سنوات أربع تشكل الطور الأول من التعليم الثانوي (المتوسط)
والسنة السادسة هي السنة الأولى إذن من سنوات التعليم الثانوي وما زالت هذه التسمية مستعملة بعد أن ألغيت في تعديل 1971 .
تتوج الدراسة في هذا الطور الأول بشهادة بروفي التعليم بالطور الأول التي ألغيت في سنة 1966 بمرسوم 38/66 مؤرخ في 11/02/66 وعوضت بشهادة التعليم العام beg .
ويمكن أن ينتقل التلميذ من الطور الأول إلى الطور الثاني من التعليم الثانوي أو الانتقال من الثالثة إلى الثانية وهي أول سنة من سنوات التعليم الثانوي الثلاث بحصوله على رتبة ممتازة في الترتيب على مستوى القطاع المغذي للثانوية وبموافقة مجلس الأساتذة
وفي نهاية السنة الأولى يترشح التلاميذ إلى القسم الأول من شهادة البكالوريا وبعد النجاح فيه ينقل التلميذ إلى السنة النهائية التي يترشح منها في آخر السنة إلى القسم الثاني والنهائي لشهادة البكالوريا .
وبصدور المرسوم 495/63 الصادر في 31/12/63 ألغي العمل بالنظام الفرنسي لشهادة البكالوريا وأحدثت بكالوريا جزائرية يمتحن فيها التلميذ مرة واحدة في سنة واحدة امتحانات كتابية كلها .
وبقيت هذه الهيكلة للتعليم حتى سنة 1971 التي شهدت إصلاحات خاصة على مستوى التعليم المتوسط سابقا والذي كان يسمى قبل هذا الوقت بالتعليم التكميلي وكثيرا ما كان مستقلا عن التعليم الثانوي . وتأسست مؤسسة التعليم المتوسط بمقتضى مرسوم 188/71 الصادر في 30/06/71 وصار وصار منذ ذلك الحين ينقسم التعليم إلى ثلاث مراحل هي :
التعليم الابتدائي .
التعليم المتوسط .
التعليم الثانوي .
وأحدثت بعد ذلك بقليل شهادة التعليم المتوسط التي تلغي شهادة التعليم العام وتعوضها بمقتضى مرسوم 40/72 الصادر في 10/02/1972 .
ويستمر الحال بهذه الهيكلة إلى 1980 وهي السنة التي تطبق فيها المدرسة الأساسية ذات التسع سنوات المتعددة التقنيات ويزول التعليم المتوسط ويندمج في التعليم الأساسي ويعوض بالمرحلة الثالثة من التعليم الأساسي التي لا تشمل إلا على ثلاث سنوات فقط . ميزة التعليم الأساسي أنه يزيل عدة عقبات مثل عقبة الشعبتين (المعربة والمزوجة) وعقبة الامتحان الذي كان موجودا بين التعليم المتوسط وبين التعليم الابتدائي .
ثم في العشرية الأخيرة أدخلت إصلاحات على المنظومة التربوية حيث شرع في تطبيقه بداية من الموسم الدراسي 03/2004 في مرحلتي الابتدائي والمتوسط بتغيير في البرامج والمواقيت .
البرامج والمواقيت :
لقد شهدت المنظومة التربوية تذبذبات عديدة لانعدام سياسة واضحة ودقيقة وبعيدة المدى ومخططة بدقة . ولذا فإنه كثيرا ما تعثرت نتيجة الترقيعات وأول تعديل وقع هو ذاك الذي مس خاصة إدخال اللغة العربية في المنظومة الجزائرية فرسمت اللغة العربية في البرامج بنسبة سبع ساعات أسبوعيا في جميع الأقسام الابتدائية ومثلها تقريبا في التعليم التكميلي . وهذا بالنسبة للسنتين الدراسيتين 62/63 و 63/64 ثم ارتفعت نسبة اللغة العربية إلى عشر ساعات أسبوعيا ابتداء من السنة الدراسية 64/65 ثم عربت السنة الأولى من التعليم الابتدائي بمعدل خمس عشرة ساعة أسبوعيا وعربت السنة الثانية في السنة الموالية 65/66 مع الإبقاء على توقيت سبع ساعات في السنوات الأخرى من التعليمين الابتدائي والتكميلي . ونشير كذلك بالمناسبة إلى تعريب شامل للمواد التالية بمختلف سنوات التعليم الابتدائي والتكميلي والثانوي وهي : التاريخ والجغرافيا والأخلاق في جميع المستويات والفلسفة في التعليم الثانوي.
وصار جميع التلاميذ يخضعون في مختلف المستويات والامتحانات إلى اختبار في اللغة العربية .
التوقيت الذي كان مطبقا من سنة 1965 إلى سنة 1971 :
السنة الأولى من التعليم الابتدائي 15 ساعة أسبوعيا .
السنة الثانية من التعليم الابتدائي 15 ساعة أسبوعيا .
السنتان الثالثة والرابعة من التعليم الابتدائي 25 ساعة أسبوعيا .
السنتان الخامسة والسادسة من التعليم الابتدائي 30 ساعة أسبوعيا .
مع الملاحظة أن أنشطة اللغة العربية وكذا التربية الخلقية والدينية والمدنية والأناشيد كانت تعلم باللغة العربية في السنوات الأربع الخيرة مما يعطي مجموعا من الساعات أسبوعيا باللغة العربية يساوي 10 ساعات وتبقى جميع المواد الأخرى تعلم باللغة الفرنسية إضافة إلى اللغة الفرنسية نفسها بمعدل يساوي 15 ساعة أسبوعيا في السنتين الثالثة والرابعة و20 ساعة في الخامسة والسادسة وفي التعديل الذي طرأ في سنة 1971 صار التوقيت كالتالي :
توقيت موحد في الابتدائي لجميع السنوات 24 ساعة أسبوعيا .
مع ملاحظة أن السنتين الأولى والثانية عربتا تماما . أما باقي السنوات فإن حصة اللغة العربية فيها هي كالتالي :
ـ السنتان الثالثة والرابعة 14 ساعة باللغة العربية و 10ساعات باللغة الفرنسية .
ـ السنتان الخامسة والسادسة فحسب أن تكون معربة أو مزدوجة كما كان يقال .
فالسنوات المعربة توقيتها : 15 ساعة باللغة العربية و 9ساعات باللغة الفرنسية .
والسنوات المزدوجة توقيتها 14 ساعة باللغة الفرنسية و10ساعات باللغة العربية .
والفرق بين الشعبتين في لغة تدريس مادتي الحساب والعلوم الطبيعية .
وطبقت نفس الإستراتيجية في التعليم المتوسط وذلك بخلق هذا النمط المزدوج من التعليم : شعب معربة وأخرى مزدوجة .
وقد أحدث هذا التنظيم شقاقا وصلت إلى حد العداوة بين تلاميذ الشعبتين حيث رأى المعربون إجحافا في حقهم لأن النظام أعطى للمزدوجين امتيازا كونهم يجدون الأبواب مفتوحة أمامهم على مصراعيها وبالمقابل فهي مغلقة في وجوه المعربين في التكوين بصفة عامة وفي التكوين العالي وفي التوجيه إلى الجامعة .
وتأتي المدرسة الأساسية لتقضي على التناقض الصارخ وعربت جميع المواد وفي جميع السنوات في مختلف مراحل التعليم وفي جميع الشعب وصار التوقيت موحدا بـ : 27 ساعة أسبوعيا في جميع سنوات الطورين الأول والثاني وما بين 32و33 ساعة في الطور الثالث وفي الثانوي بينما يصل التوقيت في التعليم التقني أحيانا في بعض الاختصاصات إلى 35 ساعة وبقيت اللغة الفرنسية تدرس كلغة لذاتها مثلها مثل بقية اللغات الأجنبية الأخرى .
المصدر: منتديات طموحنا – من قسم: السنة الأولى ثانوي
مقدمة :
إن
ظهور التعددية وعولمة الاقتصاد والتطور التكنولوجي وانتشار الوسائل
الحديثة للإعلام والاتصال على أوسع نطاق وما يرتبط بها من إرساء مفهوم
الديمقراطية وإبدال نظام الاقتصاد الموجه باقتصاد السوق , ومحو آثار التخلف
التي تركها الاستعمار , وهي العوامل التي ساهمت في ميلاد فكرة الإصلاح
الشامل للمنظومة التربوية لمواجهة التحديات وكسب الرهانات وغرس المواطنة
فيه والسعي لإكساب كفاءات لتوظيفها في الحياة المهنية والاجتماعية .
وذلك من خلال المدرس التي تسعى الوزارة في تكوينه ليكسب الكفاءة قصد التحكم في المضامين المعرفية للمناهج الجديدة
وجهة النظر الرسمية للإصلاح التربوي:
مقتطفات من كلمة رئيس الجمهورية
بمناسبة تنصيب اللجنة الوطنية لإصلاح المنظومة التربوية ماي 2000
”
إن الإصلاح الذي نشرع فيه اليوم , يتمثل في عمل طويل النفس فهو كعملية بذر
في أرض خصبة يقوم بها الأجداد للأجيال . إنها عملية متواصلة و جهد دائم
لمواكبة التطور المستمر لمجتمعنا و للعالم من حولنا ”
في مؤتمر وزراء التربية للإتحاد الإفريقي
”
الدول الإفريقية قد عانت من ويلات الاستعمار بمختلف أشكاله ,مما انجر عنه
تأخر فادح في مجال التنمية ,و من ثم ,لا مندوحة من إيلاء التربية و التكوين
اهتماما خاصا كونها تشكل عاملا أساسيا للتحرر و الرقي ”
” التربية و التكوين يشكلان هاجسا مركزيا و انشغالا كبيرا للقارة ,وهي مطالبة برفع التحدي “
مقتطفات من كلمة وزير التربية الوطنية
1- في مؤتمر وزراء التربية للإتحاد الإفريقي
” مؤتمر الجزائر يكتسي أهمية بالغة إذ سيعد مخطط عمل جديد قصد إيجاد الحلول المناسبة لمشاكل التعليم في إفريقيا ”
” و ذلك بإعادة بعث الأنظمة التربوية فيها,
نظرا لما يشهده العالم من تطور في مختلف الميادين, الشيء الذي يحتم على
هذه الأنظمة التربوية العمل على تقليص الفجوة بينها , و بين الدول المتقدمة
“
2- تصريح وزير التربية الوطنية في افتتاحية العدد الأول لمجلة المربي :
”
وهذا الإصلاح الذي بادر به رئيس الجمهورية لم يكن وليد لنزوة حب التغيير ,
أو نتيجة لعمل ارتجالي , بل هو جهد متواصل طويل لتحليل وتشخيص منظومتنا
التربوية .
هو
إصلاح تفرضه رغبتنا في التكفل بالحاجة الفردية والاجتماعية من جهة ,
وتفرضه كذلك الضرورة الحتمية للاستثمار في مجال نوعية الموارد البشرية ,
وذلك على غرار المجتمعات المعاصرة , حيث تشكل المعرفة الثروة الحقيقية
لديها , ورأس مالها البشري هو موردها الأساسي ” .
تصريح المفتش العام لوزارة التربية الوطنية في العدد 6 من مجلة المربي
”
إن إصلاح أي منظومة تربوية مرهون بإصلاح الإدارة التربوية ,إن على الصعيد
المركزي أو المحلي أو على مستوى المؤسسة التعليمية . في هذا السياق , تأتي
الدعوة إلى العمل بمشروع المؤسسة و مشروع المصلحة“
”المشروع هو شكل من أشكال التجديد المستمر للطاقات , يسعى إلى تحسين المردود التربوي“
” كان من الضروري ’تفعيل العمل بفكرة مشروع المؤسسة’ كون فكرة المشروع أداة ممتازة للتفكير و الفعل“
إصلاح المنظومة التربوية:
1. الإطار المرجعي العام للنظام التربوي:
l التاريخ العريق للجزائر
l بيان 1 نوفمبر 1954
l الهوية الوطنية بأبعادها الثلاثة, الإسلام, العروبة و الامازيغية
l الطابع الديمقراطي, العلمي و الإنساني العالمي
2. المحاور الكبرى للإصلاح:
l تحسين نوعية التأطير
l التحوير البيداغوجي
l إعادة تنظيم المنظومة التربوية
3. اللجنة الوطنية للمناهج:
l هيئة تقنية للدراسة و التنسيق و التوجيه في ميدان البرامج التعليمية
l تتكون من 25 عضوا
مسار تطبيق الإصلاح التربوي:
l إحداث اللجنة الوطنية لإصلاح المنظومة التربوية الجزائرية مع حلول سنة 2001
l قرار مجلس الحكومة في شهر أفريل 2022
l بداية الإصلاح الهيكلي تربوي بيداغوجي 2022/2004
l وثيقة وزارة التربية الوطنية تحت عنوان مخطط العمل لتنفيذ إصلاح المنظومة التربوية في أكتوبر 2022
l العمل بفكرة مشروع المؤسسة بداية السنة الدراسية 2022/2007 المنشور رقم 153 المؤرخ في 5 جوان 2022
مواطن التغيير:
l تنظيم الوظائف, الأستاذ, التلميذ, المتعاملين
l تنظيم العلاقات بين أفراد الجماعة التربوية
l تنظيم المصالح :أمانة , مديرية الدراسات , استشارية التربية , المقتصدية
l تنظيم الشعب: بتقنين التنظيمات التربوية
l تنظيم وتنشيط أعمال خلايا التفكير و البحث و تفعيل دور النوادي العلمية و الثقافية
l تنظيم الهياكل:ضمان الأمن, النظافة, تحسين وتجميل مختلف مرافق المؤسسة
المقاربة بالكفاءات:
”
نقلت العملية التربوية من منطق التعليم إلى منطق التعلّم, حيث جعلت
المتعلم في قلب العملية التعليمية/التعلّمية,و تمكنه من بناء تعلّماته
بنفسه, و تنمي فيه المبادرة و الاستقلالية, و التأقلم مع واقعه المعيش و
التفاعل معه “
” المربّي اليوم أمام تحدّ, عليه أن يرفعه ,تحدّ يكمن في إعداد ملمح مواطن الغد, القادر على مواجهة تحدّيّات العصر“
النظام العلائقي في المؤسسة:
lالتخلي على الأسلوب السلطوي و اعتماد التفاوض و قبول النقد من المتعلم و التعامل مع الآخر كإنسان
lالتعامل مع المتعلم
lالانسجام مع الذات
lالتقدير,الثقة و التقبل
lالتفهم المتعاطف
lالبحث عن الخروج من وضعية مشكلة و ذلك ببناء المعارف مع المتعلم في أنشطة تستدعي استنفار موارده بقوة.
مشروع المؤسسة:
هو
خطة يساهم فيها كل الأطراف سواء كانت معنية بالتنفيذ أو الاستفادة . بحيث
يشترك الكل في وضعها لكي يكون الجميع مقتنع عندها يسهل التطبيق و يثمر.
خصائص نجاح التسيير 10 :
· المكتب الفارغ
· التشاور
· الأولويات
· العمل بالملفات
· التخطيط
· الأهداف
· التدرج
· التقويم
· التعديل
· الترتيب
تعيش الأسرة التربوية بالجزائر على وقع صراعات كبيرة تتعلق أساسا بما اصطلح على تسميته بإصلاح المنظومة التربوية. هذه المنظومة التي يرى فيها الغلاة والمتعصبون للغة الفرنسية أنها السبب المباشر أو غير المباشر في الأزمة التي
تعيشها البلاد بما فيها الأزمة السياسية، باعتبار أن المدرسة الجزائرية قد تخرج منها "المتزمتون والأصوليون"، في حين يرى البراغماتيون أن المنظومة التربوية يجب أن تساير التقدم العلمي والتكنولوجي والعولمة الجديدة والتفتح على جميع الثقافات والانتماءات على أساس أن العالم لا يعدو أن يكون مجرد قرية صغيرة.
المنظومة التربوية.. خارج سوق المضاربة
ثمة فئة تعتبر أن تولي الحكومة مناقشة وبحث إصلاح المنظومة التربوية يخرج
هذا الملف المصيري والحساس من دائرة الصراع السياسي المتحزب، ويسحبه من سوق المضاربة والمتاجرة التي كادت أن تؤدي إلى أزمة وطنية خطيرة.
إن التجربة التي عاشتها البلاد في بحث هذا الملف على مستوى اللجنة الوطنية لإصلاح المنظومة التربوية أظهرت أن هناك من لا يميز بين المصالح الخاصة والاعتبارات الظرفية من جهة، وبين مصير البلاد و الجماعة الوطنية ومقتضيات الدولة، لدرجة تحول معها النقاش الذي كان من المفروض أن يرتقي إلى مستوى التحديات التي تواجه الجزائر، إلى صراع نفوذ وتهديدات متبادلة بين تيارات مختلفة كادت تُدخل البلاد في دوامة أخرى، وتعرض أمنها واستقرارها إلى الخطر.
إن الخيارات المعلنة من قبل الحكومة في مناقشتها لهذا الملف توحي للوهلة الأولى بأن الاهتمام منصب فعلا على توفير شروط النهضة والتطور في القطاع التربوي التعليمي، حيث إن مراجعة البرامج والمحتويات والمناهج والواقعية في التعامل مع موضوع اللغات تشكل أهم محاور الرؤية الحكومية للملف في سياق تحديثي. وإقرار الحكومة بأن ما تحقق على الصعيد الكمي لا يمكن أن يحجب الثغرات والاختلالات المسجلة في المنظومة التربوية، حيث إنه لا مجال للمداهنة أو إخفاء العيوب، بل ينبغي المضي نحو إصلاحات جذرية لامحيد عنها تضع في صلب اهتمامها إعادة الاعتبار لمنظومة تكوين المكونين وضمان استقرارها وفعاليتها، على اعتبار أن الاضطرابات والتغيرات المتلاحقة والمتناقضة أحيانا، فيما يتعلق بتكوين السلك التعليمي على وجه الخصوص، هو أحد الأسباب الرئيسية لتراجع مردود المنظومة، وقد بقيت المعاهد التكنولوجية عرضة لتقلبات غير مفهومة أحيانا.
وبنفس الرؤية التجديدية والعلمية، تولي الحكومة الأهمية لمراجعة البرامج والمناهج والمحتويات التي تخلفت كثيرا عن المستجدات الحاصلة في حقل العلم والمعرفة وطرائق التعليم التي تعرف تطورات متلاحقة.
وتبرز الأهمية المتزايدة لعنصر المنهجية وأدوات البحث المخبري ومفاتيح الوصول إلى المعرفة، حيث يراعى في ذلك التوازن بين اكتساب المتعلمين والدارسين للمهارات والخبرات العلمية والتقنيات الحديثة وبين ترقية وتعميق هويتهم وشخصيتهم الوطنية، على نحو يجعلهم شركاء وفاعلين في محيطهم المحلي والعالمي لا مجرد مستهلكين سلبيين، ومتفتحين على حقائق الحياة المعاصرة.
ومن هذا المنطلق جاءت ضرورة تعلم اللغات الأجنبية ليطفو صراع المعربين والمفرنسين على السطح، وما زاد في الطين بلة هو إعطاء الدفع القوي للغة الفرنسية في المنظومة التربوية.
وقائع إخفاق معلن لإصلاح المنظومة التربوية
أول مؤشر للإخفاق المعلن لمشروع إصلاح المنظومة التربوية في نظر المعارضين لهذا المشروع متعلق بالجانب اللغوي، حيث يقترح هذا المشروع تدريس الفرنسية ابتداء من السنة الثانية، واعتماد هذه اللغة في تدريس المواد العلمية بدلا من العربية، أي إعطاء الأفضلية لها على حساب اللغة العربية، وعلى حساب اللغات الأجنبية ولا سيما الإنجليزية، فالسؤال الذي يطرح نفسه في هذا المقام، ما هي الخلفية النظرية، إن لم نقل الأيديولوجية، التي يتأسس عليها هذا المشروع في هذا الجانب بالذات، وهو الجانب الأساسي والإشكالي فيه، رغم أن منطلقات هذه الخلفية غير مصرح بها، و تختفي في كثير من الأحيان وراء شعارات براقة مثل الحداثة والعالمية.
إن أحد منطلقات تلك الخلفية التي نريد الوقوف عندها قليلا مؤسس على الاعتقاد الضمني بأن اللغة هي أساس التطور، وبأن تقدم بلد ما يعود الفضل فيه إلى لغته، ومن ثمة فإن سر تقدم فرنسا مثلا يكمن في لغتها، وعليه إذا أردنا نحن الجزائريين أن نتقدم فما علينا إلا استخدام اللغة الفرنسية، أي أن سبب تخلفنا هو اللغة العربية!!
وهكذا نجد أن الأيديولوجية اللغوية عندنا تقوم على نوع من التصور اللغوي للتطور، أي تجعل اللغة العامل الأساس في تقدم أو تأخر المجتمعات، وليس الإنسان، فمشروع إصلاح المنظومة التربوية في نظر معارضيه يقوم على النظر إلى اللغة الفرنسية كما لو أنها العصا السحرية التي سوف تخرج المدرسة الجزائرية من الظلمات إلى النور، أو بتعبير آخر، يقوم مشروع إصلاح المنظومة التربوية الحالي على إقصاء الإنسان كعنصر أساسي في التقدم العلمي والفكري والحضاري بصفة عامة.
العامل الثاني المؤسس للإخفاق المعلن لمشروع المنظومة التربوية المقترح هو أنه قائم على قراءة خاطئة للأسباب التي أنجبت سلبيات المنظومة التربوية الحالية، وذلك بعدما عزلت هذه الأسباب عن المحيط العام السياسي والاقتصادي والاجتماعي والأخلاقي الذي ترتبط به المدرسة الجزائرية الحالية، وحملت العربية ومادة التربية الإسلامية هذه المسؤولية، حيث لا يمكن لأي منظومة تربوية أن تؤدي عملها في ظل ظروف اجتماعية واقتصادية صعبة للغاية، سواء للدولة أم الأفراد، وتدهور المستوى المعيشي بسبب التحولات الاقتصادية التي تعرفها الجزائر، والضغوط الممارسة عليها من أجل انتهاج سياسة معينة في المجال الاجتماعي للتحكم أكثر في دواليب العولمة الاقتصادية على وجه الخصوص.
وبما أن المدرسة هي جزء من المجتمع تتأثر به سلبا أو إيجابا، لا يمكن أن نعزل إصلاح المنظومة التربوية عن الإصلاح العام للأوضاع التي تتخبط فيها البلاد، كما أن على التشريح الموضوعي والعلمي لمشاكل المنظومة التربوية الحالية ولأسبابها وجذورها يتوقف نجاح أي إصلاح.
العامل الثالث للإخفاق، هو ما قد يترتب على تطبيقه من ضعف الانسجام المميز للمجتمع الجزائري، وإقصاء وظيفة إدماج الأفراد داخل المجتمع فيما يخص الدور المنوط باللغة في إطار هذه المنظومة التربوية، فدور الإدماج داخل المجتمع لا يمكن أن تقوم به بشكل أساسي سوى اللغة العربية، يدل على ذلك عدم الاندماج الجيد في المجموعة الوطنية للمناطق التي يغلب عليها اللغة العامية بما في ذلك التي تتحدث بالأمازيغية.
إن وجهات النظر المختلفة، والتي تقف على طرفي نقيض في بعض الأحيان فيما يتعلق بإصلاح المنظومة التربوية، هي في الحقيقة تزيد النقاش العام حول هذا الموضوع ثراء، إذ تسمح باكتشاف مجمل التوجهات الفكرية والثقافية لمختلف شرائح المجتمع، وبالتالي بناء تصور عام يحترم مختلف التوجهات والحساسيات الموجودة بعيدا عن الأحادية في الرأي والاستبداد في المواقف التي عادة ما تولد ضغوطات إضافية تجعل المجتمع يعيش في جو من الرفض المطلق لكل ما هو جديد ، وبالتالي الاستمرار في الانغلاق على النفس والانغلاق عن التحولات التي تجري في العالم، خاصة فيما يتعلق بمجال العلوم والمعرفة والتطور التكنولوجي الذي أضحى ضرورة حضارية.
وإصلاح المنظومة التربوية بالجزائر كغيرها من المواضيع دخلت ساحة المناقشة والجدل من بابها الواسع، لحساسية الموضوع وأهميته القصوى في تحديد معالم بناء مجتمع متوازن ومتكامل ومستقر في ظروف لا تعرف الاستقرار نهائيا، بل إن ميزتها هي الحركية الدائمة والتغير المستمر، وهو ما جعل الإصلاح صعبا وضروريا في نفس الوقت.
اقتراحات براغماتية
من بين الاقتراحات الأخرى والمتعلقة بإصلاح المنظومة التربوية والتي يرى
فيها البعض أنها اقتراحات تقنية وبراغماتية نجد اقتراحا بالإلغاء الكلي للتعليم الأساسي، وتعويضه بالتعليم المتوسط بدراسة أربع سنوات بدل ثلاث سنوات في الطور الثالث، في حين ستقلص مدة التعليم الابتدائي إلى خمس سنوات بدل ست سنوات، كما سيتم ضمان تعليم اللغتين الأجنبيتين الفرنسية والإنجليزية عام 2022 في مرحلة التربية القاعدية الإلزامية مع برمجة إدخالها المبكر بالنسبة للوضعية الحالية، وإدخال اللغة الأجنبية الثالثة اختيارية في الشعب الأدبية بالتعليم الثانوي وتطوير تعلمها، كما سيتم إدخال وحدة علمية باللغة العربية في مستوى التعليم العالي في التخصصات الطبية والعلمية والتكنولوجية، حيث ستسمح هذه العملية من توظيف عدد كبير من حاملي الشهادات الجامعية الذين هم في حالة بطالة، كما تقرر إعادة تأهيل التاريخ والفلسفة كمواد أساسية، وسيشرع بإدخال التكنولوجيات الحديثة للمعلومات والاتصال في المنظومة في سنة 2022 التربوية وذلك لتسهيل دخول البلاد في مجتمع الإعلام وفي سنة تطبيق التنظيم الجديد للتعليم ما بعد الإلزامي ليتحول التعليم الثانوي إلى طور يحضر فقط لالتحاق بالتعليم العالي، في حين سيتم مراجعة مضامين التعليم العالي وتكييفها مع المقتضيات الاقتصادية من خلال إصلاح الخدمات الجامعية والرفع من درجة النجاعة والفعالية في أداء الإدارة الجامعية ولا سيما عن طريق عصرنة تنظيمها وتسييرها، وفي سياق إنجاح هذا الإصلاح ستنشأ هيئتان تدعمان المنظومة التربوية، تكون الأولى هيئة للتشاور وتتمثل في المجلس الوطني للتربية والتكوين، أما الثانية فهي هيئة الضبط وتتمثل في المرصد الوطني للتربية والتكوين، في حين سيتم الانتقال بعد ذلك إلى إنشاء أقطاب التميز في ميدان البحث من خلال تزويدها بالإمكانيات الضرورية لتسند إليها مهام إنجاز المشاريع الوطنية الكبرى للبحث.
وبين هذا وذاك لا تزال إشكالية إصلاح المنظومة التربوية بالجزائر بين أخذ ورد سيكشف الدخول المدرسي الجديد عن عيوبها ومزاياه
التخلي على الأسلوب السلطوي و اعتماد التفاوض و قبول النقد من التعامل مع الآخر كإنسان
هذا المبدأ على الوزارة أن تعتمده أولا مع موظفيها
فكيف يطلب من مدرس التعامل به مع التلميذ في حين ادارته لا تقبل التعامل به معه
– إن إصلاح أي منظومة تربوية مرهون بإصلاح الإدارة التربوية ,إن على الصعيد
المركزي أو المحلي أو على مستوى المؤسسة التعليمية