التعريف المختصرالكامل للمعلقات من كافة الجوانب
كان فيما اُثر من أشعار العرب ، ونقل إلينا من تراثهم الأدبيالحافل بضع قصائد من مطوّلات الشعر العربي ، وكانت من أدقّه معنى ، وأبعده خيالاً،وأبرعه وزناً ، وأصدقه تصويراً للحياة ، التي كان يعيشها العرب في عصرهم قبلالإسلام ، ولهذا كلّه ولغيره عدّها النقّاد والرواة قديماً قمّة الشعر العربي وقدسمّيت بالمطوّلات ، وأمّا تسميتها المشهورة فهي المعلّقات . نتناول نبذةً عنها وعنأصحابها وبعض الأوجه الفنّية فيها :
فالمعلّقات لغةً من العِلْق : وهو المال الذي يكرم عليك ، تضنّبه ، تقول : هذا عِلْقُ مضنَّة . وما عليه علقةٌ إذا لم يكن عليه ثياب فيهاخير1، والعِلْقُ هوالنفيس من كلّ شيء ، وفي حديث حذيفة : «فما بال هؤلاء الّذين يسرقون أعلاقنا» أينفائس أموالنا2 . والعَلَق هو كلّ ما عُلِّق3 .
وأمّا المعنى الاصطلاحي فالمعلّقات : قصائد جاهليّة بلغ عددها السبع أوالعشر ـ على قول ـ برزت فيها خصائص الشعر الجاهلي بوضوح ، حتّى عدّتأفضل ما بلغنا عنالجاهليّين من آثار أدبية4 .
والناظر إلى المعنيين اللغوي والاصطلاحي يجد العلاقة واضحةبينهما ، فهي قصائد نفيسة ذات قيمة كبيرة ، بلغت الذّروة في اللغة ، وفي الخيالوالفكر ، وفي الموسيقى وفي نضج التجربة ، وأصالة التعبير ، ولم يصل الشعر العربيالى ما وصل إليه في عصر المعلّقات من غزل امرئ القيس ، وحماس المهلهل ، وفخر ابنكلثوم ، إلاّ بعد أن مرّ بأدوار ومراحل إعداد وتكوين طويلة .
وفي سبب تسميتها بالمعلّقات هناك أقوال منها :
لأنّهم استحسنوها وكتبوها بماء الذهب وعلّقوها على الكعبة ، وهذاما ذهب إليه ابن عبد ربّه في العقد الفريد ، وابن رشيق وابن خلدون وغيرهم ، يقولصاحب العقد الفريد : «وقد بلغ من كلف العرب به (أي الشعر) وتفضيلها له أن عمدت إلىسبع قصائد تخيّرتها من الشعر القديم ، فكتبتها بماء الذهب في القباطي المدرجة،وعلّقتها بين أستار الكعبة ، فمنه يقال : مذهّبة امرئ القيس ، ومذهّبة زهير،والمذهّبات سبع ، وقد يقال : المعلّقات ، قال بعض المحدّثين قصيدة له ويشبّهها ببعضهذه القصائد التي ذكرت :
أو لأنّ المراد منها المسمّطات والمقلّدات ، فإنّ من جاء بعدهم منالشعراء قلّدهم في طريقتهم ، وهو رأي الدكتور شوقي ضيف وبعض آخر6 . أو أن الملك إذا ما استحسنها أمر بتعليقها فيخزانته .
هل علّقتعلى الكعبة؟
سؤال طالما دار حوله الجدل والبحث ، فبعض يثبت التعليق لهذه القصائد علىستار الكعبة ، ويدافع عنه ، بل ويسخّف أقوال معارضيه ، وبعض آخر ينكر الإثبات،ويفنّد أدلّته ، فيما توقف آخرون فلم تقنعهم أدلّة الإثبات ولا أدلّة النفي ، ولميعطوا رأياً في ذلك .
المثبتونللتعليق وأدلّتهم :
لقد وقف المثبتون موقفاً قويّاً ودافعوا بشكل أو بآخر عن موقفهم فيصحّة التعليق ، فكتبُ التاريخ حفلت بنصوص عديدة تؤيّد صحّة التعليق ، ففي العقدالفريد7ذهب ابن عبد ربّه ومثله ابن رشيق والسيوطي8وياقوت الحموي9وابن الكلبي10وابن خلدون11، وغيرهم إلى أنّالمعلّقات سمّيت بذلك; لأنّها كتبت في القباطي بماء الذهب وعلّقت على أستارالكعبة ، وذكر ابن الكلبي : أنّ أوّل ما علّق هو شعر امرئ القيس على ركن من أركانالكعبة أيّام الموسم حتّى نظر إليه ثمّ اُحدر ، فعلّقت الشعراء ذلكبعده .
وأمّا الاُدباء المحدّثون فكان لهم دور في إثبات التعليق ، وعلىسبيل المثال نذكر منهم جرجي زيدان حيث يقول :
«وإنّما استأنف إنكار ذلك بعض المستشرقين من الإفرنج ، ووافقهم بعضكتّابنا رغبة في الجديد من كلّ شيء ، وأيّ غرابة في تعليقها وتعظيمها بعدما علمنامن تأثير الشعر في نفوس العرب؟! وأمّا الحجّة التي أراد النحّاس أن يضعّف بها القولفغير وجيهة; لأنّه قال : إنّ حمّاداً لمّا رأى زهد الناس في الشعر جمع هذه السبعوحضّهم عليها وقال لهم : هذه هي المشهورات»12، وبعد ذلك أيّدكلامه ومذهبه في صحّة التعليق بما ذكره ابن الأنباري إذ يقول : «وهو ـ أي حمّاد ـالذي جمع السبع الطوال ، هكذا ذكره أبو جعفر النحاس ، ولم يثبت ما ذكره الناس منأنّها كانت معلّقة على الكعبة»13 .
وقد استفاد جرجي زيدان من عبارة ابن الأنباري : «ما ذكره الناس» ،فهو أي ابن الأنباري يتعجّب من مخالفة النحاس لما ذكره الناس ، وهم الأكثرية منأنّها علقت في الكعبة .
النافونللتعليق :
ولعلّ أوّلهم والذي يعدُّ المؤسّس لهذا المذهب ـ كما ذكرنا ـ هوأبو جعفر النحّاس ، حيث ذكر أنّ حمّاداً الراوية هو الذي جمع السبع الطوال ، ولميثبت من أنّها كانت معلّقة على الكعبة ، نقل ذلك عنه ابن الأنباري14 . فكانت هذه الفكرة أساساً لنفيالتعليق :
كارل بروكلمان حيث ذكر أنّها من جمع حمّاد ، وقد سمّاها بالسموطوالمعلّقات للدلالة على نفاسة ما اختاره ، ورفض القول : إنّها سمّيت بالمعلّقاتلتعليقها على الكعبة ، لأن هذا التعليل إنّما نشأ من التفسير الظاهر للتسمية وليسسبباً لها ، وهو ما يذهب إليه نولدكه15.
وعلى هذا سار الدكتور شوقي ضيف مضيفاً إليه أنّه لا يوجد لدينادليل مادّي على أنّ الجاهليين اتّخذوا الكتابة وسيلة لحفظ أشعارهم ، فالعربية كانتلغة مسموعة لا مكتوبة . ألا ترى شاعرهم حيث يقول :
ودليله الآخر على نفي التعليق هو أنّ القرآن الكريم ـ على قداسته ـلم يجمع في مصحف واحد إلاّ بعد وفاة الرسول(صلى الله عليه وآله) (طبعاً هذا علىمذهبه) ، وكذلك الحديث الشريف . لم يدوّنإلاّ بعد مرور فترة طويلة من الزمان (لأسباب لا تخفى على من سبر كتب التأريخ وأهمّها نهي الخليفة الثاني عن تدوينه) ومنباب أولى ألاّ تكتب القصائد السبع ولا تعلّق17 .
وممّن ردّ الفكرة ـ فكرة التعليق ـ الشيخ مصطفى صادق الرافعي،وذهب إلى أنّها من الأخبار الموضوعة التي خفي أصلها حتّى وثق بها المتأخّرون18 .
ومنهم الدكتور جواد علي ، فقد رفض فكرة التعليق لاُمورمنها :
1 ـ أنّه حينما أمر النبي بتحطيم الأصنام والأوثان التي في الكعبةوطمس الصور ، لم يذكر وجود معلقة أو جزء معلّقة أو بيت شعر فيها .
2 ـ عدم وجود خبر يشير إلى تعليقها على الكعبة حينما أعادوابناءَها من جديد .
3 ـ لم يشر أحد من أهل الأخبار الّذين ذكروا الحريق الذي أصابمكّة ، والّذي أدّى إلى إعادة بنائها لم يشيروا إلى احتراق المعلّقات في هذاالحريق .
4 ـ عدم وجود من ذكر المعلّقات من حملة الشعر من الصحابة والتابعينولا غيرهم .
ولهذا كلّه لم يستبعد الدكتور جواد علي أن تكون المعلّقات من صنعحمّاد19، هذا عمدة ما ذكره المانعونللتعليق .
بعد استعراضنا لأدلة الفريقين ، اتّضح أنّ عمدة دليل النافين هو ماذكره ابن النحاس حيث ادعى انّ حماداً هو الذي جمع السبع الطوال .
وجواب ذلك أن جمع حماد لها ليس دليلا على عدم وجودها سابقاً،وإلاّ انسحب الكلام على الدواوين التي جمعها أبو عمرو بن العلاء والمفضّل وغيرهما،ولا أحد يقول في دواوينهم ما قيل في المعلقات . ثم إنّ حماداً لم يكن السبّاق الىجمعها فقد عاش في العصر العباسي ، والتاريخ ينقل لنا عن عبد الملك أنَّه عُني بجمعهذه القصائد (المعلقات) وطرح شعراء أربعة منهم وأثبت مكانهم أربعة20 .
وأيضاً قول الفرزدق يدلنا على وجود صحف مكتوبة فيالجاهلية :
كما عدّد الفرزدق في هذه القصيدة اسماء شعراء الجاهلية ، ويفهم من بعضالأبيات أنّه كانت بين يديه مجموعات شعرية لشعراء جاهليين أو نسخ مندواوينهم بدليلقوله :
وبعد ابياتيقول :
كما روي أن النابغة وغيرهمن الشعراء كانوا يكتبون قصائدهم ويرسلونها الى بلاد المناذرة معتذرين عاتبين ، وقددفن النعمان تلك الأشعار في قصره الأبيض ، حتّى كان من أمر المختار بن أبي عبيدواخراجه لها بعد أن قيل له : إنّ تحت القصر كنزاً22 .
كما أن هناك شواهد أخرىتؤيّد أن التعليق على الكعبة وغيرها ـ كالخزائن والسقوف والجدران لأجل محدود أو غيرمحدود ـ كان أمراً مألوفاً عند العرب ، فالتاريخ ينقل لنا أنّ كتاباً كتبه أبو قيسبن عبدمناف بن زهرة في حلف خزاعة لعبد المطّلب ، وعلّق هذا الكتاب على الكعبة23 . كما أنّ ابن هشام يذكر أنّ قريشاً كتبت صحيفةعندما اجتمعت على بني هاشم وبني المطّلب وعلّقوها في جوف الكعبة توكيداً علىأنفسهم24 .
ويؤيّد ذلك أيضاً ما رواهالبغدادي في خزائنه25من قول معاوية : قصيدة عمرو بن كلثوم وقصيدةالحارث بن حِلزه من مفاخر العرب كانتا معلّقتين بالكعبة دهراً26 .
هذا من جملة النقل ، كما أنّه ليسهناك مانع عقلي أو فنّي من أن العرب قد علّقوا أشعاراً هي أنفس ما لديهم ، وأسمى ماوصلت إليه لغتهم; وهي لغة الفصاحة والبلاغة والشعر والأدب ، ولم تصل العربية فيزمان إلى مستوى كما وصلت إليه في عصرهم . ومن جهة اُخرى كان للشاعر المقام الساميعند العرب الجاهليين فهوالناطق الرسمي باسم القبيلة وهو لسانها والمقدّم فيها ، وبهم وبشعرهم تفتخر القبائل ، ووجود شاعر مفلّق في قبيلة يعدُّ مدعاة لعزّها وتميّزها بين القبائل ، ولا تعجب من حمّاد حينما يضمّ قصيدة الحارث بن حلزّة إلى مجموعته ، إذ إنّ حمّاداً كان مولى لقبيلة بكر بن وائل ، وقصيدة الحارث تشيد بمجد بكر سادة حمّاد27 ، وذلك لأنّ حمّاداً يعرف قيمة القصيدة وما يلازمها لرفعة من قيلت فيه بين القبائل .
فإذا كان للشعر تلك القيمة العالية ، وإذا كان للشاعر تلك المنزلة السامية في نفوس العرب ، فما المانع من أن تعلّق قصائد هي عصارة ما قيل في تلك الفترة الذهبية للشعر؟
ثمّ إنّه ذكرنا فيما تقدّم أنّ عدداً لا يستهان به من المؤرّخين والمحقّقين قد اتفقوا على التعليق .
فقبول فكرة التعليق قد يكون مقبولا ، وأنّ المعلّقات لنفاستها قد علّقت على الكعبة بعدما قرئت على لجنة التحكيم السنوية ، التي تتّخذ من عكاظ محلاً لها ، فهناك يأتي الشعراء بما جادت به قريحتهم خلال سنة ، ويقرأونها أمام الملإ ولجنة التحكيم التي عدُّوا منها النابغة الذبياني ليعطوا رأيهم في القصيدة ، فإذا لاقت قبولهم واستحسانهم طارت في الآفاق ، وتناقلتها الألسن ، وعلّقت على جدران الكعبة أقدس مكان عند العرب ، وإن لم يستجيدوها خمل ذكرها ، وخفي بريقها ، حتّى ينساها الناس وكأنّها لم تكن شيئاً مذكوراً .
لو رجعنا إلى القصائد الجاهلية الطوال والمعلّقات منها على الأخصّ رأينا أنّ الشعراء يسيرون فيها على نهج مخصوص; يبدأون عادة بذكر الأطلال ، وقد بدأ عمرو بن كلثوم مثلاً بوصف الخمر ، ثمّ بدأ بذكر الحبيبة ، ثمّ ينتقل أحدهم إلى وصف الراحلة ، ثمّ إلى الطريق التي يسلكها ، بعدئذ يخلص إلى المديح أو الفخر (إذا كان الفخر مقصوداً كما عند عنترة) وقد يعود الشاعر إلى الحبيبة ثمّ إلى الخمر ، وبعدئذ ينتهي بالحماسة (أو الفخر) أو بذكر شيء من الحِكَم (كما عند زهير) أو من الوصف كما عند امرئ القيس .
ويجدر بالملاحظة أنّ في القصيدة الجاهلية أغراضاً متعدّدة; واحد منها مقصود لذاته (كالغزل عند امرئ القيس ، الحماسة عند عنترة ، والمديح عند زهير . .) ،
لقد اُختلف في عدد القصائد التي تعدّ من المعلّقات ، فبعد أن اتّفقوا على خمس منها; هي معلّقات : امرئ القيس ، وزهير ، ولبيد ، وطرفة ، وعمرو بن كلثوم . اختلفوا في البقيّة ، فمنهم من يعدّ بينها معلّقة عنترة والحارث بن حلزة ، ومنهم من يدخل فيها قصيدتي النابغة والأعشى ، ومنهم من جعل فيها قصيدة عبيد بن الأبرص ، فتكون المعلّقات عندئذ عشراً .
بوركت اخي على الموضوع لكن الاستاذ قال لنا هناك 7 معلقات
شكرا
بوركت اخي على الموضوع لكن الاستاذ قال لنا هناك 7 معلقات
شكرا |
نعم صدق كانوا 10واصبحوا سبعة
1) معلقة عمرو بن كلثوم
ألا هبي بصحنك فأصبحينـــــــــــا
مشعشعةً كأن الحص فيهـــــــــا
تجور بذي اللبانة عن هــــــــــــواه
ترى اللحز الشحيح إذا أمــــــــرت
صبنت الكأس عنا أم عمـــــــــــرو
وما شر الثلاثة أم عمــــــــــــــــرو
وكأس قد شربت ببعلــــــــــــــبك
وإنا سوف تدركنا المنايــــــــــــــــا
قفي قبل التفرق يا ظعيـــــــــــنا
قفي نسألك هل أحدثت صرمــــاً
بيوم كريهةٍ ضرباً وطعنـــــــــــــــــاً
وإن غداً وإن اليوم رهــــــــــــــــن
تريك إذا دخلت على خـــــــــــــلاء
ذراعي عيطل أدماء بكــــــــــــــــر
وثدياً مثل حق العاج رخصـــــــــــاً
ومتنى لدنةٍ سمقت وطالـــــــــت
ومأكمةً يضيق الباب عنهـــــــــــــا
وساريتي بلنطٍ أو رخـــــــــــــــــام
فما وجدت كوجدي أم سقـــــــب
ولا شمطاء لا يترك شقاهـــــــــــا
تذكرت الصبا واشتقت لمــــــــــــا
فأعرضت اليمامة واشمخــــــــرت
أبا هند فلا تعجل عليـــــــــــــــــنا
بأنا نورد الرايات بيـــــــــــــــــــــضا
وأيام لنا غر طــــــــــــــــــــــــــوالٍ
وسيد معشر قد توجــــــــــــــــوه
تركنا الخيل عاكفةً علـــــــــــــــيه
وأنزلنا البيوت بذي طلــــــــــــــوحٍ
وقد هرت كلاب الحي منـــــــــــــا
متى ننقل إلى قومٍ رحانـــــــــــــا
يكون ثفالها شرقي نجـــــــــــــــدٍ
نزلتم منزل الضياف منـــــــــــــــــا
قريناكم فعجلنا قراكــــــــــــــــــم
نعم أناسنا ونعف عنهــــــــــــــــم
نطاعن ما تراخى الناس عنـــــــــا
بسمرٍ من قنا الخطي لـــــــــــدنٍ
كأن جماجم الأبطال فيهـــــــــــــا
نشق بها رؤوس القوم شقـــــــــاً
وإن الضغن بعد الضغن يبــــــــــدو
ورثنا المجد قد علمت مـــــــــــعد
ونحن إذا عماد الحي خـــــــــــرت
نجذ رؤوسهم في غير بــــــــــــــر
كأن سيوفنا من ومنهــــــــــــــــم
كأن ثيابنا منا ومنهـــــــــــــــــــــم
إذا ما عي بالأسناف حـــــــــــــي
نصبنا مثل رهوة ذات حــــــــــــــد
بشبان يرون القتل مجــــــــــــــداً
حديا الناس كلهم جميعـــــــــــــاً
فأما يوم خشيتنا عليـــــــــــــــهم
وأما يوم لا نخشى عليــــــــــــهم
برأس من بني جشم بن بكــــــــر
ألا لا يعلم الأقوام أنـــــــــــــــــــــا
ألا لا يجهلن أحدٌ علينـــــــــــــــــا
باي مشيئةٍ عمرو بن هنــــــــــــد
بأي مشيئةٍ عمرو بن هنــــــــــــد
تهددنا وأوعدنا رويــــــــــــــــــــــداً
فإن قناتنا يا عمرو أعيـــــــــــــــت
إذا عض الثقاف بها اشمـــــــــأزت
عشوزنةً إذا انقلبت أرنــــــــــــــت
فهل حدثت في جشم بن بكـــــر
ورثنا مجد علقمة بن سيــــــــــف
ورثت مهلهلاً والخير منـــــــــــــــه
وعتاباً وكلثوماً جميعــــــــــــــــــــاً
وذا البرة الذي حدثت عنــــــــــــه
ومنا قبله الساعي كليـــــــــــــب
متى نعقد قرينتنا بحبــــــــــــــــل
ونوجد نحن أمنعهم ذمــــــــــــــاراً
ونحن غداة أوقد في خـــــــــزازى
ونحن الحابسون بذي أراطــــــــى
ونحن الحاكمون إذا أطعنـــــــــــــا
ونحن التاركون لما سخطنــــــــــا
وكنا الأيمنين إذا التقينــــــــــــــــا
فصالوا صولةً فيمن يليهـــــــــــــم
فآبوا بالنهاب وبالسبايـــــــــــــــــا
إليكم يا بني بكر إليكــــــــــــــــم
الما تعلموا منا ومنكــــــــــــــــــم
علينا البيض واليلب اليمانــــــــي
علينا كل سابغـــــــــــــــــةٍ دلاص
إذا وضعت عن الأبطال يومـــــــــــاً
كأن غصونهن متون غــــــــــــــــدر
وتحملنا غداة الروع جـــــــــــــــرد
وردن دوارعاً وخرجن شعـــــــــــثا
ورثناهن عن آباء صــــــــــــــــــدق
على آثارنا بيض حســــــــــــــــان
أخذن على بعولتهن عهــــــــــــداً
ليستلبن افراساً وبيضـــــــــــــــــاً
ترانا بارزين وكل حــــــــــــــــــــي
إذا ما رحن يمشين الهويـــــــــــنا
يقتن جيادنا ويقلن لســـــــــــــتم
ظعائن من بني جشم بن بكــــــر
وما منع الظعائن مثل ضــــــــــرب
كأنا والسيوف مســــــــــــــــللاتٌ
يدهدون الرؤوس كما تدهـــــــدي
وقد علم القبائل من معـــــــــــــد
بأنا المطعمون إذا قدرنـــــــــــــــــا
وأنا المانعون لما أردنـــــــــــــــــــا
وأنا التاركون إذا سخطنـــــــــــــــا
وأنا العاصمون إذا أطعنــــــــــــــــا
ونشرب إن وردنا الماء صفــــــــــواً
ألا أبلغ بني الطماح عنــــــــــــــــا
إذا ما الملك سام الناس خســفاً
ملأنا البر حتى ضاق عنــــــــــــــا
إذا بلغ الفطام لنا صبــــــــــــــــيٌ
ولا تبقي خمور الأندرينــــــــــــــا
إذا ما الماء خالطها سخينـــــــــا
إذا ما ذاقها حتى يليــــــــــــــــنا
عليه لماله فيها مهيــــــــــــــــنا
وكان الكأس مجراها اليميـــــــنا
بصاحبك الذي لا تصبحيــــــــــــنا
وأخرى في دمشق وقاصريــــــنا
مقدرةً لنا ومقدرينــــــــــــــــــــــا
نخبرك اليقين وتخبرينــــــــــــــــا
لوشك البين أم خنت الأميـــــــنا
أقر به مواليك العيونـــــــــــــــــــا
وبعد غدٍ بما لا تعلمينــــــــــــــــا
وقد أمنت عيون الكاشحيــــــــنا
هجان اللون لم تقرأ جنيــــــــــنا
حصاناً من أكف اللامسيـــــــــــنا
روادفها تنوء بما وليــــــــــــــــــنـا
وكشحاً قد جننت به جنونـــــــــا
يرن خشاش حليهما رنينـــــــــــا
أضلته فرجعت الحنيــــــــــــــــنـا
لها من تسعةٍ إلا جنيـــــــــــــــنا
رأيت حمولها اصلاً حدينـــــــــــــا
كاسياف بأيدي مصلتيــــــــــــــنا
وأنظرنا نخبرك اليقــــــــــــــــــينا
ونصدرهن حمراً قد روينـــــــــــــا
عصينا الملك فيها أن نديــــــــــنا
بتاج الملك يحمي المحجرينــــــا
مقلدةً أعنتها صفونــــــــــــــــــــا
ألى الشامات تنفي الموعديــــنا
وشذبنا قتادة من يليــــــــــــــــنا
يكونوا في اللقاء لها طحيـــــــــنا
ولهوتها قضاعة أجمعيــــــــــــــنا
فأعجلنا القرى أن تشتمونـــــــــا
قبيل الصبح مرداةً طحونــــــــــــا
ونحمل عنهم ما حملونــــــــــــــا
ونضرب بالسيوف إذا غشينــــــــا
ذوابل أو ببيض يختليــــــــــــــــنا
وسوق بالأماعز يرتميـــــــــــــــنا
ونختلب الرقاب فتختليـــــــــــــنا
عليك ويخرج الداء الدفيــــــــــــنا
نطاعن دونه حتى يبيــــــــــــــــنا
عن الأحفاض نمنع من يليــــــــنا
فما يدرون ماذا يتقــــــــــــــــــونا
مخاريق بايدي لاعبيـــــــــــــــــنا
خضبن بأرجوان أو طليــــــــــــــنا
من الهول المشبه أن يكــــــــونا
محافظةً وكنا السابقيـــــــــــــــنا
وشيب في الحروب مجربيـــــــنا
مقارعةً بنيهم عن بنيـــــــــــــــنا
فتصبح خيلنا عصباً ثبيــــــــــــــنا
فنمعن غارةً متلببيـــــــــــــــــــنا
ندق به السهولة والحزونـــــــــــا
تضعضعنا وأنا قد ونيــــــــــــــــــنا
فنجهل فوق جهل الجاهليــــــنا
نكون لقيلكم فيها قطيـــــــــــــنا
تطيع بنا الوشاة وتزدريـــــــــــــنا
متى كنا لأمك مقتويــــــــــــــــنا
على الأعداء قبلك أن تليـــــــــنا
وولته عشوزنة زبونـــــــــــــــــــــا
تشج قفا المثقف والجبيـــــــــنا
بنقص في خطوب الأوليـــــــــــنا
أباح لنا حصون المجد دينـــــــــــا
زهيراً نعم ذخر الذاخريـــــــــــــنا
بهم نلنا تراث الأكرميـــــــــــــــنا
به نحمي ونحمي المحجرينــــــا
فأي المجد إلا قد ولينـــــــــــــــا
تجذ الحبل أو تقص القرينـــــــــــا
وأوفاهم إذا عقدوا يميــــــــــــــنا
رفدنا فوق رفد الرافديـــــــــــــــنا
تسف الجلة الخور الدريــــــــــــنا
ونحن العازمون إذا عصيــــــــــــنا
ونحن الآخذون بما رضيــــــــــــنا
وكان الأيسرين بنو أبيـــــــــــــــنا
وصلنا صولة فيمن يليـــــــــــــــنا
وأبنا بالملوك مصفديـــــــــــــــــنا
الما تعرفوا من اليقيـــــــــــــــــنا
كتائب يطعن ويرتميــــــــــــــــــنا
واسياف يقمن وينحنيــــــــــــــنا
ترى فوق النطاق لها غصونــــــــاً
رأيت لها جلود القوم جونــــــــــــا
تصفقها الرياح إذا جريـــــــــــــــنا
عرفن لنا نقائذ وافتليــــــــــــــــنا
كأمثال الرصائع قد بليـــــــــــــــنا
ونورثها إذا متنا بنيــــــــــــــــــــنا
نحاذر أن تقسم أو تهونــــــــــــــا
إذا لا قوا كتائب معلميــــــــــــــنا
وأسرى في الحديد مقرنينــــــــا
قد اتخذوا مخافتنا قرينــــــــــــــاً
كما اضطربت متون الشاربيــــــنا
بعولتنا إذا لم تمنعونــــــــــــــــــا
خلطن بميسم حسباً ودينــــــــا
ترى منه السواعد كالقليــــــــــنا
ولدنا الناس طراً أجمعيــــــــــــنا
حزاورة كرات لاعبينــــــــــــــــــــا
قباباً لي بأبطحها بنيـــــــــــــــــنا
وأنا المهلكون إذا ابتليــــــــــــــنا
وأنا النازلون بحيث شيـــــــــــــنا
وأنا الآخذون إذا رضيـــــــــــــــــنا
وأنا العازمون إذا عصيــــــــــــــــنا
ويشرب غيرنا كدراً وطيــــــــــــنا
ودعميا فكيف وجدتمونــــــــــــــا
أبينا أن نقر الذل فيــــــــــــــــــنا
وماء البحر نملؤه سفيــــــــــــــنا
تخر له الجبابر ساجديـــــــــــينا
2) معلقة عنترة بن شداد
هل غادر الشعراء من متردم
يا دار عبلة بالجواء تكلمي
فوقفت فيها ناقتي وكأنها
وتحل عبلة بالجواء وأهلنا
حييت من طلل تقادم عهده
حلت بأرض الزائرين فاصبحت
علقتها عرضاً وأقتل قومها
ولقد نزلت فلا تظني غيره
كيف المزار وقد تربع أهلها
إن كنت أزمعت الفراق فإنما
ما راعني إلا حمولة أهلها
فيها اثنتان وأربعون حلوبةً
إذ تستبيك بذي غروب واضـح
وكأن فارة تاجر بقسمية
أو روضة أنفاً تضمن نبتـها
جادت عليه كل بكرٍ حرةٍ
سحا وتسكابا فكل عشية
وخلا الذباب بها فليس ببارح
هزجاً يحك ذراعه بذراعه
تمسى وتصبح فوق ظهر حشية
وحشيتي سرج على عبل الـشوى
هل تبلغني دراها شدنيه
خطارة غب السرى زيافه
وكأنما تطس الأكام عشية
تأوي له قلص النعام كما أوت
يتبعن قلة رأسه وكأنه
صعل يعود بذي العشيرة بيضه
شربت بماء الدحرضين فاصبحت
وكأنما تنأى بجانب دفها الوحشي
هر جنيب كلما عطفت له
بركت على جنب الرداع كأنما
وكأن ربا او كحيلاً معقداً
ينباع من ذفرى غضوب جسره
إن تغدفي دوني القناع فإنني
أثني علي بما علمت فإنني
وإذا ظلمت فإن ظلمي باسل
ولقد شرب من المدامة بعدما
بزجاجة صفراء ذات أسرةٍ
فإذا شربت فإنني مستهلك
وإذا صحوت فما اقصر عن ندى
وحليل غانية تركت مجدلاً
سبقت يداي له بعاجل طعنه
هلا سألت الخيل يا ابنة مالك
إذ لا أزال على رحالة سابح
طوراً يجرد للطعان وتارةً
يخبرك من شهد الوقيعة أنني
ومدجج كره الكماة نزاله
جادت له كفي بعاجل طعنةٍ
فشككت بالرمح الأصم ثيابه
فتركته جزر السباع ينشنه
ومشك سابغةٍ هتكت فروجها
ربذ يداه بالقداح إذا شتا
لما رآني قد نزلت أريده
عهدي به مد النهار كأنما
فطعنته بالرمح ثم علوته
بطل كأن ثيابه في سرحةٍ
يا شاة ما قنص لمن حلت له
فبعثت جاريتي فقلت لها اذهبي
قالت رأيت من الأعادي غرةً
وكأنما التفتت بجيد جدايةٍ
نبئت عمراً غير شاكر نعمتي
ولقد حفظت وصاة عمي بالضحى
في حومة الحرب التى لا تشتكي
إذ يتقون بي الأسنة لم أخم
لما رايت القوم أقبل جمعهم
يدعون عنتر والرماح كأنها
مازلت أرميهم بثغرة نحره
فازور من وقع القنا بلبانه
ولو كان يدري ما المحاورة اشتكى
ولقد شفى نفسي وأذهب سقمها
والخيل تقتحم الخبار عوابساً
ذلل ركابي حيث شئت مشايعي
ولقد خشيت بأن أموت ولم تكن
الشاتمي عرضي ولم أشتمهما
إن يفعلا فلقد تركت أباهما
أم هل عرفت الدار بعد توهم
وعمي صباحاً دار عبلة واسلمي
فدن لأقضي حاجة المتلوم
بالحزن فالصمان فالمتثلم
أقوى وأقفز بعد أم الهيثم
عسراً على طلابك ابنة مخرم
زعما لعمر أبيك ليس بمزعم
مني بمنزلة المحب المكرم
بعنيزتين وأهلنا بالغيلم
زمت ركابكم بليل مظلم
وسط الديار تسف حب الخمخم
سوداً كخافية الغراب الأسحم
عذب مقبلهُ لذيذ المطعم
سبقت عوارضها عليك من الفم
غيث قليل الدمن ليس بمعلم
فتركن كل قرارة كالدرهم
يجري عليها الماء لم يتصرم
غرداً كفعل الشارب المترنم
قدح المكب على الزناد الأجذم
وأبيت فوق سراة أدهم ملجم
نهد مراكله نبيل المحزم
لعنت بمحروم الشراب مصرم
تطس الأكام بوخد خف ميثم
بقريب بين المنسمين مصلم
حزق يمانية لأعجم طمطم
حدج على نعش لهن مخيم
كالعبد ذي الفرو الطويل الاصلم
زوراء تنفر عن حياض الديلم
من هزج العشي مؤوم
غضبي اتقاها باليدين وبالفم
بركت على قصب أجش مهضم
حش الوقود به جوانب قمقم
زيافة مثل الفنيق المكدم
طب بأخذ الفارس المستلئم
سمح مخالقتي إذا لم أظلم
مر مذاقته كطعم العلقم
ركد الهواجر بالمشوف المعلم
قرنت بأزهر في الشمال مفدم
مالي وعرضي وافر لم يكلم
وكما علمت شمائلي وتكرمي
تمكو فريصته كشدق الأعلم
ورشاش نافذة كلون العندم
إن كنت جاهلة بما لم تعلمي
نهد تعاوره الكماة مكلم
ياوي الى حصد القسي عرمرم
أغشى الوغي وأعف عند المغنم
لا ممعن هرباً ولا مستسلم
بمثقف صدق الكعوب مقوم
ليس الكرمي على القنا بمحرم
يقضمن حسن بنانه والمعصم
بالسيف عن حامي الحقيقة معلم
هتاك غايات التجار ملوم
أبدى نواجذه لغير تبسم
خضب البنان ورأسه بالعظلم
بمهند صافي الحديدة مخذم
يحذي نعال السبت ليس بتوأم
حرمت علي وليتها لم تحرم
فتجسسي أخبارها لي واعلمي
والشاة ممكنةٌ لمن هو مرتم
رشإ من الغزلان حر أرثم
والكفر مخبثةٌ لنفس المنعم
إذ تقلص الشفتان عن وضح الفم
غمراتها الأبطال غير تغمغم
عنها ولكني تضايق مقدمي
يتذامرون كررت غير مذمم
أشطان بئر في لبان الأدهم
ولبانه حتى تسربل بالدم
وشكى إلى بعبرةٍ وتحمحم
ولكان لو علم الكلام مكلمي
قيل الفوارس ويك عنتر أقدم
من بين شيظمةٍ واجرب شيظم
قلبي وأحفزه بأمر مبرم
للحرب دائرةٌ على ابني ضمضم
والناذرين إذا لم القهما دمي
جزر السباع وكل نسر قشعم
لخولة أطلال ببرقة ثهمد
وقوفاً بها صحبي على مطيهم
كأن حدوج المالكية غدوة
عدولية أو من سفين ابن يامن
يشق حباب الماء حيزومها بها
وفي الحي أحوى ينفض المرد شادن
خذول تُراعي ربرباً بخميلةٍ
وتبسم عن ألمي كأن منوراً
سقته إياة الشمس إلا لثاته
ووجه كأن الشمس حلت رداءها
وإني لأمضي الهم عند احتضاره
أمون كألواح الأران نصأتها
جماليةٍ وجناء تردي كأنها
تباري عتاقاً ناجيات وأتبعت
تربعت القفين في الشول ترتعي
تريع إلى صوت المهيب وتتقي
كأن جناحي مضرحي تكنفا
فطوراً به خلف الزميل وتارةً
لها فخذان أكمل النحض فيهما
وطي محال كالحني خلوفه
كأن كناسي ضالةٍ يكنفانها
لها مرفقان أفتلان كأنها
كقنطرة الرومي أقسم ربها
صهابية العثنون موجدة القرى
أمرت يداها فتل شزر وأجنحت
جنوح دفاق عندل ثمر أفرعت
كأن علوب النسع في دأباتها
تلاقي وأحياناً تبين كأنها
وأتلع نهاض إذا صعدت به
وجمجمة مثل العلاة كأنما
وحد كقرطاس الشامي ومشفر
وعينان كالماويتين آستكنتا
طحوران غوار القذي فتراهما
وصادقتا سمع التوجس للسرى
مؤللتان تعرف العتق فيها
وأروع نباض أحذ ململم
وأعلم مخروت من الأنف مارن
وإن شئت لم ترقل وإن شئت أرقلت
وإن شئت سامى واسط الكور رأسها
على مثلها أمضى إذا قال صاحبي
وجاشت إليه النفس خوفاً وخالة
إذا القوم قالوا من فتى خلت أنني
أحلت عليها بالقطيع فأجذمت
فذالت كما ذالت وليدة مجلس
ولست بحلال التلاع مخافةً
فإن تبغني في حلقة القوم تلقني
وإن يلتق الحي الجميع تلاقني
نداماي بيض كالنجوم وقينة
رحيب قطان الجيب منها رقيقة
إذا نحن قلنا أمسعينا آنبرت لنا
إذا رجعت في صوتها خلت صوتها
وما زال تشرابي الخمور ولذتي
إلى أن تحامتنى العشيرة كلها
رأيت بني غبراء لا ينكرونني
ألا أيهذا اللائمي أحضر الوغى
فإن كنت لا تستطيع دفع منيتي
ولولا ثلاث هن من عيشة الفتى
فمنهن سبق العاذلات بشربه
وكري إذا نادى المضاف محنباً
وتقصير يوم الدجن والدجن معجب
كأن البرين والدمالج علقت
كريم يروي نفسه في حياته
أرى قبر نحام بخيل بماله
ترى حثوتين من تراب عليهما
أرى الموت يعتام الكرام ويصطفي
أرى العيش كنزاً ناقصاً كل ليلةٍ
لعمرك إن الموت ما أخطأ الفتى
يلوم وما أدري علام يلومني
فما لي أراني وابن عمي مالكاً
وأيأسني من كل خيرٍ طلبته
على غير ذنب قلته غير أنني
وقربت بالقربى وجدك إنني
وإن أدع للجلي أكن من حماتها
وإن يقذفوا بالقذع عرضك أسقهم
بلا حدث أحدثته وكمحدث
فلولا كان مولاي امرأ هو غيره
ولكن مولاي آمرؤ هو خانقي
وظلم ذوي القربى أشد مضاضة
فذرني وخلقي إنني لك شاكر
فلو شاء ربي كنت قيس بن خالد
فأصبحت ذا مالٍ كثير وزارني
أنا الرجل الضرب الذي تعرفونه
فآليت لا ينفك كشحي بطانة
حسام إذا ما قمت منتصراً به
أخي ثقة لا ينثني عن ضريبةٍ
إذا ابتدر القوم السلاح وجدتني
وبرك هجود قد أثارت مخافتي
فمرت كهاة ذات خيف جلالة
يقول وقد تر الوظيف وساقها
وقال ألا ماذا ترون بشارب
وقال ذروه إنما نفعها له
فظل الإماء يمتللن حوارها
فإن مت فانعيني بما أنا أهله
ولا تجعليني كامريء ليس همه
بطيء عن الجلى سريع إلى الخنا
فلو كنت وغلاً في الرجال لضرني
ولكن نفى عنى الرجال جراءتي
لعمرك ما أمري على بغمةٍ
ويوم حبست النفس عند عراكه
على موطن يخشى الفتى عنده الردى
وأصفر مضبوح نظرت حواره
ستبد لك الأيام ماكنت جاهلاً
ويأتيك بالأخبار من لم تبع له
تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد
يقولون لا تهلك أسى وتجلد
خلايا سفين بالنواصف من دد
يجور بها الملاح طوراً ويهتدي
كما قسم الترب المفايل باليد
مظاهر سمطي لؤلؤ وزبرجد
تناول أطراف البرير وترتدي
تخلل حر الرمل دعص له ندي
أسف ولم تكدم عليه بإثمد
عليه نقي اللون لم يتخدد
بعوجاء مرقال تروح وتغتدي
على لا حب كأنه ظهر برجد
سفنجة تبري لأزعر أربد
وظيفاً وظيفاً فوق مور معبد
حدائق مولي الأسرة أغيد
بذي خصل روعات أكلف ملبد
حفافية شكا في العسيب بمسرد
على حشف كالشن ذاوٍ مجدد
كأنهما باب منيف ممرد
وأجرنة لزت بدأي منضد
وأطر قسي تحت صلب مويد
تمر بسلمي دالج متشدد
لتكتنفن حتى تشاد بقرمد
بعيدة وخد الرجل موارة اليد
لها عضداها في سقيف مسند
لها كتفاها في معالي مصعد
موارد من خلقاء في ظهر قردد
بنائق غر في قميص مقدد
كسكان بوصي بدجلة تصعد
وعي الملتقي منها الى حرف مبرد
كسبت اليماني قده لم يجرد
بكهفي حجاجي صخرة قلت مورد
كمكحولتي مذعورة أم فرقد
لهجس خفي أو لصوت مندد
كسامعتي شاة بحومل مفرد
كمرداة صخر في صفيح مصمد
عتيق متى ترجم به الأرض تزدد
مخافة ملوي من القد محصد
وعامت بضبعيها نجاء الخفيدد
ألا ليتني أفديك منها وأفتدي
مصاباً ولول أمسى على غير مرصد
عنيت فلم أكسل ولم أتبلد
وقد خب آل الامعز المتوقد
تري ربها أذيال سحل ممدد
ولكن متى يسترفد القوم أرفد
وإن تقتنصني في الحوانيت تصطد
إلى ذروة البيت الرفيع المصمد
تروح علينا بين بردٍ ومجسد
بحبس الندامى بضة المتجرد
على رسلها مطروقة لم تشدد
تجاوب أظار على ربع ردي
وبيعي وإنفاقي طريفي ومتلدي
وأفردت إفراد البعير المعبد
ولا أهل هذاك الطراف الممدد
وأن أشهد اللذات هل أنت مخلدي
فدعني أبادرها بما ملكت يدي
وجدك لم أحفل متى قام عودي
كميت متى ما تعل بالماء تزبد
كسيد الغضا نبهته المتورد
ببهكنةٍ تحت الطراف المعمد
على عشر أو خروع لم يخضد
ستعلم إن متنا غدا أينا الصدى
كقبر غوي في البطالة مفسد
صافئح صم من صفيح منضد
عقيلة مال الفاحش المتشدد
وما تنقص الأيام والدهر ينفد
لكالطول المرخي وثنياه باليد
كما لامني في الحي قرط بن معبد
متى أدن منه ينأ عني ويبعد
كأنا وضعناه على رمس ملحد
نشدت فلم أغفل حمولة معبد
متى يك أمر للنكيثة أشهد
وإن يأتك الأعداءُ بالجهد أجهد
بكأس حياض الموت قبل التهدد
هجائي وقذفي بالشكاة ومطردي
لفرج كربي أو لأنظرني غدي
على الشكر والتسآل أو أنا مفتدي
على المرء من وقع الحسام المهند
ولو حل بيني نائباً عند ضرغد
ولو شاء ربي كنت عمرو بن مرثد
بنون كرام سادة لمسود
خشاش كرأس الحية المتوقد
لعضب رقيق الشفرتين مهند
كفى العود منه البدء اليس بمعضد
إذا قيل مهلاً قال حاجزه قدي
منيعاً إذا بلت بقائمه يدي
بواديها أمشي بعصبٍ مجرد
عقيلة شيخ كالوبيل يلندد
ألست ترى أن قد أتيت بمؤبد
شديد علينا بغية متعمد
وإلا تكفوا قاصي البرك يردد
ويسعى علينا بالسديف المسرهد
وشقي على الجيب يا ابنة معبد
كهمي ولا يغني غنائي ومشهدي
ذلول بأجماع الرجال ملهد
عدواة ذي الأصحاب والمتوحد
عليهم وإقدامي وصدقي ومحتدي
نهاري ولا ليلي على بسرمد
حفاظاً على عوراته والتهدد
متى تعترك فيه الفرائض ترعد
على النار واستودعته كف مجمد
ويأتيك بالأخبار من لم تزود
بتاتاً ولم تضرب له وقت موعد
4) زهير بن أبى سلمى
أمن أم أوفى دمنة لم تكلم
ودار لها بالرقمتين كأنها
بها العين والآرام يمشين خلفة
وقفت بها من بعد عشرين حجةً
أثافي سفعاً في معرس مرجل
فلما عرفت الدار قلت لربعها
تبصر خليلي هل ترى من ظعائن
جعلن القنان عن يمين وحزنه
علون بأنماط عتاق وكلةٍ
ووركن في السوبان يعلون متنهُ
بكرن بكوراً واستحرن بسحرة
وفيهن ملهى للطيف ومنظر
كأن فتات العهن في كل منزل
فلما وردن الماء زرقاً جمامه
ظهرن من السوبان ثم جزعنه
فأقسمت بالبيت الذي طاف حوله
يميناً لنعم السيدان وجدتما
تداركتما عبساً وذبيان بعد ما
وقد قلتما إن ندرك السلم واسعاً
فأصبحتما منها على خير مواطن
عظيمين في عليا معد هديتما
تعفى الكلوم بالمئين فأصبحت
ينجمها قوم لقوم غرامةً
فأصبح يجري فيهم من تلادكم
ألا أبلغ الأحلاف عني رسالة
فلا تكتمن الله ما في نفوسكم
يؤخر فيوضع في كتاب فيدخر
وما الحرب إلا ما علمتم وذقتم
متى تبعثوها تبعثوها ذميمة
فتعرككم عرك الرحى بثفالها
فتنتج لكم غلمان أشأم كلهم
فتغلل لكم ما لا تغل لأهلها
لعمري لنعم الحي جر عليهم
وكان طوى كشحاً على مستكنةٍ
وقال سأقضي حاجتي ثم أتقي
فشد فلم يفزع بيوتاً كثيرة
لدي أسدٍ شاكي السلاح مقذف
جريءٍ متى يظلم يعاقب بظلمه
رعوا ظمأهم حتى إذا تم أوردوا
فقضوا منايا بينهم ثم أصدروا
لعمرك ما جرت عليهم رماحهم
ولا شاركت في الموت في دم نوفل
فكلا أراهم اصبحوا يعقلونه
لحي حلال يعصم الناس أمرهم
كرام فلا ذو الضعف يدرك تبله
سئمت تكاليف الحياة ومن يعش
وأعلم ما في اليوم والأمس قبله
رأيت المنايا خبط عشواء من تصب
ومن لم يصانع في أمورٍ كثيرةٍ
ومن يجعل المعروف من دون عرضه
ومن يك ذا فضل فيبخل بفضله
ومن يوف لا يذمم ومن يهد قلبه
ومن هاب أسباب المنايا ينلنه
ومن يجعل المعروف في غير أهله
ومن يعص أطراف الزجاج فإنه
ومن لم يذد عن حوضه بسلاحه
ومن يغترب يحسب عدواً صديقه
ومهما تكن عند امرءٍ من خليقة
وكائن ترى من صامت لك معجب
لسان الفتى نصف ونصف فؤاده
وإن سفاه الشيخ لا حلم بعده
سألنا فأعطيتم وعدنا فعدتم
بحومانة الدراج فالمتثلم
مراجيع وشم في نواشر معصم
وأطلاؤها ينهضن من كل مجثم
فلأيا عرفت الدار بعد توهم
ونؤيا كجذم الحوض لم يتثلم
ألا نعم صباحاً أيها الربع واسلم
تحملن بالعلياء من فوق جرثم
وكم بالقنان من محل ومحرم
ورادٍ حواشيها مشاكهة الدم
عليهن دل الناعم المتنعم
فهن ووادي الرس كاليد للفم
أنيق لعين الناظر المتوسم
نزلن به حب الفنا لم يحطم
وضعن عصي الحاضر المتخيم
على كل قيني قشيب ومفأم
رجال بنوه من قريش وجرهم
على كل حال من سحيل ومبرم
تفانوا ودقوا بينهم عطر منشم
بمال ومعروف من القول نسلم
بعيدين فيها من عقوق ومأثم
ومن يستبح كنزاً من المجد يعظم
ينجمها من ليس فيها بمجرم
ولم يهريقوا بينهم ملء محجم
مغانم شتى من إفال مزنم
وذبيان هل أقسمتم كل مقسم
ليخفى ومهما يكتم الله يعلم
ليوم الحساب أو يعجل فينقم
وما هو عنها بالحديث المرجم
وتضرى إذا ضريتموها فتضرم
وتلقح كشافاً ثم تنتج فتتئم
كأحمر عادٍ ثم ترضع فتفطم
قرى بالعراق من قفيز ودرهم
بما لا يؤاتيهم حصين بن ضمضم
فلا هو أبداها ولم يتقدم
عدوي بألف من ورائي ملجم
لدى حيث ألقت رحلها أم قشعم
له لبد أظفاره لم تقلم
سريعاً وإلا يبد بالظلم يظلم
غماراً تفرى بالسلاح وبالدم
إلى كلإ مستوبل متوخم
دم ابن نهيك أو قتيل المثلم
ولا وهب منها ولا ابن المخزم
صحيحات مال طالعات لمخرم
إذا طرقت إحدى الليالي بمعظم
ولا الجارم الجاني عليهم بمسلم
ثمانين حولاً لا أبالك يسأم
ولكنني عن علم ما في غد عم
تمته ومن تخطيء يعمر فيهرم
يضرس بأنياب ويوطأ بمنسم
يفره ومن لا يتق الشتم يشتم
على قومه يستغن عنه ويذمم
إلى مطمئن البر لا يتجمجم
وإن يرق أسباب السماء بسلم
يكن حمده ذماً عليه ويندم
يطيع العوالي ركبت كل لهذم
يهدم ومن لا يظلم الناس يظلم
ومن لا يكرم نفسه لا يكرم
وإن خالها تخفى على الناس تعلم
زيادته أو نقصه في التكلم
فلم يبق إلا صورة اللحم والدم
وإن الفتى بعد السفاهة يحلم
ومن أكثر التسآل يوماً سيحرم
5) لبيد بن ربيعة
عفت الديار محلها فمقامها
فمدافع الريان عري رسمها
دمن تجرم بعد بين أنيسها
رزقت مرابيع النجوم وصابها
من كل ساريةٍ وغادٍ مدجن
فلا فروع الأيهقان وأطفلت
والعين ساكنة على أطلائها
وجلا السيول عن الطلول كأنها
أو رجع واشمة أسف نؤورها
فوقفت أسألها وكيف سؤالنا
عريا وكان بها الجميع فأبكروا
شاقتك ظعن الحي حين تحملوا
من كل محفوف يظل عصيه
زجلاً كأن نعاج توضح فوقها
حفزت وزايلها السراب كأنها
بل ما تذكر من نوار وقد نأت
مرية حلت يفيد وجاورت
بمشارق الجبلين أو بمحجر
فصوائق إن أيمنت فمظنة
فاقطع لبانة من تعرض وصله
واحب المجامل بالجزيل وصرمه
بطليح أسفارٍ تركن بقية
وإذا تغالى لحمها وتحسرت
فلها هباب في الزمام كأنها
أو ملمع وسقت لأحقب لاحه
يعلو بها حدب الأكام مسحج
بأحرزة الثلبوت يربأ فوقها
حتى إذا سلخا جمادى ستة
رجعا بأمرهما إلى ذي مرةٍ
ورمى دوابرها السفا وتهيجت
فتنازعا سبطاً يطير ظلاله
مشمولة غلثت بنابت عرفج
فمضى وقدمها وكانت عادة
فتوسطا عرض السري وصدعا
محفوفة وسط اليراع يُظلها
أفتلك أم وحشيةٌ مسبوعةٌ
خنساء ضيعت الفرير فلم يرم
لمعفر قهدٍ تنازع شلوه
صادفن منها غرةً فأصبنها
باتت وأسيل واكف من ديمةٍ
يعلو طريقة متنها متواتر
تجتاف أصلاً قالصاً متنبداً
وتضيء في وجه الظلام منيرةً
حتى إذا انحسر الظلام وأسفرت
علت تردد في نهاء صعائد
حتى إذا يئست وأسحق حالق
وتوجست رز الأنيس فراعها
فغدت كلا الفرجين تحسب أنه
حتى إذا يئس الرماة وأرسلوا
فلحقن واعتكرت لها مدرية
لتذودهن وأيقنت إن لم تذد
فتقصدت منها كساب فضرجت
فبتلك إذا رقص اللوامع بالضحى
أقضي اللبانة لا أفرط ريبةً
أو لم تكن تدري نوار بأنني
تراك أمكنة إذا لم أرضها
بل أنت لا تدرين كم من ليلة
قد بت سامرها وغاية تاجر
أغلي السباء بكل أدكن عاتق
وصبوح صافية وجذب كرينةٍ
بادرت حاجتها الدجاج بسحرةٍ
وغداة ريح قد وزعت وقرةٍ
ولقد حميت الحي تحمل شكتي
فعلوت مرتقباً على ذي هبوة
حتى إذا ألقت يداً في كافر
أسهلت وانتصبت كجذع منيفةٍ
رفعتها طرد النعام وشلةٌ
قلقت رحالتها وأسبل نحرها
ترقى وتطعن في العنان وتنتحي
وكثيرةٍ غرباؤها مجهولةٍ
غلب تشذر بالذحول كأنها
أنكرت باطلها وبؤت بحقها
وجزور أيسار دعوت لحتفها
أدعو بهن لعاقر أو مطفل
فالضيف والجار الجنيب كأنما
تأوي إلى الأطناب كل رذيةٍ
ويكللون إذا الرياح تناوحت
إنا إذا التقت المجامع لم يزل
ومقسم يعطي العشيرة حقها
فضلاً وذو كرم يعين على الندى
من معشر سنت لهم آباؤهم
لا يطبعون ولا يبور فعالهم
فاقنع بما قسم المليك فإنما
وإذا الأمانة قسمت في معشر
فبنى لنا بيتاً رفيعاً سمكه
وهم السعادة إذا العشيرة أفظعت
وهم ربيع للمجاور فيهم
وهم العشيرة أن يبطيء حاسدٌ
منى تأبد غولها فرجامها
خلفاً كما ضمن الوحي سلامها
حجج خلون خلالها وحرامها
ودق الرواعد جودها فرهامها
وعشيةٍ متجاوب أرزامها
بالجهلتين ظباؤها ونعامها
عوذاً تأجل بالفضاء بهامها
زبر تجد متونها أقلامها
كففاً تعرض فوقها وشامها
صماً خوالد ما يبين كلامها
منها وغودر نؤيها وثمامها
فتكنسوا قطناً تصر خيامها
زوج عليه كلةٌ وقرامها
وظباء وجرة عطفاً أرءامها
أجزاع بيشة أثلها ورضامها
وتقطعت أسبابها ورمامها
أهل الحجاز فأين منك مرامها
فتضمنتها فردة فرحامها
فيها رحاف القهر أو طلخامها
ولشر واصل خلة صرامها
باق إذا ظلعت وزاغ قوامها
منها فأحنق صلبها وسنامها
وتقطعت بعد الكلال خدامها
صهباء خف مع الجنوب جهامها
طرد الفحول وضربها وكدامها
قد رابه عصيانها ووحامها
قفر المراقب خوفها آرامها
جزءاً فطال صيامه وصيامها
حصد ونجح صريمةٍ إبرامها
ريح المصايف سومها وسهامها
كدخان مشعلةٍ يشب ضرامها
كدخان نارٍ ساطع أسنامها
منه إذا هي عردت إقدامها
مسجورةً متجاوراً قلامُها
منه مصرع غابةٍ وقيامها
خذلت وهادية الصوار قوامها
عرض الشقائق طوفها وبغامها
غبس كواسب لا يمن طعامها
إن المنايا لا تطيش سهامها
يروي الخمائل دائماً تسجامها
في ليلة كفر النجوم غمامها
بعجوب أنقاء يميل هيامها
كجمانة البحري سل نظامها
بكرت تزل عن الثرى أزلامها
سبعاً تؤاماً كاملاً أيامها
لم يبله إرضاعها وفطامها
عن ظهر غيب والأنيس سقامها
مولى المخافة خلفها وأمامها
عصفاً دواجن قافلاً أعصامها
كالسمهرية حدها وتمامها
أن قد أحم من الحتوف حمامها
بدمٍ وغودر في المكر سخامها
واجتاب أردية السراب إكمامها
أو أن يلوم بحاجة لوامها
وصال عقد حبائل جذامها
أو يعتلق بعض النفوس حمامها
طلق لذيذ لهوها وندامها
وافيت إذ رفعت وعز مدامها
أو جونة قدحت وفض ختامها
بموتر تأتاله إبهامها
لأعل منها حين هب نيامها
قد اصبحت بيد الشمال زمامها
فروط وشاحي اذ غدوت لجامها
حرج الى أعلامهن قتامها
وأجن عورات الثغور ظلامها
جرداء يحصر دونها جرامها
حتى إذا سخنت خف عظامها
وابتل من زبد الحميم حزامها
ورد الامامة إذ أجد حمامها
ترجى نوافلها ويخشى ذامها
جن البدي رواسياً أقدامها
عندي ولم يفخر على كرامها
بمغالق متشابه أجسامها
بذلت لجيران الجميع لحامها
هبطاً تبالة مخصباً أهضامها
مثل البلية قالص أهدامها
خلجاً تمد شوارعاً أيتامها
منا لزاز عظيمةٍ جشامها
ومغذمر لحقوقها هضامها
سمح كسوب رغائب غنامها
ولكل قوم سنةٌ وإمامها
إذ لا يميل مع الهوى أحلامها
قسم الخلائق بيننا علامها
أوفى بأوفر حظنا قسامها
فسما غليه كهلها وغلامها
وهم فوارسها وهم حكامها
والمرملات إذا تطاول عامها
أو أن يميل مع العدو لئامها
6)الحارث بن حلزة
آذنتنا ببينها أسماء
بعد عهد لنا ببرقة شماء
فالمحياة فالصفاح فأعناق
فرياض القطا فأودية الشربب
لا أرى من عهدت فيها فأبكي
وبعينيك أوقدت هند النار
فتنورت نارها من بعيد
أوقدتها بين العقيق فشخصين
غير أني قد أستعين علىالهم
بزفوف كأنها هقلة
آنست نبأةً وأفزعها القناص
فترى خلفها من الرجع والوقع
وطراقاً من خلفهن طراق
أتلهى بها الهواجر إذ كل
وأتانا من الحوادث والأنباء
إن إخواننا الأراقم يغلون
يخلطون البريء منا بدي الذنب
زعموا أن كل من ضرب العير
أجمعوا أمرهم بليل فلما
من منادٍ ومن مجيب ومن تصـهال
أيها الناطق المرقش عنا
لا تخلنا على غراتك إنا
فبقينا على الشناءة تنمينا
قبل ما اليوم بيضت بعيون
فكأن المنون تردي بنا أرعن
مكفهراً على الحوادث لا ترتـوه
إرمي بمثله جالت الخيل
ملك مقسط وأفضل من يمشي
أيما خطةٍ أردتم فأدوها
إن نبشتم ما بين ملحة فالصاقب
أو نقشتم فالنقش يجشمه الناس
أو سكتم عنا فكنا كمن أغمض
أو منعتم ما تسألون فمن حد
هل علمتم أيام ينتهب الناس
إذا رفعنا الجمال من سعف البحرين
ثم ملنا على تميم فأحرمنا
لا يقيم العزيز بالبلد السهـل
ليس ينجي الذي يوائل منا
ملك أضرع البرية لا يوجد
كتكاليف قومنا إذا غزا المنذر
ما أصابو من تغلبي فمطلول
إذا أحل العلياء قبة ميسون
فتأوت له قراضبةُ من
فهداهم بالأسودين وأمر الله
إذ تمنونهم غروراً فساقتـهم
لم يغروكم غروراً ولكن
أيها الناطق المبلغ عنا
من لنا عنده من الخير آيات
آية شارق الشقيقة إذا جاءت
حول قيس مستلئمين بكبش
وصتيت من العواتك لا تنـهاه
فرددناهم بطعن كما يخرج
وحملناهم على حزم ثهلاًن
وجبهناهم بطعن كما تنهز
وفعلنا بهم كما علم الله
ثم حجراً أعني ابن أم قطام
أسد في اللقاء وردٌ هموس
وفككنا غل امريء القيس عنه
ومع الجون جون آل بني الأوس
ما جزعنا تحت العجاجة إذ ولوا
وأقدناه رب غسان بالمنذر
وأتيناهم بتسعة أملاك
وولدنا عمرو بن أم أناس
مثلها نخرج النصيحة للقوم
اتركوا الطيخ والتعاشي وإما
أذكروا حلف ذي المجاز وما قدم
حذر الجور والتعدي وهل ينقض
واعلموا أننا وإياكم فيما
عنناً باطلا وظلما كما تعتر
أعلينا جناح كندة أن يغنم
أم علينا جر أياد كما نيط
ليس المضربون ولا قيس
أم جنايا بني عتيق فإنا
وثمانون من تميم بأيديهم
تركوهم ملحبين وآبوا
أم علينا جرى حنيفة أو ما
أم علينا جرى قضاعة أم ليس
ثم جاؤوا يسترجعون فلم ترجع
لم يحلوا بني رزاح ببرقاًء
ثم فاؤوا منهم بقاصمة الظهر
ثم خيل من بعد ذاك مع الغلاق
وهو الرب والشهيد على يوم
رب ثاو يمل منه الثواء
فأدنى ديارها الخلصاء
فتاق فعاذب فالوفاء
فالشعبتان فالأبلاء
اليوم دلها وما يحير البكاء
أخيراً تلوي بها العلياء
بخزازى هيهات منك الصلاءُ
بعود كما يلوح الضياء
إذا خف بالثوي النجاء
أم رئال دوية سقفاءُ
عصراً وقد دنا الإمساء
منيناً كأنه إهباء
ساقطات الوت بها الصحراء
ابن هم بلية عمياء
خطب نعني به ونساء
علينا في قيلهم إخفاء
ولا ينفع الخلي الخلاء
موال لنا وأنا الولاء
أصبحوا أصبحت لهم ضوضاء
خيل خلال ذاك رغاء
عند عمرو وهل لذاك بقاء
قبل ما قد وشى بنا الأعداء
حصون وعزةٌ قعساء
الناس فيها تغيظ وإباء
جونا ينجاب عنه العماء
في الدهر مؤيد صماءُ
وتأبى لخصمها الإجلاء
ومن دون ما لديه الثناء
إلينا تشفى بها الأملاء
فيه الأموات والأحياء
وفيه الإسقام والإبراءُ
عينا في جفنها الأقذاءُ
ثتموه له علينا العلاءُ
غواراً لكل حي عُواء
سيراً حتى نهانا الحساءُ
وفينا بناتُ قوم إماءُ
ولا ينفع الذليل النجاءُ
رأس طودٍ وحرةٌ رجلاءُ
فيها لما لديه كفاءُ
هل نحن لابن هند رعاءُ
عليه إذا أصيب العفاءُ
فأدنى ديارها العوصاء
كل حي كأنهم ألقاءُ
بالغ تشقي به الأشقياء
إليكم أمنيةٌ أشراءُ
رفع الآل شخصهم والضحاءُ
عند عمرو وهل أتاك انتهاء
ثلاثٌ كلهن القضاءُ
معد لكل حي لواءُ
قرظي كأنه عبلاءُ
إلا مبيضةٌ رعلاءُ
من خربةٍ المزاد الماءُ
شلالا ودمي الأنساءُ
في جمة الطوي الدلاء
وما إن للحائنين دماءُ
وله فارسية خضراء
وربيع إن شمرت غبراءُ
بعد ما طال حبسه والعنـاءُ
عنود كأنها دفـواءُ
شلالاً وإذا تلظى الصلاءُ
كرها إذ لا تكال الدماء
كرام أسلابهم أغلاء
من قريب لما أتانا الحباءُ
فلاةٌ من دونها أفلاءُ
تتعاشوا ففي التعاشي الداءُ
فيه العهود والكفلاءُ
ما في المهارق الأهواء
اشترطنا يوم اختلفنا سواءُ
عن حجرة الربيض الظبءُ
غازيهم ومنا الجزاءُ
بجوز المحمل الأعباء
ولا جندل ولا الحذاءُ
منكم إن غدرتم براءُ
رماح صدورهن القضاءُ
بنهاب يصم منها الحداء
جمعت من محارب غبراءُ
علينا فيما جنوا أنداءُ
لهم شامٌ ولا زهراءُ
نطاع لهم عليهم دعاءُ
ولا يبرد الغليل الماءُ
لا رأفة ولا إبقاءُ
الحيارين والبلاءُ بلاءُ
7) معلقة أمرؤ القيس
قِـفَا نَـبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيبٍ iiومَنْزِلِ بِـسِقْطِ الِّـلوَى بيْنَ الدَّخولِ iiفَحَوْمَلِ
فـتُوضِحَ فـالمِقْراةِ لَمْ يَعْفُ رَسْمُها لِـمَا نَـسَجَتْها مِـنْ جَنوبٍ وشَمْألِ
تَـرَى بَـعَرَ الأرْآمِ فـي iiعَرَصاتِها وقِـيـعانِها كـأنَّـهُ حَـبُّ فُـلْفُلِ
كَـأنِّي غَـداةَ الـبَيْنِ يَـوْمَ تَحَمَّلوا لَـدَى سَـمُراتِ الحَيِّ ناقِفُ iiحَنْظَلِ
وُقـوفاً بِـها صَـحْبِي عَلَّي مَطِيَّهُمُ يَـقولون لا تَـهْلِكْ أَسـىً iiوتَـجَمَّلِ
وإنَّ شِـفـائِي عَـبْـرَةٌ مُـهْـراقَةٌ فَـهَلْ عِـنْدَ رَسْمٍ دارِسٍ مِنْ iiمُعَوَّلِ
كَـدَأْبِكَ مِـنْ أُمِّ الـحُوَيْرِثِ iiقَـبْلَها وجـارَتِـها أُمِّ الـرَّبـابِ iiبِـمَأْسَلِ
إذا قـامَتا تَـضَوَّعَ الـمِسْكُ iiمِنْهُما نَـسيمَ الـصَّبا جاءَتْ بِرَيَّا iiالقَرَنْفُلِ
فَـفَاضَتْ دُمـوعُ العَيْنِ مِنِّي iiصَبَاَبةً عَـلَى النَّحْرِ حتَّى بَلَّ دمْعِي iiمِحْمَلِي
ألاَ رُبَّ يَـوْمٍ لَـكَ مِـنْهُنَّ iiصـالِحٍ ولاَ سِـيَّـما يَـوْمٍ بِـدارَةِ iiجُـلْجُلِ
ويَـوْمَ عَـقَرْتُ لـلعَذَارَي iiمَطِيَّتي فـيَا عَـجَبا مِـن كُورِها iiالمُتَحَمَّلِ
فَـظَلَّ الـعَذارَى يَـرْتَمينَ iiبِلَحْمِها وشَـحْمٍ كَـهُدَّابِ الـدِّمَقْسِ الـمُفَثلِ
ويَـوْمَ دَخَـلْتُ الـخِدْرَ خِدْرَ iiعُنَيْزَةٍ فـقالَتْ لَـكَ الـويْلاتُ إنَّكَ iiمُرْجِلِي
تـقولُ وقَـدْ مـالَ الـغَبِيطُ بِنا iiمَعًا عَقَرَتَ بَعِيري يا امْرأَ القَيْسِ iiفانْزِلِ
فـقُلْتُ لَـها سِـيرِي وأَرْخِي زِمامَهُ ولا تُـبْعِديني مِـنْ جَـنَاكِ iiالمُعَلَّلِ
فَـمِثْلِكِ حُـبْلَى قد طَرَقَتُ ومُرْضِعٍ فَـأَلْهَيْتُها عَـنْ ذي تـمائِمَ iiمُـحْوِلِ
إذا مـا بَكَى مِن خَلْفِها انْصَرفَتْ لَهُ بِـشَقٍّ وتَـحْتي شِّـقُها لـم iiيُحَوَّلِ
ويَـوْماً عَـلَى ظَهْرِ الكَثِيبِ تَعَذَّرَتْعَـلَيَّ وآلَـتْ حَـلْفَةً لـم iiتَـحَلَّلِ
أفـاطِمَ مَـهْلا بَـعْضَ هـذا التَّدَلُّلِ وإنْ كُنْتِ قد أجْمَعْتِ صَرْمِي فأَجْمِلِي
وإنْ تَـكُ قـد سـاءتْكِ مِنِّي خَلِيقَةٌ فـسُلِّي ثِـيابِي مِـن ثِـيابِكِ تَنْسُلِ
أغَــرَّكِ مِـنِّي أنَّ حُـبَّكِ قـاتِلي وأنَّـكِ مَـهْمَا تَـأْمُرِي القلْبَ iiيَفْعَلِ
ومـا ذَرَفَـتْ عَـيْناكِ إلاَّ لِتَضْرِبي بِـسَهْمَيْكِ فـي أعْـشارِ قَلْبٍ iiمُقَتَّلِ
وبَـيْضَةِ خِـدْرٍ لا يُـرامُ خِـباؤُها تَـمَتَّعْتُ مِـن لَـهْوٍ بِها غيرَ iiمُعْجَلِ
تَـجاوَزْتُ أحْـراساً إلـيْها ومَعْشَراً عَـلَّي حِـراصاً لـو يُسَرُّونَ iiمَقْتَلِي
إذا مـا الـثُّرَيَّا في السَّماءِ تَعَرَّضَتْ تَـعَرُّضَ أثْـناءَ الـوِشاحِ المُفَصَّلِ
فَـجِئْتُ وقَـدْ نَـضَّتْ لِـنَوْمٍ ثِيابَها لَـدَى الـسِّتْرِ إلاَّ لِـبْسَةَ iiالمُتَفَضِّلِ
فـقالتْ يَـمينُ اللهِ مَـا لَـكَ حِيلَةٌ ومـا إنْ أَرَى عَـنْكَ الغَوايَةَ iiتَنْجَلِي
خَـرَجْتُ بِـها تَـمْشي تَجُرَّ وَرَاءَنا عَـلَى أَثَـرَيْنا ذَيْـلَ مِـرْطٍ iiمُرَحَّلِ
فَـلَمَّا أجَـزْنا سَـاحَةَ الحَيِّ وانْتَحَى بِـنا بَـطْنُ خَبْتٍ ذِي حِقافٍ iiعَقَنْقَلِ
هَـصَرْتُ بِـفَوْدَىْ رَأْسِها فَتَمايَلَتْ عَـليَّ هَـضِيمَ الكَشْحِ رَيَّا iiالمُخَلْخَلِ
مُـهَفْهَفَةً بَـيْضاءَ غَـيرَْ مُـفَاضَةٍ تَـرائِـبُها مَـصْقولَةٌ iiكَـالسَّجَنْجَلِ
كَـبِكرِ الـمُقاناةِ الـبَياضَ بِـصُفْرَةٍ غَـذَاها نَـمِيرُ الـماءِ غيرُ المُحَلَّلِ
تَـصُدُّ وتُـبْدِي عَـن أسِيلٍ وتَتَّقِيبِـناظِرَةٍ مِـنْ وَحْـشِ وَجْرَةَ مُطْفلِ
وجِـيدٍ كَـجِيدِ الـرِّئْمِ لَيْسَ بِفاحِشٍ إذا هِــي نَـصَّـتْهُ ولا بِـمُعَطَّلِ
وفَـرْعٍ يَـزينُ الـمتْنَ أسْوَدَ فاحِمٍ أثـيـثٍ كَـقِنْوِ الـنَّخْلَةِ iiالـمُتَعَثْكِلِ
غَـدائِرُهُ مُـسْتَشْزِراتٌ إلَـى العُلاَ تَـضِلُّ الـعِقاصُ في مُثَنَّى iiومُرْسَلِ
وكَـشْحٍ لَـطِيفٍ كـالجَديلِ مُخَصَّرٍ وسـاقٍ كَـأَنْبوبِ الـسَّقِّيِ iiالـمُذّلَّلِ
وتُـضْحِي فَتِيتُ المِسْكِ فَوْقَ فِراشِها نَـئُومُ الضُّحَى لم تَنْتَطِقْ عَنْ iiتَفَضُّلِ
وتَـعْطَو بِـرَخْصٍ غيْرَ شَثْنٍ كَأَنَّهُ أَسـارِيعُ ظَـبْيٍ أو مَسَاويكُ iiإِسْحِلِ
تُـضيءُ الـظَّلامَ بِـالعِشاء كَـأَنَّهامَـنـارَةُ مُـمْسَى راهِـبٍ iiمُـتَبَتِّلِ
إلـى مِـثْلِها يَـرْنُو الـحَليمُ صَبابَة إذا مـا اسْبِكَرَّتْ بيَن دِرْعٍ iiومِجْوَلِ
تَـسَلَّتْ عَماياتُ الرِّجالِ عَنِ الصِّبا ولَـيْسَ فُـؤَادي عَنْ هَواكِ iiبِمُنْسَلِ
ألاَّ رُبَّ خَـصْمٍ فِـيك أَلْوَرى رَدَدْتُهُ نَـصيحٍ عَـلَى تَـعْذالِهِ غَيْرِ iiمُؤْتَلِ
ولَـيْلٍ كَـمَوْجِ البَحْرِ أَرْخَى سُدولَهُ عَـلَـيَّ بِـأَنْواعِ الـهُمومِ لِـيَبْتَلِي
فـقُلْتُ لَـهُ لَـمَّا تَـمطَّى بِـصُلْبِهِ وأرْدَفَ أَعْـجـازاً ونـاءَ iiبِـكَلْكَلِ
ألا أيُّـها الَّـليلُ الطَّويلُ ألا انْجَلِي بِـصُبْحٍ ومـا الإصْباحُ منِكَ iiبِأَمْثَلِ
بارك الله فيك
شكرا اختي على مروك
المعلقات العشر
شكرااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا اااا
شكرا بارك الله فيك
شكرا لكما وبارك الله فيكم
كتاب شرح المعلقات السبع
إليكم كتاب
" شرح المعلقات السبع "
لصاحبه القاضي أبي عبد الله الحسين بن أحمد الزوزني
تقديم عبد الرحمان المصطاوي
برابط مباشر من هنــــــــــــا