المحبة لا تملك شيئا ولا تريد أن يملكها أحد؛
لأن المحبة مكتفية بالمحبة.
أما أنت إذا أحببت ، فلا تقل إن الله في قلبي ،بل قل أنا في قلب الله، ولا يخطر لك البتة أنك تستطيع أن تتسلط على مسالك المحبة؛
لأن المحبة إن رأت فيك استحقاق لنعمتها، تتسلط هي على مسالكك، والمحبة لا رغبة لها إلا في أن تكمل نفسها،
ولكن إذا أحببت وكان لابد أن تكون لك رغبات خاصة بك ، فلتكن هذه رغباتك:
أن تذوب وتكون كجدول متدفق يشق آذان الليل بأنغامه؛
أن تخبر الآلام التي في العطف المتناهي………………؛
أن يجرحك إدراكك الحقيقي للمحبة في حبة قلبك، وأن تنزف دماؤك وأنت راض مغتبط
أن تنهض عند الفجر مجنحا خفوقا فتؤدي واجب الشكر ملتمسا يوم محبة آخر؛
أن تستريح عند الظهيرة و تناجي نفسك بوجد المحبة؛
أن تعود إلى منزلك عند المساء شاكرا، فتنام حينئذ و أنشودة الحمد والثناء مرتسمة على شفتيك…….
المحبة من أنبل المشاعر الإنسانية على الإطلاق، ومن أقوى الروابط السامية بين البشر تهذب نفوسهم، وتجمع بين قلوبهم، و توحد بين صفوفهم من أجل خلق مجتمع إنساني راق، و متكافل، ومتعاون .
و المحبة الحقيقية لا يمكن أن يدركها المرء بمعزل عن الآخرين، فطمأنينة النفس، و راحة الضمير يجنيها المرء ويشعر بها ، عندما يقوم بدوره كما يجب لإسعاد من حوله أولا ، و إسعاد أمته جمعاء ثانيا.
فالسعادة التي يشعر بها الفرد هي نتاج المحبة، نتاج العطاء و التفاني، نتاج إذابة الأنا في سبيل الجماعة.
هي السعادة التي لا تفوقها سعادة، حين يشعر كل فرد أنه عضو في جسم متكامل متضامن،و أن لديه وظيفة يؤديها بكل أمانة، ومسؤولية يتحملها بكل شهامة.
والقلب هو موطن المحبة، ومصدر العطاء والأمل، والدافع إلى التضحية والتعاون والعمل من أجل استمرار الشعوب، ونقاء الأمم، و تجدد الحياة.
إن القلوب المعمورة بالحب و المسكونة بالخير لا يمكن أن تقود المجتمع و الأمة إلا إلى سعادة أبدية، وإلى الرقي والتقدم، و إلى تناسي الأحقاد، والارتقاء عن التفاهات و الدناءات و السمو إلى خلق حضارات إنسانية تقوى على الزمن وتصنع التاريخ،
والمحبة إحساس وسلوك ، وليست مجرد كلمات جوفاء تتناثر على ألسنة الناس ، أو ألفاظ طنانة نسمعها في المناسبات، أو مصطلحات رنانة تتردد في خطب السياسيين و أ صحاب النفوذ.
المحبة الحقيقية سلوك وفعل ندركها و نحصد نتائجها حين نرى الأفراد في أمتهم وكأنهم حلقات مترابطة متضامنة قوية ومتماسكة، تسعى إلى انتشال المجتمع من بؤر الفساد والفقر والعوز و الرقي به إلى أعلى مراتب العلم والتقدم و الحضارة
إن المحبة الحقيقية بمعناها الشامل إحساس و سلوك ، تفكير وعمل رغبة وفعل إنها مفهوم جديد أوسع بكثير من أن تقتصر على حب الذات والأنانية و المصلحة الخاصة ؛ بل تمتد لتشمل السعي إلى الحفاظ على الأمم و تقدم الإنسانية جمعاء، و بناء مجتمعات حضارية يربط التعاون بينها، ويرفرف السلام والخير في أجوائها.
مشكورة على طرح الرائع