كان الرسول صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله من المأثم والمغرم ، ويستعيذ بالله من الفقر والفاقة والذلة ، وكان يدعو الله
« اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى » رواه مسلم
وأما قوله صلى الله عليه وسلم «اللهم أغنني من الفقر» مع قوله عليه الصلاة و السلام « اللهم أحيني مسكينًا واحشرني في زمرة المساكين، ولا تجعلني جبارًا شقيًا »، فإن هذا الفقر هو الذي لا يدرك معه القوة والكفاف ولا يستقر معه في النفس غنى لأن الغني عنده غنى النفس البخاري فقد ثبت عنه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال «ليس الغنى عن كثرة العرض، إنما الغنى غنى النفس »
وكان الغنى كله في قلبه ثقة بربه وسكونًا إلى الرزق مقسوم يأتيه منه ما قدر له
وكذلك قال لعبد الله بن مسعود « يا عبد الله ، لا يكثر همك ، ما يُقَدّر يكن، وما يُقَدَّرَ يأتيك » شعب الإيمان للبيهقي،
وقال الإمام أحمد وهو إن صح فليس فيه المنع من الطلب، وإنما فيه المنع من الهم
وقال صلى الله عليه وسلم «إن روح القدس نفث في روعي فقال لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، خذوا ما حل ودعوا ما حُرم » السلسلة الصحيحة
فغنى النفس يعين على هذا كله، وغنى المؤمن الكفاية، وكذلك كان النبي يقول :
«اللهم اجعل رزق آل محمد قوتًا » متفق عليه
ولم يرد بهم إلا الذي هو أفضل لهم
وقال «ما قل وكفى خير مما كثر وألهى» مسند أحمد
وقال أبو حازم إذا كان ما يكفيك لا يغنيك فليس في الدنيا شيء يغنيك
فالزيادة الكثيرة على القوت والكفاية ذميمة ولا تؤمن فتنتها، والتقصير عن الكفاف محنة وبلية لا يأمن صاحبها فتنتها أيضًا، ولا سيما صاحب العيال
وكان يقول صلى الله عليه وسلم « تعوذوا بالله من جهد البلاء، ودرك الشقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء» البخاري ، عن أبي هريرة …
أفضل الغِنَى «غنى النفس»
عن أبي هريرة رضي الله عنه عند أحمد وسعيد بن منصور وغيرهما «إنما الغنى في النفس»، وأصله في مسلم، ولابن حبان من حديث أبي ذر قال لي رسول الله «يا أبا ذر، أترى كثرة المال هو الغنى» ؟ قلت نعم، قال «وترى قلة المال هو الفقر؟» قلت نعم يا رسول الله، قال «إنما الغنى غنى القلب والفقر فقر القلب»
قال ابن بطال معنى الحديث ليس حقيقة الغنى كثرة المال لأن كثيرًا ممن وسع الله عليه في المال لا يقنع بما أُوتي، فهو يجتهد في الازدياد ولا يبالي من أين يأتيه، فكأنه فقير لشدة حرصه، وإنما حقيقة الغنى غنى النفس، وهو من استغنى بما أوتي وقنع به ورضي ولم يحرص على الازدياد ولا ألح في الطلب، فكأنه غني
وقال القرطبي معنى الحديث أن الغنى النافع أو العظيم أو الممدوح هو غنى النفس، وبيانه أنه إذا استغنت نفسه كفت عن المطامع فعزت وعظمت وحصل لها من الحظوة والنزاهة والشرف والمدح أكثر من الغنى الذي يناله من يكون فقير النفس لحرصه، فإنه يورطه في رذائل الأمور وخسائس الأفعال لدناءة همته وبخله.
اللهم إنا نسألك "الهدى والتقى والعفاف والغنى"
والعلاج من داء الفقر \للشيخ محمد بن عبد الله الإمام
فالعباد كلهم فقراء إلى الله على مجاري الأنفاس ولكن الفقر الذي نتحدث عنه هو الفقر المادي وهو في حد ذاته شر وفتنة ولهذا تعوذ رسول الله صلى الله عليه وسلممنه فقد روى أبو داود والنسائي وابن ماجه والحاكم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسو الله صلى الله عليه وسلم (اللهم إني أعوذ بك من الفقر والقلة والذلة…)) والله عز وجل جعل أغلب الناس فقراء لحكم كثيرة ومنها:
قال سبحانه:{ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض ولكن ينـزل بقدر ما يشاء إنه بعباده خبير بصير} الشورى.
ومنها: قال سبحانه: {والله فضل بعضكم على بعض في الرزق} النحل. فالله سبحانه كما فضل الناس بالمواهب والأجسام والمكانة فضلهم في الرزق.
وفتنة الفقر واسعة النطاق شديد العصف بكثير من الناس فمن الناس من يدخل في اليهودية أو النصرانية أوغير ذلك من ملل الكفر لا لأنه يحب تلك الملل وإنما ليتحصل على لقمة العيش، فأي خطر أعظم من هذا على المسلم؟ وبعضهم يستعمل السحر والتنجيم وادعاء علم الغيب وهي طرق كفرية لا لشيء ولكن ليتحصل على المال، وبعضهم يقتل أخاه المسلم أو قريبه من أجل الحصول على المال. والمرأة تبيع كرامتها وشرفها فتتاجر بعرضها وتجلب على أهلها ومجتمعها العار والشنار من أجل لقمة العيش وما أكثر التنازل عن الحق باستمرار بسبب الفقر.
فالفقر خطر على الفرد والأسرة والمجتمع يجلب الشكوك والحيرة والاضطراب والفتن المتلاحقة فلا بد من الإسراع بمعالجته.
والإسلام قد جاء بالدواء الناجع للتخلص من داء الفقر،
والعلاج من داء الفقر بالآتي:
1- دعا الإسلام إلى القناعة، والقناعة هي رضا العبد بما قسم الله له. روى مسلم من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلمقال (قد أفلح من أسلم ورزق كفافاً وقنعه الله بما آتاه)) فالفقر من صالح صاحب القناعة وقد لا يصلح إلا به. فليحذر المسلم أن يطيع غريزته فقد جبل العبد على حب الملك، فالنفس طماعة بالمال فإذا كانت النفس طماعة في المال فكلما زاد ماله زاد طمعه فهذا لا علاج له بتوافر المال ولكن بالزهد والورع والقناعة.
2- عليه أن يعلم علم اليقين أنما عند الله له خير وأبقى فربنا إذا حظر على العبد شيئاً من أمور الدنيا أعطاه بدل ذلك الجنة والتفرغ لأعمالها. قال الرسول صلى الله عليه وسلم (يدخل فقراء المسلمين الجنة قبل أغنيائهم بنصف يوم وهو خمسمائة عام)) رواه أحمد وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه.
وإذا كان العبد المسلم سيعطى هذا يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم فما أسعده وهاهو الرسول r يقول (يؤتى بأشد الناس بؤساً في الدنيا من أهل الجنة فيصبغ في الجنة صبغة فيقال له: يا ابن آدم هل رأيت بؤسا قط؟ هل مر بك شدة قط؟ فيقول: لا والله ما مربي بؤس قط ولا رأيت شدة قط)) رواه مسلم وأحمد والنسائي من حديث أنس رضي الله عنه.
فإذا كانت الغمسة الواحدة في نعيم الجنة تنسي المسلم كل شدائد الفقر في الدنيا ومصائب الحياة فكيف بنعيم الجنة له لمدة نصف يوم قبل الأغنياء وكيف بالنعيم المقيم أبد الآبدين اللهم هب لنا عقولا.
3- إن من واجب المسلم أن يؤمن بالقدر فإذا كان لا يخضع لحكم الله الذي نزل به وهو الفقر فهذه معارضة للقدر خطيرة على صاحبها تقذف به في مخازي الانحراف.
4- دعا الإسلام المسلم الفقير إلى المبادرة بالأعمال الصالحة لتكون زاداً له وغنى له عما في أيدي الناس. روى مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(بادروا بالأعمال الصالحة فتناً كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً يبيع دينه بعرض من الدنيا)).
5- على المسلم أن يسعى في الأرض لطلب الرزق الحلال وبالطرق المشروعة والمباحة قال الله تعالى: {فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور} الملك
6- استقامة المسلم على دين الله وصبره على الفقر سبب لتفريج هذه الكربة. قال الله :{ومن يتق الله يجعل له مخرجا} الطلاق.
7- على المسلم أن يتوجه بالدعاء الخالص لله في طلب الرزق الحلال. قال الله:
{ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن واسألوا الله من فضله} فالمطلوب من الفقير أن يطهر جنانه من الأمراض وليتوجه إلى الله بالسؤال وطلب الغنى. فقد روى الإمام مسلم من حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول (اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى )) وقد كان يدعو لبعض أصحابه أن يكثر الله ماله.
8- على المعنيين بالنفقة أن يهتموا بالنفقة على الوجه الذي يرضي الله في إيصالها إلى أهلها بدءاً بالفقراء فإنهم إذا أحرموا المستحقين للنفقة من حقهم فهذا ظلم وله عواقب وخيمة على الظالم والمظلوم.
9- أهل الخير المعنيون بالمساعدات لذوي الحاجات يجب عليهم أن يهتموا بإيصال الأموال إلى مستحقيها عن طريق الأمناء.
10- الموزعون يجب أن يعدلوا وأن يوصلوا الحقوق إلى أهلها.
فكل هذه البنود علاج كافٍ شافٍ وافٍ لإصلاح الأمور وجعل الفقير سعيداً.
وعلى كلٍ لا فقر إلا فقر الدين والصلاح فمن أعطاه الله الإسلام والصلاح فهو أغنى الناس ولو كان فقيراً فقراً مادياً. قال الرسول صلى الله عليه وسلم (ليس الغنى عن كثرة العرض ولكن الغنى غنى النفس)) رواه مسلم.
ومن لم يغنه الله بالصلاح والاستقامة على الدين والقناعة فلن يكون غنياً غناءً حقيقياً ولو أعطي ملك قارون. قال الرسول صلى الله عليه وسلم (لو أن لابن آدم وادياً من ذهب لأحب أن يكون له ثانيا ولن يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب)) متفق عليه من حديث أنس رضي الله عنه.
المصدر
تحذير البشر من أصول الشر
للشيخ محمد بن عبد الله الإمام
منقول
ذكر كلمات عن أرباب الطريق فى الفقر والغني
قال يحيى بن معاذ: الفقر أن لا تستغنى بشيء غير الله ورسمه عدم الأَسباب كلها. قلت: يريد عدمها فى الاعتماد عليها والطمأْنينة بها، بل تصير عدماً بالنسبة إِلى سبق مسببها بالأوَلية، وتفرده بالأَزلية. وسئل محمد بن عبد الله الفرغانى عن الافتقار إِلى الله [تعالى] والاستغناء به فقال: إِذا صح الافتقار إِلى الله تعالى صح الاستغناءُ به، وإذا صح الاستغناءُ به صح الافتقار إِليه، فلا يقال أَيهما أَكمل لأَنه لا يتم أَحدهما إِلا بالآخر. قلت: الاستغناءُ بالله هو عين الفقر إِليه، وهما عبارتان عن معنى واحد، لأَن كمال الغنى به هو كمال عبوديته، وحقيقة العبودية كمال الافتقار إِليه من كل وجه، وهذا الافتقار هو عين الغنى به، فليس هنا شيئان يطلب تفضيل أَحدهما على الآخر، وإِنما يتوهم كونهما شيئين بحسب المستغنى عنه والمفتقر إِليه، فهى حقيقة واحدة ومقام واحد يسمى "غنى" بالنسبة إِلى فراغه عن الموجودات الفانية، و"فقراً" بالنسبة إِلى قصر همته وجمعها على الله [عز وجل]، فهى همة سافرت عن شيء واتصلت بغيره، فسفرها عن الغير غنى، وسفرها إِلى الله فقر، فإِذا وصلت إِليه استغنت به بكمال فقرها إِليه، إذ يصير لها بعد الوصول فقر آخر غير فقرها الأول، وإِنما يكمل فقرها بهذا الوصول. وسئل رويم عن الفقر فقال: إِرسال النفس فى أَحكام الله تعالى. قلت: إِن أَراد الحكم الدينى فصحيح، [أو] إِن أَراد الحكم الكونى القدرى فلا يصح هذا الإِطلاق بل لا بد فيه من التفصيل كما تقدم بيانه. وإِرسال النفس فى أَحكامه التى يسخطها ويبغضها، وإِرسالها فى أَحكامه التى يجب منازعتها ومدافعتها بأَحكامه خروج عن العبودية.
وقيل: نعت الفقير ثلاثة أَشياءَ: حفظ سره، وَأَداءُ فرضه وصيانة فقره.. قلت: حفظ السر كتمانه صيانة له من الأَغيار، وغيرة عليه أَن ينكشف لمن لا يعرفه ولا يؤمن عليه. وَأَداءُ الفرض قيام بحق العبودية وصيانة الفقر حفظه عن لوث مساكنة الأَغيار، وحفظه عن كل سبب يفسده وكتمانه ما استطاع. وقال إبراهيم بن أَدهم: طلبنا الفقر فاستقبلنا الغنى، وطلب الناس الغنى فاستقبلهم الفقر. وسئل يحيى بن معاذ عن الغنى فقال: هو الأَمن بالله عَزَّ وجَلَّ. وسئل أَبو حفص: بماذا ينبغى أَن يقدم الفقير على ربه؟ فقال: ما ينبغى للفقير أن يقدم على ربه بشيء سوى فقره. وقال بعضهم: إِن الفقير الصادق ليخشى من الغنى حذراً أَن يدخله فيفسد عليه فقره، كما يخشى الغنى الحريص من الفقر أَن يدخله فيفسد عليه غناه. وقال بشر بن الحارث: أَفضل المقامات اعتقاد الصبر على الفقر إلى القبر. قلت: ومن هاهنا قال القائل:
قالوا: غدا العيد ماذا أَنت لابسه؟ فقلت: خلعة ساق رحبه جرعا
فقر وصبر هما ثوبان تحتهما قلب يرى أُلفة الأَعياد والجمعا
الدهر لى مأْتم إِن غبت يا أَملى والعيد ما دمت لى مرَأى ومستمعا
وسئل ابن الجلاءِ: متى يستحق الفقير اسم الفقر؟ فقال: إِذا لم يبق عليه بقية منه. فقيل له: كيف ذلك؟ فقال: إِذا كان له فليس له، وإِذا لم يكن له فهو له. قلت: معنى هذا أَنه لا يبقى عليه بقية من نفسه، فإِذا كان لنفسه فليس لها بل قد أَضاع حقها وضيع سعادتها وكمالها. وإِذا لم يكن لنفسه بل كان كله لربه فقد أحرز كل حظ له وحصل لنفسه سعادتها فإنه إذا كان لله كان الله له، وإذا لم يكن لله لم يكن الله له فكيف تكون نفسه له؟ فهذا من الذين خسروا أَنفسهم.
وقيل: حقيقة الفقر أن لا يستغنى الفقير فى فقره بشيء إلا بمن إليه فقره. وقال أَبو حفص: "أحسن ما توسل به العبد إِلى مولاه دوام الفقر إِليه على جميع الأَحوال، وملازمة السنة فى جميع الأَفعال، وطلب القوت من وجه حلال". وقال بعضهم: "ينبغى للفقير أَن لا تسبق همته خطوته". قلت: يشير إلى تعلق همته بواجب وقته، وأَنه لا تتخطى همته واجب الوقت قبل إكماله. وأَيضاً يشير إلى قصر أَمله، وأَن همته غير متعلقة بوقت لا يحدّث نفسه ببلوغه وأَيضاً يشير إلى جمع الهمة على حفظ الوقت، وأن لا يضعفها بتقسيمها على الأَوقات.
وقيل: أَقل ما يلزم الفقير فى فقره أَربعة أَشياءَ: علم يسوسه، وورع يحجزه، ويقين يحمله، وذكر يؤنسه. وقال أبو سهل الخشاب لمنصور المغربى: إنما هو فقر وذل. فقال منصور: بل فقر وعز. فقال أَبو سهل: فقر وثرى، فقال منصور: بل فقر وعرش. قلت: أَشار أَبو سهل إِلى البداية ومنصور إِلى الغاية. وقال الجنيد: إِذا لقيت الفقير فالقه بالرفق ولا تلقه بالعلم، فإن الرفق يؤنسه والعلم يوحشه. فقلت: يا أَبا القاسم، كيف يكون فقير يوحشه العلم؟ فقال: نعم، الفقير إِذا كان صادقاً فى فقره، فطرحت عليه العلم ذاب كما يذوب الرصاص فى النار. وقال أبو المظفر القرميسينى: الفقير هو الذى لا يكون له إِلى الله حاجة. قال أَبو القاسم القشيرى: وهذا اللفظ فيه أَدنى غموض على من سمعه على وصف الغفلة عن مرمى القوم، وإِنما أَشار قائله إِلى سقوط المطالبات، وانتفاءِ الاختيار، والرضى بما يجريه الحق سبحانه بتارك وتعالى. قلت: وبعد فهو كلام مستدرك خطأٌ فإِن حاجات هذا العبد إِلى الله بعدد الأَنفاس إِذ حاجته ليست كحاجات غيره من أَصحاب الحظوظ والأَقسام، بل حاجات هؤلاءِ فى حاجة هذا العبد كتفلة فى بحر، فإِن حاجته إِلى الله فى كل طرفة عين أَن يحفظ عليه حاله ويثبت قلبه ويرقيه فى مقامات العبودية ويصرف عنه ما يفسدها عليه ويعرفه منازل الطريق ومكامنها وأَوقاتها ويعرفه مواقع رضاه ليفعلها ويعزم عليها ومواقع سخطه ليعزم على تركها ويجتنبها، فأَى حاجات أَكثر وأَعظم من هذه؟ فالصواب أَن يقال: الفقير هو الذى حاجاته إِلى الله بعدد أَنفاسه أَو أَكثر، فالعبد له فى كل نفس ولحظة وطرفة عين عدة حوائج إِلى الله لا يشعر بكثير منها، فأَفقر الناس إِلى الله من شعر بهذه الحاجات وطلبها من معدنها بطريقها، وإِن كان لا بد من إِطلاق تلك العبارة على أَن منها كل بد فيقال: هو الذى لا حاجة له إِلى الله تخالف مرضاته وتحطه عن مقام العبودية إِلى منزلة الاستغناء، وأَما أَن يقال لا حاجة له إِلى الله فشطح قبيح. وأَما حمل أَبِى القاسم لكلامه على إِسقاط المطالبات وانتفاءِ الاختيار والرضى بمجارى الأَقدار فإنما يحسن فى بعض الحالات، وهو فى القدر الذى يجرى عليه، بغير اختياره ولا يكون مأْموراً بدفعه ومنازعته بقدر آخر كما تقدم. وأَما إِذا كان مأْموراً بدفعه ومنازعته بقدر هو أَحب إِلى الله منه- وهو مأْمور به أَمر إِيجاب أَو استحباب- فإِسقاط المطالبات وانتفاءُ الاختيار فيه والسعى عين العجز، والله تعالى يلوم على العجز. وقال ابن خفيف: الفقر [عدم الأملاك، والخروج عن أحكام الصفات، قلت: يريد عدم إضافة شيء] إِليه إِضافة ملك، وأَن يخرج عن أَحكام صفات نفسه ويبدلها بأَحكام صفات مالكه وسيده مثاله أَن يخرج عن حكم صفة قدرته واختياره التى توجب له دعوى الملك والتصرف والإِضافات ويبقى بأَحكام صفة القدرة الأَزلية التى توجب له العجز والفقر والفاقة، كما فى دعاءِ الاستخارة: "اللَّهم إِنى أَستخيرك بعلمك، وأَستقدرك بقدرتك وأَسأَلك من فضلك العظيم، فإِنك تقدر ولا أَقدر، وتعلم ولا أَعلم وأَنت علام الغيوب"، فهذا اتصاف بأَحكام الصفات العلى فى العبد، وخروج عن أَحكام صفات النفس.
وقال أبو حفص: لا يصح لأَحد الفقر حتى يكون العطاءُ أَحب إِليه من الأَخذ وليس السخاءُ أَن يعطى الواجدُ المعدمَ، وإِنما السخاءُ أَن يعطى المعدمُ الواجدَ. وقال بعضهم: الفقير الذى لا يرى لنفسه حاجة إِلى شيء من الأَشياء سوى ربه تبارك وتعالى. وسئل سهل بن عبد الله: متى يستريح الفقير؟ فقال: إِذا لم ير لنفسه غير الوقت الذى هو فيه. وقال أبو بكر ابن طاهر: من حكم الفقير أَن لا يكون له رغبة، وإِن كان لا بد فلا تجاوز رغبته كفايته وسئل بعضهم عن الفقير الصادق فقال: الذى لا يَملك ولا يُملك وقال ذو النون: دوام الفقر إِلى الله مع التخليط أحب إلى من دوام الصفاء مع العجب والله أعلم.
شكرا على الموضوع
بارك الله فيك
الفقر كلمة تدل على الحياة التعيسة والحرمان و’ الميزيرية ‘ …اما الثراء فهو من اول مايتبادر الى ذهنك عنه الحياة الكريمة والرفاهية …فهل سيضمن المال السعادة …؟ …او هل ستؤكد ان الفقير يعيش حياة تعيسة ؟ ..قد يظن البعض ان الثري صاحب المال والجاه سعيد في منزله مرتاح وهانئٌ ..لكن الحقيقة ان الغنى يسبب مشاكل كثيرة جدا في غالب الاحيان …فالشخص الغني الذي لايحسن استغلال ماله ورزقه ستنقلب حياته رأسا على عقب …فمثال على ذلك الثري البخيل الذي يمضي وقته يفكر كيف يرفع ويزيد امواله ..فينسى الصدقة على الفقراء فتفسد اخلاقه وينفر الجميع من حوله ..حتى عائلته قد تتغير معاملتها له .. فيحس بالنهاية انه وحيد لامعنى لحياته …
الفقير الذي وهبه الله كنزا لايفنى ولايزول …الذي يجعل من حياته تطول …القناعة هي كنز الفقير الذي اغناه الله بالاخلاق والصفات الحميدة ..الذي اسعده في كوخه واعطاه مالم يعطه للاغنياء واصحاب السلطة …
هناك علاقة وثيقة بين الفقر والسعادة …الغني الذي رفع الله مكانته ولم يحسن استغلال هذه المكانة …اذلـــــــــه وجعله فقيرا لايحس بطعم الحب والحنان …والفقير الذي خلقه الله فاعطاه قليلا من المادة وكثيرا من الاخلاق رفع مكانته وكفاه شر حاجته ومنحه السعادة والرضى في الدنيا والثواب والجنة في الاخرة …
كتابة اخوكم : الزويتني
دمت متألقا أخي الزويتني ، بمواضيعك و بردودك.
شكرا بارك الله فيك عبدو على الموضوع المميز سلمت وسلمت يداااك
لكنني الاحظ ان تواجدك بالمنتدى اصبح وقتا قصيرا اتمنى ان يكون كل شيئ على ما يرام وبخير شكرااااااااااااااا
شكرااا جزيلااا لكما على المرور العطر …
لا ادخل كثيرا …بصراااحة لا اعرف كيف اشرح فعندما ادخل الى موضوع بالمنتدى واحاول العودة الى الوراء يحصل الجهاز وتقفل الصفحة …
شكرا موضوع قيم بارك الله فيك
شكراا ايمان
كلنا نعلم أن الأرزاق كلها بيد الله وبمشيئته و لا أحد يعلم كيف يصبح حاله في الغد .
لكن هذا لا يمنع أحدا من الأخذ بالأسباب و محاولة البحث عن الأفضل دائماً.. وعدم التوقف في نفس المكان
وأهم خطوة يجب اتخاذها هي التوكل على الله ثم التفاؤل والأمل والنظر نحو المستقبل بحماس وهمة.
تحياتي أمين
و عليكم السلام
اللهم أبعدنا وأبعد المسلمين عن النار وارزقنا وارزقهم الصبر على الإبتلاء
آمـــــــــــــــــــين يا رب
كثير ما يدور بخواطرنا مثل هذا السؤال
هل الفقر عيب؟؟؟؟؟؟
هل يعتبر الفقر عيب؟؟؟
الجواب هو الغنى هو غنى النفس
غنى العمل الصالح
وعمروا ما كان الفقر عيب نحن فقط ننظر إلى الماديات ونسينا ما هو أغلى وأثمن
بوركت على الطرح المميز
غنى العمل الصالح
لكن الواقع مؤلم أحيانا
فهناك كثير من الناس يصرون على تصديق النكتة البالية بأن الفقر ليس عيب فهم اما ان يكونوا فقراء لا يدركون وضعهم الحقيقى و بالتالى فهم واهمون يتصورون عيبهم ميزة و اما ان يكونوا اغنياء لم يجربوا الفقر و لم يروه فى حياتهم و بالتالى فهم كاذبون يتصورون المستحيل .
الفقر عيب ما بعده عيب .. و عار ما بعده عار .. لانه يقف حائلا عليه اللعنة امام الانسان ليجعله يضرب بيديه فى الهواء مثل الابله الذى يشن حربا بيديه على طيور السماء …وكأنه يصطاد في المياه العكرة وكأنه يشتري الحوت في البحر ……….كاد الفقر أن يكون كفرا ايه والله من هم اصحاب المراتب الأولى الفقراء
الفقر عيب لان نتيجته المنطقية ان لا يكون فى يد الفقير شىء و بالمقابل يملك ثروة على خان ان ادعى بأن فقره ليس عيب ..
الفقر عيب .. و الفقراء مثار للحزن و الكأبة عندما يتوارون فى الظل .. خوفا من عيبهم الذى يلاحقهم من ورائهم ..
الفقر عيب .. و الفقراء مثار استهزاء و تهكم عندما يطلقون العنان لحناجرهم مدعين ان فقرهم ليس عيب ..
عيب ان تكون فقير .. و لكن اسواء العيوب ان تكذب و تقول بان فقرك ليس عيب :…!!!!! فلا ينبغي أن نغطي الشمس بالغربال
الفقر مؤلم
هل تستطيع أن تدرس إن كنت لا تملك مالا
هل تستطيع أن تشتري دواءا
هل تستطيع أن تأكل تشبع ………………………………لا
تقبل مروري
### إذا دخل الفقر من الباب بيهرب الحب من الشباك ###
السلام عليكم أعضاء المنتدى الغاليين
بدون أي أطالة عليكم
في عندي مثل يقول إذا دخل الفقر من الباب بيهرب الحب من الشباك
هل صحيح هذا المثل وخصوصاً في أيامنا هي
ومتل ما نسمع كل المشاكل بيكون السبب الرئيسي هو الفقر
والناس تتخلى عن بعض بسبب الفقر
أتمنى التفاعل معي
وكل واحد يعطيني رأيه بصراحة
سألوها: هل رب البيت موجود؟
فأجابت :لا، إنه بالخارج..
فردوا: إذن لا يمكننا الدخول.
.وفي المساء وعندما عاد زوجها أخبرته بما حصل!
قاللها :إذهبي اليهم واطلبي منهم أن يدخلوا
فردوا: نحن لا ندخل المنزل مجتمعين.
سألتهم : ولماذا؟
فأوضح لها أحدهم قائلا: هذا اسمه (الثروة) وهو يومئ نحو أحدأصدقائه، وهذا (النجاح) وهو يومئ نحو الآخر وأنا (المحبة)، وأكمل قائلا: والآنادخلي وتناقشي مع زوجك من منا تريدان أن يدخل منزلكم !
دخلت المرأة وأخبرت زوجها ما قيل. فغمرت السعادة زوجها وقال: ياله من شئ حسن، وطالما كان الأمر على هذا النحو فلندعوا !(الثروة) !. دعيه يدخل ويملئ منزلنا بالثراء فخالفته زوجته قائلة: عزيزي، لم لا ندعو (النجاح)؟
كل ذلك كان على مسمع من زوجة ابنهم وهي في أحد زوايا المنزل .. فأسرعت باقتراحها قائلة: أليسمن الأجدر أن ندعوا !(المحبة)؟ فمنزلنا حينها سيمتلئ بالحب
فقال الزوج: دعونا نأخذ بنصيحة زوجةابننا!
اخرجي وادعي (المحبة) ليحل ضيفا علينا!
خرجت المرأة وسألت الشيوخ الثلاثة: أيكم (المحبة)؟ أرجو أن يتفضل بالدخول ليكون ضيفنا
نهض (المحبة) وبدأ بالمشي نحو المنزل .. فنهض الإثنان الآخرانوتبعاه !. وهي مندهشة, سألت المرأة كلا من (الثروة) و(النجاح) قائلة: لقد دعوت (المحبة) فقط ، فلماذا تدخلان معه؟
فرد الشيخان: لو كنت دعوت (الثروة) أو (النجاح) لظل الإثنان الباقيان خارجاً، ولكن كونك دعوت (المحبة) فأينما يذهب نذهب معه .. أينما توجد المحبة، يوجد الثراء والنجاح.!
مشكورة على الطرح المميز
بارك الله فيك
مغضلة الفقر: اثارها ومظاهرها