التصنيفات
العلوم الإقتصادية

ديناصورات العصر…الشركات المتعددة الجنسيات

ديناصورات العصر…الشركات المتعددة الجنسيات


الونشريس

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
والله أعجبني هذا البحث كثيرا لذا قمت بنقله وهذا لأهميته
ان شاء الله بالفائدة للجميع ولا تنسو صاحب البحث بالدعاء فعلا أفادنا كثيرا ان شاء الله يجازيه خير الجزاء

– توطئة : لقد صارت الشركات المتعددة الجنسيات منذ بداية الخمسينيات من القرن الماضي إلى الآن، القوة الاقتصادية الرئيسية الأولى في العالم ، و باتت تصنع الأحداث السياسية و تغير الخرائط و الحقائق التاريخية في كثير من مناطق الكرة الأرضية و تعاظم دورها و زادت قوتها بزيادة استغلالها لخيرات الشعوب الفقيرة أو ما يعرف في الأدبيات السياسية و الاقتصادية المعاصرة بدول الجنوب أو دول المحيط ، هذه القوة العظمى دفعت بفقهاء القانون الدولي إلى الاختلاف حول طبيعتها و خصوصيَّاتها ، و من الأسئلة التي تطرح حولها:
أيمكن اعتبارها شركات تنتج سلعا من أجل الربح فقط؟ أم يمكن اعتبارها شخصا دوليا له فاعلتيه في العلاقات الدولية كسائر الأشخاص الدوليين مثل الدولة و المنظمات البيحكومية و القارية و المنظمات الإقليمية و نظيرتها المتخصصة ؟ ما هي حدود تأثيرها السياسي و الاقتصادي و حتى العسكري في العلاقات الدولية المعاصرة؟
إن منطق قوة هذه الشركات ، يدعو بلا مواربة ، إلى القول باعتبارها شخصا دوليا تفوق فاعليته كل واحدة منها فاعلية دول بأكملها و ذلك بالاستناد إلى أبحاث العديد من فقهاء القانون الدولي ، بيد أن الملامح القانونية لهذه الشركات العملاقة لا تزال غامضة ، كما أن دورها السياسي لا يزال مستترا و يصعب رصده بدقة ، على أن الدكتور “منصور عسو” يعرفها بكونها كل شركة يتجاوز رأس مالها 100 مليون دولار و لها فروع في ست دول على الأقل أما “ميشال كرتمان ” فيعتبر بـأن الشركة المتعددة الجنسيات هي كل شركة تستمد أكثر من 10% من رقم أعمالها في الخارج غير أن هذين التعريفين المبسطين يجران إلى طرح أسئلة أخرى تتعلق مثلا بتعريف جنسيتها، أهو البلد المنشإ؟ أم هو البلد الذي سجلت فيه أوراق الشركة القانونية ؟ غير أن السؤال الرئيس يبقى هو : أي دور تلعبه هذه الشركات في محيطها السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي ؟
قبل ذلك، لابد أن نشير إلى تعدد أسماء هذه الشركات،ذلك أنها أحيانا، تسمى بالشركات العالمية “les sociétés internationales ” و تدعى أيضا بالشركات عبر الوطنية أو عبر قومية “les sociétés transnationales ” أو الشركات فوق القومية les sociétés multinationales ” و غالبا ما تدعى بالشركات الاحتكارية .

إن ظاهرة الشركات الكبرى ، مرتبطة بتطور نمط الإنتاج الرأسمالي في النصف الثاني من القرن التاسع عشر و كانت بداية ظهورها في دول أروبية صغيرة سوقها الوطني ضيق اضطر معه بعض الشركات إلى التوسع خارج الحدود الوطنية و منها شركة نيستلي ( Nestlé ) السويسرية و فيليبس الهولندية (Philips)(2) و شركة رولكس rolexe لصناعة الساعات بسويسرا ، ثم تلتها شركات أمريكية توسعت خارج الحدود بفضل تصاعد وثيرة التركيز ، و بعد الحرب العالمية الثانية ظهرت شركات أوربية و يابانية عملاقة و أخرى من دول نامية كالبرازيل و كوريا الجنوبية و الكويت و ماليزيا .
إن ظهور الشركات العملاقة يعود إلى مرحلة من مراحل تطور النظام الرأسمالي في أواخر القرن التاسع عشر التي تًعرف بظهور ما يسمى بالرأسمال المالي، حيث أدت المنافسة إلى ابتلاع الشركات الصغرى من طرف الشركات الكبرى و حيث اندمجت الشركات التي تنتج منتوجا واحدا أو التي تتكامل في إنتاجه و ذلك نتج عن تفاوت معدلات الربح بين الدول الأوربية المصنعة و الولايات المتحدة و باقي دول المعمور، و قد أدت نضالات الطبقة العمالية في أواخر القرن 19 التي انتزعت مكاسب كثيرة منها تحديد ساعات العمل اليومية في 8 و الزيادة في الأجور إلى نزوع معدل الربح لدى هذه الشركات إلى الهبوط و هذا ما جعل من الضروري تصدير رأس المال من أجل تحقيق أرباح أكثر في بلدان ذات يد عاملة رخيصة ، و قد نزعت الشركات الكبرى فيما بين الحربين إلى السيطرة(3) على الموارد الأولية الكامنة في أراضي المستعمرات و منها المطاط الطبيعي و النفط و النحاس ، ثم إن نهب المستعمرات قد أدى إلى تراكم الثروة في الدول الإمبريالية و كان تصدير رأس المال بوساطة شركات كبرى أمرا حتميا بحكم التضخم الحاصل في بلدانها الأصليَّة و بحكم ضرورة امتصاص الأزمات الاجتماعية التي تهدد بالانفجار و يرى أنصار التحليل الماركسي و منهم سمير أمين و كورو و فيتوردو و فرانك في إطار ما يسمى بنظرية التبعية dépendance theory أن المصارف في القرن التاسع عشر لم تعد مجرد وسيط في المدفوعات ، بل كانت تحتفظ بالمال لأجل الاستثمار في الصناعة و تحول الرأسمال النقدي إلى رأسمال صناعي سمي رأس المال المالي و قد نهجت الدول الإمبريالية سياسة حمائية صارمة مكنت من تصدير المنتوجات الصناعية بسعر الكلفة وهو ما يًعرف بالإغراق أو dimping مما مكن حسب بوخارين bokharin من تصريف فيض الإنتاج و زيادة أرباح الاحتكارات العملاقة.
بعد العام 1950 أخذت الشركات المتعددة الجنسيات تتوسع ، و كان من أهدافها مقاومة مزاحمة الصناعات الناشئة بعدد من بلاد العالم الثالث التي نالت استقلالها ، و كانت الدول الإمبريالية تخشى المد الشيوعي و اشتعال فتيل الثورات الشعبية الاشتراكية في البلاد الأخرى، و لمقاومة هذا المد لجأت هذه الدول إلى الرفع من أجور العمال على حساب الشركات الكبرى التي لجأت إلى التوسع في الخارج ، لهذا فإن ظاهرة تصدير رأس المال هو في عمقه من أجل وقف نزوع معدل الربح إلى الهبوط في الخارج ، أي تحقيق معدلات ربح أعلى كما الحفظ على السلم الاجتماعي الدَّاخلي بإعادة تدوير الأرباح المحققة في الخارج داخل البلد المنشإ في مشاريع اقتصادية و تمويل سياسة الرعاية الاجتماعية التي كانت تنهجها جًل الدول الغربية.
و يكفي أن نشير إلى أن الولايات المتحدة قد صدرت خلال عشر سنوات ، بين 1951و 1961 حوالي 31 مليار دولار إلى الخارج ، (4)11.5 مليار دولار إلى العالم الثالث ، 85% منها عاد إلى الولايات المتحدة أي 9.30 مليار دولار بينما أعيد توظيف 2.2 مليار دولار فقط ، و قد كان رأس المال المصدر يذهب إلى شرق آسيا على شكل استثمارات لمكافحة المد الشيوعي.
لقد أدى تطور البحث العلمي إلى انخفاض تكلفة الانتاج خصوصا مع ظهور الأَتمَتَة automatisation في سبعينيات القرن الماضي ، كما أن تطور الالكترونيات خلال الثمانينيات جعل العالم يعيش الثورة الصناعية الثانية التي أدت إلى زيادة مثيرة في أرباح الشركات العملاقة نتيجة الاعتماد المتزايد على الآلة على حساب الإنسان ، وليس غريبا إذن أن نسجل ذلك الرباط المقدس الذي يجمع بين أرباب الصناعة و أرباب المصارف .

تتعدد مظاهر القوة عند الاحتكارات الكبرى و يكفي أن نًشير إلى حجمها الاقتصادي و المالي لنقف عند حجمها الحقيقي ، فشركة كوبي ستيل copy stell اليابانية التي استثمرت 300 مليون دولار لبناء مجمع للحديد و الصلب بالناظور قد بلغ رأسمالها عام 1997 أكثر من 12 مليار دولار، (5)أما شركة موبيل mobil النفطية فقد بلغ رأسمالها 241.91 مليار دولار عام 1997 و يمثل ذلك 45% من الناتج الداخلي الخام لدولة مصنعة في حجم إسبانيا ، مع العلم أن الناتج الداخلي الخام للدول العربية مجتمعة لا يتجاوز 300 مليار دولار سنويا ، و سيبين هذا الجدول مبلغ قوة هذه الشركات حتى بالنسبة إلى الدول المتقدمة(6) :
إسم الشركة البلد الاصلي رقم اعمالها بالمليار دولار
و من مظاهر قوة هذه الشركات العملاقة ، أن شركة TOTAL النفطية الفرنسية استثمرت عام 1998 حوالي ملياري دولار لتطوير حقول إقليم خوزستان الايراني متحدية الكونغرس الأمريكي الذي سبق له أن أصدر في تسعينيات القرن الماضي قانونا يعرف بقانون داماتو نسبة إلى واضعه السيناتور “داماتو” ينزل عقوبات على كل شركة قامت باستثمار أكثر من 40 مليون دولار بكل من ليبيا و إيران ، وقد حذت حذوها شركة سيتروين الفرنسية لصناعة السيارات و التي استثمرت في قطاع السيارات بإيران التي تنتج كل سنة 300.000 سيارة .
إن عمل هذه الشركات قد تطور كثيرا بفضل عقلانية التسيير التي تنهجها مجالسًها الإداريّة، إنها تعيش حاليا أطوار تطورها في ظل اندماج الاقتصاد العالمي ، و يتجسد ذلك في حركة الاندماج القوية التي شهدها العالم في نهاية تسعينيات القرن الماضي ، و حركة الاندماج هاته تعبر في الحقيقة عن السعي الحثيث إلى إيجاد موقع قدم في القرن الحالي من قبل هذه الديناصورات ، فقد كان مبلغ اندماج شركتي MobiL و Axxon (7) يصل إلى 80 مليار دولار و صارت الشركة الجديدة تعرف ب Exxon Mobil Crup و باتت تراقب احتياطيا من النفط يقدر ب 20 (8) مليار برميل ، و كان مبلغ اندماج شركتي مرسيدس (Mercedes ) الألمانية لصناعة السيارات و شركة كرايزلر الأمريكية يصل إلى 98.2 مليار دولار، و في نفس السنة أي 1998 اشترت شركة ترافلركروب Travler crup شركة cuty crup بمبلغ 72.6 مليار دولار ، أما شركة بريتش بترليوم النفطية فقد اشترت شركة أموكو بمبلغ 55 مليار دولار و أصبحت الشركة الجديدة تعرف ب بترليوم أموكو كما اندمجت شيل shell الهولندية و تيكساسو الأمريكية و كلاهما يشتغل في تصنيع النفط ، و في سنة 2000 اشترت شركة ديفون انرجي كروبdivon enerjé crup شركة ميتشل إنرجي اند دبليو بمنتmitshel and wpmint crup كروب مقابل 3.1 مليار دولار في صورة نقد و أسهم لتصبح ثاني أكبر منتج للغاز في الولايات المتحدة حيث تولت شركة ديفون سداد 400 مليون دولار من ديون ميتشيل ، و هذه الاندماجات تعبر عن رغبة الاحتكارات الكبرى في تقوية موقعها في عالم شديد التنافسية لا موقع فيه إلا للأقوياء كما تعبر عن مظهر من مظاهر قوتها الاقتصادية الجبارة .
لقد كان العالم حتى سنة 1988، منقسما إلى معسكرين متنافرين اشتراكي و رأسمالي ، وكانت الشركات العملاقة تسيطر على 40% من المردود الصناعي و 80 % من الإنجازات التكنولوجية الحديثة و قد استثمرت الاحتكارات الكبرى عام 1973 في العالم الثالث 11.57 مليار دولار و في نفس السنة أعادت إلى بلادها الأصلية 7 مليارات دولار ، قوة هذه الشركات تبرز أكثر في علاقتها بالدول أو المنظمات العالمية ، خصوصا إذا علمنا مثلا، أن شركة(9) Nestlé نيستلي السويسرية قد هددت منظمة الصحة العالمية بوقف ما تحصل عليه من إمدادات إذا استمرت في حملتها التحسيسية بأهمية الإرضاع بحليب الأم ، و قد أجبرت الشركات الكبرى الحكومة السويدية في مطلع التسعينيات من القرن الماضي على خفض الضرائب و هددت بنقل أنشطتها إلى الخارج إذا لم تحقق مطالبها ، وهذا ما أدى فعلا إلى وقف الحكومة لكثير من مشاريعها الاجتماعية ، و من مظاهر قوة هذه الشركات تأثيرها المتنامي على اقتصاديات الدول المستقبلة، ذلك أنَّ فإن شركة كوكا كولا coca cola مثلا التي تستثمر في أكثر من 100 بلد أنعشت سوق الدراجات بالمغرب في العام 1998 عندما اشترت 5000 دراجة نارية ووزعتها على الزبناء الذين نجحوا في المسابقة التي نظمتها الشركة و كان مجمل قيمة الدارجات الموزة قد تجاوزت 2.5 مليون دولار، بل إن الاحتكارات الكبرى ، النفطية منها و الصناعية تحرص كل الحرص على بقاء الكيان الصهيوني قويا و متفوقا على جيرانه، و تدفع للدّول العبرية العنصريَّة، 10% من قيمة أرباحها المتحققة من نشاطها في الخليج العربيَّ ومصر ، مقابل منع أيّ دولة عربية في محيطها من تحقيق أي نهضة علميَّة و اقتصادية.

في الولايات المتحدة ، حيث تتواجد كبريات الشركات العملاقة ، تساهم الاحتكارات الكبرى بقوة في الانتخابات الرئاسية و التشريعية ، فشركة أونرون قدمت مساهمات مالية قدرت ب 1.9 مليار دولار بين عام 1999 و 2001 لتمويل انتخاب أعضاء في الكونغرس و قد ذهب النصيب الأوفر من هذه الأموال إلى الحزب الجمهوري ، و تجدر الإشارة إلى أن نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني قد دعم سنة 2001 مقترحات بتشجيع الهند على استهلاك المزيد من الطاقة لان ذلك يصب في مصلحة أونرون للطاقة التي كان عضوا في مجلس إداراتها، حتى إن البيت الأبيض اعد سنة 2001 مخطط قوميا للطاقة اعتبره النائب هندري واكسمان من كاليفورنيا من وحي مجموعة أونرون التي بلغ رقم معاملاتها في نفس السنة 101 مليار دولار ، و لن نستغرب حين نعلم أن هذه الشركة ساهمت في الحملات الانتخابية لجورج بوش الأب و جورج بوش الابن و مولت أيضا الحملة الانتخابية بمبلغ 54 ألف دولار لإعادة انتخاب جون اشكفورت حاكما على ولاية ميسوري عام 2000 بل إن أونرون، و في نفس السنة مولت الحملات الانتخابية ل 71 عضوا داخل مجلس الشيوخ الذي يضم بين أعضائه 100 عضو.
يذكر الملك الراحل الحسن الثاني ، أنه كان في حوار مع جورج بومبيدو حين كان نائبا للرئيس الفرنسي الراحل دوغول حول القضية الجزائرية ، وقد صرح بومبيدو للملك الراحل بأن الحرب الجزائرية مفيدة للصناعة العسكرية الفرنسية كما هي مفيدة لصناعات النسيج و الغذاء و الصلب(10) ، و هذا يدل على العروة الوثقى التي تربط الاحتكارات الكبرى برجال السياسة و تصريح بومييدو بما تحمله كلماته من براءة الأطفال ليس إلا شهادة صريحة عن ذلك الرباط المقدس ، هذا يعني أن هناك تداخلا و تطابقا بين مصالح الشركات و الدول التي تحمل جنسيتها ، و لتوضيح الأمر أكثر نستطيع أن ننبش في أغوار التاريخ القريب لنقف عند حجم ذلك التطابق ، ففي سنة 1971 وصل سلفادور أليندي إلى السلطة في الشيلي عن طريق صناديق الاقتراع ، و كان هذا الأخير اشتراكيا قاد تحالفا واسعا يضم البرولتاريا و الفلاحين و البرجوازية الصغيرة بعد أن هزم ممثلي البرجوازية الشيليَّة الكبيرة و حلفاءهم من الملاكين الزراعيّين الكبار ، لكن شركة ITT الأمريكية العملاقة للاتصالات دبرت انقلابا عسكريا بتنسيق مع وكالة المخابرات الأمريكية CIA و شرائح من البرجوازية الكبيرة الشيلية التي يمثلها الجيش تحت قيادة الجنرال بنوتشي في 11 سبتمبر 1973، ومنذ ذلك التاريخ وهذا الجنرال يحكم البلاد إلى غاية تنحيه عن السلطة عام 1990 مخلفا وراءه 30.000 ألف ضحية بما فيهم الرئيس أليندي الذي حوصر في القصر الرئاسي و اغتيل و هو يحمل كلاشينكوف كان الرئيس الكوبي فيديل كاسترو قد أهداه إليه أثناء زيارته لسانتياغو ، و تعتمد الاحتكارات الكبرى على تحالفات مع القوى المحلية المهيمنة اقتصاديا وسياسيا والتابعة للغرب ، إنها تعتمد على البرجوازيات التابعة أو ما يعرف في الأدبيات الماركسية بالكمبرادور ،و كمثال على ذلك وقبل العام 1952 ، كان الشاه رضا فهلوي يحكم إيران، و كان قد منح امتيازات التنقيب عن النفط و استخراجه لشركتي أرامكو و موبيل الأمريكيتين ، وكان الدكتور محمد مصدق قد وصل إلى منصب الوزير الأول و أطاح بالإمبراطور و قام بتأميم النفط و الأبناك و الغاز الطبيعي ، هكذا ، تحالفت الشركتان الآنفتا الذكر مع جهاز المخابرات الأمريكية CIA ودبرتا انقلابا عسكريا أعاد الشاه إلى السلطة و أودع الوزير الأول الوطني السجن إلى أن مات فيه، فطالت حملات القمع الوطنيين الشرفاء والمناضلين من الأقلية الكردية (و من الأمثلة التي يًمكن الاستشهاد بها أن الرئيس إزنهاور كان قبيل مغادرته البيت الأبيض قد أشار إلى الأهمية المتزايدة لاحتكارات كبرى سماها المجمع الصناعي العسكري ،و كان يعني به ذلك التحالف القائم بين أرباب الصناعات العسكرية و المدنية الكبرى ، و لم تكن نبوءة إزنهاور خاطئة ، فسبع سنوات بعد رحيله عن السلطة ، بالضبط في سنة 1963 ، تم اغتيال الرئيس الأمريكي الديمقراطي جون كينيدي ، و لا يزال اغتياله يشكل لغزا مًخيرا حتَّى آلآن باعتبار وجود ثغرات متعددة في تحقيقات البوليس الفدرالي FBI و باعتبار اغتيال كل شهود القضية في ظروف غامضة بمن فيهم القاتل ، غير أن تحقيقات أخرى أثبتت أن اغتيال جون كينيدي قد تم عن قرب و بأن هناك قاتلان آخران و ليس هناك قاتل واحد حسب الرواية الرسمية وهو ما عالجه المخرج الهوليودي الشهير أولفير ستون في فيلمه J.F.K ، و ظهرت فرضيات تقول بتواطؤ الرئيس الكوبي كاسترو مع المافيا الأمريكية لاغتياله لكن هذه الفرضية تهاوت لغياب الدليل الملموس، و بالمقابل قامت شكوك كبرى حول جهاز CIA ذلك أن الرئيس الأمريكي كان قد دشن مع نظيره السوفياتي نيكيتا خروتشوف مرحلة جديدة في العلاقات بين العملاقين قوامها التعايش السلمي بين الاشتراكية و الرأسمالية ، و قد اجتمع الرئيس السوفياتي الراحل خروشوف مع كينيدي و تعهد الرجلان بخفض الإنفاق على التسلح و التعاون في بعض المناحي الاجتماعية و العلمية ، و هذا الاتفاق ، مس بشكل مباشر مصالح الشركات العملاقة و خصوصا شركات السلاح التي كانت ستتضرر من إحجام الحكومة الأمريكية عن شراء مزيد من السلاح منها ، و يذهب الكثيرون إلى أن تصفية كينيدي قد جاءت على يد أرباب الصناعات العسكرية بتعاون مع جهاز CIA و المافيا الأمريكية ، خصوصا و أن الأمريكيين كانوا في ذلك الحين ينفقون 10% (11) من القوة الإنتاجية الأمريكية على الموازنة العسكرية و هو ما يؤدي إلى القول بوجود تحالفات ضخمة بين شركات تؤيد الزيادة في التسلح و في مقدمتها شركتا بوينغ ولوكهيد و الشركات الأخرى المرتبطة بصناعة السلاح كشركات صناعة الكومبيوتر و الزجاج و كذلك النسيج ، لذلك تشجع الدولة الرأسمالية دعم قطاعات غير منتجة كصناعة السلاح لكنها تتميز بربح كبير.

إن الربح ، هو الغاية الأسمى ، و لا تهم بعد ذلك الوسيلة ، فشركة لاروش للأدوية كانت تستفيد كثيرا من تصدير عقار نيلفينافير المضاد للسيدا ، و لم تذعن لمطالب الحكومة البرازيلية بتخفيض سعر العقار من 1.07 دولار إلى 0.64 دولار ، إلا بعد أن أعلن وزير الصحة البرازيلي في بحر سنة 2000 أن بلاده ستسمح بإنتاج دواء بديل لعقار نيلفينافير وهو الدواء الذي تمنحه السلطات الصحية البرازيلية ل 25.000 مريض بالسيدا في إطار برنامج مجاني كانت ترعاه وزارة الصحة البرازيلية .
عام 1991 ، لما اجتاح العراق الكويت ، كانت الدبلوماسية الفرنسية نشيطة كي لا يشتعل فتيل الحرب نظرا لأهمية مصالحها بالعراق و حتى لا تنفرد أمريكا بقيادة العالم بعد نهاية الحرب ، لكن صناع السلاح بفرنسا دفعوا الرئيس الفرنسي الراحل فرنسوا ميتران إلى خوض الحرب إلى جانب بريطانيا و أمريكا ، كما أن الشركات النفطية الأمريكية ، و كذا البريطانية كانت لها اليد الطولى في تمديد الحصار الظالم المضروب على شعب العراق منذ منتصف العام 1990 إلى غاية أبريل 2022، فقد كانت فهي تنظر إليه من حيث احتياطه النفطي الهائل ، لذلك ضغطت بقوة عن طريق البيت الأبيض الأمريكي من أجل إسقاط النظام الوطني العراقي و فرض نظام رجعي بديل يسهل لها وضع اليد على 20% من الاحتياطي النفطي العالمي الذي يقدر ب 1121 مليار برميل خصوصا أن الاحتياطي العراقي المعلن عنه من النفط يتجاوز 120 مليار برميل، إضافة 140 مليار برميل أخرى غير معلن عنها في المنطقة الغربية من البلاد ، إضافة إلى تصريف المنتوجات الأمريكية في السوق العراقية ، أما السفير الأمريكي بالرباط ، فقد تدخل شخصيا في العام 1998 لصالح شركة TID بعد نزاعها مع إحدى شركات الصابون المحلية بل و لمح إلى احتمال توتر العلاقات السياسية بين واشنطن و الرباط بالمسألة(12) .
لقد صارت إفريقيا مسرحا للمنافسة بين الشركات الكبرى التي التجأت دوما إلى السلاح من أجل الحفاظ على مكاسبها أو الحصول على أخرى ، و سنذكر القارئ الكريم، بأن الاحتكارات العالمية في العام 1962 كانت لها مصالح ضخمة في زائير-الكونغو الديمقراطية حاليا – و كانت هذه المستعمرة قد حصلت على استقلالها من بلجيكا في العام 1960 ، و الزائير بها ثروات هائلة من النحاس و النيكل و الكوبالت ، و بعد استقلالها تولى السلطة الوزير الأول الاشتراكي باتريس لوموبا ، الذي كان ينادي بالوحدة بين شعوب إفريقيا و كان أحد مؤسسي منظمة الوحدة الإفريقية ، لذلك تحالفت الشركات المستفيدة مع بعض ضباط الجيش و في مقدمتهم المارشال موبوتوسيسيكو الذي أعدم الوزير الأول و قاد البلاد بالحديد و الدم نحو الخراب حيث استنزف أموال الشعب الفقير إلى حين سقوطه عام 1996، وقد قدمت الحكومة البلجيكية اعتذارا رسميا للشعب الكونغولي و ذلك يوم الثلاثاء 5 فبراير من عام 2022 عن طريق وزير خارجيتها لويس ميشيل في خطوة منافقة ، حيث عبرت الحكومة البلجيكية عن اعتذارها و خالص أسفها للشعب الكونغولي عن الدور الذي قامت به في عملية اغتيال رئيس الحكومة الكونغولية في 17 يناير 1961.
و غذت الكارتيلات العالمية كثيرا من التوترات بالقارة السمراء في تسعينيات القرن العشرين، ذلك من أجل إعادة تشكيل خارطة السياسة من جديد وفق مصالحها ، فشركة Total النفطية الفرنسية العملاقة كانت تمد أحد الفرقاء الكابونيين بالسلاح ، و قد أشارت تقارير صحفية إلى ضلوع عدد من ضباط الجيش الفرنسي في المذابح الشهيرة التي وقعت عام 1994م في رواندا بين قبيلتي توتسي و الهوتو ، و مصالح الشركات الفرنسية كانت حاضرة في العملية كما كانت حاضرة في دعم فرنسا عن طريق أوغندا و انغولا ورواندا لجبهة الموليا مولينغي التي حاربت الراحل لوران ديزيري كابيلا في جمهورية الكونغو الديمقراطية و معلوم أن الماركسي السابق الذي حارب المارشال موبوتو في الستينيات من القرن الماضي قد تحول إلى حليف لأمريكا قبل أن يتم اغتياله ليرث ابنه الحكم من بعده، أمريكا نفسها التي تنظر بنهم إلى خيرات البلد لصالح شركاتها العملاقة .
و لابد أن نشير إلى أن أرباب الاحتكارات الكبرى يصنعون القرار السياسي ببلدانهم و يكون ممثلوها حاضرين في البرلمانات و الحكومات و عند لقاءات رؤساء الدول ، فجورج بوش الأب لما زار اليابان في العام 1992م ، اصطحب معه وفدا يضم عددا من رؤساء الشركات و منهم رئيس شركة فورد لصناعة السيارات ، و كان قد أصيب بنوبة قلبية بعد فشل المفاوضات بين الولايات المتحدة و اليابان بشأن تضرر صناعة السيارات الأمريكية من زميلتها اليابانية ، و لفهم الأمر أكثر تمكن الإشارة إلى أن ترشيح جيمي كارتر(13) للرئاسة الأمريكية قد تم من طرف رجال يمثلون الشركات الكبرى مثل بنك “تشاز منهاتن بنك ” و “بنك أوف أمريكا ” و “كوكاكولا ” التي دعمت أيضا نائب الرئيس الذي كان رئيسا لنقابة عمال مزارع الكوكا التابعة لشركة كوكا كولا طبعا ، و كان عمال المزارع الكوكا قد دخلوا في إضراب عن العمل قبل العام 1976 لكن رئيس نقابتهم خانهم ة ارتمى في أحضان المشغلين، و في هذا الصدد ، منحت شركات المعلوميات مبلغ 24 مليون دولار للحزبين المتنافسين على رئاسة الولايات المتحدة في انتخابات سنة 2000.
في بداية الثمانينيات من القرن الماضي، وضع وزير الثقافة التونسي برنامجا من أجل تطوير السينما التونسية و الوصول بها إلى مستويات أرقى ، و هذا لم يكن طبعا في صالح صناعة السينما الأمريكية ، وقد تدخل السفير الأمريكي في تونس شخصيا لأجل وقف تنفيذ المشروع و مورست ضغوطات على وزير الثقافة من أجل وقف المشروع مما أدى به إلى تقديم استقالته دون أن يطأطئ رأسه و لنا أن نعلم أن حجم صادرات السينما الأمريكية إلى الخارج بما فيها أفلام الكرتون قد بلغ عام 1999 حوالي 80 مليار دولار وهو ما يفوق الناتج الداخلي الخام لدولة متقدمة كالبرتغال أو لوكسمبورغ ، علما أن المنتوج الإعلامي الأمريكي يرسخ مقولة تفوق البطل الأمريكي الذي لا يقهر كما ترسخ قيم المجتمع الاستهلاكي الأمريكي و النزعة الفردية و السلوك الأناني، إن المنتوج الإعلامي الأمريكي يروج بكل بساطة للقيم الأمريكية في عمقها الاستهلاكي.
بحر قزوين ، يشهد صراعا حادا بين قوى محلية و عالمية ، وقد وقعت الولايات المتحدة اتفاقيات لبناء أنابيب لنقل النفط و الغاز الطبيعي عبر تراب جمهوريات تركمنستان و أذربدجان و جيورجيا إلى تركيا حيث سيتم نقل النفط من باكو إلى ميناء شيحان التركي وهو ما يمنع إيران من تقوية نفوذها بالمنطقة ، و الشركات الكبرى فرضت مرور نفط بحر قزوين بتركيا على مروره بإيران على الرغم من أن تكاليف مرور الأنبوب بإيران أرخص من تكاليف مروره بتركيا حيث تبلغ تكاليف الأول 1.5 و الثاني 4.3 مليار دولار(14)، و ذلك يتفق طبعا مع مصالح الولايات المتحدة في المنطقة .
و يذكر الدكتور حسن عنبري في كتابه محاضرات في العلاقات الدولية بأن أحدهم علق قائلا : (ماهو جيد لأمريكا جيد لجنرال موتورز)(15)،بحيث غالبا ما تتطابق مصالح الدول مع مصالح الشركات الكبرى إذ يقدم كلاهما للأخر خدمات كبرى ، ففروع الشركات الكبرى مصدر هام للمعلومات بالنسبة لأجهزة المخابرات الأمريكية التي كثيرا ما يعمل رجالاتها المتقاعدون بالشركات الكبرى ، فالمصالح … وراء الأزمات دائما،و للتدليل على ذلك، ضمت إحدى الشركات النفطية الكبرى في تسعينيات القرن الماضي حوالي 30 من العملاء الخاصين الذين سبق لهم العمل في CIA أو في مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI ، و هذه العلاقات العضوية القديمة القائمة بين الوكالات الاستخباراتية و الشركات البترولية الأمريكية أعيد تنظيمها(16) في إطار شركات خاصة لم تعد تخضع الآن للمراقبة السياسية للكونغرس ، و كانت الولايات المتحدة قد أسست نظاما للتجسس عبر الأقمار الصناعية يسمح لمراقبة كل الاتصالات الهاتفية في العالم و بمراقبة البريد الالكتروني أيضا ، و هذا النظام شاركت فيه الولايات المتحدة و أستراليا و بريطانيا و قد استغل من أجل التجسس على صفقات الشركات العملاقة التي تنافس المقاولات الأمريكية و البريطانية ، و على سبيل المثال : استطاعت شركة بوينغ الأمريكية أن تفوز بصفقة تزويد البرازيل بطائرات مدنية جديدة علما أن الخطوط الجوية كانت على وشك توقيع اتفاقية لشراء طائرات مدنية من شركة إيرباص الأوروبية غير أن الأمريكيين ، و بفضل نظام أخيليون للتجسس كانوا على علم بتفاصيل الصفقة فحولوها لصالحهم و في نفس السياق تدخلت الإدارة الأمريكية لطرد شركة بريداس الأرجنتينية العاملة في ميدان مد أنابيب الغاز من آسيا الوسطى لصالح شركة يونوكال الأمريكية التي أعلنت في بيان لها بعيد هجمات 11 سبتمبر 2001 أن مشروعها المجمد لمد خط أنابيب الغاز بأفغانستان سيبقى مجمدا و أنها ترفض التعاون مع حركة الطالبان قبل سقوطها(17) ، بل إن حميد قرظاي، الرئيس الحالي للحكومة الأفغانية التي حلت محل حركة طالبان كان مستشارا لدى شركة يونوكال و يحمل الجنسية الأمريكية .

الشركات العالمية ، هي في الواقع شيطان خطير ، و هذا الشيطان ، يخرب كل شئ ، فمن اغتيال القيم الإنسانية و تخريب الثقافات الوطنية و تدجين الشعوب إلى تشويه الحقائق و تكريس الفوارق بين الشعوب و بين الطبقات ، و لهذا الغرض تستخدم الشركات العالمية المنظمات الدولية كوسيلة من الوسائل التي تتيح لها استغلال بلاد العالم الثالث و بعبارة أخرى فإن المنظمات الدولية تقع في خدمة المصالح الجماعية الرابطة بين برجوازيات العالم التي تسير الشركات العملاقة، و من بينها صندوق النقد الدولي FMI – البنك الدولي BIRD ، المجلس الاقتصادي العالمي وهيئة التنمية الدولية AID(18)، و تستغل هذه الشركات المؤسسات المالية الدولية لحسابها، فالمصارف الكبرى لا تمنح القروض للدول الممنوحة إلا بعد موافقة صندوق النقد الدولي الذي يًهيكل اقتصاديات دول الجنوب و يقدم لها قروضا بشروط تقتضي تحقيق توازنات ماكرو اقتصادية مثل تخفيض نسب التضخم إلى أقل من 3% وهو ما ينعكس سلبا على السياسات الاجتماعية للدول المقترضة التي تلجأ – بناء على توصيات صندوق النقد الدولي- إلى تخفيض عدد الموظفين و تقليص الميزانيات المخصصة للتعليم و الصحة و التجهيز في إطار ما يعرف بسياسة التقشف و ترشيد النفقات(19) و تلك إجراءات يهدف منها الدائنون إلى أن يجد المدينون ما يؤدونه كديون للأبناك و للجهات الدائنة و قد بلغ حجم ديون العالم الثالث سنة 1992 حوالي 1300 مليار دولار ، و في نهاية عام 2000 ارتفعت قيمة الديون إلى 2100 مليار دولار منها فوائد بقيمة 343 مليار دولار .
فالمغاربة مثلا كانوا يخصصون إلى حدود سنة 2000 ، 50% من الميزانية للتسيير و 17% للتجهيز، و 33% لخدمة الدين الخارجي ، وكان المغرب عام 1983 قد خفض مناصب الشغل المخصصة للتعليم من 17000 سنة 1982 إلى 8000 فقط و بذلك تقدم الدول المستدينة ديونها للمصاريف العالمية التي تراقبها شركات كبرى و ذلك لمنعها من تركيز الفائض في حدودها الوطنية ، بل إن ذلك الفائض يعود إلى الدول المتقدمة ، علما أن فوائد الديون المستخلصة من الدول الفقيرة استخدمت طيلة ثمانينيات القرن الماضي للحفاظ على التضخم في مستويات دنيا تتراوح بين 3% و 4% كما استخدمت في الرفع من قيمة الاستثمار في الرأسمال العالمي الذي ترعاه طبعا الشركات العملاقة ، و تجدر الإشارة إلى أن أثرياء الخليج العربي قد اندمجوا في الاقتصاد الرأسمالي العالمي و صارت لهم أسهم في كبريات الشركات العملاقة، فقبيل حرب الخليج الثانية كان الكويتيون يراقبون 50 % من أسهم شركة ميرسيدس بنز الألمانية.
وهكذا لا تستطيع الدول المستدينة خدمة أهدافها التنموية ، فالمؤسسات المالية الدولية أداة في يد الشركات الكبرى لمراقبة المحيط الاقتصادي العالمي ، و أهم أداة هي صندوق النقد الدولي الذي استوعب فائض الدول الخليجية من الأموال المترتبة عن صدمة 1973 البترولية خصوصا و أن هذه الدول لم تكن تتوفر على البنيات اللازمة لاستثمار ذلك الفائض الهام من الأموال ، و لهذا أعاد صندوق النقد الدولي و غيره من المؤسسات المالية الدولية تدوير هذه الأموال كما جرى توظيف قسم كبير من هذه الفوائض في سندات صندوق النقد الدولي و البنك العالمي IB ، هذه المؤسسات ساعدت الدول الأعضاء المتضررة من ارتفاع أسعار النفط – بما تجمع لديها من فائض مالي معظمه قدم من دول الخليج- على تمويل العجز في موازين مدفوعاتها من الاموال المقترضة من دول الأوبيك(20) ، و ما أن حلت نهاية السبعينيات من القرن الماضي حتى حصلت بأوروبا و أمريكا و اليابان و فرة كبيرة في رؤوس الأموال القابلة للتنقل بفضل الأموال الخليجية دائما و صار صندوق النقد الدولي هيئة استشارية منذ بداية ثمانينيات القرن العشرين ، التي تلجأ إليها البنوك الأوربية الدائنة الكبرى المنضوية تحت لواء نادي باريس و نادي لندن ، هذه البنوك أحجمت عن تقديم القروض للبلدان النامية من دون توصية من صندوق النقد الدولي أو من البنك العالمي الذين تعتبرهما ضمانة لإمكان تسديد القروض بل إن نادي باريس للدائنين الحكوميين الغربيين ينتظر دوما إذنا رسميا من إدارة الصندوق بمنح القرض لبلد ما قبل اتخاذ قراره النهائي لكن المشكلة تكمن في أن الطبقة الحاكمة في الدول المقترضة و القوى المرتبطة بها من وزراء و كبار الضباط في الجيش و الرؤساء و أقرباؤهم يحولون هذه القروض إلى حسابتهم الخاصة ، و على سبيل المثال حول الرئيس السابق للزائير موبُوتو سيسيسيكو (الكونغو الديمقراطية حاليا) مئات الملايين من الدولارات إلى أبناك في الخارج اكتشف منها 500 مليون دولار ، بعض هذه المبالغ حصل على جزء منها من تحويل الديون الخارجية إلى جيبه أودعها ببنوك سويسرية بحسابات سرية ثم إن الرئيس الإندنوسي السابق استولى هو و بعض أولاده و عائلته على أكثر من 4 ملايير دولار و من أموال الشعب الإندنوسي و قاموا بتأسيس شركات لها مصالح مهمة مع الاحتكارات الأجنبية الكبرى ، و في نفس السياق ، أعادت الابناك السويسرية جزءا من أموال الدكتاتور الفليبيني السابق الراحل فيروناند ماركوس و دكتاتور هاديتي السابق جون كلود دوقاليي ، كما أعادت جزءا من ودائع ديكتاتور بيكاراغوا السابق سالازار و تشاو سيسكو دكتاتور رومانيا كما هو الشأن بالنسبة إلى موسى ضراوري الرئيس المالي السابق .
لقد استعانت الولايات المتحدة و أوروبا بالجنرالات أمريكا اللاتينية خصوصا بعدما قام الرئيس الأمريكي هاري ترومان عام 1947 بالإعلان عن محاصرة الخطر الشيوعي في العالم أينما كان وهو المبدأ المعروف بمبدأ ترومان ، و لهذا منح الجنرالات في البرازيل كما في الأرجنتين أو نيكاراغوا امتيازات كبيرة للشركات الأمريكية و كذا الفئات الاجتماعية التي ستشكل القاعدة الاجتماعية للأنظمة العسكرية الديكتاتورية فأغرق الجنرالات بلدانهم في ديون أجنبية هائلة، فالحكومات العسكرية التي تعاقبت على حكم أغلب بلدان أمريكا الجنوبية نهجت طريق الليبرالية المتوحشة و ذلك بالتقليص من النفقات الاجتماعية كالتعليم و الصحة و توسيع عملية الخوصصة لتشمل القطاعات الإستراتيجية في الدولة كقطاع الطاقة و المعادن و النقل الجوي و امتدت إلى تحرير الاقتصاد و المبادلات التجارية مع الخارج و رفع معدلات سعر الفائدة ، هكذا بين سنتي 1976و1989 و هي المدة التي حكم خلالها الجنرالات بالأرجنتين المدعومين من قبل الولايات المتحدة ارتفع الدين الخارجي من 7.6 مليار دولار إلى 132 مليار دولار في نهاية عام 2001 حيث وجد الأرجنتينيون أنفسهم غارقين في حجم من المديونية قدره خبراء آخرون ب 155 مليار دولار(21) ،والطامة الكبرى تكمن في أن الرساميل التي تمر بها الزعماء السياسيون و النقابيون و أرباب العمل بلغ 120مليار دولار كما أن الارجنتينين اصطدموا بواقع مر ، فهم لا يملكون في الأرجنتين شيئا :

و بالمقابل ترعى منظمة التجارة العالمية OMC الاتفاقيات التجارية العالمية و اتفاقيات المنظمة العالمية للتجارة و التعرفة الجمركية عبر جولة الارغواي 1986 ودورة مراكش 1994 في إطار اتفاقيات Gatt التي تقضي بنودها بإلغاء الحواجز الجمركية و تحرير بعض القطاعات التي كانت إلى عهد قريب قطاعات استراتيجية في يد الدولة مثل قطاع الاتصالات و البريد ، و قد حرر المغرب مثلا قطاع الاتصالات لصالح شركات أجنبية تستثمر في المغرب و تنقل أرباحها إلى الخارج و ذلك لا يؤدي طبعا إلى خلق فائض يبقى داخل الوطن من أجل تجهيزه بالبنيات الصناعية اللازمة التي تمكنه من التقدم ، و إلغاء الحواجز الجمركية هو إجراء في صالح الاحتكارات التي تتطلع إلى السيطرة حتى على المعادن في باطن الأرض ، و يمكن في هذا الصدد أن نشبه دول الجنوب بالإله الإغريقي سيزيف وهو يحمل الصخرة إلى أعلى الجبل ثم يعود أدراجه بعد أن تتدحرج الصخرة إلى الأسفل ليحملها من جديد إلى القمة في حركة دؤوبة لا تنقطع.
حاليا ، تسعى إلى تحقيق أرباح أعلى بتكاليف أقل ، و التشريعات الحالية لا تضمن حقوق العمال الذين يتم تسريحهم، فشركة ليديك التي تقوم بتوزيع الكهرباء بالدار البيضاء سرحت عددا من العمال لزيادة هامش الربح ، و الأكثر من ذلك فقد احتج المواطنون المغاربة على الزيادة المهولة التي عرفتها أسعار الماء و الكهرباء أواخر العام 1999 و المسؤول طبعا … ليديك الفرنسية(22).
إن الشركات العملاقة تستفيد حاليا من إعادة جدولة ديون البلاد المستدينة فتشتري منها المؤسسات الصناعية و الاقتصادية بصفة عامة وتقوم بتسريح العمال ، و داخل البلاد المصنعة نفسها ، صارت الدولة تخفض الإنفاق الحكومي و الأجور و المساعدات الاجتماعية بسبب إلحاح الشركات العملاقة على ضرورة التخفيض من الضرائب المفروضة عليها ، لأن إجراءات كهاته ، تدعم موقفها المالي في البورصات و أسواق القيم، و هذا يقلص من مداخيل الحكومات و يساهم في زيادة نسبة البطالة ، خصوصا بعد تحرير تنقل رؤوس الأموال، و قد صارت أسواق المال في استقلال عن رقابة الحكومات و المؤسسات الدولية ، و لسوف نصاب بالدهشة عندما نعلم بأن حجم قيمة المعاملات بالبورصات العالمية يفوق 50 مرة حجم قيمة المبادلات التجارية الدولية.
إن العلاقة(23) وطيدة بين المال و النفط ، فتخفيض سعر النفط من طرف الدول المنتجة يأتي بعد ضغوط الدولة الغنية المستوردة و ذلك حتى يتأتى تخفيض سعر الفائدة المصرفية وهو ما يعتبر في صالح الاحتكارات الكبرى من أجل الحصول على أموال تستثمر ، و كان تحرير سوق المال بفرنسا و ايطاليا قد تم عام 1990 بعد ضغوط الشركات العملاقة و في مقدمتها F.I.A.T و بوجو ، و لهذا بات المال أحد الأنشطة الرئيسة لكثير منها ، خصوصا و أن الاستثمار في المال أضمن من الاستثمار في السلع المادية و الخدماتية ، فالمال يسهل نقله – مهما كان حجمه – من بورصة إلى أخرى خصوصا و أن الاقتصاد العالمي يدار بواسطة رموز و مؤشرات ، و بفضل توفرها على سيولة نقدية مهمة فإنها تتحكم في اقتصاديات الكثير من الدول التي تعرف نسبا متدنية من الادخار الداخلي وفي نهاية المطاف ، انهارت البورصات عام 1998 في اندونيسيا و ماليزيا و كوريا الجنوبية و سنغافورة و توقفت بالتالي عجلة النمو العادية ، لهذا فالشركات الكبرى تتحكم في أسواق المال و صرف سعر الفائدة ، ذلك أن ” بتر فلنبرج peter waleniberg ” أحد كبار صُناع الشاحنات بألمانيا هدد عام 94 بنقل مركز مؤسسته إلى الخارج في حالة عجز حكومة الائتلاف عن خفض العجز في الموازنة الحكومية(24) .
و لنا أن نعلم بأن شركة Toyota تنتج من السيارات خارج اليابان أكثر مما تنتجه داخل الحدود الوطنية بعد تسريح عدد كبير من العمال اليابانيّين ، ثم إن شركة فولس فاكن الرائدة الأوروبية في صناعة السيارات تأتي بنصف المعدات من الخارج : المكسيك و جمهورية التشيك و إيطاليا و إسبانيا و الجارة فرنسا ، و الملاحظ أن الصناعات المصدرة هي صناعات ملوثة مع العلم أن صناعية السيارات بألمانيا استغنت عن 300 ألف منصب شغل بين سنتي 1991 و 1995 مع أن عدد السيارات المنتجة سنويا ظل ثابتا(25) ، كما أن كثيرا من هذه الشركات تلحق الأذى بالشعوب الفقيرة ، فشركتا “كاسل ” و ” كوك” كانتا قد جلبتا إلى دول عديدة مركبات كيماوية هي عبارة عن مبيدات حشرية ممنوعة بأمريكا و ألحقت هذه المبيدات أضرارا خطيرة بالصحة و المزروعات ، أما شركة ستريو الفرنسية فقد صدرت إلى العراق عام 1986 كميات دم ملوثة أصابت 133 شخصا بالإيدز و هذه الشركة حملت منذ 1999 اسم أفونتيس ياستور بعد اندماج الشركة الفرنسية “رون بولنك” بالألمانية “هوكست” ، و عام 1992 اعترف معهد سيتريو بإرسال شحنات دم لم تخضع لفحوص الدم مما أدى بوزارة الصحة العراقية إلى رفع دعوى قضائية ضدها لدى المحاكم الفرنسية .
السلاح ، أحد مصادر الأذى ، إذ أن عددا من مراكز صناعة السلاح و في مقدمتها شركة بوينغ و لوكهيد سعت إلى تصنيع الأسلحة بعدد من دول الجنوب كمصر و الأرجنتين و البرازيل و الفلبين ، فرخصت لها بتصنيع كثير من الأسلحة دون أن يتم المساس بالتفوق الغربي الكاسح في صناعة الأسلحة، و هي استراتيجية تهدف إلى تحويل أموال هذه الدول من أهداف التنمية إلى التسليح لتشكل سوقا للمنتجات الغربية ، و هكذا ، فشركة ميراج الفرنسية لصناعة الطائرات الحربية رخصت لمصر بصناعة مقاتلات من طراز 2000 Mirages .
7 – المال و الإعلام :
لقد تطورت صناعة الإشهار كثيرا منذ اختراع التلفزة و السينما و اكتشاف البث الفضائي المباشر ، علما أن الإشهار نشاط مارسه الإنسان منذ القدم ، غير أنه تجدد في العصر الحالي و تطورت و سائله بشكل لم يسبق له مثيل من قبل حتى غدا في الوقت الراهن صناعة قائمة بذاتها تنافس الصناعات التقليدية ، وقد مكَّن اختراع التلفزيون و البث المباشر من تبوأ الإشهار مكانة هامة في حياتنا المعاصرة لأنه أنجح الوسائل في التأثير على ملايين بل مئات الملايين من المستهلكين في وقت واحد، وقد مكن اليوم البث الفضائي منذ بداية تسعينيات القرن الماضي من ازدهار الإشهار الذي بفضله أصبح تمويل القنوات التلفزية أرضية كانت أم فضائية لا يطرح مشكلا عويصا.
يعتمد الإشهار على التلفزي على عنصرين أساسيين الصوت ، و الصورة ، غير أن الصورة أهم عناصر الإشهار الذي يعتمد على بث الصورة السريعة المبسطة التي لا تتيح للمتلقي وقتا للتفكير في مضمون خطابها و القصد من ذلك أن تكون أكثر فعالية لجلب انتباه مشاهدين أكثر ، فالصورة رسالة يوجهها المرسل إلى الجمهور ، هذه الرسالة تستخدم لتثبيت آراء حول موضوعات محددة –استهلاكية بطبيعتها – سرعان ما تتحول إلى حقيقة راسخة في ذهن المتلقي، فعدم تناول الحليب يصيب الإنسان بتفكك العضلات حسب إحدى الوصلات الإشهارية و الحل يمكن- حسب هذه الوصلة – في شرب نوع معين من الحليب ، بل إن الإشهار بات يتحكم في ذوق المشاهدين و يغير أنماط سلوكهم بوساطة تأثير الصورة التي تلتقطها العين و تمر عن طريقها إلى الدماغ حيث يتم تخزينها دون تفكيك رموزها أو التفكير في دلالاتها.
إن الصورة ، باتت تحمل مع الإشهار إيديولوجيا و ثقافة المرسل ، بمعنى آخر ، إنها تقدم قيما أخرى تعود إلى مجتمعات متقدمة صار فيها تحقيق الربح غاية أساسا في الحياة ، إنها بتعبير أوضح تقدم رؤية للكون و الحياة هي ذاتها رؤية أرباب المقاولات الكبرى بحيث غدا الاستهلاك قيمة أخلاقية كما غدا تسليع المرأة و تشييؤها أمرا مسلما به بعد أن انتزعت منها صفتها الإنسانية، فالإعلان عن منتوج جديد يتم بوساطة بث صور عبر وسائط مختلفة : الجرائد – الإنترنيت – القنوات التلفزية ، و استغلال المكبوت الجنسي عند المستهلك صار أمرا واقعا و لتلبية رغبته الوهمية ، يعمد خبراء الإشهار إلى اختيار وجوه نسائية شابة و جميلة تمتلك قواما رشيقا فتتم تعرية غالبية جسد الأنثى لتحقيق رغبات وهمية عند المستهلكين و بحكم تكرار الوصلات الإشهارية ، غدا استهلاك المنتوجات الصناعية مسألة مفروغا منها مادامت الوصلات الإشهارية تحقق هذه الرغبات على مستوى اللاوعي الذي يتجسد في الإصرار على تعرية جسم المرأة و إبراز مفاتنها الجسدية .
لقد باتت السلع تملك عمرا افتراضيا قصيرا لأن فلسفة الإشهار هي الإقناع الذي يولد الرغبة في الشراء لإشباع حاجات وهمية خلقها الإشهار، وعلى سبيل المثال، تجتهد شركات صناعة النسيج في تطوير نماذج جديدة من الألبسة في مدة زمنية لا تزيد عن سنة حتى يتسنى للمستهلك التخلص من القديمة و شراء ألبسة أخرى ليس في حاجة إليها ، و قد نجح الإشهار في ترسيخ مؤسسة الموضة في كيان أغلب المجتمعات المعاصرة.
فالإذعان للموضة دلالة على سيادة ثقافة الاغتراب مادامت الموضة تشبع الحاجات المنفلتة من إشباع الفرد لها ، إنها تؤسس وعيا لا ينتمي إلى الواقع الذي يعيشه بكل تناقضاته لأن الموضة توحد بين الفقير و الغني ، و من مظاهر ذلك اللباس و أدوات التزيين التي توحي خطأ بعدم وجود فوارق في المجتمع مادام الجميع يستهلك نفس النوع من الأزياء ، وهذه العملية تستر الفوارق بين طبقات المجتمع بغطاء شفاف لتأكيد اندماج اجتماعي وهمي بين طبقات المجتمع و فئاته المتنافرة في إطار عملية تدجين واسعة يكون ضحاياها الفقراء الذين لا يتمتعون بحصانة ثقافية ضد مظاهر التدجين و الاستيلاب على أن الإشهار لا يشتغل وحده في الميدان إذ تعمل إلى جانبه السينما حيث تمرر الأفلام ، خصوصا الأمريكية منها ، قيما استهلاكية أمريكية و معايير أخلاقية تشجع على التفسخ الخلقي و الميل إلى الاستهلاك لدى الفرد و الاغتناء بطرق غير مشروعة ، فكانت النتيجة أن تلفزيونات العالم تبث أكثر من 75% من الإنتاج الذي تصدره الولايات المتحدة كما تفيد إحصاءات أخرى أن 80% من إيرادات صناديق التذاكر في دور السينما البريطانية تأتي من عرض أشرطة أمريكية، أما دور السينما الفرنسية فتعرض 60% من الأفلام الأمريكية و في دول أروبية شرقية كالتشيك و بولونيا و هنغاريا فإن النسبة تبلغ 90%(26) من مجمل الأفلام المعروضة حتى غدت أمريكا تصدر ثقافتها الاستهلاكية إلى باقي دول العالم كآلية من آليات ترسيخ مفهوم الإنسان الاقتصادي ذي البعد الواحد : الاستهلاك ، و كل ذلك بفضل مجموعة من شركات ضغط تتكون من شركات سينمائية عملاقة هيمنت على الانتاج السينمائي الأمريكي و من ثم العالمي ابتدءا من ثلاثينيات القرن الماضي ، و من أشهر الشركات الأمريكية العاملة في الميدان : mgmpranamout – waaner brother-rkdradio-20th centry fox و بعدها تأسست شركات أخرى فرضت نفسها على الساحة مثل united artistes – colombia و walt disny إضافة إلى شركتي NBC و برودكوستينغ و CBS ، هذه الشركات استقطبت كبار الممثلين و المخرجين من مختلف أقطار المعمور و صنعت منهم نجوما كما استقطبت أبطالا رياضيين عالميين في فنون القتال و كمال الأجسام، ، وقد اشتغل في هوليود الممثل المصري الشهير “عمر الشريف” و المكسيكي الأصل ” انطوني كوين” و الممثلة الكولومبية العربية الأصل “سلمى الصائغ” و الفرنسي آلان دولون و البطل الياباني جاكي شان jakie chan، كما أخرج المخرج الإيطالي لصالح هوليود روائع أفلام لويسترن و قام صديقه الإيطالي إينيوموريكون بوضع الموسيقى التصويرية للعديد من أفلام هوليود و تم كذلك استقطاب البطل البلجيكي في فنون القتالjean cleaud van-dam .
و تراقب هذه الشركات مجموعة من دور السينما على التراب الأمريكي حتى لا تسمع بعرض أفلام تنتمي إلى بلدان أخرى تؤسس رؤية جديدة إبداعية قد تزاحم منتوجها السينمائي ، ثم إن هذه الشركات لم تعد تنتج أفلامها بهوليود فقط ، بل راحت تنتقل إلى أماكن أخرى من العالم لتصوير أعمالها الضخمة كالمغرب الذي يوفر للأفلام التاريخية مجموعة كبيرة من الممثلين الكومبارس بأجور زهيدة.
هناك علاقة وثيقة بين الصناعة و الإعلام و الفن ، لهذا تلجأ هذه الاحتكارات إلى الإشهار و الاستثمار في الرياضة لدرجة أن “روبر مردوخ” إمبراطور الإعلام اشترى نادي منشستر يونايتد لكرة القدم بمبلغ مليار دولار عام 1999 و كان يفكر في تشييد ملعب لكرة القدم يتسع ل 10000 متفرج و مركب للتنس بمدينة طنجة المغربية قبل أن يغير رأيه و كان قبل ذلك في العام 93 قد اشترى محطة star و هي أكبر محطة بث فضائية في العالم ، كما أن تيدتيرنر اشترى شركة Time wirner للإعلام عام 1999 ب3.5 مليار دولار و تيدترنر الذي وكل سنة 2000 ملياري دولار خلال عشر سنوات لتمويل ميزانية منظمة الأمم المتحدة ، وهو مؤسس شبكة CNN الفضائية للأخبار التي احتكرت الخبر من ميادين القتال إبان حرب الخليج الثانية و نجحت في ضرب طوق من التعتيم حول أهداف الحرب و دعم التدمير الذي لحق بالعراق و حتى حجم خسائر قوات التحالف بإيعاز من قادة واشنطن قصد تشويه الحقائق أو التستر عليها لتبرير الجريمة البشعة المرتكبة في حق شعب العراق و حضارته .
إن السباق على الربح ، يلغي كل قيمة إنسانية نبيلة ، و إذا كانت صناعة الإشهار مزدهرة فلأن نشاط الشركات الكبرى توسع لمزيد من تحقيق الربح ، و ليتم ترويج المنتوج ، تخاطب المادة الإشهارية غرائز المستهلك ، إذ أنَّ ما يحدث في الحقيقة، هو تخدير عقول الناس بمؤثرات صوتية و بصرية مدروسة بدقة من طرف علماء النفس الإكلينيكي كما يتم تكريس النزعة الفردية و العدوانية لدى الأفراد الذين يستهلكون المنتوج الإعلامي بحيث تستقبل منطقة اللاشعور أفكارا استلابية و تؤثر بالتالي في سلوكهم ، فثقافة الاستهلاك هي الرائجة بما فيها انتشار الخرافة في ثوبها المعاصر كازدياد الاهتمام بالأبراج التي صارت تباع في أرصفة شوارع فاس والرباط ، ثم إن صناعة الإعلام يبلغ رقم معاملتها ملايير الدولارات ، و غالبا ما تشتري الشركات العملاقة مباريات كرة القدم لتمرير الإعلان عن منتجاتها بمبالغ خيالية ،وصارت تتحكم في نتائج مباريات كأس العالم لصالح المنتخبات التي تتمتع بصيت عالمي أو التي تنتمي إلى بلدان متقدمة لها جمهور يتمتع بطاقة شرائية مرتفعة.
تساند هذه الدينصورات التطرف الديني و السياسي طبقا لمصالحها ، فشركة آركو و يونوكال الأمريكيتان للنفط و شريكتها السعودية دلتا أويلdelta owel و بتعاون مع جهاز الاستخبارات الأمريكي CIA مولت حركة الطالبان بالسلاح للسيطرة على أفغانستان قصد بناء خط أنابيب للنفط يربط آسيا الوسطى بباكستان(27) و في كثير من الأحيان تعمل هذه الاحتكارات ضد مصالح الوطن الأم إذا كان ذلك يخدمها بالطبع.
كما أن شركة آركو النفطية الأمريكية ساهمت في تأسيس رابطة علماء العالم الإسلامي التي تتخذ مكة منبرا لها عام 1963 حيث يقوم علماء الرابطة بمحاربة كل تيار عقلاني في العالم العربي و إصدار فتاوى تخدم المصالح الأمريكية مثلما حصل مع الشيخ عبد العزيز بن باز الذي أصدر فتوى سوريالية عام 1991 تجيز استعانة المسلمين بكفار لمحاربة مسلم هو صدام حسين.
إن الأرباح التي تجنيها من دول الجنوب ، دفعت بالعديد من الأصوات و منها الديبلوماسي الكوبي الفين فونتين أورتيز إلى التصريح بأن الشركات الكبرى تربح 7 دولارات مقابل كل دولار تستثمره في البلاد النامية تُحَوَّل كُلُّها إلى الدول الإمبريالية ، ليتجمع الفائض في يد قلة على حساب مئات الملايين من المحرومين ، ففي العالم إلى حدود 98 كان يتواجد 800 مليون جائع ، و مليار يعيشون بأقل من دولارين في اليوم و رقم 6.7 مليار دولار التي حققتها هذه الاحتكارات في مصر وحدها عام 85 (28) يوضح البؤس الذي يعيشه ضحايا هذا الاستغلال.

لقد قام سكان حي يعقوب المنصور بمدينة الرباط المغربية بوقفات احتجاجية أمام المجالس البلدية و مقر شركة ريضالRidal نتيجة الارتفاع الصاروخي في فواتير الماء و الكهرباء من قبل نفس الشركة ، و قد شكَّل ذلك الرفض إدانة جماعية للتلاعبات في تسعير الخدمات ( الماء –الكهرباء – التطهير السائل)(29) وهو وضع أبان عن لامبالاة المجلس البلدي ووزارة الداخلية باعتبارها سلطة الوصاية أمام عدم التزام شركة ريضال الفرنسية بدفتر التحملات ما يكشف عن تواطؤ مكشوف بين هذه الشركة و المسؤولين ضد المواطنين المغاربة .
و مساء يوم الخميس 16 ماي 2022 ، تدخلت قوات الأمن في مدينة تطوان المغربية و قامت بعسكرة المدينة بدءا من الساعة الثانية بعد الزوال و قطعت جميع الطرق المؤدية إلى وسط المدينة مما أجبر عددا من المقاهي و العيادات الطبية و إحدى دور السينما على إقفال أبوابها مما سبب لأصحاب هذه المرافق خسارات مادية مهمة إضافة إلى منع المواطنين الغاضبين من الوصول إلى بعض المصالح الحيوية مثل مقر المجموعة الحضرية و المحكمة و مقر البلدية، و كان السكان قد شكلوا لجنة محلية لمواجهة الزيادات الصاروخية في الماء و الكهرباء حيث ضمت اللجنة إطارات جمعوية و رجال قانون، و قد تعرض ممثلو السكان الذين ينتمون إلى المجتمع المدني للضرب و الجرح من طرف قوات الأمن خلفت ستة جرحى وتَمَّ منعهم من الالتحاق بمقر البلديتين لمطالبهم بإعادة النظر أو تجميد عملية تفويت الماء و الكهرباء لشركة أمانديس الفرنسية التابعة لشركة فيفاندي العالمية للاتصالات ، و قد تم تفويت الماء و الكهرباء و تطهير السائل إليها في بداية القرن الحالي، و لمواجهة الوضع ، هدد رئيس المجموعة الحضرية لتطوان بتقديم استقالته إذا لم يتم احترام القدرة الشرائية للمواطن .
و من جهة أخرى فقد غدت الاحتكارات مسؤولية عن هجرة الأدمغة من البلدان السائرة في طريق النمو ، ذلك أن شركة ميديتيل للاتصالات مثلا ، افتتحت مدرسة لتكوين الأطر في مدينة البيضاء المغربية أما شركة سيسكو الأمريكية للاتصالات الأولى عالميا في مجال شبكات الانترنيت و بالاشتراك مع برنامج الأمم المتحدة للتنمية ابتداءا من النصف الثاني من سنة 2000 بادرت إلى إنشاء مراكز إعداد في بنين و في تسعة بلدان إفريقية أخرى من أجل إعداد الخبرات المؤهلة مما يؤدي إلى استنتاج مَفادُهُ تخَلِّْْي السلطات العامة عن الإشراف على التعليم في القطاعات الرئيسة الإستراتيجيَّة لصالح الشركات العملاقة .
من جهة أخرى،و إلى حدود منتصف سنة 2001 منحت السلطات الفدرالية الألمانية البطاقات الخضراء ل 8556 شخص، معظمهم من الهنود متخصِّصِين في صناعة الإعلاميات، و حسب غرف الصناعة و التجارة في تقرير صدر لها في بداية عام 2001 ، فإن الصناعة الإعلامية الألمانية في حاجة إلى 150 ألف خبير لا يمكن أن يغطيها النظام التعليمي المحلي، بل أدمغة هاربة من الفقر و التهميش و الغُبنِ.
ولا يقف الأمر عند هذا الحد، ذلك أن مبلغ ثروة بيل غيتس يفوق 65 مليار دولار ، و يعتبر حاليا ، أغنى رجل في العالم ، ثروته يفوق حجمها الناتج الداخلي الخام لدولة كمصر- يُعمِّرُها 80مليون شخص-، وهو الذي دفع سنة 2000 مبلغ 400 مليون دولار لمنظمة الصحة العالمية ، و عمل الشركات الكبرى قد أدى إلى سيطرة 20% من دول العالم هي أكثر الدول ثراءا على 84% من الناتج الإجمالي و على 84.2% بالمائة من التجارة العالمية و لها 85.5% من مجموع مدخرات العالم(30)، و هناك في العالم 358 مليار ديرا يمتلكون ثروة تضاهي ما يملكه 2.5 مليار من سكان المعمور(31) كما أن ثلاثة من الأغنياء وهم مليارديرات عرب هم غالبا من الأسر الحاكمة في الخليج كانوا يمتلكون عام 1991 ثروة بمقدار 200 مليار دولار وهو ما يفوق مجمل ديون العالم العربي تجاه الخارجية الإمبريالية علما أن هؤلاء الأثرياء لهم أسهم في كثير من الشركات العالمية الكبرى وهو ما يحرم بلدانهم من رؤوس أموال هامة.
إن الانعكاسات الخطيرة لتوسيع حجم الاحتكارات الكبرى ، لا تخطر على بال ، إن على المستوى السياسي أو الاجتماعي أو الاقتصادي ، فكثيرا ما أوصى صندوق النقد الدولي ، و كثيرا ما أوعزت الشركات الكبرى للحكومات المستدينة بتخفيض قيمة عملاتها بدعوى التشجيع على التصدير ، و من أمثلة ذلك ما حدث مع وزير المالية المغربي “فتح الله ولعلو سنة 2001 عندما قام بتخفيض الدرهم المغربي بنسبة 5% وهو إجراء كان في صالح الشركات الكبرى التي كانت تستثمر في المغرب لأن تخفيض قيمة الدرهم حقق لها أرباحا أعلى عند تصدير منتجاتها المصنعة في المغرب إلى الأسواق العالمية دون أي مبالاة بالقدرة الشرائية للمواطنين المغاربة التي تضررت بسبب ارتفاع أثمنة المنتجات المستوردة من خارج البلاد.
و سنشير إلى أن المؤسسات الصناعية الأمريكية ، العاملة في حقل صناعة الكهرباء قد عرقلت تطوير الصناعة الكهربائية البرازيلية التي شهدت تطورا كبيرا بين عامي 1950و1960 و باتت الاحتكارات الأمريكية تراقب 90% من هذا القطاع (32) و لا بد أن نشير إلى التهرب الضريبي ، فالاحتكارات الكبرى تجني أرباحا خيالية من نشاطاتها وفي العالم مصارف تستقبل الفائض دون أن يدفع أصحابه سنتيما واحدا كضرائب و تتواجد هذه المصارف في نقط مختلفة من العالم و تسمى هذه الأماكن جنات ضريبية لأنها أماكن تجري فيها المعاملات المالية في سرية تامة و من دون جباية ضريبية مرتفعة(33) :
و أول ملاحظة حول هذه الجنات يكمن في أنها تقع في مناطق إما تابعة للعرش البريطاني أو كانت تدور في فلكها ، كما سميت بذلك الاسم لأن الرساميل تنعم فيها بالاستقرار و الأمان لأنها لا تصرح بقيمة الودائع و تتستر بالتالي على عائدات نشاطات المافيا العالمية التي بلغت سنة 98 حجم 500 مليار دولار أي 3% من الناتج الإجمالي العالمي الخام وحسب صندوق النقد الدولي هناك 2000 مليار دولار إلى حدود عام 1996 تقبع في الجنات الضريبية دون احتساب قيمة تبييض الاموال و الجميع يعلم الأخطار الناجمة عن تجارة المخدرات و المواد الغذائية المهربة التي مر وقت صلاحيتها.
إن الجنات الضريبية تكتفي فقط بالمعلومات التي يزودها بها الزبون ، و غالبا ما يرمز للحسابات بأرقام توفر كل ضمانات السر البنكي بحيث تستوعب هذه الأبناك الأموال المحصلة من تجارة المخدرات و تهريب الأموال المنهوبة من طرف الرؤساء و المسؤولين الكبار في بلدانهم ، رؤوس الأموال هاته يتم تدويرها في الاقتصاد الرأسمالي العالمي مع عدم استثناء اقتصاد الجريمة المنظمة الذي تمثل عائداته 3%من الناتج الداخلي الخام لبلد في حجم ايطاليا ، و رؤوس الأموال الوسخة هاته تندمج في الاقتصاد العالمي عن طريق تبيضها في الأبناك التي تساهم في رساميل الشركات الكبرى و تنميها، و هذا هو السر في احتضان سويسرا لكل هذه الأموال التي تساهم في الميزانية الفدرالية بنصيب مهم حيث يصطدم رفع السر البنكي بسويسرا بعقبات قانونية متعددة خوفا من هروب الأموال من الأبناك السويسرية إلى أماكن أخرى بضربة إبهام على زر و ذلك على الرغم من انضمام سويسرا سنة 1997 إلى المعاهدة الأوروبية للتعاون القضائي في المجال الجنائي و التي تمكن القاضي السويسري من مساعدة في تحقيق جنائي مفتوح من طرف قضاة أجانب(34).
وفي دراسة أجرتها مجموعة ميديل لينتسMidel lents المتخصصة في الثروات المالية في العالم ، كان عدد الأثرياء الذين يملكون أكثر من مليون دولار عام 2000 هو 72 مليون شخص ، 220 ألف منهم يعيشون في الشرق العربي ، ذلك أن اللبانيين المغتربين كان لهم 40 مليار دولار أما العرب الآخرون – من غير الخليجيين- فكان عددهم يبلغ 15 ألف ثري بلغ مجموع ثرواتهم 50 مليار دولار بينما بلغ عدد المليونيرات الخليجيين 48 ألف ثري 36 ألف منهم ينتمون إلى السعودية ب 421 مليار دولار والإمارات ب 160 مليار دولار والكويت ب 98 مليار دولار أما البحرينيون والقطريون والعمانيون فقد بلغ عدد أثريائهم 12 ألف يتقاسمون 39 مليار دولار، وتعود أغلب هذه الأموال إلى الأمراء والوزراء وكبار ضباط الجيش، وهي الأموال التي يُعاد تدويرُها في الاقتصاد الغربي الرأسمالي، وحسب جريدة الواشنطن بوست، فإن 40 ألف سعودي يستثمرون بالولايات المتحدة ، ثمانية آلاف منهم ينتمون إلى الأسرة الحاكمة يفتتحون حسابات بسويسرا حيث يتراوح حجم الاستثمارات السعودية بالخارج بين 500 مليار و 1100 مليار دولار، وقدرت سنة 2000 ب 700 مليار دولار في الولايات المتحدة وحدها، هذا يعني، حسب نفس الصحيفة، أن السعوديين يضعون ثلاثة أرباع أرصدتهم في الولايات المتحدة والباقي في أوروبا وآسيا، ومن أشهر المؤسَّسات التي تتلقَّى الأموال السعودية مجموعة كارلايل carlaiel التي كسب فيها المسؤولون الإداريُّون أموالا طائلة وأبرزهم الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الأب الذي يُعَدُّ أكبر مُستشَارِيها، في حين أن إدارتها لا تملُّ من القول بأن ما يُستَثمِرُ من أموال سعودية لا يتعدى 1% من رأسمالها المقدر ب 12.5 مليار دولار في العام 2001، هذه الأموال المهربَّة حرمت الدول النفطية المصدرة للرساميل من بناء قاعدة اقتصادية صلبة، فهي تستورد كل شيء تقريبا : الألبسة والسيارات ومواد التجهيز إضافة إلى المياه الافتراضية التي تأتي من الخارج على شكل حبوب وفواكه، وقد انعكس هذا الوضع على البنية الاجتماعية، ذلك أن مليوني سعودي يعيشون تحت عتبة الفقر 75% من خريجي الجامعات معطَّلون عن العمل، بل إن هذه الكيانات النفطية، تعتمد في تسلُّحها بالكامل على بريطانيا وأمريكا وبدرجة أقل فرنسا، مما يعني أنها تعيش تبعيَّة أمنية وثقافية واقتصادية مطلقة للخارج.
الحـــــــــصيلة :
لهذا ، نستطيع أن نخرج بخلاصات حول النتائج المباشرة لعمل الشركات العملاقة في الدول السائرة في طريق النمو كما يلي:
تراجع سيادة الدولة أمام الطموح المتزايد للاحتكارات من أجل تحقيق ربح أقصى بتكلفة أقل سلاحها في ذلك تكنولوجيا متطورة وتسريح للعمال.
نهب العالم الثالث وعرقلة تطوره عن طريق تمويل النزاعات المسلحة أو عن طريق مراقبة بوساطة المؤسسات الاقتصادية الدولية ، فالمعدل الوسطي لمكافأة رؤوس الاموال يتراوح بين 25% إلى 30% (35) و الأرباح تعود للمركز مما يترك الدول الفقيرة ترزح تحت نير الفقير ونير المؤسسات الدولية التي أدت بزمبابوي مثلا إلى خدمة دينها الخارجي وبالمقابل غادر التلاميذ المدارس وأحجمت الأمهات عن الذهاب إلى المستشفيات نظرا لخفض الإنفاق الحكومي كما باعت الفتيات أجسادهن(36).
الإضرار بالبيئة بتصديرها الصناعات الملوثة كصناعة السيارات بالعالم الثالث.
جلب فائض رأي المال إلى الدول المصنعة على حساب الأمم الفقيرة ، خصوصا إذا علمنا أن اقتصاد الشركات كان ينمو طيلة تسعينيات القرن الماضي بمعدل 10% سنويا فيما الدول الصناعية ينمو اقتصادها ب 4%.
التحكم في الاقتصاد العالمي وفي أسعار المادة الخام لتلافي ارتفاع سعر الفائدة ، فارتفاع إنتاج النفط مثلا يؤدي إلى انخفاض أسعاره و بالتالي تخفيض سعر الفائدة المصرفية ، وكمثال على ذلك ، هدد الرئيس الأمريكي كلينتون الدول المنتجة للنفط باستخدام الاحتياطي الاستراتيجي الأمريكي في أواخر شهر فبراير من العام 2000 لما بلغ سعر البرميل 30 دولارا وقد قررت السعودية والمكسيك و فنزويلا الزيادة في الإنتاج لأن الشركات العملاقة تضررت من رفع سعر الفائدة الذي يؤدي إلى درء خطر التضخم ، لكنه بالمقابل يعيق نمو الاستثمار وقد كلفت إحدى أزمات النفط غانا خسائر بمقدار 280 مليون دولار بينما خسرت دول الخليج خلال 7 أشهر من العام 1998 حوالي 15 مليار دولار إثر انخفاض الأسعار بارتفاع الإنتاج و ذلك حسب أسبوعية المستقل الأسبوعي في عددها الذي يحمل رقم 248، علما أن انخفاض الأسعار كان نتيجة لتدخل الاحتكارات الكبرى في سياسة إنتاج و توزيع النفط على المستوى العالمي.
الاستلاب الثقافي أو الاغتراب ، فالبشر صاروا تحت تخدير وسائل الإعلام التي تنقل القيم الغربية على حساب القيم الوطنية و تدمر الأخلاق عن طريق استعراض جسد المرأة في الإشهار و استغلال المكبوتات الجنسية و المادية و ذلك يؤدي بالإنسان إلى أن يعيش غريبا عن واقعه و مشاكله الحقيقية معتقدا أن الجميع في الغرب يحيون حياة كيرك دوغلاس أو حياة أبطال مسلسل دلاس.
السيطرة على مراكز القرار السياسي ، فرؤساء الدول الصناعية الكبرى يجتمعون سنويا للتباحث حول المشاكل الاقتصادية و يدافعون عن مصالح الشركات الكبرى و غالبا ما يصبحون معهم مدراء الأبناك المركزية قصد اتخاذ الإجراءات الملائمة للحد من المشاكل الاقتصادية و درءا للصراع بين الاحتكارات العملاقة في إطار قمة الدول السبع المصنعة.
إن العالم تحكمه في حقيقة الأمر ديناصورات عملاقة، يجب أن تنقرض.

الهوامـــــــــــــــــش:

3– مظاهر القوة : EXXON و . م . أ 86.6 B.P بريطانيا 50 IRI ايطاليا 50 ONRON و . م . أ 101 5 – الغاية تبرر الوسيلة : 6- الشرور الكبرى : 90% من مصاريفها و 40% من مصانعها تقع في ملك الرساميل الأجنبية ، لهذا علينا ألا نستغرب عندما نعلم أن الدول الغنية لا تفرض قيودا صارمة على الحسابات السرية في أبناكها أو تفرض شفافية الأرصدة المالية لأن القروض المهربة من دول الجنوب تعود لتدور في فلك الاقتصاد الرأسمالي و تزيد هذه العملية الدول المقترضة فقرا إلى أن تضطر إلى بيع مؤسساتها الاقتصادية إلى شركات أجنبية عملاقة بأثمان بخسة، و النتيجة أن 90% من الاستثمارات الخارجية المباشرة في الدول النامية هي نتيجة لاندماج المقاولات الوطنية في الشركات الكبرى و كمثال على ذلك ، اشترت شركة فيفاندي الفرنسية 35% من أسهم المؤسسة اتصالات المغرب ب11 مليار درهم (1.1 مليار أورو) و هي الصفقة التي اعتبرها خبراء مغاربة مجحفة في حق شركة اتصالات المغرب التي يملك فيها الجنرال حسني بن سليمان ، قائد الدرك الملكي أسهما بقيمة 50 مليون أورو، ومما يساعد الحكام في دول الجنوب على نهب ثروات بلدانهم عدم استقلالية القضاء و فساده حيث لا يساعد هذا الواقع على محاسبة المرتشين و الناهبين للأموال العمومية لتنقض الذئاب الأجنبية بكل شراهة على المؤسسات الاقتصادية بأثمان تقل عن سعرها الحقيقي ، و في سنة 2022 اشترط صندوق النقد الدولي على إندنوسيا التخلي عن برنامجها الخاص لدعم و تطوير صناعة الطائرات المدنية مقابل منحها القروض التي تحتاج إليها ، و السبب بسيط وواضح ، فإندنوسيا بلد شاسع يمتد على مساحة 2 مليون كيلو2 مربع و يضم هذا الأرخبيل 13000 جزيرة معظمها غير مأهول، و يبلغ طول هذا الأرخبيل 2500 كلم ، و هذا ما يجعل البلد في حاجة ماسة إلى النقل الجوي للربط بين أجزائه المترامية و تطوير صناعة الطائرات الصغيرة و المتوسطة و هذا ما يهدد شركتي بوينغ لوكهد الأمريكية و إيرباص الأوروبية في المنظور الاستراتيجي، لأن من شأن تطور صناعة الطائرات المدنية الإندنوسية أن يزاحم هذين العملاقتين في الأسواق العالمية الخاصة بصناعة الطائرات المدنية. 8 – انعكاسات … خطيرة … كارثية: 1- جزيرة ألمان و تقع في بحر إيرلندة تابعة للتاج البريطاني مساحتها 570 كلم2 و سكانها 66 ألف نسمة . 2 – الجزرالأنكولونورمادية marnnel island تقع في بحر المانش تابعة للتاج البريطاني . 3 – إمارتا موناكو لنشنتاين –أندرو. 4 – الكاريبي باهاماس. 5 – دبي . 1 – د حسن عنبري ، محاضرات في العلاقات الدولية ص 81 ، الموسم الجامعي 96-97. 2 – الإمبريالية pierre de serraglans – Philippe baraillard ص 13 ترجمة عيسى عصفور ، سلسلة زدني علما ، منشورات عويدات ، طبعة 1982 بيروت. 4 – المرجع السابق ص 100. 5 – إنها ثالث مجموعة لصناعة الصلب باليابان ، المستقل الأسبوعي عدد 248. 6 – محاضرات في العلاقات الدولية ، ص 51. 7 – المستقبل الأسبوعي ، عدد 253. 8 – يفوق احتياطي كل من اندونيسيا و نيجريا. 9 – المستقل الأسبوعي عدد 240. 10 – ذاكرة ملك ، ص 76 الطبعة الثانية 1993، طبعة الشرق الأوسط. 11 – الإمبريالية ، ص 135. 12 – المستقل الأسبوعي ، عدد 240. 13 – محاضرات في العلاقات الدولية ص 96. 14 – المستقل الأسبوعي ، عدد 240 . 15 – محاضرات في العلاقات الدولية ، ص 88. 16 – قصة المفاوضات السرية بين واشنطن و طالبان- بيير أبراموفيتيشي، النسخة العربية من لوموند ديبلوماتيك، ملحق الصحيفة الأسبوعية، ص6 / يناير 2022. 18 – الإمبريالية ، ص 117. 19 – المستقل الأسبوعي ، عدد 229. 20 – دولارات الرعب،les dollard de la terreur ريتشارد لابوفيير، تعريب: عبد الكريم الأمراني عدد308 سنة 1999. 21 – انهيار نموذج صندوق النقد الدولي، كارلوس غابيتا، النسخة العربية من لوموند ديبلوماتيك، ملحق الصحيفة، عدد يناير2002 ص 2. 22 – يفوق سعر الكهرباء الذي تزود به شركة LIDIK المواطنين بالبيضاء 30% سعر ثمن الكهرباء الذي تزود به الوكالات المحلية المواطنين ، كما أن سعر الماء حسب تسعيرة LIDIK يفوق 40% سعر الوكالات المحلية كما أن هذه الشركة قد قامت بتسريح مئات العاملين و تركتهم للبطالة ، أنظر جريدة الاتحاد الاشتراكي عدد 6035 الصادرة يوم 18 فبراير 2000 ص 9. 23 – بلغ 41000 مليار دولار حسب المستقل الأسبوعي ، عدد 252. 24 – فخ العولمة ، ص 134-135 سلسلة عالم المعرفة عدد 238 ترجمة د.عدنان عباس و د. رمزي زكي. 25 – فخ العولمة ، ص 229-230. 26 – عبد الهادي بوطالب، العالم ليس سلعة : في نقد العولمة، منشورات الزمن، الكتاب 26 ماي2001، ص50. 27 – الأحداث المغربية ، ص 2 عدد 26 غشت 1999. 28 – النظام العالمي الاقتصادي الجديد ، ص 12-13، فلنتين اشتينين ، ترجمة د.شهرت العالم ط 1988. 29 – جريدة “العلم” المغربية ، عدد18 / ماي 2022. 31 – المرجع السابق ، ص 11. 32 – الإمبريالية ص 125. 33 – فخ العولمة ، ص 70. 34 – دولارات الرعب les dollard de la terreur للصحفي Richard labreviére، تعريب عبد الكريم الأمراني، يومية الأحداث المغربية عدد15/ غشت1999. 35 – Pierre jallè ، الإمبريالية و نهب العالم الثالث ،ص 70. 36 – الأحداث المغربية عدد 6 غشت 1999م . 2- الشركات الكبرى … النشأة و التطور : GENERAL MOTORS و . م . أ 127 TOYOTA اليابان 60 4- السياسة و المال : 17 – بيير أبراموفيتشي – المرجع السابق. 30 – فخ العولمة ، ص 85.
منقوووووول
قام بالبحث الأستاذ: صخر المهيف