التصنيفات
الكتب و المراجع الإسلامية

التاريخ مرآة الشعوب وخير دليل على هذا حضارتنا السامية -أرجو الإطلاع

التاريخ مرآة الشعوب وخير دليل على هذا حضارتنا السامية -أرجو الإطلاع


الونشريس



الحضارة الاسلامية

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
الصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين
نبينا الكريم ومن أتبعة بإحسان إلى يوم الدين

ببعثة النبي صلى الله عليه وسلم ودعوته إلى الإسلام بدأت تظهر حضارة جديدة مرتبطـة بالإسلام كدين ودولة وتاريخ ، ونبعث هذه الحضارة من أصول وأسس كان لكل منها دوره في نشأتها وخصائصها ومثلها (1)
وتقوم الحضارة الإسلامية على أسس راسخة وعميقة ، تتمثل في رصيد ضخم من القيـم الإنسانية التي لا بد منها لقيادتها وهي مع هذا الرصيد الهائل من القيم لا تنكر الإبداع المادي في الأرض ، لأنه يعد من وظيفة الإنسان الأولى منذ أن وجد الإنسان على ظهر الأرض.(2)
ومن الواضح أن البيئة التي نبتت فيها هذه الحضارة ونمت حتى استوت كانت موطنا لكثير من الحضارات القديمة المزدهرة ، فلا مناص من حدوث تجاوب بين القديم في هذا المجال ، فأخـــذ المسلمون واقتبسوا من الحضارات .(3)
ويمكن تقييم الأسس والمقومات التي قامت عليها الحضارة الإسلامية ، إلىأسس دينية وإنسانية وأخرى ترجع إلى التأثيرات الأجنبية .

أولا: الأسس الديني

1.الدين الإسلامي: انتشر الإسلام انتشارا تلقائيا في أجزاء كبيرة من العالم لعدالته وسماحته . ولم يكره الإسلام أحدا على الدخول فيه و وحد الإسلام بين العرب وبين الشعوب الأخرى. فصبغها بصبغة واحدة على أساس من العقيدة ومبادئ الإسلام السمحة.

والدين الإسلامي دين الفطرة بدليل قوله سبحانه : "فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون "(4)
فقد خلق المولى سبحانه وتعالى الناس على الجبلة الإنسانية التي تجمع بين مطالب الجسم والروح.وبناء على ذلك جاءت الأحكام التشريعية وفيها يجد الإنسان ما يلبى مطالب الجبلة الإنسانية

وتعتبر الأحكام التشريعية في الإسلام منهج حياة كامل للإنسان ليحقق الخلافة التي خلقنا الله من أجلها قال تعالى :"هو أنشأكم من الأرض و استعمركم فيها ".(5)
والإسلام عقيدة وشريعة دين ودنيا ، كما هو معروف – فالعقيدة تتمثل في وحدانية الخالق والتصديق بملائكته وكتبه ورسله وعلى رأسهم رسول الإنسانية محمد صلى الله عليه وسلم.
أما الشريعة فتعني الأحكام التي فصلها القرآن الكريم والسنة الشريفة باعتبارهما أهم مصادر التشريع الإسلامي.(6)

أ. القرآن الكريم :

لا ريب أن القرآن الكريم هو الأصل الرئيسي الذي نبعت منه الحضارة الإسلامية و المصدر الأساسي للإسلام الذي تنسب إليه ، ولقد نزل القرآن الكريم على النبي صلى الله عليه وسلم على مدى ثلاث وعشرين سنة التي ظل يدعو فيها إلى الله سبحانه وتعالى وكان المسلمون يقبلون على حفظها على ظهر قلب وبدأ جمع القرآن الكريم في عهد أبي بكر رضي الله عنه من المدونات لدى كتبة الوحي وبمساعدة حفظته.
وفي عهد عمر رضي الله عنه حفظ المصحف عند ابنته حفصة زوجة الرسول صلى الله عليه وسلم. وفي عهد عثمان رضي الله عنه ، دون منه نسخ و وزعت في الأقطار ثم تداول المسلمون هذه المصاحف ونسخوا منها .
وفي القرآن الكريم يمكن سر أصالة الحضارة الإسلامية وعظمتها فهو المصدر التشريعي الأول اشتمل على جميع أصول التشريع جاءت على شكل قواعد عامة وأصول ثابتة قامت السنة النبوية بشرحها وتفصيلها.
ومن الممكن أن نجمل مقاصد القرآن الكريم فيما يلي:
1- بيان أركان الدين من عقيدة وعبادات ، وعمل صالح .
2- بيان ما جهل البشر من أمر النبوة والرسالة و وظائف الرسل
3- تشريع ما يكمل البناء الإنساني من أفراد وجماعات في الأمور العلمية . والعملية وفي الحكم والقضاء والسلم والحرب .
4- التكاليف الشخصية من الواجبات والمحظورات .
5- قصص الأنبياء والمرسلين لتكون عبرة لأولى الأبصار.

السنــة النبويــــــة :

السنة كلمة عربية وردت في القرآن الكريم ست عشرة مرة منها ما اسند إلي الله تعالى ومنها ما أسند إلي العباد مرة بمعنى الطريقة الحسنة وهي الطريقة التي سنها الله تعالى ومرة بمعنى الطريقة السيئة وهي طريقة الكفار.
وعلى هذا اقتبسها المسلمون للطريقة التي كان عليها الرسول وأصحابه وشاع ذلك بين المسلمين في البداية مقابل البدعة.

وهي ما اصطلح عليه المحدثون ما روى على النبي صلى الله عليه وسلم من أقوال أو أفعال أو تقريرات ، واعتبرت السنة بها المعنى المصدر الثاني للتشريع الإسلامي بعد القرآن الكريم فهي جاءت مفسرة وموضحة لكثير من الأحكام الإجمالية التي وردت في القرآن الكريم . او تخصص عاما أو تقيد مطلقا (7).

وذلك انه يفصل ما أجمله القرآن ويفسر ما يصعب على الناس فهمه وعلى هذا فقد أصبح الحديث أساسا معصما من أسس التشريع في العبادات والمسائل الدينية (8).

النظام الاجتماعي :

النظام الاجتماعي المتكامل الذي جاء به الإسلام ، وصبغ به الحياة الإسلامية هو نظام رباني اختاره الله للبشرية لينظموا حياتهم عليه وليحيهم به حياة طيبة ويسعدهم به في الدنيا والآخرة ، ومن أهم أسس هذا النظام .

المساواة بين البشر:
يقيم الإسلام المجتمعات الإسلامية على قاعدة مهمة مستقيمة هي المساواة التامة بين البشر، ويقرر المساواة على إطلاقها ، فلا قيود ولا استثناءات وإنما مساواة تامة بين البشر بين حاكمين ومحكومين لا فضل لرجل على رجل ولا أبيض على أسود ولا لعربي على عجمي وذلك لقوله تعالى : يا أيها الناس إذا خلقناكم من ذكر وأنثى ، وجعلناكم شعوبا وقبائل لتتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم" (9) . قومية عالمية ، و وحدة إنسانية ، تمحى فيها الامتيازات القائمة على الاختلاف في الألوان واللغات والحدود الجغرافية.

الحريـــــة :

يقيم التصور الإسلامي المجتمع على أساس الحرية في أجل معانيها وأسمى مقاصدها ، وأروع مظاهرها من هذه الحريات.

حريـة الاعتقاد:

يقرر الإسلام حرية الاعتقاد ، ويجعل لكل إنسان الحق في أن يعتنق من العقائد ما شاء ، وليس لأحد أن يجبره على ترك عقيدته أو اعتناق عقيدة أخرى. وذلك واضح في قوله تعالى : " ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا ، أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين " (10) .
وقوله :" فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر" (11). ونفي الإكراه هنا معبر عنه بنفي الجنس.
ومناطق ازدهار الحضارة الإسلامية في بلاد الشام وفي العراق وفي الشمال الإفريقي وجنوب غربي أوربا شواهد تاريخية لا تقبل النقض لأن أبناء هذه البلاد أنفسهم كانوا حملة لواء . هذه الحضارة بعد أن هداهم الله إلى الدخول في الإسلام فلم تكن مفروضة عليهم دون أن يمتثلوها في نفوسهم ويؤمنوا بها ويكونوا جزءا من نسيجها.
كما أن الوقائع العملية هي الشهادة بالصبغة الإنسانية العالمية ولا حاجة للدينإلى شهادة أخرى متى ثبت له تاريخه الأول: إنه يضم إليه شعوبا من جميع السلالات والعقائد (12).
كما أن منهجية العقيدة الإيمانية في الإسلام قد تجلت بوضوح بخاصية الشمول ، التي تميز العبادة في الإسلام عن غيرها من الديانات والعقائد (13).
وإذا كان الإسلام قد حقق حضارة واسعة الأرجاء في فترة وجيزة زمنيا فإنه جاء بالقيم الإيمانية التي دفعت الإنسان المسلم لكي يحقق حضارة ذات وجود و فاعلية وبهذه العقيدة التي انبعثت عن القرآن مباشرة تكيف الإنسان المسلم . ومن خلال هذه العقيدة انطلقت الجماعة الإسلامية ممثلة في جيل الصحابة والتابعين وعلى رأسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لتكون بمثابة النواة في البناء الحضاري الإسلامي ، وحققت في دنيا الحضارات ذلك النموذج الحضاري المتميز ، المسمى بالحضارة الإسلامية .

اللغـة العربيـة :

اختارها الله ، سبحانه وتعالى لتكون لغة القرآن الكريم ومن ثم صبت الحضارة الإسلامية في وعاء اللغة العربية والى هذه اللغة ترجمت معارف البشرية وتجاربها القديمة وعندها نقلت الحضارة والثقافة الإسلامية إلى الشعوب الأخرى (14).
فقد كان العرب العنصر الأول والأساسي الذي حمل لواء الإسلام ومهمته الجهاد لنشر الدين خارج بلادهم وتوصيله لشعوب الدنيا كلهم (15) فاللغة العربية تمثل الأداة التي عبرت بها الحضارة عن نفسها وقد استطاعت أن تنتصر اللغة العربية في جميع البلاد التي فتحها العرب فحملت محل اللغات القديمة كاليونانية (16) والقبطية (17) و غيرها.
ويتصل باللغة العربية الخط العربي الذي ازداد منذ ظهور الإسلام واحتل الخط العربي مكان الصادرة بين الفنون الإسلامية الأخرى.
والخط العربي مثل اللغة العربية ،ويعتبر وسيلة التعبير عن الحضارة الإسلامية وعاملا معها من عوامل الوحدة فيه ، وهكذا كانت اللغة العربية أداة سليمة ودقيقة للتعبير العلمي والفني (18).

الســمات و الخصائــص

1. الإيمان جوهر الحضارة الإسلامية :

إذ كان لكل حضارة هويتها الخاصة التي تنطلق عنها ، وتعبر برموزها عن نوازعها وطاقاتها وأن تلك الهوية المميزة لكل حضارة هي التي تسيطر وتوجه جميع نتاج الحضارة من فكر وأدب وفن وعلم.
فإن الحضارة الإسلامية قد تميزت وكان لا بد لها أن تتميز بين حضارات الشرق وحضارات الغرب ذلك أنها انطلقت وسارت واستهدفت غاية لها وهي الإيمان بالله تعالى وحده لا شريط له ، ذلك أن التوحيد لب القضية الإيمانية (19).

فهي حضارة إيمان تؤمن بالله ورسالاته وأنبيائه عليهم السلام – وتهتديبهدي خاتم النبيــين محمد صلى الله عليه وسلم والحضارة الإسلامية عندما اتخذت الإيمان ركيزة لها إنما استهدفت أن تحمي كيانها بسياج نسيج من القيم الروحية والمثل الخلقية الكريمة (20).

فهي قامت على أساس الوحدانية المطلقة في العقيدة ، فهي أول حضارة تنادي بالإله الواحد الذي لا شريك له في حكمه وملكه هو وحده الذي يعيد ، وهو وحده الذي يقصد "إياك نعبد وإياك نستعين "(21).

هذا السمو في فهم الوحدانية كان له أثر كبير في رفع مستوى الإنسان وتحرير الجماهير من طغيان الملوك والأشراف، فهي تحرر الإنسان في نفسه فلا يكون مملوكا في نفسه ولا في بلده ولا في قومه بدليل قول الخليفة الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه (22)

"متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أماهاتهم أحرار" ويقول الحق تبارك وتعالى " قل هو الذي أنشأكم وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة " (23).

وهذه الوحدة في العقيدة تطبع كل الأسس والنظم التي جاءت بها الحضارة الإسلامية فهناك الوحدة في الرسالة والوحدة ، في التشريع والوحدة في الأهداف والوحدة ، في الكيان الإنساني العام .
2. الحضارة الإسلامية حضارة عالمية :قامت الحضارة الإسلامية على أساس إيمانها بالإسلام ونفورها من التعصب الديني واحترامها لكل الأديان الأخرى ، واعترافها بحق أصحابها في أن يمارسوا تعاليمها و طقوسها كما يريدون كان هذا مظهرا من مظاهر الحضارة الإسلامية منذ أن وجدت وفي التاريخ الإسلامي أمثلة كثيرة. ضربها الخلفاء و الولاة المسلمون حينما قربوا العلماء والمفكرين من كل الأجناس والملك (24).

فهي ليست حضارة محصورة في جنس واحد من بني الإنسان أو في مجموعة أجناس تطبيقا لقوله تعالى : "و ما أرسلنك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا "(25)

والواقع التاريخي يزيد من هذا المعنى تأكيدا فقد وسعت هذه الحضارة سكان الدنيا كلها رغم اختلاف عقائدهم ، وأنماط حياتهم الفكرية .
والدليل الواضح على عالمية الحضارة العربية الإسلامية أن كل البيئات التي عاشت هذه الحضارة استطاعت أن تطور حياتها معنويا و ماديا في ظلها وترتقي بجميع مكونات هذه الحياة رقيا كبيرا (26).

3. الحضارة الإسلامية صالحة لكل زمان ومكان:

لكن كانت الحضارة الإسلامية إنسانية وعالمية فإن مقتضى إنسانيتها وعالميتها أن تكون صالحة التطبيق في كل البيئات الإنسانية وفي أي بقعة من الأرض . وأن تكون كذلك صالحة على مر الأزمان وتطاولها باعتبارها رسالة السماء الخاتمة لكل الرسالات
ويمكننا أن نتبين مدى هذه الصلاحية إذا نظرنا في الأسس العقائدية والتشريعية والأخلاقية التي جاء بها الإسلام والتي قامت عليها الحضارة الإسلامية.
فهي تتصف بالحيوية والاستمرار والوحدة و ذلك أنها -مولدها – وحتى اليوم – تواصل نشاطها بدرجات متفاوتة على مر القرون والعصور. و السر في هذه الحيوية يكمن في أن الحضارة الإسلامية قامت على أسس متينة من الدعائم الروحية و الخلقية والفكرية .

4. حضارة محبة و سلام:

إنها حضارة محبة وسلام ففي ظل السلام يكون البناء والإنشاء والتعمير ، وفيظل السلام يأمن الإنسان على نفسه وعرضه وماله وأهله فينصرف إلى العمل والإنتاج في هدوء وطمأنينة وحسب الإسلام أن تحيته تنادي بالسلام. وقد أجمع الباحثون على أن البلاد والأقاليم التي احتوتها الدولة الإسلامية والتي ترعرعت بين جوانبها الحضارة الإسلامية العربية ، نعمت تحت مظلة الإسـلام بقدر من السـلام لم تعرفه في تاريخـها السابـق (27) ،

حتى في ميادين القتال ومن خلال قرقعة السلاح فإن كلمة السلام من العدو كفيلة يجعل المسلم يلقي سلاحه ويمد يده للسلام.
والسلام والأمن فاتحة كل عهد كتبه المسلمون من أهل البلاد المفتوحة ، وفي ظله أمن النــاس مسلمين وغير مسلمين على أرواحهم وأموالهم وأعراضهم ومللهم فاطمأنت قلوبهم ونهضوا يعملون فكان السلام بيتا في ازدهار أعمالهم في كل المجالات. والسلام في الإسلام سلام الأقوياء ، والقوة التي تحمي الإسلام قوة غير مدمرة ، ولا واهنة أمام الخائنين أو المعتدين (28).

5. الحضارة الإسلامية تؤمن بالفكر والعلم وسيلة التقدم والرقي :

إن أولى آيات القرآن الكريم تحض على التعليم لقوله تعالى "إقرأ باسم ربك الذي خلق…" (29) و لا يزال الإسلام يحض على العلم ويدعو إليه في آيات كثيرة "الرحمن علم القرآن ، خلق الإنسان علمه البيان …" فعلم البيان مقرون بخلق الإنسان وفي آية أخرى يقول الكتاب العزيز " وقل ربي زدني علما " (30).

ويمجد الإسلام العلماء ويفرق في الحكم بينهم وبين العامة فيقول عز وجل: " قل هل سيرى الذين يعملون و الذين لا يعملون " (31)

ذلك أنه كلما ازداد المرء علما ازداد قربا إلى الله وذلك قوله تعالى :"إنما يخشى الله من عباده العلماء …"(32)

ويخاطب القرآن الكريم العقل والقلب جميعا ويدفع بهما إلى التأمل في كل ما خلق الله فإن العقل الراجـع والقلب المتفتــح .
فهي تأمن بالعلم في أصدق أصوله و تركز على العقيدة في أصفى مبادئها ، فهي خاطبت العقل و القلب معا وأثارت العاصفة والفكر في وقت واحد وهي ميزه لم تشاركها فيها حضارة في التاريخ

.
6. حضارة تقدمــية:

إن المثل الأعلى في الإسلام يتمثل في سعيه لإتمام مكارم الأخلاق وتوفير الأمن المطلق الذي يجعل المرأة تخرج من العراق قاصدة بيت الله الحرام (33).

فهي حضارة تقدمية بكل معاني الكلمة لا جمود فيها ولا رهبته ذلك أن الإسلام الذي ولدت هذه الحضارة وشبت وترعرعت بين أحضانه جاء ثورة من الظلم والاستغلال والجمود. فهو لا يمتع المسلم الأخذ من كل جديد . طالما أن هذا الجديد لا يتعارض مع روح الدين ومثله وآدابه (34).

– حضــارة تسامـــح :

إنها حضارة تسامح لا حقد فيها ولا تطرق ولا تعصب ولا كراهية وتبدوا سماحة الإسلام تجاه الأديان الأخرى في قوله تعالى " إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصائبين من آمن بالله واليوم والآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون" (35).
وضرب محمد صلى الله عليه وسلم المثل العلى في الصفح في حالي القوة والضعف مما يؤكد أن الصفح قيمة إسلامية رفيعة عفى عن أهل الطائف يوم أن آذوه وطردوه وأبى أن يدعوا عليهم بالهلاك وقال" اللهم أهد قومي فإنهم لا يعملون " وصفح عن أهل مكة يوم أن فتحها وقال " اذهبوا فأنتم الطلقاء " (36).

7. الحضارة العربية الإسلامية تمزج بين عالم المادة والروح :

لقد خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان من مادة و روح وأمده بكل أسباب الحياة في جانبيها المادي والروحي ، فهيأ للجسم البيئة الصالحة التي يعيش فيها على وجه الأرض. وهيأ سبحانه وتعالى للجانب الروحي غذاءه من وحي السماء الذي نزل إلى الإنسان على يد رسل الله تعالى.
فالإنسان في مفهوم الحضارة الإسلامية هو ذلك الكائن المادي والروحي ويظهر ذلك جليا في تعاليم الإسلام. هذا كله جعل الحضارة الإسلامية تخرج من حدودها الضيقة إلى حدود واسعة متراميــة الأظرف ، واسعة الأرجاء ، تشمل شعوبا كثيرة ، وأجناسا متباينة ، وهذا ما ميزها عن باقي الحضارات .