تحضير نص الأصالة و المعاصرة ازدواجية مفروضة أم اختيار ؟
مطالعة موجهة الأصالة و المعاصرة ازدواجية مفروضة أم اختيار ؟
التعرف على صاحـب الـنـص محمد عابد الجابري (1936 بفكيك، الجهة الشرقية – 3 مايو 2022 في الدار البيضاء)، مفكر مغربي وأستاذ الفلسفة والفكر العربي الإسلامي في كلية الآداب بالرباط. حصل على دبلوم الدراسات العليا في الفلسفة في عام 1967 ثم دكتوراه الدولة في الفلسفة عام 1970 من كلية الآداب بالرباط. عمل كمعلم بالابتدائي (صف أول) ثم أستاذ فلسفة عضو مجلس أمناء المؤسسة العربية للديمقراطية.من أعماله: نحن والتراث : قراءات معاصرة في تراثنا الفلسفي العصبية والدولة : معالم نظرية خلدونية في التاريخ العربي الإسلامي تكوين العقل العربي (نقد العقل العربي ) بنية العقل العربي (نقد العقل العربي ) العقل السياسي العربي (نقد العقل العربي ) العقل الأخلاقي العربي (نقد العقل العربي )
اكتشـاف معطيات النـص مفهوم الأصالة والمعاصرة بالنسبة للنص : المقصود بالأصالة حسب النص التراث أو الموروث جانب التقاليد والقيم والأعراف التي ورثها الشعب عن السلف . أما المعاصرة حسيه تعني التحديث والتمسك بالنموذج العربي في كل شيء . المواقف المختلفة ومضمون كل موقف. تصنف المواقف إزاء هذا "الاختيار" إلى ثلاثة رئيسية: مواقف "عصرانية" تدعو إلى تبني النموذج الغربي المعاصر بوصفه نموذجاً للعصر كله، أي النموذج الذي يفرض نفسه تاريخياً كصيغة حضارية للحاضر والمستقبل. ومواقف "سلفية" تدعو إلى استعادة النموذج العربي الإسلامي كما كان قبل "الانحراف" و"الانحطاط"، أو على الأقل: الارتكاز عليه لتشييد نموذج عربي إسلامي أصيل يحاكي النموذج القديم في ذات الوقت الذي يقدم فيه حلوله "الخاصة" لمستجدات العصر. ومواقف "انتقائية" تدعو إلى الأخذ بـ"أحسن" ما في النموذجين معاً والتوفيق بينهما في صيغة واحدة تتوافر لها الأصالة والمعاصرة معاً. هل أمتنا أمام خيار حضاري ؟ – أعتقد أننا لم نكن نملك منذ اصطدامنا بالنموذج الحضاري الغربي المعاصر، حرية الاختيار بين أن نأخذ به وبين أن نتركه. لقد فرض هذا النموذج نفسه علينا منذ بداية التوسع الاستعماري الأوروبي، وبكيفية خاصة وحاسمة منذ القرن الماضي، فرض نفسه علينا كنموذج "عالمي"، كنموذج حضاري جديد للعالم كله .
مناقـشة معطيات النـص لماذا تطرح هذه الإشكالية عندنا بحدة ولا تطرح بنفس الحدة في الأمم الأخرى المتقدمة ؟ قد تظهر بين وقت وآخر مواقف جذرية "راديكالية بعضها يدعو إلى رفض كل المظاهر الحديثة في حياتنا وقد عرفتها وتعرفها جميع النماذج الحضارية بما في ذلك النموذج الأوروبي المعاصر ذاته الذي ما زالت تتردد فيه من حين لآخر أصداء لأصوات "الرفض" الشاذة المنبعثة من اليمين أو من اليسار، وهي أصوات عرفتها الحضارة العربية الإسلامية في أزهى عصورها، أصوات "النوابت" ـ حسب تعبير الفارابي ـ التي لا يخلو منها أي مجتمع مهما كان راقياً متقدماً. إلا أن وضعنا العربي مختلف فنحن في حالة ضعف والأمم الأخرى في حالة قوة فهي التي تفرض وتنفذ ونحن نتقبل ونتجرع دون تفكير . لقد فرض هذا النموذج الحضاري الجديد نفسه علينا بوسائله هو: فمن التبادل التجاري غير المتكافئ، إلى التدخل في الشؤون المحلية بذريعة الدفاع عن حقوق أقلية من الأقليات أو حماية مصالح معينة، إلى الحكم المباشر، إلى الهيمنة الاقتصادية والسيطرة الثقافية والإيديولوجية. والنتيجة من كل ذلك: غرس بنيات النموذج الغربي في بلداننا، في العمران والفلاحة والصناعة والتجارة والإدارة والثقافة، وربطها بالبنية الرأسمالية الأم في أوروبا. هكذا وجد العرب أنفسهم، كما وجدت الشعوب المستعمرة كلها نفسها، أمام عملية "تحديث" لبعض القطاعات في المجتمع، هي تلك التي تهم المستعمر أكثر من غيرها، عملية "تحديث" لم تستنبت أسسها في الداخل بل نقلت من الخارج جاهزة وغرست غرساً، بالإغراء حيناً وبالقوة حيناً آخر، في مجموعة من القطاعات التي أصبحت تشكل، بعد الاستقلال، الهياكل الأساسية للدولة الحديث في بلداننا. أي الفرق تفضل ؟ أفضل أن أكون مع أصحاب المواقف "الانتقائية" تدعو إلى الأخذ بـ"أحسن" ما في النموذجين معاً والتوفيق بينهما في صيغة واحدة تتوافر لها الأصالة والمعاصرة معاً.
استثمار معطيات النص لقد شهدت الساحة العربية توترات شديدةً بين ثنائيات عديدة مترادفات لمعنى واحد : التقليد والتجديد ، المحافظة والتحديث ، الجمود والتحرر ، الرجعية والتقدمية ، الأنا والآخر ، الداخل والخارج ، المحلي والعالمي ، القديم والجديد ، التراث والحداثة، ومنها الأصالة والمعاصرة . وجدت منذ عصر النهضة ـ وتوجد الآن ـ في المجتمع العربي أقلية تدعو تصريحاً أو تلويحاً إلى تقليد الغرب جملة وتفصيلا ، بهدف الخروج من وضعنا البئيس . إن بعضهم يفسر هذا الميل بالقانون الاجتماعي الذي ذكره ابن خلدون ، القاضي بأن المغلوب مجبول على تقليد الغالب في كل شيء . إن أمتنا العربية على الصعيد الثقافي لا تبدأ من العدم بل هي تستند إلى إرث ثقافي غني باذخ ، وما يشغلها الآن هو : كيف توائم بين هذا التراث وبين متطلبات العصر الذي نعيش فيه . هل تتمسك بالثقافة المتوارثة التي ألفتها أم تهجرها إلى ثقافة مستوردة ؟ خطران يتهددانها لأنها إن تمسكت بالقديم مكتفية به عاشت خارج الزمان ، وإن تلبست الجديد بلا روية عاشت خارج المكان . إن هذه المشكلة قد شغلت العديد من المفكرين والباحثين ، ولكن من الجلي أن الثقافة ليست في أكثر مكوناتها صيغة جامدة لا تتغير ، بل هي نتاج بشري ينمو ويزداد عمقاً واتساعاً بجهود البشر . فالثقافة العربية في عصر المعري ببلاد الشام وعصر ابن رشد في الأندلس ليست الثقافة العربية في العصر الجاهلي أو صدر الإسلام أو العصر الأموي . إننا نستطيع أن نقدر للتراث قيمته ودوره في تكويننا النفسي والاجتماعي ونأخذ منه ما تقتضيه حاجتنا اليوم ، وأن نقبل على الثقافة المعاصرة فنقتبس من ثقافات الآخرين ما تحتاج إليه ثقافتنا لتحقق معاصرتها ومواكبة الثقافات الأخرى ، ولاسيما في ميدان العلوم والتقانة والتقنية والعلوم المستحدثة في السنوات الخمسين الأخيرة ، فالمواءمة بين الموروث والجديد يحفظ للأمة هويتها ويجدد طاقتها على النماء والتطور . أجل إن الثقافة العربية هي إحدى الثقافات الكبرى في تاريخ البشرية ، وهي مؤهلة اليوم لاستئناف دورها حاضنة لقيم الخير والعدالة والمساواة والمحبة والسلام ونابذة كل ما يشوه الإنسان من صور الشر والجور والعنصرية والظلم ، وذلك من خلال صيغة مركبة متحركة متطورة لا تتنكر للأمس الغابر ولا تغمض العين عن متطلبات اليوم والغد . هكذا يوجد على الساحة العربية تياران يتفقان في الهدف ،محو التخلف ، ويفترقان في الأسلوب : الأصالة بالمحافظة على الموروث،أم النبوغ في إطار التراث الإنساني المشترك ؟ كان التيار الأول يمثل القديم الموروث في ثباته وشموخه ، وكان التيار الآخر يمثل الجديد الوافد في بريقه وإغرائه . ولا ريب : أنه وجد غلاة في كلا الفريقين . ففي مقابل الذين يريدون تجديد الكعبة والشمس والقمر ، وجد الجامدون على كل قديم ، الذين يريدون أن يوقفوا حركة الفلك وسير التاريخ ، شعارهم : ليس في الإمكان أبدع مما كان ! وضاع الوسط بينهما حتى قال محمد كرد علي : نسينا القديم ، ولم نتعلم الجديد . إنها ثنائية مقبولة إذا أعطيت الكلمة حقها من الفهم والتحليل ، وهي ثنائية التكامل ، لا ثنائية التضاد والتقابل ، وقد أحسن د. عبد المعطي الدالاتي صياغتها بقوله : " لن تمتد أغصاننا في العصر حتى نعمق جذورنا في التراث
الرياضيات الكلاسيكية والرياضيات المعاصرة – الاستاذ ج-فيصل
الرياضيات كنسق مجرد : هل تضمن الصحة و اليقين في كل الأحوال ؟ وما هي أسس الاستدلال الرياضي ؟
* الرياضيات الكلاسيكية (الهندسة الاقليدية) التي تقوم على المكان الحسي وهو مستوي درجة انحنائه 0 وتنسب الى العالم الرياضي إقليدس Euclide (306 ق-م 283 ق-م) وضع هذا الأخير ثلاثة مبادئ أساسية ومتميزة حيث لا يستقيم الاستدلال الرياضي ولا يصح بدونها وهي : ا- البديهيات Axiomes أو الأوليات وهي قضايا بسيطة واضحة بذاتها تفرض نفسها على جميع العقول من غير برهان يعرفها إقليدس (البديهية هي القضية التي يبرهن بها لا عليها ) فهي قبلية وعامة ومطلقة مثل الكل أكبر من جزئه ،المساويان لثالث متساويان المثلث له ثلاثة أضلاع ..الخ مميزاتها فالبديهيات فطرية سابقة عن التجربة غير مكتسبة عامة لا تختص بعلم معين ب- المسلمات Postulats وهي قضايا خاصة و أكثر تعقيدا استنتجها العقل وحولها الى مبادئ يعتمد عليها أثناء الاستدلال الرياضي ،مثل مسلمات إقليدس التالية – مجموع زوايا المثلث قائمتين180° – من نقطة خارج المستقيم يمر موازي واحد للخط الأصلي – المتوازيان لا يلتقيان مهما امتدا .الخط المستقيم هو أقصر الطرق بين نقطتين والمسلمات يمكن ان تتغير من برهان إلى آخر بخلاف البديهيات ج- التعريفات Définitions التعريف هو توضيح معنى الشيء وإزالة الإبهام عنه حتى يصبح مفهوما عند من يجهل معناه – فالنقطة هي ما ليس له أبعاد- المستقيم ما له طول دون عرض ..المثلث شكل هندسي يتكون من ثلاثة أضلاع و ثلاثة زوايا. إذن الرياضيات الكلاسيكية كما يتضح تميز بين البديهيات والمسلمات ، ونتائجها يقينية مطلقة ،وهذه
مناقشة/ لقد اعتقد إقليدس إن المكان مستوى وعلى أساس هذا الاعتقاد بنى نسقه الرياضي لكن الواقع يؤكد أن المكان كروي بحسب الكرة الأرضية هذا ما دفع بالبعض إلى التراجع عن مبادئ الرياضيات الكلاسيكية وظهرت ما يسمى بالرياضيات المعاصرة ، إضافة الى تراجعهم عن الحقيقة المطلقة وحلت محلها الحقيقة النسبية
*الرياضيات المعاصرة (الهندسة اللااقليدية) يرى المعاصرون انه ليس من الضروري أن يقوم البرهان الرياضي على المكان الحسي ، وانما على تصور عقلي مجرد بحيث فيمكن للرياضي أن يفترض مقدمات ويستنتج منها قضايا لازمة عنها بالضرورة ، يسميها بوان كاري Poincaré بالمواضعات بشرط ان يخلو الاستدلال من التناقض ، فالصدق يقوم على الصلاحية المنطقية ، لا على الواقع و كل ذلك يندرج فيما يسمى بالنسق الأكسيومي Axiomatique . وكمثال عن الأنساق : ا- هندسة لوباتشوفسكي Lobatchevski ( 1793- 1856) المكان مقعر Courbet درجة انحنائه اقل من 0 فاستنتج النسق التالي – من نقطة خارج المستقيم يمر عدد لانهائي من الخطوط الموازية للخط الأصلي – مجموع زوايا المثلث أقل من قائمتين 180° ب- هندسة ريمـــــــان Reyman(1826 – 1866 )المكان كروي درجة انحنائه أكبرمن0 ، فاستنتج انه من نقطة خارج المستقيم لا يمر أي خط موازي للخط الأصلي – مجوع زوايا المثلث يساوي أكثر من قائمتين 108° ان الرياضيات المعاصرة لا تميز بين البديهيات والمسلمات و التعريفات ،فهي شيئ واحد داخل النسق لأن الذي يهم الرياضي هو سلامة التحليل وخلوه من التناقض و أن تكون النتائج متطابقة مع المقدمات .و يرى المعاصرون أنه لا يوجد صدق مطلق بما فيه بديهيات إقليدس ، فما هو واضح كما يرى روبير بلانشي R.Blanchet لا يعني انه صحيح فيمكن للكل ان يساوي جزئه . لو أخذنا مجموعة الأعداد الطبيعية 1.2.3.4.5.6.7.8.9……+& ونأخذ جزء منها الأعداد الزوجية 2.4.6.8…….+& نلاحظ ان المجموعتين متساويتين في (&) ولا تكون الأولى اكبر الا إذا حددنا المجموعتين .
مناقشة/ التعديل الذي ادخل سمح بتطور الرياضيات وغزوها لجميع العلوم ،كما أصبحت تتميز بالصرامة المنطقية وتعدد العلاقات و الإبداع في طرق البرهنة غير ان رفض البديهيات ترتبت عليه أزمة حادة في الرياضيات عرفت بأزمة اليقين الرياضي كما نتائجها لا تنطبق مع الواقع الحسي المحدود هذا ما يعطي الاولوية للهندسة الاقليدية في المجال العملي
الخلاصة كل نسق يصح في مجاله ، -النسق الاقليدي صحيح في المستوي ، و نسق ريمان في الكروي ونسق لوباتشوفسكي في المقعر – وبالتالي فان تتعدد الأنساق في المنهج الرياضي لا يقلل من دقته لذلك تبقى الحقيقة الرياضية مثالا قويا في الدقة و الصرامة المنطقية واليقين ،فهي تعبر بالفعل أن أرقى مستويات التفكيــــــــــر
الاستاذ (ج-ف)
رد: الرياضيات الكلاسيكية والرياضيات المعاصرة – الاستاذ ج-فيصل
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
مشكور أستاذ فيصل على كل ما تقدمه للمنتدى و للطلبة من إفادات
بارك الله فيك و جزاك عنا خير الجزاء و جعله في ميزان حسناتك
نرجو أن لا تبخل علينا بكل قيم و مفيد
رد: الرياضيات الكلاسيكية والرياضيات المعاصرة – الاستاذ ج-فيصل
بـــــــــــــــــــارك الله فـــــــــــــــيك
رد: الرياضيات الكلاسيكية والرياضيات المعاصرة – الاستاذ ج-فيصل