ونبدأ بسؤال
هل أنت وفيّ..!؟
أراك تستأسد وتقول:طبعا أنا وفي.أنا لا أنسى الجميل أبدا.
انها اجابات طيبة أسأل الله أن يجعلها في ميزان حسناتك، ولكني أريدك أن تفكر قليلا.. فاني سوف أسألك خمسة أسئلة وبعدها أعيد السؤال مرة ثانية.. هل أنت وفيّ؟
ان الوفاء كلمة تعشقها الأذن.. كلمة يحبها القلب، وانظر الى الشعور الذي نستشعره تجاه من يتخلق بهذا الخلق.. شعور بالأمان.. شعور بالراحة.. شعور بالطمأنينة. تشعر بان خلق الوفاء أمين سر هذه الحياة.. خلق الوفاء صمام أمان في المعاملات مع الناس.
انك لا تستطيع أن تشرب الشاي بدون سكر أليس كذلك؟ وكأن الشاي هو الدنيا والسكر هو الوفاء. اعلم أنك لن تستطيع شرب الشاي بدون سكر!!
الوفاء والأسئلة الخمسة
ويتلخص خلق الوفاء في خمسة أسئلة، اذا أجبت عنها جميعا بنعم،
فأنت وفيّ، واذا أجبت عنهم بلا..!!
وهذه الأسئلة هي:
السؤال الأول: هل أنت وفيّ مع الله؟
السؤال الثاني: هل أنت وفيّ مع رسول الله؟
السؤال الثالث: هل أنت وفيّ في تعاملاتك مع الناس؟
السؤال الرابع: هل أنت وفيّ مع من أحسن اليك، وكان له فضل عليك؟
السؤال الخامس: هل أنت وفيّ مع من عرفته خلال رحلة عمرك؟
أراك تقرأ الأسئلة قراءة عادية.. وتمرّ عليها مرور الكرام، ليس المطلوب قراءتها فقط، بل المطلوب هو الاجابة عليها.. هيا نعم أنت.. هيا اقرأ الأسئلة من جديد وابدأ الاجابة عنها الآن.. أسمعك تقول: ولكني لا أفهم المقصود من كل سؤال.
اذا.. كن معنا بقلبك وعقلك واجعل نيتك أنّ بقراءة هذه الورقات وفهمها تكون وفيّا بمشيئة الله.. هل انت مستعد!!؟
واليك شعارنا
يقول النبي صلى الله عليه وسلم:" لا دين لمن لا عهد له" رواه الامام احمد
3135 والطبراني 10280 في المعجم الكبير……….
يا الله!! حديث شديد، ليس المقصود هنا نفي الاسلام عن من لا عهد له، وأنه لم يعد مسلما، ولكن المقصود أن ايمانك لم يكتمل..
فيا من كنت خائنا.. يا من كنت غدارا.. يا من لا عهد له لك احذر.. فلن يكتمل ايمانك الا بالوفاء، ولذلك فليكم شعارنا في خلق الوفاء أنه:" لا دين لمن لا عهد له".
الاسلام كل لا يتجزأ
هيا لنسأل أنفسنا السؤال الأول: هل أنت وفي مع الله؟ وقبل الاجابة هل لا حظت شيئا..؟
اننا في كل خلق نجد علاقة عجيبة.. علاقة كل خلق بالله عز وجل فالاحسان: تجد الاحسان مع الله، الأمانة.. تجد الأمانة فيما استرعاك الله وهكذا.. سبحان الله!! ان الأخلاق جزء لا يتجزأ من العقيدة الاسلامية، فالاسلام كل لا يتجزأ.. لا يجوز أخذ بعضه وترك البعض.
لا يستقيم حال الانسان الا اذا أخذ الاسلام كمنظومة واحدة، لا يأخذ جزء ويترك جزءا.
وانظر الى من أخذ بعضا من الاسلام وترك البعض، ستجد شخصية معوجة غير منضبطة، فيا له من دين عظيم يصنع العظماء.
أولا الوفاء مع الله
ان من أعظم أنواع الوفاء أن تفي بما أمرك الله به..
أراك تقول:" بم أفي!؟ فأنا لم أحلف على شيء، لم أعد ربي بشيء" ولكنك أيها الأخ الكريم قد فهمت خطأ!
فهل نسيت نعم الله عليك..؟ انظر كم أنعم الله عليك!!
انها نعم كثيرة أليس كذلك!؟ ألا تستحق هذه النعم الوفاء..!؟
{ وما بكم من نعمة فمن الله} النحل 53. تخيّل لو أن هناك انسان ينفق عليه أبوه وامه ولا يبخلان عليه بشيء، وثم بعد ذلك تنكّر لهما وأعطاهما ظهره!!!
بما تصف هذا الانسان!؟ وكيف تنظر اليه!؟
ولله المثل الأعلى.. فان نعم الله لا تعدّ ولا تحصى، ومع ذلك لا يف الانسان حتى هذه النعم.. فتجده لا يؤدي الصلاة في وقتها.. تجدها لا تتحجب.. أين الوفاء مع الله..!؟ هل فهمت المقصود..!؟
كيف تكون وفيا مع الله..!؟
أجدك الآن تسأل وتقول: كيف أكون وفيا مع الله؟
ان هذا السؤال دليل على اليقظة وحسن الفهم..
وحتى تكون وفيا مع الله لا بد من ثلاثة أشياء:
الايمان به، واخلاص العمل له، العمل بأوامره وترك نواهيه.
اذا تحققت فيك هذه الثلاثة فأنت وفي مع الله عز وجل.
هل تعاهدني الآن أن تأخذ هذه الثلاث أخذ الجد..!؟
يقول الله عز وجل:{ لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزّروه وتوقّروه وتسبّحوه بكرة وأصيلا* ان الذين يبايعونك انما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم، فمن نكث فانما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد الله عليه فسيؤتيه أجرا عظيما} الفتح 9_10.
ويقول الله عز وجل مخاطبا بني اسرائيل:{ يا بني اسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم واياي فارهبون} البقرة 40.
أين أنت من الوفاء مع الله..!؟
انظرالى وفاء النبي صلى الله عليه وسلم مع الله.. يقوم الليل حتى تتورّم قدماه، فتقول له السيدة عائشة: يا رسول الله: أما قد غفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فيرد عليها بكل وفاء:" أفلا أكون عبدا شكورا" رواه البخاري 1130 و 4836 و 6471 ومسلم 7055 و 7056 و7057 والامام أحمد 4251 و 6115.
انك تتودد لمن يكرمك في الدنيا وينعم عليك، وتجتهد في أن تفي له بما أعطاك.. فهل تتودد لله { ولله المثل الأعلى} النحل 60 هل تف بعهدك مع الله؟
ان علينا من الواجبات الكثير والكثير لنفي بعهودنا مع الله..
{ وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة} القرة 43 هل وفيت؟
{ قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم} النور 31 هل وفيت؟
{ قل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهنّ ولا يبدين زينتهنّ} النور 31 هل وفيت؟
أين أنتم من الوفاء مع الله؟ أيها القلب الغافل استيقظ قبل فوات الأوان.
من المؤمنين رجال
يقول الله عز وجل:{ من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه } الأحزاب 23.
انهم نوعية من المؤمنين الصادقين في عهودهم مع الله.. ادعوا الله أن تكون منهم..
{ من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا} الأحزاب 23.
انظروا الى قيمة الوفاء.. نزلت هذه الآية في سيدنا أنس بن النضر، فمن المعروف أن سيدنا أنس بن النضر لم يشهد غزوة بدر وكان مسافرا، فقال بعد الغزوة: والله لئن الله أشهدني قتال المشركين ليرين الله ما أصنع، فلما كان يوم أحد وبدأ المسلمون في الانكسار والتراجع، فاذا بسيدنا أنس بن النضر في اتجاه الكفار، وكل المسلمين في اتجاه المدينة، ولكن انسا يتذكر ما قال.. انظر الى الوفاء!!
فقابله سعد بن معاذ وقال له: الى أين يا أنس؟ فقال سيدنا أنس: الجنة ورب النضر اني أشم رائحتها من دون أحد.
يقولون: فمات أنس تحت جبل أحد، ووجدنا في بدنه بضع وثمانون طعنة، فما عرفته الا اخته من بنانه.
أراك قد زادت همتك بهذه الكلمة " ليرين الله ما أصنع" هيا قلها الآن.. واجعلها نبراسا لك، وكن بهمة أنس ووفائه { صدقوا ما عاهدوا الله عليه} الأحزاب 23.
ألا تحب أن تصدق فيما عاهدت الله عليه..!!؟؟
اياك أن تكون من هذا الصنف..!!
يقول الله تعالى:{ ومنهم من عاهد الله لئن ءاتانا من فضله لنصّدّقنّ ولنكوننّ من الصالحين* فلما ءاتاهم من فضله بخلوا ما تولوا وهم معرضون* فأعقبهم نفاقا في قلوبهم الى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه} التوبة 75_77.
يا الله..!! كنا منذ قليل في جو ايماني مع رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه.. والان اقرأ الآيات مرة أخرى، وقارن بين موقف الخائنين الذين أخلفوا الله ما وعدوه، وبين موقف أنس وتذكر..
حينما قلت: لو رزقني الله هذه السيارة سوف أعمل كذا وكذا..!!
وحينما قلت: بعدما أتزوج سوف أستقيم وأغض بصري..!!
وحينما قلت: بعدما أتزوج سوف أرتدي الحجاب..!!
سبحان الله.. ان هذه الآيات تقرأها كثيرا، ولكنك لا تسقطها على نفسك.. والله انها لآيات شديدة.. هل فهمتها الآن؟ أخشى ألا تفي بعهود قطعتها على نفسك.
هل تذكر حينما قلت:
حينما أنتهي من الدراسة وأعمل، حينئذ سيكون وقتي ملكي وسأنظمه وسأصلي الفجر بسهولة.. هل وفيت؟
… أراك الآن قد تذكرت أشياء كثيرة..!! حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا.
ولا تنسى هذا العهد..!!
يقول الله عز وجل:{ ألم أعهد اليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان انه لكم عدو مبين} يس 60.
من ضمن عهودنا مع الله عز وجل عداوة الشيطان.
اياك أن تنسى هذا العهد.. أو تغفل عنه.
أين عداوتك للشيطان..؟! أين وفاؤك بهذا العهد..؟!
أخشى أن تكون وفيا للشيطان..!!
وتكون خائنا للرحمن..!!
يوفون بالنذر…
يقول الله عز وجل:{ يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شرّه مستطيرا} الانسان 7.
فمن ضمن عهودك مع الله.. النذر، فلا بد أن تفي بهذا النذر، ولقد جاء رجل الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أختي نذرت الى الله أن تحج، وقد ماتت فماذا أفعل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:" أرأيت ان كان على أختك دين أكنت قاضيه؟" قال: نعم، قال النبي صلى الله عليه وسلم:"فاقض الله في دينه، فان الله أحق بالوفاء". رواه البخاري 6699.
نذرنا كثيرا لله ولم نوف أليس كذلك..!؟
ابدأ من جديد.. وعظم هذا الحق انه من حق الله.. والله أحق بالوفاء.
(وأوفوا بعهد الله اذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها)
ومن بين عهودك مع الله أنك اذا حلفت، أو أقسمت أن تنفذ وتفي بقسمك، يقول الله عزوجل:
{ وأوفوا بعهد الله اذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا} النحل 91.
لا بد أن تفي اذا وعدت أو اذا حلفت، وان لم تفعل فاليك حديث النبي صلى الله عليه وسلم:" ثلاثة أنا خصيمهم يوم القيامة" منهم :" ورجل أعطى بي ثم غدر". رواه البخاري 2227 وابن ماجه 2442 والامام أحمد 2358.
أعطى بي يعني: أعطى عهدا وحلف.. والله سوف افعل كذا وكذا وكذا ثم غدر.
كثيرا ما وقعنا في هذا الأمر.. افعل لي هذا الأمر ووالله سوف أفعل كذا وكذا وكذا، ثم تغدر ولا تنفذ، وأحيانا تنسى أليس كذلك؟ أراك قد أحسست بالراحة حينما قلت: أنك نسيت، انه عذر أقبح من ذنب..!
والآن هل أنت راض عن نفسك!!؟
خلاصة الوفاء مع الله..
أن تؤمن به.
وأن تخلص العمل له.
أن تعمل بأوامره وتنزل نواهيه.
والآن كم تأخذ من عشرة.. أعط لنفسك درجة، لا تأخذ الأوامر بتهاون.. أعط لنفسك درجة الآن فعلا، فاذا أخذت الآن في الوفاء مع الله 5 من 10 بعد فترة تأخذ ان شاء الله 7 ثم 9 ثم تأخذ 10 من 10.
ان شاء الله.. المهم هل أنت راض عن نفسك في الوفاء مع الله..!؟ اعلم أن من يتحرّ الخير يعطه.
ثانيا: الوفاء مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
والنوع الثاني من أنواع الوفاء هو الوفاء مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.. ولكن كيف تفي مع رسول الله؟ ان الصحابة كانوا يوفون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأنه كان يعيش بينهم.. ولكن كيف تفي أنت معه الآن..!؟
ان الوفاء مع النبي صلى صلى الله عليه وسلم الآن يكون باتباع سنته وبالاقتداء به، واليك وفاء الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم.
وفاء الصديق
كان جابر بن عبدالله يمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم يوما، وكان سيدنا جابر رضي الله عنه فقيرا جدا فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:" يا جابر لو جاء مال البحرين لقسمت لك ولأعطينك كذا وكذا وكذا.." رواه الحميدي في مسنده 1233. ولم يأت مال البحرين، ومات النبي صلى الله عليه وسلم، وجاء أبو بكر ونادى في الناس: من كان له عند رسول الله عدة أو دين فلياتنا، يقول جابر: فجئته، وقلت له: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم:" ان جاء مال البحرين فلك عندي كذا وكذا وكذا.." يقول جابر: فحثى أبو بكر حثوة (أي غرف غرفة)، ثم دفعها لي فعددتها، فاذا هي خمسمائة درهم فهممت أن أذهب، فقال: انتظر خذ مثليها (أي مثلها مرتين)، فقلت له: ولم؟ قال:لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لك كذا وكذا وكذا.
انظر الى وفاء أبي بكر الصديق.. أراك لا تندهش، والله من حقك، انه أبو بكر الصديق.. ان لم يف أبي بكر الصديق فمن يفي اذا..؟!.
وفاء الفاروق
نعرف جميعا ما الذي حدث بين النبي صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر الصديق أثناء الهجرة مع سراقة بن مالك حينما قال النبي لسراقة "اذهب يا سراقة ولك سواري كسرى". رواه القاض عياض في الشفا 1674 وابن حجر في الاصابة 342 وابن الأثير في أسد الغابة 2281.
وأسلم سراقة بعد ذلك، ومات النبي صلى الله عليه وسلم، ومات أبو بكر رضي الله عنه، وجاء عمر وفتحت المدائن، وجاءت كنوز كسرى، ووضعت في المسجد النبوي، ويقف عمر بن الخطاب قائلا: أين سراقة!؟ فيقول سراقة: نعم يا أمير المؤمنين، فيعطيه عمر وعد رسول الله ..سواري كسرى.. فيأخذها سراقة ويبكي ويضج المسجد بالبكاء.
هل وفى الفاروق..!؟ بعد خمسة عشر أو ستة عشر عاما يفي عمر بالوعد.. والملاحظة أن الجميع يعلم الوعد، والله انك تشهر بأنهم كلهم أوفياء مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفاء يزيد بن السكن
انظر الى غزوة أحد حينما قال النبي صلى الله عليه وسلم:" من يردهم عني وله الجنة" رواه مسلم 4617 والامام أحمد 3286. فيأتي يزيد بن السكن الشاب الصغير، ويظل يدافع عن النبي صلى الله عليه وسلم حتى سقط شهيدا على الأرض، فيقول النبي صلى الله عليه وسلم:" ضعوا خده على قدمي" ثم يرفع النبي صلى الله عليه وسلم رأسه الى السماء فيقول:" اللهم اني أشهدك أن يزيد بن السكن قد وفّى".
ان النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي يشهد لسيدنا يزيد بن السكن بالوفاء.. انها منزلة عظيمة أليس كذلك!؟.
والآن هل أنت راض عن نفسك..!؟
ثالثا: الوفاء مع الناس في تعاملك معهم
يقول النبي صلى الله عليه وسلم:" المسلمون عند شروطهم". طالما اتفقت على شيء فلا بد أن تنفذه، ومن علامات النفاق الغدر بعد العهد، يقول النبي صلى الله عليه وسلم:" أربع من كنّ فيه فهو منافق.. واذا عاهد غدر.." رواه البخاري 34 و2459 و3178 ومسلم 207 وأبو داود 4688.
ويقول الله عز وجل:{ وأوفوا بالعهد، ان العهد كان مسئولا} الاسراء 34.
ان الحديث عن الوفاء مع الناس حديث له شجون.. فكم أخلفنا.. وكم غدرنا.. وكم خنّا..
" أصلحوا فيما بقي يصلح الله لكم ما مضى".
بخلق الوفاء أسلمت حمص..!!
وأول شيء في الوفاء مع الناس في تعاملاتك معهم: التعاملات المادية.. مئات من المشاكل التي تحدث بسببها.. وقبل أن نتوغل فيها، اليك هذه القصة الحقيقية من تاريخنا الاسلامي، وافخر بأنك مسلم:
فتح المسلمون بلاد الشام.. وكان الرومان، في ذلك الوقت، يحتلون حمص، فحررها المسلمون وطردوا الرومان، وكان أهل حمص على النصرانية، فدعاهم المسلمون للاسلام، فأبوا وقبلوا الجزية، وكانت هذه الجزية لحمايتهم ورعايتهم.. وأعاد الرومان ترتيب الجيوش وتجهيزها لحرب المسلمين، وتهاجم حمص، وحينئذ أعد الجيش الاسلامي نفسه، وطلب من القوات الموجودة في حمص أن تنضم للجيش حتى لا تهزم في حمص وفعلا خرجت القوات من حمص ولكن..
المسلمون أخذوا الجزية من اهل حمص لحمايتهم، والان سيخرجون فماذا فعلوا..؟ لقد ردوا أموال الجزية لأهل حمص فتعجب أهل حمص.. لماذا رددتم لنا أموال الجزية؟ فيردّ القائد المسلم: اننا أخذناها لحمايتكم ورعايتكم والآن سنخرج، فلماذا نأخذها؟ فأسلم أهل حمص جميعا، ويقيت القوات مع أهل حمص يدافعون عن حمص ضد الرومان.
الله أكبر.. بخلق الوفاء أسلمت حمص!.. بلدة بأكملها تسلم بخلق من أخلاق المسلمين، ألا وهو خلق الوفاء.. ان مشكلتنا الأساسية هي مشكلة الأخلاق، فالغرب لا ينظر الى صلاة وصوم ولا.. ولا علاقة له بذلك، وانما ينظر الى أخلاقنا ويكون تعليقهم:" أنكون مثل هؤلاء..!!؟" وكلمة الرجل الغربي الذي أسلم، ثم ذهب ليحج هي الدليل حينما قال:" الحمد لله أني أسلمت قبل أن أرى المسلمين".
أحبتي الكرام.. ان أخلاقنا تفضحنا، فالله الله في الاسلام!
ديون معدومة..!!
في لغة الأرقام والحسابات نسمع كلمة: ديون معدومة، وحينما تذكر هذه الكلمة فمعناها: أننا لن نستطيع تحصيلها من المدينين.. أرادك قد أسقطت الكلام على واقعنا وفهمت المقصود..!! فلقد استدنّا كثيرا، ولكن كم مرة وفينا ورددنا هذا الدين..؟ لن تجد اجابة.. أما قلت لك: ديون معدومة..!!
يقول النبي صلى الله عليه وسلم:" يغفر للشهيد كل ذنب الا الدين" رواه مسلم 4860 والامام أحمد 2220.
يا الله.. من المشكلات العظيمة للأموال مشكلة الديون.. انها عند الله عظيمة، فكل الذنوب تغفر للشهيد الا الدين.
ما رأيك؟ ألم يرتجف قلبك؟ والله كلنا ذكر هذا الحديث ازداد الخوف، واجتهد العقل في تذكر الديون التي حسبها معدومة بقصد أوبغير قصد..
ولذلك أنظر الى خوف المسلمين قديما من هذه القضية، فلقد كان ينادى على المجاهدين في سبيل الله:" من كان عليه دين فليرجع".
أخي الحبيب.. اسمع.. ينادى عليك:
" من كان عليه دين فليرجع" أراك تتعجب وتقول: ماذا تقصد؟
أخي الحبيب، اذا همّت نفسك بمعصية فناد عليها:
" من كان علبه دين فليرجع" ارجع يا أخي عن المعصية، فان أجدادك المسلمين المجاهدين كانوا يرجعون، ولا يجاهدون في سبيل الله بسبب الدّين، بالرغم من أنهم يستشهدون في سبيل الله، ولكن يغفر للشهيد كل ذنب الا الدين.
فما بالك أنت بالمعاصي؟ ترجع أم لا؟
يا أخي ينادى عليك كل لحظة: من كان عليه دين فليرجع.
ارجع عن غفلتك عن الله..
يا أخي خف على نفسك أن تموت وعليك دين، حتى وان كنت شهيدا، فما بالك ان مت على معصية .. وأنت غافل..
ان الدّين أمر ثقيل.. ومع ذلك تضيف اليه معاصي وغفلة و.. اياك أن تكون من هواة حمل الأثقال!!
حالنا اليوم
ان قضية الدّين قضية هامة جدا، ولذلك لا يجوز أن تستدين الا في الأشياء القاهرة.. الضرورية جدا جدا.. ولكن انظر الى حالنا اليوم: فالزوجة مثلا التي لا تخرج من بيتها تطلب من زوجها المحمول.. لماذا؟
"لأن صديقاتي كلهن عندهن محمول.. وأنا لست أقل منهن!!" وانظر الى طلبة الجامعة.. كل ستة أشهر تطلب من أبيها أن يغير المحمول.. لماذا؟ لأن الأصفر أحلى من الأحمر!!
سبحان الله! وربما استدان الأب.. استدان الزوج..
فالأقساط دين.. ومن يوفي هذه الديون؟ ثم تأتي فاتورة التلفون وتكون الطامة الكبرى.
انني أريد أن نضع كل هذا تحت بند الوفاء.. كل شيء في حياتنا واننا جميعا مخاطبون.. وقد أكون أنا أولكم.ز فانني لست في برج عال.. ان الأمر الجميل في هذا الخلق، وفي كل الأخلاق أننا نحب جميعا أن نتقدم خطوة للأمام مع كل خلق.. ولا أقول عشرون خطوة.." ان خير الأعمال أدومها وان قل" ونصيحتي لك: اياك أن تكون مثل الألمينيوم..!! فانه يسخن ويبرد بسرعة..!! واياك أن تأخذك الحماسة الوقتية.. يدي في يديك لنتقدّم الى الأمام.. رويدا رويدا لا ببطء السلحفاة، ولا بسرعة الصاروخ، ولكن أنت ترمومتر لنفسك!!!
أشياء تحتاج للوفاء.
القروض وما أدراك ما القروض..
شيكات مضروبة..
عقود الشركات التي يتبارى المحامون في وضع الثغرات واللف والدوران..
تأخذ خط شركة (..) للمحمول وحينما تاتي الفاتورة لا تدفع، ثم تفتح خطا جديدا..
لهؤلاء.. يقول النبي صلى الله عليه وسلم:" أيما رجل استدان دينا لا يريد أن يؤدي الى صاحبه حقه ( خدعه حتى أخذ ماله) فمات لقي الله يوم القيامة سارقا". رواه الطبراني في المعجم الأوسط 1872 والمهجم الصغير 111 والهيثمي في مجمع الزوائد 4132.
أما جاء اليوم الذي تجلس فيه مع نفسك وتصارحها وتصارحك.. ويكون الندم على ما فات.. وتأخذ عهدا على نفسك أن توفي الحقوق التي عليك جميعا..
" والتائب من الذنب كمن لا ذنب له".
مواعيد ضائعة
وان من الوفاء مع الناس: الوفاء في المواعيد، ولنا بلا استثناء عندنا مشاكل في المواعيد، الا من رحمه الله.. انظر الى النبي صلى الله عليه وسلم.. يقول عبدالله بن أبي الحمساء: بايعت النبي صلى الله عليه وسلم قبل ان يبعث ( أي قبل الاسلام) بيعة وبقي عليّ بقية.. فواعدته في المكان الذي هو فيه أن آتيه بها، ثم نسيت وتذكرت بعد ثلاثة أيام.. فعدت فوجدته في مكانه صلى الله عليه وسلم فنظر الي فقال:" يا فتى لقد شفقت عليّ، أنا هاهنا منذ ثلاث أنتظرك" رواه أبو داود 4996 والطبراني في المعجم الكبير 3224.
انه رسول الله صلى الله عليه وسلم حبيبنا.. فهيا انهلوا من ميراثه صلى الله عليه وسلم واعلموا أن أحق الناس بالنبي صلى الله عليه وسلم من اقتدى به.. فهل الأب الذي يعد أبناءه بـ (..) ثم لا يف، هل اقتدى بالنبي صلى الله عليه وسلم؟ أراك أيها الأب الحبيب تقول: ولكن هناك أعذار.. هناك ظروف..
أيها الأب الحبيب.. لقد قلنا منذ قليل: أنت ترمومتر نفسك!! بالله عليك اياك أن تعد أبناءك وعدا لا تف به، واعلم أن الطفل لو تكرر له العذر صار كذبة!!!
يا الله.. أرى بعضكم يقول: انا كنا نظن أننا أوفياء بالمواعيد! فاننا نعتذر ان تأخرنا أو تخلفنا عن الموعد.
وعند انتظارنا لأحد وتأخر علينا، نسمح له بربع ساعة أو نصف وأحيانا ياعة، بعدها نترك المكان، ونحن في سدة الغضب.. ولكننا بعد هذه الجملة:" أنا هاهنا منذ ثلاث أنتظرك" فاننا ما زلنا نحبو..
انه شعور جميل وأبشروا.. فمن كان بخير اليوم فغدا يصير رجلا.
رابعا: الوفاء مع من أحسن اليك
هل تتذكر الذين أحسنوا اليك في حياتك؟ أنا جئت يوما ثم حصرتهم حتى توفي اليهم حقهم؟ ان لم تكن قد فعلت هذا، فابدأ منذ اللحظة، فرسول الله كان وفيا للكافر فما بالك بالمسلم! واليك هذه القصة العجيبة الفريدة لترى وفاء النبي بعد عشرة سنوات حتى مع الكافر!!
في مكة حينما كان الايذاء شديدا من الكفار على المسلمين.. كان هناك رجل اسمه: أبو البختري بن هشام (كافر) وكان من سادة الكفار، ولكنه وقف مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم نقض الصحيفة وقفة مشرقة، ودافع عن المسلمين رغم كفره وعدم اسلامه.. ومرت الأيام وهاجر النبي صلى الله عليه وسلم الى المدينة، ومرّ على هذا الموقف عشر سنوات، ولكن النبي وفيّ لا ينسى من أحسن اليه، وجاءت غزوة بدر واذا بالنبي صلى الله عليه وسلم ينادي في أصحابه قائلا:
" من لقي أبا البختري بن هشام فلا يقتله، فانه كان له معنا بمكة كذا وكذا.."
وفي أثناء الغزوة يجد أحد الصحابة فجأة أمامه أبا الختري بن هشام، فالطبيعي أن يقتله الصحابي، فلقد كان كافرا ويحارب المسلمين، ولكن المسلمين أوفياء.. فتركه الصحابي، وقاتل رجلا بجواره، فتعجب أبا البختري وقال له: لم تركتني؟ قال له: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا نقالك، فقال له: ولم؟ قال الصحابي: وفاء لك لما فعلته معنا يوم الصحيفة.. فقال أبو البختري: افرأيت ان قلت لك: واترك هذا، فقال الصحابي: لا، انما أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتركك أنت وحدك، فقال له أبو البختري : فسأقتلك أنا، فقال الصحابي: اذن أتركك، فجرى أبو البختري وراء الصحابي ليقتله وأوشك على اللحاق به وكاد أن يقتله، فالتفت اليه الصحابي فقتله، ثم عاد يرتجف ويقول: والله يا رسول الله لولا أنه كان سيقتلني ما قتلته، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:" عفا الله عنك" رواه القرطبي في تفسيره 849.
قراءتك الأولى لهذه القصة كانت عادية، وكان همك أن تعرف نهايتها، واني أدعوك الآن لقراءتها مرة أخرى، واجعل همك الاغتراف من معين الوفاء المتمثل فيها.
ان الاعتراف بالجميل والوفاء به لا ينسى ولو بعد عشرات السنين.. ان وفاء المسلمين وفاء، فرسول الله يفي بالموقف الذي فعله أبو البختري وهو كافر.. أما يكفيك هذا!؟.
الوفاء مع معلمك
يقول الامام أحمد بن حنبل:" ما بت منذ ثلاثين سنة الا وأنا أستغفر للشافعي، وأدعوا له" انظر الى الوفاء الدائم. نعم انه وفاء قلوب حية لا تنسى أصحاب الفضل عليها.
وانظر الى تلميذ للامام أبي حنيفة يقول:" والله اني لأدعوا لأبي حنيفة قبل والدي في الصلاة". أي وفاء هذا..؟ قبل الوالدين!! وليس هذا بمستغرب فلقد تعلمه من أستاذه أبي حنيفة، فلقد قال:" ما مددت رجلي نحو دار أستاذي حماد وفاء له، وان بين بيتي وبيته لسبع سكك"!
يا الله.. حاول أن تتخيل هذا، واياك أن يأخذك تفكيرك للمسافة وتترك المهم.. ألا وهو الوفاء الذي يتمثل في هذا الاحترام.. أين الوفاء مع أستاذك؟ واجب عليك.
اذهب الى مدرستك الابتدائية وسلم على مدرّسيك واشكرهم على ما أنت صرت اليه، فهذا وفاؤك المتواضع جدا لهم، وكذلك مدرستك الاعدادية.. اذهب الى من أخذ بيدك الى الله.. من علمك حديثا.. من حفظك آية.. كن وفيا، واعلم أن الحر لا ينسى وداد لحظة.. هيا كن وفيا على قدر هذا الفهم.
الوفاء مع والديك
وان أحق من أحسنوا اليك هما أبوك وأمك.. اننا لن نستطيع أن نوفي حقهما.. ولكن بقدر ما نستطيع، وتكفي النية الطيبة فهي النجاة. جاء رجل الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله مات أبي وأمي فهل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:" نعم الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وانفاذ عهدهما من بعدهما، وصلة الرحم التي لا توصل الا بهما، واكرام صديقهما" رواه أبو داود 5142 وابن ماجه 3664.
أيها الأحبة: ان هذه الوصايا بعد موتهما!! وواله ان الوفاء لهما أثناء حياتهما لأكبر من هذا.. اعلم أن منكم من بحق أبيه وأمه حيين، ويحسن في ذلك بقدر ما استطاع، فاني أحسبكم بخير.. فالأب والأم.. الكلمات لن تستطيع أن تعبّر عن كيفية الوفاء لهما.. ولكن أمامنا خمسة أشياء للوفاء لهما ميتين، فلنصل عليهما أيّ ندعو لهما، ونستغفر لهما بعد كل صلاة، وننفذ عهدهما، ونصل الرحم التي لا توصل الا بهما، ونكرم صديقهما، ان أردت الوفاء لأبيك وأمك فعليك بهذه الخمسة.
الوفاء مع شرطي المرور!
ان من أحسنوا الينا كثيرون، ولا بد أن نكون أوفياء لهم.. فشرطي المرور الذي يضبط المرور وفاؤنا له ألا نكسر اشارة، وأن نحترم قواعد المرور..
يا الله.. لن نستطيع أن نحصر الذين لهم علينا فضل واحسان، ولكن الله المستعان.. كل من يؤدون الخدمات العامة في هذا البلد لا بد أن تفي لهم بأفضالهم، انه أمر عظيم لا يتطلب منك الا أخلاقا حسنة وأولها خلق الوفاء.
خامسا: الوفاء مع كل من عرفته خلال رحلة عمرك
وآخر نوع من أنواع الوفاء، هو الوفاء مع كل " صاحب عشرة" .. كل من عرفته خلال رحلة حياتك.. زميلك في الكلية، مع جارك الذي تربيت معه.. واياك أن تنسى توأم روحك فهي صاحبة أعظم عشرة، وهي زوجتك.. يقول النبي صلى الله عليه وسلم:" ان أحق الشروط أن توفوا ما استحللتم به الفروج" رواه البخاري 2721 و 5151 ومسلم 3457 والامام أحمد 4144 و 4150.
نعم أحق الشروط.. فهل وفيت بالمهر؟ هل وفيت بمكان الزوجية؟ هل وفيت بحسن المعاملة؟
اياك أن تضربها.. اياك أن تؤذيها.. اياك أن تفتري عليها، اياك أن تمنعها من أن تزور أهلها..
أخشى أن ينسيك وفاؤك لزوجتك ما قلناه..
هل تتذكر؟ نعم وفاؤك لكل صاحب عشرة، هل تشعر معي..؟ ان خلق الوفاء يغمرنا غمرا.. ان هذا الشعور نعمة من الله تحتاج لشكر.
فهيا وفي حق هذا الشكر.
لطيفة
كان أحد الصحابة له زوجة صوتها دائما يعلو عليه.. دائما تصيح فيه بصوت عال، فضاق به الحال، فقال: والله لأشكونها لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب، فذهب الى بيت أمير المؤمنين، وهناك سمع عجبا: ان صوت زوجة أمير المؤمنين يعلو عليه!! فوجد حال أمير المؤمنين من حاله، فلم يطرق الباب وهمّ بالرجوع، وفي نفس الوقت أراد أمير المؤمنين الخروج من بيته حتى تهدأ زوجته ثم يرجع..
فوجد هذا الصحابي.. فقال له عمر: ماذا كنت تريد؟
فقال له كذا وكذا.. فقلت: ان كان هذا أمير المؤمنين فما عليّ أنا؟ فقال له عمر بن الخطاب كلمات يتجسد فيها الوفاء، قال:" تحملتني، ربت أولادي، غسلت ثيابي، نظفت بيتي، ولم تؤمر بذلك، تفعل ذلك وتصبر عليّ، أفلا أتحملها اذا رفعت صوتها؟".
يبدو أن هذا الأمر ليس جديدا.. لقد فهمت ما أقصد طبعا!؟ فزوجة الصحابي ترفع صوتها عليه وكذلك أمير المؤمنين..
ولكن انظر الى وفاء عمر بن الخطاب.. من منا يفعل مثل عمر؟
يعدد فضائل زوجته ويفي بحقها، ولا ينسى التوقيت المناسب للوفاء..!!
وأي وفاء هذا..!؟
احتار القلم واحترت معه.. هل أجمع كل حالات الوفاء للنبي صلى الله عليه وسلم حتى تئثر فينا أم أنني أضع كل موقف في مكانه.. ثم كان التوفيق. انظر الى النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاة السيدة خديجة بأربع عشرة سنة يوم فتح مكة..انه يوم.. النبي فيه مشغول..! والكل يريد أن يتحدث معه.. منهم من يريد أن يسأله في أمور، ولكنه يرى امرأة عجوزرا قادمة، فيترك الكل، ويجلس معها، ثم يخلع عباءته، فيفردها لها على الأرض ويجلس معها، ويجلس ويتكلم معها ساعة.. كل ذلك وهناك شخص يراقب ما يحدث ولما انتهى النبي صلى الله عليه وسلم قالت له السيدة عائشة: من هذه يا رسول الله، قال:" انها صاحبة خديجة.. كانت تأتينا أيام خديجة"، فقالت السيدة عائشة: فيم كنتم تتحدثون يا رسول الله؟ فقال:" كنا نتذكر الأيام الخوالي" ويقصد النبي الأيام الجميلة مع خديجة (فغارت السيدة عائشة) وقالت: أما زلت تذكر هذه العجوز، وقد واراها التراب، وقد أبدلك الله من هي خير منها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:" لا والله ما أبدلني من هي خير منها، واستني حين منعني الناس، آمنت بي حين كذبني الناس.." رواه الامام أحمد 6118 والطبراني في المعجم الكبير 2313 والهيثمي في مجمع الزوائد 9224.
يا الله.. أي وفاء هذا!؟ يا رجال تخلقوا بأخلاق النبي كونوا أوفياء كما كان النبي صلى الله عليه وسلم..
ويا نساء أما تحببن أن يكون أزواجكنّ أوفياء كما كان النبي صلى الله عليه وسلم..!؟
يا الله! حقا يا له من دين عظيم..
اياك أن تغدر بزوجتك.. يقول النبي صلى الله عليه وسلم:" أيما رجل تزوج امرأة على ما قل من المهر أو كثر وليس في نفسه أن يؤدي اليها حقها خدعها، فمات لقي الله وهو زان" رواه الطبراني في المعجم الأوسط 1872 وفي المعجم الصغير 111 والهيثمي في مجمع الزواد 4132.
انظر الى تعبير النبي:" وليس في نفسه"..
والآن حدّث نفسك وابحث واجتهد حتى تجد اجابة تقنعك.. فالحديث شديد، والآن تذكر.. أين وفاؤك لكل من عرفته في حياتك؟ أصحابك القدامى.. اذهب ورزهم، واسأل عنهم ولو بالتليفون، هيا الآن لا تتردد وتذكر، النية هي الوفاء.
لا يا عباس انه يوم بر ووفاء
تخيّل.. ان الوفاء مطلوب لكل من عرفته في مرحلة حياتك، حتى ولو لم تكن تحبهم!!!
واليك هذه القصة.. كان مفتاح الكعبة مع بني عبد الدار، وكان عثمان بن طلحة من بني عبدالدار، وكان يدخل بعض أشراف قريش الكعبة، وجاء النبي صلى الله عليه وسلم وقال:" يا عثمان: هلا أدخلتني؟" قال: لا، قال النبي صلى الله عليه وسلم:" يا عثمان لعل يوما تأتي يكون المفتاح معي ولا أعطيه لك.." فقال عثمان: ان جاء ذلك اليوم فبطن الأرض خير لي من ظهرها.. ومضى النبي ولم يدخل، ومرت الأيام وفتحت مكة، وأسلم عثمان بن طلحة وجاء النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: " يا عثمان أين المفتاح؟" فقال: في البيت يا رسول الله أذهب الى أمي فآتيك به.. فذهب لأمه فذكّرته بما كان، وقالت: أتذكر حينما قال لك كذا وكذا.. ان المفتاح في ثيابها قال: يا أمي أعطني المفتاح.. رسول الله يريده.. فوجد النبي أن عثمان قد تأخر، فأرسل اليه عمر بن الخطاب، وقال: اذهب يا عمر فأتني بالمفتاح، فذهب عمر وطرق الباب وقال: يا عثمان أين المفتاح؟ وحينها أخرجت المفتاح في الحال!! ( انه عمر ) فأخذ عمر المفتاح وذهب به الى النبي صلى الله عليه وسلم فأخذه النبي وقال:"يا عثمان أتذكر يوم قلت لك: لعلي آخذه منك فلا أعطيه لك" فسكت عثمان ( تخيّل.. لو أنك مكان عثمان الان).. ثم جاء العباس عم النبي صلى الله عليه وسلم وقال: يا رسول الله أعطني المفتاح ( فيكون مع عائلة عبدالمطلب)، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:" لا يا عباس انه يوم بر ووفاء.. يوم بر ووفاء.. خذوها يا بني عبدالدار خالدة معكم لا يأخذها منكم الا ظالم" ورد المفتاح لعثمان. رواه الطبراني في المعجم الكبير 11234 وفي المعجم الأوسط 492 والهيثمي في مجمع الزوائد 3285.
والى اليوم مفتاح الكعبة مع قبيلة بني عبدالدار لا يدخل ملك ولا رئيس الا باذن القبيلة، وفاء لعهد النبي صلى الله عليه وسلم.
ما رأيك في هذا الموقف.. ماذا تفعل لو كنت مكان النبي صلى الله عليه وسلم؟ ان الكلام ميسور ألست معي في ذلك؟ دنيا المتكلمين تسع المزيد فأين أنت يا دنيا العاملين؟!
هيا رفع للحق راية واستقم
والآن انتهى خلق الوفاء وعرفنا أن له خمسة أقسام
وهي: الوفاء مع الله، والوفاء مع رسول الله، والوفاء مع الناس في تعاملك معهم، والوفاء مع من أحسن اليك، وأخيرا الوفاء مع كل من عرفته خلال رحلة عمرك.
هيا: خذ خلق الوفاء بقوة…. أما تحب أن ترفع للحق راية، فهيا ارفع راية الوفاء في كل ميدان، في كل مكان.. واستقم على ذلك، وكن جلدا قويا.. واعلم أن الوفاء يزين الانسان.. فان الله حينما أراد أن يمدح نبيه ابراهيم قال:{ وابراهيم الذي وفّى} النجك 37.
وفيّ بكل أقسام الوفاء، وفيّ بكل ما يستطيع. أشعر بك ستحاول وستجتهد لتكون وفيا، فلقد عرفت كيف تكون وفيا، مع من أحسن اليك.. فلا تنسى وفاءك لهذا الكتاب…!!؟
لقد تباهت الحروف والكلمات التى صيغ بها الموضوع الزكى
فيكفيك فخراً وشرفاً اخ هديدو أن المنتدى لا يستطيع الاستغناءعن مواضيعك الهادفة
أتمنى أن تعم الفائدة والوفاء بين الأعضاء
نتمنى دلك اخي
أدب المؤمن في الأشهر الحرم
أدب المؤمن في الأشهر الحرم
ونحن في هذا الشهر الكريم شهر رجب نريد أن نتعرف على بعض المعاني التي أكرمنا الله بها في هذه الأوقات فإن الله هو الذي وقت المواقيت وحدد الأمكنة وبين الأزمنة فضل بعض الأوقات على بعض وخصَّ بعض الأمكنة بالفضل الذي لا يوجد في البعض ففضل على الشهور شهر رمضان وبعده في الفضل رجب وشعبان وفضل على الأيام يوم عرفة وفضل على الليالي ليلة القدر وفضل على الأمم أمة الإسلام وفضل على الرسل رسولكم الكريم وكل ذلك يقول المولى فيه {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}لم اختص الله هذا الشهر بمزية دون ما سبقه من الشهور؟إن هذا الشهر كانت العرب حتى قبل الإسلام تخصه بالاحترام والتجلة والإكرام وكانوا يسمونه الشهر الحرام أي تحرم فيه المعاصي والذنوب والسيئات والآثام حتى كان الرجل العادي والجاهلي إذا قابل قاتل أخيه في شهر رجب يلفت وجهه إلى الجهة الأخرى ولا ينظر إليه بسوء احتراماً لحرمة هذا الشهر الكريم وإذا قابل من أساء إليه بقول أو فعل أو عمل تغاضى عنه أو تركه توقيراً واحتراماً لهذا الشهر الكريم وجاء الإسلام وزادها توقيراً وتعظيماً وذلك في قول الله {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ} فنهانا الله عن أن نظلم أنفسنا في هذه الأشهر الكريمة وهي الأشهر الحرم ومن ضمنها شهر رجب الأغر وهنا سؤال ملح وكيف يظلم الإنسان نفسه؟ إن ظلم الإنسان لنفسه عند الله وعند رسول الله وعند كتاب الله وعند العلماء بالله هو أن يتجاوز الإنسان حدود الله {وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} أي إن الإنسان الذي يتعدى أي يتجاوز الحدود التي أعدها الملك المعبود للمعاملات وللأخلاق وللعبادات وللكمالات الإلهية فقد عرض نفسه للظلم الكبير الذي لا ينفع فيه وزير ولا شفيع ولا نظير لأن الأمر يتعلق بالملك الكبير فإن كان الإنسان يرخي لنفسه العنان لترتكب بعض الهفوات أو بعض الزلات فإنه في هذا الشهر الكريم يجب أن يقبض بلجام نفسه بقوة الشريعة الإلهية ويجعلها مسخرة لأحكام رب البرية فلا تنظر العين منها إلا لما أحلَّه الله وإذا أرادت أن تلتفت إلى الحرام تقول لها {النَّظْرَةُ سَهْمٌ مَسْمُومٌ مِنْ سِهَامِ إِبْلِيسَ مَنْ تَرَكَهَا مِنْ مَخَافَةِ اللَّهِ أَبْدَلَهَا اللَّهُ إِيمَانَاً يَجِدُ حَلاَوَتَهُ فِي قَلْبِهِ}[1] يا أيتها العين أما سمعتي خالقك وهو يقول {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ}وإذا أرادت الأذن أن تستمع إلى ما حرَّم الله من غيبة ونميمة وسبَّ وشتم وقول باطل قال لها يا أيتها الأذن: كوني كما قال الله{وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ}والأذن الواعية هي التي لا تقع في معصية وفى الأثر {المُغْتَابُ وَالمُسْتَمِعُ شَرِيكَانِ فِي الإِثْمِ}[2] فأنت إذا استمعت إلى المغتاب فأنت على إحدى ثلاث خصال: الأولى إذا وافقته كنت شريكه على هذا الإثم وعلى هذا العمل وهذه الجريمة الشنعاء التي جعلها ربُّ الأرض والسماء أقبح من إسالة الدماء استمعوا إليه سبحانه إذ يقول {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ} والثانية أنت إذا نهرته عن الغيبة وقمت عنه عرضت نفسك للسوء وللوقوع في عرضك ولارتكاب الإثم بسببك والحل الثالث ولا غنى له هو قول الله { فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} أنك توطن نفسك ألا تجلس في مجالس الغيبة ولا مجالس النميمة ولا في مجالس اللهو في هذه الأيام المباركة لأن الله حرَّم فيها هذه المعاصي وهذه المعاصي وإن كانت بالطبع محرَّمة طول العام ولكنها هذه الأيام أشد حرمة وأشد تجريماً وأشد وزراً عند الرحيم الرحمن {فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ} أي إن الإنسان يمسك بزمام نفسه وتجعلها تسير كما يريد الله وتمشي خلف رسول الله فالمكان الذي كان يحبه أجلسها فيه والعمل الذي كان يحبه يجعلها تعمله ومن أخبرني بحبهم أجالسهم وأتقرب منهم ومن عرَّفني أنه يبغضهم أسارع إلى النفور عنهم ومن هنا نفهم معنى الآية فمن أرخى العنان لنفسه فقد ظلم نفسه لأنها بوقوعها في الذنوب تستوجب غضب علام الغيوب ونحن الضعفاء والمساكين أحوج ما نكون إلى نظرة رضا من رب العالمين فإنه لو غضب على أحد طرفة عين كانت حياته كلها نكد وكان قبره شعْلة من اللهب وكانت قيامته حسرة وندامة يوم لا تنفع الندامة ولا الملامة وكان مصيره كما تعلمون وكما تعرفون والدنيا كما قال الإمام علي (الدنيا ساعة فأجعلها طاعة) كلنا مسافرون وكلنا جاهزون للقاء الله ولا نعلم الميعاد ولا نعلم وقت السفر فعلينا أن نجهز الزاد والزاد الذي ينفع للميعاد وليس الأرصدة التي في البنوك ولا العمارات ولا الأراضين ولا الأولاد ولا البنين إلا إذا كانوا صالحين موفقين لاينفع إلا ما قال الله{وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى}عليك أن تجعل لنفسك رصيداً عند ربك ينفعك {يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} هذا الرصيد ما أسهله وما أيسره فإن التسبيحة الواحدة تعدل الدنيا من أولها إلى آخرها عند الله ولذلك عندما مر سليمان ابن داود ومعه جنوده وقد حملته الريح ونظر إليه رجل فقير في الأرض وتعجب الريح تحمل البساط وعليه نصف مليون جندي من الإنس والجن غير الحيوانات والطيور لأنها كلها كانت مسخرة لسليمان فنظر إلى هذا الملك العظيم وقال ما أعظم ما أوتي سليمان بن داود فحملت الريح تلك الكلمة إلى سليمان فأمرها أن تهبط بالبساط ودعا الرجل وقال له ماذا قلت يا عبد الله؟فأخذته رهبة فخفف عنه وقال لقد قلت: ما أعظم ما أوتي سليمان بن داود فقال سليمان: والله يا أخي لتسبيحة واحدة في صحيفة مؤمن خير وأعظم عند الله مما أوتي سليمان بن داود كلمة (سبحان الله) خير لك عند الله تجدها يوم القيامة في رصيدك خير لك من أن تضع في هذا الرصيد الدنيا كلها من أولها إلى آخرها ولذلك ينبئ الرسول الكريم عن الصفحة التي تثقل الميزان فيقول {والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ جِيءَ بالسَّمَاواتِ والأرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، ومَا بَيْنَهُنَّ، ومَا تَحْتَهُنَّ، فَوُضِعْنَ في كَفَّةِ المِيزَانِ، وَوُضِعَتْ شَهَادَةُ أَنْ لا إِلهَ إِلاَّ الله في الكَفَّةِ أُلاخْرى لَرَجَحَتْ بِهِنَّ}[3] ولذلك عندما كان سيدنا موسى في حالة المناجاة في حضرة الله فقال كما ورد بالحديث { يَا رَب عَلمْنِي شَيْئَاً أَذْكُرُكَ بِهِ وَأَدْعُوكَ بِه قَالَ: يَا مُوسَى***1648; قُلْ: لاَ إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ، قَالَ: يَا رَب، كُلُّ عِبَادِكَ يَقُولُ هذَا، قَالَ : قُلْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ، قَالَ: لاَ إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ، يَا رَب إِنَّمَا أُرِيدُ شَيْئَاً تَخُصُّنِي بِهِ، قَالَ: يَا مُوسَى***1648; لَوْ أَنَّ السَّموَاتَ السَّبْعَ وَعَامِرَهُنَّ غَيْرِي، وَالأَرَضِينَ السَّبْعَ فِي كِفَّةٍ وَلاَ إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ فِي كِفَّةٍ مَالَتْ بِهِمْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ}[4] كلمة هينة لينة ما أسهلها على اللسان وما أحبها إلى الرحمن وما أثقلها في الميزان يوم لا ينفع الإنسان إلا ما قدمت يداه فاتقوا الله عباد الله وامتنعوا عن المعاصي في هذه الأيام المباركة واستكثروا فيها من الطاعات وحركوا ألسنتكم بذكر خالق الأرض والسموات ماذا عليك لو قلت وأنت في الطريق تمشي لا إله إلا الله؟ ماذا عليك لو كررتها وأنت جالس في بيتك وأنت جالس في عملك وأنت راكب في مواصلتك؟ ماذا تكلفك وبماذا تتعبك؟ إنها دليل على توفيق الله للمؤمنين ففي الأثر المشهور قيل {إذا أكرم الله عبدا ألهمه ذكره وألزمه بابه وآنسه به { حتى قال { لو علم المغترون بالدنيا ما فاتهم من حظ المقربين وتلذذ الذاكرين وسرور المحبين لماتوا كمدا}[5] ألهم لسانه ذكره ليكون كلامه أرباح وليكون كلامه فلاح ونجاح وليكون كلامه رضا لحضرة الكريم الفتاح وليكون كلامه تكريماً له يوم القيامة وإذا أبغض الله عبداً جعل لسانه بذيئاً ينطق بالألفاظ البذيئة ولا يتحرك إلا كالسوط يجلد هذا بكلامه ويؤلم هذا بصراخه وسبابه ويؤذي هذا بغيبته ويفرق بين هذا وذاك بنميمته إن هذا يكون على شاكلة إبليس لأنها أعمال إبليس فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن الجوارح تخاطب اللسان كل صباح فتقول {إِذَا أَصْبَحَ ابْنُ آدَمَ فَإِنَّ الأَعْضَاءَ كُلَّهَا تُكَفِّرُ الِّلسَانَ فَتَقُولُ: اتَقِ الله فِينَا فَإِنَّمَا نَحْنُ بِكَ فَإِنْ اسْتَقَمْتَ اسْتَقَمْنَا وَإِنْ اعْوَجَجْتَ اعْوَجَجْنَا}[6] كل صباح تجتمع أعضاءك وأنت لا تشعر وتحدث اللسان لأن الإنسان لا يؤاخذ إلا بكلمات هذا اللسان وبأفعال هذه الجوارح وبنيّة القلب والجنان قال النبي {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ هذِهِ الدُّنْيَا دَارُ الْتِوَاءٍ لاَ دَارُ اسْتِوَاءٍ، وَمَنْزِلُ تَرَحٍ لاَ مَنْزِلُ فَرَحٍ، فَمَنْ عَرَفَهَا لَمْ يَفْرَحْ لِرَخَاءٍ، وَلَمْ يَحْزَنْ لِشِدَّةٍ، أَلاَ وَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى***1648; خَلَقَ الدُّنْيَا دَارَ بَلْوَى***1648;، وَالآخِرَةَ دَارَ عُقْبَى***1648;، فَجَعَلَ بَلْوَى***1648; الدُّنْيَا لِثَوَابِ الآخِرَةِ، وَثَوَابَ الآخِرَةِ مِنْ بَلْوَى***1648; الدُّنْيَا عِوَضاً، فَيَأْخُذُ لِيُعْطِى، وَيَبْتَلِي لِيُجْزِى، فَاحْذَرُوا حَلاَوَةَ رَضَاعِهَا لِمَرَارَةِ فِطَامِهَا، وَاهْجُرُوا لَذِيذَ عَاجِلِهَا لِكَرِيهِ آجِلِهَا وَلاَ تَسْعَوْا فِي عُمْرَانِ دَارٍ قَدْ قَضَى***1648; اللَّهُ خَرَابَهَا، وَلاَ تُوَاصِلُوهَا وَقَدْ أَرَادَ مِنْكُمْ اجْتِنَابَهَا، فَتَكُونُوا لِسَخَطِهِ مُتَعَرضِينَ، وَلِعُقُوبَتِهِ مُسْتَحِقينَ][7] أكرم الله المؤمنون في هذا الشهر فأخذ حبيبه ومصطفاه في رحلته المباركة وأغدق عليه من نوره العام ومن صنوف الإكرام ما لم يعلمه إلا الملك العلام في هذه الليلة ليعلمنا أن هذا الشهر هو شهر إكرام الله لعباده المؤمنين والذي قال في حقه سيد المرسلين {رَجَبٌ شَهْرُ اللَّهِ وَشَعْبَانُ شَهْرِي وَرَمَضَانُ شَهْرُ أُمَّتِي}[8] ومعنى شهر الله أي شهر العفو الإلهي ومغفرة الله وإحسانه وإكرامه لعباده لأن الله موصوف بهذه الصفات الكريمة وفي كل ليلة من ليالينا يتنزل في الثلث الأخير وينادي علينا ويتعجب من لجوئنا لغيره وهو أقرب إلينا من حبل الوريد فيقول{ألا مُسْتَغْفِرٌ فأغْفِرَ لَهُ ألا مُسْتَرْزِقٌ فأرْزُقَهُ ألا مُبْتَلًـى فـأُعافِـيَهُ ألا سائِلٌ فأعْطِيَهُ ألا كَذا ألا كذا حَتَّـى يَطْلُعَ الفَجْرُ}[9]
[1] روى في الترغيب والترهيب ومجمع الزوائد عن عبد الله بن مسعود.
[2] ورد فى الإحياء للغزالى وفى مراقى العبودية.
[3] رواه أحمد والطبراني والبزار من حديث ابن عمر.
[4] أبو يعلى فى مسنده وأبو بعيم فى الحلية والبيهقى فى السنن وغيرها عن أَبي سعيدٍ رضيَ اللَّهُ عنهُ.
[5] الزهد الكبير للبيهقي رواية عن ذى النون
[6] سنن الترمذى وغيرها ، عن أبر سعيد الخدرى
[7] الديلمى عن ابن عمر رضى الله عنهما
[8] أبو الفتح بن أبي الفوارس من أماليه عن الحسن مرسلاً في كتاب جامع الأحاديث والفتح الكبير.
[9] عن جبير بن مطعم عن أبيه وفي مسند الإمام أحمد عن أبي هريرة.
الدعاء عدة المؤمن
بسم الله الرحمن الرحيم
نحن جميعا مهمومون بأمر بلادنا وأحوال شعوبنا، وأخبار اقتصادنا ووسائل الإعلام هداهم الله منهم من يغرر بنا ومنهم من يورثنا الخوف والفزع والجزع ومنهم من يجعلنا نمشي دائماً وأبداً في هلع
منهم من يقول عن قريب لن تجدوا رغيف الخبز وفي الصيف لن تجدوا لمبة مضاءة بالكهرباء وغيرها من أمور التخويفات التي جعلت الناس جميعاً في هذا البلد الكريم المطمئن يمشون دائماً وأبداً مشغولون بما سيكون وما سيحدث لنا ولأولادنا ولأهلينا ولإخواننا
أمام ذلك كله ماذا نفعل؟ نسينا أو تناسى كبارنا وعلماؤنا ووسائل إعلامنا ما تحدَّث به نبينا صلي الله عليه وسلم وهو المعصوم عن هذا الذي نحن فيه الآن ورسول الله صلي الله عليه وسلم تحدَّث عن كل شيء سيحدث في أمته إلى يوم الدين
وعندما تقرأ أو تسمع أحاديثه تجده كأنه يعيش بيننا الآن يصف الحال وصفاً سديداً ولكنه لا يكتفي بالوصف وبالمقال وإنما يعرض روشتة لصلاح الأحوال فيها النجاة في الدنيا والفوز بالحسنى في المآل لمن سعد بذلك وعمل بالذي قاله النبي صلوات ربي وتسليماته عليه
عندما نتدبر ما قاله النبي في هذا الزمان وفي هذا الأوان تطمئن قلوبنا وترتاح نفوسنا وتنشرح صدورنا لأنه صلي الله عليه وسلم وهو الذي قال فيه ربه {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى{3} إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى{4} النجم
كلامه فصل وجد وليس هزل ليس بعد كلام النبي صلي الله عليه وسلم كلام لأنه وحي من الله يطمئننا فيقول صلي الله عليه وسلم {سَأَلْتُ رَبِّي ثَلاثًا فَأَعْطَانِي اثْنَيْنِ وَلَمْ يُعْطِنِي وَاحِدَةً سَأَلْتُهُ أَنْ لا يَقْتُلَ أُمَّتِي بِسَنَةِ جُوعٍ فَيَهْلَكُوا فَأَعْطَانِي وَسَأَلْتُهُ أَنْ لا يُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ فَأَعْطَانِي وَسَأَلْتُهُ أَنْ لا يَجْعَلَ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ فَمَنَعَنِي}[1]
طمأننا الحبيب صلي الله عليه وسلم أن هذه الأمة كلها في رعاية الله وعناية الله لن تموت من الجوع ولا من ندرة الماء والعطش ولا غيرها من الهموم التي نحملها جميعا في هذا الزمان لا سيما وإنها أمور تكفل بها وضمنها لنا الرحمن لم يجعل هذه الأمور في وزارة التموين ولا في دواوين رئيس الوزراء ولا غيره وإنما قال لنا لنطمئن أجمعين {وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ } الذاريات22
فالرزق محدد في السماء عند من يقول للشيء كن فيكون والله قد جهز كل مسلم بسلاح إلهي يستطيع أن يفك به كل المضايق وأن يفرج به كل الشدات وأن يخرج به ويحل به كل المشكلات ما هذا السلاح؟
{ادْعُونِي أَسْتَجِبْ} غافر60
لم يقل الله ادعوني فأنظر في أموركم ثم أقرر ماذا يصلح لأحوالكم أو انتظروا حتى أعرض هذا الأمر على مجلس الشورى ولا حتى انتخابات الشعب أو غيره ولكن يستجيب فورا للمؤمنين والمؤمنات وخاصة في الأمور الضروريات التي لا غنى عنها لأي إنسان أو حيوان
لو ذهب أي مسلم إلى أي صحراء جرداء لا فيها زرع ولا ماء وأخذ العدة التي أمر أن يتجهز بها المؤمن سيد الرسل والأنبياء وهي عدة إجابة الدعاء أن يأكل حلالاً أباحه الله ولا يتحايل في الحصول على الرزق بكيفية تخالف شرع الله وتنافي ما ورد عن رسول الله صلي الله عليه وسلم
وهذه هي الطامة الكبرى التي حدثت في زماننا المؤمنون يتركون منهج النبي والهدي الإلهي ويحاولون أن يدلسوا على إخوانهم ويغشوا إخوانهم المؤمنين في بيعهم وشرائهم وأمور معايشهم ليكدسوا الأموال كما يظنون وإن كانوا يخرجون بهذا الأمر من أمة الحبيب المختار لأنه يقول {مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنَّا}[2]
[color="o****"]ثم يلحون في الدعاء ولا يستجيب الله لقوله صلي الله عليه وسلم {الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ يَا رَبِّ يَا رَبِّ وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ}[3] [/color]
كيف يستجاب له وهو قد غذى جسمه وألبس جسده من الحرام الذي حرَّمه الله؟ لا يطلب الله لإجابة الدعاء كثرة عبادات ولا إحياء الليل في ركعات وسجدات ولا قطع النهار في تلاوة الآيات الكريمات المباركات أبداً والله كل ما يطلبه وهو سهل على كل عبد أن يراقب الله فيما يحصل عليه من الأقوات فلا يحصل إلا الأرزاق الحلال وبالطريقة الشرعية التي وضحها الله وبينها في هديه سيدنا رسول الله
إذا فعل ذلك كان كل دعاء له مجاب لو ذهب إلى أي أرض صحراء جرداء وليس فيها زرع ولا ماء وصلى ركعتين ودعا الله فإن الله يرسل له السحاب أين كان وكيف كان يغيثه بالماء وكان على هذا الهدي الكريم رسولنا وأصحابه المباركين ومن بعدهم من السلف الصالح أجمعين
[1] مسند الإمام أحمد عن معاذ بن جبل
[2] صحيح مسلم وسنن الترمذي وأبي داود عن أبي هريرة
[3] صحيح مسلم وسنن الترمذي والدارمي عن أبي هريرة
منقول من كتاب [الأشفية النبوية للعصر]
]
المؤمن لا يعرف شيئا اسمه المرض النفسي لأنه يعيش في حالة قبول و انسجام مع كل ما يحدث له من خير و شر.. فهو كراكب… الطائرة الذي يشعر بثقة كاملة في قائدها و في أنه لا يمكن أن يخطئ لأن علمه بلا حدود، و مهاراته بلا حدود.. فهو سوف يقود الطائرة بكفاءة في جميع الظروف و سوف يجتاز بها العواصف و الحر و البرد و الجليد و الضبابو هو من فرط ثقته ينام و ينعس في كرسيه في اطمئنان و هو لا يرتجف و لا يهتز اذا سقطت الطائرة في مطب هوائي أو ترنحت في منعطف أو مالت نحو جبل.. فهذه أمور كلها لها حكمة و قد حدثت بارادة القائد و علمه و غايتها المزيد من الأمان فكل شيء يجري بتدبير و كل حدث يحدث بتقدير و ليس في الامكان أبدع مما كان.. و هو لهذا يسلم نفسه تماما لقائده بلا مساءلة و بلا مجادلة و يعطيه كل ثقته بلا تردد و يتمدد في كرسيه قرير العين ساكن النفس في حالة كاملة من تمام التوكل.
و هذا هو نفس احساس المؤمن بربه الذي يقود سفينة المقادير و يدير مجريات الحوادث و يقود الفلك الأعظم و يسوق المجرات في مداراتها و الشموس في مطالعها و مغاربها.. فكل ما يجري عليه من أمور مما لا طاقة له بها، هي في النهاية خير.
اذا مرض و لم يفلح الطب في علاجه.. قال في نفسه.. هو خير.. و اذا احترقت زراعته من الجفاف و لم تنجح وسائله في تجنب الكارثة.. فهي خير.. و سوف يعوضه الله خيرا منها.. و اذا فشل في حبه.. قال في نفسه حب فاشل خير من زيجة فاشلة.. فاذا فشل زواجه.. قال في نفسه الحمد لله . و الوحدة خير لصاحبها من جليس السوء.. و اذا أفلست تجارته قال الحمد لله لعل الله قد علم أن الغنى سوف يفسدني و أن مكاسب الدنيا ستكون خسارة علي في الآخرة.. و اذا مات له عزيز.. قال الحمدلله.. فالله أولى بنا من أنفسنا و هو الوحيد الذي يعلم متى تكون الزيادة في أعمارنا خيرا لنا و متى تكون شرا علينا.. سبحانه لا يسأل عما فعل.
و شعاره دائما: (و عسى أن تكرهوا شيئا و هو خير لكم و عسى أن تحبوا شيئا و هو شر لكم و الله يعلم و أنتم لاتعلمون)
و هو دائما مطمئن القلب ساكن النفس يرى بنور بصيرته أن الدنيا دار امتحان و بلاء و أنها ممر لا مقر، و أنها ضيافة مؤقتة شرها زائل و خيرها زائل.. و أن الصابر فيها هو الكاسب و الشاكر هو الغالب.
لا مدخل لوسواس على قلبه و لا لهاجس على نفسه، لأن نفسه دائما مشغولة بذكر العظيم الرحيم الجليل و قلبه يهمس: الله.. الله.. مع كل نبضة، فلا يجد الشيطان محلا و لا موطئ قدم و لا ركنا مظلما في ذلك القلب يتسلل منه.
و هو قلب لا تحركه النوازل و لا تزلزله الزلازل لأنه في مقعد الصدق الذي لا تناله الأغيار.
و كل الأمراض النفسية التي يتكلم عنها أطباء النفوس لها عنده أسماء أخرى:
الكبت اسمه تعفف
و الحرمان رياضة
و الاحساس بالذنب تقوى
و الخوف (و هو خوف من الله وحده) عاصم من الزلل
و المعاناة طريق الحكمة
و الحزن معرفة
و الشهوات درجات سلم يصعد عليها بقمعها و يعلو عليها بكبحها الى منازل الصفاء النفسي و القوة الروحية
و الأرق.. مدد من الله لمزيد من الذكر.. و الليلة التي لا ينام فيها نعمة تستدعي الشكر و ليست شكوى يبحث لها عن دواء منوم فقد صحا فيها الى الفجر و قام للصلاة
و الندم مناسبة حميدة للرجوع الى الحق و العودة الى الله
و الآلا م بأنواعها الجسدي منها و النفسي هي المعونة الالهية التي يستعين بها على غواية الدنيا فيستوحش منها و يزهد فيها
و اليأس و الحقد و الحسد أمراض نفسية لا يعرفها و لا تخطر له على بال
و الغل و الثأر و الانتقام مشاعر تخطاها بالعفو و الصفح و المغفرة
و هو لا يغضب الا لمظلوم و لا يعرف العنف الا كبحا لظالم
و المشاعر النفسية السائدة عنده هي المودة و الرحمة و الصبر و الشكر و الحلم و الرأفة و الوداعة و السماحة و القبول و الرضا
تلك هي دولة المؤمن التي لا تعرف الأمراض النفسية و لا الطب النفسي..
و الأصنام المعبودة مثل المال و الجنس و الجاه و السلطان، تحطمت و لم تعد قادرة على تفتيت المشاعر و تبديد الانتباه.. فاجتمعت النفس على ذاتها و توحدت همتها، و انقشع ضباب الرغبات و صفت الرؤية و هدأت الدوامة و ساد الاطمئنان و أصبح الانسان أملك لنفسه و أقدر على قيادها و تحول من عبد لنفسه الى حر بفضل الشعور بلا اله الا الله.. و بأنه لا حاكم و لا مهيمن و لا مالك للملك الا واحد، فتحرر من الخوف من كل حاكم و من أي كبير بل ان الموت أصبح في نظره تحررا و انطلاقا و لقاء سعيد بالحبيب.
اختلفت النفس و أصبحت غير قابلة للمرض.. و ارتفعت الى هذه المنزلة بالايمان و الطاعة و العبادة فأصبح اختيارها هو ما يختاره الله، و هواها ما يحبه الله.. و ذابت الأنانية و الشخصانية في تلك النفس فأصبحت أداة عاملة و يدا منفذة لارادة ربها. و هذه النفس المؤمنة لا تعرف داء الاكتئاب، فهي على العكس نفس متفائلة تؤمن بأنه لا وجود للكرب مادام هناك رب.. و أن العدل في متناولنا مادام هناك عادل.. و أن باب الرجاء مفتوح على مصراعيه مادام المرتجى و القادر حيا لا يموت.
و النفس المؤمنة في دهشة طفولية دائمة من آيات القدرة حولها و هي في نشوة من الجمال الذي تراه في كل شيء.. و من ابداع البديع الذي ترى آثاره في العوالم من المجرات الكبرى الى الذرات الصغرى.. الى الالكترونات المتناهية في الصغر.. و كلما اتسعت مساحة العلم اتسع أمامها مجال الادهاش و تضاعفت النشوة.. فهي لهذا لا تعرف الملل و لا تعرف البلادة أو الكآبة.
مقالة من اروع ما كتب الدكتور مصطفى محمود عن الايمان بالله منقول للمطالعة والاستفادة
سبحان الله و الحمد لله
الرجل المؤمن
تقبلو تحياتي …
الشيطان لم يرهقك أخي العيد ونشرتها
وان شاء الله كتب لك في ميزان حسناتك ما يضاهي عدد حبات الرمل والحصى
شكرا لهده الافادة الطيبة
شكراااا لك ملاك على مرورك الحلو وزاد الموضوع اشراقا
انشاء الله يبعدو علينا وعليكم
شكرا اخي موليار على الموضوع
العفو اخي عبد الحميدش
سعدت بمرورك اخي
مشكور اخي على الموضوع القيم جعله الله في ميزان حسناتك ان شاء الله
دمت مخلصا ووفيا
شكرا لك اخي موليار بارك الله فيك و اضيف الى ميزان حسناتك انشاء الله
نحن ننتضر جديدك على احر من الجمر فواصل ولا تفاصل
شكراااااااااااااااااااااااااااااا لمروركم
بارك الله فيكم
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته….
جزاك الله كل خير لفته كريمه وجميله
ان شاء الله يكتب لك في ميزان حسناتك عدد قطرات المطر وذرات الرمل
ابو المعتصم
الوضوء سلاح المؤمن
السلام عليكم ومرحمة الله وبركاته..
الوضوء سلاح المؤمن:
قال تعالى: [ يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين، وإن كنتم جنبا فاطهروا، وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه، ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون] (المائدة 6)
إن الوضوء ليس مجرد تنظيف للأعضاء الظاهرة، وليس مجرد تطهير للجسد يتـوالى عدة مرات في اليوم، بل إن الأثر النفسي والسمو الروحي الذي يشعر به المسـلم بعد الوضوء لشيء أعمق من أن تعبر عنه الكلمات ، خاصة مع إسباغ الوضوء وإتقانه.
فللوضوء دور كبير في حياة المسلم، وهو يجعله دائما في يقظة وحيوية وتألق، وقد قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم: "من توضأ فأحسن الوضوء خرجت الخطايا من جسده حتى تخرج من تحت أظفاره"،
وعنه صلى الله عليه وسلم فيما رواه أحمد عن أبي أمامة: " من توضأ فأسبغ الوضوء وغسل يديه ووجهه ومسح على رأسه وأذنيه ثم قام إلى صلاة مفروضة غفر له في ذلك اليوم ما مشت إليه رجلاه وقبضت عليه يداه وسمعت إليه أذناه ونظرت إليه عيناه وحدث به نفسه من سوء "
الوضوء وأسراره الثمينة:
إن عملية غسل الأعضاء المعرضة دائما للأتربة من جسم الإنسان لا شك أنها في منتهى الأهمية للصحة العامة، فأجزاء الجسم هذه تتعرض طوال اليوم لعدد مهول من الميكروبات تعد بالملايين في كل سنتيمتر مكعب من الهواء، وهي دائما في حالة هجوم على الجسم الإنساني من خلال الجلد في المناطق المكشوفة منه، وعند الوضوء تفاجأ هذه الميكروبات بحالة كسح شاملة لها من فوق سطح الجلد، خاصة مع التدليك الجـيد وإسباغ الوضوء، وهو هدي الرسول صلى الله عليه وسلم، وبذلك لا يبقى بعد الوضوء أي أثر من أدران أو جراثيم على الجسم إلا ما شاء الله.
المضمضة:
أثبت العلم الحديث أن المضمضة تحفظ الفم والبلعوم من الالتهابات وتحفظ اللثة من التقيح، وكذا فإنها تقي الأسنان وتنظفها بإزالة الفضلات الغذائية التي تبقى بعد الطعام في ثناياها، وفائدة أخرى هامة جدا للمضمضة، فهي تقوي بعض عضلات الوجه وتحفظ للوجه نضارته واستدارته، وهو تمرين هام يعرفه المتخصصون في التربية الرياضية، وهذا التمرين يفيد أيضا في إضفاء الهدوء النفسي على المرء لو أتقن تحريك عضلات فمه أثناء المضمضة.
غسـل الأنــف:
أظهر بحث علمي حديث أجراه فريق من أطباء جامعة الإسكندرية أن غالبية الذين يتوضئون باستمرار قد بدا أنفهم نظيفا خاليا من الأتربة والجراثيـم والميكروبات، ومن المعروف أن تجويف الأنف من الأماكن التي يتكاثر فيها العديد من هذه الميكروبات والجراثيم، ولكن مع استمرار غسل الأنف والاستنشاق والاستنثار بقوة – أي طرد الماء من الأنف بقوة – يحدث أن يصبح هذا التجويف نظيفا خاليا من الالتهابات والجراثيـم، مما ينعكس على الحالة الصحية للجسم كله، حيث تحمـي هذه العملية الإنسان من خطر انتقال الميكروب من الأنف إلى الأعضاء الأخرى في الجسم.
غسل الوجه واليدين:
ولغسل الوجه واليدين إلى المرفقين فائدة كبيرة جدا في إزالة الأتربة والميكروبات فضلا عن إزالة العرق من سطح الجلد، كما أنه ينظف الجلد من المواد الدهنية التي تفرزها الغدد الجلدية، وهذه تكون غالبا موطنا ملائما جدا لمعيشة وتكاثر الجراثيم.
غسل القدميــن:
أما غسل القدمين مع التدليك الجيد فإنه يؤدي إلى الشعور بالهدوء والسكينة، لما في الأقدام من منعكسات لأجهزة الجسم كله، وكأن هذا الذي يذهب ليتوضأ قد ذهب في نفس الوقت يدلك كل أجهزة جسمه على حدة بينما هو يغسل قدميه بالماء ويدلكهما بعناية. وهذا من أسرار ذلك الشعور الطاغي بالهدوء والسكينة الذي يلف المسلم بعد أن يتوضأ.
أسـرار أخرى:
وقد ثبت بالبحث العلمي أن الدورة الدموية في الأطراف العلوية من اليدين والساعدين، والأطراف السفلية من القدمين والساقين أضعف منها في الأعضاء الأخرى لبعدها عن المركز المنظم للدورة الدموية وهو القلب، ولذا فإن غسل هذه الأطراف جميعا مع كل وضوء ودلكها بعناية يقوي الدورة الدموية، مما يزيد في نشاط الجسم وحيويته. وقد ثبت أيضا تأثير أشعة الشمس ولا سيما الأشعة فوق البنفسجية في إحداث سرطان الجلد، وهذا التأثير ينحسر جدا مع توالي الوضوء لما يحدثه من ترطيب دائم لسطح الجلد بالماء، خاصة تلك الأماكن المعرضة للأشعة، مما يتيح لخلايا الطبقات السطحية والداخلية للجلد أن تحتمي من الآثار الضارة للأشعة