لشعور واللاشعور: مقدمة
إن الإنسان كائن حي يشترك مع غيره من الكائنات الحية في مجمل الوظائف الحيوية كالتغذية والتكاثر والانقسام ، إلا أن الإنسان يزيد عن غيره من هذه الكائنات بالشعور فينطبع سلوكه بطابع من المعقولية و الذي يصطلح على تسميته عادة بالوعي الذي يمكننا من التعرف على دواتنا و فهم ما يجري حولنا و تكفي المقارنة بين غافل و يقظ لنكتشف الفرق بينهما فاليقظ يشعر بحالته النفسية بل و يستطيع وصفها بينما يلاحظ العجز عند الغافل كما يستطيع اليقظ أن يضبط أفعاله و يعطيها طابعا إراديا عكس الغافل الذي يفتقد الإرادة على ذلك، إن الفرق بين الاثنين كامن في الشعور و هذا يعني أنه يكتسب أهمية بالغة في حياتنا إذ يشكل الأساس لكل معرفة و من ثمة لا نستغرب كيف أن جميع المناطقة القدامى عرفوا الإنسان بأنه كائن عاقل ناطق و بناءعلى..هل السلوك الإنساني يمكن فهمه برده الى الوعي فقط ؟
النظرية التقيدية: اعتقد الكثير من الفلاسفة و من بعدهم علماء النفس أن الشعور قوام الحياة الإنسانية و لعل أوضح اتجاه فلسفي أكد هذه الحقيقة و بشكل قطعي هو الاتجاه العقلاني الذي أرسى دعائمه ديكارت من خلال الكوجيتو "أنا أفكر إذن أنا موجود" غير أن الفكرة أخذت عمقها مع علم النفس التقليدي و ننتقي للتعبير عنه برغسون مؤسس علم النفس الاستبطاني و معه وليام جيمس في بداية حياته هذا الأخير الذي كتب يقول "إن علم النفس هو وصف وتفسير للأحوال الشعورية من حيث هي كذلك" لقد ناضل علماء النفس التقليديون في البدء ضد النزعة المادية السلوكية التي أنكرت وجود النفس و رأت في الظواهر النفسية و الأحوال الشعورية مجرد صدى للنشاط الجسمي، غير أن فكرة الشعور كأساس للحوادث النفسية تعزز مع الظواهرية، إذا أعطى إدموند هوسرل بعدا جديدا للمبدأ الديكارتي "أنا أفكر إذن أنا موجود" و حوله إلى مبدأ جديد سماه الكوجيتاتوم و نصه "أنا أفكر في شيء ما، فذاتي المفكرة إذن موجودة". و معناه أن الشعور ل يقوم بذاته و إنما يتجه بطبعه نحو موضوعاته.
يلزم عن موقف كهذا أن ل حياة نفسية إلا ما قام على الشعور أي لا وجود لفاعلية أخرى تحكم السلوك سوى فاعلية الوعي و الشعور و من ثمة فعلم النفس التقليدي على حد تعبير هنري آي في كتابه الوعي "و قد قام علم النفس التقليدي على المعقولية التامة هذه و على التطابق المطلق بين الموضوع و العلم به و تضع دعواه الأساسية أن الشعور و الحياة النفسية مترادفان".
إذا أردنا أن نقرأ الحجة التي يركن إليها هؤلاء وجدناها منطقية في طابعها فإذا كان ما هو شعوري نفسي فما هو نفسي شعوري أيضا و ما هو خارج الشعور لا يمكنه إلا أن يكف عن الوجود إذ كيف السبيل إلى إثبات ما لا يقبل الشعور و يلزم عن ذلك أن الحياة الشعورية مساوية تماما للحياة النفسية و اعكس صحيح.
زيادة على حجة نفسية إذ الدليل على الطابع الواعي للسلوك هو شهادة الشعور ذاته كملاحظة داخلية.
النقد: إذا كان الاعتقاد بأن ما هو شعوري نفسي صحيحا فإن عكس القضية القائل كل ما هو نفسي شعوري غير صحيح من الناحية المنطقية إذ الأصح أن يقال بعض ما هو نفسي شعوري أما من الناحية الواقعية فالسؤال الذي يطرح هو كيف نفسر بعض السلوكات التي نؤتيها و لا ندري لها سببا.
ب- النظرية اللاشعورية: قبل الحديث عن النظرية اللاشعورية ينبغي أن نفرق بين المعنى العام للاشعور و بين المعنى الخاص أي بالمعنى السيكولوجي، فالأول يعني كل ما لا يخضع للوعي و للإحساسا كالدورة الدموية، أما المعنى الثاني فيقصد به مجموع الأحوال النفسية الباطنية التي تؤثر في السلوك دون وعي منا. غير أن الفكرة تتضح مع فرويد باعتباره رائدا للتحليل النفسي القائم على فكرة اللاشعور، إذ اللاشعور لديه هو ذلك الجانب الخفي من الميول و الرغبات التي تؤثر في السلوك بطريقة غير مباشرة و دون وعي.
فكرة اللاشعور من الطرح الفلسفي إلى الطرح العلمي: ظل الاعتقاد سائدا لمدة طويلة أن الحياة النفسية قائمة أساسا على الشعور و الوعي و لا مجال للحديث عن اللاشعور، غير أن ذلك لا يعني أن الفلسفة لم تطرح فكرة اللاشعور بل يلاحظ أن لايبنتز في اعتراضه على الفكرة الديكارتية القائلة أن النفس قادرة على تأمل كل أحوالها و من ثمة الشعور بها و يلخص هذه المعارضة في ثلاث نقاط هي:
1/ الإدراكات الصغيرة: هنالك إدراكات متناهية في الصغر لا حصر لها في النفس، تعجز النفس عن تأملها مثلها في ذلك مثل الموجة التي تحدث هديرا نسمعه و لكن لا نستطيع سماع صوت ذرات من ماء هذه الموجة رغم أنها مؤلفة لذلك الهدير.
2/ مبدأ التتابع: لا يوافق لايبنتز على أن النفس قادرة على تأمل كل أفكارها تبعا لمبدأ التتابع فالحاضر مثقل بالماضي و مشحون بالمستقبل و ليس بالإمكان أن نتأمل و بوضوح كل أفكارنا و إلا فالتفكير يأخذ في تأمل كل تأمل إلى ما لا نهاية دون الانتقال إلى فكرة جديدة.
3/ الأفعال الآلية: و هذه ينعدم فيها الشعور، إن تأثير العادة في السلوك يجعلنا لا نشعر به أو يجعله لا شعوريا، يقول لايبنتز: "إن العادة هي التي لا تجعلنا نأبه لجعجعة المطحنة أو لضجة الشلال".
النقد: إم محاولة لايبنتز الفلسفية لتأكيد إمكانية وجود اللاشعور لاقت معارضة شديدة لأن السؤال المطروح هو كيف يمكن أن نثبت بالوعي و الشعور ما لايقبل الوعي أو الشعور.
وضعية علم النفس قبيل التحليل النفسي: إن تقدم علم النفس و الاهتمام بالمرضى النفسيين أدى إلى نتائج هامة في علم النفس و منها المدرستين الشهيرتين في علم النفس.
1/ المدرسة العضوية: كان تفكير الأطباء في هذه المدرسة يتجه إلى اعتبار الاضطرابات النفسية و العقلية ناشئة عن اضطرابات تصيب المخ، و يمثل هذا الرأي الطبيب الألماني وليم جريسنجر (1818-1868م) لتنتشر بعد ذلك آراء جريسنجر و كانت تعالج الاضطرابات النفسية بالعقاقير و الأدوية و الراحة و الحمامات و التسلية…
2/ المدرسة النفسية: في مقابل المدرسة السابقة اعتقد بعض الأطباء ذوي النزعة النفسية أن الاضطرابات النفسية تعود إلى علل نفسية و من المؤسسين الأوائل لهذه المدرسة مسمر (1784-1815م) الذي اعتقد بوجود قوة مغناطيسية تحكم النفس و أن امرض ناتج عن اختلال في هذه القوة و من ثمة كان جهد الطبيب ينصب على إعادة التوازن لهذه القوة.
و من أشهر الأطباء الذي استخدموا التنويم في علاج الأمراض برنهايم (1837-1919م) و لقيت هذه النظرية رواجا و خاصة بعد انضمام شاركو إليها بعد ما رفضها مدة طويلة في هذه الأثناء كان فرويد يولي اهتماما إلى كيفية علاج الأمراض النفسية فسافر إلى فرنسا أين اشتغل بالتنويم ثم عدل عنه بعد حين.
اللاشعور مع فرويد: ما كان لفرويد أن يبدع النظرية اللاشعورية لو لا شعوره بعجز التفسير العضوي للاضطرابات النفسية وكذا عجز النظرية الروحية و يمكن تبين وجهة النظر اللاشعورية من خلال إجابتها على الأسئلة التالية:
إذا كان هنالك لا شعور ما الدليل على وجوده؟
كيف يمكن أن يتكون و يشتغل؟ و كيف يمكن النفاذ إليه؟
مظاهر اللاشعور: حرص فرويد على بيان المظاهر المختلفة التي يبدو و من خلالها البعد اللاشعوري للسلوك و التي تعطي المشروعية التامة لفرضية اللاشعور إذ يقول فرويد "إن فرضية اللاشعور فرضية لازمة و مشروعة و أن لنا أدلة كثيرة على وجود اللاشعور".
ومنها:
* الأفعال المغلوطة: التي نسميها عادة فلتات لسان و زلات قلم و التي تدل على أنها تترجم رغبات دفينة، لأن السؤال الذي يطرحه فرويد هو لماذا تظهر تلك الأفعال مع أن السياق لا يقتضيها، و لماذا تظهر تلك الأخطاء بالذات لا شك أن الأمر يتعلق بوجه آخر للحياة النفسية، لأن الوعي لا ينظر إليها إلا باعتبارها أخطاء، مع أن فهمها الحقيقي لا يكون إلا في مستوى لا شعوري "فأنت ترى الإنسان السليم، كالمريض على السواء يبدي من الأفعال النفسية ما ل يمكن تفسيره إلا بافتراض أفعال أخرى يضيق عنه الشعور".
* الاضطرابات النفسية أو العقد النفسية: مظهر آخر يدل على أن الحياة النفسية حياة لا شعورية فهي من وجهة نظر فرويد تعبير مرضي تسلكه الرغبة المكبوتة فيظهر أعراضا قسرية تظهر الاختلال الواضح في السلوك.
* أحلام النوم: اكتسب الحلم معنى جديدا عند فرويد، إذ أوحت له تجاربه أن الرغبة المكبوتة تتحين الفرص ااتعبير عن نفسها و أثناء النوم حينما تكون سلطة الرقيب ضعيفة تلبس الرغبة المكبوتة ثوبا جديدا وتطفو على السطح في شكل رموز على الحيل اللاشعورية كالإسقاط و التبرير…إلخ.
و حاصل التحليل أن فرويد يصل نتيجة حاسمة أن المظاهر السابقة تعبر عن ثغرات الوعي و هي تؤكد على وجود حياة نفسية ل شعورية.
و بتعبير فرويد تكون هذه المظاهر "حجة لا ترد" على وجود اللاشعور.
الجهاز النفسي: لكي نفهم آلية اشتغال اللاشعور و طريقة تكونه يضع فرويد أمامنا تصورا للحياة النفسية، إذ يفترض أن النفس مشدودة بثلاث قوى:
الهوى: الذي يمثل أقدم قسم من أقسام الجهاز النفسي و يحتوي على كل موروث طبيعي أي ما هو موجود بحكم الولادة، بمعنى أن الهوى يمثل حضور الطبيعة فينا بكل بدائيتها و حيوانتها الممثلة رأسا في الغرائز و أقوامها الجنسية و هذه محكومة بمبدأ اللذة و بالتالي فهي تسعى التي التحقق، إنها في حالة حركة و تأثير دائم.
الأنا: ونعني بها الذات الواعية و التي نشأت ونبتت في الأصل من الهوى و بفعل التنشئة امتلكت سلطة الإشراف على الحركة و السلوك و الفعل الإرادي و مهمتها حفظ الذات من خلال تخزينها للخبرات المتعلقة بها في الذاكرة و حفظ الذات يقتضي التكيف سواء بالهروب مما يضر بحفظ الذات أو بالنشاط بما يحقق نفس الغاية، و هي بهذا تصدر أحكاما فيما يتعلق بإشباع الحاجات كالتأجيل أو القمع.
الأنا الأعلى: و هي قوة في النفس تمثل حضور المجتمع بأوامره و نواهيه أو بلغة أخرى حضور الثقافة، فقد لاحظ فرويد أن مدة الطفولة الطويلة تجعل الطفل يعتمد على والديه الذين يزرعان فيه قيم المجتمع ونظامه الثقافي لأن هذا ما يقتضيه الواقع، فيمارس الأنا الأعلى ضغطا على الأنا. التي تكون مطالبة في الأخير بالسعي إلى تحقيق قدر من التوفيق بين مطالب الهوى و أوامر و نواهي المجتمع فيلزم على ذلك صد الرغبات و ينتج عن هذا الصد ما يسمى بالكبت، الذي يختلف عن الكبح في كون الأول لا شعوري و الثاني شعوري و كبت الرغبة لا يعني موتها بل عودتها إلى الظهور في شكل جديد تمثله المظاهر السابقة.
التحليل النفسي: لم تتوقف جهود فرويد على القول بحياة نفسية لا شعورية بل اجتهد في ابتكار طريقة تساعد على النفاذ إلى المحتوى اللاشعوري لمعرفته من جهة و لتحقيق التطهير النفسي من جهة أخرى و يقوم التحليل النفسي على مبدأ التداعي الحر للذكريات و القصد منه مساعدة المريض على العودة بذاكرته إلى مراحل الطفولة الأولى و الشكل المرضي و الشاذ و المنحرف للرغبة و استعان فرويد في وقت لاحق بتحليل رموز الأحلام وكان ذلك في الأصل بطلب من إحدى مريضاته زيادة إلى البحث في النسيان شأن أستاذ الأدب الجامعية التي كانت تنسى باستمرار اسم أديب مشهور فكان أن اكتشف فرويد أن اسم الأديب هو نفس الاسم
لشخص كانت له معها تجربة مؤلمة.
و باختصار يمكن تلخيص مراحل العلاج في: أولا اكتشاف المضمون اللاشعوري للمريض ثانيا حمله على تذكر الأسباب و التغلب على العوائق التي تمنع خروج الذكريات من اللاشعور إلى الشعور.
لكن ينبغي أن نفهم أن فرويد لم يجعل من التحليل النفسي مجرد طريقة للعلاج بل أصبح منهجا لمعرفة و فهم السلوك ثم أصبح منهجا تعدى حدود علم النفس إلى الفلسفة.
قيمة النظرية اللاشعورية:
حققت النظرية اللاشعورية نجاحات مهمة و عدت فتحا جديدا في ميدان العلوم الإنسانية، فمن الناحية العرفية أعطت النظرية فهما جديدا للسلوك يتم بالعمق إذ لم تعد أسباب الظواهر هي ما يبدو بل أصبحت أسبابها هي ما يختفي و هذا ما أوحى للبنيوية لا حقا لتعطي ميزة للبنية من أنها لا شعورية متخفية ينبغي كشفها. أما من الناحية العملية فالنظرية اللاشعورية انتهت إلى منهج ساهم في علاج الاضطرابات النفسية. و مع ذلك كانت للمبالغة في القول باللاشعور انتقادات لاذعة يمكن إجمالها في اثنين: أولا: معرفيا ترتب على اللجوء البسيط إلى اللاشعور نقل ثقل الحياة النفسية من مجال واع إلى مجال مبهم غامض و هذه ملاحظة المحلل النفساني جوزاف نتان، كما ترتب على ذلك التقليل من شأن الشعور أو الوعي و هي خاصية إنسانية و هو ما ترفضه الوجودية و الظواهرية معا فكارل ياسبرس يرفض أن يكون اللاشعور أساس الوجود لأنه ببساطة وجد لدراسة السلوك الشاذ أو المرضي و لا مبرر لتعميمه، فالوجود أوسع من أن يستوعبه اللاشعور و هو نفس الرفض الذي نجده عند سارتر الذي لا يراه سوى خداعا و تضليلا إذ يتعارض مع الحرية، إن ربط اللاشعور بدوافع غريزية (الغريزة الجنسية) آثار حفيظة الأخلاقيين و الإنسانيين إذ كيف تفسر مظاهر الإبداع و الثقافة الإنسانية بردها إلى ما دونها و هي الغريزة الجنسية.
ثانيا عمليا و تطبيقيا: لم يحقق التحليل النفسي ما كان مرجوا منه إذ يعترف فرويد بصعوبة إثارة الذكريات الكامنة و هو ما دفع بعض امحللين إلى توسيع دائرة التحليل باعتماد طريق جديد مثل إكمال الصورة المنقوصة أو إكمال حوار أو قصة ناقصة. أو التعليق على بقعة الحبر…إلخ.
خاتمة:
مهما تكن الانتقادات الموجهة إلى التحليل النفسي فإن علم النفس اليوم يسلم بأن حياتنا النفسية يتقاسمها تفسيرات كثيرة منها النفسية شعورية و لا شعورية و منها العضوية السلوكية و منها الاجتماعية الثقافية.
بارك الله فيك جزاك الله خيرا
مشكور اخي جمال على ردك الرائع
مشكور اخي………………….
مشكور علي المعلومات الرووووووووووووووووووعة
العفو
مشكورين على الرد
شكراااااااا اختي وجزاكي الله خيرا
ننتظر جديدك دااااااااائما
بالتوفيق لك اختي
شكرا لك على الرد
بارك الله فيك
الشعور و اللاشعور
الإشكال:هل كل ما لا نفهمه من السلوك الشعوري يمكن رده إلى اللاشعور؟
إن القول بأن الإنسان كيان مادي والبحث في ماهيته على هذا الأساس أمر يتعارض والحقيقة حيث أن هناك جانب آخر يجب مراعاته ألا وهو الجانب النفسي فالإنسان ينطوي على كيان داخلي يشعر من خلاله ويعي به تصرفاته، وإذا سلمنا أن الإنسان يعيش حياة نفسية شعورية فإن هذا التسليم يدفعنا إلى التقرير بأن جميع تصرفاته شعورية لاغير ولكن ما هو ملاحظ عند الإنسان العادي أنه يسلك سلوكات في بعض الأحيان ويجهل أسبابها فهل هذا يعني أن الإنسان يعيش حياة نفسية شعورية فقط ؟ أو بالأحرى هل يمكن القول بأن سلوكات الفرد شعورية فقط ؟ وإذا كان العكس فهل هذا يعني أن هناك جانب آخر للحياة النفسية ؟.
إن تصرفات الإنسان جميعها نردها للحياة النفسية الشعورية فقط، كما يزعم أنصار الاتجاه الكلاسيكي الذي ظهر في عصر النهضة الأوربية الفيلسوف الفرنسي ديكارت الذي يقول:إن الروح أو الفكر تستطيع تأمل أشياء كثيرة في آن واحد والمثابرة في تفكيرها وبتأمل أفكارها كلما أرادت ذلك، والشعور من ثمة بكل واحدة منها) حيث يرى بأن ما هو عقلي هو بالأساس شعوري، ورفض إمكانية قبول وجود عمليات عقلية غير مشعور بها أي لا واعية مادامت كلمة عقلي تعني شعوري فلا يمكن أن يكون هذا عقلي ولا نشعر به، وقد أخذ بهذا الرأي كل من هوسرل وجون بول ستارت حيث نجد هوسرل يقول في كتابه (تأملات ديكارتية):كل شعور هو شعور بموضوع ما أو شيء من الأشياء بحيث لا يبقى هناك فاصل بين الذات والموضوع).وبمعنى هذا أن التفكير عن الكلاسيكيين هو ما نشعر به ونعيه من عمليات عقلية ولذلك اعتبر ديكارت أن أساس إثبات خلود النفس قائم على الشعور.
ونجد من المسلمين من تطرق لهذا الموضوع هو بن سينا الذي اعتبر أن أساس إثبات خلود النفس هو الشعور وأن الإنسان كما يقول(إذا تجرد عن تفكيره في كل شيء من المحسوسات أو المعقولات حتى عند شعوره ببدنه فلا يمكن أن يتجرد عن تفكيره في أنه موجود وأنه يستطيع أن يفكر)،ومعنى هذا أن الشعور يعتبر أساسا لتفسير وتحديد العالم الخارجي نظرا لما يتضمن من عمليات عقلية متعددة ومتكاملة .
إن الإنسان يدرك ذاته إدراكا مباشرا فهو يدرك تخيلاته و أحاسيسه بنفسه إذا لا يوجد في ساحة النفس إلا الحياة الشعورية .
إن هذا الرأي أثار اعتراضا لدى الكثير من الفلاسفة وعلى رأسهم :فرويد،فرينك لايبنتز، وهذا الأخير يقول:إنني أوافق أن الروح تفكر دوما ولكن لا أوافق أنها تشعر دوما بأفكارها).كذلك كيف نفير بعض السلوكات التي تصدر من الإنسان ولا يعي أسبابها كما أننا نتصرف أحيانا تصرفات لا نعي أسبابها ولا يمكننا إدراجها في ساحة الشعور لأننا لا نشعر بها وإذا كانت الحواس غير قادرة على استيعاب العالم الخارجي فالشعور كذلك لا يمكنه احتلال ساحة النفس وحده.
وعلى عكس الرأي السابق نجد أنصار الاتجاه الذي يقر ويثبت اللاشعور وقد تبنى هذا الموقف ما يسمى بفلاسفة ـ مدرسة التحليل النفسي ـ وعلى رأسهم العالم النفساني ذو الأصل النمساوي بسيجموند فرويد وقد استند إلى حجج وبراهين عدة في ذلك منها الحجج النفسية المتعددة الأشكال (زلات القلم،فلتات اللسان،إضاعة الشيء،النسيان المؤقت،مدلول الأحلام،الحب من أول نظرة)ويرى فرويد أنه لا يمكن فهم كل منها بدون التسليم بفكرة اللاشعور ومن الأمثلة التي يستشهد بها والقصص التي يرويها فرويد عن فلتات اللسان افتتاح رئيس مجلس نيابي بقوله:<<أيها السادة أعلن رفع الجلسة>>وبذلك يكون قد عبر لا شعوريا عن عدم ارتياحه لما قد تسفر عنه الجلسة،والخطأ عند فرويد ظاهرة بسيكولوجية تنشأ عن تصادم رغبتين نفسيتين إن لم تكن واضحة ومعروفة لدى الشخص الذي يرتكب الهفوة،ومن أمثلة النسيان(أن شخصا أحب فتاة ولكن لم تبادله حبها وحدث أن تزوجت شخصا آخر،ورغم أن الشخص الخائب كان يعرف الزوج منذ أمد بعيد وكانت تربطهما رابطة العمل فكان كثيرا ما ينسى اسم زميله محاولا عبثا تذكره وكلما أراد مراسلته أخذ يسأل عن اسمه)وتبين لفرويد أن هذا الشخص الذي ينسى اسم صديقه يحمل في نفسه شيئا ضد زميله كرها أو غيرة ويود ألا يفكر فيه أما الأحلام فهي حل وسط ومحاولة من المريض للحد من الصراع النفسي،ويروي المحلل النفسي فرينك: )أن إحدى المريضات تذكر أنها رأت في الحلم أنها تشتري من دكان كبير قبعة جميلة لونها أسود وثمنها غالي جدا)فيكشف المحلل أن للمريضة في حياتها زوجا مسنا يزعج حياتها وتريد التخلص منه وهذا ما يرمز إليه سواد القبعة أي الحداد وهذا ما أظهر لفرويد أن لدى الزوجة رغبة متخفية في التخلص من زوجها الأول،وكذا أنها تعشق رجلا غنيا وجميلا وجمال القبعة يرمز لحاجتها للزينة لفتون المعشوق وثمنها الغالي يعني رغبة الفتاة في الغنى وقد استنتج فرويد من خلال علاجه لبعض الحالات الباثولوجية أنه لابد أن توجد رابطة بين الرغبة المكبوتة في اللاشعور والأغراض المرضية فهي تصيب وظائف الشخص الفيزيولوجية والنفسية ويقدم فرويد مثال ـ الهستيريا ـ فصاحبها لا يعرف أنه مصاب بالهستيريا وهي تنطوي على أعراض كثيرة منها (فقدان البصر،السمع،أوجاع المفاصل والظهر،القرحة المعدية).ولهذا يؤكد فرويد مع بروير هذا الأمر حيث يقول بروير(كلما وجدنا أنفسنا أمام أحد الأعراض وجب علينا أن نستنتج لدى المريض بعض النشاطات اللاشعورية التي تحتوي على مدلول هذا العرض لكنه يجب أيضا أن يكون هذا المدلول لا شعوريا حتى يحدث العرض،فالنشاطات الشعورية لا تولد أعراض عصبية والنشاطات اللاشعورية من ناحية أخرى بمجرد أن تصبح شعورية فإن الأعراض تزول).ويمكن التماس اللاشعور من خلال الحيل التي يستخدمها العقل من دون شعور كتغطية نقص أو فشل،ومن أمثلة التعويض أن فتاة قصيرة القامة تخفف من عقدتها النفسية بانتعالها أعلى النعال أو بميلها إلى الإكثار من مستحضرات التجميل حتى تلفت إليها الأنظار أو تقوم ببعض الألعاب الرياضية أو بلباس بعض الفساتين القصيرة ويرجع الفضل في إظهار عقدة الشعور بالنقص ومحاولة تغطيتها إلى تلميذ فرويد آذلار ومنها ـ التبرير ـ فالشخص الذي لم يتمكن من أخذ تذكرة لحضور مسرحية ما قد يلجأ ل تبرير موقفه بإحصاء عيوب المسرحية.و يضيف فرويد قوله بأنه مادامت حواسنا قاصرة على إدراك معطيات العالم الخارجي فكيف يمكننا القول بأن الشعور كاف لتفسير كل حياتنا النفسية .
رغم كل هذه الحجج والبراهين إلا أن هذا الرأي لم يصمد هو الآخر للنقد حيث ظهرت عدة اعتراضات ضد التحليل النفسي وضد مفهوم اللاشعور خاصة،يقول الطبيب النمساوي ستيكال :أنا لا أومن باللاشعور فلقد آمنت به في مرحلته الأولى ولكن بعد تجربتي التي دامت ثلاثين عاما وجدت أن الأفكار المكبوتة إنما هي تحت شعورية وان المرضى دوما يخافون من رؤية الحقيقة).ومعنى هذا أن الأشياء المكبوتة ليست في الواقع غامضة لدى المريض إطلاقا إنه يشعر بها ولكنه يميل إلى تجاهلها خشية إطلاعه على الحقيقة في مظهرها الخام،بالإضافة إلى أن فرويد لم يجر تجاربه على المرضى الذين يخافون من الإطلاع على حقائق مشاكلهم وفي الحالات العادية يصبح كل شيء شعوري كما يقر بروير نفسه في قوله السابق وكذلك أن اللاشعور لا يلاحظ بالملاحظة الخارجية لأنه سيكولوجي ولا الداخلية لأنه لا شعوري،إذَاً لا نلاحظه داخليا أو خارجيا فلا يمكن بالتالي إثباته.
إن الإنسان يقوم في حياته اليومية بعدة سلوكات منها ما هو مدرك ومنها ما هو غير ذلك ومن ثم ندرك أن هناك مكبوتات لا يمكن التعرف عليها إلا بمعرفة أسبابها ولكن أن نرجع كل الحالات للاشعور فهذا ما لا ينبغي.
ونتيجة لما سبق يمكننا أن نقول أن الحياة عند الإنسان شعورية و لا شعورية أن ما لا يمكن فهمه من السلوك الشعوري يمكن فهمه باللاشعور.
حين نتحدث عن اللبيد والجنس فلا مناص من ذكر فرويد فقد كان يوجه اهتمامه لهذه المسألة إلى درجة المبالغة والشذوذ وكل ما كتبه يدور حول الغريزة الجنسية لأنه يجعلها مدار الحياة كلها ومنبع المشاعر البشرية بلا استثناء يصل به الأمر إلى تقرير نظريته إلى حد أن يصبغ كل حركة من حركات الطفل الرضيع بصبغة الجنس الحادة المجنونة فالطفل أثناء رضاعته ـ كما يزعم هذا الأخير ـ يجد لذة جنسية ويلتصق بأمه بدافع الجنس وهو يمص إبهامه بنشوة جنسية،وقد جاء في <<بروتوكولات حكماء صهيون>>(يجب أن نعمل أن تنهار الأخلاق في كل مكان فتسهل سيطرتنا…إن فرويد منا وسيظل يعرض العلاقات الجنسية في ضوء الشمس كي لا يبقى في نظر الشباب شيء مقدس ويصبح همه رواء غرائزه الجنسية وعندئذ تنهار أخلاقه).(انظر كتاب المادية والإسلام)(عن كتاب تنظيم الإنسان للمجتمع)
السلام عليكم
شكرا
عرض الموقف القائل ان الحياة النفسية تؤسس على الشعور وحده فالنفس تعي احوالها وافعالها مباشرة>>>>>ديكارت
ولتبرير الموقف السابق دافع انصار المدرسة الشعورية على صدق اطروحتهم بحجج عقلية مفادها :اننا لو سلمنا بوجود حالات نفسية لاشعورية فانها سوف تتناقض مع النفس القئمة على الشعور
وان اللا شعور غير موجود لانه لايخضع للملاحظة .اذ يقول ديكارت:<لاوجود لحياة خارج الروح الا الحياة الفيزيولوجية . وما لا نشعر به ليس من انفسنا بشيئ>
لكن الواقع يكذب ما ادعاه انصار الطرح الكلاسيكي فالتناقض يزول اذا لم يطابق النفس والشعور كما ان هناك الكثير من الاشياء موجود على الرغم من انها لا تخضع للملاحظةمثل الجاذبية نستند عليها من خلال آثارها
وعلى النقيض الموقف الاول ترى المدرسة اللاشعورية لاتؤسس على الشعور وحده فالحياة النفسية تشمل ماهو شعوري وماهو لاشعوري وكل الطرق العلاجية اثنتت ان السلوك دلالات تقود خبايا اللاشعور
وقد دافع انصار المدرسة اللاشعورية على صحة طرحهم بحجج علمية مستمدة من علم النفس من بينها ان التحليل النفسي كشف عن وجود علاقة سببية بين الاعراض العصبية والنشاطات اللاشعورية التي في الاحلام والنسيان وزلات اللسان
كما اثبتت التجارب الاكلينيكية والطرق العلاجية وجود مكبوتات وهي مسؤولة عن الامراض النفسية التي يظهر مفعولها في السلوك بشكل لاشعوري . ثم انه لو اقتصرنا على الشعور وحده في تفسير الشلوك لبقي جزء منه غير مفهوم وبدون تفسير ..يقول فرويد:< ان فريضة اللاشعور فرضية مشروعة ولنا ادلة كثيرة على وجود اللاشعور>
صحيح ان فكرة اللاشعور ساهمت في تفسير الكثير من السلوك البشري وفهمه لكنها تبقى مجرد فرضية لا ترقى الى مستوى النظرية العامية المتكاملة والتي يمكن ان نعممها على جميع الناس . كما ان فكرة اللاشعور فكرة غامضة وبحاجة الى ادلة لتبريرها
وعليها نخلصه في نهاية هذا التحليل الى الراي الذي يرى ان الحياة النفية تقوم على ثنائية متفاعلة ومتكاملة اذ لا يمكن ان نحصر الحياة النفسية في مبدا واحد فتؤسس النشاط النفس على الشعور وحده . لان هذا الامر غير كاف مما يلزم عنه الاعتراف بفعالية اللاشعور وتاثيره في السلوك الى جانب الشعور ففرويد كان يركز على تفسير مرضاه للنفاذ الى عقدهم اللاشعورية {المراة التي تضع قبعة سوداء غالية الثمن}
واذن نستنتج ان حقيقة الحياة النفسية لا تؤسس على مبدا واحد فهي معقدة ومركبة وتقوم على مستويين شعور لو لاشعوري يقول فرويد:<ان اللاشعور هو الظل الذي لا يزول حتى لو غربت الشمس بل يزداد نشاطه بعد غروب الشمس>
مشكورين على هذا العمل
بارك الله فيكي الاخت سمية
ممكن تجي في باك 2022 قالتلنا استاذة احتمال تجي
لقد ازدهرت الدراسات التجريبية في اثبات اللاشعور على يد أطباء نفسانيين مثل ليبول و برنهايم إثر معالجتهم لمرض الهيستريا Hysterie عن طريق التنويم المغناطيسي Hypnose، فعلموا ان الهيستريا مرض نفسي و ليس عضوي و هو عبارة عن اضطرابات عقلية و بدنية تعود في أصلها الى دوافع لاشعورية لا يدركها المريض ، و اذا أخرجت الرغبة المكبوتة من ساحة اللاشعور الى ساحة الشعور زالت الأعراض المرضية ، وة أحسن مثال على ذلك مريضة الدكتور جوزيف بروير J.Broyer كانت فتاة ذكية في سن 21 ظهرت عليها سلسلة من الاضطرابات الجسمية و الذهنية متراوحة في الخطورة ، فتشنجت يدها و رجلها اليمنيان مع فقدان الإحساس ، و سعال عصبي شديد ، و عيف لكل طعام ، و عدم القدرة على الشرب عدة أسابيع رغم العطش الشديد ، و كانت تصاب أحيانا بحالات غيبوبة و هذيان ، تتلفظ فيهما ببعض الكلمات التي ترجع الى انشغالات قديمة ، فنومها برويرBroyer J. تنويما مغناطيسيا ، و طلب منها إعادة تلك الكلمات ، فبدأت تشتكي من مربيتها التي لم تكن تحبها ، ففلما طلبت منها ذات يوم كأس ماء ، أعطتها الكأس الذي شرب منه كلب هذه الأخيرة ، و هو حيوان مقيت ، و لم تقل شيئا بمقتضى اللياقة ، فخيل إليها أنها شربت لعاب الكلب ، و بعد الانتهاء من السرد أضهرت غضبها بعنف بعدما بقي مكظوما أنذاك ، ثم طلبت الشراب فشربت كمية كبيرة من الماء ، و أفاقت من التنويم و الكأس بين شفتيها ، فكان الاضطراب قد زال إلى الأبد
سيجموند فرويد S.Freud و أدلته في إثبات اللاشعور (1856-1939) هو عالم نفساني نمساوي مختص في الأمراض العقلية من اهم مؤلفاته – مقدمة في التحليل النفسي – تفسير الاحلام- لقد علم فرويد من تجارب برويرBroyer و السابقين ان أن سلوك المنوم واقعي لكنه لاشعوري ، الا أنه قلل من اهمية التنويم المغناطيسي لعدة اسباب منها ان المرض يعود للمريض من جديد بعد فترة ، و أن بعض الاشخاص يبدون مقاومة شديدة يصعب تنويمهم ، فوضع طريقة جديدة تدعى التحليل النفسي Psychanalyse ، التي تقوم على الحوار و التداعي الحر للافكار بعد الاسئلة التي تطرح على المريض و المتعلقة باحلامه و ميوله و رغباته و ذكرياته ..بهدف إخراج الرغبات المكبوتة في اللاشعور فيصارعها من جديد الى غاية أن تزول الاعراض المرضية ، أما أدلة وجود اللاشعور تتمثل في
االأحـــــلام Les Rêves : ان الرغبات التي لم تجد النور في الواقع ، تجد مخرج في الحلم نظرا لزوال مراقبة الأنا الأعلى ، ان الرغبة اللاشعورية التي تبعث الحلم يسميها بالمحتوى الكامن الذي يتحول الى محتوى ظاهر كما يراه الحالم ، ثم يتذكره فيما بعد عن طريق مفعول الحلم ، كما يكشف الحلم عن عن المتاعب النفسية التي يعاني منها النائم في حياته اليومية و الناجمة عن تأثير الميول و الرغبات ، و من ثمة الأمثلة أن امرأة ترى نفسها في الحلم ترتدي لباسا اسودا لأنها ترغب في وفاة زوجها المسن ؛تى تعيد الزواج بشاب يسعدها ، وأخرى ترى في الحلم أنها ترتدي فستان أبيض مما يعكس رغبتها في الزواج ، و اخرى ترغب في إنجاب ولد فترى نفسها في الحلم تدخن..الخ النسيان L’Oublie : وراءه رغبات مكبوتة ، فنحن نميل الى نسيان الأمور التي لا نرغب فيها ، و تجرح كبرياءنا ، حيث يروي فرويد عن نفسه أنه نسي ذات يوم اسم مريضته لأنه عجز عن تشخيص مرضها ، و عندما ننسى إحضار شيئ وعدنا به زميلنا فهذا كراهيتنا لانجاز الوعد /فلتات اللسان و زلات القلم و خطا الادراك ، مرتبطة كلها بالدوافع اللاشعورية ،فالخطأ يدل على ميلنا الحقيقي ، فعندما ننادي شخصا بغير اسمه فهذا دليل على عدم رغبتنا فيه ، و يروى عن رئيس برلمان النمسا أنه لما دخل القاعة قال – يشرفني أن أعلن عن رفع الجلسة- بدل افتتاح الجلسة وهكذا يكون قد عبر لاشعوريا عن عدم ارتياحه لنتائج الجلسة/ الإعــــــلاء: هو بروز الطاقة اللاشعورية في ميادين سامية كالفن و المعرفة ، فما لم يتحقق في الواقع يتحقق في الرسم و الموسيقى و الشعر و الاكتشاف العلمي ، و نحن أيضا قد نصل الى نتائج و حلول بطريقة حدسية لا يمكن ردها الى الشعور/ التقمص ، عندما يرى الشخص ذاته غير مهمة في نظر الغير يلجأ لا شعوريا الى تقمص شخصية ذات اثر أيقلدها في طريقة الكلام و الحركات ، و الملامح الخارجية حتى يجلب الاهتمام النكت Les Blagues : الإنسان و هو يسخر و ينكت يكون قد تحلل من قيود آداب الحديث ، لذا تجد الرغبات المكبوتة منفذا للخروج ، كما تجعل النكتة الواقع الذي اعترض رغباتنا محل ضحك و سخرية الإسقــــاط / فنحن نميل الى تبرير أفعالنا بانها مشروعة لأنها متواجدة عند الجميع ، فالغشاش يرى جميع الناس غشاشين ، والأناني يرى جميع الناس أنانيين ، و يتحول المحظور الى مباح ،بطريقة لاشعورية
يقول فرويد ( إن اللاشعور فرضية لازمة و مشروعة لتفسير الكثير من الأفعال الي لا تتمتع بشهادة الشعور ، سواء عند الأسوياء أو المرضى على حد سواء)
نقد و تقييم / لا ينكر أحد النتائج الايجابية التي حققها فرويد بواسطة التحليل النفسي ، فكشف لنا عن غرفة مظلمة في أعماق النفس البشرية ، و فك أسرارها ، و تمكن من تفسير الكثير من الأفعال الغامضة و معالجة المصابين بالعقد السيكولوجية و الامراض النفسية ، لكن ما يعاب عليه أنه بالغ في جعل من اللاشعور مفتاحا لكل لغز ، و ان الغريزة الجنسية – Libido ، علة العلل لجميع مشكلات النفس البشرية ، و الصحيح أن الغريزة الجنسية دافع يضاف الى بقية الدوافع التي تؤثر في السلوك كدافع السيطرة و الاجتماع و حب الحقيقة و غيرهــــــــــا لذلك لم يرجع آدلر Adler أساس اللاشعور الى الليبيدو ، بل رده الى الشعور بالنقص و الرغبة في التعويض ، أما كارل يونغ K.Young فقد عارض هو الاخر أستاذه فرويد ، و راى أن الليبيدو يؤثر على الطبع المنطوي و لا يقوى على المنبسط لاهتمامه بالعالم الخارجي فالحاجة الى السيطرة يجب أن تضاف أيضا الى النظرية الجنسية . و هناك من رفض فرضية اللاشعور اطلاقا مثل الطبيب العقلي النمساوي ستيكال Stekel يقول ( لا أومن باللاشعور ، لقد آمنت به في مرحلتي الأولى ، و لكن بعد تجاربي التي دامت ثلاثين سنة وجدت أن كل الافكار المكبوتة انما هي تحت شعورية ، و أن المرضى يخافون دائما من رؤية الحقيقـــــــــــــة )
الأستاذ (ج-فيصل . أتمنى أن يفيدكم هذا التلخيص
أريد بحث حول النظرية اللاشعورية عند فرويد
هل افتراض اللاشعور يمثل نظرية علمية قائمة بذاتها ام مجرد قضية فلسفية لاغير
شكرا جزيلا