التصنيفات
الفلسفة للشعب الأدبية

التأمل الفلسفي

التأمل الفلسفي


الونشريس

التأمل الفلسفي أو الإبداعي، والتأمل الروحي. فالتأمل الفلسفي أو الإبداعي ينحو إلى الاستغراق في التفكير بموضوع أو قضية أو مشكلة أو مسألة، لفهم طبيعتها، وتحليل عناصرها وعلاقاتها وآثارها، أو يتجه للتفكر في الأحداث والوقائع للخروج بالعبر والدروس، أو يرمي الى قيام الشخص بإعادة النظر في مساره لتحديد اتجاه البوصلة والسير في الطريق الصحيحة.
فقد كان له تأثيره الواسع عبر التاريخ في نشوء الفلسفات والأفكار والمناهج المختلفة، لكنه لم يعد في عصرنا الحالي كذلك، حيث لا يجوز الاستناد إلى التأمل في الوصول إلى الحقائق العلمية سواء في العلوم الطبيعية أو الإنسانية، لأن حقائق العلم تحتاج إلى التجارب التي تثبتها، والى البحوث الميدانية القائمة على الوقائع والأرقام . غير أن هذا القول، لا يقلل من أهمية التأمل الفلسفي والإبداعي في شيء، فهذا التأمل هو الذي ساق الفلاسفة والمفكرين إلى وضع أسس المنطق والتفكير السليم والمنهج العلمي في حل المشاكل، وهذه الأسس والمناهج هي التي قادت إلى الاكتشافات والاختراعات العلمية، والى التقدم في نتائج الأبحاث والدراسات الإنسانية . كما أن التأمل هو الذي يؤدي إلى فهم المشاكل ووضع الفرضيات وتصور الحلول واستخدام الخيال، على نحو يسهم بفاعلية في التطور العلمي والتكنولوجي وفي الإبداع في شتى العلوم .
صحيح أن الإبداع يظهر أحيانا على شكل ومضة، حتى يبدو وكأنه وليد اللحظة، لكنه في غالبه يكون نتيجة تأمل فيه استغراق طويل، احتضن اللاوعي بعده الفكرة والأسئلة التي تدور حولها، ثم أخرج للوعي الحاضر ذلك الإبداع بشكل فكرة لمعت في الذهن في برهة، فظهرت كأنها بنت أوانها . يضاف إلى ذلك أن للتأمل الفلسفي أهمية بالنسبة للمبدعين على صعيد الأدب والفكر والثقافة لأنه يساعدهم على فهم الواقع والربط بين العناصر والوصول للمقدمات والبحث عن النتائج، والتعبير عن ذلك كله بأسلوب مبدع وفكر مقنع .
في عصرنا الحالي، قلت علاقة الإنسان بذاته وتراجعت علاقته بالمعاني الجليلة والأفكار السامية، بسبب الوقت الذي يستغرقه العمل، والأوقات التي تحتلها متابعة التلفاز والانترنت، ناهيك عن الضجيج، وسرعة الأحداث والوقائع، وتوالي التغيرات، وتعدد المنبهات والمثيرات، وكل ذلك يقلل من الوقت المتاح للإنسان لمجالسة نفسه والتفكر في صحة مساره وحياته واستخلاص العبر من ماضيه واستشراف مستقبله والبحث عن الحكمة والسكينة وراحة البال، وفي ضوء ذلك يغدو التأمل بكل أنواعه ومفاهيمه أكثر ضرورة وأهمية، وأكثر فاعلية في تحقيق الطمأنينة النفسية والصفاء الذهني والإبداع الفكري .




التصنيفات
الفلسفة للشعب الأدبية

مقالة حول الفرق بين السؤال العلمي والفلسفي

مقالة حول الفرق بين السؤال العلمي والفلسفي


الونشريس

ما الفرق بين السؤال العلمي والسؤال الفلسفي ؟

المقدمة: يعتبر التفكير من العمليات الأساسية للرقي الحضاري والثقافي للإنسان إلا أن التفكير في جميع الحالات لا ينشأ من فراغ إذ لا بد من حافز يحركه خاصة في ممارسة فعل التفلسف وهذا الحافز يتمظهر لنا في طرح التساؤل الذي نسعى فيه دائما إلى الإجابة عليه ولكن المشكلة المطروحة مالفرق بين السؤال الفلسفي والسؤال العلمي ؟ وما وجه الاختلاف بين المشكلة والإشكالية ؟

التحليل :
1/ أوجه التشابه : يلاحظ بعد التأمل الفلسفي لكلا المصطلحين المشكلة والإشكالية أن هناك نقاط تشابه ؛ وأول نقطة إنها خاصية إنسانية من صنع الإنسان وحده دون غيره من الكائنات كما أن الهدف منهما دائما هو الوصول إلى الحقائق المعرفية ، ننطلق في كل منهما من السؤال للبحث عن الجواب مستخدمين فيهما مبادئ العقل وقواعد المنطق مثل : مبدأ الهوية – مبدأ عدم التناقض – مبدأ الثالث المرفوع – مبدأ السببيةــ بالإضافة أن كلاهما يستند إلى خاصية التدرج في الوصول إلى أحكام أي ننطلق من المقدمات وصولا إلى نتائج . هذا من جهة ومن جهة أخرى كلاهما يحمل مفارقات

2/أوجه الاختلاف : وجود نقاط التشابه يستدعي بالضرورة وجود مواطن الاختلاف إذ أن المشكلة يصل فيها البحث إلى حل سواء استغرق وقتا طويلا أو قصيرا بحسب التقنية والوسائل المستعملة مثال ذلك – تفسير حادثة عدم ارتفاع الماء في المضخات الفارغة إلى أكثر من 10.33 متر المقولة الأرسطية ترى أن الطبيعة تخشى الفراغ بينما الإشكالية فهي المعضلة التي يصعب فيها إزالة اللبس من حولها إذ لا يمكن أن تصل فيها إلى حل نهائي بحيث تكون نسبة الصدق بين النقيضين متساوية وبالتالي يصعب الآخذ بإحداهما مثل الإشكالية التالية : هل الإنسان مخير أم مقيد ؟ بالإضافة أن المشكلة تثير فينا الدهشة والحيرة والتي تدفعنا إلى البحث والتقصي أما الإشكالية تثير فينا الشعور والإحراج و القلق لكونها لا يمكن أن نصل لحل نهائي و بالتالي تضعنا أمام موقف لا مدخل ولا مخرج منه كما أن نطاق السؤال الفلسفي أي مجال المو ضوعات التي تشغل به الفلسفة لا تهمه كثيرا الظواهر الجزئية و الحقائق القريبة لأن هذا من قبيل عالم الحسيات ،وما هو من هذا القبيل يدخل في دائرة اهتمامات العلماء و إنما ما يهم هو طرح القضايا الفكرية التي تتجاوز الحسيات نحو العمليات حيث ينصب البحث علي حقيقة الحقائق وأصل الأصول ومبدأ المبادئ الذي يفسر كل ما يجري في الطبيعة و ما وراء الطبيعة –الميتافيزيقا – و بالتالي فالمشكل الفلسفي ليس مشكلا ذا طابع حسي و عملي ليس فقط لدى العلماء في مختلف التخصصات بل لدى جميع الناس في حياتهم المعيشية و مثال ذالك أصل الوجود من أعلى الألوهية إلى أدني موجود و منه السؤال الفلسفي شامل بينما السؤال العلمي خاص فقط بالعلماء

3/أوجه التداخل : يعد هذا التحليل الفلسفي في بيان أوجه التشابه و الاختلاف يمكن تحديد نسبة و نوع العلاقة بينهما فالمشكلة لا ترادف الإشكالية و إنما العلاقة بينهما هي علاقة المجموعة بعناصرها فالإشكالية هي المعضلة الفلسفية التي تترامى حدودها و تتسع أكثر و تتطاوى تحتها المشكلات الجزئية بحيث هذه الأخيرة مجال بحثها في الفلسفة أقل اتساعا من الإشكالية حتى أننا نضع على رأس كل قضية فلسفية سؤالا جوهريا يقوم مقام الإشكالية ثم يفصل السؤال الجوهري هذا إلى عدد من الأسئلة الجزئية تقوم مقام المشكلات و مثال ذلك الإشكالية الكبرى هل في الفلسفة يصل البحث إلى نهايته التي تتضمن هاتين المشكلتين الجزئيتين (هل يصح القول بأن لكل سؤال جواب ؟) و (متى يثير فينا السؤال الدهشة و الإحراج ؟)و بالتالي المشكلة تساعد على الاقتراب من الإشكالية

الخاتمة :تعد المشكلة هي ذلك النوع من التساؤل الذي يثير المفارقات المنطقية فيهز عقولنا و يحيرها و يدفعنا إلى البحث عن الحل المناسب أما الاشكالية هي ذلك النمط من التساؤل الذي يتغلغل في أعماق الإنسان فيقحم بلحمه و دمه إلى أن هذا لا يمنع من وجود تداخل منطقي بينهما و منه نستنتج أن الإشكالية تحتوي المشكلات .