التصنيفات
السنة الثالثة ثانوي

تحضير و ‏تلخيص درس احتلال البلاد العربية وآثاره في الشعر العربي

تحضير و ‏تلخيص درس احتلال البلاد العربية وآثاره في الشعر العربي


الونشريس

تحضير مذكرة درس احتلال البلاد العربية وآثاره في الشعر العربي

http://www.ouarsenis.com/up//view.php?file=9822ced832




التصنيفات
السنة الثالثة ثانوي

اختبار اللغة العربية وادابها للفصل الاول 3 ثانوي شعبة اداب وفلسفة

اختبار اللغة العربية وادابها للفصل الاول 3 ثانوي شعبة اداب وفلسفة


الونشريس

النص :

تدبين دب الـوهن في جسمي الفـاني وأجـري حثيثا خلف نعشي وأكفاني
فأجــتــاز عـمـري راكـضـا مـتـعـثــرا بأنـقـاض آمـالي وأشـباح أشجـاني
وأبنـي قصـورا مـن هـباء وأشـتـكـي إذا (عــبـثـت كَــفُّ) الـزمـان ببنيـاني
فـفـي كــل يــوم لـي حــيـاة جــديــدة وفـي كل يوم سكرة الموت تغشاني

ولـولا ضـبـاب الشـك يا دودة الثـرى لـكـنـت ألاقـى فـي دبـيـبـك إيـمـاني
فـأتـرك أفــكــاري (تــذيــع غــرورهـا ) وأتــرك أحــزانـي تـكـفـن أحــزاني
وأزحـف فـي عـيشي نظيـرك جـاهـلا د واعي وجْـدي، أو بواعث وجداني
ومــســتــسـلما فـي كـل أمـر وحـالـة لـحـكـمـة ربـي، لا لأحـكـام إنـســان

فـهـا أنـت عــمـيـاء يـقــودك مـبـصـر وأمـشـي بصيـراٌ في مسالك عـميان
لـك الأرض مـهــد والسـمـاء مـظـلـة ولي فيهما من ضيـق فكري سجنان
لـئـن ضـاقـتـا بـي لـم تضيقـا بحاجتي ولـكـن بجـهـلي وادعـائي بعـرفـاني
فـفـي داخـلـي ضـدان : قـلـب مـسـلِّم وفــكـر عــنـيـد بالتـســاؤل أضنـاني

تـــوهـــم أن الـكـــون ســــرّ، وأنـــه يــنــال بـبـحــث أو يـبـاح بـبـرهـان
فـراح يجـوب الأرض والجـو والسما يسـائل عـن قاص ويبحث عـن دان

وكـنــت قـصــيـداً قــبــل ذلـك كـامـلا فـضعـضع ما بـي من معان وأوزان

وأنـت الـتـي يستـصـغـر الكـل قـدرها ويـحـسـبـها بـعـضٌ زيـادة نقـصـان
تـدبـيـن فـي حـضـن الحـيـاة طـلـيـقة ولا هَــمٌ يُـضـنـيــك بأسـرار أكـوان

فـلا تسـألـيـن الأرض مَنْ مـدّ طـولها ولا الشمس من لظَّى حشاها بنيران
ولا الـريـح عـن قـصـد لـهـا هـبـوبـها ولا الوردة الحمراء عن لونها القاني


ميخائيل نعيمة

الاسئلة :
1- البناء الفكري :
– الى من يوجه الشاعر خطابه ؟ ولم ؟
– ماسبب شقاء الشاعر في هذه الحياة؟ حدد العبارات الدالة على ذلك في النص .
-استخرج المفردات الدالة على الشك والحيرة . وهل لها علاقة بمدرسة الشاعر ؟ علل .
– ضمن اي لون من الوان التعبير الشعري نصنف هذا النص ؟
– ظاهرة التشخيص واللجوء الى الطبيعة بارزة في النص . مثل ذلك . وهل لها علاقة بالاتجاه الادبي للشاعر ؟
– لخص مضمون الابيات الثمانية الاولى محترما تقنية التلخيص

2- البناء الغوي :
– حدد النمط المهيمن على النص داعما اجابتك بثلاث مؤشرات معززة بالشواهد
– اعرب مايلي : اذا / احزاني
– بين المحل الاعرابي لما بين قوسين
-هناك ضميران بارزان في النص استخرجهما موضحا دورهما في بناء النص وسبب تركيز الشاعر عليهما .
ماالمعنى الذي افاده حرف الجر في قوله : وابني قصورا من هباء ففي كل يوم لي حياة جديدة
– استخرج الصورة البيانية التي تضمنتها العبارات الاتية محددا نوعها ووجه بلاغتها
فاترك افكاري تذيع غرورها
ولولا ضباب الشك يادودة الثرى
واجري حثيثا خلف نعشي واكفاني
– ابحث عن محسن بديعي معنوي مبينا نوعه واثره البلاغي

3- التقويم النقدي :
يعكس النص بعض الخصائص الفنية لمدرسة الشاعر ، حددها مع التمثيل .
بالتوفيق




التصنيفات
السنة الأولى ثانوي

تحضير درس اللغة العربية محمد الرئيس

تحضير درس اللغة العربية محمد الرئيس


الونشريس

تحضير درس المطالعة الموجهة اللغة العربية محمد الرئيس

أتعرف على صاحب النص
في مدينة أسوان بصعيد مصر، وُلِدَ عباس محمود العقاد في 1889 ونشأ في أسرة كريمة، وتلقى تعليمه الابتدائي بمدرسة أسوان الأميرية، وحصل منها على الشهادة الابتدائية سنة وهو في الرابعة عشرة من عمره. ولم يكمل العقاد بل عمل موظفًا في الحكومة توفي أبوه، فانتقل إلى القاهرة واستقر بها. عمل في جريدة الدستور اليومية وكتب العقاد عشرات الكتب في موضوعات مختلفة، فكتب في الأدب والتاريخ والاجتماع مثل: مطالعات في الكتب والحياة، ومراجعات في الأدب والفنون ، وساعات بين الكتب، … و في الدراسات النقدية مؤلفات كثيرة، أشهرها كتاب "الديوان في النقد والأدب" بالاشتراك مع المازني، وأصبح اسم الكتاب عنوانًا على مدرسة شعرية عُرفت بمدرسة الديوان، وكتاب "ابن الرومي حياته من شعره ، ورجعة أبي العلاء، وأبو نواس … تجاوزت مؤلفات العقاد الإسلامية أربعين كتابًا، ، فتناول أعلام الإسلام في كتب ذائعة، عرف كثير منها باسم العبقريات، استهلها بعبقرية محمد، ثم عبقرية الصديق، وعبقرية عمر، وعبقرية علي، وعبقرية خالد، وداعي السماء بلال، وذو النورين عثمان، والصديقة بنت الصديق، وأبو الشهداء وعمرو بن العاص، ومعاوية بن أبي سفيان، وفاطمة الزهراء والفاطميون. لقي الله 1964م

أكتشف معطيات النص
**اختار الصداقة فهو الصديق الأكبر لأصحابه.
**الحكم بسلطان الدنيا: كان بقدوره ان يعيش في رغد الملوك والأمراء/سلطان الآخرة : فهو نبي الأمة القريب من الله المنزه عن الزلل/الكفاءة والمهابة:هو الصادق الأمين المخلص في عمله صاحب الأصل الشريف.
**الشورى / وحب أصحابه له / وعدم رفع شأنه الكريم عن شأن أصحابه له مالهم وعليه ما عليهم
** التواضع وعدم الترفع على أصحابه
**الحديث فيه مَسَائِلُ: فيه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يَعْلَمُ الغيْبَ وَالأمورَ الباطنةَ إلَّا بتعليمِ اللهِ له، ونبَّهَ عَلَى ذلكَ بقولِهِ :[إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ ]/ أنَّهُ يجوزُ عليه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أمورِ الأحكامِ، ما يجوزُ عَلَى غيرِهِ . فإنَّهُ إنَّما يَحْكُمُ بينَ الناسِ بالظاهرِ، وَاللهُ يتولَّى السرائرَ، فَهُوَ يَحْكُمُ بالبيِّنَةِ وَاليمينِ ونحوِ ذلكَ من أحكامِ الظاهِرِ، مَعَ إمكانِ كونِهِ فِي الباطنِ خلافَ ذلكَ …
فإنَّهُ إذا كَانَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ يظنُّ غيرَ الصوابِ لقُوَّةِ حُجَّةِ الخصمِ فَيَحْكُمُ لهُ، فإنَّ غيرَهُ من بابِ أَوْلَى وَأَحْرَى قولُهُ : [فليحملْها أَوْ ليذرْها] فيه تهديدٌ شديدٌ ووعيدٌ أكيدٌ عَلَى منْ أَخَذَ أموالَ الناسِ بالدعاوي الكاذبةِ وَالحِيَلِ المحرَّمَةِ، فهَذَا التعبيرُ شبيهٌ بقولِهِ تعالى : (اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ ) .
**الحرية في التفكير
** قال النووي في (الأذكار): الخواطر وحديث النفس إذا لم يستقر ويستمر عليه صاحبه فمعفو عنه باتفاق العلماء؛ لأنه لا اختيار له في وقوعه ولا طريق له إلى الانفكاك عنه. وهذا هو المراد بما ثبت في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تتكلم به أو تعمل. قال العلماء: المراد به الخواطر التي لا تستقر. قالوا: وسواء كان ذلك الخاطر غيبة أو كفرا أو غيره، فمن خطر له الكفر مجرد خطران من غير تعمد لتحصيله ثم صرفه في الحال فليس بكافر ولا شيء عليه.
** قال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏لما قضى الله الخلق كتب في كتابه على نفسه فهو موضوع عنده ‏ ‏إن رحمتي تغلب غضبي ‏”
قال رسول الله فيما يرويه عن رب العزة: إني و الإنس و الجن في نبأ عظيم، أخلق و يعبد غيري، أرزق و يشكر سواي ، خيري إلى العباد نازل، و شرهم إلى صاعد، أتودد إليهم برحمتي و أنا الغنى عنهم، و يتبغضون إلى بالمعاصي و هم أفقر ما يكونوا إلى. أهل ذكرى أهل مجالستي فمن أراد أن يجالسني فليذكرني، أهل طاعتي أهل محبتي، أهل معصيتي لا أقنطهم من رحمتي، إن تابوا إلى فانا حبيبهم ، و إن أبوا فانا طبيبهم أبتليهم بالمصائب لأطهرهم من المعائب. من أتانى منهم تائبا تلقيته من بعيد و من أعرض عنى ناديته من قريب أقول له أين تذهب ألك رب سوى. الحسنة عندي بعشر أمثالها و أزيد. و السيئة عندي بمثلها و أعفو. و عزتي و جلالي لو استغفروني منها لغفرتها لهم
إن الله تعالى لا يُخيِّب أحدًا رجاه ولا يطرد أحدًا من رحمته .. بل إن بعض الناس هم الذين يطردون أنفسهم من رحمة الله، بأن يرى طريق الرحمة فيتركه ويرى طريق العذاب فيسلكه فرحمة الله بعباده يوم القيامة كبيرة جدًا، وسيرون منها ما لم يخطر لهم على بال من العفو والصفح والمغفرة والتجاوز والتغاضي عن بعض الهفوات والزلات.

أناقش معطيات النص
**الكفاءة والمهابة
** للشورى فوائد واضحة وإلا لما دعى إليها الإسلام، ومن فوائدها : من شاور ذوي العقول استضاء بأنوار العقول. من شاور الرجال شاركها في عقولها باكروا فالبركة في المباكرة، وشاوروا فالنجح في المشاورة من استشار العاقل ملك المشورة تجلب لك صواب غيرك المشاورة راحة لك وتعبٌ لغيرك من لزم المشاورة لم يعدم عند الصواب مادحاً ما استنبط الصواب بمثل المشاورة خوافي الآراء تكشفها المشاورة الوصول إلى الرأي الأصوب.
**المبتلى بالريبة والشك لا يزال في اضطراب، يحسب كل صيحة عليه، وهو يظن أن من الذكاء والفطنة أن يحاصر الآخرين بالأسئلة والحق أنه يحاصر نفسه، ولا يزال الشك يفتك بنفسه حتى يشك بأقرب الناس اليه، فلا يبقى له صديق. فالظن السيئ مدعاة للتجسس، والتجسس مدعاة للغيبة. خذ من الناس ما ظهر.. ودع الأمر الذي استتر واشتغل بالعيب في نفسك عن عيوب البشر رب أمرٍ أنت كبرته.. ولو أنت صغرته لصغر. كان المتنبي يقول
إِذا ساءَ فِعلُ المَرءِ ساءَت ظُنونُهُ وَصَدَّقَ ما يَعتادُهُ مِـن تــَوَهُّمِ
وَعادى مُحِبّـيـهِ بِقَولِ عُداتِه وَأَصبَحَ في لَيلٍ مِنَ الشَكِّ مُظلِمِ
**النّفس طُبِِِعَت على فعل الخير و فعل الشَّر، و زوَّدها الخالِق عزَّ و جَلْ بالقُدرة على مراقبة ذاتِها بذاتِها…
فغالبا ما نشعر بالذَّنب والخطأْ وهذا دليلْ على وُجودِ قوةٍ نفسيةٍ داخلنا تُراقب أفعالنا ألا و هي الضمير، تلك القوة الروحية التي تدركُ القُبحَ و الحُسنَ في أفعالنا فهي النفس اللَّوامة للإنسان تُثيبنا على الحسنَ و تأمرنا به و تدرُ القُبحَ و الخُبثَ و تنهانا عنهما.
… وإذا ما تأملنا سلوكاتنا نجد أنَّ الإحساس بالذَّنب يتعلَّق بالماضي الذِّي لا يمكن أن نحياه من جديد و لا يمكن تغييره، و لهذا نسعى غالبا لتغيير الحاضر حتى نولج الماضي في الحاضر و بذلك نتخلص من عقاب الضمير والشُّعور بالتأنيب.
ولقد عرَّف الفيلسوف سبينوزا تأنيب الضمير فقال : "من يندم على ما فعلَ يُعدُ شقيًا وعاجزًا مرتين ."
لكن بالمقابل رأى الفيلسوف ماكس شيلر العكس إذْ قال : " النَّدَمْ شَكْلٌ مِنْ أشكال علاج النَّفس لذاتها ."
** يقوم الإسلام على الرفق واللين، والرقة والرحمة، ولا يقوم على العنف والشدة، والغلظة والنقمة. ولقد رسم القرآن منهج الدعوة، بقوله تعالى: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ } (سورة النحل، الآية: 125) والدعوة بالحكمة تعني: الخطاب الذي يقنع العقول بالحجة والبرهان. والموعظة الحسنة تعني: الخطاب الذي يستميل العواطف، ويؤثر في القلوب رغباً ورهباً. والجدال بالتي هي أحسن، يعني: الحوار مع المخالفين بأحسن الطرق، وأرق الأساليب التي تقربهم ولا تبعدهم
**إن الذى يقع فى المعصية ويفعل السيئة فى بنى إسرائيل كانت توبته أن يقتل نفسه أما فى الإسلام فيكفى للمذنب أن يندم على ما فعل ويعزم على ألا يعود ويقلع عن الذنب ويرد الحقوق لأصحابها .وكان الإسلام دين اليسر مع المسافر الذى سُمح له بجمع الصلوات وقصرها الرباعية منها فيصلى الظهر مع العصر ويصلى الظهر ركعتين وكذلك العصر بل أذن له ألا يصوم فى سفره .وكان الإسلام دين اليسر مع المريض والعجوز والمرأة والمرضع والحامل فى السماح لهم بعدم الصيام تقديراً لحالتهم .وكان الإسلام دين اليسر عندما أذن للمريض وذى العاهة فى عدم الاشتراك فى قتال الأعداء .ونذكر من مظاهر يسر الإسلام :قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إن الله تجاوز عن أمتى الخطأ والنسيان وما استُكرهوا عليه " قال رسول الله:" إن الله تجاوز لأمتى عما توسوس به صدورها ما لم تعمل به أو تتكلم به قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – :" إذا نسى فأكل وشرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه" قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – :" ليس من البر الصيام فى السفر عليكم برخصة الله عز وجل فاقبلوها " كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يأمر المؤذن إذا كانت ليلة باردة ذات مطر يقول ألا صلوا فى الرحال ""عن عمران بن حصين قال كان بى الناصور فسألت النبى – صلى الله عليه وسلم – عن الصلاة فقال صل قائما فإن لم تستطع فقاعدا فإن لم تستطع فعلى جنب ""قال رسول الله :"إن الصعيد الطيب وضوء المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين " دخل النبى – صلى الله عليه وسلم – على عائشة وعندها امرأة فقال من هذه قالت فلانة لا تنام تذكر من صلاتها فقال لهم عليكم من العمل ما تطيقون فوالله لا يمل الله عز وجل حتى تملوا وكان أحب الدين إليه ما دام عليه صاحبه "رواه النسائى" أخبر ابن عباس أن رجلا أصابه جرح فى عهد النبى – صلى الله عليه وسلم – ثم أصابه احتلام فأمر بالاغتسال فمات فبلغ ذلك النبى – صلى الله عليه وسلم – فقال قتلوه قتلهم الله ألم يكن شفاء العليل السؤال وقال عطاء بلغنى أن النبى – صلى الله عليه وسلم – سئل بعد ذلك فقال لو غسل جسده وترك رأسه حيث أصابه الجرح "" كل ذلك وغيره يجمعه قول الله تعالى للمسلمين :" يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر " وقول النبى – صلى الله عليه وسلم – إن هذا الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه" "رواه النسائى"

استثمر المعطيات :
**أن يحتج بكل حجة من حجج الحكم والسلطة / نعمل بدلا منك / واليوم يكثر الثرثارون …
**اسم التفضيل : أكثر… تعريفـه : اسم مشتق من الفعل على وزن " أفعل " للدلالة على أن شيئين اشتركا في صفة معينة وزاد أحدهما على الآخر في تلك الصفة .مثل : أكرم ، أحسن ، أفضل ، أجمل .تقول : علي أكرم من محمد ، والعصير أفضل من القهوة .ومنه قوله تعالى : { إذ قالوا ليوسف وأخوه أحب إلى أبينا منا } 8 يوسف .
صوغ اسم التفضيل يصاغ اسم التفضيل بالشروط التي يصاغ بها أفعل التعجب وهي كالتالي :
ـ أن يكون الفعل ثلاثياً ، مثل : كرم ، ضرب ، علم ، كفر ، سمع .نحو : أخوك أعلم منك .ومنه قوله تعالى : { هو أفصح مني لساناً } 34 القصص .وقوله تعالى : { ذلك أقسط عند الله وأقوم للشهادة } 282 البقرة .
ـ أن يكون تاماً غير ناقص ، فلا يكون من أخوات كان أو كاد وما يقوم مقامهما .
ـ أن يكون مثبتاً غير منفي ، فلا يكون مثل : ما علم ، ولا ينسى .
ـ أن يكون مبنياً للمعلوم ، فلا يكون مبنياً للمجهول ، مثل : يُقال ، ويُعلم .
ـ أن يكون تام التصرف غير جامد ، فلا يكون مثل : عسى ، ونعم ، وبئس ، وليس ، ونحوها .
ـ أن يكون قابلاً للتفاوت ، بمعنى أن يصلح الفعل للمفاضلة بالزيادة أو النقصان ، فلا يكون مثل : ملت ، وغرق ، وعمي ، وفني ، وما في مقامها .
ـ ألا يكون الوصف منه على وزن أفعل التي مؤنثها على وزن فعلاء ، مثل : عرج ، وعور ، وحول ، وحمر ، فالوصف منها على وزن أفعل : أعرج ومؤنثه عرجاء ، وأعور ومؤنثه عوراء ، وأحول ومؤنثه حولاء ، وأحمر ومؤنثه حمراء .
— فإذا استوفي الفعل الشروط السابقة صغنا اسم التفضيل منه على وزن " أفعل " مباشرة .نحو : أنت أصدق من أخيك .ومنه قوله تعالى : { والفتنة أكبر من القتل } 217 البقرة .
أما إذا افتقد الفعل شرطاً من الشروط السابقة فلا يصاغ اسم التفضيل منه مباشرة ، وإنما يتوصل إلى التفضيل منه بذكر مصدره الصريح مع اسم تفضيل مساعد .مثل : أكثر ، وأكبر ، وأفضل ، وأجمل ، وأحسن ، وأشد ، وأولى ، ونظائرها ، ويعرب المصدر بعدها تمييزاً .نحو : المملكة أكثر إنتاجاً للبترول من غيرها .والطائف ألطف هواءً من جدة .والبلح أشد حمرةً من التفاح .ومنه قوله تعالى : { والله أشد بأساً وأشد تنكيلاً } 84 النساء .
** أنت أكثر من اختبرناهم صدقا وأمانة / هو أشد الناس احتراما للناس




التصنيفات
السنة الأولى ثانوي

فروض اللغة العربية الفصل الاول للسنة الاولى ثانوي اداب

فروض اللغة العربية الفصل الاول للسنة الاولى ثانوي اداب


الونشريس

فروض الفصل الاول في اللغة العربية للسنة الاولى ثانوي جذع مشترك آداب التحميل مرفق

الفرض الاول 1 للفصل الاول في اللغة العربية للسنة الاولى ثانوي اداب

الفرض الثاني 2 للفصل الاول في اللغة العربية للسنة الاولى ثانوي اداب


الملفات المرفقة
اسم الملف نوع الملف حجم الملف التحميل مرات التحميل
فرض رقم 01 الفصل الاول.doc‏  25.5 كيلوبايت المشاهدات 486
اسم الملف نوع الملف حجم الملف التحميل مرات التحميل
فرض رقم 02 الفصل الاول.doc‏  26.5 كيلوبايت المشاهدات 387


رد: فروض اللغة العربية الفصل الاول للسنة الاولى ثانوي اداب

شكرا على الفرضين ولكن لي ملاحظة وهي وجود خطأ في السؤال الثاني في البناء اللغوي من الفرض الثاني وهذا الخطأ نحوي في عبارة: ورد في الأبيات الأولى تشبيها. والصواب أن كلمة تشبيه فاعل فالرجاء الانتباه.


الملفات المرفقة
اسم الملف نوع الملف حجم الملف التحميل مرات التحميل
فرض رقم 01 الفصل الاول.doc‏  25.5 كيلوبايت المشاهدات 486
اسم الملف نوع الملف حجم الملف التحميل مرات التحميل
فرض رقم 02 الفصل الاول.doc‏  26.5 كيلوبايت المشاهدات 387


رد: فروض اللغة العربية الفصل الاول للسنة الاولى ثانوي اداب

شكرااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا اااااااااااااااااا


الملفات المرفقة
اسم الملف نوع الملف حجم الملف التحميل مرات التحميل
فرض رقم 01 الفصل الاول.doc‏  25.5 كيلوبايت المشاهدات 486
اسم الملف نوع الملف حجم الملف التحميل مرات التحميل
فرض رقم 02 الفصل الاول.doc‏  26.5 كيلوبايت المشاهدات 387


التصنيفات
النقاش الجاد و الحوار الهادف

ما الذي حل باللغة العربية الاصيلة؟؟

ما الذي حل باللغة العربية الاصيلة؟؟


الونشريس

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

.إنقـــــراض اللغة العـــربــــيـــة !!

وظهور لغة ليست بالعربية ولا بالفرنسية ولا بالإنجليزية ، لغة عجيبة وغريبة و خارقة للعادة.
كثيرا ما تصادفنا مع هذه الكلمات : مرسي ، تانكس ، باي ، والمشكل أنها ليست بالعربية وليست بالفرنسية ! لا اعلم ما هذه اللغة الغريبة.
لماذا تم كتابتها بهذه الطريقة ؟ ولما العناء في كتابتها بمنظور لاتيني والمنتدى أصلا عربي وأهله من مجتمع عربي ؟

المشكل ليس في المنتديات فقط ، بل حتى في حياتنا اليومية ، تجد شخصا ما ! يتكلم بجملة عربية وآخرى فرنسية وعند مغادرته ينطق كلمة إنجليزية، وكأنك في مدرسة لتعليم اللغات .
لحذ الأن أعجز عن وصفي لهذه المشكلة الغريبة ،
هل هي تداخل بين اللغات ؟ أم هي إعجاب بالكتابة الاتينية وتعبير بالعربية ؟ أم هي أسلوب سهل للقرآءة والكتابة ؟
أم أن اللغة العربية إنقرضت ؟
موضوع يجول في راسي منذ فترة طويلة .واتمنى ان ارى تفاعلكم و آرائكم………..




رد: ما الذي حل باللغة العربية الاصيلة؟؟

والله عندك الحق انبلوس حتي حنا تاني ولينا نميلونجو في هدرتنا ربي يهدينا وشكرا على الموضوع




رد: ما الذي حل باللغة العربية الاصيلة؟؟

بوركتي اختي على الطرح الجميل




رد: ما الذي حل باللغة العربية الاصيلة؟؟

مشكورين على المرور…………




التصنيفات
قضايا المرأة و الأسرة و الطفل

اللغة العربية . ظالمة

اللغة العربية ….. ظالمة


الونشريس

اللغة العربية ….. ظالمة

اتفق النحاة على أن اللغة العربية ظلمت المرأة في خمسة مواضع
* أولها في قولنا للرجل إنه مصيب و للمرأة إنها مصيبة و العياذ بالله
* ثانيها في قولنا للرجل إنه حي يرزق و قولنا للمرأة إنها حية و العياذ بالله
* ثالتها في قولنا لمن يتولى القضاء من الرجال قاضي أماالمرأة فقاضية و هي أشد من المصيبة و العياذ بالله
* الرابعة في قولنا لرجل البرلمان نائب أما المرأة فنائبة و هي أشد من المصيبة و من القاضية و العياذ بالله
* الخامسة في قولنا لمن يحب الشيء بشدة هاوي أما المرأة فهي هاوية و العياذ بالله




رد: اللغة العربية ….. ظالمة

***1607;***1575;***1603; ***1578;***1588;***1608;***1601; ***1582;***1608;***1610;***1575; ***1581;***1575;***1583;***1610;***1583;***1608; ***1581;***1578;***1609; ***1575;***1604;***1593;***1585;***1576;***1610;***1577; ***1605;***1575;***1602;***1575;***1604;***1578;***1606;***1575;***1588;***1567; ***1578;***1602;***1608;***1604;………..




رد: اللغة العربية ….. ظالمة

شكرا على المرور الطيب
نعم يا kinda هكذا ظلمتكم اللغة العربية




رد: اللغة العربية ….. ظالمة

بارك الله فيك
الونشريس




رد: اللغة العربية ….. ظالمة

الونشريس أكيد أنكم سعداء بقول ذلك عنا…الونشريس




رد: اللغة العربية ….. ظالمة

ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه

الله يستر




التصنيفات
كتب الطبخ

السردين – سلسلة مطبخ ريمة ( باللغة العربية ) .

السردين – سلسلة مطبخ ريمة ( باللغة العربية ) .


الونشريس

*** رابط التحميل الاول :
http://www.filesmall.com/B8DF29717/download.html




التصنيفات
الأدب واللغة العربية

خصائص الحروف العربية ومعانيها دراسة –

خصائص الحروف العربية ومعانيها – حسن عباس – دراسة –


الونشريس

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته


هذه دراسة للأستاذ حسن عباس حول


" خصائص الحروف العربية و معانيها "



يحاول المؤلف في دراسته الكشف عن مظاهر الإعجاز اللغوي في بنية العربية، على ضوء ما تحصل له عن تطورها عبر المراحل ( الغابية، فالزراعية فالروعية) التي مر بها العربي في جزيرته الأم فأبدع خلالها تباعاً الحروف: (الهجانية، فالإيمائية ، فالإيحائية) بما يتوافق مع تطوره المعيشي والذهني ، مرحلة حياة بعد مرحلة. وقد حافظ على خصائص ومعاني كل فئة منها في مفرداته وقواعد صرفه ونحوه. فكل حرف عربي له خصائصه ومعانيه، ومعنى كل مفردة هو بعامة محصلة خصائص ومعاني أحرفها . مما يثبت فطرية العربية وأصالة مبدعها كما أن العربي قد آخى بين القيم الجمالية والإنسانية في لسانه. فخصَّ الألفاظ التي في أصوات حروفها رقة وأناقة وجمال وفعالية، مما ترتاح له النفس بمعاني الجيدة والعكس بالعكس .

ويرى المؤلف أن دراسته هذه تمهد للإنتقال بالعربية من مرحلتها التراثية التي دامت ألف عام ونيف ..( كيف استعمل العربي مفرداته وقواعد صرفه ونحوه؟) إلى مرحلة حديثة هي ( لماذا استعملها العربي هكذا ؟)

كما يرى المؤلف أنه ( ما من وسيلة عصرية متاحة، هي أصلح من خصائص الحروف العربية ومعانيها لإنقاذ العربية وحمايتها من الغزو الثقافي المضاد، ولا لمحاصرته .


الملفات المرفقة
اسم الملف نوع الملف حجم الملف التحميل مرات التحميل
189-H-A.zip‏  279.2 كيلوبايت المشاهدات 79


التصنيفات
الأدب واللغة العربية

طبيعة العقلية العربية

طبيعة العقلية العربية


الونشريس

*تمهيد:
*يجدر بنا قبل دراسة بعض نماذج الأدب الجاهلي من(الشعر والنثر)وإن كانالنثر قليلا جدا مقارنةبالشعر أن نقدم بهذهاللمحة عنبيئة الأدب،و مظاهر الحياةالعربية المختلفة من سياسية،واجتماعية،ودينية وعقلية فالأدب صورة للحياة وللنفس وللبيئة الطبيعية والاجتماعية.
*ويطلق الأدب الجاهلي على أدب تلك الفترةالتي سبقت الإسلام بنحومائة وثلاثين عامقبل الهجرة.وقدشب هذا الأدب وترعرع في بلادالعرب،يستمد موضوعاته ومعانيه،ويستلهم نظراته وعواطفه من بيئتهاالطبيعية والاجتماعية والفكرية،ويحدد لنابشعره ونثره فكرة صادقة عن تلك البيئة.ممايعين الدارس علىفهم أدب ذلك العصر،واستنتاجخصائصه التي تميزه عن سائر العصور الأدبية التي جاءت بعده مع أن الكثير منه مجهوللضياع أثاره ولا نعرف عنه إلا القليل .
*بلادالعرب:
يطلق على بلاد العرب جزيرة العرب أوالجزيرة العربيةوتقع في الجنوب الغربي منأسيا، وهي فيالواقعشبه جزيرة،لأن الماء لا يحيط بها منجهتها الشمالية،لكن القدماء سموها جزيرة تجوزا،وهي فيجملتها صحراء ،بها الكثير من الجبال الجرداء،ويتخللهاوديان تجري فيها السيول أحيان، وإلى جانبذلك: بعض العيون والواحات.
*وتحد جزيرة العرب بنهر الفراة وباديةالشام شمالا،وبالخليج العربي،وبحر عمان شرقا،وبالبحر العربيوالمحيط الهندي جنوبا وببحرالأحمر (بحر القلزم)غربا،وتبلغ مساحتها نحوربع أوروبا،وتتكون الجزيرةالعربية من جزأينكبيرين:
*(ا)أماالحجاز:فسمي بهذه التسمية لأنسلسلة جبال السراة التي يصل ارتفاعها أحيانا إلى 3150م،تمتدمن الشمال إلى بلاد اليمن جنوبا،فسمته العربحجازا،لأنه حجز بين تهامة ونجد.والحجاز أرضه قفر،قليلة المطر شديدة الحرارة،إالا في بعض المناطق كالطائف التي يعتدل جوها،وتجود أرضها وأشهر مدن الحجاز :مكة،وبها (الكعبة )البيت الحرام ،ويثرب (المدينةالمنورة)التي هاجر إليها النبي صلى الله عليهوسلم،وبها لحق بربه.وكان يسكن الحجاز من القبائل العربية (قريش)فيمكة،و(الأوس والخزرج)فيالمدينة ،و(ثقيف)فيالطائف.
*(ب)وأمااليمن:فيقع جنوبي الحجاز،وهو أرضمنخفضة على شاطئ البحر الأحمر،مرتفعة في الداخل،وقد إشتهر بالثروة والغنى والحضارة،جوهمعتدل بسبب إشرافه على المحيط الهندي(البحر العربي)و البحرالأحمر،وأمطارهغزيرة وأرضه خصبة.وأشهر مدن اليمن: نجران التي اشتهرت في الجاهليةبإعتناق أهلهاالنصرانية،وصنعاء في الوسط وهيعاصمة اليمن الحديثة،وفي الشمال الشرقي منها مأرب المعروفةبسدها الذي ورد في القران في قصةسبأ.ومنأكبر القبائل التي كانت تسكن اليمنقبيلة همدان،وقبيلتامذحج ومراد.ومناخ شبهالجزيرة قاري،حار صيفا،بارد شتاء،وليس بهاأنهار ولذا يعتمد أهلها علىالأمطار.
أصلالعرب:
يرجع أصل العرب لإلى شعبين عضيمينكبيرين،تفرعت منهما القباائل العربية،وهما:
*(أ)عرب الشمال أوالحجازيون: وهم من نسل عدنان من ولد إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام ويسمون: بالعرب المستعربة،لأن إسماعيل عليه السلاملم تكن لغته الأصلية اللغة العربية،وإنما نطق بها لما رحل مع أبيه إبراهيم إلىالحجاز وأصهلر إلى قبيلة جرهم،وتكلم بلسانهم.
*(ب)عربالجنوب:وهم من نسل قحطان،ويسمونبالعرب العاربة،لأن العربية في الأصل لغتهم ولسانهم.وكلالعدنانيين و القحطانيينينقسمون إلى فرعين أساسيين،وكل فرع ينقسم إلى قبائل متعددة،والقبيلة هي الوحدةالتي أقاموا عليها نظامهم الاجتماعي،ومنأشهر القبائل العدنانية:بكر،وتغلب وهما من فرع ربيعة،قريشوكنانة وأسد وقيس وتميم وهم من فرع مضرومنأشهر قبائل القحطانيين:طيئ وكندة ولخم والأزدوغسان، وهم من فرع كهلان،وقضاعة وجهينة وعذرة وكلب وهم من فرع حمير.
و القبيلة:
أسرة واحدة كبيرة تنتمي إلى أب وأمواحدة،ولها شيخ هو سيد القبيلة،ومن وظائفه الفصل بين المتخاصمينوسيادته مستمدة من احترام وإجلال القبيلة لهو علاقة القبائل تقوم غالبا على العداء،فالقبيلة إما مغيرة أو مغار عليها،إلا أنيكون بين بعض القبائل حلف أو مهادنة.ولكل قبيلة شاعر أو أكثر يرفع ذكرها،ويتغنىبمفاخرها،ويهجو أعداءها،وكل فرد في القبيلة متعصب لقبيلته، مادح لمحاسنها،وعلىالقبيلة أن تحميه، وتدافع عنه،وتطالب بدمه،فالفرد من القبيلة و إليها،حتى ليقولقائلهم:
وما أنا إلا من غزية إن غوت غويت وإن ترشدغزية أرشد.
لغةالعرب:
*اللغة العربية هي إحدى اللغات الساميةالتي نشأت عن أصل واحد،وهيالاشورية والعبرية والسريانيةوالحبشية)،وتقتصر اللغات العربية في كتابتهاعلى الحروف دون الحركات،ويزيد حروفهاعناللغات الآريةمع كثرة الاشتقاق في صيغهاوقد مرت اللغة العربية بأطوار غابت عنها مراحلها الأولى،ولكن مؤرخي العربيةاتفقوا على أن للعرب منذ القديم لغتين:جنوبية أو قحطانية،ولها حروف تخالف الحروف المعروفة،وشمالية أو عدنانية،وهي أحدث من لغة الجنوب،وكل ما وصلنا من شعرجاهلي فهو بلغة الشمال،لأن الشعراء الذين وصلتنا أشعارهم إما من قبيلة ربيعة أومضر،وهما منا القبائل العدنانية،أو من قبائليمنية رحلت إلىالشمال، كطيئ وكندةو تنوخ،وقد تقاربتاللغتانعلىمر الأيام بسبب الاتصال عن طريق الحروب والتجارةوالأسواقالأدبية كسوق عكاظ قربالطائف،وذي المجاز و مجنة قرب مكة. وبذلكتغلبت اللغة العدنانية علىالقحطانية،وحين نزل القرانالكريم بلغة قريش،تمت السيادة للغة العدنانية،وأصبحت معروفة باللغة الفصحى. وقد كان لنزول القران بها اثر في رقيهاوحفظها وإثرائها بكمية هائلة من الألفاظ و التعبيرات و المعاني مما أعان على بسطنفوذها،واستمرار الارتقاء بها في المجالات العلمية والأدبية إلى عصرناالحالي.
العرب الذين أخذتعنهم اللغة:
*قال (أبو نصر الفارابي) في أول كتابهالمسمى بالألفاظ والحروف: *كانت(قريش)أجود العرب انتقاء للأفصح من الألفاظ،وأسهلهاعلى اللسان عند النطق،وأحسنها مسموعا، وأبينها عما في النفس.والذين أخذت عنهم العربية هم (قيس)و(تميم)و(أسد) وعليهم إتكل في الغريبو الأعرابوالتصريف،ثم(هذيل)وبعض(كنانة)وبعض(الطائيين) ولم يؤخذ عن غيرهم من سائر القبائل. وبالجملة فإنه لم يؤخذ عن حضري قط،ولا عن سكان البراري ممن يسكن أطراف بلادهمالمجاورة لسائر الأمم الذين حولهم.
*و الذي نقل اللغة واللسان العربي عنهؤلاء وأثبتها في كتاب فصيرها علما و صناعة هم أهل(البصرة) و(الكوفة) فقط من بينأمصار العرب.
*حياة العربالسياسية:
تاريخ العرب في الجاهلية غامض،ولميدون،لتفشي الأميةبينهم،ومع ذلك فقد كانتهناك حياة سياسية، بعضهامتصل بنظام حياتهمالداخلية و بعضها الأخر متصل بعلاقتهم وإتصالهم بمنحولهم:
(أ)أما فيما يتصلبنظمهم الداخلية: فقد قامت في اليمن دولة سبأ،التي كانت عاصمتها (مأرب) ،كما قامت دولة حمير التي كانت عاصمتها (ظفار) وقد حاربت الفرس والأحباش،وفي الشمال نجد العدنانيين الذينتعددت قبائلهم وأكبر فروعهم :ربيعة و مضروكانت بينهما أحداث كثيرة وحروب طويلة،كحرب البسوس بين بكر وتغلب وحرب داحسوالغبراء يبن عبس وذبيان،وكانت مكة أعظم موطن العدنانيين و قد سكنتها كنانة وقريش،وانتهت إليهما ولاية البيت الحرام ثم انحصرت فيقريش.
*(ب)وأما فيمايتصل بعلاقة العرب بغيرهم:فقداتصلوا بمن حولهم عن طريق التجارة،وأشار القران الكريم إلى ذلك وكانت هذه التجارةوسيلة إلى معرفتهم ببعض شؤون الممالك وعمرانها،كما نقلوا عن طريق تلك الرحلات كثيرامن ألفاظ تلك الأمم كالفارسية والرومية و المصرية والحبشية و أدخلوها في لغتهم. *وبالإضافة إلى ذلك فقد أقامت الدولتانالكبيرتان (الفرس و الروم) إمارتين عربيتين على حدودها لدفعغزوات العرب،فكونت (فارس) من القبائلالمجاورة لحدودها إمارة الحيرة وكان أميرها يعينه ملك فارس ومن أشهرهم النعمان بنالمنذر الذي مدحه النابغة الذبياني و إعتذر إليه كذلك أقام الروم إمارة الغساسنة وكانوا يدينون بالنصرانية،واشتهروا بالكرم وقد مدح حسان بن ثابت وغيره بعضأمرائهم،ونتج عن هذا الاتصال بين العرب وجيرانهم تسرب أنواع من الثقافات إليهم،ظهرتفي الألفاظ و القصص والأخبار.
حياة العربالأجتماعية
ينقسم العرب إلى قسمين رئيسيين:
*(أ)سكانالبدو: وهم أغلب سكانالجزيرة،وعيشتهم قائمة على الإرتحال والتنقل وراء العشب والماءومن ثم سكنوا الخيام المصنوعة من الوبرو الشعر والصوف،وقد أكثر الشعراء في وصفها و الوقوفأمام أطلالها (ما بقي من أحجار بعد رحيل سكانها) ،وأكثر طعام أهلالبادية: الحليب و التمر،والإبل عماد حياتهم،يأكلون من لحومها،ويشربون منألبانها،ويكتسبونمن أوبارها،ويحملون عليهاأثقالهم،ولقد قوموابهاالأشياء،وافتدوا بها أسراهم في الحروب: وقالفيها شعراؤهم القصائد الطويلة،كما كانوا يعنون بالخيل،فاستخدموها في الصيد و السباق والحروب،وكانت متاع المترفين،لذلك وردفيها أقل مما ورد في الإبل.
*وكانت العلاقة بين القبائل العربية علاقةعداء،فسادت الحروب حياتهم وانبعثت من خلالها صيحاتالسلام،وظهرت عاطفة الإنتقام و الأخذبالثأر،وكثر في أشعارهم وصف الوقائع و الفخر بالإنتصار والحرص على الشرف،ومن أجلذلك سادت الأخلاق الحربية فيهم،وهي الشجاعة والكرم والوفاء،ومارس العرب من متعالحياة الصيد،وتفشت بينهم عادة شرب الخمر ولعب الميسر،وخاصة بين المترفين منهم،وقامت حياة العربيفي الصحراء على أساس الاعتماد على النفس،ومواجهة الحياة بخيرهاوشرها.وشاركت المرأة الرجل في كثير من شؤون الحياة ،وفي الحروب كن يخرجن لإثارةالحماسة،ومما يدل على مكانتها،أنه لا تكاد تخلو قصيدة من الافتتاح بذكرها والتغزلبها.
*(ب)أماسكانالحضر:فقد سكنوا المدن،وعاشوا في استقرار،واتخذوا الدور والقصور،وكانواأقل شجاعة وأشد حبا للمال،وكان أهل اليمن أرسخ قدما في الحضارة،وقد نقل المؤرخونكثيرا من أحوالهم،في ثيابهم الفاخرة،وأطباق الذهب والفضة التي يأكلون فيها،وتزيينقصور أغنيائهمبأنواع الزينة،وقد أمدهمبذلككثرة أموالهم عن طريق التجارة والزراعة،وكانت (قريش) في مكة أكثر أهل الحجاز تحضرا،فقد أغنتهم التجارة ومن يأويإليهم من الحجيج،فنعموا بما لم ينعم به غيرهم من سكانالحجاز.
حياة العربالدينية:
تعددت الأديان بين العرب،وكان أكثرهاانتشارا عبادة الأصنام و الأوثان،واتخذوا لها أسماء ورد ذكرها في القرانالكريم،مثل: (اللات،والعزى،ومناة) وقد عظمها العرب وقدموا لها الذبائح،وتأثرتحياتهم بها،حتىجاء الإسلام فأزالها وأنقذهممن شرها وكان من العرب من عبدوا الشمسكمافي بعض جهات اليمن ،ومن عبدوا القمر كما في كنانة،وقد انتشرت اليهودية في يثربواليمن وانتشرت النصرانية في ربيعة و غسان و الحيرة ونجران،وهناك طائفة قليلة منالعرب لم تؤمن بالأصنام ولا باليهودية ولا بالنصرانية و اتجهتإلى عبادة الله وحده وهؤلاء يسمون بالحنفاءوكان من بينهم زيد بن عمرو بن نفيل،وورقة بن نوفل وعثمانبن الحارث.وهكذا تعددت الأديان بين العرب،واختلفت المذاهب حتى أشرق نور الإسلام فجمع بينهم،وأقام عقيدة التوحيد على أساس منعبادة الخالق وحده لا شريك له.

*حياة العربالعقلية:
*العلم نتيجة الحضارة،وفي مثل الظروفالاجتماعية التي عاشها العرب،لا يكون علم منظم،ولا علماءيتوافرون على العلم،يدونون قواعده و يوضحونمناهجه إذ أن وسائل العيش لاتتوافر،ولذلكفإن كثيرامنهم لا يجدون من وقتهم ما يمكنهممن التفرع للعلم،والبحث في نظرياته وقضاياه.
*وإذا كانت حياة العرب لم تساعدهم على تحقيق تقدم في مجال الكتب والعملالمنظم،فهناك الطبيعة المفتوحةبين أيديهم،وتجارب الحياة العمليةوما يهديهم إليه العقلالفطري،وهذا ما كان في الجاهلية،فقد عرفواكثيرا من النجوم ومواقعها،والأنواء وأوقاتها،واهتدوا إلى نوع من الطبتوارثوه جيلا بعد جيل،وكان لهم سبق في علم الأنساب والفراسة،إلى جانب درايتهمالقيافة والكهانة،كما كانت لهم نظرات في الحياة. *أما الفلسفة بمفهومها العلميالمنظم،فلم يصل إليها العرب في جاهليتهم ،وإن كانت لهم خطرات فلسفية لا تتطلب إلاالتفات الذهن إلى معنى يتعلق بأصول الكون،من غير بحث منظم وتدليل وتفنيد،من مثل قولزهير:

رأيت المنايا خبط عشواء من تصب تمته ومنتخطئ يعمر فيهرم

*واكبر ما يتميز به العرب الذكاء وحضورالبديهة وفصاحة القول لذلك كان أكبر مظاهر حياتهم الفكرية: لغتهم وشعرهم وخطبهمووصاياهم و أمثالهم.

المؤلفات التيتناولت الحياة العقلية في العصر الجاهلي هي:

كتاب للشيخ مصطفىالغلاييني::::::::::::::::::::رجال المعلقاتالعشر.
كتاب لجورجيزيدان:::::::::::::::::: تاريخ الآداب العربية.
لعبد الرحمانشيبان::::::::::::::::::::::::::الادب الجاهلي.
كتاب لطه حسن:::::::::::::::::::العصر الجاهلي كتاب

لكل أمة عقلية خاصة بها، تظهر في تعامل أفرادها بعضهم مع بعض وفي تعامل الأمة مع الأمم الأخري، كما أن لكل أمة نفسية تميزها عن نفسيات الأمم الأخري، وشخصية تمثل تلك الأمة، وملامح تكون غالبة علي أكثر أفرادها، تجعلها سمة لتلك الأمة تميزها عن سمات الأمم الأخري (1).
والعرب مثل غيرهم من الناس لهم ملامح امتازوا بها عن غيرهم، وعقلية خاصة بهم. ولهم شمائل عرفوا واشتهروا بها بين أمم العالم، ونحن هنا نحاول التعرف علي عقلية العربي وعلي ملامحه قبل الإسلام، أي قبل اندماجه واختلاطه اختلاطاً شديداً بالأمم الأخري، وهو ما وقع وحدث في الإسلام.
وقد بحث بعض العلماء والكتاب المحدثين في العقلية العربية، فتكلموا عليها بصورة عامة، بدوية وحضرية، جاهلية وإسلامية. فجاء تعميمهم هذا مغلوطاً وجاءت أحكامهم في الغالب خاطئة. وقد كان عليهم التمييز بين العرب الجاهلين والعرب الاسلاميين، وبين الأعراب والعرب، والتفريق بين سكان البواطن أي بواطن البوادي وسكان الأرياف وسكان أسياف بلاد الحضارة. ثم كان عليهم البحث عن العوامل والأسباب التي جبلت العرب من النوعين: أهل الوبر وأهل الحضر، تلك الجبلة، من عوامل اقليمية وعوامل طبيعية أثرت فيهم، فطبعتهم بطابع خاص، ميزهم عن غيرهم من الناس.

العرب بعيون اليونان و الرومان والكتاب المقدس

بل ان الحديث عن العقلية العربية، حديث قديم، ففي التوارة شيء عن صفاتهم وأوصافهم، كوّن من علاقات الاسرائيليين بهم، ومن تعاملهم واختلاطهم بالعرب النازلين في فلسطين وطور سيناء أو في البوادي المتصلة بفلسطين. ومن أوصافهم فيها: أنهم متنابذون يغزون بعضهم بعضاً، مقاتلون يقاتلون غيرهم كما يقاتلون بعضهم بعضاً (يده علي الكل، ويد الكل عليه) (2). يغيرون علي القوافل فيسلبونها ويأخذون أصحابها أسري، يبيعونهم في أسواق النخاسة، أو يسترقونهم فيتخذونهم خدماً ورقيقاً يقومون بما يؤمرون به من أعمال، الي غير ذلك من نعوت وصفات.
والعرب في التوارة، هم الأعراب، أي سكان البوادي، لذلك فإن النعوت الواردة فيها عنهم، هي نعوت لعرب البادية، أي للأعراب، ولم تكن صلاتهم حسنة بالعبرانيين.
وفي كتب اليونان والرومان والأناجيل، نعوت أيضاً نعت بها العرب وأوصاف وصفوا بها، ولكننا اذا درسناها وقرأنا المواضع التي وردت فيها، نري أنها مثل التوراة، قصدت بها الأعراب، وقد كانوا يغيرون علي حدود امبراطوريتي الرومان واليونان، ويسلبون القوافل، ويأخذون الإتاوات من التجار والمسافرين وأصحاب القوافل للسماح لهم بالمرور.
وقد وصف (ديودورس الصقلي) العرب بأنهم يعشقون الحرية، فيلتحفون السماء. وقد اختاروا الإقامة في أرضين لا أنهار فيها ولا عيون ماء، فلا يستطيع العدو المغامر الذي يريد الايقاع بهم أن يجد له فيها مأوي. انهم لا يزرعون حباً، ولا يغرسون شجراً، ولا يشربون خمراً، ولا يبنون بيوتاً. ومن يخالف العرف يقتل. وهم يعتقدون بالارادة الحرة، وبالحرية (3). وهو يشارك في ذلك رأي (هيرودوتس) الذي أشاد بحب العرب للحرية، وحفاظهم عليها ومقاومتهم لأية قوة تحاول استرقاقهم واستذلالهم.(4) فالحرية عند العرب هي من أهم الصفات التي يتصف بها العرب في نظر الكتبة اليونان واللاتين.

مآخذ كسري

وفي كتب الأدب وصف مناظرة، قيل انها وقعت بين (النعمان بن المنذر) ملك الحيرة وبين (كسري) ملك الفرس في شأن العرب: صفاتهم وأخلاقهم وعقولهم، ثم وصف مناظرة أخري جرت بين (كسري) هذا وبين وفد أرسله (النعمان) لمناظرته ومحاجته فيما الحديث عليه سابقاً بين الملكين (5). وفي هذه الكتب أيضاً رأي (الشعوبيين) في العرب، وحججهم في تصغير شأن العرب وازدرائهم لهم، ورد الكتاب عليهم (6). وهي حجج لا تزال تقرن بالعرب في بعض الكتب.
ومجمل ما نسب الي (كسري) من مآخذ زُعم انه أخذها علي العرب، هو أنه نظر فوجد أن لكل أمة من الأمم ميزة وصفة، فوجد للروم حظاً في اجتماع الألفة وعظم السلطان وكثرة المدائن ووثيق البنيان، وأن لهم ديناً يبين حلالهم وحرامهم ويرد سفيههم ويقيم جاهلهم، ورأي للهند، نحواً من ذلك في حكمتها وطبّها مع كثرة أنهار بلادها وثمارها، وعجيب صناعاتها ودقيق حسابها وكثرة عددها. ووجد للصين كثرة صناعات أيديها وفروسيتها وهمتها في آلة الحرب وصناعة الحديد، وأن لها ملكاً يجمعها، وأن للترك والخزر، علي ما بهم من سوء الحال في المعاش وقلة الريف والثمار والحصون ملوكاً تضم قواصيهم وتدبر أمرهم. ولم يرَ للعرب ديناً ولا حزماً ولا قوة. همتهم ضعيفة بدليل سكنهم في بوادي قفراء، ورضائهم بالعيش البسيط، والقوت الشحيح، يقتلون أولادهم من الفاقة ويأكل بعضهم بعضاً من الحاجة. أفضل طعامهم لحوم الإبل التي يعافها كثير من السباع لثقلها وسوء طعمها وخوف دائها. وإن قرَي أحدهم ضيفاً عدّها مكرمة. وإن أطعم أكلة عدها غنيمة تنطق بذلك أشعارهم، وتفتخر بذلك رجالهم . (7) ثم إنهم مع قلتهم وفاقتهم وبؤس حالهم، يفتخرون بأنفسهم، ويتطاولون علي غيرهم وينزلون أنفسهم فوق مراتب الناس. (8) حتي لقد حاولوا أن يكونوا ملوكاً أجمعين ، وأبوا الانقياد لرجل واحد منهم يسوسهم ويجمعهم.
اذا عاهدوا فغير وافين (9). سلاحهم كلامهم، به يتفننون، وبكلامهم يتلاعبون. ليس لهم ميل الي صنعة أو عمل ولا فن، لا صبر لهم، اذا حاربوا ووجدوا قوة أمامهم، حاولوا جهدهم التغلب عليها، أما اذا وجدوها قوة منظمة هربوا مشتتين متبعثرين شراذم، يخضعون لحكم الغريب ويهابونه ويأخذون برأيه فيهم، ما دام قوياً، ويقبلون بمن ينصبه عليهم، ولا يقبلون بحكم واحد منهم، اذا أراد أن يفرض سلطانه عليهم. (10)
وقد ذُكر أن أحد ملوك الهند كتب كتاباً الي عمر بن عبد العزيز ، جاء فيه لم تزل الأمم كلها من الأعاجم في كلّ شق من الارض لها ملوك تجمعها ومدائن تضمّها وأحكام تدين بها وفلسفة تنتجها وبدائع تفتقها في الأدوات والصناعات، مثل صنعة الديباج وهي أبدع صنعة، ولعب الشطرنج وهي أشرف لعبة، ورمّانة القبّان التي يوزن بها رطل واحد ومئة رطل، ومثل فلسفة الروم في ذات الخلق والقانون والاصطرلاب الذي يعدل به النجوم ويدرك به الأبعاد ودوران الأفلاك وعلم الكسوف وغير ذلك من الآثار المتقنة، ولم يكن للعرب ملك يجمع سوادها ويضم قواصيها، ويقمع ظلمها وينهي سفيهها، ولا كان لها قط نتيجة في صناعة ولا أثر في فلسفة إلا ما كان من الشعر. وقد شاركتها فيه العجم، وذلك أن للروم أشعاراً عجيبة قائمة الوزن والعروض فما الذي تفتخر به العرب علي العجم فإنما هي كالذئاب العادية، والوحوش النافرة، يأكل بعضها بعضاً ويغير بعضها علي بعض. فرجالها موثقون في حلق الأسر، ونساؤها سبايا مردفات علي حقائب الإبل، فإذا أدركهن الصريخ استنقذن بالعشي، وقد وطئن كما توطأ الطريق المهيع . (11) الي آخر ذلك من كلام.
وقد تعرض السيد محمود شكري الألوسي في كتابه بلوغ الأرب ، لهذا الموضوع، فجاء بما اقتبسته منه، ثم جاء برأي ابن قتيبة علي الشعوبية، في كتابه: كتاب تفضيل العرب ، ثم أنهاه ببيان رأيه في هذه الآراء وفي رد ابن قتيبة عليها. (12)
ولابن خلدون رأي معروف في العرب، خلاصته أن العربي متوحش نهّاب سلاّب اذا أخضع مملكة أسرع اليها الخراب، يصعب انقياده لرئيس، لا يجيد صناعة ولا يحسن علماً ولا عنده استعداد للاجادة فيهما، سليم الطباع، مستعد للخير شجاع . (13) وتجد آراءه هذه مدوّنة في مقدمته الشهيرة لكتابه العام في التاريخ.

المستشرقون

وقد رمي بعض المستشرقين العرب بالمادية وبصفات أخري، فقال أوليري : إن العربي الذي يعد مثلاً أو نموذجاً، ماديّ ينظر الي الأشياء نظرة مادية وضيعة، ولا يقوّمها الا بحسب ما تنتج من نفع، يتملك الطمع مشاعره، وليس لديه مجال للخيال ولا للعواطف، لا يميل كثيراً الي دين، ولا يكترث بشيء الا بقدر ما ينتجه من فائدة عملية، يملؤه الشعور بكرامته الشخصية حتي ليثور علي كل شكل من أشكال السلطة، وحتي ليتوقع منه سيد قبيلته وقائده في الحروب الحسد والبغض والخيانة من أول يوم اختير للسيادة عليه ولو كان صديقاً حميماً له من قبل، من أحسن اليه كان موضع نقمته، لأن الاحسان يثير فيه شعوراً بالخضوع وضعف المنزلة وأن عليه واجباً لمن أحسن. يقول لامانس إن العربي نموذج الديمقراطية ، ولكنها ديمقراطية مبالغ فيها الي حد بعيد، وان ثورته علي كل سلطة تحاول أن تحدد من حريته ولو كانت في مصلحته هي السر الذي يفسر لنا سلسلة الجرائم والخيانات التي شغلت أكبر جزء في تاريخ العرب، وجهل هذا السر هو الذي قاد الأوروبيين في أيامنا هذه الي كثير من الأخطاء، وحملهم كثيراً من الضحايا كان يمكنهم الاستغناء عنها، وصعوبة قيادة العرب وعدم خضوعهم للسلطة هي التي تحول بينهم وبين سيرهم في سبيل الحضارة الغربية، ويبلغ حب العربي لحريته مبلغاً كبيراً، حتي إذا حاولت أن تحدها أو تنقص من أطرافها هاج كأنه وحش في قفص، وثار ثورة جنونية لتحطيم أغلاله والعودة الي حريته. ولكن العربي من ناحية أخري مخلص، مطيع لتقاليد قبيلته، كريم يؤدي واجبات الضيافة والمحالفة في الحروب كما يؤدي واجبات الصداقة مخلصاً في أدائها بحسب ما رسمه العرف… وعلي العموم، فالذي يظهر لي أن هذه الصفات والخصائص أقرب أن تعد صفات وخصائص الطور من النشوء الاجتماعي عامة من أن تعد صفات خاصة لشعب معين، حتي اذا قر العرب وعاشوا عيشة زراعية مثلاً، تعدلت هذه العقلية (14). ويوافق المستشرق (براون أوليري) في رمي العرب بالمادية المفرطة (15). ورماهم (أوليري) أيضاً بضعف الخيال وجمود العواطف (16).
أما (دوزي) فقد رأي أن بين العرب اختلافاً في العقلية وفي النفسية، وأن القحطانيين يختلفون في النفسية عن نفسية العدنانيين (17).
وقد تعرض (أحمد أمين) في الجزء الأول من (فجر الاسلام) للعقلية العربية، وأورد رأي الشعوبيين في العرب، ثم رأي (ابن خلدون) فيهم، وتكلم علي وصف المستشرق (أوليري) لتلك العقلية، ثم ناقش تلك الآراء، وأبان رأيه فيها وذلك في الفصل الثالث من هذا الجزء، وتحدث في الفصل الرابع عن (الحياة العقلية للعرب في الجاهلية). وخصص الفصل الخامس بـ (مظاهر الحياة العقلية)، وتتجلي عنده في: اللغة والشعر والمثل والقصص. أوجز (أحمد أمين) في بداية الفصل الثالث آراء المذكورين في العرب، وبعد أن انتهي من عرضها وتلخيصها ناقشها بقوله: لسنا نعتقد تقديس العرب، ولا نعبأ بمثل هذا النوع من القول الذي يمجدهم ويصفهم بكل كمال، وينزههم عن كل نقص، لأن هذا النمط من القوط ليس نمط البحث العلمي، انما نعتقد ان العرب شعب ككل الشعوب، له ميزاته وفيه عيوبه، وهو خاضع لكل نقد علمي في عقليته ونفسيته وآدابه وتاريخه ككل أمة أخري، فالقول الذي يمثله الرأي الخاص لا يستحق مناقشة ولا جدلاً، كذلك يخطيء الشعوبية أصحاب القول الأول الذين كانوا يتطلبون من العرب فلسفة كفلسفة اليونان، وقانوناً كقانون الرومان، أو ان يمهروا في الصناعات كصناعة الديباج، أو في المخترعات كالاصطرلاب، فإنه ان كان يقارن هذه الأمم بالعرب في جاهليتها كانت مقارنة خطأ، لأن المقارنة انما تصح بين أمم في طور واحد من الحضارة، لا بين أمة متبدية وأخري متحضرة، ومثل هذه المقارنة كمقارنة بين عقل في طفولته وعقل في كهولته، وكل أمة من هذه الأمم كالفرس والروم مرت بدور بداوة لم يكن لها فيه فلسفة ولا مخترعات. أما إن كان يقارن العرب بعد حضارتها، فقد كان لها قانون وكان لها علم وان كان قليلاً.. (18) ثم استمر يناقش تلك الآراء الي أن قال: فلنقتصر الآن علي وصف العربي الجاهلي (19)، فوصفه بهذا الوصف:

العربي الجاهلي

العربي عصبي المزاج، سريع الغضب، يهيج للشيء التافه، ثم لا يقف في هياجه عند حد، وهو أشد هياجاً اذا جرحت كرامته، أو انتهكت حرمة قبيلته. واذا اهتاج، أسرع الي السيف، واحتكم اليه، حتي أفنتهم الحروب، وحتي صارت الحرب نظامهم المألوف وحياتهم اليومية المعتادة.
والمزاج العصبي يستتبع عادة ذكاء، وفي الحق أن العربي ذكي، يظهر ذكاؤه في لغته، فكثيراً ما يعتمد علي اللمحة الدالة والاشارة البعيدة، كما يظهر في حضور بديهته، فما هو الا أن يُفجأ بالأمر فيفجؤك بحسن الجواب، ولكن ليس ذكاؤه من النوع الخالق المبتكر، فهو يقلب المعني الواحد علي أشكال متعددة، فيبهرك تفننه في القول أكثر مما يبهرك ابتكاره للمعني، وان شئت فقل ان لسانه أمهر من عقله.
خياله محدود وغير متنوع، فقلما يرسم له خياله عيشة خيراً من عيشته، وحياة خيراً من حياته يسعي وراءها، لذلك لم يعرف (المثل الأعلي)، لأنه وليد الخيال، ولم يضع له في لغته لفظة واحدة دالة عليه، ولم يشر اليه فيما نعرف من قوله، وقلما يسبح خياله الشعري في عالم جديد يستقي منه معني جديداً، ولكنه في دائرته الضيقة استطاع أن يذهب كل مذهب.
أما ناحيتهم الخلقية، فميل الي حرية قلّ أن يحدّها حدّ، ولكن الذي فهموه من الحرية هي الحرية الشخصية لا الاجتماعية، فهم لا يدينون بالطاعة لرئيس ولا حاكم، تاريخهم في الجاهلية ـ حتي وفي الإسلام ـ سلسلة حروب داخلية، وعهد عمر بن الخطاب كان عصرهم الذهبي، لأنه شغلهم عن حروبهم الداخلية بحروب خارجية، ولأنه، رضي الله عنه، منح فهماً عميقاً ممتازاً لنفسية العرب.
والعربي يحب المساواة، ولكنها مساواة في حدود القبيلة، وهو مع حبه للمساواة كبير الاعتداد بقبيلته ثم بجنسه، يشعر في أعماق نفسه بأنه من دم ممتاز، لم يؤمن بعظمة الفرس والروم مع ما له ولهم من جدب وخصب وفقر وغني وبداوة وحضارة، حتي اذا فتح بلادهم نظر اليهم نظرة السيد الي المسود (20).
ثم خلص الي أن العرب في جاهليتهم كان أكثرهم بدواً، وان طور البداوة طور اجتماعي طبيعي تمر به الامم في اثناء سيرها الي الحضارة، وان لهذا الطور مظاهر عقلية طبيعية، تتجلي في ضعف التعليل، وعني بذلك عدم القدرة علي فهم الارتباط بين العلة والمعلول والسبب والمسبب فهماً تاماً، يمرض أحدهم ويتألم من مرضه، فيصفون له علاجاً، فيفهم نوعاً ما من الارتباط بين الدواء والداء، ولكن لا يفهمه فهم العقل الدقيق الذي يتفلسف، يفهم ان عادة القبيلة أن تتناول هذا الدواء عند هذا الداء، وهذا كل شيء في نظره، لهذا لا يري عقله بأساً في أن يعتقد ان دم الرئيس يشفي من الكَلَب، أو ان سبب المرض روح شرير حل فيه فيداويه بما يطرد هذه الأرواح، أو انه اذا خيف علي الرجل الجنون نجسوه بتعليق الأقذار وعظام الموتي الي كثير من أمثال ذلك، ولا يستنكر شيئاً من ذلك ما دامت القبيلة تفعله، لأن منشأ الاستنكار دقة النظر والقدرة علي بحث المرض وأسبابه وعوارضه، وما يزيل هذه العوارض، وهذه درجة لا يصل اليها العقل في طوره الأول (21).
ثم أورد أمثلة للاستدلال بها علي ضعف التعليل، مثل قولهم بخراب سدّ مأرب بسبب جرذان حُمر، ومثل قصة قتل النعمان لسنمار بسبب آجرة وضعها سنمار في أساس قصر الخورنق، لو زالت سقط القصر. ثم تحدث عن مظهر آخر من مظاهر العقلية العربية، لاحظه بعض المستشرقين ووافقهم هو عليه، هو: ان طبيعة العقل العربي لا تنظر الي الأشياء نظرة عامة شاملة، وليس في استطاعتها ذلك. فالعربي لم ينظر الي العالم نظرة عامة شاملة كما فعل اليوناني، بل كان يطوف فيما حوله، فإذا رأي منظراً خاصاً أعجبه تحرك له، وجاس صدره بالبيت أو الأبيات من الشعر أو الحكمة أو المثل. فأما نظرة شاملة وتحليل دقيق لأسسه وعوارضه فذلك ما لا يتفق والعقل العربي. وفوق هذا هو اذا نظر الي الشيء الواحد لا يستغرقه بفكره، بل يقف فيه علي مواطن خاصة تستثير عجبه، فهو اذا وقف أمام شجرة، لا ينظر اليها ككل، انما يستوقف نظره شيء خاص فيها، كاستواء ساقها أو جمال أغصانها، واذا كان أمام بستان، لا يحيطه بنظره، ولا يلتقطه ذهنه كما تلتقطه (الفوتوغرافيا)، انما يكون كالنحلة، يطير من زهرة الي زهرة، فيرتشف من كل رشفة . الي ان قال: هذه الخاصة في العقل العربي هي السر الذي يكشف ما نري في أدب العرب ـ حتي في العصور الإسلامية ـ من نقص وما تري فيه من جمال .
وقد خلص من بحثه، الي ان هذا النوع من النظر الذي نجده عند العربي، هو طور طبيعي تمر به الأمم جميعاً في أثناء سيرها الي الكمال، نشأ من البيئات الطبيعية والاجتماعية التي عاش فيها العرب، وهو ليس الا وراثة لنتائج هذه البيئات، ولو كانت هنالك أية أمة أخري في مثل بياتهم، لكان لها مثل عقليتهم، وأكبر دليل علي ذلك ما يقرره الباحثون من الشبه القوي في الأخلاق والعقليات بين الأمم التي تعيش في بيئات متشابهة أو متقاربة، واذا كان العرب سكان صحاري، كان لهم شبه كبير بسكان الصحاري في البقاع الأخري من حيث العقل والخلق (22).

الطبيعة

أما العوامل التي عملت في تكوين العقلية العربية وفي تكييفها بالشكل الذي ذكره، فهي عاملان قويان هما: البيئة الطبيعية، وعني بها ما يحيط بالشعب طبيعياً من جبال وأنهار وصحراء وغير ذلك، والبيئة الاجتماعية، وأراد بها ما يحيط بالأمة من نظم اجتماعية كنظام حكومة ودين وأسرة ونحو ذلك. وليس أحد العاملين وحده هو المؤثر في العقلية.
وحصر أحمد أمين مظاهر الحياة العقلية في الجاهلية في الأمور التالية: اللغة والشعر والأمثال والقصص. وتكلم علي كل مظهر من هذه المظاهر وجاء بأمثلة استدل بها ما ذهب اليه.
والحدود التي وضعها أحمد أمين للعقلية العربية الجاهلية، هي حدود عامة، جعلها تنطبق علي عقلية أهل الوبر وعقلية أهل المدر، لم يفرق فيها بين عقلية من عقلية الجماعتين. وقد كونها ورسمها من دراساته لما ورد في المؤلفات الإسلامية من أمور لها صلة بالحياة العقلية ومن مطالعاته لما أورده (أوليري) (وبراون) وأمثالهما عن العقلية العربية، ومن آرائه وملاحظاته لمشكلات العالم العربي ولوضع العرب في الزمن الحاضر. والحدود المذكورة هي صورة متقاربة مع الصورة التي يرسمها العلماء المشتغلون بالسامية عادة عن العقلية السامية، وهي مثلها أيضاً مستمدة من آراء وملاحظات وأوصاف عامة شاملة، ولم تستند الي بحوث علمية ودراسات مختبرية، لذا فانني لا أستطيع أن أقول أكثر مما قلته بالنسبة الي تحديد العقلية السامية، من وجوب التريث والاستمرار في البحث ومن ضرورة تجنب التعميم والاستعجال في اعطاء الأحكام.
وتقوم نظرية أحمد أمين في العقلية العربية علي أساس أنها حاصل شيئين وخلاصة عاملين، أثرا مجتمعين في العرب وكوّنا فيهما هذه العقلية التي حددها ورسم معالمها في النعوت المذكورة. والعاملان في رأيه هما: البيئة الطبيعية والبيئة الاجتماعية. وعني بالبيئة الطبيعية ما يحيط بالشعب طبيعياً من جبال وأنهار وصحراء ونحو ذلك، وبالبيئة الاجتماعية ما يحيط بالأمة من نظم اجتماعية كنظام حكومة ودين وأسرة ونحو ذلك. وهما معاً مجتمعين غير منفصلين، أثّرا في تلك العقلية. ولهذا رفض أن تكون تلك العقلية حاصل البيئة الطبيعية وحدها، أو حاصل البيئة الاجتماعية وحدها. وأخطأ من أنكر أثر البيئة الطبيعية في تكوين العقلية ومن هنا انتقد (هيغل) (
Hegel)، لأنه أنكر ما للبيئة الطبيعية من أثر في تكوين العقلي اليوناني، وحجة (هيغل) انه لو كان للبيئة الطبيعية أثر في تكوين العقليات، لبان ذلك في عقلية الأتراك الذين احتلوا أرض اليونان وعاشوا في بلادهم، ولكنهم لم يكتسبوا مع ذلك عقلهم ولم تكن لهم قابلياتهم ولا ثقافتهم. ورد (أحمد أمين) عليه هو أن ذلك يكون صحيحاً لو كانت البيئة الطبيعية هي المؤثر الوحيد، اذن لكان مثل العقل اليوناني يوجد حيث يوجد اقليمه، وينعدم حيث ينعدم، أما والعقل اليوناني نتيجة عاملين، فوجود جزء العلة لا يستلزم وجود المعلول (23).
وأثر البيئة الطبيعية في العرب، أنها جعلت بلادهم بقعة صحراوية تصهرها الشمس، ويقل فيها الماء، ويجف الهواء، وهي أمور لم تسمح للنبات أن يكثر، ولا للمزروعات أن تنمو، الا كلأ مبعثرا هنا وهناك، وأنواعاً من الأشجار والنبات مفرقة استطاعت أن تتحمل الصيف القائظ، والجو الجاف، فهزلت حيواناتهم، ونحلت أجسامهم، وهي كذلك أضعفت فيها حركة المرور، فلم يستطع السير فيها الا الجمل، فصعب علي المدنيات المجاورة من فرس وروم أن تستعمر الجزيرة، وتفيض عليها من ثقافتها، اللهم الا ما تسرب منها في مجار ضيقة معوجة عن طرق مختلفة .
وأثر آخر كان لهذه البيئة الطبيعية في العرب، هو انها أثرت في النفوس فجعلتها تشعر انها وحدها تجاه طبيعة قاسية، تقابلها وجهاً لوجه، لا حول لها ولا قوة، لا مزروعات واسعة، ولا أشجار باسقة، تطلع الشمس فلا ظل، ويطلع القمر والنجوم فلا حائل، تبعث الشمس أشعتها المحرقة القاسية فتصيب أعماق نخاعه، ويسطع القمر فيرسل أشعته الفضية الوادعة فتبهر لبّه، وتتألق النجوم في السماء فتملك عليه نفسه، وتعصف الرياح العاتية فتدمر كل ما أتت عليه. أمام هذه الطبيعة القوية، والطبيعة الجميلة، والطبيعة القاسية، تهرع النفوس الحساسة الي رحمن رحيم، والي بارئ مصور والي حفيظ مغيث ـ الي الله ـ. ولعل هذا هو السر في أن الديانات الثلاث التي يدين بها أكثر العالم، وهي اليهودية والنصرانية والإسلام نبعت من صحراء سيناء وفلسطين وصحراء العرب (24). والبيئة الطبيعية أيضاً، هي التي أثرت ـ علي رأيه ـ في طبع العربي، فجعلته كئيباً صارماً يغلب عليه الوجد، موسيقاه ذات نغمة واحدة متكررة عابسة حزينة، ولغته غنية بالالفاظ، اذ كانت تلك الألفاظ من ضروريات الحياة في المعيشة البدوية، وشعره ذا حدود معينة مرسومة، وقوانينه تقاليد القبيلة وعرف الناس، وهي التي جعلته كريماً علي فقره، يبذل نفسه في سبيل الدفاع عن حمي قبيلته. كل هذه وأمثالها من صفات ذكرها وشرحها هي في رأيه من خلق هذه البيئة الطبيعية التي جعلت لجزيرة العرب وضعاً خاصاً ومن أهلها جماعة امتازت عن بقية الناس بالمميزات المذكورة.
وقد استمر (أحمد أمين)، في شرح أثر البيئة الطبيعية في عقلية العرب وفي مظاهر تلك العقلية التي حصرها كما ذكرت في اللغة والشعر والأمثال والقصص، حتي انتهي من الفصول التي خصصها في تلك العقلية، أما أثر البيئة الاجتماعية التي هي في نظره شريكة للبيئة الطبيعية في عملها وفعلها في العقلية الجاهلية وفي كل عقلية من العقليات، فلم يتحدث عنه ولم يشر الي فعله، ولم يتكلم علي أنواع تلك البيئة ومقوماتها التي ذكرها في أثناء تعريفه لها، وهي: ما يحيط بالأمة من نظم اجتماعية كنظام حكومة ودين وأسرة ونحو ذلك ، ثم خلص من بحثه عن العقلية العربية وعن مظاهرها وكأنه نسي ما نسبه الي العامل الثاني من فعل، بل الذي رأيته وفهمته من خلال ما كتبه انه أرجع ما يجب ارجاعه الي عامل البيئة الاجتماعية ـ علي حد قوله ـ الي فعل عامل البيئة الطبيعية وأثرها في عقلية العرب الجاهليين. وهكذا صارت البيئة الطبيعية هي العامل الأول الفعال في تكوين تلك العقلية، وحرمنا بذلك من الوقوف علي أمثلته لتأثير عامل البيئة الاجتماعية في تكوين عقلية الجاهليين.
وأعتقد ان (أحمد أمين) لو كان قد وقف علي ما كتب في الألمانية أو الفرنسية أو الانكليزية عن تاريخ اليمن القديم المستمد من المسند، ولو كان قد وقف علي ترجمات كتابات المسند او الكتابات الثمودية، والصفوية، واللحيانية، لما كان قد أهمل الإشارة الي أصحاب تلك الكتابات، ولعدّل حتماً في حدود تعريفه للعقلية العربية، ولأفرز صفحة أو أكثر الي أثر طبيعة أرض اليمن وحضرموت في عقلية أهل اليمن وفي تكوين حضارتهم وثقافتهم، فإن فيما ذكره في فصوله عن العقلية العربية الجاهلية ما يجب رفعه وحذفه بالنسبة الي أهل اليمن وأعالي الحجاز.




رد: طبيعة العقلية العربية

الونشريس اقتباس الونشريس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة yasser83
*تمهيد:
*يجدر بنا قبل دراسة بعض نماذج الأدب الجاهلي من(الشعر والنثر)وإن كانالنثر قليلا جدا مقارنةبالشعر أن نقدم بهذهاللمحة عنبيئة الأدب،و مظاهر الحياةالعربية المختلفة من سياسية،واجتماعية،ودينية وعقلية فالأدب صورة للحياة وللنفس وللبيئة الطبيعية والاجتماعية.
*ويطلق الأدب الجاهلي على أدب تلك الفترةالتي سبقت الإسلام بنحومائة وثلاثين عامقبل الهجرة.وقدشب هذا الأدب وترعرع في بلادالعرب،يستمد موضوعاته ومعانيه،ويستلهم نظراته وعواطفه من بيئتهاالطبيعية والاجتماعية والفكرية،ويحدد لنابشعره ونثره فكرة صادقة عن تلك البيئة.ممايعين الدارس علىفهم أدب ذلك العصر،واستنتاجخصائصه التي تميزه عن سائر العصور الأدبية التي جاءت بعده مع أن الكثير منه مجهوللضياع أثاره ولا نعرف عنه إلا القليل .
*بلادالعرب:
يطلق على بلاد العرب جزيرة العرب أوالجزيرة العربيةوتقع في الجنوب الغربي منأسيا، وهي فيالواقعشبه جزيرة،لأن الماء لا يحيط بها منجهتها الشمالية،لكن القدماء سموها جزيرة تجوزا،وهي فيجملتها صحراء ،بها الكثير من الجبال الجرداء،ويتخللهاوديان تجري فيها السيول أحيان، وإلى جانبذلك: بعض العيون والواحات.
*وتحد جزيرة العرب بنهر الفراة وباديةالشام شمالا،وبالخليج العربي،وبحر عمان شرقا،وبالبحر العربيوالمحيط الهندي جنوبا وببحرالأحمر (بحر القلزم)غربا،وتبلغ مساحتها نحوربع أوروبا،وتتكون الجزيرةالعربية من جزأينكبيرين:
*(ا)أماالحجاز:فسمي بهذه التسمية لأنسلسلة جبال السراة التي يصل ارتفاعها أحيانا إلى 3150م،تمتدمن الشمال إلى بلاد اليمن جنوبا،فسمته العربحجازا،لأنه حجز بين تهامة ونجد.والحجاز أرضه قفر،قليلة المطر شديدة الحرارة،إالا في بعض المناطق كالطائف التي يعتدل جوها،وتجود أرضها وأشهر مدن الحجاز :مكة،وبها (الكعبة )البيت الحرام ،ويثرب (المدينةالمنورة)التي هاجر إليها النبي صلى الله عليهوسلم،وبها لحق بربه.وكان يسكن الحجاز من القبائل العربية (قريش)فيمكة،و(الأوس والخزرج)فيالمدينة ،و(ثقيف)فيالطائف.
*(ب)وأمااليمن:فيقع جنوبي الحجاز،وهو أرضمنخفضة على شاطئ البحر الأحمر،مرتفعة في الداخل،وقد إشتهر بالثروة والغنى والحضارة،جوهمعتدل بسبب إشرافه على المحيط الهندي(البحر العربي)و البحرالأحمر،وأمطارهغزيرة وأرضه خصبة.وأشهر مدن اليمن: نجران التي اشتهرت في الجاهليةبإعتناق أهلهاالنصرانية،وصنعاء في الوسط وهيعاصمة اليمن الحديثة،وفي الشمال الشرقي منها مأرب المعروفةبسدها الذي ورد في القران في قصةسبأ.ومنأكبر القبائل التي كانت تسكن اليمنقبيلة همدان،وقبيلتامذحج ومراد.ومناخ شبهالجزيرة قاري،حار صيفا،بارد شتاء،وليس بهاأنهار ولذا يعتمد أهلها علىالأمطار.
أصلالعرب:
يرجع أصل العرب لإلى شعبين عضيمينكبيرين،تفرعت منهما القباائل العربية،وهما:
*(أ)عرب الشمال أوالحجازيون: وهم من نسل عدنان من ولد إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام ويسمون: بالعرب المستعربة،لأن إسماعيل عليه السلاملم تكن لغته الأصلية اللغة العربية،وإنما نطق بها لما رحل مع أبيه إبراهيم إلىالحجاز وأصهلر إلى قبيلة جرهم،وتكلم بلسانهم.
*(ب)عربالجنوب:وهم من نسل قحطان،ويسمونبالعرب العاربة،لأن العربية في الأصل لغتهم ولسانهم.وكلالعدنانيين و القحطانيينينقسمون إلى فرعين أساسيين،وكل فرع ينقسم إلى قبائل متعددة،والقبيلة هي الوحدةالتي أقاموا عليها نظامهم الاجتماعي،ومنأشهر القبائل العدنانية:بكر،وتغلب وهما من فرع ربيعة،قريشوكنانة وأسد وقيس وتميم وهم من فرع مضرومنأشهر قبائل القحطانيين:طيئ وكندة ولخم والأزدوغسان، وهم من فرع كهلان،وقضاعة وجهينة وعذرة وكلب وهم من فرع حمير.
و القبيلة:
أسرة واحدة كبيرة تنتمي إلى أب وأمواحدة،ولها شيخ هو سيد القبيلة،ومن وظائفه الفصل بين المتخاصمينوسيادته مستمدة من احترام وإجلال القبيلة لهو علاقة القبائل تقوم غالبا على العداء،فالقبيلة إما مغيرة أو مغار عليها،إلا أنيكون بين بعض القبائل حلف أو مهادنة.ولكل قبيلة شاعر أو أكثر يرفع ذكرها،ويتغنىبمفاخرها،ويهجو أعداءها،وكل فرد في القبيلة متعصب لقبيلته، مادح لمحاسنها،وعلىالقبيلة أن تحميه، وتدافع عنه،وتطالب بدمه،فالفرد من القبيلة و إليها،حتى ليقولقائلهم:
وما أنا إلا من غزية إن غوت غويت وإن ترشدغزية أرشد.
لغةالعرب:
*اللغة العربية هي إحدى اللغات الساميةالتي نشأت عن أصل واحد،وهيالاشورية والعبرية والسريانيةوالحبشية)،وتقتصر اللغات العربية في كتابتهاعلى الحروف دون الحركات،ويزيد حروفهاعناللغات الآريةمع كثرة الاشتقاق في صيغهاوقد مرت اللغة العربية بأطوار غابت عنها مراحلها الأولى،ولكن مؤرخي العربيةاتفقوا على أن للعرب منذ القديم لغتين:جنوبية أو قحطانية،ولها حروف تخالف الحروف المعروفة،وشمالية أو عدنانية،وهي أحدث من لغة الجنوب،وكل ما وصلنا من شعرجاهلي فهو بلغة الشمال،لأن الشعراء الذين وصلتنا أشعارهم إما من قبيلة ربيعة أومضر،وهما منا القبائل العدنانية،أو من قبائليمنية رحلت إلىالشمال، كطيئ وكندةو تنوخ،وقد تقاربتاللغتانعلىمر الأيام بسبب الاتصال عن طريق الحروب والتجارةوالأسواقالأدبية كسوق عكاظ قربالطائف،وذي المجاز و مجنة قرب مكة. وبذلكتغلبت اللغة العدنانية علىالقحطانية،وحين نزل القرانالكريم بلغة قريش،تمت السيادة للغة العدنانية،وأصبحت معروفة باللغة الفصحى. وقد كان لنزول القران بها اثر في رقيهاوحفظها وإثرائها بكمية هائلة من الألفاظ و التعبيرات و المعاني مما أعان على بسطنفوذها،واستمرار الارتقاء بها في المجالات العلمية والأدبية إلى عصرناالحالي.
العرب الذين أخذتعنهم اللغة:
*قال (أبو نصر الفارابي) في أول كتابهالمسمى بالألفاظ والحروف: *كانت(قريش)أجود العرب انتقاء للأفصح من الألفاظ،وأسهلهاعلى اللسان عند النطق،وأحسنها مسموعا، وأبينها عما في النفس.والذين أخذت عنهم العربية هم (قيس)و(تميم)و(أسد) وعليهم إتكل في الغريبو الأعرابوالتصريف،ثم(هذيل)وبعض(كنانة)وبعض(الطائيين) ولم يؤخذ عن غيرهم من سائر القبائل. وبالجملة فإنه لم يؤخذ عن حضري قط،ولا عن سكان البراري ممن يسكن أطراف بلادهمالمجاورة لسائر الأمم الذين حولهم.
*و الذي نقل اللغة واللسان العربي عنهؤلاء وأثبتها في كتاب فصيرها علما و صناعة هم أهل(البصرة) و(الكوفة) فقط من بينأمصار العرب.
*حياة العربالسياسية:
تاريخ العرب في الجاهلية غامض،ولميدون،لتفشي الأميةبينهم،ومع ذلك فقد كانتهناك حياة سياسية، بعضهامتصل بنظام حياتهمالداخلية و بعضها الأخر متصل بعلاقتهم وإتصالهم بمنحولهم:
(أ)أما فيما يتصلبنظمهم الداخلية: فقد قامت في اليمن دولة سبأ،التي كانت عاصمتها (مأرب) ،كما قامت دولة حمير التي كانت عاصمتها (ظفار) وقد حاربت الفرس والأحباش،وفي الشمال نجد العدنانيين الذينتعددت قبائلهم وأكبر فروعهم :ربيعة و مضروكانت بينهما أحداث كثيرة وحروب طويلة،كحرب البسوس بين بكر وتغلب وحرب داحسوالغبراء يبن عبس وذبيان،وكانت مكة أعظم موطن العدنانيين و قد سكنتها كنانة وقريش،وانتهت إليهما ولاية البيت الحرام ثم انحصرت فيقريش.
*(ب)وأما فيمايتصل بعلاقة العرب بغيرهم:فقداتصلوا بمن حولهم عن طريق التجارة،وأشار القران الكريم إلى ذلك وكانت هذه التجارةوسيلة إلى معرفتهم ببعض شؤون الممالك وعمرانها،كما نقلوا عن طريق تلك الرحلات كثيرامن ألفاظ تلك الأمم كالفارسية والرومية و المصرية والحبشية و أدخلوها في لغتهم. *وبالإضافة إلى ذلك فقد أقامت الدولتانالكبيرتان (الفرس و الروم) إمارتين عربيتين على حدودها لدفعغزوات العرب،فكونت (فارس) من القبائلالمجاورة لحدودها إمارة الحيرة وكان أميرها يعينه ملك فارس ومن أشهرهم النعمان بنالمنذر الذي مدحه النابغة الذبياني و إعتذر إليه كذلك أقام الروم إمارة الغساسنة وكانوا يدينون بالنصرانية،واشتهروا بالكرم وقد مدح حسان بن ثابت وغيره بعضأمرائهم،ونتج عن هذا الاتصال بين العرب وجيرانهم تسرب أنواع من الثقافات إليهم،ظهرتفي الألفاظ و القصص والأخبار.
حياة العربالأجتماعية
ينقسم العرب إلى قسمين رئيسيين:
*(أ)سكانالبدو: وهم أغلب سكانالجزيرة،وعيشتهم قائمة على الإرتحال والتنقل وراء العشب والماءومن ثم سكنوا الخيام المصنوعة من الوبرو الشعر والصوف،وقد أكثر الشعراء في وصفها و الوقوفأمام أطلالها (ما بقي من أحجار بعد رحيل سكانها) ،وأكثر طعام أهلالبادية: الحليب و التمر،والإبل عماد حياتهم،يأكلون من لحومها،ويشربون منألبانها،ويكتسبونمن أوبارها،ويحملون عليهاأثقالهم،ولقد قوموابهاالأشياء،وافتدوا بها أسراهم في الحروب: وقالفيها شعراؤهم القصائد الطويلة،كما كانوا يعنون بالخيل،فاستخدموها في الصيد و السباق والحروب،وكانت متاع المترفين،لذلك وردفيها أقل مما ورد في الإبل.
*وكانت العلاقة بين القبائل العربية علاقةعداء،فسادت الحروب حياتهم وانبعثت من خلالها صيحاتالسلام،وظهرت عاطفة الإنتقام و الأخذبالثأر،وكثر في أشعارهم وصف الوقائع و الفخر بالإنتصار والحرص على الشرف،ومن أجلذلك سادت الأخلاق الحربية فيهم،وهي الشجاعة والكرم والوفاء،ومارس العرب من متعالحياة الصيد،وتفشت بينهم عادة شرب الخمر ولعب الميسر،وخاصة بين المترفين منهم،وقامت حياة العربيفي الصحراء على أساس الاعتماد على النفس،ومواجهة الحياة بخيرهاوشرها.وشاركت المرأة الرجل في كثير من شؤون الحياة ،وفي الحروب كن يخرجن لإثارةالحماسة،ومما يدل على مكانتها،أنه لا تكاد تخلو قصيدة من الافتتاح بذكرها والتغزلبها.
*(ب)أماسكانالحضر:فقد سكنوا المدن،وعاشوا في استقرار،واتخذوا الدور والقصور،وكانواأقل شجاعة وأشد حبا للمال،وكان أهل اليمن أرسخ قدما في الحضارة،وقد نقل المؤرخونكثيرا من أحوالهم،في ثيابهم الفاخرة،وأطباق الذهب والفضة التي يأكلون فيها،وتزيينقصور أغنيائهمبأنواع الزينة،وقد أمدهمبذلككثرة أموالهم عن طريق التجارة والزراعة،وكانت (قريش) في مكة أكثر أهل الحجاز تحضرا،فقد أغنتهم التجارة ومن يأويإليهم من الحجيج،فنعموا بما لم ينعم به غيرهم من سكانالحجاز.
حياة العربالدينية:
تعددت الأديان بين العرب،وكان أكثرهاانتشارا عبادة الأصنام و الأوثان،واتخذوا لها أسماء ورد ذكرها في القرانالكريم،مثل: (اللات،والعزى،ومناة) وقد عظمها العرب وقدموا لها الذبائح،وتأثرتحياتهم بها،حتىجاء الإسلام فأزالها وأنقذهممن شرها وكان من العرب من عبدوا الشمسكمافي بعض جهات اليمن ،ومن عبدوا القمر كما في كنانة،وقد انتشرت اليهودية في يثربواليمن وانتشرت النصرانية في ربيعة و غسان و الحيرة ونجران،وهناك طائفة قليلة منالعرب لم تؤمن بالأصنام ولا باليهودية ولا بالنصرانية و اتجهتإلى عبادة الله وحده وهؤلاء يسمون بالحنفاءوكان من بينهم زيد بن عمرو بن نفيل،وورقة بن نوفل وعثمانبن الحارث.وهكذا تعددت الأديان بين العرب،واختلفت المذاهب حتى أشرق نور الإسلام فجمع بينهم،وأقام عقيدة التوحيد على أساس منعبادة الخالق وحده لا شريك له.

*حياة العربالعقلية:
*العلم نتيجة الحضارة،وفي مثل الظروفالاجتماعية التي عاشها العرب،لا يكون علم منظم،ولا علماءيتوافرون على العلم،يدونون قواعده و يوضحونمناهجه إذ أن وسائل العيش لاتتوافر،ولذلكفإن كثيرامنهم لا يجدون من وقتهم ما يمكنهممن التفرع للعلم،والبحث في نظرياته وقضاياه.
*وإذا كانت حياة العرب لم تساعدهم على تحقيق تقدم في مجال الكتب والعملالمنظم،فهناك الطبيعة المفتوحةبين أيديهم،وتجارب الحياة العمليةوما يهديهم إليه العقلالفطري،وهذا ما كان في الجاهلية،فقد عرفواكثيرا من النجوم ومواقعها،والأنواء وأوقاتها،واهتدوا إلى نوع من الطبتوارثوه جيلا بعد جيل،وكان لهم سبق في علم الأنساب والفراسة،إلى جانب درايتهمالقيافة والكهانة،كما كانت لهم نظرات في الحياة. *أما الفلسفة بمفهومها العلميالمنظم،فلم يصل إليها العرب في جاهليتهم ،وإن كانت لهم خطرات فلسفية لا تتطلب إلاالتفات الذهن إلى معنى يتعلق بأصول الكون،من غير بحث منظم وتدليل وتفنيد،من مثل قولزهير:

رأيت المنايا خبط عشواء من تصب تمته ومنتخطئ يعمر فيهرم

*واكبر ما يتميز به العرب الذكاء وحضورالبديهة وفصاحة القول لذلك كان أكبر مظاهر حياتهم الفكرية: لغتهم وشعرهم وخطبهمووصاياهم و أمثالهم.

المؤلفات التيتناولت الحياة العقلية في العصر الجاهلي هي:

كتاب للشيخ مصطفىالغلاييني::::::::::::::::::::رجال المعلقاتالعشر.
كتاب لجورجيزيدان:::::::::::::::::: تاريخ الآداب العربية.
لعبد الرحمانشيبان::::::::::::::::::::::::::الادب الجاهلي.
كتاب لطه حسن:::::::::::::::::::العصر الجاهلي كتاب

لكل أمة عقلية خاصة بها، تظهر في تعامل أفرادها بعضهم مع بعض وفي تعامل الأمة مع الأمم الأخري، كما أن لكل أمة نفسية تميزها عن نفسيات الأمم الأخري، وشخصية تمثل تلك الأمة، وملامح تكون غالبة علي أكثر أفرادها، تجعلها سمة لتلك الأمة تميزها عن سمات الأمم الأخري (1).
والعرب مثل غيرهم من الناس لهم ملامح امتازوا بها عن غيرهم، وعقلية خاصة بهم. ولهم شمائل عرفوا واشتهروا بها بين أمم العالم، ونحن هنا نحاول التعرف علي عقلية العربي وعلي ملامحه قبل الإسلام، أي قبل اندماجه واختلاطه اختلاطاً شديداً بالأمم الأخري، وهو ما وقع وحدث في الإسلام.
وقد بحث بعض العلماء والكتاب المحدثين في العقلية العربية، فتكلموا عليها بصورة عامة، بدوية وحضرية، جاهلية وإسلامية. فجاء تعميمهم هذا مغلوطاً وجاءت أحكامهم في الغالب خاطئة. وقد كان عليهم التمييز بين العرب الجاهلين والعرب الاسلاميين، وبين الأعراب والعرب، والتفريق بين سكان البواطن أي بواطن البوادي وسكان الأرياف وسكان أسياف بلاد الحضارة. ثم كان عليهم البحث عن العوامل والأسباب التي جبلت العرب من النوعين: أهل الوبر وأهل الحضر، تلك الجبلة، من عوامل اقليمية وعوامل طبيعية أثرت فيهم، فطبعتهم بطابع خاص، ميزهم عن غيرهم من الناس.

العرب بعيون اليونان و الرومان والكتاب المقدس

بل ان الحديث عن العقلية العربية، حديث قديم، ففي التوارة شيء عن صفاتهم وأوصافهم، كوّن من علاقات الاسرائيليين بهم، ومن تعاملهم واختلاطهم بالعرب النازلين في فلسطين وطور سيناء أو في البوادي المتصلة بفلسطين. ومن أوصافهم فيها: أنهم متنابذون يغزون بعضهم بعضاً، مقاتلون يقاتلون غيرهم كما يقاتلون بعضهم بعضاً (يده علي الكل، ويد الكل عليه) (2). يغيرون علي القوافل فيسلبونها ويأخذون أصحابها أسري، يبيعونهم في أسواق النخاسة، أو يسترقونهم فيتخذونهم خدماً ورقيقاً يقومون بما يؤمرون به من أعمال، الي غير ذلك من نعوت وصفات.
والعرب في التوارة، هم الأعراب، أي سكان البوادي، لذلك فإن النعوت الواردة فيها عنهم، هي نعوت لعرب البادية، أي للأعراب، ولم تكن صلاتهم حسنة بالعبرانيين.
وفي كتب اليونان والرومان والأناجيل، نعوت أيضاً نعت بها العرب وأوصاف وصفوا بها، ولكننا اذا درسناها وقرأنا المواضع التي وردت فيها، نري أنها مثل التوراة، قصدت بها الأعراب، وقد كانوا يغيرون علي حدود امبراطوريتي الرومان واليونان، ويسلبون القوافل، ويأخذون الإتاوات من التجار والمسافرين وأصحاب القوافل للسماح لهم بالمرور.
وقد وصف (ديودورس الصقلي) العرب بأنهم يعشقون الحرية، فيلتحفون السماء. وقد اختاروا الإقامة في أرضين لا أنهار فيها ولا عيون ماء، فلا يستطيع العدو المغامر الذي يريد الايقاع بهم أن يجد له فيها مأوي. انهم لا يزرعون حباً، ولا يغرسون شجراً، ولا يشربون خمراً، ولا يبنون بيوتاً. ومن يخالف العرف يقتل. وهم يعتقدون بالارادة الحرة، وبالحرية (3). وهو يشارك في ذلك رأي (هيرودوتس) الذي أشاد بحب العرب للحرية، وحفاظهم عليها ومقاومتهم لأية قوة تحاول استرقاقهم واستذلالهم.(4) فالحرية عند العرب هي من أهم الصفات التي يتصف بها العرب في نظر الكتبة اليونان واللاتين.

مآخذ كسري

وفي كتب الأدب وصف مناظرة، قيل انها وقعت بين (النعمان بن المنذر) ملك الحيرة وبين (كسري) ملك الفرس في شأن العرب: صفاتهم وأخلاقهم وعقولهم، ثم وصف مناظرة أخري جرت بين (كسري) هذا وبين وفد أرسله (النعمان) لمناظرته ومحاجته فيما الحديث عليه سابقاً بين الملكين (5). وفي هذه الكتب أيضاً رأي (الشعوبيين) في العرب، وحججهم في تصغير شأن العرب وازدرائهم لهم، ورد الكتاب عليهم (6). وهي حجج لا تزال تقرن بالعرب في بعض الكتب.
ومجمل ما نسب الي (كسري) من مآخذ زُعم انه أخذها علي العرب، هو أنه نظر فوجد أن لكل أمة من الأمم ميزة وصفة، فوجد للروم حظاً في اجتماع الألفة وعظم السلطان وكثرة المدائن ووثيق البنيان، وأن لهم ديناً يبين حلالهم وحرامهم ويرد سفيههم ويقيم جاهلهم، ورأي للهند، نحواً من ذلك في حكمتها وطبّها مع كثرة أنهار بلادها وثمارها، وعجيب صناعاتها ودقيق حسابها وكثرة عددها. ووجد للصين كثرة صناعات أيديها وفروسيتها وهمتها في آلة الحرب وصناعة الحديد، وأن لها ملكاً يجمعها، وأن للترك والخزر، علي ما بهم من سوء الحال في المعاش وقلة الريف والثمار والحصون ملوكاً تضم قواصيهم وتدبر أمرهم. ولم يرَ للعرب ديناً ولا حزماً ولا قوة. همتهم ضعيفة بدليل سكنهم في بوادي قفراء، ورضائهم بالعيش البسيط، والقوت الشحيح، يقتلون أولادهم من الفاقة ويأكل بعضهم بعضاً من الحاجة. أفضل طعامهم لحوم الإبل التي يعافها كثير من السباع لثقلها وسوء طعمها وخوف دائها. وإن قرَي أحدهم ضيفاً عدّها مكرمة. وإن أطعم أكلة عدها غنيمة تنطق بذلك أشعارهم، وتفتخر بذلك رجالهم . (7) ثم إنهم مع قلتهم وفاقتهم وبؤس حالهم، يفتخرون بأنفسهم، ويتطاولون علي غيرهم وينزلون أنفسهم فوق مراتب الناس. (8) حتي لقد حاولوا أن يكونوا ملوكاً أجمعين ، وأبوا الانقياد لرجل واحد منهم يسوسهم ويجمعهم.
اذا عاهدوا فغير وافين (9). سلاحهم كلامهم، به يتفننون، وبكلامهم يتلاعبون. ليس لهم ميل الي صنعة أو عمل ولا فن، لا صبر لهم، اذا حاربوا ووجدوا قوة أمامهم، حاولوا جهدهم التغلب عليها، أما اذا وجدوها قوة منظمة هربوا مشتتين متبعثرين شراذم، يخضعون لحكم الغريب ويهابونه ويأخذون برأيه فيهم، ما دام قوياً، ويقبلون بمن ينصبه عليهم، ولا يقبلون بحكم واحد منهم، اذا أراد أن يفرض سلطانه عليهم. (10)
وقد ذُكر أن أحد ملوك الهند كتب كتاباً الي عمر بن عبد العزيز ، جاء فيه لم تزل الأمم كلها من الأعاجم في كلّ شق من الارض لها ملوك تجمعها ومدائن تضمّها وأحكام تدين بها وفلسفة تنتجها وبدائع تفتقها في الأدوات والصناعات، مثل صنعة الديباج وهي أبدع صنعة، ولعب الشطرنج وهي أشرف لعبة، ورمّانة القبّان التي يوزن بها رطل واحد ومئة رطل، ومثل فلسفة الروم في ذات الخلق والقانون والاصطرلاب الذي يعدل به النجوم ويدرك به الأبعاد ودوران الأفلاك وعلم الكسوف وغير ذلك من الآثار المتقنة، ولم يكن للعرب ملك يجمع سوادها ويضم قواصيها، ويقمع ظلمها وينهي سفيهها، ولا كان لها قط نتيجة في صناعة ولا أثر في فلسفة إلا ما كان من الشعر. وقد شاركتها فيه العجم، وذلك أن للروم أشعاراً عجيبة قائمة الوزن والعروض فما الذي تفتخر به العرب علي العجم فإنما هي كالذئاب العادية، والوحوش النافرة، يأكل بعضها بعضاً ويغير بعضها علي بعض. فرجالها موثقون في حلق الأسر، ونساؤها سبايا مردفات علي حقائب الإبل، فإذا أدركهن الصريخ استنقذن بالعشي، وقد وطئن كما توطأ الطريق المهيع . (11) الي آخر ذلك من كلام.
وقد تعرض السيد محمود شكري الألوسي في كتابه بلوغ الأرب ، لهذا الموضوع، فجاء بما اقتبسته منه، ثم جاء برأي ابن قتيبة علي الشعوبية، في كتابه: كتاب تفضيل العرب ، ثم أنهاه ببيان رأيه في هذه الآراء وفي رد ابن قتيبة عليها. (12)
ولابن خلدون رأي معروف في العرب، خلاصته أن العربي متوحش نهّاب سلاّب اذا أخضع مملكة أسرع اليها الخراب، يصعب انقياده لرئيس، لا يجيد صناعة ولا يحسن علماً ولا عنده استعداد للاجادة فيهما، سليم الطباع، مستعد للخير شجاع . (13) وتجد آراءه هذه مدوّنة في مقدمته الشهيرة لكتابه العام في التاريخ.

المستشرقون

وقد رمي بعض المستشرقين العرب بالمادية وبصفات أخري، فقال أوليري : إن العربي الذي يعد مثلاً أو نموذجاً، ماديّ ينظر الي الأشياء نظرة مادية وضيعة، ولا يقوّمها الا بحسب ما تنتج من نفع، يتملك الطمع مشاعره، وليس لديه مجال للخيال ولا للعواطف، لا يميل كثيراً الي دين، ولا يكترث بشيء الا بقدر ما ينتجه من فائدة عملية، يملؤه الشعور بكرامته الشخصية حتي ليثور علي كل شكل من أشكال السلطة، وحتي ليتوقع منه سيد قبيلته وقائده في الحروب الحسد والبغض والخيانة من أول يوم اختير للسيادة عليه ولو كان صديقاً حميماً له من قبل، من أحسن اليه كان موضع نقمته، لأن الاحسان يثير فيه شعوراً بالخضوع وضعف المنزلة وأن عليه واجباً لمن أحسن. يقول لامانس إن العربي نموذج الديمقراطية ، ولكنها ديمقراطية مبالغ فيها الي حد بعيد، وان ثورته علي كل سلطة تحاول أن تحدد من حريته ولو كانت في مصلحته هي السر الذي يفسر لنا سلسلة الجرائم والخيانات التي شغلت أكبر جزء في تاريخ العرب، وجهل هذا السر هو الذي قاد الأوروبيين في أيامنا هذه الي كثير من الأخطاء، وحملهم كثيراً من الضحايا كان يمكنهم الاستغناء عنها، وصعوبة قيادة العرب وعدم خضوعهم للسلطة هي التي تحول بينهم وبين سيرهم في سبيل الحضارة الغربية، ويبلغ حب العربي لحريته مبلغاً كبيراً، حتي إذا حاولت أن تحدها أو تنقص من أطرافها هاج كأنه وحش في قفص، وثار ثورة جنونية لتحطيم أغلاله والعودة الي حريته. ولكن العربي من ناحية أخري مخلص، مطيع لتقاليد قبيلته، كريم يؤدي واجبات الضيافة والمحالفة في الحروب كما يؤدي واجبات الصداقة مخلصاً في أدائها بحسب ما رسمه العرف… وعلي العموم، فالذي يظهر لي أن هذه الصفات والخصائص أقرب أن تعد صفات وخصائص الطور من النشوء الاجتماعي عامة من أن تعد صفات خاصة لشعب معين، حتي اذا قر العرب وعاشوا عيشة زراعية مثلاً، تعدلت هذه العقلية (14). ويوافق المستشرق (براون أوليري) في رمي العرب بالمادية المفرطة (15). ورماهم (أوليري) أيضاً بضعف الخيال وجمود العواطف (16).
أما (دوزي) فقد رأي أن بين العرب اختلافاً في العقلية وفي النفسية، وأن القحطانيين يختلفون في النفسية عن نفسية العدنانيين (17).
وقد تعرض (أحمد أمين) في الجزء الأول من (فجر الاسلام) للعقلية العربية، وأورد رأي الشعوبيين في العرب، ثم رأي (ابن خلدون) فيهم، وتكلم علي وصف المستشرق (أوليري) لتلك العقلية، ثم ناقش تلك الآراء، وأبان رأيه فيها وذلك في الفصل الثالث من هذا الجزء، وتحدث في الفصل الرابع عن (الحياة العقلية للعرب في الجاهلية). وخصص الفصل الخامس بـ (مظاهر الحياة العقلية)، وتتجلي عنده في: اللغة والشعر والمثل والقصص. أوجز (أحمد أمين) في بداية الفصل الثالث آراء المذكورين في العرب، وبعد أن انتهي من عرضها وتلخيصها ناقشها بقوله: لسنا نعتقد تقديس العرب، ولا نعبأ بمثل هذا النوع من القول الذي يمجدهم ويصفهم بكل كمال، وينزههم عن كل نقص، لأن هذا النمط من القوط ليس نمط البحث العلمي، انما نعتقد ان العرب شعب ككل الشعوب، له ميزاته وفيه عيوبه، وهو خاضع لكل نقد علمي في عقليته ونفسيته وآدابه وتاريخه ككل أمة أخري، فالقول الذي يمثله الرأي الخاص لا يستحق مناقشة ولا جدلاً، كذلك يخطيء الشعوبية أصحاب القول الأول الذين كانوا يتطلبون من العرب فلسفة كفلسفة اليونان، وقانوناً كقانون الرومان، أو ان يمهروا في الصناعات كصناعة الديباج، أو في المخترعات كالاصطرلاب، فإنه ان كان يقارن هذه الأمم بالعرب في جاهليتها كانت مقارنة خطأ، لأن المقارنة انما تصح بين أمم في طور واحد من الحضارة، لا بين أمة متبدية وأخري متحضرة، ومثل هذه المقارنة كمقارنة بين عقل في طفولته وعقل في كهولته، وكل أمة من هذه الأمم كالفرس والروم مرت بدور بداوة لم يكن لها فيه فلسفة ولا مخترعات. أما إن كان يقارن العرب بعد حضارتها، فقد كان لها قانون وكان لها علم وان كان قليلاً.. (18) ثم استمر يناقش تلك الآراء الي أن قال: فلنقتصر الآن علي وصف العربي الجاهلي (19)، فوصفه بهذا الوصف:

العربي الجاهلي

العربي عصبي المزاج، سريع الغضب، يهيج للشيء التافه، ثم لا يقف في هياجه عند حد، وهو أشد هياجاً اذا جرحت كرامته، أو انتهكت حرمة قبيلته. واذا اهتاج، أسرع الي السيف، واحتكم اليه، حتي أفنتهم الحروب، وحتي صارت الحرب نظامهم المألوف وحياتهم اليومية المعتادة.
والمزاج العصبي يستتبع عادة ذكاء، وفي الحق أن العربي ذكي، يظهر ذكاؤه في لغته، فكثيراً ما يعتمد علي اللمحة الدالة والاشارة البعيدة، كما يظهر في حضور بديهته، فما هو الا أن يُفجأ بالأمر فيفجؤك بحسن الجواب، ولكن ليس ذكاؤه من النوع الخالق المبتكر، فهو يقلب المعني الواحد علي أشكال متعددة، فيبهرك تفننه في القول أكثر مما يبهرك ابتكاره للمعني، وان شئت فقل ان لسانه أمهر من عقله.
خياله محدود وغير متنوع، فقلما يرسم له خياله عيشة خيراً من عيشته، وحياة خيراً من حياته يسعي وراءها، لذلك لم يعرف (المثل الأعلي)، لأنه وليد الخيال، ولم يضع له في لغته لفظة واحدة دالة عليه، ولم يشر اليه فيما نعرف من قوله، وقلما يسبح خياله الشعري في عالم جديد يستقي منه معني جديداً، ولكنه في دائرته الضيقة استطاع أن يذهب كل مذهب.
أما ناحيتهم الخلقية، فميل الي حرية قلّ أن يحدّها حدّ، ولكن الذي فهموه من الحرية هي الحرية الشخصية لا الاجتماعية، فهم لا يدينون بالطاعة لرئيس ولا حاكم، تاريخهم في الجاهلية ـ حتي وفي الإسلام ـ سلسلة حروب داخلية، وعهد عمر بن الخطاب كان عصرهم الذهبي، لأنه شغلهم عن حروبهم الداخلية بحروب خارجية، ولأنه، رضي الله عنه، منح فهماً عميقاً ممتازاً لنفسية العرب.
والعربي يحب المساواة، ولكنها مساواة في حدود القبيلة، وهو مع حبه للمساواة كبير الاعتداد بقبيلته ثم بجنسه، يشعر في أعماق نفسه بأنه من دم ممتاز، لم يؤمن بعظمة الفرس والروم مع ما له ولهم من جدب وخصب وفقر وغني وبداوة وحضارة، حتي اذا فتح بلادهم نظر اليهم نظرة السيد الي المسود (20).
ثم خلص الي أن العرب في جاهليتهم كان أكثرهم بدواً، وان طور البداوة طور اجتماعي طبيعي تمر به الامم في اثناء سيرها الي الحضارة، وان لهذا الطور مظاهر عقلية طبيعية، تتجلي في ضعف التعليل، وعني بذلك عدم القدرة علي فهم الارتباط بين العلة والمعلول والسبب والمسبب فهماً تاماً، يمرض أحدهم ويتألم من مرضه، فيصفون له علاجاً، فيفهم نوعاً ما من الارتباط بين الدواء والداء، ولكن لا يفهمه فهم العقل الدقيق الذي يتفلسف، يفهم ان عادة القبيلة أن تتناول هذا الدواء عند هذا الداء، وهذا كل شيء في نظره، لهذا لا يري عقله بأساً في أن يعتقد ان دم الرئيس يشفي من الكَلَب، أو ان سبب المرض روح شرير حل فيه فيداويه بما يطرد هذه الأرواح، أو انه اذا خيف علي الرجل الجنون نجسوه بتعليق الأقذار وعظام الموتي الي كثير من أمثال ذلك، ولا يستنكر شيئاً من ذلك ما دامت القبيلة تفعله، لأن منشأ الاستنكار دقة النظر والقدرة علي بحث المرض وأسبابه وعوارضه، وما يزيل هذه العوارض، وهذه درجة لا يصل اليها العقل في طوره الأول (21).
ثم أورد أمثلة للاستدلال بها علي ضعف التعليل، مثل قولهم بخراب سدّ مأرب بسبب جرذان حُمر، ومثل قصة قتل النعمان لسنمار بسبب آجرة وضعها سنمار في أساس قصر الخورنق، لو زالت سقط القصر. ثم تحدث عن مظهر آخر من مظاهر العقلية العربية، لاحظه بعض المستشرقين ووافقهم هو عليه، هو: ان طبيعة العقل العربي لا تنظر الي الأشياء نظرة عامة شاملة، وليس في استطاعتها ذلك. فالعربي لم ينظر الي العالم نظرة عامة شاملة كما فعل اليوناني، بل كان يطوف فيما حوله، فإذا رأي منظراً خاصاً أعجبه تحرك له، وجاس صدره بالبيت أو الأبيات من الشعر أو الحكمة أو المثل. فأما نظرة شاملة وتحليل دقيق لأسسه وعوارضه فذلك ما لا يتفق والعقل العربي. وفوق هذا هو اذا نظر الي الشيء الواحد لا يستغرقه بفكره، بل يقف فيه علي مواطن خاصة تستثير عجبه، فهو اذا وقف أمام شجرة، لا ينظر اليها ككل، انما يستوقف نظره شيء خاص فيها، كاستواء ساقها أو جمال أغصانها، واذا كان أمام بستان، لا يحيطه بنظره، ولا يلتقطه ذهنه كما تلتقطه (الفوتوغرافيا)، انما يكون كالنحلة، يطير من زهرة الي زهرة، فيرتشف من كل رشفة . الي ان قال: هذه الخاصة في العقل العربي هي السر الذي يكشف ما نري في أدب العرب ـ حتي في العصور الإسلامية ـ من نقص وما تري فيه من جمال .
وقد خلص من بحثه، الي ان هذا النوع من النظر الذي نجده عند العربي، هو طور طبيعي تمر به الأمم جميعاً في أثناء سيرها الي الكمال، نشأ من البيئات الطبيعية والاجتماعية التي عاش فيها العرب، وهو ليس الا وراثة لنتائج هذه البيئات، ولو كانت هنالك أية أمة أخري في مثل بياتهم، لكان لها مثل عقليتهم، وأكبر دليل علي ذلك ما يقرره الباحثون من الشبه القوي في الأخلاق والعقليات بين الأمم التي تعيش في بيئات متشابهة أو متقاربة، واذا كان العرب سكان صحاري، كان لهم شبه كبير بسكان الصحاري في البقاع الأخري من حيث العقل والخلق (22).

الطبيعة

أما العوامل التي عملت في تكوين العقلية العربية وفي تكييفها بالشكل الذي ذكره، فهي عاملان قويان هما: البيئة الطبيعية، وعني بها ما يحيط بالشعب طبيعياً من جبال وأنهار وصحراء وغير ذلك، والبيئة الاجتماعية، وأراد بها ما يحيط بالأمة من نظم اجتماعية كنظام حكومة ودين وأسرة ونحو ذلك. وليس أحد العاملين وحده هو المؤثر في العقلية.
وحصر أحمد أمين مظاهر الحياة العقلية في الجاهلية في الأمور التالية: اللغة والشعر والأمثال والقصص. وتكلم علي كل مظهر من هذه المظاهر وجاء بأمثلة استدل بها ما ذهب اليه.
والحدود التي وضعها أحمد أمين للعقلية العربية الجاهلية، هي حدود عامة، جعلها تنطبق علي عقلية أهل الوبر وعقلية أهل المدر، لم يفرق فيها بين عقلية من عقلية الجماعتين. وقد كونها ورسمها من دراساته لما ورد في المؤلفات الإسلامية من أمور لها صلة بالحياة العقلية ومن مطالعاته لما أورده (أوليري) (وبراون) وأمثالهما عن العقلية العربية، ومن آرائه وملاحظاته لمشكلات العالم العربي ولوضع العرب في الزمن الحاضر. والحدود المذكورة هي صورة متقاربة مع الصورة التي يرسمها العلماء المشتغلون بالسامية عادة عن العقلية السامية، وهي مثلها أيضاً مستمدة من آراء وملاحظات وأوصاف عامة شاملة، ولم تستند الي بحوث علمية ودراسات مختبرية، لذا فانني لا أستطيع أن أقول أكثر مما قلته بالنسبة الي تحديد العقلية السامية، من وجوب التريث والاستمرار في البحث ومن ضرورة تجنب التعميم والاستعجال في اعطاء الأحكام.
وتقوم نظرية أحمد أمين في العقلية العربية علي أساس أنها حاصل شيئين وخلاصة عاملين، أثرا مجتمعين في العرب وكوّنا فيهما هذه العقلية التي حددها ورسم معالمها في النعوت المذكورة. والعاملان في رأيه هما: البيئة الطبيعية والبيئة الاجتماعية. وعني بالبيئة الطبيعية ما يحيط بالشعب طبيعياً من جبال وأنهار وصحراء ونحو ذلك، وبالبيئة الاجتماعية ما يحيط بالأمة من نظم اجتماعية كنظام حكومة ودين وأسرة ونحو ذلك. وهما معاً مجتمعين غير منفصلين، أثّرا في تلك العقلية. ولهذا رفض أن تكون تلك العقلية حاصل البيئة الطبيعية وحدها، أو حاصل البيئة الاجتماعية وحدها. وأخطأ من أنكر أثر البيئة الطبيعية في تكوين العقلية ومن هنا انتقد (هيغل) (Hegel)، لأنه أنكر ما للبيئة الطبيعية من أثر في تكوين العقلي اليوناني، وحجة (هيغل) انه لو كان للبيئة الطبيعية أثر في تكوين العقليات، لبان ذلك في عقلية الأتراك الذين احتلوا أرض اليونان وعاشوا في بلادهم، ولكنهم لم يكتسبوا مع ذلك عقلهم ولم تكن لهم قابلياتهم ولا ثقافتهم. ورد (أحمد أمين) عليه هو أن ذلك يكون صحيحاً لو كانت البيئة الطبيعية هي المؤثر الوحيد، اذن لكان مثل العقل اليوناني يوجد حيث يوجد اقليمه، وينعدم حيث ينعدم، أما والعقل اليوناني نتيجة عاملين، فوجود جزء العلة لا يستلزم وجود المعلول (23).
وأثر البيئة الطبيعية في العرب، أنها جعلت بلادهم بقعة صحراوية تصهرها الشمس، ويقل فيها الماء، ويجف الهواء، وهي أمور لم تسمح للنبات أن يكثر، ولا للمزروعات أن تنمو، الا كلأ مبعثرا هنا وهناك، وأنواعاً من الأشجار والنبات مفرقة استطاعت أن تتحمل الصيف القائظ، والجو الجاف، فهزلت حيواناتهم، ونحلت أجسامهم، وهي كذلك أضعفت فيها حركة المرور، فلم يستطع السير فيها الا الجمل، فصعب علي المدنيات المجاورة من فرس وروم أن تستعمر الجزيرة، وتفيض عليها من ثقافتها، اللهم الا ما تسرب منها في مجار ضيقة معوجة عن طرق مختلفة .
وأثر آخر كان لهذه البيئة الطبيعية في العرب، هو انها أثرت في النفوس فجعلتها تشعر انها وحدها تجاه طبيعة قاسية، تقابلها وجهاً لوجه، لا حول لها ولا قوة، لا مزروعات واسعة، ولا أشجار باسقة، تطلع الشمس فلا ظل، ويطلع القمر والنجوم فلا حائل، تبعث الشمس أشعتها المحرقة القاسية فتصيب أعماق نخاعه، ويسطع القمر فيرسل أشعته الفضية الوادعة فتبهر لبّه، وتتألق النجوم في السماء فتملك عليه نفسه، وتعصف الرياح العاتية فتدمر كل ما أتت عليه. أمام هذه الطبيعة القوية، والطبيعة الجميلة، والطبيعة القاسية، تهرع النفوس الحساسة الي رحمن رحيم، والي بارئ مصور والي حفيظ مغيث ـ الي الله ـ. ولعل هذا هو السر في أن الديانات الثلاث التي يدين بها أكثر العالم، وهي اليهودية والنصرانية والإسلام نبعت من صحراء سيناء وفلسطين وصحراء العرب (24). والبيئة الطبيعية أيضاً، هي التي أثرت ـ علي رأيه ـ في طبع العربي، فجعلته كئيباً صارماً يغلب عليه الوجد، موسيقاه ذات نغمة واحدة متكررة عابسة حزينة، ولغته غنية بالالفاظ، اذ كانت تلك الألفاظ من ضروريات الحياة في المعيشة البدوية، وشعره ذا حدود معينة مرسومة، وقوانينه تقاليد القبيلة وعرف الناس، وهي التي جعلته كريماً علي فقره، يبذل نفسه في سبيل الدفاع عن حمي قبيلته. كل هذه وأمثالها من صفات ذكرها وشرحها هي في رأيه من خلق هذه البيئة الطبيعية التي جعلت لجزيرة العرب وضعاً خاصاً ومن أهلها جماعة امتازت عن بقية الناس بالمميزات المذكورة.
وقد استمر (أحمد أمين)، في شرح أثر البيئة الطبيعية في عقلية العرب وفي مظاهر تلك العقلية التي حصرها كما ذكرت في اللغة والشعر والأمثال والقصص، حتي انتهي من الفصول التي خصصها في تلك العقلية، أما أثر البيئة الاجتماعية التي هي في نظره شريكة للبيئة الطبيعية في عملها وفعلها في العقلية الجاهلية وفي كل عقلية من العقليات، فلم يتحدث عنه ولم يشر الي فعله، ولم يتكلم علي أنواع تلك البيئة ومقوماتها التي ذكرها في أثناء تعريفه لها، وهي: ما يحيط بالأمة من نظم اجتماعية كنظام حكومة ودين وأسرة ونحو ذلك ، ثم خلص من بحثه عن العقلية العربية وعن مظاهرها وكأنه نسي ما نسبه الي العامل الثاني من فعل، بل الذي رأيته وفهمته من خلال ما كتبه انه أرجع ما يجب ارجاعه الي عامل البيئة الاجتماعية ـ علي حد قوله ـ الي فعل عامل البيئة الطبيعية وأثرها في عقلية العرب الجاهليين. وهكذا صارت البيئة الطبيعية هي العامل الأول الفعال في تكوين تلك العقلية، وحرمنا بذلك من الوقوف علي أمثلته لتأثير عامل البيئة الاجتماعية في تكوين عقلية الجاهليين.
وأعتقد ان (أحمد أمين) لو كان قد وقف علي ما كتب في الألمانية أو الفرنسية أو الانكليزية عن تاريخ اليمن القديم المستمد من المسند، ولو كان قد وقف علي ترجمات كتابات المسند او الكتابات الثمودية، والصفوية، واللحيانية، لما كان قد أهمل الإشارة الي أصحاب تلك الكتابات، ولعدّل حتماً في حدود تعريفه للعقلية العربية، ولأفرز صفحة أو أكثر الي أثر طبيعة أرض اليمن وحضرموت في عقلية أهل اليمن وفي تكوين حضارتهم وثقافتهم، فإن فيما ذكره في فصوله عن العقلية العربية الجاهلية ما يجب رفعه وحذفه بالنسبة الي أهل اليمن وأعالي الحجاز.




رد: طبيعة العقلية العربية

الونشريس




التصنيفات
لغتنا العربية الجميلة

ظاهرة الترخيم في اللغة العربية

ظاهرة الترخيم في اللغة العربية


الونشريس

الترخيم في اللغة العربية


الملفات المرفقة
اسم الملف نوع الملف حجم الملف التحميل مرات التحميل
ens-arabic_tarkhim.docx‏  14.1 كيلوبايت المشاهدات 33