التصنيفات
معلومات و فوائد

كيف تكون الرؤية الشرعية إلى المخطوبة

كيف تكون الرؤية الشرعية إلى المخطوبة


الونشريس

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة و السّلام على رسولنا محمد وعلى آله و أصحابه أجمعين .

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.



كيف تكون الرؤية الشرعية إلى المخطوبة

موقع مفكرة الإسلام

طرفان ووسط:

الطرف الأول: طرف متشدد متعصب لا يرى أهمية الرؤية والنظر إلى المخطوبة بل ويمنع رؤية الخاطب للمخطوبة إلا بعد الزفاف.

وإليكم هذه القصة العجيبة: (تزوج رجل بامرأة لم يرها وبعد انتهاء حفلة الزواج، ودخل عليها الغرفة ونظر إليها ثم أصابته غمة وكرب وذهول فخرج وأغلق الباب… ثم طلقها ورجعت إلى بيت أهلها).

الطرف الثاني: متساهل ويترك الحبل على الغارب للخاطبين، فيراها الخاطب ويجلس معها بلا ضابط ويخرج معها دون مراعاة لحدود الله.

فكثير من المسلمين في مسألة النظر إلى المخطوبة بين طرفي نقيض، فبعضهم متشددون متعصبون عطلوا هذه السنة المجمع عليها فيمنع الخاطب من رؤية الخطوبة وهذا مخالف للشرع.

وبعضهم يرخون للخاطبين العنان ويدعوهما يخلوان ويتنزهان في الأماكن البعيدة الخالية وهذا حرام لا يجوز.

أما الوسط: فهو هدي الإسلام، وهدي رسولنا الكريم – صلى الله عليه وسلم -.

وإذا سأل أخي وأختي الكريمة عن هدي رسولنا –صلى الله عليه وسلم- في موضوع رؤية الخاطب للمخطوبة؟ فإننا نجيب على هذا السؤال فيما يلي وهو لب موضوعنا في المقال:

التوافق النفسي بين الخطيبين:

إن التوافق هو أساس في استمرار الحياة الزوجية وسبب في نجاح الزواج ودوام الألفة، وتعتبر الرؤية هي المفتاح الأول لذلك التوافق، ولها الدور السحري الفعال في القناعة ونحن مطالبون بالأخذ بالأسباب، والرؤية الشرعية للخاطب تساعد على نجاح الزواج وفيها أخذ بأسباب النجاح.

إنما شرعت هذه الرؤية وهذا النظر ليجد كل من الرجل والمرأة ما في الآخر من ميزات وعيوب، وما يستطيع أن يتقبله كل منهما فيمن سيكون شريكه في الحياة حتى لا ينهدم البناء بعد الزواج، وتتشقق العلاقات وتتصدع الزوجية ويكون الانفصال بسلبياته النفسية والاجتماعية من نصيب الطرفين.

وحتى يحصل تمام التوافق النفسي والملائمة بين الرجل والمرأة بحيث يرضى كل منهما بالآخر ويتقبله شريكا له، أباحت الشريعة الإسلامية لكل منهما أن ينظر إلى الآخر قبل العقد، مع أن الأصل في نظر الرجل للمرأة الأجنبية محرم؛ ولكن حتى يتحقق القصد من استمرار الحياة الزوجية واستقرارها خرج الحكم عن ذلك الأصل؛ لأن النظر للمخطوبة قبل الزواج أدعى لدوام المحبة والألفة.

ويجوز تكرار النظر إذا دعت الحاجة إلى ذلك حتى يتأكد كل منهما من موافقته ومن ارتياحه النفسي من ارتباطه بالشريك الآخر.

النظر إلى المخطوبة:

ومما يرطب الحياة الزوجية ويجعلها محفوفة بالسعادة، محوطة بالهناء أن ينظر الرجل إلى المرأة قبل الخطبة، ليعرف جمالها الذي يدعوه إلى الإقدام على الاقتران بها، أو قبحها الذي يصرفه عنه إلى غيرها، واقتناع كلا الطرفين لا يتأتى إلا بعد رؤية كليهما للآخر والتعرف عليه.

والحازم لا يدخل مدخلاً حتى يعرف خيره من شره قبل الدخول فيه، قال الأعمش: "كل تزويج يقع على غير نظر فآخره هم وغم".

وإليك أخي وأختي القارئة هدى الإسلام وهدى رسولنا – صلى الله عليه وسلم -:

1- قال –صلى الله عليه وسلم-: ((إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر منها إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل)) أخرجه أبو داود، قال جابر –رضي الله عنه-: "فخطبت امرأة من بني سلمة، فكنت أختبئ لها حتى رأيت منها بعض ما دعاني إليها" رواه أبو داود.

2 – وعن أبي هريرة – رضي الله عنه -: أن رجلاً خطب امرأة من الأنصار، فقال له رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((أنظرت إليها؟ ))، قال: لا، قال: ((فاذهب فانظر إليها، فإن في أعين الأنصار شيئاً)).

3 – وعن المغيرة بن شعبة –رضي الله عنه-: أنه خطب امرأة، فقال له رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((أنظرت إليها؟ ))، قال: لا، قال: ((انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما))، رواه النسائي وابن ماجة والترمذي.

ولنا مع الحديث السابق وقفة:

قول الرسول – صلى الله عليه وسلم -: ((انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما)) إشارة إلى التوافق النفسي بين الطرفين، معنى يؤدم بينكما: أن يتفقا وأن تتآلف قلوبهما، أي: أجدر أن يدوم الوفاق بينكما.

وهذه الأحاديث تدل على استحباب النظر إلى المخطوبة، فالرسول –صلى الله عليه وسلم- أمر بالنظر إلى من يريد الرجل خطبتها وعلل ذلك بقوله: ((فإنه أحرى أن يؤدم بينكما)).

والمراد أن الرجل الذي يقدم على الزواج وقد رأى المخطوبة واستراحت نفسه إلى الإقدام على الزواج منها، حري بأن تدوم العشرة بينه وبينها.

وهذا أولى من أن يراها بعد أن يعقد عقده عليها فيفجأ بأنها غير مناسبة له فتجفوها نفسه، أي لا يحدث بينهما توافق نفسي، فترك الخطبة – والحالة هذه- أهون عليه وعليها وعلى أهلهما من تطليقهما بعد زواجه منها.

وهنا نذكر أقوال العلماء التي تؤكد أهمية الرؤية والنظر للمخطوبة:

1 – قال ولي الله الدهلوي – رحمه الله -: "والسبب في استحباب النظر إلى المخطوبة أن يكون الزوج على روية، وأن يكون أبعد من الندم الذي يلزمه إن اقتحم في النكاح ولم يوافقه فلم يُرْده، وأسهل للتلاقي إن رد، وأن يكون تزوجهما على شوق ونشاط إن وافقه، والرجل الحكيم لا يلج مولجاً حتى يتبين خيره وشره قبل ولوجه".

وعبارات أهل العلم الذين بينوا حكم الرؤية دائرة بين الإباحة والاستحباب:

2 – يقول النووي – رحمه الله -: "وإذا رغب في نكاحها استحب له أن ينظر إليها، لئلا يندم، وفي وجه لا يستحب هذا النظر بل هو مباح، والصحيح الأول للأحاديث" روضة الطالبين.

3 – قال المرداوي الحنبلي – رحمه الله -: "يجوز النظر إلى المخطوبة وهذا هو المذهب وقيل يستحب، وهذا هو الصواب" الإنصاف للمرداوي.

وإذا لم ينظر إليها فلا خلاف بين العلماء في صحة الزواج، فإن النظر مباح أو مسنون، ولم يقل أحد بوجوبه.

4 – قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله -: "لا شك أن عدم رؤية المرأة قبل النكاح قد يكون من أسباب الطلاق إذا وجدها خلاف ما وصفت له" فتاوى المرأة المسلمة.

أهمية الرؤية الشرعية:

1 – أباح الإسلام للرجل أن ينظر إلى من يريد الزواج منها ليعرف ناحية الشكل والجمال فيها، وهو مرغوب بالطبع لتتحقق العفة والتحصن والإعفاف.

2 – ليحدث التوافق النفسي والانسجام بين الطرفين وتآلف القلوب والوفاق.

3 – لو لم يكن له فائدة لما أجازه الإسلام ولما أمر به الرسول-صلى الله عليه وسلم-، فهذه الرؤية علق عليها الرسول – صلى الله عليه وسلم – ديمومة الحياة الهنية للزوجين.

4 – ليرى الرجل من المرأة ما يدعوه إلى نكاحها سواءً علمت بذلك أو لم تعلم كما جاء في حديث جابر بن عبد الله –رضي الله عنهما-، ولكن الأولى التنسيق مع وليها لعدم حدوث ما لا يحمد عقباه.

الرؤية الشرعية:

الرؤية المشروعة هي المقيدة بالضوابط الشرعية، وقد اشترط أهل العلم في ذلك أن يكون الرجل مسلماً راغباً في النكاح فعلاً، موثوقاً به، ثقة أمين صالح جاد صادق عازم على الزواج، وموثوقاً به حتى لا يفشي سراً أو يعيبها عند عدم رغبته فيها، وأن لا يكون فيه ما يمنع من الموافقة عليه.

متى ينظر إليها؟

يرى الإمام الشافعي – رحمه الله – أن تكون رؤية المخطوبة قبل خطبتها، فإن رأى فيهما ما يدعوه إلى نكاحها خطبها، وإلا أعرض عنها من غير إيذاءها وهذا عين الصواب وهو الأقرب إلى الخلق الكريم.

المواضع التي ينظر إليها:

ذهب الجمهور من العلماء إلى أن الرجل ينظر إلى الوجه والكفين لا غير؛ لأنه يستدل بالنظر إلى الوجه على الجمال أو الدمامة، وإلى الكفين على خصوبة البدن أو عدمها، وقال داود: "ينظر إلى جميع البدن"، وقال الأوزاعي: "ينظر إلى مواضع اللحم"، والأحاديث لم تعين مواضع النظر بل أطلقت لينظر إلى ما يحصل له المقصود بالنظر إليه.

وإذا نظر إليها ولم تعجبه، فليسكت ولا يقل شيئاً، حتى لا تتأذى بما يذكر عنها ولعل الذي لا يعجبه منها قد يعجب غيره.

نظر المرأة إلى الرجل:

وليس هذا الحكم مقصوراً على الرجل، بل هو ثابت للمرأة أيضاً، فلها أن تنظر إلى خاطبها، فتنظر إلى وجهه وهيئته، فإنه يعجبها منه مثل ما يعجبه منها، قال عمر –رضي الله عنه-: "لا تزوجوا بناتكم من الرجل الدميم، فإنه يعجبهن منهم ما يعجبهم منهن"، ويقول – تعالى -: (ولهن مثل الذي عليهن).

والمصلحة المرادة من النظر وهي دوام الألفة تتحقق بنظر المرأة كما تتحقق بنظر الرجل.

وإلى أخي وأختي القارئة أقترح هذه الخطوات العملية للرؤية الشرعية:

1 – يتجمل الشاب ويتعطر ويلبس أحسن الثياب ويذهب إلى بيت الفتاة المختارة متوكلا على الله بعد الاستخارة والاستشارة والدعاء والبحث.

2 – على الفتاة أن تتجمل -أي تزيل ما يمكن إزالته من العيوب كالهالات السوداء حول العين مثلاً- وترتدي ملابس مناسبة وتظهر فقط وجهها وكفيها، لحديث سبيعة بنت الحارث –رضي الله عنها-: ((فلما تعلت من نفاسها تجملت للخاطب)) متفق عليه.

3 – يجلس الشاب والفتاة في مكان ومعها أحد محارمها كالأب مثلاً، وينظر إلى الفتاة ليراها ويتعرف عليها، وهي أيضاً تنظر إليه لتراه وتتعرف عليه، لعل الله أن يؤدم بينهما ويحدث التوافق النفسي والاتفاق والانسجام والقبول.

4 – يتحدث الشاب إليها ويتبادل معها الرأي، ويتحدث عن نفسه وتطلعاته وأعماله وخططه المستقبلية وموارده الشهرية، وله أن يقول إنني أحب أن تكون زوجتي كذا وكذا، والحديث معها يكون في الحدود الشرعية المنضبطة ليس فيه ابتذال أو كلام يثير الشهوة.

5 – والفتاة أيضاً تتحدث وتسأل عما تحتاج إلى معرفته في حدود الأدب والحياء الذي جبلت عليه.

6 – يمكن قبل الرؤية الشرعية قراءة سلسلة من مقالات الرؤية المشتركة، فإن فيها الجواب الشافي لمن أراد الإقدام على الزواج.

وفق الله الجميع إلى الزوج الصالح والزوجة الصالحة،،،

منقول للفائدة





رد: كيف تكون الرؤية الشرعية إلى المخطوبة

الونشريس




رد: كيف تكون الرؤية الشرعية إلى المخطوبة

الونشريس اقتباس الونشريس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة chiraz2
الونشريس

بارك الله فيك اختي على المرور الكريم




رد: كيف تكون الرؤية الشرعية إلى المخطوبة

ومعاشكر المنتدى على هدا الطرح السليم والجيد المتوافق مع الشرع راي والدوق السليمين
ان ديننا دين الوسطية لاهومع الدين يغلون في دينهم نتيجة تشددهم فيحرمون الناس مما اباح الله لهم من عبادات ومعاملات لتسيرعجلة حياتهم كاناس على الارض وليس كملائكة
ولا ديننا مثل المميعين والامعيين الدين يتركون لانفسهم واهوائهم العنان فتنحرف بدالك ادواقهم واحلاقهم وسلوكاتهم
وبهده المقدمة اثمن راي المنتدى فيما دهب اليه من التقاء الخطيبين في حضرة ولي البنت ويفصح كل واحد على طوييته ولاباس ان تتكرر عدة مرات ولاننس ان ديننا دين حضارة وتعارف -وجعلناكم شعوباوقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عندالله اتقاكم -ان بهده الطريقة نشجع ان تكون ملاقاتهم بالقرب منا والامنة وتحت ومراقبتنا ونقطع المقابلات الشيطانية والمكالمات الهاتفية والمراسلات عبر شبكة الانترنت -قول وفعل هو الاسلام الرفيع




التصنيفات
العلوم الشرعية في التعليم الثانوي

اختبار الثلاثي الأخير في العلوم الشرعية للسنة الثالثة ثانوي

اختبار الثلاثي الأخير في العلوم الشرعية للسنة الثالثة ثانوي


الونشريس

تحميل اختبار الثلاثي الأخير في العلوم الشرعية للسنة الثالثة ثانوي

http://www.ouarsenis.com/up/download78713.html




التصنيفات
المرأة المسلمة

كل ما يتعلق بالزواج واحكامه الشرعية

كل ما يتعلق بالزواج واحكامه الشرعية


الونشريس

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته…

كل ما يتعلق بالزواج و احكامه الشرعية ( من كلام علماء الامة )

اولا : كيف حالكم يا شباب و بنات المنتدى ان شاء الله تكونوا بخير و في صحة و عافية
هذا حديث مختصر عن الزواج و احكامه ليفيد المقبلين على الزواج وحتى المتزوجين
طبعا الكلام من كلام الشيخ العثيمين رحمة الله عليه و ادخله الله فسيح جناته

و لا تنسونا من دعائكم

******************** ******************
الفصل الأول
في معنى النكاح لغة و شرعا

النكاح في اللغة: يكون بمعنى عقد التزويج و يكون بمعنى وطء الزوجة قال أبو علي القالي: (فرقت العرب فرقا لطيفا يعرف به موضع العقد من الوطء، فإذا قالوا: نكح فلانة أو بنت فلان أرادوا عقد التزويج، وإذا قالوا: نكح امرأته أو زوجته لم يريدوا إلا الجماع و الوطء)).
ومعنى النكاح في الشرع: (( تعاقد بين رجل و امرأة يقصد به استمتاع كل منهما بالآخر و تكوين أسرة صالحة و مجتمع سليم)).
ومن هنا نأخذ انه لا يقصد بعقد النكاح مجرد الاستمتاع بل يقصد به مع ذلك معنى آخر هو ( تكوين الأسرة الصالحة و المجتمعات السليمة لكن قد يغلب احد القصدين على الآخر لاعتبارات معينة بحسب أحوال الشخص

******************** ******************
الفصل الثاني- في حكم النكاح:

النكاح باعتبار ذاته مشروع مؤكد في حق كل ذي شهوة قادر عليه. وهو من سنن المرسلين، قال الله تعالى: (( و لقد أرسلنا رسُلا من قبلك و جعلنا لهم أزواجا و ذرية)) ( الرعد-38)
وقد تزوج النبي صلى الله عليه وسلم و قال: (( أني أتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني))[2].
و لذلك قال العلماء( إن التزوج مع الشهوة أفضل من نوافل العبادة)) لما يترتب عليه من المصالح الكثيرة و الآثار الحميدة التي سنبين بعضها فيما بعد إن شاء الله.
و قد يكون النكاح واجبا في بعض الأحيان كما إذا كان الرجل قوي الشهوة ويخاف على نفسه من المحرم إن لم يتزوج فهنا يجب عليه أن يتزوج لإعفاف نفسه وكفها عن الحرام ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فانه أغض للبصر و أحصن للفرج و من لم يستطع فعليه بالصوم فانه له وجاء)[3]

******************** *****************
الفصل الثالث في شروط النكاح

من حسن التنظيم الإسلامي ودقته في شرع الأحكام أن جعل للعقود شروطا تنضبط بها و تتحدد فيها صلاحيتها للنفوذ و الاستمرار فكل عقد من العقود له شروط لا يتم الا بها و هذا دليل واضح على إحكام الشريعة و إتقانها وأنها جاءت من لدن حكيم خبير يعلم ما يُصلح الخلق و يشرِّع لهم ما يصلح به دينهم و دنياهم حتى لا تكون الأمور فوضى لا حدود لها. و من بين تلك العقود عقد النكاح فعقد النكاح له شروط نذكر منها ما يأتي وهو أهمها: رضا الزوجين: فلا يصح إجبار الرجل على نكاح من لا يريد و لا إجبار المرأة على نكاح من لا تريد. قال الله تعالى يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها)( النساء:19) وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (( لا تنكح الأيم حتى تستامر و لا تنكح البكر حتى تستأذن، قالوا: يا رسول الله و كيف إذنها ؟ قال: أن تسكت)[4] فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن تزويج المرأة بدون رضاها سواء أكانت بكرا أم ثيبا الا أن الثيب لا بد من نطقها بالرضا و أما البكر فيكفي في ذلك سكوتها لأنها تستحي من التصريح بالرضا.
و إذا امتنعت عن الزواج فلا يجوز أن يجبرها عليه احد و لو كان أباها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (( و البكر يستأذنها أبوها ))[5] و لا أثم على الأب إذا لم يزوجها في
هذه الحال لأنها هي التي امتنعت و لكن عليه أن يحافظ عليها و يصونها و إذا خطبها شخصان، وقالت: أريد هذا و قال وليها: تزوجي الآخر، زوجت بمن تريد هي إذا كان كفئا لها أما إذا كان غير كفء فلوليها أن يمنعها من زواجها به و لا أثم عليه في هذه الحال .
2. الولي فلا يصح النكاح بدون ولي،لقول النبي صلى الله عليه وسلم:"لا نكاح إلا بولي"[6] فلو زوجت المرأة نفسها فنكاحها باطل ، سواء باشرت العقد بنفسها أم وكَّلت فيه.
والولي :هو البالغ العاقل الرشيد من عصباتها، مثل الأب، و الجد من قبل الأب، و الابن و ابن الابن و إن نزل و الأخ الشقيق و الأخ من الأب و العم الشقيق و العم من الأب و أبنائهم الأقرب فالأقرب.ولا ولاية للأخوة من الأم و لا لأبنائهم و لا أبي الأم و الأخوال لأنهم غير عصبة و إذا كان لا بد في النكاح من الولي فانه يجب على الولي اختيار الأكفاء فالأمثل إذا تعدد الخُطَّاب فان خطبها واحد فقط وهو كفء و رضيت فانه يجب عليه أن يزوجها به وهنا نقف قليلا لنعرف مدى المسئولية الكبيرة التي يتحملها الولي بالنسبة إلى من ولاه الله عليها فهي أمانة عنده يجب عليه رعايتها ووضعها في محلها و لا يحل له احتكارها لأغراضه الشخصية أو تزويجها بغير كفئها من اجل طمع فيما يدفع اليه، فان هذا من الخيانة وقد قال الله تعالى: (( يأيها الذين امنوا لا تخونوا الله و الرسول و تخونوا أماناتكم و أنتم تعلمون))- ( الأنفال: 27).وقال تعالى: (( إن الله لا يحب كل خوان كفور))- ( الحج:38) و قال النبي صلى الله عليه وسلم: (( كلكم راع و كلكم مسئول عن رعيته))[7]. و ترى بعض الناس تخطب منه ابنته يخطبها كفء ثم يرده و يرد آخر و آخر و من كان كذلك فان ولايته تسقط و يزوجها غيره من الأولياء الأقرب فالأقرب

الفصل الرابع
في صفة المرأة التي ينبغي نكاحها

النكاح يراد للاستمتاع و تكوين أسرة صالحة و مجتمع سليم كما قلنا فيما سبق. و على هذا فالمراة التي ينبغي نكاحها هي التي يتحقق فيها استكمال هذين الغرضين و هي التي اتصفت بالجمال الحسي و المعنوي.
فالجمال الحسي: كمال الخِلقة لان المرأة كلما كانت جميلة المنظر عذبة المنطق قرت العين بالنظر إليها و أصغت الأذن إلى منطقها فينفتح لها القلب و ينشرح لها الصدر و تسكن إليها النفس و يتحقق فيها قوله تعالى: (( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها و جعل بينكم مودة و رحمة))-( الروم-21).
والجمال المعنوي: كمال الدين و الخٌلق فكلما كانت المرأة أدين و أكمل خُلُقا كانت أحب إلى النفس و أسلم عاقبة فالمراة ذات الدين قائمة بأمر الله حافظة لحقوق زوجها و فراشه و أولاده و ماله، معينه له على طاعة الله تعالى، إن نسي ذكرته و أن تثاقل نشّطته و أن غضب أرضته و المرأة الأديبة تتودد إلى زوجها و تحترمه و لا تتأخر عن شئ يحب أن تتقدم فيه و لا تتقدم في شئ يحب أن تتأخر فيه و لقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم أي النساء خير؟ قال: (( التي تسرّه إذا نظر و تطيعه إذا أمر و لا تخالفه في نفسها و لا ماله بما يكره)) [8] وقال صلى الله عليه وسلم: (( تزوجوا الودود الولود فاني مكاثر بكم الأنبياء، أو قال: الأمم))[9]فان أمكن تحصيل امرأة يتحقق فيها جمال الظاهر و جمال الباطن فهذا هو الكمال و السعادة بتوفيق الله.

******************** ***************

الفصل الخامس

في المحرمات بالنكاح

قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله فرض فرائض فلا تضيّعوها، وحد حدودا فلا تتعدوها))[10].
و من جملة الحدود الشرعية التي حدّ الله تعالى حدودها النكاح حلاًّ و حرّمة، حيث حرّم على الرجل نكاح نساء معينة لقرابة أو رضاعة أو مصاهرة أو غير ذلك – و المحرمات من النساء على قسمين:
قسم محرمات دائما و قسم محرمات إلى اجل.
1-محرمات دائما و هن ثلاثة أصناف:
أولا: المحرمات بالنسب: وهن سبع ذكرهن الله تعالى بقوله في سورة النساءحرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم و أخواتكم وعماتكم وخالاتكم و بنات الأخ وبنات الأخت)(النساء- 23) فالأمهات: يدخل فيهن:الأم، و الجدات سواء كن من جهة الأب أم من جهة الأم.
2-و البنات: يدخل فيهن: بنات الصلب و بنات الأبناء و بنات البنات ( وان نزلن).
3-و الأخوات: يدخل فيهن الأخوات الشقيقات و الأخوات من الأب و الأخوات من الأم
4- و العمات: يدخل فيهن: عمات الرجل و عمات أبيه و عمات أجداده و عمات أمه و عمات جداته.
5- و الخالات: يدخل فيهن: خالات الرجل و خالات أبيه وخالات أجداده و خالات أمه و خالات جداته.
6- و بنات الأخ: يدخل فيهن بنات الأخ الشقيق و بنات الأخ من الأب و بنات الأخ من الأم و بنات أبنائهم و بنات بناتهم( وان نزلن)
7-و بنات الأخت: يدخل فيهن: بنات الأخت الشقيقة و بنات الأخت من الأب و بنات الأخت من الأم و بنات أبنائهن و بنات بناتهن( وان نزلن).
ثانيا: المحرمات بالرضا ع: ( وهن نظير المحرمات بالنسب ) قال النبي صلى الله عليه وسلم: (( يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب))[11] و لكن الرضاع المحرم لا بد له من شروط منها:
1- أن يكون خمس رضعات فأكثر فلو رضع الطفل من المرأة أربع رضعات لم تكن أما له. لما روى مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: (( كان فيما انزل من القران عشر رضعات معلومات يحرمن، ثم نسخن بخمس معلومات، فتوفى رسول الله صلى الله عليه وسلم و هي فيما يقرا من القران)) [12]
2- أن يكون الرضاع قبل الفطام أي يشترط أن تكون الرضعات الخمس كلها قبل الفطام فان كانت بعد الفطام أو بعضها قبل الفطام و بعضها بعد الفطام لم تكن المرأة أمّا له و إذا تمت شروط الرضاع صار الطفل ولدا للمرأة و أولادها أخوة له سواء كانوا قبله أو بعده و صار أولاد صاحب اللبن أخوة له أيضا سواء كانوا من المرأة التي أرضعت الطفل أم من غيرها. وهنا يجب أن نعرف بان أقارب الطفل المرتضع سوى ذريته لا علاقة لهم بالرضا ع و لا يؤثر فيهم الرضاع شيئا فيجوز لأخيه من النسب أن يتزوج أمه من الرضاع أو أخته من الرضاع أما ذرية الطفل فإنهم يكونون أولادا للمرضعة و صاحب اللبن كما كان أبوهم من الرضاع كذلك.
3- ثالثا: المحرمات بالصهر:
1- زوجات الآباء و الأجداد و إن عَلَوا سواء من قبل الأب أم من قبل الأم، لقوله تعالى: (( ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء)) ( النساء- 22) فمتى عقد الرجل على امرأة صارت حراما على أبنائه و أبناء أبنائه و أبناء بناته و إن نزلوا سواء دخل بها أم لم يدخل بها.
2- زوجات الأبناء وان نزلوا،لقوله تعالىو حلائل أبنائكم الذين من أصلابكم)( النساء-23) فمتى عقد الرجل على امرأة صارت حراما على أبيه و أجداده و إن علوا سواء من قبل الأب أم من قبل الأم بمجرد العقد عليها و إن لم يدخل بها.
3- أم الزوجة وجداتها و إن علون، لقوله تعالى و أمهات نسائكم)( النساء- 23) فمتى عقد الرجل على امرأة صارت أمها و جدتها حراما عليه بمجرد العقد و إن لم يدخل بها سواء كن جدتها من قبل الأب أم من قبل الأم.
4- بنات الزوجة، و بنات أبنائها و بنات بناتها وان نزلن وهن الربائب و فروعهن لكن بشرط أن يطأ الزوجة فلو حصل الفراق قبل الوطء لم تحرم الربائب و فروعهن، لقوله تعالى: (( و ربائبكم الآتي في حجوركم من نسائكم الآتي دخلتم بهن فان لم كونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم))-( النساء-23) فمتى تزوج الرجل امرأة ووطئها صارت بناتها و بنات أبنائها و بنات بناتها و إن نزلن حراما عليه سواء كن من زوج قبله أم من زوج بعده أما إن حصل الفراق بينهما قبل الوطء فان الربائب و فروعهن لا يحرمن عليه.
2- المحرمات إلى اجل
وهن أصناف منها:
1- أخت الزوجة و عمتها و خالتها حتى يفارق الزوجة فرقة موت أو فرقة حياة و تنقضي عدتها لقوله تعالى: (( و أن تجمعوا بين الأختين))-( النساء- 23) و قول النبي صلى الله عليه وسلم: (( لا يجمع بين المرأة و عمتها و لا بين المرأة و خالتها))[13]
2-متعددة الغير: أي إذا كانت المرأة في عدة لغيره فانه لا يجوز له نكاحها حتى تنتهي عدتها و كذلك لا يجوز له أن يخطبها إذا كانت في العدة حتى تنتهي عدتها.
3-المحرمة بحج أو عمرة: لا يجوز عقد النكاح عليها حتى تحل من إحرامها. وهناك محرمات أخرى تركنا الكلام فيهن خوفا من التطويل.
و أما الحيض: فلا يوجب تحريم العقد على المرأة فيعقد عليها وان كانت حائضا لكن لا توطأ حتى تطهر و تغتسل.

الفصل السادس
في العدد المباح في النكاح

لما كان إطلاق العنان للشخص في تزوّج ما شاء من العدد أمرا يؤدي إلى الفوضى و الظلم و عدم القدرة على القيام بحقوق الزوجات و كان حصر الرجل على زوجة واحدة قد يفضي إلى الشر و قضاء الشهوة بطريقة أخرى محرمة أباح الشارع للناس التعدد إلى أربعة فقط لأنه العدد الذي يتمكن به الرجل من تحقيق العدل و القيام بحق الزوجة و يسد حاجته إن احتاج إلى أكثر من واحدة. قال الله تعالى: (( فأنكحوا ما طاب لكم النساء مثنى و ثلاث و رباع فان خفتم الا تعدلوا فواحدة))- ( النساء- 3) و في عهد النبي صلى الله عليه وسلم اسلم غيلان الثقفي و عنده عشرة نساء فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يختار منهن أربعا و يفارق البواقي، وقال قيس بن الحارث: أسلمت و عندي ثمانية نسوة فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت له ذلك فقال: (( اختر منهن أربعا))[14].

فوائد النساء إلى هذا الحد:

1- انه قد يكون ضروريا في بعض الأحيان مثل: أن تكون الزوجة كبيرة السن أو مريضة لو اقتصر عليها لم يكن له منها إعفاف و تكون ذات أولاد منه فان امسكها خاف على نفسه المشقة بترك النكاح أو ربما يخاف الزنا وإن طلقها فرق بينها وبين أولادها فلا تزول هذه المشكلة الا بحل التعدد.

2- إن النكاح سبب للصلة و الارتباط بين الناس و قد جعله الله تعالى قسيما للنسب فقال تعالى( وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا و صهرا))- ( الفرقان-54) فتعدد الزوجات يربط بين أسر كثيرة و يصل بعضهم ببعض وهذا أحد الأسباب التي حملت النبي صلى الله عليه وسلم أن يتزوج بعدد من النساء

3- يترتب عليه صون عدد كبير من النساء و القيام بحاجتهن من النفقة و المسكن وكثرة الأولاد و النسل و هذا أمر مطلوب للشارع.

4- من الرجال من يكون حاد الشهوة لا تكفيه الواحدة و هو تقي نزيه و يخاف الزنا ولكن يريد أن يقضي وطرا في التمتع الحلال فكان من رحمة الله تعالى بالخلق أن أباح لهم التعدد على وجه سليم.

******************** ***************

الفصل السابع – في حكمة النكاح

قبل أن نبدأ الكلام في خصوص تلك المسألة يجب علينا أن نعلم علما يقينا بان الأحكام الشرعية كلها حِكَم و كلها في موضعها وليس فيها شئ من العبث و السفه ذلك لأنها من لدن حكيم خبير و لكن هل الحِكَم كلها للخلق؟ إن الآدمي محدود في علمه وتفكيره وعقله فلا يمكن أن يعلم كل شئ و لا أن يُلهَم معرفَة كل شئ قال الله تعالى: ((وما أوتيتم من العلم الا قليلا)( الإسراء-85) إذن: فالأحكام الشرعية التي شرعها الله لعباده يجب علينا الرضا بها سواء علمنا حكمتها أم لم نعلم لأننا إذا لم نعلم حكمتها فليس معناه انه لا حِكَمة فيها في الواقع إنما معناه قصور عقولنا و أفهامنا عن إدراك الحكمة.

من الحكم في النكاح: 1-حفظ كل من الزوجين و صيانته قال النبي صلى الله عليه وسلم: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فانه أغض للبصر وأحصن للفرج))[15]

2-حفظ المجتمع من الشر و تحلل الأخلاق فلولا النكاح لانتشرت الرذائل بين الرجال و النساء.

3-استمتاع كل من الزوجين بالآخر بما يجب له من حقوق و عشرة فالرجل يكفل المرأة و يقوم بنفقاتها من طعام و شراب و مسكن و لباس بالمعروف قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((و لهن عليكم رزقهن و كسوتهن بالمعروف))[16] و المرأة تكفل الرجل أيضا بالقيام بما يلزمها في البيت من رعاية و إصلاح قال النبي صلى الله عليه وسلم: (( … و المرأة راعية في بيت زوجها و مسئولة عن رعيتها)) [17]

4- أحكام الصلة بين الأسر و القبائل فكم من أسرتين متباعدتين لا تعرف إحداهما الأخرى و بالزواج يحصل التقارب بينهما و الاتصال و لهذا جعل الله الصهر قسيما للنسب كما تقدم.

5- بقاء النوع الإنساني على وجه سليم فان النكاح سبب للنسل الذي به بقاء الإنسان قال الله تعالى: (( يأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة و خلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء)) ( النساء-1) و لو لا النكاح للزم احد أمرين أما: 1- فناء الإنسان 2- أو وجود إنسان ناشئ من سفاح لا يعرف له اصل و لا يقوم على أخلاق- و يطيب لي أن استطرد هنا قليلا لحكم تحديد النسل فأقول: تحديد النسل بعدد معين خلاف مطلوب الشارع فان النبي صلى الله عليه وسلم أمر بتزوّج المرأة الولود أي كثيرة الولادة وعلل ذلك بأنه مكاثر بنا الأمم أو الأنبياء و قال أهل الفقه: ينبغي أن يتزوج المرأة المعروفة بكثرة الولادة أما بنفسها إن كانت تزوجت من قبل و عرفت بكثرة الولادة أو بأقاربها كأمها و أختها إذا كانت لم تتزوج من قبل.

ثم ما الداعي لتحديد النسل؟ هل هو الخوف من ضيق الرزق أو الخوف من تعب التربية ؟ إن كان الاول فهذا سوء ظن بالله تعالى لان الله سبحانه وتعالى إذا خلق خلقا فلا بد أن يرزقه. قال الله تعالى: (( و ما من دابة في الأرض الا على الله رزقها)) (هود-6) وقال تعالىوكأين من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها و إياكم وهو السميع البصير)( العنكبوت 60) وقال تعالى في الذين يقتلون أولادهم خشية الفقر: (( نحن نرزقهم وإياكم)) ( الإسراء 31) و إن كان الداعي لتحديد النسل هو الخوف من تعب التربية فهذا خطأ فكم من عدد قليل من الأولاد أتعبوا أتعابا كبيرا في التربية و كم من عدد سهلت تربيتهم بأكثر ممن هم دونهم بكثير. فالمدار في التربية صعوبة و سهولة على تيسير الله تعالى و كلما اتقى العبد ربه و تمشى على الطرق الشرعية سهل الله أمره قال الله تعالى: (( و من يتقى الله يجعل له من أمره يسرا)) ( الطلاق 4).

و إذا تبين أن تحديد النسل خلاف المشروع فهل تنظيم النسل على الوجه الملائم لحال الأم من ذلك؟ الجواب: لا ليس تنظيم النسل على الوجه الملائم لحال الأم من تحديد النسل في شئ و أعني بتنظيم النسل أن يستعمل الزوجان أو احدهما طريقة تمنع من الحمل في وقت دون وقت فهذا جائز إذا رضي به من الزوج و الزوجة مثل: أن تكون الزوجة ضعيفة و الحمل يزيد ها ضعفا أو مرضا وهي كثيرة الحمل فتستعمل برضا الزوج هذه الحبوب التي تمنع من الحمل مدة معينة فلا باس بذلك وقد كان الصحابة يعزلون في عهد النبي صلى الله عليه وسلم و لم يُنهوا عن ذلك و العزل من أسباب امتناع الحمل من هذا الوطء.
الفصل الثامن

في الآثار المترتبة على النكاح
يترتب على النكاح آثار كثيرة منها ما يلي:

أولا: وجوب المهر: و المهر: هو الصداق المسمى باللغة العامية – ( جهازا- فالمهر ثابت للمرأة بالنكاح سواء شرط أم سكت عنه وهو (المال المدفوع للزوجة بسبب عقد النكاح) فان كان معيّنا فهو ما عيِّن سواء كان قليلا أم كثيرا و إن كان غير معيَّن بان عقد عليها و لم يدفع جهازا و لم يسمُّوا شيئا فعلى الزوج أن يدفع إليها مهر المثل وهو ما جرت العادة أن يدفع لمثلها – وكما يكون المهر مالا أي عينا يكون كذلك منفعة فلقد زوج النبي صلى الله عليه وسلم امرأة برجل على أن يعلمها شيئا من القران[18] و المشروع في المهر أن يكون قليلا فكلما قل و تيسر فهو أفضل اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم و تحصيلا للبركة فان أعظم النكاح بركة أيسره مؤونة و روى مسلم في صحيحه أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أني تزوجت امرأة.قال: (( كم أصدقتها ؟ قال: أربع أواق ( يعني مائة و ستين درهما ) فقال النبي صلى الله عليه وسلم: على أربع أواق كأنما تنحتون الفضة من عرض هذا الجبل، ما عندنا ما نعطيك و لكن عسى أن نبعثك في بعث تصيب منه))[19] وقال عمر رضي الله عنه: (( لا تَغلُوا صدق النساء فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى في الآخرة كان أولاكم بها النبي صلى الله عليه وسلم، ما اصدق النبي صلى الله عليه وسلم امرأة من نسائه و لا أصدقت امرأة من بناته أكثر من اثنتي عشرة أوقية، و الأوقية أربعون درهما)) و لقد كان تصاعد المهور في هذه السنين له أثره السيئ في منع كثير من الناس من النكاح رجالا و نساء و صار الرجل يمضي السنوات الكثيرة قبل أن يحصِّل المهر، فنتج عن ذلك مفاسد منها:

1-تعطل كثير من الرجال و النساء عن النكاح 2- أن أهل المرأة صاروا ينظرون إلى المهر قلة و كثرة فالمهر عند كثير منهم هو ما يستفيدونه من الرجل لامرأته فإذا كان كثيرا زوَّجوا و لم ينظروا للعواقب و إن كان قليلا ردوا الزوج و إن كان مَرْضيا في دينه و خُلُقه 3- أنه إذا ساءت العلاقة بين الزوج و الزوجة و كان المهر بهذا القدر الباهظ فانه لا تسمح نفسه غالبا بمفارقتها بإحسان بل يؤذيها و يتعبها لعلها ترد شيئا مما دفع إليها و لو كان المهر قليلا لهان عليه فراقها. ولو أن الناس اقتصدوا في المهر و تعاونوا في ذلك و بدا الأعيان بتنفيذ هذا الأمر لحصل للمجتمع خير كثير و راحة كبيرة و تحصين كثير من الرجال و النساء و لكن مع الأسف أن الناس صاروا يتبارون في السبق إلى تصاعد المهور و زيادتها فكل سنة يضيفون أشياء لم تكن معروفة من قبل ولا ندري إلى أي غاية ينتهون؟ و لقد كان بعض الناس و خصوصا البادية يسلكون مسلكا فيه بعض السهولة وهو تأجيل شئ من المهر مثل: أن يزوجه بمهر قدره كذا نصفه حال و نصفه مؤجل إلى سنة أو اقل أو أكثر و هذا يخفف عن الزوج بعض التخفيف.

ثانيا: النفقة: فعلى الزوج أن ينفق على زوجته بالمعروف طعاما وشرابا و كسوة و سكني فان بخل بشئ من الواجب فهو آثم و لها أن تأخذ من ماله بقدر كفايتها أو تستدين عليه و يلزمه الوفاء –

ومن النفقة: الوليمة وهي ما يصنعه الزوج من الطعام أيام الزواج و يدعو الناس إليه و هي سنة مأمور بها لان النبي صلى الله عليه وسلم فعلها و أمر بها و لكن يجب في الوليمة أن يتجنب فيها الإسراف المحرم و ينبغي أن تكون بقدر حال الزوج أما ما يفعله بعض الناس من الإسراف فيها كمية و كيفية فإنه لا ينبغي و يترتب عليه صرف أموال كثيرة بلا فائدة.

ثالثا: الصلة بين الزوج زوجته و بين أهليهما: فقد جعل الله بين الزوج و زوجته مودة و رحمة و هذا الاتصال يوجب الحقوق المترتبة عليه عرفا فانه كلما حصلت الصلة وجب من الحقوق بقدرها.

رابعا: المحرمية: فان الزوج يكون محرما لأمهات زوجته و جداتها و إن علون و يكون محرما لبناتها و بنات أبنائها و بنات بناتها و إن نزلن إذا كان دخل بأمهن الزوجة و كذلك الزوجة تكون من محارم أباء الزوج و إن علوا و أبنائه و إن نزلوا.

خامسا: الإرث: فمتى عقد شخص على امرأة بنكاح صحيح فانه يجري التوارث بينهما لقوله تعالى: (( ولكم نصف ما ترك أزواجكم)) إلى قوله: (( توصون بها أو دين)) ( النساء 12) و لا فرق بين أن يدخل و يخلو بها أم لا.

******************** **************

الفصل التاسع

في حكم الطلاق و ما يراعى فيه

الطلاق فراق الزوجة باللفظ أو الكتابة أو الإشارة.

والأصل في الطلاق أنه مكروه إذ إنّه يحصل به تفويت مصالح النكاح السابقة، وتشتيت الأسرة، وفي الحديث: ( أبغض الحلال عند الله الطلاق ).

ولكن لما كان الطلاق لا بد منه أحيانا أما لتأذي المرأة ببقائها مع الرجل، أو لتأذي الرجل منها، أو لغير ذلك من المقاصد، كان من رحمة الله أن أباحه لعباده، ولم يحجر عليهم بالتضييق والمشقة.

فإذا كره الرجل زوجته ولم يتحمل الصبر فلا باس أن يطلقها، ولكن يجب أن يراعي ما يأتي:

1- الا يطلقها وهي حائض:

فإن طلقها وهي حائض فقد عصى الله ورسوله، وارتكب محرما، ويجب عليه حينئذ أن يراجع ويبقيها حتى تطهر، ثم يطلقها إن شاء، والأولى أن يتركها حتى تحيض المرة الثانية، فإذا طهرت فان شاء أمسكها، وان شاء طلقها.

2- الا يطلقها في طهر جامعها فيه الا أن يتبين حملها:

فإذا همّ رجل بطلاق امرأته، وقد جامعها بعد حيضتها، فانه لا يطلقها حتى تحيض ثم تطهر، ولو طالت المدة، ثم إن شاء طلقها قبل أن يمسها. الا إذا تبين حملها، أو كانت حاملا، فلا باس أن يطلقها.قال الله تعالىيأيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن) [الطلاق:1].

قال ابن عباس رضي الله عنهما: ( لا يطلقها وهي حائض، ولا في طهر قد جامعها فيه، ولكن يتركها إذا حاضت وطهرت طلقها تطليقة).

3- الا يطلقها أكثر من واحدة:

فلا يقول: أنت طالق طلقتين، أو أنت طالق ثلاثا، أو أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق، فطلاق الثلاث محرم لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال في رجل طلق امرأته ثلاث تطليقات جميعا: ( أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم؟ حتى قام رجل فقال: يا رسول الله، الا اقتله؟)[20]

وان كثير من الناس يجهلون أحكام الطلاق، فأي وقت طرأ عليهم الطلاق طلقوا من غير مبالاة بوقت أو عدد.

والواجب علي العبد أن يتقيد بحدود الله، ولا يتعداها. فقد قال الله تعالى: ( ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه)[ الطلاق:1] وقال: (ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون) [ البقرة:229]
——————————————————————————–

الفصل العاشر

فيما يترتب علي الطلاق

لما كان الطلاق فراق الزوجة، فانه يترتب علي هذا الفراق أحكام كثيرة منها:

1- وجوب العدة إذا كان الزوج قد دخل بزوجته أو خلا بها.

أما إن طلقها قبل أن يدخل بها ويخلو بها، فلا عدة له عليها، لقوله تعالى: ( يأيها الذين امنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها)[ الأحزاب:49].

والعدة ثلاث حيض إن كانت من ذوات الحيض، وثلاثة اشهر إن لم تكن من ذوات الحيض، ووضع الحمل إن كانت حاملا

2- تحريم الزوجة علي الزوج إذا كان قد طلقها قبل ذلك الطلاق مرتين:

يعني: لو طلق زوجته ثم راجعها في العدة، أو تزوجها بعد العدة، ثم طلقها مرة ثانية وراجعها في العدة، أو تزوجها بعدها، ثم طلقها المرة الثالثة، فإنها لا تحل له بعد ذلك حتى تنكح زوجا غيره نكاحا صحيحا، ويجامعها فيه، ثم يرغب عنها ويطلقها، فإنها بعد ذلك تحل للأول، لقوله تعالى: ( الطلاق مرتان فإمساك بإحسان أو تسريح بمعروف)[ البقرة: 229]. إلى أن قال: ( فان طلقها) يعني المرة الثالثة( فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره فان طلقها) يعني الثاني ( فلا جناح عليهما) يعني الزوج الاول وزوجته التي طلقها ( أن يتراجعا إن ظنا أن يقيما حدود الله وتلك حدود الله يبينها لقوم يعلمون)[ البقرة: 230].

وإنما حرم الله المرأة علي من طلقها ثلاث مرات حتى تنكح زوجا غيره، لأن الناس كانوا في أول الإسلام يطلقون ويراجعون بأي عدد كان، فغضب رجل علي امرأته فقال لها: والله لا أؤويك ولا أفارقك. قالت: وكيف ذلك؟ قال: أطلقك فإذا دنا أجلك راجعتك، ثم أطلقك فإذا دنا أجلك راجعتك، فذكرت المرأة ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله تعالى( الطلاق مرتان). ووقّت العدة ثلاث رحمة بالنساء من أزواجهن.

************
أيها الاخوة:

لعلنا أتينا بجمل كثيرة من أحكام النكاح، متحرين بذلك أن تكون بالقدر المناسب من غير تطويل ممل ولا تقصير مخل.. واسأل الله تعالى أن ينفع بها، وأن يجعل العمل خالصا لله موافقا لمرضاة الله، وان يجعل من هذه الأمة جيلا عالما بأحكام الله، حافظا لحدود الله، قائما بأمر الله، هاديا لعباد الله.

ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا، وهب لنا من لدنك رحمة انك أنت الوهاب.

ربنا آتينا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار.. وصلى الله على نبينا محمد واله وصحبه وسلم.

——————————————————————————–

وهذا

فهرس الاحاديث التي وردت بالموضوع :

[2] رواه البخاري كتاب النكاح باب الترغيب في النكاح – رقم (5063) و مسلم في كتاب نفسه من المحرم النكاح باب من استطاع منكم الباءة فليتزوج – رقم( 1401).

[3] رواه البخاري كتاب النكاح باب من لم يستطع الباءة فليصم رقم( 5066) ومسلم كتاب النكاح باب من استطاع منكم الباءة فليتزوج رقم(1400)

[4] رواه البخاري كتاب النكاح باب لا ينكح الأب و غيره البكر و الثيب الا برضاها رقم( 5136) و مسلم كتاب النكاح باب استئذان الثيب في النكاح رقم( 1419)

[5] رواه مسلم كتاب النكاح باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق و البكر بالسكوت رقم( 1421)

[6] رواه أبو داود كتاب النكاح باب في الولي رقم( 2085) و الترمذي، كتاب النكاح باب ما جاء لا نكاح إلا بولي رقم ( 1101) و ابن ماجه كتاب النكاح باب لا نكاح إلا بولي رقم( 1881)—

[7] رواه البخاري كتاب النكاح باب (( قو أنفسكم و أهليكم نارا))رقم( 5188)و مسلم كتاب الإمارة باب فضيلة الإمام العادل رقم(1829)

[8] رواه احمد (2/251) و النسائي كتاب النكاح باب أي النساء خير رقم( 3231)

[9] رواه أبو داود كتاب النكاح باب النهي عن تزويج من لم يلد من النساء رقم( 2050)و النسائي كتاب النكاح باب كراهية تزويج العقيم رقم( 3227).

[10] رواه الدارقطني في سننه ( 4/184)

[11] رواه البخاري كتاب الشهادات باب الشهادة على الأنساب و الرضاعة رقم( 2645، 2646) و مسلم كتاب الرضاع باب يحرم من الرضاعة ما يحرم من الولادة رقم( 1447، 1444).

[12] رواه مسلم كتاب الرضاع باب التحريم بخمس رضعات رقم( 1452)

[13] رواه البخاري كتاب النكاح باب لا تنكح المرأة على عمتها رقم( 5109) و مسلم كتاب النكاح باب تحريم الجمع بين المرأة و عمتها رقم(1408) – متفق عليه.

[14] رواه أبو داود كتاب الطلاق باب فيمن اسلم و عنده نساء أكثر من أربع رقم( 2241)

[15] سبق تخريجه ص 14

[16] رواه احمد ( 5/73) وأبو داود كتاب المناسك باب صفة حجة النبي صلى الله عليه و سلم رقم( 1905) و ابن ماجه كتاب المناسك باب حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم رقم(3074)

[17] سبق تخريجه ص 18

[18] رواه البخاري كتاب النكاح باب تزويج المعسر رقم( 5087) و مسلم كتاب النكاح باب الصداق و جواز كونه تعليم قران رقم( 1443)

[19] رواه مسلم كتاب النكاح باب ندب النظر إلى المرأة رقم( 1443)

[20] رواه النسائي، كتاب الطلاق، باب الثلاث المجموعة وما فيه من التغليظ رقم(3401).

و لا تنسونا من صالح دعائكم
و بارك الله فيكم
و السلام عليكم
منقووول




رد: كل ما يتعلق بالزواج واحكامه الشرعية

بعد التحية و السلام :
والله أختنا الفاضلة حياة دائما مجدة و مجتهدة , ناجحة , متألقة , نتمنى لك المزيد إن شاء الله .
أعجبني موضوعك المنقول و لو أننا نستبق الأمور …… لكن من باب الفائدة و التثقف فلا بأس بذالك.
إلى اللقاء و تقبلي مروري و تحياتي .
شكرا كثيرا على الموضوع .
تحياتي لك .

الونشريس

الونشريس




رد: كل ما يتعلق بالزواج واحكامه الشرعية

العفو اخي الاخضر الونشريس




التصنيفات
العلوم الشرعية في التعليم الثانوي

ملخص دروس العلوم الشرعية في شعبة آداب وفلسفة 2022

ملخص دروس العلوم الشرعية في شعبة آداب وفلسفة 2022


الونشريس

ملخص دروس العلوم الشرعية في شعبة آداب وفلسفة 2022

الونشريس