السلام عليكم …………..
أريد بحثا عن التغيرات الدلالية……. فهل من يفيدنا في هذا الموضوع أشكركم مسبقا
الله يجازيكم كل خير…………..في أقرب وقت
أنا في انتظاركم………..في أمان الله
أين…………………أنتم……………….
لا مساعدة…………شكرا ما قصرتوا
………………………………………
……………………………………….
…………………………….
أين أنتم
التغيّر الدلالي: أسبابه وأشكاله
أ.شهرزاد بن يونس
يحتل موضوع “التغير الدلالي” مركزا هاما في الأبحاث والدراسات التي تندرج ضمن محور الدرس الدلالي الحديث، إذ نراه محورا رئيسا في سلسلة الدراسات التي تقدم بها علم الدلالة التاريخي (Sémasiologie)؛ إذ من موضوعات هذا العلم البحث في موضع تغيّر المعنى، وصور هذا التغيّر، وأسباب حدوثه، وكذا الأسباب المختلفة التي تتدخل في حياة الألفاظ أو موتها.
واستنادا إلى هذا التوجه يرى اللغويون أن التغير الدلالي ليس إلا جانبا من جوانب التطور الدلالي، الذي يدرس ضمن أنظمة اللغة من خلال اتصالها بإطاري الزمان والمكان، وليس من الضروري القصد إلى استخلاص قوانين تحاكي في اطرادها ودقتها القوانين العلمية.
وتجدر الإشارة إلى أن معظم اللغويين القدامى ولا سيما العرب منهم وقفوا من مظاهر التغيّر اللغوي عامة موقفا متشددا، إذ دأبوا على عدّ كل انحراف عن أنظمة اللغة أو دلالات ألفاظها خطأ يجب أن يقاوم.
أمّا بالنظر إلى قطاعات الدرس اللساني الحديث، فإنّ التّغير الدلالي يمكن ملاحظته في الأصوات أو الصرف أو التركيب أو الدلالة، ولأن اللغة ليست هامدة أو ساكنة بحال من الأحوال، فقد سعت بحوث ودراسات كثيرة إلى تبيّن ملامح التغيّر الخاصة بهذا القطاع من اللغة أو ذاك، وصولا إلى سمات عامة أو قوانين مشتركة تتقاسمها اللغات جميعا، «وأنّ انتقال الدلالات بعلاقات متباينة، وأعراض مخصوصة، كالتعميم، والتخصيص، والرقي والانحلال، والنقل ناموس نافذ لا شبهة عليه»(1).
ولقد عبّر “أندريه مارتيني” عن أهمية الموضوعية في حقل التغيّر الدلالي حين رأى أن عالم اللغة يهتم بتسجيل التغيرات التي طرأت على أنها وقائع تسجل وتشرح ضمن إطار العادات اللغوية التي ينتمي إليها. وليس من حق عالم اللغة أن يصدر حكمه لها أو عليها(2). فكل ما يعنيه الباحثون من التغير هو «أن هناك شيئا ما حدث للغة، أو أن هناك ظواهر لحقت بها في فترة زمنية معينة، وعلى هذا المستوى من الدرس اللغوي أو ذاك.
إنّ هذا التغير من الضروري أن يكون نتيجة لجملة من الأسباب ها ما هو داخلي ومنها ما هو خارجي،وهي كالآتي:
1-أسباب التغير الدلالي
أ-الأسباب الداخلية: وهي الأسباب الصوتية والاشتقاقية والصرفية والنحوية التي تحدث تغيرات في واحد من أبعاد العلامة اللغوية، قد يكون اللفظ وقد يكون المعنى.ويمكن إيجازها في النقاط الآتية:
* بنية الكلمة: ونعني بها بنيتيها الصوتية والصرفية، «فكلما ثبتت أصوات الكلمة حافظت الكلمة ذاتها على معناها الأصلي، وفي المقابل كلما كانت أصواتها عرضة للتغيّر، أدّى ذلك إلى إمكانية تعرض معناها للتبدّل أيضا»(3). ويكون هذا التغير على شكل انحراف أو خروج عن المألوف، ولكن هذا التغير سرعان ما يغدو بعد كثرة الاستعمال عرفا متواضعا عليه.
إن التقارب بين صوتين من كلمتين مختلفتين قد يؤدي إلى جعلهما كلمة واحدة ذات معنيين في كلمة (كماش وقماش) فالأولى فارسية تعني الفتات، كما قد يؤدي الانحراف في نطق بعض الأصوات إلى اتجاه عكسي، إذ تغدو للكلمة صورتان لفظيتان أو أكثر مما يفضي إلى الترادف مثل: (السقر، الزقر، الصقر)، وتسهم الأسباب الاشتقاقية التي تنتج عن مجانسة في الأصول في إبراز أمثلة من تغيّر الدلالة، كما تؤدي الأسباب النحوية (الموقعية) في السياق اللغوي إلى الكثير من التغيّر الناشئ عن كثرة استعمال كلمة في موضع معيّن. من ذلك قوله تعالى: ]ولا تنازعوا فتفشلوا[؛ فكلمة الفشل هنا في أصل وضعها تعني الضّعف، ولكنها في السياق تعبّر عن الإخفاق.
ما بفعل التصريف فمثاله كلمة (ولد) العربية، التي تدل في الأصل على عموم المولود، ذكر كان أو أنثى قوله تعالى: ]يُوصِيكُمْ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ[ [النساء/11]، ولكنها في الاستعمال ارتبطت فقط بالذكر دون الأنثى(4).
*كثرة التوظيف المجازي: وذلك أن يجري استعمال الكلمة في معنى غير المعنى الأصلي الذي وضعت له، ثم بالاستعمال يصير منافسا للمعنى الحقيقي، فيسيران جنبا إلى جنب مثل كلمة (المجد) التي تطلق على امتلاء بطن الدابة من العلف ونحوه، ثم وظفت مجازا في الامتلاء بالكرم(*).
أو كلمة (برّد)، التي تعني التبريد فقط، عبّرت مجازا عن التسخين أيضا في قول الشاعر:
عافت الشرب في الشتاء فقلنا لها برّديه تصادفيه سخينا
*اختصار العبارة: وهو لون من ألوان الإيجاز، الذي يتعهده المتكلم من أجل الاختصار في الكلام، من ذلك كلمة رئيس الجمهورية الجزائرية، تختصر إلى (رئيس)، ويقال: الشيخان ويقصد بهما شيخا أهل رواية الحديث: البخاري ومسلم.
ب-الأسباب الخارجية:
وترتبط هذه الأسباب بالعوامل الاجتماعية والتاريخية والسياسية التي تؤدي إلى تغيّر المعنى. لأنّ التاريخ والثقافة والسلوك وطرق العيش تأتلف جميعا لتكوّن المجتمع البشري، فالدين الإسلامي عندما ظهر في حياة العرب، أثر في عدد كبير من المفردات، فأمات كلمات متعددة لنفور الدين الجديد منها، وأحدث كلمات جديدة لفظا ومعنى، من ذلك كلمات: الخليفة، بيت المال، أهل الذمة، وكلمات أخرى خصصت معانيها بعد تعميم مثل: الحج، والصلاة والصوم(5).
كلمة الطول مثلا في العهد الإسلامي كانت مرتبطة بالكرم، فمما يروي أن نساء النبي محمد صلى الله عليه وسلم قد سألنه: «أيّنا أسرع لحاقا بك يا رسول الله؟» فقال: «أطولكن يدا»، بمعنى أكرمكن، ولكن الطول في المفهوم الحديث يعني الاختلاس والسرقة، “الحقيقة” كانت تطلق على الشعر الذي يولد به الولد تطورت لتعبّر عن الذبيحة عند حلق ذلك الشعر.
“الأسرة” كانت تطلق على الملوك من سلالة واحدة، يتعاقبون على الملك بالوراثة، ثم تغيرت دلالتها للدلالة على الأفراد الذين تربطهم قرابة دم(*).
وتعد الحاجة أكثر الأسباب الخارجية التي تؤدي إلى ظهور ألفاظ جديدة بدلالات جديدة، أو ألفاظ قديمة بدلالات جديدة عن طريق التحوّل أو النقل، أو المجاز، فقد أضيفت كلمة (تلفون) إلى كلمة هاتف، والثلاجة إلى البّرادة، و(مدية) إلى السكين وغيرها(6). أو عن طريق صك لفظ جديد (Coining) على طريقة كلمات لغة معينة.
ويدخل في هذا السياق الافتراض اللغوي بكل أنواعه، من ذلك كلمة (Mouton) الفرنسية التي تطلق على الحروف مطلقا، بينما الانجليزية خصت (Mutton) للدلالة على قطعة اللحم، بينما استعملت (Sheep) للدلالة على الخروف.
كلمة (كتاب) المقصود بها الرسالة ديوانية أو إخوانية، أما الآن فهي تعني كما هائلا من الصفحات جمعت بين دفتين، أو كلمة ريشة، وكذا بعض الألفاظ المقدسة التي تكتب ولا تنطق مثل اسم الجلالة (يَهْوَه) في اليهودية، يستبدل بسيدي.
ويضيف أحمد مختار عمر إلى هذه الأسباب سببا آخر هو الابتداع(7)، Innovation أو الخلق (Creativity) من الأسباب الواعية لتغير المعنى، وكثيرا ما يكون على يد الموهوبين من أصحاب المهارة اللغوية كالشعراء والأدباء، أو إلى المجامع اللغوية والهيئات العلمية حين تحتاج إلى استخدام لفظ ما لتعبير عن فكرة أو مفهوم معين، وبهذا تعطى الكلمة معنى جديدا يبدأ أول الأمر اصطلاحيا، ثم قد يخرج إلى دائرة المجتمع فيعزو اللغة المشتركة أيضا.
2-أشكال تغير المعنى (مظاهره)
1-توسيع المعنى: يقع توسيع المعنى (Widening) أو امتداه (Extention) عندما يحدث الانتقال من معنى خاص إلى معنى عام(8). ويشيع هذا النوع من التغير عن الطفل الذي قد يطلق كلمة كرة على كل الأشياء التي تشبهها (التفاحة، البرتقالة…)، ومن الأمثلة أيضا كلمة (Salary) التي تعني الآن المرتب من أي نوع كان، ارتبطت قديما بحصة الجندي من الملح، ثم توسعت إلى مرتبه، إلى أن أصبحت بالدلالة المعهودة الآن.
وكلمة (Barn) الإنجليزية كانت تدل فيها مضى على “مخزن الشعير” ولكنها الآن تدل على أي مخزن كان للشعير أو غيره، وكذا كلمة اليأس العربية كانت للحرب فقط، فقد أصبحت تطلق الآن على كل شدة.
2-تضييق المعنى:
أطلق عليه إبراهيم أنيس مصطلح تخصيص المعنى (Narrowing)، لأنه يسير في الاتجاه العكسي للمصطلح السابق، والمقصود به تحويل الدلالة من المعنى الكلي إلى المعنى الجزئي أو تضييق مجالها(9).
مثال ذلك كلمة “الفاكهة” كان من معانيها (الثمار كلها) ثم خصص هذا المعنى للدلالة على أنواع معينة من الثمار كالتفاح والعنب…الخ.
كذلك كلمة (Poison) الإنجليزية ومعناها السّم، كان الأصل فيها أنها “الجرعة من كل سائل”(10).
3-نقل المعنى:
يقول فندريس في تحديد المراد بنقل المعنى: «يكون الانتقال عندما يتعادل المعنيان أو إذا كانا لا يختلفان من جهة العموم والخصوص…»(11)، أي أن الاستعمال الجديد لا يكون أخصّ من القديم ولا أعم منه، وإنّما مساو له، ولهذا يتخذ الانتقال المجاز سبيلا له، لما يملكه المجاز من قوة التصرف في المعاني عبر مجموعة من العلاقات والأشكال، من أمثلة ذلك كلمة الإدغام وتعني إدخال حرف مكان حرف في الدرس الصوفي، ولكن أصل الكلمة هو إدخال اللجام في فم الدواب لوجه الشبه بين الفعلين فانتقل المعنى من المحسوس إلى المجرد، كذلك كلمة أبرم معاهدة من إبرام الفتل في الحبل وإجادته.
4-التغير الانحطاطي: (الخافض)
هذا التغيّر في المعنى يصدق على الكلمات التي كان دلالتها تعد في نظر الجماعة (نبيلة) رفيعة “قوية” نسبيا، ثم تحوّلت هذه الدلالات فصارت دون ذلك مرتبة أو أصبح لها ارتباطات تزدريها الجماعة.
ومن الكلمات التي كانت دلالاتها قوية أصلا ثم هان شأنها نسبيا، تهديدنا الخصم عند الشجار بالقتل، وكسر الرجلين، ولا شيء من ذلك يحدث، ولا يعتبر هذا في نظر القضاء مثلا مشروعا في القتل حقا.
وفقد في المقابل كثير من ألقاب الطبقة العليا ما كان لها من بريق نتيجة تعلقها بالنظام الإقطاعي وبالسيادة بوجه عام، وشاع إطلاق الكثير من هذه الألقاب على الأشخاص العاديين وذلك مثل: Lady, Sir في الإنجليزية، Madame, Monsieur في الفرنسية، Frau, Herr في الألمانية، Senora, Senor في الإيطالية(12).
5-التغيّر المتسامي (رقي الدلالة):
يتضح من اسم هذا النوع من أنواع هذا التغير في المعنى أنّه يطلق على ما يصيب الكلمات التي كانت تشير إلى معان هينة أو “وضيعة” نسبيا ثم صارت تدل في نظر الجماعة الكلامية على معان أرفع أو أشرف أو أقوى.
مثل ذلك الكلمة الإنجليزية Marshal التي كانت تعني في وقت من الأوقات الغلام الذي يتعهد الأفراس، أي صبيّ الإسطبل.
كذلك كلمة (بيت) في اللغة العربية انتقلت من الدلالة على المسكن المصنوع من الشعر إلى البيت الكبير الضخم، المتعدد المساكن، كذلك كلمة (الرسول) انتقلت من المهنة العادية وارتقت إلى رسالة ربانية، كلمة (الدولة) كانت تعني تقلب الحال والزمان ثم أصبحت تطلق على السلطة العليا. والملك، الآية أيضا كانت تعني العلامة، الآن هي جزء من السورة تنتهي بفاصلة(13).
*أستاذة مكلفة بالدروس في قسم اللغة العربية وآدابها ، جامعة منتوري قسنيطنة. وسننشر لاحقا دراسات أخرى لها وللدكتور خليفة بوجادي في”علم الدلالة”.
منقول للافادة
التغيّر الدلالي: أسبابه وأشكاله
أ.شهرزاد بن يونس
يحتل موضوع “التغير الدلالي” مركزا هاما في الأبحاث والدراسات التي تندرج ضمن محور الدرس الدلالي الحديث، إذ نراه محورا رئيسا في سلسلة الدراسات التي تقدم بها علم الدلالة التاريخي (Sémasiologie)؛ إذ من موضوعات هذا العلم البحث في موضع تغيّر المعنى، وصور هذا التغيّر، وأسباب حدوثه، وكذا الأسباب المختلفة التي تتدخل في حياة الألفاظ أو موتها.
واستنادا إلى هذا التوجه يرى اللغويون أن التغير الدلالي ليس إلا جانبا من جوانب التطور الدلالي، الذي يدرس ضمن أنظمة اللغة من خلال اتصالها بإطاري الزمان والمكان، وليس من الضروري القصد إلى استخلاص قوانين تحاكي في اطرادها ودقتها القوانين العلمية.
وتجدر الإشارة إلى أن معظم اللغويين القدامى ولا سيما العرب منهم وقفوا من مظاهر التغيّر اللغوي عامة موقفا متشددا، إذ دأبوا على عدّ كل انحراف عن أنظمة اللغة أو دلالات ألفاظها خطأ يجب أن يقاوم.
أمّا بالنظر إلى قطاعات الدرس اللساني الحديث، فإنّ التّغير الدلالي يمكن ملاحظته في الأصوات أو الصرف أو التركيب أو الدلالة، ولأن اللغة ليست هامدة أو ساكنة بحال من الأحوال، فقد سعت بحوث ودراسات كثيرة إلى تبيّن ملامح التغيّر الخاصة بهذا القطاع من اللغة أو ذاك، وصولا إلى سمات عامة أو قوانين مشتركة تتقاسمها اللغات جميعا، «وأنّ انتقال الدلالات بعلاقات متباينة، وأعراض مخصوصة، كالتعميم، والتخصيص، والرقي والانحلال، والنقل ناموس نافذ لا شبهة عليه»(1).
ولقد عبّر “أندريه مارتيني” عن أهمية الموضوعية في حقل التغيّر الدلالي حين رأى أن عالم اللغة يهتم بتسجيل التغيرات التي طرأت على أنها وقائع تسجل وتشرح ضمن إطار العادات اللغوية التي ينتمي إليها. وليس من حق عالم اللغة أن يصدر حكمه لها أو عليها(2). فكل ما يعنيه الباحثون من التغير هو «أن هناك شيئا ما حدث للغة، أو أن هناك ظواهر لحقت بها في فترة زمنية معينة، وعلى هذا المستوى من الدرس اللغوي أو ذاك.
إنّ هذا التغير من الضروري أن يكون نتيجة لجملة من الأسباب ها ما هو داخلي ومنها ما هو خارجي،وهي كالآتي:
1-أسباب التغير الدلالي
أ-الأسباب الداخلية: وهي الأسباب الصوتية والاشتقاقية والصرفية والنحوية التي تحدث تغيرات في واحد من أبعاد العلامة اللغوية، قد يكون اللفظ وقد يكون المعنى.ويمكن إيجازها في النقاط الآتية:
* بنية الكلمة: ونعني بها بنيتيها الصوتية والصرفية، «فكلما ثبتت أصوات الكلمة حافظت الكلمة ذاتها على معناها الأصلي، وفي المقابل كلما كانت أصواتها عرضة للتغيّر، أدّى ذلك إلى إمكانية تعرض معناها للتبدّل أيضا»(3). ويكون هذا التغير على شكل انحراف أو خروج عن المألوف، ولكن هذا التغير سرعان ما يغدو بعد كثرة الاستعمال عرفا متواضعا عليه.
إن التقارب بين صوتين من كلمتين مختلفتين قد يؤدي إلى جعلهما كلمة واحدة ذات معنيين في كلمة (كماش وقماش) فالأولى فارسية تعني الفتات، كما قد يؤدي الانحراف في نطق بعض الأصوات إلى اتجاه عكسي، إذ تغدو للكلمة صورتان لفظيتان أو أكثر مما يفضي إلى الترادف مثل: (السقر، الزقر، الصقر)، وتسهم الأسباب الاشتقاقية التي تنتج عن مجانسة في الأصول في إبراز أمثلة من تغيّر الدلالة، كما تؤدي الأسباب النحوية (الموقعية) في السياق اللغوي إلى الكثير من التغيّر الناشئ عن كثرة استعمال كلمة في موضع معيّن. من ذلك قوله تعالى: ]ولا تنازعوا فتفشلوا[؛ فكلمة الفشل هنا في أصل وضعها تعني الضّعف، ولكنها في السياق تعبّر عن الإخفاق.
ما بفعل التصريف فمثاله كلمة (ولد) العربية، التي تدل في الأصل على عموم المولود، ذكر كان أو أنثى قوله تعالى: ]يُوصِيكُمْ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ[ [النساء/11]، ولكنها في الاستعمال ارتبطت فقط بالذكر دون الأنثى(4).
*كثرة التوظيف المجازي: وذلك أن يجري استعمال الكلمة في معنى غير المعنى الأصلي الذي وضعت له، ثم بالاستعمال يصير منافسا للمعنى الحقيقي، فيسيران جنبا إلى جنب مثل كلمة (المجد) التي تطلق على امتلاء بطن الدابة من العلف ونحوه، ثم وظفت مجازا في الامتلاء بالكرم(*).
أو كلمة (برّد)، التي تعني التبريد فقط، عبّرت مجازا عن التسخين أيضا في قول الشاعر:
عافت الشرب في الشتاء فقلنا لها برّديه تصادفيه سخينا
*اختصار العبارة: وهو لون من ألوان الإيجاز، الذي يتعهده المتكلم من أجل الاختصار في الكلام، من ذلك كلمة رئيس الجمهورية الجزائرية، تختصر إلى (رئيس)، ويقال: الشيخان ويقصد بهما شيخا أهل رواية الحديث: البخاري ومسلم.
ب-الأسباب الخارجية:
وترتبط هذه الأسباب بالعوامل الاجتماعية والتاريخية والسياسية التي تؤدي إلى تغيّر المعنى. لأنّ التاريخ والثقافة والسلوك وطرق العيش تأتلف جميعا لتكوّن المجتمع البشري، فالدين الإسلامي عندما ظهر في حياة العرب، أثر في عدد كبير من المفردات، فأمات كلمات متعددة لنفور الدين الجديد منها، وأحدث كلمات جديدة لفظا ومعنى، من ذلك كلمات: الخليفة، بيت المال، أهل الذمة، وكلمات أخرى خصصت معانيها بعد تعميم مثل: الحج، والصلاة والصوم(5).
كلمة الطول مثلا في العهد الإسلامي كانت مرتبطة بالكرم، فمما يروي أن نساء النبي محمد صلى الله عليه وسلم قد سألنه: «أيّنا أسرع لحاقا بك يا رسول الله؟» فقال: «أطولكن يدا»، بمعنى أكرمكن، ولكن الطول في المفهوم الحديث يعني الاختلاس والسرقة، “الحقيقة” كانت تطلق على الشعر الذي يولد به الولد تطورت لتعبّر عن الذبيحة عند حلق ذلك الشعر.
“الأسرة” كانت تطلق على الملوك من سلالة واحدة، يتعاقبون على الملك بالوراثة، ثم تغيرت دلالتها للدلالة على الأفراد الذين تربطهم قرابة دم(*).
وتعد الحاجة أكثر الأسباب الخارجية التي تؤدي إلى ظهور ألفاظ جديدة بدلالات جديدة، أو ألفاظ قديمة بدلالات جديدة عن طريق التحوّل أو النقل، أو المجاز، فقد أضيفت كلمة (تلفون) إلى كلمة هاتف، والثلاجة إلى البّرادة، و(مدية) إلى السكين وغيرها(6). أو عن طريق صك لفظ جديد (Coining) على طريقة كلمات لغة معينة.
ويدخل في هذا السياق الافتراض اللغوي بكل أنواعه، من ذلك كلمة (Mouton) الفرنسية التي تطلق على الحروف مطلقا، بينما الانجليزية خصت (Mutton) للدلالة على قطعة اللحم، بينما استعملت (Sheep) للدلالة على الخروف.
كلمة (كتاب) المقصود بها الرسالة ديوانية أو إخوانية، أما الآن فهي تعني كما هائلا من الصفحات جمعت بين دفتين، أو كلمة ريشة، وكذا بعض الألفاظ المقدسة التي تكتب ولا تنطق مثل اسم الجلالة (يَهْوَه) في اليهودية، يستبدل بسيدي.
ويضيف أحمد مختار عمر إلى هذه الأسباب سببا آخر هو الابتداع(7)، Innovation أو الخلق (Creativity) من الأسباب الواعية لتغير المعنى، وكثيرا ما يكون على يد الموهوبين من أصحاب المهارة اللغوية كالشعراء والأدباء، أو إلى المجامع اللغوية والهيئات العلمية حين تحتاج إلى استخدام لفظ ما لتعبير عن فكرة أو مفهوم معين، وبهذا تعطى الكلمة معنى جديدا يبدأ أول الأمر اصطلاحيا، ثم قد يخرج إلى دائرة المجتمع فيعزو اللغة المشتركة أيضا.
2-أشكال تغير المعنى (مظاهره)
1-توسيع المعنى: يقع توسيع المعنى (Widening) أو امتداه (Extention) عندما يحدث الانتقال من معنى خاص إلى معنى عام(8). ويشيع هذا النوع من التغير عن الطفل الذي قد يطلق كلمة كرة على كل الأشياء التي تشبهها (التفاحة، البرتقالة…)، ومن الأمثلة أيضا كلمة (Salary) التي تعني الآن المرتب من أي نوع كان، ارتبطت قديما بحصة الجندي من الملح، ثم توسعت إلى مرتبه، إلى أن أصبحت بالدلالة المعهودة الآن.
وكلمة (Barn) الإنجليزية كانت تدل فيها مضى على “مخزن الشعير” ولكنها الآن تدل على أي مخزن كان للشعير أو غيره، وكذا كلمة اليأس العربية كانت للحرب فقط، فقد أصبحت تطلق الآن على كل شدة.
2-تضييق المعنى:
أطلق عليه إبراهيم أنيس مصطلح تخصيص المعنى (Narrowing)، لأنه يسير في الاتجاه العكسي للمصطلح السابق، والمقصود به تحويل الدلالة من المعنى الكلي إلى المعنى الجزئي أو تضييق مجالها(9).
مثال ذلك كلمة “الفاكهة” كان من معانيها (الثمار كلها) ثم خصص هذا المعنى للدلالة على أنواع معينة من الثمار كالتفاح والعنب…الخ.
كذلك كلمة (Poison) الإنجليزية ومعناها السّم، كان الأصل فيها أنها “الجرعة من كل سائل”(10).
3-نقل المعنى:
يقول فندريس في تحديد المراد بنقل المعنى: «يكون الانتقال عندما يتعادل المعنيان أو إذا كانا لا يختلفان من جهة العموم والخصوص…»(11)، أي أن الاستعمال الجديد لا يكون أخصّ من القديم ولا أعم منه، وإنّما مساو له، ولهذا يتخذ الانتقال المجاز سبيلا له، لما يملكه المجاز من قوة التصرف في المعاني عبر مجموعة من العلاقات والأشكال، من أمثلة ذلك كلمة الإدغام وتعني إدخال حرف مكان حرف في الدرس الصوفي، ولكن أصل الكلمة هو إدخال اللجام في فم الدواب لوجه الشبه بين الفعلين فانتقل المعنى من المحسوس إلى المجرد، كذلك كلمة أبرم معاهدة من إبرام الفتل في الحبل وإجادته.
4-التغير الانحطاطي: (الخافض)
هذا التغيّر في المعنى يصدق على الكلمات التي كان دلالتها تعد في نظر الجماعة (نبيلة) رفيعة “قوية” نسبيا، ثم تحوّلت هذه الدلالات فصارت دون ذلك مرتبة أو أصبح لها ارتباطات تزدريها الجماعة.
ومن الكلمات التي كانت دلالاتها قوية أصلا ثم هان شأنها نسبيا، تهديدنا الخصم عند الشجار بالقتل، وكسر الرجلين، ولا شيء من ذلك يحدث، ولا يعتبر هذا في نظر القضاء مثلا مشروعا في القتل حقا.
وفقد في المقابل كثير من ألقاب الطبقة العليا ما كان لها من بريق نتيجة تعلقها بالنظام الإقطاعي وبالسيادة بوجه عام، وشاع إطلاق الكثير من هذه الألقاب على الأشخاص العاديين وذلك مثل: Lady, Sir في الإنجليزية، Madame, Monsieur في الفرنسية، Frau, Herr في الألمانية، Senora, Senor في الإيطالية(12).
5-التغيّر المتسامي (رقي الدلالة):
يتضح من اسم هذا النوع من أنواع هذا التغير في المعنى أنّه يطلق على ما يصيب الكلمات التي كانت تشير إلى معان هينة أو “وضيعة” نسبيا ثم صارت تدل في نظر الجماعة الكلامية على معان أرفع أو أشرف أو أقوى.
مثل ذلك الكلمة الإنجليزية Marshal التي كانت تعني في وقت من الأوقات الغلام الذي يتعهد الأفراس، أي صبيّ الإسطبل.
كذلك كلمة (بيت) في اللغة العربية انتقلت من الدلالة على المسكن المصنوع من الشعر إلى البيت الكبير الضخم، المتعدد المساكن، كذلك كلمة (الرسول) انتقلت من المهنة العادية وارتقت إلى رسالة ربانية، كلمة (الدولة) كانت تعني تقلب الحال والزمان ثم أصبحت تطلق على السلطة العليا. والملك، الآية أيضا كانت تعني العلامة، الآن هي جزء من السورة تنتهي بفاصلة(13).
*أستاذة مكلفة بالدروس في قسم اللغة العربية وآدابها ، جامعة منتوري قسنيطنة. وسننشر لاحقا دراسات أخرى لها وللدكتور خليفة بوجادي في”علم الدلالة”.
منقول للافادة
الله يجازيك كل خير…………….فرحت كثيرا بردك……………المعلومات التي قدمتها مهمة استفدت منها سابقا
أجدد لكي شكري ………………….
العفو هذا ماوجدت لك
ربي يكون معاك
السلام عليكم
انا جديد في عالم التربية سمعت ان هناك تغييرات جديدة طرات على المناهج و البرامج في التعليم الثانوي للموسم الدراسي 2022/2013
فماهو الجديد اخوتي الاساتذة
قديم بلا سيراج
شكرا جزيلا
شكرا جزيلا لكن لم اتمكن منالتحميل
القيادة الإدارية فى ظل التغيرات العالمية الحديثة
أهداف الدورة :
مكان إنعقاد الدورة : اسطنبـول – تـركيـا
تـاريـخ الإنـعـقــاد :5 أكـتـوبــر 2022م لـمـدة 5 ايام
مـلحـوظـة :الدورة مؤكدة التنفيذ ونرحب بالتسجيل بها
كـمـا تعقـد الــدورة بكـل مـن دبـى ومصـر ومـاليزيا وتـركيا بتواريخ اخـرى ( فـى حـال رغبتكم بـرجـاء الإستفسار )
بروتيك لحلول التدريب والإستشارات