مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا( (الاحزاب/23)
إن الصدق هو علامة وفضيلة المؤمن البارزة، إذ تراه يصدق مع نفسه،
ويصدق مع ربه، ويصدق مع الناس.. والصدق بالنسبة إليه جزءٌ لا يتجزّأ من
صميم وجوده وكيانه، فلا يعيش الازدواجية والنفاق والثنائية
"صُنْ لِسَانَكَ عَنِ الشَّرِّ، وَشَفَتَيْكَ عَنِ التَّكَلُّمِ بِالْغِشِّ"
"اَلصِّدِّيقُ يُبْغِضُ كَلاَمَ كَذِبٍ، وَالشِّرِّيرُ يُخْزِي وَيُخْجِلُ"
"لا تفتر الكذب على أخيك، ولا تختلقه على صديقك"
شكرا على الموضوع و دمتم سالمين
قال رسولنا الكريم: في معنى الحديث
(…ومازال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا … وما زال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا..)
إن الصدق هو علامة وفضيلة المؤمن البارزة…………..
شكرا على الموضوع …..
تقبل مروري…
دمت بـــ ود….
( يا أيها الذين آمنوا اتقو الله ، وكونوا مع الصادقين ). (التوبة: 119).
كيف لا يكون الصدق ذا أهمية ؟ وهو بالطبع منجاة رغم مايسببه من مشاكل وخصوصا حين تكون صادقا مع نفسك ومع غيرك وليس بالضرورة الصدق أن أجامل صديقي فذلك قمة الكذب ولكن الصدق كذلك حين أنصحه واعاتبه وأكشف أخطاءه بلا مزايدة ولا غلو والطامة حين يعتقد أني أكذب عليه أو أنقده لأجل أن انقده فلا يعترف ..
شكرا هديدو موضوع هام
الإيمان بالتراث
الإيمان بالتراث
تراثُ أيِّ أمَّة هو تاريخُها وكيانها، وأمَّة بلا ماضٍ أُمَّة بلا حاضر، وبلا مستقبل، والحِفاظُ على التراث وعلى التاريخ هو الحِفاظ على الكيان والهُويَّة، على الخُصوصيَّة التي منحتْنا وجودَنا بوصْفِنا أمَّة، هو الحفاظ على السبيل الذي يضمن استمرارَنا ونهضتَنا مِن غفوتنا.
"وكما أنَّ الوطن هو المهد الأوَّل – بعد التوحيد – للإنسان، يحنُّ إليه كلَّما بَعُدَ به المطافُ في بلاد الله، ويَشعُر في قرارة نفسِه بحبِّه وتفديته، ويَدين له أبدًا بالإعزاز مهما أغرتْه المغريات، وباعدتْ بينه وبين أرضِه ضروراتُ العَيْش، كذلك يُعدُّ التراث الفكريُّ هو المهدَ الأوَّل لتفكيره ولنفسه، وأيُّ انفكاك بين المرْءِ ودِينه أو وطنه، أو بين المرء وتُراثه – يخلق منه امرأً تتجاذبه أطرافُ الضياع، وفقدان النفس، وضياعُ النفس مدعاةٌ إلى التفكُّك والتخلخل، والشُّعورِ بالبؤس والمذلة اللَّتَيْن لا تطيب معهما الحياة"[15].
كيف تنهض الأمم؟
مِن المعلوم والثابت أنَّ نهضاتِ الأمم إنَّما تقوم على أساسين:
الأول: النظر فيما سَلَف لها مِن تراث، وإحياؤه.
والثاني: الإفادة من منابِعِ الفِكْر الخارجي، واستصفاء ما يتناسب مع فِكْرِها وتاريخها"[16].
ويصف الدكتور محمود الطناحي – رحمه الله – جيلَ البعث والإحياء، فيقول: "هذا الجيلُ الذي قام بعبءٍ ضَخْم، واحتمل عناءً باهظًا، وسَلَك ضروبًا مُضنية، حيث تصدَّى رجالُه لهذا التراث المخطوط، فاستنقذوه من عوادي الناس والأيَّام، ثم أحسنوا قرائتَه، وعاشوا في عصور تأليفه وتمثَّلوه، ثم تحمَّلوا أمانةَ أدائه وإضائته وفهرسته، فقدَّموا بذلك مادَّة مُحَرَّرَة، قامتْ عليها دراساتُ الدارسين، فلا دِراسةَ صحيحة مع غياب النَّص الصحيح المُحَرَّر، وكم رأيْنا مِن دراسات انتهتْ إلى نتائجَ غير صحيحة؛ لأنَّها اتكأتْ على نصوص مُحَرَّفة ومُزالة عن جِهتها…"[17].
ثم يقول: "وقد فَطِنَ لهذا المستشرِقون الذين اتَّجهوا إلى دراسةِ فِكْرنا وأدبنا، فهُم لم يتَّجهوا إلى تلك الدِّراسات إلاَّ بعد أن أعدُّوا مادَّتها، وهي النُّصوص، وقد بَذَلوا في ذلك جُهودًا مُضنيَة"[18].
ــــــــــــــــــــ
[1] انظر: "التراث العربي"؛ لعبدالسلام هارون، (ص: 3 – 5)، و"مناهج تحقيق التراث"؛ د. رمضان عبدالتواب، (ص: 8).
[2] "التراث العربي" (ص: 7).
[3] "نحو علم مخطوطات عربي"؛ د. عبد الستار الحلوجي، (ص: 9)، وانظر: مقال "ما المخطوط؟ " د. أحمد شوقي بنبين.
[4] "نحو علم مخطوطات عربي"؛ للحلوجي: عرض ومناقشة، محمود محمد زكي، (ص: 134).
[5] "لسان العرب"؛ لابن منظور، (حقق) (11/333).
[6] "التعريفات"؛ لعلي بن محمد الجرجاني، (ص: 75).
[7] "مناهج تحقيق التراث"؛ للدكتور رمضان عبد التواب، (ص: 5).
[8] "تحقيق نصوص التراث"؛ للغرياني، (ص: 7)، نقلاً عن: "قواعد تحقيق المخطوطات"؛ إياد خالد الطباع، (ص: 403)، وانظر: "محاضرات في تحقيق النصوص"؛ د. أحمد محمد الخراط، (ص: 9)، و"منهج البحث وتحقيق النصوص"؛ د.يحيى وهيب الجبّوري، (ص: 127).
[9] "دار العلوم ومكانها في البعث والإحياء"؛ د.محمود محمد الطناحي، ضمن (اللغة والأدب.. دراسات وبحوث)، دار الغرب الإسلامي: 2/825.
[10] باختصار عن: "التراث العربي" (ص: 10 – 11).
[11] السابق بتصرف، (ص: 12 – 13".
[12] السابق: (ص: 9).
[13] السابق (ص: 8 – 9) بتصرف، ومقال: "من التراث اللغوي.. معجم مقاييس اللغة"، ضمن (قطوف أدبية) لعبدالسلام هارون، (ص: 201).
[14] السابق (ص: 9 – 10) بتصرف.
[15] "التراث العربي" (ص: 14) بتصرف وزيادة.
[16] "دار العلوم ومكانها في البعث والإحياء"؛ (ص: 825).
[17] السابق نفسه.
[18] السابق (ص: 826).
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/Literature_Lan…#ixzz2QzapIZrS
حلاوة الإيمان في رمضان
وعَنْ أَنَسٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ بِهِنَّ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ : أَنْ يَكُونَ اللَّهُ ، عَزَّ وَجَلَّ ، وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا ، وَأَنْ يَكْرَهَ الْعَبْدُ أَنْ يَرْجِعَ عَنِ الإِسْلاَمِ ، كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ ، وَأَنْ يُحِبَّ الْعَبْدُ الْعَبْدَ لاَ يُحِبُّهُ إِلاَّ ِللهِ ، عَزَّ وَجَلَّ. أخرجه أحمد 3/174(12814) و"مسلم" 76.
ذكروا أن زوجاً غاضباً على زوجته ، قال لها متوعداً : والله لأشُقِينَّك .فقالت الزوجة: إنك لا تستطيع أن تشقيني كما أنك لا تملك أن تسعدني . فقال لها : وكيف لا أستطيع ؟ فقالت: لو كانت السعاة في مال ٍ لقطعته عني ، أو في زينة أو حلي لأخذته مني ، ولكنها في شيءٍ لا تملكه أنت ، ولا الناس أجمعون . فقال لها في دهشة : وما هو ؟ فقالت : إني أجد سعادتي في إيماني ، وإيماني في قلبي ، وقلبي لا سلطان له عليه غير ربي ! .
قال الشاعر:
وليت الذي بيني وبينك عامر * * * وبيني وبين العالمين خراب
إذا صح منك الود فالكل هين * * * وكل الذي فوق التراب تراب
كان مجمع التيمي – رحمه الله – يصوم في الصيف حتى يسقط. وكانت بعض الصالحات تتوخى أشد الأيام حرا فتصومه فيقــال لها في ذلك ، فتقول : إن السعر إذا رخص اشتراه كل أحد. في إشارة إلى إنها لا تؤثر إلا العمل الذي لا يقدر عليه إلا قليل من الناس لشدته عليهم، وهذا من علو الهمة0
وقد كان أبو الدرداء رضي الله عنه يقول: صوموا يوما شديدا حره لحر يوم النشور، وصلوا ركعتين في ظلمة الليل لظلمة القبور0
وعن ابن سيرين قال: خرجت أمّ أيمن مهاجرة إلى الله ورسوله وهي صائمة ليس معها زاد، ولا حمولة، ولا سقاء، في شدّة حرّ تهامة، وقد كادت تموت من الجوع والعطش ، حتى إذا كان الحين الذي يفطر فيه الصائم سمعت حفيفا على رأسها، فرفعت رأسها فإذا دلْوٌ معلّق برشاء أبيض، قالت : فأخذته بيدي فشربت منه حتى رويت، فما عطشتُ بعد، فكانت تصوم وتطوف لكي تعطش في صومها فما قدرت على أن تعطش حتى ماتت" 0مصنف عبد الرزاق 4/309.
وهو الحلاوة وتلك اللذة يستشعرها المؤمن حينما يهل عليه هلال رمضان فيدعو ويقول : " اللهمَّ أَهِلَّهُ عَلَيْنَا بِالْيُمْنِ وَالإِيمَانِ وَالسَّلاَمَةِ وَالإِسْلاَمِ رَبِّى وَرَبُّكَ الله.
ثم يعايشها حينما يصوم شهر رمضان , وينقضي اليوم ويأتي موعد الإفطار فيفرح ويحس بحلاوة الإيمان ويشكر الله على أن وفقه لصيام ذلك اليوم , وهكذا تتجدد الفرحة وحلاوتها كل يوم إلى أن يفرح الفرح الأكبر يوم أن يلقى ربه , قال تعالى : " قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (58) سورة يونس , وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلّم قال : ( كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ ، إِلاَّ الصِّيَامَ ، فَإِنَّهُ لِي ، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ ، وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ ، فَلاَ يَرْفُثْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَصْخَبْ ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ ، فَلْيَقُلْ : إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ ، مَرَّتَيْنِ ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ ، لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ ، وَلِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا : إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ بِفِطْرِهِ ، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ ، عَزَّ وَجَلَّ ، فَرِحَ بِصِيَامِهِ) «رواه البخاري ومسلم » 0
ثم يحس بحلاوة الإيمان حينما يعايش كتاب الله تعالى في رمضان تلاوة وحفظا وفهما وعملا , قال الله عز وجل: " إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ (29) لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ (30) سورة فاطر.
عنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدَ النَّاسِ ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِى رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِى كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ. أخرجه أحمد 1/230(2042) و"البُخَارِي" 1/4(6) و4/229(3554) و"مسلم" 7/73(6075).
ثم يحس حلاوة الإيمان حينما يقف بين يدي الواحد الديان يدعوه ويناجيه ويتقرب إليه بالنوافل , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : إِنَّ اللَّهَ قَالَ مَنْ عَادَى لِى وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَىَّ عَبْدِى بِشَىْءٍ أَحَبَّ إِلَىَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِى يَتَقَرَّبُ إِلَىَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِى يَسْمَعُ بِهِ ، وَبَصَرَهُ الَّذِى يُبْصِرُ بِهِ ، وَيَدَهُ الَّتِى يَبْطُشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِى يَمْشِى بِهَا ، وَإِنْ سَأَلَنِى لأُعْطِيَنَّهُ ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِى لأُعِيذَنَّهُ ، وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَىْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِى عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ ، يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ.أخرجه البخاري 8/131(6502).
قيل لبعض الصالحين لما أكثر الخلوة: ألا تستوحش؟ قال: وهل يستوحش مع الله أحد؟!!.
روي عن السري بن مغلس السقطي أن لصاً دخل بيت مالك بن دينار فما وجد شيئاً فجاء ليخرج فناداه مالك: سلام عليكم، فقال: وعليك السلام، قال: ما حصل لكم شيء من الدنيا فترغب في شيء من الآخرة – قال: نعم، قال: توضأ من هذا المركن وصل ركعتين، ففعل ثم قال: يا سيدي أجلس إلى الصبح، قال: فلما خرج مالك إلى المسجد قال أصحابه: من هذا معك – قال: جاء يسرقنا فسرقناه. تاريخ الإسلام للذهبي 2/144.
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ. أخرجه النسائي 3/201 و4/156 و8/117 . الألباني :صحيح ( 2192 ).
عَنْ عَائشةَ رَضيَ الله عَنْهَا قَالَتْ: قُلتُ: «يا رَسولَ الله، أَرأَيتَ إنْ عَلِمْتُ أيَّ ليلَةٍ ليلَةَ القدْرِ مَا أَقُولُ فِيهَا؟ قَالَ: قولي: اللَّهُمَّ إنَّك عَفُوٌّ كَريمٌ تُحبُّ العَفوَ فَاعْفُ عنِّي» رَوَاهُ التِرمِذيُّ وقَالَ: هَذا حَديثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ رواه الترمذي (3513) وابن ماجه (3850) والنسائي في الكبرى (10708) وأحمد (6/171) وصححه الحاكم وقَالَ: على شرط الشيخين (1/712).
ثم يعاين تلك الحلاوة يوم القيامة حينما يأخذ الصوم بيديه ويشفع له عند ربه , ويدخله من باب الريان , قال تعالى : " قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (58) سورة يونس .
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، يَقُولُ الصِّيَامُ : أَيْ رَبِّ ، مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ ، فَشَفِّعْنِي فِيهِ ، وَيَقُولُ الْقُرْآنُ : مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ ، فَشَفِّعْنِي فِيهِ . قَالَ : فَيُشَفَّعَانِ.أخرجه أحمد 2/174(6626) .
وعن سِهْلِ بنِ سَعْدٍ رضي الله عنه عَنْ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «في الجنَّةِ ثَمَانِيَةُ أبْوَابٍ فيهَا بَابٌ يُسَمَّى الرَّيَّانُ لا يَدْخُلُهُ إِلاّ الصَّائِمُونَ» رَوَاهُ الشَّيخَان رواه البخاري (3084) ومسلم (1155) والترمذي (765) والنسائي (4/168) وابن ماجه (1640) وأحمد (5/335).
ومع أول قدم يضعها الصائم في الجنة تتلاشي كل المتاعب والنوائب التي عاشها في الدنيا , عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:يُؤْتَى بِأَنْعَمِ أَهْلِ الدُّنْيَا ، مِنْ أَهْلِ النَّارِ ، يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، فَيُصْبَغُ فِي النَّارِ صَبْغَةً ، ثُمَّ يُقَالُ لَهُ : يَا ابْنَ آدَمَ ، هَلْ رَأَيْتَ خَيْرًا قَطُّ ؟ هَلْ مَرَّ بِكَ نَعِيمٌ قَطُّ ؟ فَيَقُولُ : لاَ ، وَاللهِ ، يَا رَبِّ ، وَيُؤْتَى بِأَشَدِّ النَّاسِ فِي الدُّنْيَا ، مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، فَيُصْبَغُ فِي الْجَنَّةِ صَبْغَةً ، فَيُقَالُ لَهُ : يَا ابْنَ آدَمَ ، هَلْ رَأَيْتَ بُؤْسًا قَطُّ ؟ هَلْ مَرَّ بِكَ شِدَّةٌ قَطُّ ؟ فَيَقُولُ : لاَ ، وَاللهِ ، يَا رَبِّ ، مَا مَرَّ بِي بُؤُسٌ قَطُّ ، وَلاَ رَأَيْتُ شِدَّةً قَطُّ. . أخرجه أحمد 3/203(13143) و"مسلم" 8/135(7190).
وحينما يرى غرف الصائمين تتجدد حلاوة الإيمان , عنْ أَبِي مَالِكٍ الأَشْعَرِيِّ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:إِنَّ فِي الْجَنَّةِ غُرْفَةً ، يُرَى ظَاهِرُهَا مِنْ بَاطِنِهَا ، وَبَاطِنُهَا مِنْ ظَاهِرِهَا ، أَعَدَّهَا اللهُ لِمَنْ أَطْعَمَ الطَّعَامَ ، وَأَلاَنَ الْكَلاَمَ ، وَتَابَعَ الصِّيَامَ ، وَصَلَّى وَالنَّاسُ نِيَامٌ. , وفي رواية :" إِنَّ فِي الْجَنَّةِ غُرَفًا ، يُرَى ظَاهِرُهَا مِنْ بَاطِنَهَا ، وَبَاطِنُهَا مِنْ ظَاهِرِهَا ، أَعَدَّهَا اللهُ لِمَنْ أَطْعَمَ الطَّعَامَ ، وَأَفْشَى السَّلاَمَ ، وَصَلَّى بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ. أخرجه أحمد 5/343 (23293) وابن خزيمة (2137) قال الشيخ الألباني : ( حسن ) انظر حديث رقم : 2123 في صحيح الجامع.
قال الشاعر :
وهاتيك دار الأمن والعز والتقى * * * ورحمة رب الناس والجود والكرم
قال الشاعر :
ونظرة منك يا سؤلي ويا أملي * * * أشهى إلي من الدنيا وما فيها
وليس للنفس آمال تؤملها * * * سوى رضاك فذا أقصى أمانيها
منقول
تناقل رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو على اليوتيوب يظهر فيه معلمة عربية وهي تشرح أركان الإسلام وأركان الإيمان ونوره لمجموعة من الأطفال داخل الفصل الدراسي في إحدى المدارس بطريقة ذكية ومبتكرة.
وكانت الوسائل التربوية التي استخدمتها المعلمة عبارة عن مجموعة من الشمع المشتعل وقفازات طبية (كل اصبع من الأصابع الخمسة في القفازات يحمل اسم ركن من أركان الإسلام) ومجموعة من الأكواب. ثم قامت أولا بتمرير القفازات الممتلئة بالهواء على الشمع المشتعل فاحترقت.
بعد ذلك طلبت المعلمة من الأطفال أن يقوموا بملء القفازات بالماء الموجود في الأكواب بعد أن أطلقت على كل كوب إسم ركن من أركان الإيمان وبعد ذلك مررت القفازات على الشمع المشتعل فلم يحترق.
وقال نشطاء عبر موقع يوتيوب أنّ الطريقة البسيطة التي انتهجتها المعلمة حببت الأطفال في نور الإيمان، واستيعاب قيمة أركان الدين الإسلامي الحنيف.
منقول بتصرف
يمكنكم تحميل الفيديو من هنــــــا
أو من الملفات المرفقة
اسم الملف | نوع الملف | حجم الملف | التحميل | مرات التحميل |
طريقة عرض أركان الإسلام وأركان الإيمان.rar | 7.60 ميجابايت | المشاهدات 109 |
الحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة والسّلام على أشرف المخلوقين سيِّدنا محمّد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أمّا بعد فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد r، وخير الأمور ما كان سُنّة، وشرّ الأمور محدثاتها وكلّ محدثة بدعة، وكلّ بدعة ضلالة، وكلّ ضلالة في النّار.
أيُّها الإخوة الحضور : مرحبا بكم في بيت من بيوت الله الّتي خصّها الله بعبادته، وأضافها لنفسه، وجعل زُوَّارها في ضيافته، وشهد لهم بالإيمان، وأمرنا رسوله صلّى الله عليه وسلّم أن نشهد لهم بالإيمان، والكلمة التي سألقيها على مسامعكم، عنوانها: (المساجد بيوت الرحمن، وعمارتها من الإيمان).
لقد أدرك الرسول الكريم، عليه أفضل الصّلوات، وأزكى التّسليم، أنّ أصحابه ومن دخل في دينه يحتاجون إلى تربية وتعليم، وتوجيه وإرشاد، وذلك يتطلب مكاناً يجتمعون فيه. فكان أولَ عمل بدأ به عليه الصّلاة والسّلام لمّا هاجر إلى المدينة المنوّرة أن شرع هو وصحابته الكرام في بناء المسجد.
ومنذ تلك اللحظة صار المسجد منارة تشعُّ في أرجاء دولة الإسلام، حيث أصبح مكان أداء العبادة من الصلوات والاعتكاف، كما أصبح ملتقىً للمسلمين ومُنْتَدىً لحواراتهم، وهو المكان الذي يبثّ من خلاله الرّسول الكريم صلى الله عليه وسلم أحاديثه النُّورانية فيصلح ويُوجِّه ويرشد، كما أنّه كان أيضاً بداية الانطلاقة لجيوش الإسلام التي فتحت مشارق الأرض ومغاربها، في عهده وعهد من جاء بعده من خلفاء المسلمين.
أيها المسلمون: إنّ المساجد هي بيوت الله، وهي خير بقاع الأرض وأحبُّها إلىالمولى جلّ وعلا. جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أحبُّ البلاد إلى الله مساجدهاوأبغض البلاد إلى الله أسواقها،وقال تعالى: { وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لله فلا تدعوا مع الله أحداّ}، والمعنى: وأُوحيّ إِلَيَّ أن المساجد وبيوت العبادة هي مختصّة بالله فلا تعبدوا فيها غيره، وأخلِصوا له العبادة فيها، قال قتادة: كان اليهود والنّصارى إذا دخلوا كنائسَهم وبِيَعَهُم أشركوا بالله فيها، فأمر الله عزّ وجلّ نبيَّهُ والمؤمنين أن يخلصوا الدّعوة لله إذا دخلوا المساجد كلّها.
ومن أجَلِّالأعمال وأعظمِها منزلة عند الله، عمارة المساجد، وعمارة المساجد علىنوعين:
الأوّل: عمارة معنوية: ويُعنى بها عمارتهابروّادها، بالمصلين أهلِ الإيمان، أهلِ الله، وهذه هي الأساس والهدف من وجودالمساجد، إذْ ما فائدة وجود مساجد بلا مُصلين؟فالعمارةالمعنويةهي الأصل، وتحصل بأداء الصلاة فيها والاعتكافُ وقراءة القرآن وذكر الله، وحلقات الذكر، واتّخاذها منطلقاً للعلم والتّوجيه والتّربية وما إلى ذلك من أعمال ترضيالله عزّ وجلّ، رغبةً منّا في أن يتحقّق فينا قوله تبارك وتعالى في الحديث القدسيالجليل:[وعزّتيوجلالي إنّي لأهيم بأهل الأرض عذاباً، فإذا نظرتُ إلى عُمّارَ بيوتي، وإلى المتحابّينفيَّ، وإلى المستغفرين بالأسحار، صرفتُ ذلكعنهم]. وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِى بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلاَّ نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ الْمَلاَئِكَةُ وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ) رواه مسلم.
الثّاني: العمارة الحسِّية:ويُعنى بها:بناء مكان يأويإليه الناس ليُصَلُّوا فيه ويعبدوا ربّهم تحت جدرانه،والعناية بشؤونه وحفظه من الأوساخ والأدران، قال صلى الله عليه وسلم: (من بنى لله مسجداً ولو كمفحص قطاة بنى اللهله بيتاً في الجنة). مَفْحَصُ القطاة: حيث تُفَرِّخ فيه من الأَرض. وروى أحمد في مسنده: (مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِداً وَلَوْ كَمَفْحَصِ قَطَاةٍ لِبَيْضِهَا بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتاً فِى الْجَنَّةِ). فقوله صلّى الله عليه وسلّم: (قدر مفحص قطاة) يدلّ على أنّ من ساعد في بنيان مسجد، ولو بشيء قليل، بحيثتكون حصّته من المسجد هذا المقدار وهو مفحص القطاة، استحقّ هذا الثّواب الجزيل.
وقد ربط الباري جلّ وعلا بين العمارة والإيمان، قال ابن كثير رحمه الله : فَشَهِدَ تَعَالَى بِالْإِيمَانِ لِعُمَّار الْمَسَاجِد كَمَا قَالَ الْإِمَام أَحْمَد …عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِذَا رَأَيْتُمْ الرَّجُل يَعْتَاد الْمَسْجِد فَاشْهَدُوا لَهُ بِالْإِيمَانِ)، قَالَ تَعَالَى {إِنَّمَا يَعْمُر مَسَاجِد اللَّه مَنْ آمَنَ بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر}.
وعلينا الاهتمام ببنائها والمحافظة عليها، وتعليم أولادنا ذلك، وأن لا يكونوا ممن يُخَرِّبها، كذلك علينا الاهتمام بنظافتها والتجمُّل عند الذهاب إلى المسجد قال الله تعالى: (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبّ الْمُسْرِفِينَ)، قال ابن كثير رحمه الله : مِنْ السُّنَّة يُسْتَحَبّ التَّجَمُّل عِنْد الصَّلَاة وَلَا سِيَّمَا يَوْم الْجُمْعَة وَيَوْم الْعِيد وَالطِّيب لِأَنَّهُ مِنْ الزِّينَة وَالسِّوَاك لِأَنَّهُ مِنْ تَمَام ذَلِكَ وَمِنْ أَفْضَل اللِّبَاس الْبَيَاض.
يقول المولى تبارك وتعالى:{فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين} أي: فعسى أن يكونوا في زمرة المهتدين يوم القيامة، قال ابن عبّاس: كلّ عسى في القرآن واجبة، قال الله لنَبِيِّه: {عسى أن يبعثك ربُّك مقاما محمودا} يقول: إنّ ربَّك سيبعثك مقاما محمودا وهي الشّفاعة، قال أبو حيان: وعسى من الله تعالى واجبة حيثما وقعت في القرآن، وفي التّعبير بعَسى قطع لأطماع المشركين أن يكونوا مهتدين، إذ مَنْ جَمَع هذه الخصال الأربعة جعل حاله حال من تُرجى له الهداية، فكيف بمَن هو عارٍ منها ؟ وفيه ترجيح الخشية على الرّجاء، ورفض الاغترار بالأعمال الصّالحة.
ويقول في سورة النور: {فيبيوتٍ أذِنَ الله أن تُرفعَ ويُذكرَ فيها اسمه، يُسبِّحُ لهُ فيها بالغدُّوِّوالآصال رجالٌ لا تُلهيهِم تجارةٌ ولا بيعٌ عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاءالزكاة يخافون يوماً تتقلّبُ فيه القلوبُوالأبصار}.
فعمارةالمساجد كالمِرآة الصافية لعكس أحوال الناس، وبيان مدى رغبتهم في الخير، وبزيارةالمسلمين لها في اليوم والليلة خمس مرّات؛ يتَّضِح المؤمن من المنافق، يقول رسول الله: (إذا رأيتم الرجل يعتاد المسجد فاشهدوا له بالإيمان)، ويقول عبد الله بن مسعود:(ولقد رأيتنا وما يتخلّف عنها إلا منافق معلوم النفاق أو مريض).
ومن المساجدتصعد الأعمال الصالحة، وفيها تنزل الرحمات، كيف لا ! والمساجد مدارسٌ لتعليمِالدّين، وتهذيبِ النّفوس، وتقويمِ الأخلاق، وصقلِ العقائد وإنارتِها، مدارسٌ لتلاوةِ كتابِالله، ومِصَحّاتٌ لأمراضِ القلوبِ التي هي أخطر من أمراض الأجسام.
وبناؤهامن أبرز أعمال البرّ، الذي يخلدبعد صاحبه، ويبقى له الذكر الحسن، والثناء الجميل،والأجر العظيم، وأحد السّبعة الذين يُظِلُّهم الله في ظِلّه يوم لا ظلّ إلا ظلّه: رجلقلبه معلَّق بالمساجد.
والمؤمنون بالله واليوم الآخر أعطوا المساجد حقَّها من العنايةبها، وعمروها وتعلّقت بها قلوبهم، وذلك لفضلها، وعظيم شأنها عند الله، ثمّ عندالمسلمين الذين ما كانت لهم معاهد ولا مدارس ولا أندية إلاّ المساجد، وفيها يقومونواقفين بين يدي الله، مذعنين له بالعبودية كلّ يوم وليلة خمس مرات.
وقد كانللمساجد عند أهلها من التقدير ما نشاهد آثاره اليوم باقيةً فينا، فكم أكثروا منها،وزيّنوها، وحبسوا عليها من الأوقاف العظيمة، ما يقوم بشأن الأئمة والمؤذّنين فيها،وفرشها، ومطاهرها، وسرجها، ومجامرها، ومكاتبها المُعَدَّة للمعلمين والمتعلمين.
ولكنّبعض الناس اليوم وللأسف الشّديد، أهملوا المساجد وتركوها، وظنّوا أنها لا تبنىإلا للضّعفاء، والمرضى، والشيوخ، والعميان، ومن لا حاجة له بالدنيا، ناسين أنّ آباءهمالأولين، وسلفَهم الصّالحين، ما كانوا يبايعون الأئمة إلاّ فيها، ولا يخرجون الجيوشالفاتحين إلا منها، ولا يطلبون العلم إلا بين جدرانها، فكانوا إذا حزَبَهم الأمر،اجتمعوا له في المسجد، وتشاوروا فيه.
وللعلماء في المساجدِ المجالسُ العامرةبمختلف العلوم، وفي مُقدِّمَتِها القرآن وتفسيره والسُّنّة المطهّرة، وبسبب ذلك تنزلالسكينة، وتغشى الرّحمة، وتحفّ الملائكة، ويذكر اللهُ القارئين والذاكرين فيمن عنده.فلو رجع لبيوت الله ما كانت عليه من إقامة الشّعائر، واجتماع المسلمين فيها، لتعلّقتبها قلوب كثير من الذين أعرضوا عنها واستخفُّوا بشأنها.
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله r (صلاة الرجل في الجماعة تضعف على صلاته في بيته وفي سوقه خمسًا وعشرين ضعفا، وذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه إلاّ الصلاة لم يَخْطُ خُطوة إلا رفعت له بها درجة، وحُطّ بها عنه خطيئة، فإذا صلّى لم تزل الملائكة تصلّي عليه ما دام في مُصَلاَّه، اللَّهُمَّ صلّ عليه، اللَّهُمَّ اغفر له، اللَّهُمَّ ارحمه، ولا يزال في صلاة ما انتظر الصلاة). متفّق عليه وهذا لفظ البخاري.وفي حديث: (فإِذا دخل المسجد كان في صلاةٍ ما كانت الصّلاة هي تحبسه).
قال الإمام القرطبي رحمه الله: الحاصلبالخطوة الواحدة ثلاثة أشياء كتب الله له بكلِّ خطوة حسنة ويرفعه بها درجة ويحطُّ بهاعنه سيئة.
وقال ابن رجَب: وإنّما كان ملازمة المسجد مُكَفِّراللذنوب لأنّ فيه مجاهدةَ النّفس، وكفًّا لها عن أهوائها فإنّها تميل إلى الانتشار فيالأرض لابتغاء الكسب، أو لمجالسة الناس ومحادثتهم، أو للتنزُّه ونحو ذلك، فمن حبس نفسه في المساجد على الطّاعة فهومرابط لها في سبيل الله، مخالف لهواها وذلك من أفضل أنواع الصّبر والجهاد.
وجاء أيضا في فضل المشي إلى المسجد: ما روى البخاري عن أبي موسى الأشعري: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن أعظم الناس أجراً في الصلاة أبعدهم إليها ممشى فأبعدهم).
وفي مسلم عن أبيِّ بن كعب قال: (كان رجل لا أعلم رجلاً أبعدَ إلى المسجد منه وكان لا تخطئه صلاةً، فقيل له: لو اشتريت حماراً تركبه في الظلماء وفي الرّمضاء. قال: ما يسرُّني أنّ منزلي إلى جنب المسجد، إنِّي أريد أن يكتب لي مَمْشاي إلى المسجد ورجوعي إذا رجعت إلى أهلي). فأُخْبِر النّبيُّ عليه السلام بذلك فقال: (قد جمع الله لك ذلك كلَّه).
وقال صلّى الله عليه وسلّم لبني سلمه حين أرادوا القرب من المسجد لبعد بيوتهم: (يا بني سلمة: ديارَكم تكتب أثارُكم). وعن أنس: (يا بني سلمة، ألا تحتسبون آثاركم). قال مجاهد: آثارهم، أن يمشى في الأرض بأرجلهم.وقال مجاهد في قوله: {ونكتب ما قدّموا وآثارهم}. قال: خطاهم. وقال صلى الله عليه وسلم: (بشِّر المشَّائين في الظُلَم إلى المساجد بالنُّور التّام يوم القيامة).
وتختصّ بعض المساجد والجماعات بخصائص ليست لغيرها ، كما يختص الحرم النّبوي بأنّ الصلاة فيه أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلاّ المسجد الحرام.
وحديث أبي هريرة مرفوعاً: من توضّأ فأحسن الوضوء، ثم خرج عامداً إلى المسجد فوجد الناس قد صلَّوْا كتب الله له مثل أجر من حضرها، ولا ينقص ذلك من أجورهم شيئا. هذا في المعذور، لا في المتكاسل المتهاون.
ـ وفي عمارة المساجد بيان قوة المسلمين وضعفهم في إيمانهم، إذ لا يتردّد على المساجد إلاّ من رسخ في قلبه الإيمان. ـ وفيها: التعبُّد لله تعالى بهذا الاجتماع؛ طلباً للثّواب وخوفاً من عقاب الله ورغبة فيما عنده، ولأنّ ملاقاة الناس بعضهم لبعض توجب المحبّة، والألفة والتّعارف؛ لأجل معرفة أحوال بعضهم لبعض، فيقومون بتفقُّد أحوال الفقراء، والمرضى، والمتهاونين بالصلاة، وتشجيع المتخلِّف عن الجماعة وإرشاده وتوجيهه، فيحصل التّعاون على البرِّ والتّقوى، والتّواصي بالحقّ والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ ـ وفيها يزيد نشاط المسلم فيزيد عمله عندما يشاهد أهل النشاط في العبادة، وهذا فيه فائدة عظيمة: الدّعوة إلى الله بالقول والعمل، ـ إظهار شعيرة من أعظم شعائر الإسلام؛ لأنّ الناس لو صلّوا كلُّهم في بيوتهم ما عُرف أن هنالك صلاة. ـ إظهار عزّة المسلمين، وهذا فيه إغاظة لأهل النفاق والكافرين، لأن المسلمين لا يزالون في قُوّة وفي منعة ماداموا محافظين على هذه الصّلاة في المساجد، ـ تعليم الجاهل؛ لأن كثيراً من الناس يستفيد ممّا شرع في الصّلاة بواسطة صلاة الجماعة، ويسمع القراءة في الجهرية فيستفيد ويتعلم، ويسمع أذكار الصلوات فيحفظها، ويقتدي بالإمام فيتعلّم أحكام صلاته، ـ تعويد الأمّة الإسلامية على الاجتماع وعدم التّفرق؛ استشعار المسلم وقوفه في صفّ الجهاد، فلا يتقدّمون ولا يتأخّرون عن أوامره، وبتسوية الصّفوف تحصل الألفة؛ ولهذا أمر النبي r بمساواتها حتّى قال: ”ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم“. ـ استشعار آخر هذه الأمّة بما كان عليه أوّلُها؛ وهذا يعطي الأمّة الحرص على الاقتداء بالنبي r وأصحابه. ـ اجتماع المسلمين في المسجد راغبين فيما عند الله من أسباب نزول البركات. ـ إلى غير ذلك من الفوائد الكثيرة.
وحتّى النّساء جاز لهنّ حضور المسجد بشروط: ففي أبي دود: (لاتمنعوا إماء اللّه مساجد اللّه، ولكن ليخرجن وهنَّ تَفِلاتٌ). وعن ابن عمر رضي اللّه عنهما قال: قال رسول اللّه r: (لا تمنعوا نساءكم المساجد وبيوتهنَّ خيرٌ لهنَّ).
وعن عائشة رضي اللّه عنها زوج النبي r قالت: (لو أدرك رسول اللّه r ما أحدث النّساء لمنعهن المسجد كما مُنِعَهُ نساء بني إسرائيل).
ومعنى تفلات: أي غير متطيِّبات. (فأيّما امرأة خرجت وهي متعطِّرة فهي زانية). وأيضًا في حديث مسلم (إذا شهدت إحداكن المسجد فلا تمسّ طيبا) ويلحق بذلك الحلي والملابس التي فيها شهرة، فتمنع المرأة من أجل ذلك.
-بشارات لعُمّار المساجد:
– معلّق القلب في المسجد: فان الله تبارك وتعالى سَيُظلُّه في ظلِّه يوم لا ظلَّ إلا ظلُّه فقد روى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النّبي r أنه قال: (سبعة يظلّهم الله تعالى في ظلّه يوم لا ظلَّ إلا ظلّه: الإمام العادل، وشابّ نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه معلّق في المساجد،…الحديث). وفي لفظ لمسلم: (ورجل معلّق بالمسجد إذا خرج منه حتى يعود إليه). قال الإمام النّووي رحمه الله: (ورجل قلبه معلّق في المساجد) ومعناه شديد الحبِّ لها، والملازمة للجماعة فيها، وليس معناه دوام القعود في المسجد. وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله: وظاهره أنّه من التّعليق، كأنّه شبَّهَهُ بالشّيء المعلَّق في المسجد، كالقنديل مثلاً، إشارة إلى طول الملازمة بقلبه وإن كان جسده خارجاً عنه، ويدلُّ عليه رواية: (كأنّما قلبه معلّق في المسجد)، ويحتمل أن يكون من العلاقة: وهي شدّة الحبّ. ويدلّ عليه رواية أحمد: (معلّق بالمساجد).
وقال غيره: لمّا آثر طاعة اللهتعالى، وغلب عليه حبُّه، صار قلبه مُعَلّقا بالمساجد، ملتفتا إليها يحبُّها ويألفها، لأنّهيجد فيها حلاوة القربة، ولذّة العبادة، وأُنس الطاعة، ينشرح فيها صدره، وتطيب نفسه،وتقرّ عينه. فهو لا يحبّ الخروج منها، وإذا خرج تعلّق بها حتّى يعود إليها.وهذا إنّما يحصل لمن ملك نفسه وقادها إلى طاعة الله جل وعلا فانقادت له.
أمّا من غلبته نفسه الأمَّارة بالسُّوء فقلبه مُعَلَّق بالجلوس في الطُّرقات،والمشي في الأسواق، مُحِبّ لمواضع اللّهو واللّعب، وأماكن التّجارة واكتساب الأموال.
ـعُمَّار المساجد هم أهل الهدى: قال تعالى: فعسى {أولئك أن يكونوا من المهتدين}،والهدى من أعظم مفاتيح العمل الصالح.
– محبّة الله.السّكينة وطمأنينةالنّفس، وانشراحالصدر وهدوء البال.
– كثرة الخُطا سبباً لمحو الخطايا ورفع الدرجات.
– إكرام الله تعالى لزائر المسجد؛ لحديث سلمان عن النبي r قال: (من توضّأ في بيته ثم أتى المسجد فهو زائر لله، وحقٌ على المزُور أن يكرم الزائر).
_ فرح الله تعالى بقدوم العبد إلى المسجد لأداء الصّلاة فيه.
– الجلوس في المسجد سبب لصلاة الملائكة على العبد.
_ الصّلاة في الجماعة تَعْصِم العبد من الشّيطان. روى الإمام أحمد أن النبي r قال: (إنّ الشّيطان ذئب للإنسان كذئب الغنم يأخذ الشّاة القاصية والنّاحية وإياكم والشِّعاب وعليكم بالجماعة والعامّة).
-ما رواه البزّار عن أنس مرفوعًا: " إنما عُمّار المساجد هم أهل الله.
ـ إعداد النُّزل في الجنّة: عن أبي هريرة عنه صلّى الله عليه وسلّم: (من غدا إلى المسجد وراح، أعدّ الله له نزلاً من الجنة كُلَّما غدا أو راح). رواه الشّيخان وأحمد.
ـ حفظ الله عزّ وجلّ.
ـ البشارة بالنُّور التَّامّ يوم القيامة.
ـالبشارة بالجواز علي الصّراط إلى الجنّة.
ـوروى الطّبراني: (المسجد بيتكلّ تَقِيّ، وتكفّل الله لمن كان المسجد بيتَه بالرّوح والرّحمة والجواز علي الصراط إلى رضوان الله إلى الجنة).
بعض آداب المسجد:
-المحافظة على دعاء الذهاب إلى المسجد (اللَّهُمَّ اجعل في قلبي نورا..)، ودعاء الدّخول والخروج.
– البعد عن اللّغو في الكلام.
– أداء التّحية عند الدخول وهي سنة مؤكّدة.
– الحرص على نظافة المسجد والبعد عن كل ما يجلب له الأوساخ والنّجاسات، وتجنُّب البصاق فيه. قال عليه الصّلاة والسّلام: (البصاق في المسجد خطيئة وكفارتها دفنها)، وقال: (عُرضت عليّ أعمال أمتي حسنها وسيِّئها فوجدت في محاسن أعمالها الأذى يُماط عن الطريقووجدت في مساوي أعمالها النّخامة تكون في المسجد لا تدفن).
-الحرص على الصّلاة إلى السّترة، والحذر من المرور أمام المصلّي، ومنع من مرّ بين يديه، لقوله صلّى الله عليه وسلّم : (فإن أراد أحد أن يمرَّ بين يديه فليمنعه فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان).
– الإقبال بتؤدة وهدوء وسكينة ووقار، لحديث: (إذا سمعتم الإقامة فلا تأتوا إلى الصّلاة وأنتم تسعون، وامشوا وعليكم السّكينة، فما أدركتم فصلّوا، وما فاتكم فأتِمّوا).
– عدم أكل أو شرب ما له رائحة كريهة ومنها الثّوم والبصل والدّخان وكلّ ما كان مؤذيا للمصلِّين.
وأن لا يشتري فيه ولايبيع، ولا يسلّ فيه سيفًا ولا سهمًا، ولا يطلب فيه ضالّة، ولا يرفع فيه صوتًا بغيرذكر الله، ولا يتكلّم فيه بأحاديث الدنيا، ولا يتخطّى رقاب الناس، ولا ينازع فيالمكان ولا يضيّق على أحد في الصّفّ، ولا يبصق ولا يتنخم ولايمتخط فيه، وأن ينزّه من النّجاسات والصّبيانوالمجانين وإقامة الحدود، وأن يكثر ذكر الله تعالى ولا يغفل عنه.
-التوقف عن أداء صلاة السنة متى أقيمت الصلاة المكتوبة.
تسوية الصّفوف: عن جابر بن سَمُرة قال: خرج علينا رسول الله فقال: (ألا تصفّون كما تصفّ الملائكة عند ربِّها)؟ فقلنا: يا رسول الله وكيف تصفّ الملائكة عند ربّها؟ قال: (يتمّون الصّفّ الأوّل، ويتراصّون في الصّفّ) رواه مسلم.
– ينبغي عدم التَّأَخُّر عن أوّل الصّلاة وتكبيرة الإحرام، وتجنب الاستعجال في الخروج من المسجد بعد انقضاء الجماعة، لئلاّ يؤدي إلى مزاحمة المصلّين ومدافعتهم.
فإذا فعل هذهالخصال فقد أدّى حقّ المسجد وكان المسجد حرزًا له من الشيطان الرجيم.
ومن عمارة المساجد:صَوْنُها عمّا لا يليق بها من الأقوال، والأفعال، والنّجاسات، والرّوائح الكريهة،والأوساخ المؤذية، وذلك من تعظيمها، وقال تعالى: {وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ}. وفي حديث جابر بن عبد الله عن النبيقال: (منأكل البصل والثوم والكراث فلا يقربنّ مسجدنا فإن الملائكة تتأذّى مما يتأذّى منه بنوآدم).
وقال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه: (لقد رأيت رسول اللهإذا وجد ريحهما من رجل في المسجد أمر به فأُخْرِج إلى البقيع فمن أكلهما فَلْيُمِتْهُمَاطبخًا).
وقال صلّى الله عليه وسلّم للذي بال في المسجد: (إنّ هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القذر إنما هيلذكر الله والصلاة وقراءة القرآن) متّفق عليه.
وقال لمعاوية بن الحكم السّلمي: (إنّهذه المساجد لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنّما هو التّسبيح والتّكبير وقراءةالقرآن).
وقد ثبت جملة من النّصوص الشرعية تحثّ على بناء المساجد والعناية بشؤونها وحفظها، ومنع السّفهاء والغوغاء من الإضرار بها والتّحذير من إفسادها. فمن ذلك: قوله سبحانه وتعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمّنْ مّنَعَ مَسَاجِدَ اللّهِ أَنيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَىَ فِي خَرَابِهَآ أُوْلَـَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْأَن يَدْخُلُوهَآ إِلاّ خَآئِفِينَ لّهُمْ فِي الدّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِيالاَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}، وهو وعيد شديد لمن يسعى في خراب المساجد من المصلّين الذّاكرين لله. والمراد بمنع المساجد أن يذكر فيها اسم الله منع من يأتي إليها للصّلاةوالتّلاوة والذكر وتعليمه. والمراد بالسّعي في خرابها: هو السّعي في هدمها، ويجوز أن يراد بالخراب تعطيلها عن الطّاعات التي وُضعت لها فيكون أعمَّ منقوله: (أن يذكر فيها اسمه) فيشمل جميع ما يمنع من الأمور التي بنيت لها المساجدكتعلُّم العلم وتعليمه، والقعود للاعتكاف، وانتظار الصلاة.
أمّا مُجرّد عمارة المسجد وزخرفتِه والتّباهي بحسن بنائه وتصميمه مع خُلُوِّه من العُبَّاد والمصلين فليس مراداً في الشرع كما قيل:
منائركم علت في كل حيٍّ *** ومسجدكم من العبّاد خالي
وجلجلة الأذان بكل فجٍّ *** ولكن أين صوتٌ من بلالِ ؟!
قال أبو سعيد: كان سقف المسجد من جريد النخل. وأمر عمر ببناء المسجد، وقال: أكِنَّ النّاس من المطر، وإيّاك أن تحمِّر أو تصفِّر، فتفتن الناس. وقال أنس: يتباهون بها، ثم لا يعمرونها إلاّ قليلا. وقال ابن عباس: لتزخرفُنَّها كما زخرفت اليهود والنصارى.
إنّ العمارة الحقيقية للمسجد هي إحياء ذكر الله فيه وإقام الصّلاة، لحديث مسلم: (ألا أدلُّكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدّرجات ؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال: إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصّلاة بعد الصّلاة، فذلكم الرّباط فذلكم الرّباط فذلكم الرّباط)، فالمحافظة على الصّلوات في الجماعات هي العنوان على صِحّة الإيمان.
المساجد هي المدارس الحقيقية التي تتربّى فيها الأجيال ولن يكون للمسلمين عزّة ولا قوّة ولا هيبة إلاّ حين يعودون إلى المساجد فينطلقون منها كما انطلق منها أسلافنا الأوّلون، لينشروا الهدى والحقّ والنّور في كلّ مكان. ولن يصلح آخر هذه الأمّة إلاّ بما صلح به أوّلها.
ورُوَّاد المساجد في مجموعهم هم بقية أهل الخير، وهم الرّصيد لأصحاب الدعوات، وهم أقرب إلى الاستجابة من غيرهم. والصّلاة هي آخر العُرَى الباقية لهذا الدّين كما جاء في الحديث: ( لتنقضنّ عُرى الإسلام عُرْوَة عُرْوَة، فأولها نقضًا: الحكم وآخرها الصّلاة).
-التّحذير من التّخلف عن عمارة المساجد وهجرانها:
ـ قال تعالى: (يوم يُكشف عن ساق ويدعون إلى السّجود فلا يستطيعون خاشعة أبصارهم ترهقهم ذِلّة وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون).
قال كعب الأحبار: ما نزلت هذه الآية إلا في الذين يتخلّفون عن الجماعات.
وقال سعيد بن المسيّبِ رحمه اللهكانوا يسمعون (حيّ على الصلاة حيّ على الفلاح) فلا يجيبون وهم سالمون أصِحَّاء).
-وروى الحاكم في مستدركه عن النبي r أنه قال: (لعن اللهُ ثلاثةً: من تقدّم قوما وهم له كارهون، وامرأة باتت وزوجها عنها ساخط، ورجل سمع حيّ على الصلاة حيّ على الفلاح ثم لم يجب).
– وقال أبو هريرة لَأَن تمتلئ أُذن ابن آدم رصاصا مُذابا خير من أن يسمع حيّ على الصّلاة حيّ على الفلاح ثم لا يجيب.
– وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: لا صلاة لجار المسجد إلاّ في المسجد قيل: من جار المسجد ؟ قال: من يسمع الأذان.
وقال ابن عباس رضي الله عنه: (من سمع النّداء بالصّلاة فلم يجب، ولم يأت المسجد ويصلّي فيه فلا صلاة له، وقد عصى الله ورسوله).
وما أخرجه أبو داود عن ابن عباس: قال رسول اللّهr: (من سمع المنادي فلم يمنعه من اتِّباعه عذرٌ، قالوا: وما العذر؟ قال: خوفٌ أو مرضٌ، لم تقبل منه الصَّلاة الَّتي صلّى).
وفي الصحيحين: ((ثم أنطلق برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرِّق عليهم بيوتهم بالنّار).
وعن أبي هريرة: (أتى النّبيَ r رجلٌ أعمى، فقال يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد فسأل رسولَ الله rأن يرخّص له فيصلّي في بيته فرخّص له فلمّا ولَّى دعاه فقال له: هل تسمع النّداء بالصلاة ؟ قال نعم فال فأجب) رواه مسلم.
أيُّها المسلمون: إنّ التَّخَلُّفَ عنها وهجرانَها دليل على ضعف الإيمان وفراغ القلب من تعظيم الله وتوقيره، وإلاّ فكيف يليق بمسلم صحيح آمِن يسمع منادي الله كلّ يوم خمس مرّات وهو يناديه: (حيّ على الصّلاة) ثم لا يجيبه، ويسمعه يقول: (الله أكبر)، ثمّ يكون اللّعب عنده أكبر، ومشاهدة الأفلام والمباريات أكبر، والبيع والشِّراء أكبر، ومشاغل الدّنيا الفانية أكبر، ويسمعه يقول: (الصّلاة خير من النّوم) ثم يكون النّوم عنده خيرا من الصّلاة.
إنّ اعتزال المساجد والصلاة في البيوت تضييع لفرائض كثيرة، وتفويت لِخير كبير.
وكان الصّحابة رضوان الله عليهم يرون التّارك للصّلاة في الجماعة منافقاً، كما في صحيح مسلم عن عبد الله بن مسعود قال: (من سرّه أن يلقى الله عزّ وجلّ غدا مسلما فليحافظ على هؤلاء الصّلوات الخمس حيث ينادى بِهِنّ، فإنّهن من سنن الهدى، وإن الله شرع لنبيكم صلى الله عليه وسلم سنن الهدى، فلو صلّيتم في بيوتكم كما يصلّي هذا المتخلِّف في بيته لتركتم سنّةَ نَبِيِّكُم، ولو تركتم سنّةَ نَبِيِّكُم ضللتم، ولقد رأيتنا وما يتخلّف عنها إلا منافق معلوم النّفاق ولقد كان الرّجل يؤتى به يهادى بين الرّجلين حتّى يدخل في الصّفّ).
لأنّ من صفة المنافقين ما أخبر الله عنهم بقوله: {وإذا ناديتم إلى الصلاة اتّخذوها هزؤاً ولعباً ذلك بأنّهم قوم لا يعقلون}، فنفى الله عنهم العقل الصّحيح من أجل عدم إجابتهم لنداء الصّلاة الذي هو نداء بالفلاح والفوز والنّجاح. لأنّه إنّما سُمِّي العقل عقلا من أجل أنّه يعقل عن الله أمره ونهيه، أو من أجل أنّه يعقل صاحبه على المحافظة على والفضائل ويردعه عن منكرات الأخلاق والرذائل. فإنه لو كان عند هؤلاء التّاركين للصّلاة في الجماعة عقل صحيح لما أهملوا حظّهم من هذا الفلاح.
سيَّما إذا كان هذا التّارك للصّلاة في المسجد من المنتسبين للعلم أو من الأساتذة المعلّمين فيسمع النداء ثمّ لا يجيب، فإنه يكون فتنة للعامّة لأن تخلُّفَه بمثابة الدّعاية والتّعليم منه بهجران المساجد، لأنّ النّاس يُقلِّد بعضهم بعضاً في الخير والشرّ ..
كما أنّ عمارة المساجد بالصّلاة وذكر الله من أعظم الأسباب الجالبة للرِّزق قال تعالى عن عُمّارها: {…. ويزيدهم من فضله والله يرزق من يشاء بغير حساب}، وإنّ العبد ليحرم الرِّزقَ بالذّنب يصيبه، وأيُّ ذنب أعظم من الاستهانة بأوامر الله وحقوقه وتقديم أوامر غيره على أوامره وحقوق غيره على حقوقه؟
إنّ أعظمَ النّاس بركة وأشرفَهم مَزِيّةً ومنزلةً الرّجلُ يكون في المجلس وعنده جلساؤُه وأصحابُه وأولادُه، فيسمع النداء بالصّلاة فيقوم إليها، ويأمر من عنده بالقيام إلى الصّلاة معه، فيقصدون مسجداً من مساجد الله لأداء فريضة من فرائض الله .. يعلوهم النور والوقار على وجوههم، كلُّ من رآهم ذكر الله عند رؤيتهم .. أولئك الميامين على أنفسهم وعلى جلسائهم وأولادهم " أولئك الذين هداهم الله.
وبضدّ هؤلاء قوم يجلسون في المجالس وفي المقاهي وفي النوادي وفي ملاعب الكرة، فيسمعون النّداء بالصلاة ثم لا يجيبون، ألسنتهم لاغية، وقلوبهم لاهية، قد استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله، فهؤلاء هم المشائيم على أنفسهم وعلى جلسائهم وأولادهم.
كذلك لابدّ أن نتنبّه أيها المسلمون إلى عدم رفع الأصوات في المسجد لأنّ هناك من النّاس من يدخل المسجد وكأنّه في سوق فيرفع صوته، ويطلق رنين هاتفه، فيشوّش على المصلِّي والقارئ والذّاكر، أخرج الإمام مالك في موطّئه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم خَرَجَ عَلَى النَّاسِ وَهُمْ يُصَلُّونَ وَقَدْ عَلَتْ أَصْوَاتُهُمْ بِالْقِرَاءَةِ فَقَالَ: (إِنَّ الْمُصَلِّىَ يُنَاجِى رَبَّهُ فَلْيَنْظُرْ بِمَا يُنَاجِيهِ بِهِ وَلاَ يَجْهَرْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ بِالْقُرْآنِ).
فإذا كان صلّى الله عليه وسلّم قد نهانا أن نرفع أصواتنا على بعضنا ونحن نقرأ القرآن فكيف بغيره ؟.
وفي الختام: نسأل الله تعالى ونتضرّع إليه أن يرحم مؤسّسَ ومنشئ هذه الحلقات شيخَنا وأستاذَنا الشيخ محمد باي بلعالم، وأن يسكنه الدّرجات العُلى من الجنّة رفقة النبيئين والصدّيقين والشهداء والصّالحين، وأن يتم له إجابة دعائه الذي لم يتركه في أيّ مجلس من مجالسه: ( اللَّهُمَّ إنّا نسألك السّتر والسّعادة، والموت على الشّهادة، وفي الآخرة الحسنى وزيادة)، فاللَّهُمَّ يا ربّنا يا مولانا كما رزقته السّتر والسّعادة في الدّنيا، والموتَ على الشّهادة عند الخروج من الدّنيا، فاللَّهُمَّ ارزقه في الآخرة الحسنى وزيادة، اللَّهُمَّ إنّك تقول وقولك الحقّ ووعدُك الصِّدق: {للّذين أحسنوا الحسنى وزيادة}، اللَّهُمَّ جازه عنا وعن الإسلام والمسلمين خير الجزاء، اللهم اجعل ثواب هذه الحلقات في ميزان حسناته، وبارك في ذُرِّيَتِه وطلبته ومُحبِّيه، وفي من حضر مجلسنا هذا، آمين، آمين، آمين. سبحان ربّك ربّ العزّة عمّا يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله ربّ العالمين.
1) الوقوع في المعاصي وارتكاب المحرمات .
2) الشعور بقسوة القلب وخشونته : قال تعالى :{ ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة }.
3) عدم إتقان العبادات : ومن ذلك شرود الذهن أثناء الصلاة وتلاوة القرآن والأدعية ونحوها ،
4) التكاسل عن الطاعات والعبادات : قال الله تعالى { وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى } .
5) ضيق الصدر وتغير المزاج وانحباس الطبع حتى كأن على الإنسان ثقلاً كبيراً ينوء به ،
6) عدم التأثر بآيات القرآن لا بوعده ولا بوعيده ولا بأمره ولا نهيه …
7) الغفلة عن الله عز وجل في ذكره ودعائه : وقد وصف الله المنافقين بقوله : { ولا يذكرون الله إلا قليلا }
8) عدم الغضب إذا انتهكت محارم الله :
كما أخبر عليه الصلاة والسلام في الحديث : (( أسود مربادا ( بياض يسير يخالطه السواد ) كالكوز مجخيا ( مائلا منكوسا ) لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا إلا ما أشرب من هواه )). رواه مسلم
9) حب الظهور:
وهذا له صور منها :
أ : محبة تصدر المجالس : وقد حذرنا منها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بقوله :
(( ا اتقوا هذه المذابح – يعني المحاريب -)) رواه البيهقي وهو في صحيح الجامع 120
ب : محبة أن يقوم له الناس : قال صلى الله عليه وسلم : (( من سره أن يمثل له عباد الله قياما فليتبوأ بيتا من النار )) رواه البخاري
10) الشح والبخل :
فقد بينها النبي صلى الله عليه وسلم ، بقوله : (( إياكم والشح فإنما هلك من كان قبلكم بالشح ، أمرهم بالبخل فبخلوا وأمرهم بالقطيعة فقطعوا وأ مرهم بالفجور ففجروا )) . رواه النسائي وهو في صحيح الجامع 2678
11) أن يقول الإنسان مالا يفعل قال الله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لم تقولون مالا تفعلون . كبر مقتا عند الله أن تقولوا مالا تفعلون } .
12) احتقار المعروف ،وعدم الاهتمام بالحسنات الصغيرة :
قال صلى الله عليه وسلم : (( لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تفرغ من دلوك من في إناء المستسقي ، ولو أن تكلم أخاك ووجهك إليه منبسط )) .مسند الإمام أحمد وهو في السلسلة الصحيحة 1352
13) عدم الاهتمام بقضايا المسلمين :
قال النبي صلى الله عليه وسلم : إن المؤمن من أهل الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد ، يألم المؤمن لأهل الإيمان كما يألم الجسد لما في الرأس )) . مسند الإمام أحمد وهو في السلسلة الصحيحة 1137
14) انفصام عرى الأخوة بين المتآخيين .
قال صلى الله عليه وسلم (( ما تواد اثنان في – الله جل وعز – أو في الإسلام فيفرق بينهما أول ذنب ( وفي رواية : ففرق بينهما إلا بذنب ) يحدثه أحدهما )) . رواه البخاري في الأدب المفرد وأحمد وهو في السلسلة الصحيحة 637
15) الفزع والخوف عند نزول المصيبة .
16) كثرة الجدال والمراء المقسي للقلب :
قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : (( ماضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل )). أحمد وهو في السلسلة الصحيحة 5633
17) التعلق بالدنيا ، والشغف بها ,
13) المغالاة في الاهتمام بالنفس مأكلا ومشربا وملبسا ومسكنا ومركبا .
ثانيا : من أسباب ضعف الإيمان .
1. الابتعاد عن الأجواء الإيمانية فترة طويلة وهذا مدعاة لضعف الإيمان في النفس يقول الله عز وجل :
{ ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون } .
2. الابتعاد عن ا لقدوة الصالحة .
3. الابتعاد عن طلب العلم الشرعي .
4. وجود الإنسان المسلم في وسط يعج بالمعاصي .
5. الإغراق في الاشتغال بالدنيا .
يقول عليه الصلاة والسلام : ((تعس عبد الدينار وعبد الدرهم )) رواه البخاري
6. الانشغال بالمال والزوجة والأولاد ،
يقول الله –عز وجل- { واعلموا أ نما أموالكم وأولادكم فتنة } سورة الأنفال آية 28
7. طول الأمل :
قال الله تعالى : { ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل فسوف يعلمون } .
8. الإفراط في الأكل والنوم والسهر والكلام والخلطة ، يقول عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح :
(( لا تكثروا الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب )) . رواه ابن ماجة وهو في صحيح الجامع 7435
ثالثا : علاج ضعف الإيمان
(1) تدبير القرآن العظيم . قال الله _ عز وجل _ { وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين } .
(2) استشعار عظمة الله عز وجل، ومعرفة أسمائه وصفاته والتدبر فيها وعقل معانيها واستقرار هذا الشعور في القلب وسريانه إلى الجوارح لتنطق عن طريق العمل بما وعاه القلب فهو ملكها وسيدها وهي بمثابة جنوده وأتباعه فإذا صلح صلحت وإذا فسد فسدت .
(3) طلب العلم الشرعي : قال الله تعالى : { إنما يخشى الله من عباده العلماء }.
(4) لزوم حلق الذكر وهو يؤدي إلى زيادة الأيمان :
قال صلى الله عليه وسلم : (( لا يقعدن قوم يذكرون الله إلا حفتهم الملائكة وغشيتهم الرحمة ونزلت عليهم السكينة وذكرهم الله فيمن عنده )) . رواه مسلم
(5) الاستكثار من الأعمال الصالحة وملء الوقت بها وهذا من أعظم أسباب العلاج .
وينبغي أن يراعي المسلم في مسألة الأعمال الصالحة أمورا منها :
أ. المسارعة إليها :
لقوله تعالى { وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض } .
و قال الله تعالى :{ سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماوات والأرض }.
ب. الاستمرار عليها :
يقول الرسول ، صلى الله عليه وسلم ، عن ربه في الحديث القدسي : (( وما يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه )) البخاري
ت. المداومة على الأعمال الصالحة :
وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم : أي الأعمال أحب إلى الله ؟ قال ( أدومها وإن قل ) رواه البخاري
ث. الاجتهاد فيها :
قال تعالى : { كانوا قليلا من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون وفي أموالهم حق للسائل والمحروم }.
(6) تنويع العبادات :
أتى النبي ، صلى الله عليه وسلم رجل يشكو قسوة قلبه فقال له صلى الله عليه وسلم : (( أتحب أن يلين قلبك وتدرك حاجتك ؟ ، أرحم اليتيم وامسح رأسه ، وأطعمه من طعامك ، يلين قلبك وتدرك حاجتك )) .رواه الطبراني وله شواهد
(7) الإكثار من ذكر الموت :
يقول الرسول ، صلى الله عليه وسلم (( أكثروا ذكر هادم اللذات يعني الموت )) رواه الترمذي وهو في صحيح الجامع 1210
(8) ومن الأمور التي تجدد الإيمان في القلب تذكر منازل الآخرة .
(9) التفاعل مع الآيات الكونية :
روى البخاري ومسلم وغيرهما (( أن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى غيما أو ريحا عرف ذلك في وجهه )
(10) ومن الأمور بالغة الأهمية في علاج ضعف الإيمان ذكر الله تعالى وهو جلاء القلوب وشفاؤها عند اعتلالها ، وهو روح الأعمال الصالحة وقد أمر الله به فقال : { يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكر كثيرا }.
(11) ومن الأمور التي تجدد الإيمان مناجاة الله والانكسار بين يديه عز وجل :
قال صلى الله عليه وسلم : (( أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء )) .رواه مسلم
(12) قصر الأمل : فال تعالى { كأن لم يلبثوا إلا ساعة من نهار } .
(13) التفكير في حقارة الدنيا : قال الله تعالى { وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور }
(14) تعظيم حرمات الله : يقول الله تعالى : { ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه } .
(15) الولاء والبراء أي موالاة المؤمنين ومعاداة الكافرين .
(16) محاسبة النفس يقول جل وعلا : { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد } .
(17) وختاما ، فإن دعاء الله عز وجل من أقوى الأسباب التي ينبغي على العبد أن يبذلها كما قال النبي ، صلى الله عليه وسلم : (( إن لإيمان ليخلق في جوف أحدكم كما يخلق الثوب فاسألوا الله أن يجدد الإيمان في قلوبكم ))
بتصرف من كتاب ظاهرة ضعف الإيمان
لفضيلة الشيخ /محمد المنجد
منقوووووووووووووووووووول للأهميه
اكثر من رائع
شكرا لك
الله الله الله على الموضوع الرائع بارك الله فيك
موضوع في غاية الاهمية
العفو إخوتي و فيكم بركة الله
الله لا يحرمني من تواجدكم و مروركم على مواضيعي
اسال الله ان يجعله في ميزان حسناتك . وينفع بك هده الامة الاسلامية .ويرزقنا بامثالك لمحاربة مكائد الشيطان اللهم اااامممممميييييننننن
القدر
– معنى الإيمان بالقدر:
– فقد شاء الله أن يخلق الخلائق، وقضى أن تكون بأقدار وأوصاف محددة، وهو العالم بما كان ويكون وما سيكون، وكل ما في الوجود من حركات وسكنات إنما هو كائن بمشيئة الله سبحانه وتعالى، ولا يحدث شيء، إلا بقدرة الله ومشيئته، فما شاء الله كان ومالم يشأ لم يكن.
قال الله تعالى: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} [الحج: 70].
وقال تعالى: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا} [الفرقان: 2].
وقال تعالى: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: 49].
وقال تعالى: {يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ} [الروم: 54].
وقال تعالى: {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا * إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الكهف:23-24].
وقال تعالى: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا} [الإنسان: 30].
الإيمان بالقدر ركن من أركان الإيمان.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الإيمان: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره". رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي.
3- أثر الإيمان بالقدر في نفوس المؤمنين:
إن من يدعي أن الإيمان بالقدر مدعاة للتواكل والكسل والخمول فهذه دعوى فاسدة باطلة وسبها عدم الفهم لمعنى الإيمان بالقدر لأن من آمن أن الله تعالى خلق كل شيء بقدر فهو حريص على معرفة أقدار الخير ليدفع بها أقدار الشرِّ، فهو يدفع قدر الجوع بقدر الطعام، وقدر المرض بقدر الدواء، وقدر الفقر بقدر السعي في طلب الرزق.
وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرُّقى والأدوية: هل تَرُدُّ من قَدَر الله شيئاً؟
قال: "هي من قدر الله" رواه أحمد.
ومن آمن بقدر الله تعالى لا يصيبه اليأس ولا القنوط بسبب كثرة المصائب، ولا يحزن على ما فاته، ولا يفخر ولا يتكبر مهما أوتي من مال وجاهٍ ومنصب وغير ذلك من حظوظ الدنيا.
قال الله تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلا تَأْسَوْا(1) عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا(2) بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ(3) فَخُورٍ} [الحديد: 22-23].
ومن آمن بقدر الله وقدرته ومشيئته، وأدرك عجزهُ، وحاجته إلى خالقه تعالى، فهو يصدق في توكلِّه على ربَّه ويأخذ بالأسباب التي خلقها الله، ويطلب من ربه العون والسداد.
والمؤمن يردد في يقين قوله تعالى: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُؤْمِنُونَ} [التوبة: 51].
ويوقن بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك".
الإنسان مختار في عمله وكسبه، غير مجبر وهو مفطور على حركة الاختيار، ويمثل هذه الحركة ويطبقها في حياته اليومية، ويقرر بعمله وسلوكه الاختيار وينكر الجبر، فلا يعاقب الجمادَ ولا يغضب على الحجر والخشب والماء والنار والريح مهما لحقه الأذى والعنت من هذه الأشياء، أما إذا تعرض إنسان لإهانتك أو هتك عرضك ثُرتَ عليه ثوراناً عجيباً وعاقبته عقاباً شديداً.
أفلا يدل ذلك على أن الإنسان يميز بين المجبور والمختار، وأن الإنسان صاحب اختيار وإرادة يحاسب ويعاتب ويعاقب ويلام ولا يقبل منه عذر فيما تعمده فهو مخير ليس بمجبور.
– شبهة وردُّها:
الشبهة: قد يتساءل البعض كيف لا يكون ما قد كتب في اللوح المحفوظ مجبراً للإنسان على العمل مع أنه قد كتب قبل وجود الإنسان؟
__________
(1) تحزنوا.
(2) فرح بطر واختيال.
(3) متكبر متباه.
ألا ترى أن الأستاذ الذكي الخبير بأحوال طلابه الذي يضع أسئلة الامتحان، لو أنه كتب في ورقة أسماء من هو متأكد أنهم سيرسبون في الامتحان في أخرى أسماء من هو متأكد من نجاحهم، ثم جاء الامتحان وظهرت النتيجة، ثم جاء الذين رسبوا محتجين بقولهم: إن ما كتبه الأستاذ علينا في الورقة بأننا سنرسب هو السبب في رسوبنا! فهل سيُقبل عذرهم؟ أم أنه سيقال لهم: إن ما كتبه الأستاذ في الورقة أمر متعلق بعلمه وخبرته السابقة بأحوالكم، ورسوبُكم متعلق بإهمالكم، فلا تعتذروا لإهمالكم بعلم الأستاذ وخبرته. (ولله المثل الأعلى) فهو سبحانه وتعالى خالق الخلق وهو العليم بأحوالهم قال تعالى: {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك: 14].
ولقد خلقنا الله سبحانه لقضاء فترة الامتحان في هذه الحياة الدنيا وهو جلَّ شأنه يعلم نتيجة الامتحان فكتب الشقاء على الأشقياء وكتب السعادة للسعداء حسب علمه المحيط بما كان وما يكون وما سيكون.
وربما أخطأ الأستاذ في تقديره لنتائج طلابه لكنَّ قدرَ الله لا يخطئ في تقديره لأعمال خلقه.
والكتابة في اللوح المحفوظ أمر متعلق بعلم الله السابق، فترك الصلاة مثلاً أمر متعلق بتمرد وإهمال ومعصيةِ تارك الصلاة، وقد أراد الجاحدون أن يعتذروا ويتحججوا للمعصية والضلال بعلم الله تعالى، وهذا مرفوض لأن علم الله سابق لا سائق، فما أخبر الله مما هو كائن إلى يوم القيامة من أفعال العباد الاختيارية ليس فيه أي إجبار ولا فيها سوق للإنسان دون إرادته.
موضــــــــــــــــــــــــــوع رائع عن القدر خيره وشره
موضوع في القمة جازاك الله أحسن الجزاء أخي .