ومهما تعددت تعاريف الأمية، إلا أن هناك تعريف أدنى يمكن الاتفاق عليه وهو عدم معرفة القراءة والكتابة بأي لغة كانت وفي سن معين. ويختلف مفهوم عدم معرفة القراءة والكتابة باختلاف المجتمعات لدرجة أن بعض الدول المتطورة تعتبر الأمي من لا يسمح له القدر الذي يعرفه من القراءة والكتابة بالتعامل مع الإعلام الآلي.
كما ورد في تقرير للمنظمة العربية للثقافة والعلوم «الألكسو» أن عدد الأميين في العالم العربي سبعين مليون شخص – ما يعادل نسبة ربع الساكنة العربية – خلال سنة 2022، وقد أشار التقرير أيضاً إلى أن هذه النسبة تكاد تعادل ضعف المتوسط العالمي للأمية، وأن عدد الإناث في الرقم المذكور يقترب من ضعف عدد الذكور. ومن المعطيات الصادمة في هذه الوثيقة، نذكر أن مصر احتلت المرتبة الأولى بـ17 مليون أمي، يليها السودان ثم الجزائر والمغرب واليمن، في حين احتلت الرتب الأولى في باب نقص الأمية كل من الإمارات العربية المتحدة وقطر، ثم البحرين والكويت. ومن المعلوم هنا أنه لا سبيل للمقارنة بين النتائج بحكم عدم تناسب الكثافة السكانية، وعدم تناسب الموارد الاقتصادية بين مجموعتي الدول الأولى والثانية..
ويزيد العدد الإجمالي لسكان الدول العربية الـ22 على 300 مليون نسمة يمثلون حوالي 5 % من سكان العالم ويحتلون المرتبة الرابعة بعد سكان الصين والهند والولايات المتحدة، ويعيشون أوضاعا اقتصادية متفاوتة، حيث يزيد متوسط دخل الفرد في أعلى الدول دخلا على 20 ألف دولار سنويا وينقص في أقل دولة دخلا عن 200 دولار.
ويعود الفضل إلى تدني نسبة الأمية حسب الجهات المعني بمحو الأمية إلى تمديد مدة التمدرس الإجباري، وهو ما مكّن من مضاعفة تعداد التلاميذ الكلي بعشر مرات من ثمان مائة ألف إلى ثمان ملايين تلميذ. وهذا يعني أن ربع سكان الجزائر يزاول دراسته في حين أن هذه النسبة لم تكن تتعدى واحدا من اثني عشرة (1/12) سنة 1962 م. فيما نتج عن سياسة إجبارية التعليم، تمدرس 93 % من أطفال اليوم (المتراوحة أعمارهم ما بين 6 سنوات و15 سنة)، بينما كانت أقل من 30 % سنة 1965 م للبالغين من العمر 6 سنوات إلى 13 سنة. وسجل عدد التلاميذ الذين يلتحقون بالمدرسة لأول مرة ارتفاع قياسيا في السنوات الأخيرة، بنسبة الدخول المدرسي بلغت 97 % سنة الحالية 2022، بعدما بلغت نسبتهم 94.8 % سنة 2022، و83 % في السنوات الماضية، واستطاعت الجزائر اليوم أن توفر 23 ألف مؤسسة مدرسية منها 17 ألف مدرسة ابتدائية و4 آلاف إكمالية و1500 ثانوية (20 % من هذه الإنجازات تم تحقيقها منذ 1999 م).
وتوحي النسب المقدمة باستقرار مستوى التعليم، رغم أن نسب الدخول المدرسي تبقى غير متكافئة عبر التراب الوطني، فهي تقل في المناطق النائية التي تبعد فيها المدارس عن المداشر والمناطق السكنية، مما يقلل من حظوظ التعليم بها نتيجة عجز الأولياء عن توفير وسائل نقل لأبنائهم باتجاه المدارس البعيدة وعادة ما تكون الضحية الأولى لهذه الظروف جراء خشية الأولياء على أبنائهم ولانعدام ثقافة تدريس البنات بهذه المناطق نتيجة العقلية والعادات المتحجرة السائدة بها والتي تضطر الفتاة فيها مغادرة مقاعد الدراسة في سن مبكر رغم تفوقها الدراسي لمساعدة الأم في أشغال البيت وفي تربية اخوتها أو لتكوين أسرة. هذه الظروف ساعدت على ظهور نسب الأمية وسط الأطفال والتي بلغت 6 % وفق إحصائيات رسمية، رغم أن بعض الجهات والمصادر غير الرسمية أكدت أن نسبة الأمية لدى الأطفال تفوق النسبة المعلن عليها.
وفي هذا السياق كشفت جمعية "اقرأ" لمحو الأمية بأن الإحصائيات أظهرت بأنه لا يزال نحو 10 % من مجموع الأطفال الجزائريين أي ما يعادل 200 ألف طفل غير مسجلين على مستوى المدارس سنويا، و500 ألف طفل آخرين يتركون مقاعد الدراسة بسبب الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي يعيشون تحت وطأتها.
هذا وكانت نسبة المتعلمين في الجزائر تفوق نسبة المتعلمين في فرنسا، فقد كتب الجنرال "فالز" سنة 1834 م بأن كل العرب (الجزائريين) تقريبًا يعرفون القراءة والكتابة، نتيجة توفر مدرستين في كل قرية…
وقد لاحظ مؤرخون فرنسيون، أمثال الجنرال "ولسن استرهازي" و"إسماعيل أوربان" أن الجزائريين الذين يكتبون ويقرؤون كانوا في ذلك العهد أكثر عدداً من الفرنسيين؛ تزيد نسبتهم على 55 %، استطاع الجنود الفرنسيون الأميون الجهلاء تخفيضها إلى حدود بات معها الشعب الجزائري أقرب ما يكون إلى الأمية الشاملة، في أظلم حقبة زمنية مرت في تاريخه كله، وهذا بشهادة الجنرال الفرنسي "دوماس"؛ الذي قال سنة 1901 – أي بعد حوالي 70 سنة من الاحتلال – أن نسبة المتعلمين من الأهالي لا تتعدى 3.8 %، وبعد قرن من الاحتلال أصبحت نسبة الأميين من الجزائريين 92.2 % بين من تتراوح أعمارهم من 5 إلى 18 سنة، و90 % بين ما تجاوزت أعمارهم ثمانين عامًا. وتشرد أكثر من مليون ونصف المليون طفل جزائري في الشوارع، وهم في سن الدراسة، لأنهم لم يجدوا المكان ولا من ينفق عليهم…
ويرجع الدارسون السبب إلى تعسف السلطات الاستعمارية تجاه الأطر التعليمية الجزائرية، التي كانت موجودة آنذاك، بتعطل أداء المدارس التعليمية والخيرية؛ وإغلاقها الكتاتيب القرآنية والمدارس بحد القانون الاستعماري الجائر، وتعمد إقصاء انتظام الأبناء الجزائريين من التعليم في المدارس الابتدائية والثانوية والجامعية الفرنسية، حيث لم تصل النسبة المئوية 5 % سنة 1941 م في سن الدراسة الابتدائية، وفي عام 1929 م بلغ عدد التلاميذ الجزائريين 6 % من مجموع تسعة مائة ألف تلميذ. ولم يكن مجموع ما يقبل من الطلبة الجزائريين، الذين يقبلون في التعليم الثانوي في المدارس الفرنسية يتجاوز سنويا 84 تلميذ قبل عام 1900 م، و150 تلميذا قبل عام 1914 م. وفي التعليم الجامعي فقلما تجد طالبا واحداومن هنا كانت النتيجة الحتمية لهذه السياسة الاستعمارية في مجال حق الجزائريين في العلم والتعليم والثقافة أن ظل تسعة أعشار أبناء الجزائريين لا يجدون مكانا بهم في المدارس، كما نتج عن ذلك، ازدياد الأمية في الجزائريين، والتي تجاوزت نسبتها مطلع الاستقلال 92 .
بعد الاستقلال كان على الدولة رفع التحدي لمكافحة شبح الجهل، فعمدت إلى فرض إجبارية التعليم وفتح المدارس، وبناء الثانويات والجامعات، وكانت نتيجة ذلك بعد الإحصاءات العامة الأربعة أن تدنت الأمية إلى نسبة 26.5 %.
سجل أول إحصاء سنة 1966 م، حيث بلغت نسبة الأمية 74 % (60.30 % ذكور و85.40 % إناث)، فيما سجل الإحصاء الثاني سنة 1977 م نسبة أمية تقدر بـ 61 % (48.20 % ذكور و74.30 % إناث)، تلها إحصاء ثالث سنة 1987 م، بلغت نسبة الأمية فيه 43.60 % (31.80 % ذكور و56.66 % إناث)، وشهد الإحصاء الرابع سنة 1998 م انخفاض الأمية إلى نسبة 31.90 % (23.65 % ذكور و40.27 % إناث)…
ومن خلال تحليل المختصين لهذه المعطيات أقروا أن استمرار انخفاض نسب الأمية على نفس هذه الوتيرة سيؤجل القضاء على الأمية إلى ما بعد 3 عقود من الزمن مما سيتسبب في تجميع الهوة ما بين الجزائر والدول المتقدمة .
وتسهر الجهات المعنية بمحو الأمية إلى رفع التحدي لخفض نسبة الأمية إلى أقل من 10 % مع مطلع 2022، إلا أنه يبقى عليها أن ترفع تحدي آخر غير الأمية الأبجدية التي نتكلم عنها، وهي الأمية الوظيفية، أي حالة فقدان القدرة على أداء أعمال متقنة في سوق العمل وعدم التلاؤم مع احتياجاتها أصلاً، والأمية التقانية وهي نقص القدرة على التعامل مع التقانات الجديدة والتكيف معها وخصوصاً تقانات المعلومات والاتصالات التي أصبحت اليوم سمة من سمات العالم الرقمي والذي تحتاج "الجاهزية" فيه إلى تكوين مختلف عن التكوين الذي تعودنا على رؤيته في مدارسنا
نرجـــــــــو مــــــــن الاخـــــــــــوة التـــــــــــــــــعليق عن الظــــــــــــــــاهــــــــــــرة
اخي **ياسر** ساكون اول من يشارك بهذا الموضوع المهم
— أخي الكريم لقد قدمت بحث كامل وشامل عن الامية في بلدنا اضافة الى ارقام توضح هذه الضاهرة–
** كما اتمنى ان نتمكن من القضاء عى هذه الضاهرة نهائيا لانها لا تنفع بشيء**
— باتضار جديدك المتجدد–
تقبل تحياتي ومروري
أختك ازهار الربيع
بارك الله فيك الاخت ازهار الربيع
انت دائما وفية لمواضيعي اتمنى ان اكون انا بالمثل .
اتمنى ان تفيدك ولو بالقسط القليل
الجديد راه في مدونة النقاش الجاد والهادف
شكـــــــــــــــــــــــرا لك وبارك الله فيك
وفيكة بركة انا ايضا تشجعني مشاركاتك اخي الفاضل ياسر
شكرااااااااااااااااااا
لا شكر على واجب
الشكر لله الذي هدانا الى سراطه المستقيم
لك مني اجمل التحيات
السلام عليكم شكرا لك على الموضوع والله يستحق التثبيت
السلام عليكم اخي ياسر
نظرا لضخامة و اهمية موضوع الامية في الوطن العربي
يجب ان يعمل العرب على محاربة هذه الظاهرة و نشر التعليم و الثقافة
شكرا لك اخي الفاضل على التطرق لهذا الموضوع المهم
تحياتي
لا شكر على واجب الاخت راحيل
بارك الله فيك على الرد المتميز
تحياتي لك
السلام عليكم اخي ياسر
نظرا لضخامة و اهمية موضوع الامية في الوطن العربي يجب ان يعمل العرب على محاربة هذه الظاهرة و نشر التعليم و الثقافة شكرا لك اخي الفاضل على التطرق لهذا الموضوع المهم تحياتي |
لا شكر على واجب الاخت راحيل
بارك الله فيك على الرد المتميز
تحياتي لك