في ذكري إغتيال الشيخ الشهيد محمد سعيد إمام مسجد دار الأرقم
الشيخ محمد سعيد إمام وداعية ومفكر جزائرى ومن مؤسسي رابطة الدعوة الإسلامية هو إذن الشيخ محمد سعيد ولد في 14 جويلية 1945 بقرية أيت سيدي عثمان بلدية واسيف ولاية تيزى وزو في عائلة محافظة ويعود نسبه للحسن بن علي سبط رسول الله إلتحق أخوه الحسن بالثورة وهذا كان سببا في تشريد عائلته من طرف المستعمر الفرنسي البغيض وبذلك إلتخق ببلدية مولاي العربي بسعيدة وكان يشتغل ببقالة هناك ونظرا لنبغاته أنذاك وكان عمره لا يتجاوز 14 سنة كان يكتب رسائل رد للمجاهدين وكان يقرأ رسائل القادة علي المجاهديين هناك وكان أخوه الحسن إستشهد مع العقيد عميروش في نواح سيدي عيسي وبعد الإسقلال إلتق بالمدرسة الحرة لجمعية العلماء فكان يدرس نهارا ويحترف الخياطة ليلا إلا أن إلتحق بمهنة التدريس وكان يزاول دراسته وكان يواظب علي دروس مالك بن نبي وكذا ندوات نادي الترقي وكان من الأوائل المؤسسين لجماعة الدعوة والتبليغ في الستينات وبعد إلتحاقه بالجامعة إحتك هناك بجماعة الفكر البنابي وأسسو نواة لحركة فكرية منظمة تحت إشراف الأستاذ بوجلخة حفظه الله وبعد تأسيس مسجد الجامعة كان الشيخ رحمه الله يلقي ندوات وحلقات داخل الجامعة وبذلك أكتشفت نباغة الشيخ واتصل به من طرف جمعية مسجد دار الأرقم وألقي خطبة جمعة سنة 1969 بحضور الشيخ عبد اللطيف سلطاني رحمه الله والذي إنبهر لفن الخطابة لديه وبعدها بقي يتناوب علي الرقم والجامعة المركزية جمعة بجمعة بغض النظر عن الندوات والمحاضرات للنخبة بالجامعات والأحياء الجامعية وكذا دروس مسجدية للعامة وفي سنة 1981 لما توجه للحج مع أحد شباب دار الأرقم وجمعه بالمدينة المنورة لقاء ببعض العلماء فهمس أحد العلماء في أدن المرافق للشيخ أن هذا الشخص يملك أفكار تجديدية بذلك لا يعمر كثيرا لسنة كونية أن المجديدن يموتون غدرا . وفي سنة 1981 كان هناك تجمع للحركة الإسلامية بالجزائر وكان الشيخ عبد اللطيف سلطاني مدرسا والشيخ محمد سعيد خطيبا وتلي بيان 14 نقطة قرأه الشيخ عباسي وهذا ما كلفهم سنتين سجن نافذه وبعد العفو عليهم واصل الشيخ دربه الجهادي الدعوى بالجزائر خطيبا ومحاضرا ومدرسا وكذا نشاطه بمنطقة القبائل باللغة البربرية فأحدث نقلة نوعية أنه أثناء الإنتخابات التشريعية 1991 تساوت الجبهة الإسلامية مع جبهة القوى الإشتراكية في عقر دارها. في سنة 1989 أعلن الشيخ عباسي وعلي بلحاج عن تأسيس ح** إسلامي وكان الشيخ دائما صاحب مواقف فحرر بيان مع الشيخ أحمد سحنون رحمه الله للتريث للخروج بالصحوة بموقف موحد ولاكن بعض الرعاع أشبعوه سبا وأرادو ضربة لولا العناية الإلاهية وتدخل الشيخ علي بلحاج لتهدئة الأوضاع
رغم أن الشيخ لم يوافق التأسيس الإنفرادي لجبهة الإنقاذ إلا أنه لم يتوان في نصرة إخوانه لما قال له الشيخ عباسي مدني في ملتقي الدعوة الإسلامية في مسجد دار الأرقم الجبهة جبهتكم أحببتم أم كرهتم فكان الشيخ علي ثغلرة من ثغور الإسلام رغم اختلاف الرئ فكان كالطود يصول ويجول من أجل شحذ الهمم للإنتخاب علي الجبهة الإسلامية والمشروع الإسلامي كان دائما يعمل علي توحيد الصف ويكره التفرقة وهو الذي آخي بين الشيخ محفوظ نحناح والشيخ جاب الله سنة 1988 بدار الأرقم.
وبعد الإضراب السلمي للجبهة وإعتقال الشيوخ بادر هو وثله من إخوانه علي رأب الصدع وتجميد عضوية الخونة من المجس الشوري وأصدر البيان التاريخي بمسجد النور وبقيت الجبهة كالطود الأشم وفازت بالإنتخابات البرلمانية بالأغلبية في الدور الأول ولما رأت الذئاب من الجنرالات أبناء بيجار الخوف علي مصالحهم بادرو للإنقلاب علي إختيار الشعب فكان للشيخ إن إختار السرية ولاكن في الإطار السياسي للجبهة إلا أن إشتد ظلم النظام بادر إلي وحدة الجماعات المسلحة حتي لا تنفلت الأمور لاكن أزلام النظام منهم جمال زيتوني قامو بالإغتيال الجبان للشيخ محمد سعيد ورجام حتي يفوتو الفرصة علي الأمة ولاكن الله متم نوره ولو كره الكافرون
الشيخ محمد سعيد والشيخ أحمد سحنون والشيخ محمد الغزالي رحمهم الله جميعا
من وصاياه
وصية الشيخ محمد السعيد رحمه الله
بسم الله الرحمان الرحيم
إن العبد لله يشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله و أن الجنة حق و أن النار حق و أن الساعة آتية و أن الله يبعث من في القبور.
إني و الحمد لله على عقيدة أهل السنة و الجماعة على ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه و سلم و أصحابه و من تبعهم بإحسان .
إني أؤمن بأن الإسلام عقيدة وشريعة وآداب وأخلاق ، وعلى الأمة أن تقيم حياتها الفردية والجماعية – على مستوى المجتمع والدولة – على أساس ما شرع الله.
إن الإجتهاد فريضة كفائية تطلب به الأمة حاجتها من النظم و التشريعات بشرط ألا يعارض قطعيا من النصوص أو المقاصد.
إن الجهاد فريضة شرعية ماضية إلى يوم القيامة لإقامة شرع الله و حراسة دار الإسلام من العدوان الخارجي أو الطغيان الداخلي.
إن الشورى واجبة فيما لم يرد فيه نص ، تسير بها شؤون الأمة في تعيين الحكام و اتخاذ القرارات.
أوصيكم بتقوى الله و العمل الصالح و صلة الرحم و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و إقامة شعائر الدين و المساهمة في كل عمل خيري ينفع الأمة دينا ودنيا، وعفوا عن محارم الله، و اجتنبوا الكسل فإنه باب من أبواب الفقر، و تعاونوا فيما بينكم على البر و التقوى. وحافظوا على شرفكم فإنه لا حياة لمن لا شرف له.
أوصيكم بتقوى الله و العمل الصالح و صلة الرحم و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و إقامة شعائر الدين و المساهمة في كل عمل خيري ينفع الأمة دينا و دنيا ، و عفوا عن محارم الله ، و اجتنبوا الكسل فإنه باب من أبواب الفقر، و تعاونوا فيما بينكم على البر و التقوى.
و حافظوا على شرفكم فإنه لا حياة لمن لا شرف له.
وفقكم الله لما فيه خيركم و خير الأمة.
و لا تنسونا بالدعاء الصالح ، و التمسوا لي المغفرة من الله ثم من كل من أسأت إليه عالما أو جاهلا.
إني قد أخذت على نفسي ألا أنحاز إلى الباطل ، و إنما أكتتب دوما في صف الحق والإسلام مهما كلفني من ثمن
و أرجو أن لا تحكموا علي بالإدانة فيما لم تفهموه من مواقفي، فخلوا بيني و بين الغفور الرحيم. فإني قد أخذت على نفسي ألا أنحاز إلى الباطل ، و إنما أكتتب دوما في صف الحق و الإسلام مهما كلفني من ثمن.
قال تعالى: " وقل اعملوا فسيرى الله عملكم و رسوله و المؤمنون و ستردون إلى عالم الغيب و الشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون "
هذه وصية العبد لله محمد سعيد بن أرزقي بن أحمد بن مزاري الذي ينتهي نسبه إلى علي بن عثمان الزواوي المنجلاتي إلى الحسن بن علي رضي الله عنهما، إلى أبنائه و أقاربه و كل من يقرأها.
عنترة ابن شداد
عنترة بن عمرو بن شداد بن معاوية بن قراد العبسي (525 م – 601 م) هو أحد أشهر شعراء العرب في فترة ما قبل الإسلام، اشتهر بشعر الفروسية، وله معلقة مشهورة. وهو أشهر فرسان العرب وأشعرهم وشاعر المعلقات اشتقاق اسم عنترة من ضرب من الذباب يقال له العنتر وإن كانت النون فيه زائدة فهو من العَتْرِ والعَتْرُ الذبح والعنترة أيضاً هو السلوك في الشدائد والشجاعة في الحرب. وإن كان الأقدمون لا يعرفون بأيهما كان يدعى: بعنتر أم بعنترة فقد اختلفوا أيضاً في كونه اسماً له أو لقباً. كان عنترة يلقب بالفلحاء ـ من الفلح ـ أي شق في شفته السفلى وكان يكنى بأبي الفوارس لفروسيتة و يكنى بأبي المعايش وأبي أوفى وأبي المغلس لجرأته في الغلس أو لسواده الذي هو كالغلس، وقد ورث ذاك السواد من أمه زبيبة، إذ كانت أمه حبشية وبسبب هذا السواد عدة القدماء من أغربة العرب والمعروف بشعره الجميل وغزله العفيف بعبلة
اشتهر عنترة بالفروسية والشعر والخلق السمح. ومما يروى أن بعض أحياء العرب أغاروا على قوم من بني عبس فأصابوا منهم، فتبعهم العبسيون فلحقوهم فقاتلوهم عما معهم وعنترة فيهم فقال له أبوه: كر يا عنترة، فقال عنترة: العبد لا يحسن الكر إنما يحسن الحلب والصر، فقال كر وأنت حر، فكر وأبلى بلاء حسناً يومئذ فادعاه أبوه بعد ذلك وألحق به نسبه، وقد بلغ الأمر بهذا الفارس الذي نال حريته بشجاعته أنه دوخ أعداء عبس في حرب داحس والغبراء الأمر الذي دعا الأصمعي إلى القول بأن عنترة قد أخذ الحرب كلها في شعره وبأنه من أشعر الفرسان.
أما النهاية التي لقيها الشاعر فالقول فيها مختلف، فئة تقول بأنه مات بسهم مرهرط من رجل أعماه اسمه جابر بن وزر يلقب بالأسد الرهيص أثناء إغارة قبيلة عبس على قبيلة طيئ وانهزام العبسيين وهذا الرجل انتقم من عنترة بسبب العما الذي سببه له عنترة في حروب داحس والغبراء ويقال أن الأسد الرهيص كان أحد الفرسان الأقوياء بذاك العصر. ويروى أن عنترة بعد هزيمة قومه وإصابته بالسهم المسموم ظل يسير على قومه يلاحظ المؤرخ فيليب حتي «تاريخ العرب» – في حرب البسوس، وهي أقدم الحروب وأشهرها، وقد شبه المؤرخ عنترة – شاعرًا ومحاربًا – بأخيل، كرمز لعصر البطولة العربية.
أخلاق الفرسان اشتهر عنترة بقصة حبه لابنة عمه عبلة، بنت مالك، وكانت من أجمل نساء قومها في نضارة الصبا وشرف الأرومة، بينما كان عنترة بن عمرو بن شداد العبسي ابن جارية فلحاء، أسود البشرة، وقد ولد في الربع الأول من القرن السادس الميلادي، وذاق في صباه ذل العبودية، والحرمان وشظف العيش والمهانة، لأن أباه لم يستلحقه بنسبه، فتاقت روحه إلى الحرية والانعتاق. غير أن ابن الفلحاء، عرف كيف يكون من صناديد الحرب والهيجاء، يذود عن الأرض، ويحمي العرض، ويعف عن المغنم. يقول عنترة:
ينبئك من شهد الوقيعة أنني **أغشى الوغى وأعف عند المغنم
وعنترة (كمثال لأخلاقية الحرب والنبل والشهامة والحميّة)، استحق تنويه النبي محمد عندما تُلي أمامه قول عنترة:
ولقد أبيت على الطوى وأظلّه حتى أنال به كريم المأكلِ
يقول صاحب الأغاني: «قال عمر بن الخطاب للحطيئة: كيف كنتم في حربكم؟ قال: كنا ألف فارس حازم. قال: كيف يكون ذلك؟ قال: كان قيس بن زهير فينا، وكان حازمًا فكنا لا نعصيه. وكان فارسنا عنترة فكنا نحمل إذا حمل ونحجم إذا أحجم. وكان فينا الربيع بن زياد وكان ذا رأي فكنا نستشيره ولا نخالفه. وكان فينا عروة بن الورد فكنا نأتم بشعره… إلخ». ولعل في هذا المثل السالف آية وعلامة على «فن الحرب» الذي كان يعتمد في العصور القديمة على الرأي والاستراتيجية والقيادة الحكيمة، والشعر (التعبئة) والقوة القائمة على العنف والغلبة.
قيل لعنترة: أأنت أشجع العرب وأشدها؟ فقال: لا. فقيل. فبماذا شاع لك هذا في الناس؟ قال: كنت أقدم إذا رأيت الإقدام عزمًا، وأحجم إذا رأيت الإحجام حزمًا، ولا أدخل إلا موضعًا أرى لي منه مخرجًا، وكنت أعتمد الضعيف الجبان فأضربه الضربة الهائلة التي يطير لها قلب الشجاع فأثني عليه فأقتله. وهذه الآراء تؤكد اقتران الحيلة والحنكة في فن الحرب عند عنترة وأقرانه في عصر السيف والرمح والفروسية. لا مراء في أن عنترة كان أشهر فرسان العرب في الجاهلية، وأبعدهم صيتًا، وأسيرهم ذكرًا وشيمة، وعزة نفس، ووفاء للعهد، وإنجازًا للوعد وهي الأخلاقية المثلى في قديم الزمان وحديثه.
بالرغم من هذا، فقد خرج عنترة في كنف أب من أشراف القوم وأعلاهم نسبًا، ولكن محنته جاءته من ناحية أمه «الأَمَة» ولم يكن ابن الأمة يلحقه بنسب أبيه إلا إذا برز وأظهر جدارته واستحقاقه للحرية والعتق، والشرف الرفيع، وهذا ما حصل في حال عنترة الذي اشترى حريته بسيفه وترسه ويراعه (لسانه) الشعري، وأثبت أن الإنسان صانع نفسه، وصاحب مصيره، بغض النظر عن أصله وفصله، وجنسه، ولونه وشكله.
يقول عنترة:
لا تسقني ماءَ الحياة بذلةٍ *** بل فاسقني بالعز كأس الحنظَلِ ماءُ الحياة بذلةٍ كجهنم *** وجهنم بالعزِّ أطيب منزل
وقد كانت عبلة وظلت الأثيرة في حياته وحتى مماته. وقد انتهت حياة البطل عنترة بعد أن بلغ من العمر عتيًا، ويشبه مماته ميتة أخيل، كفارس يقاتل في التسعين من عمره، في كبره، ومات مقتولاً إثر رمية سهم، وكان الذي قتله يلقب بالأسد الرهيص من قبيلة طيء. وكان لامارتين الشاعر الفرنسي معجبًا بميتة عنترة الذي ما إن أصيب بالسهم المسموم وأحسّ أنه ميت لا محالة، حتى اتخذ خطة المناضل – حتى بعد مماته – فظل ممتطيًا صهوة جواده، مرتكزًا على رمحه السمهري، وأمر الجيش بأن يتراجع القهقرى وينجو من بأس الأعداء، وظل في وقفته تلك حاميًا ظهر الجيش والعدو يبصر الجيش الهارب، ولكنه لا يستطيع اللحاق به لاستبسال قائده البطل في الذود عنه ووقوفه دونه، حتى نجا الجيش وأسلم عنترة الروح، باقيًا في مكانه، متكئًا على الرمح فوق جواده الأبجر.
قصائد عنترة
لا يحْمِلُ الحِقْدَ مَنْ تَعْلُو بِهِ الرُّتَبُولا ينالُ العلى من طبعهُ الغضبُومن يكنْ عبد قومٍ لا يخالفهمْإذا جفوهُ ويسترضى إذا عتبواقدْ كُنْتُ فِيما مَضَى أَرْعَى جِمَالَهُمُواليَوْمَ أَحْمي حِمَاهُمْ كلَّما نُكِبُوالله دَرُّ بَني عَبْسٍ لَقَدْ نَسَلُوامنَ الأكارمِ ما قد تنسلُ الـعربُلئنْ يعيبوا سوادي فهوَ لي نسبٌيَوْمَ النِّزَالِ إذا مَا فَاتَني النَسبُإن كنت تعلمُ يا نعمانُ أن يديقصيرةٌ عنك فالأيام تنقلبأليوم تعلم, يانعمان, اي فتىًيلقى أخاك ألذي غرّه ألعصبُإن الأفاعي وإن لانت ملامسهاعند التقلب في أنيابها الــعطبُفَتًى يَخُوضُ غِمَارَ الحرْبِ مُبْتَسِماًوَيَنْثَنِي وَسِنَانُ الـرُّمْحِ مُخْتَضِبُإنْ سلَّ صارمهُ سالتَ مضاربهُوأَشْرَقَ الجَوُّ وانْشَقَّتْ لَهُ الحُجُـبُوالخَيْلُ تَشْهَدُ لي أَنِّي أُكَفْكِفُهَاوالطّعن مثلُ شرارِ النَّار يلتهبُإذا التقيتُ الأعادي يومَ معركةتَركْتُ جَمْعَهُمُ المَغْرُور يُنْتَهَبُلي النفوسُ وللطّيرِاللحومُ وللـوحْشِ العِظَامُ وَلِلخَيَّالَة ِالسَّـلَبُلا أبعدَ الله عن عيني غطارفةإنْساً إذَا نَزَلُوا جِنَّا إذَا رَكِبُواأسودُ غابٍ ولكنْ لا نيوبَ لهمإلاَّ الأَسِنَّة ُ والهِنْدِيَّة ُالقُضْبُتعدو بهمْ أعوجيِّاتٌ مضَّمرةٌمِثْلُ السَّرَاحِينِ في أعناقها القَببُما زلْتُ ألقى صُدُورَ الخَيْلِ منْدَفِقاًبالطَّعن حتى يضجَّ السَّرجُ واللَّببُفا لعميْ لو كانَ في أجفانهمْ نظرواوالخُرْسُ لوْ كَانَ في أَفْوَاهِهمْ خَطَبُواوالنَّقْعُ يَوْمَ طِرَادِ الخَيْل يشْهَدُ ليوالضَّرْبُ والطَّعْنُ والأَقْلامُ والكُتُـبُفي موت عنترة ثلاث روايات أشهرها صاحب الأغاني قال إنه أي عنترة أغار على بني نبهان فأطرد لهم طريدة وهو شيخ كبير وجعل يرتجز:
حظ بني نبهان الأخبث….كأنما آثارهما بالحثحث.
وكان جابر بن وزر النبهاني الملقب بالأسد الرهيص في فتوة فرماه وقال: خذها وأنا ابن سلمى فقطع ظهره فتحامل بالرمية حتى أتى أهله وهو مجروح فقال أبياتا مطلعها:
وإن ابن سلمى فأعلموا عنده دمي وهيهات لا يرجى ابن سلمى ولا دمي.
يريد أن قومه لن يتمكنوا من الأخذ بثأره.
شكرا على الموضوع المميز
شكرا جزيلا على الموضوع
عنترة بن شداد او عنترة العبسي شاعر عظيم
*مازال عنترة العبسي يبيع حصانه
بلفافتي تبغ ومعجون اسنان يفاخر
انه يبيع الجاهلية*
هدا شعر لنزار قباني
الاسم: نعيمة بنيعيش
– تاريخ ومحل الميلاد :1961 بمدينة وزان بالمغرب .
– نائبة رئيسة مدونة الزهراء للمرأة المغربية بالرباط.
– المشرفة على مركز إصلاح ذات البين والتوجيه الأسري بالمعهد النسوي للتكوين الشرعي "أم المؤمنين عائشة".
– مديرة المعهد النسوي للتكوين الشرعي "أم المؤمنين عائشة"
– مسئولة عن العلاقات الخارجية بجمعية "العون والإغاثة" بالمغرب.
– عضو المجلس الوطني لمنظمة تجديد الوعي النسائي بالدار البيضاء .
– مسئولة عن الاتصال والعلاقات العامة ومستشارة شرعية بمكتب جمعية كرامة لتنمية المرأة بطنجة.
– الإجازة في اللغة العربية وآدابها سنة 1984 بجامعة محمد بن عبد الله بفاس.
– الإجازة في الوعظ والإرشاد مسلمة من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية سنة 1996.
– عضو اللجنة العلمية لوزارة الأوقاف.
– عضو البعثة العلمية لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية لموسم حج 1443هـ 2022 م.
– المسئولة عن البعثة الدعوية النسوية ببلجيكا لسنوات 2022- 2022 – 2022.
– أستاذة مادتي فقه الدعوة وفقه الأسرة بالمعهد.
– واعظة بمساجد المدينة.
– معدة ومقدمة برنامج نساء خالدات بقناة الأندلس الفضائية.
– مشاركة في برامج دينية و اجتماعية بالقناة المغربية و إذاعة القران الكريم.
– المشرفة التربوية في مخيم دولي للبنات بسويسرا سنة 2001، ومخيم للشباب بتركيا سنة 2022 وألمانيا سنة 2022 .
– مشاركة في ملتقيات ومؤتمرات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية.
– مشاركة في ملتقيات ومؤتمرات وطنية ودولية حول المرأة و الطفل، و الثقافة الإسلامية .
– عضو المكتب التنفيذي ومجلس الشورى لحركة التوحيد والإصلاح
ماشاء الله فعلا امرأة ابدعت اللهم اجعلين من الذين يتركون بصمة خير في أمتنا العظيمة آمين الهمة العالية وما آدراك ما الهمة
يتبع عن نعيمة بن نعيش انشاء الله
العالم الكبير والامام الكبير
………………………………………….. ………………………………………….. ………………………………………….. ………………………………………….. ………………………………………….. ………………………………………….. ………………………………………….. ………………………………………….. ………………………………………….. ………………………………………….. ………………………………………….. ………………………………………….. …………………………………
عرفت الأسرة الباديسية منذ القدم بإنجابها للعلماء والأمراء والسلاطين، ويكفي أن نشير إلى أنهم ينتمون إلى ما يقول مؤلفا كتاب أعيان المغاربة المستشرقان Marthe et Edmond Gouvion والمنشور بمطبعة فوناتانا في الجزائر 1920م, بأن ابن باديس ينتمي إلى بيت عريق في العلم والسؤدد ينتهي نسبه في سلسلة متّصلة إلى بني باديس الذين جدّهم الأول هو مناد بن مكنس الذي ظهرت علامات شرفه وسيطرته في وسط قبيلته في حدود القرن الرابع الهجري، وأصل هذه القبيلة كما يقول المستشرقان من ملكانة أو تلكانة وهي فرع من أمجاد القبيلة الصنهاجية "البربرية" المشهورة في المغرب العربي. ومن رجالات هذه الأسرة المشهورين في التاريخ الذين كان الشيخ عبد الحميد بن باديس يفتخر بهم:
المعز لدين الله بن باديس (حكم: 406-454هـ/1016-1062م) الذي قاوم البدعة ونصر السنة وأعلن مذهب أهل السنة والجماعة مذهبًا للدولة، ثم مؤسس الدولة الصنهاجية وابن الأمير باديس بن منصور والى إفريقيا والمغرب الأوسط (حكم: 373-386 هـ/984-996م) سليل الأمير "بلكين بن زيري بن مناد المكنى بأبي الفتوح والملقب بسيف العزيز بالله الذي تولى الإمارة (361-373 هـ/971-984م) إبان حكم الفاطمين.
في العهد العثماني برزت عدة شخصيات من بينها:
قاضـي قسنطينة الشهير أبو العباس احميدة بن باديس (توفى سنة 969 هـ/1561م) الذي قال عنه شيخ الإسلام عبد الكريم الفكون : "هو من بيوتات قسنطينة وأشرافها وممن وصلت إليه الريّاسة والقضاء والإمامة بجامع قصبتها، وخَلَفُ سلف صالحين علماء حازوا قصب السبق في الدراية والمعرفة والولاية، وناهيك بهم من دار صلاح وعلم وعمل".
أبو زكرياء يحيى بن باديس ابن الفقيه القاضي أبي العباس "كان حييا ذا خلق حسن، كثير التواضع، سالم الصدر من نفاق أهل عصره، كثير القراءة لدلائل الخيرات وذا تلاوة لكتاب الله".
الشيخ المفتي بركات بن باديس دفين مسجد سيدي قمّوش بقسنطينة في الفترة نفسها.
أبو عبد الله محمد بن باديس الذي قال عنه الشيخ الفكون: "كان يقرأ معنا على الشيخ التواتي (محمد التواتي أصله من المغرب، كانت شهرته بقسنطينة، وبها انتشر علمه. كانت له بالنحو دراية ومعرفة حتى لقب بسيبويه زمانه، وله معرفة تامة بعلم القراءات) آخر أمره، وبعد ارتحاله استقل بالقراءة عليّا وهو من موثّقي البلدة وممن يشار إليه".
الشيخ أحمد بن باديس الذي كان إماما بقسنطينة أيام الشيخ عبد الكريم الفكون خلال القرن الحادي عشر الهجري، السابع عشر الميلادي.
من أسلاف عبد الحميد المتأخرىن، جدّه لأبيه: الشيخ المكي بن باديس الذي كان قاضيا مشهورا بمدينة قسنطينة وعضوا في المجلس العام وفي المجلس البلدي، وقد احتل مقاما محترما لدى السكان بعد المساعدات المالية التي قدمها لهم خاصة أثناء المجاعة التي حلت بالبلاد فيما بين 1862 – 1868م وانتخب إلى الاستشارة في الجزائر العاصمة وباريس، وقد تقلّد وساما من يد نابليون الثالث (كان رئيسا لفرنسا من 1848-1852م ثم إمبراطورا لها من 1852-1870م)، وعمه احميدة بن باديس النائب الشهير عن مدينة قسنطينة أواخر القرن التاسع عشر الميلادي الذي اشترك مع ثلاثة من زملائه النواب في عام 1891م في كتابة عارضة دوّن فيها أنواع المظالم والاضطهادات التي أصبح يعانيها الشعب الجزائري في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي من الإدارة الاستعمارية ومن المستوطنين الأوروبيين الذين استحوذوا على الأراضي الخصبة سلبا من الجزائريين وتركوهم للفقر والجوع، وقاموا بتقديمها إلى أحد أعضاء مجلس الشيوخ الفرنسي الذي حضر إلى الجزائر من أجل البحث وتقصي الأحوال فيها كي يقدمها بدوره إلى الحكومة الفرنسية وأعضاء البرلمان الفرنسي في باريس وذلك بتاريخ 10 أبريل سنة 1891 أي بعد ولادة عبد الحميد بن باديس بحوالي ثلاثة سنوات فقط.
هناك قسم من عائلة ابن باديس كانوا قادة كبار مع الأمير عبد القادر الجزائري وأسرتهم المحتلون سنة 1263/1847 وأرسلوهم إلى فرنسا، وأودعتهم بالسجن في باريس وقد تم الإفراج عنهم مع الأمير عبد القادر الجزائري في عام 1852م وتم نفيهم إلى بلاد الشام تحت رعاية الأمير عبد القادر الجزائري في عدة مناطق في لبنان وفلسطين وسوريا والغالبية العظمى متواجدة في الأردن بمنطقة اربد بالأغوار الشمالية
[عدل]
المولد والنشأة
هو عبد الحميد بن محمد المصطفى بن المكي بن محمد كحّول بن الحاج علي النوري بن محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن بركات بن عبد الرحمن بن باديس الصنهاجي. ولد بمدينة قسنطينة عاصمة الشرق الجزائري،يوم الجمعة الموافق لـ 4 من ديسمبر 1889 م على الساعة الرابعة بعد الظهر
كان عبد الحميد الابن الأكبر لوالديه، فأمه هي: السيدة زهيرة بنت محمد بن عبد الجليل بن جلّول من أسرة مشهور بقسنطينة لمدة أربعة قرون على الأقل، وعائلة "ابن جلّول من قبيلة "بني معاف" المشهورة في جبال الأوراس، انتقل أحد أفرادها إلى قسنطينة في عهد الأتراك العثمانيين وهناك تزوج أميرة تركية هي جدة الأسرة (ابن جلول). ولنسب هذه الإمرأة العريق، تزوجها محمد بن مصطفى بن باديس (متوفى 1951) والد عبد الحميد. وكان والده مندوبا ماليا وعضوا في المجلس الأعلى وباش آغا لشرفي الجزائر، ومستشارا بلديا بمدينة قسنطينة ووشحت فرنسا صدره بوسام الشرف قالب:فرنسي، وقد احتل مكانة مرموقة بين جماعة الأشراف وكان من ذوي الفضل والخلق الحميد ومن حفظة القرآن، ويعود إليه الفضل في إنقاذ سكان منطقة واد الزناتي من الإبادة الجماعية سنة 1945 على إثر حوادث 8 ماي المشهورة، وقد اشتغل بالإضافة إلى ذلك بالفلاحة والتجارة، وأثرى فيهما.
كان والده بارًا به يحبه ويتوسم فيه النباهة، فقد سهر على تربيته وتوجيهه التوجيه الذي يتلاءم مع فطرته ومع تطلعات عائلته. عبد الحميد بن باديس نفسه يعترف بفضل والده عليه منذ أن بصر النور وفقد قال ذلك في حفل ختم تفسير القرآن سنة 1938 م، أمام حشد كبير من المدعوين ثم نشره في مجلة الشهاب: إن الفضل يرجع أولاً إلى والدي الذي ربّاني تربية صالحة ووجهني وجهة صالحة، ورضي لي العلم طريقة أتبعها ومشرباً أرده، وبراني كالسهم وحماني من المكاره صغيراً وكبيراً، وكفاني كلف الحياة… فالأشكرنه بلساني ولسانكم ما وسعني الشكر.».
أما اخوته الستة فهم: الزبير المدعو المولود والعربي وسليم وعبد الملك ومحمود وعبد الحق، وأما أختاه فهما نفيسة والبتول، كان أخوه الزبير محاميا وناشرا صحفيا في الصحيفة الناطقة بالفرنسية "صدى الأهالي" L’Echo Indigène ما بين 1933م – 1934م. كما تتلمذ الأستاذ عبد الحق على يد أخيه الشيخ عبد الحميد بالجامع الأخضر وحصل على الشهادة الأهلية في شهر جوان سنة 1940م على يد الشيخ مبارك الميلي بعد وفاة الشيخ بن باديس بحوالي شهرين.
[عدل]
طلبه للعلم
ختم عبد الحميد بن باديس حفظ القرآن وهو ابن ثلاث عشرة سنة، ثم تتلمذ على الشيخ حمدان الونيسي، وهو من أوائل الشيوخ الذين كان لهم أثر طيب في اتجاهه الديني، ولا ينسى ابن باديس أبداً وصية هذا الشيخ له: "اقرأ العلم للعلم لا للوظيفة"، بل أخذ عليه عهداً ألا يقرب الوظائف الحكومية عند فرنسا.
[عدل]
في جامع الزيتونة بتونس
وفي سنة (1327ه – 1908م) التحق الشيخ عبد الحميد بمجامع الزيتونة بتونس، فأخذ عن جماعة من كبار علمائها الأجلاّء، وفي طليعتهم زعيم النهضة الفكرية والإصلاحية في الحاضرة التونسية العلاّمة «محمّد النخلي القيرواني» المتوفى سنة: (1342ه – 1923م)، والشيخ محمّد الطاهر بن عاشور المتوفى سنة: (1393ه – 1973م)، فضلاً عن مربين آخرين من المشايخ الذين كان لهم تأثير في نمو استعداده، وتعهّدوه بالتوجيه والتكوين، كالبشير صفر، وسعد العياض السطايفي، ومحمّد بن القاضي وغيرهم، وقد سمحت له هذه الفترة بالاطلاع على العلوم الحديثة وعلى ما يجري في البلدان العربية والإسلامية من إصلاحات دينية وسياسية، في مصر وفي الشام وغيرهم، ممّا كان لهذا المحيط العلمي والبيئة الاجتماعية، والملازمات المستمرّة لرجال العلم والإصلاح الأثر البالغ في تكوين شخصيته ومنهاجه في الحياة[1].
[عدل]
في المدينة المنورة
بعد أداء فريضة الحج مكث الشيخ ابن باديس في المدينة المنورة ثلاثة أشهر، ألقى خلالها دروساً في المسجد النبوي، والتقى بشيخه السابق أبو حمدان الونيسي وتعرف على رفيق دربه ونضاله فيما بعد الشيخ البشير الإبراهيمي. وكان هذا التعارف من أنعم اللقاءات وأبركها، فقد تحادثا طويلاً عن طرق الإصلاح في الجزائر واتفقا على خطة واضحة في ذلك. وفي المدينة اقترح عليه شيخه الونيسي الإقامة والهجرة الدائمة، ولكن الشيخ حسين أحمد الهندي المقيم في المدينة أشار عليه بالرجوع للجزائر لحاجتها إليه. زار ابن باديس بعد مغادرته الحجاز بلاد الشام ومصر واجتمع برجال العلم والأدب وأعلام الدعوة السلفية، وزار الأزهر واتصل بالشيخ بخيت المطيعي حاملاً له رسالة من الشيخ الونيس.
[عدل]
العودة إلى الجزائر
عاد ابن باديس إلى الجزائر عام 1913 م واستقر في مدينة قسنطينة، وشرع في العمل التربوي الذي صمم عليه، فبدأ بدروس للصغار ثم للكبار، وكان المسجد هو المركز الرئيسي لنشاطه، ثم تبلورت لديه فكرة تأسيس جمعية العلماء المسلمين، واهتماماته كثيرة لا يكتفي أو يقنع بوجهة واحدة، فاتجه إلى الصحافة، وأصدر جريدة المنتقد عام 1925 م وأغلقت بعد العدد الثامن عشر؛ فأصدر جريدة الشهاب الأسبوعية، التي بث فيها آراءه في الإصلاح، واستمرت كجريدة حتى عام 1929 م ثم تحولت إلى مجلة شهرية علمية، وكان شعارها: "لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها".
[عدل]
تأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين
وذلك في سنة 1931 في نادي الترقي بالجزائر العاصمة. أول توقف المجلة في شهر شعبان 1328 هـ (أيلول عام 1939 م) بسبب اندلاع الحرب العالمية الثانية، وحتى لا يكتب فيها أي شيء تريده منه الإدارة الفرنسية تأييداً لها، وفي سنة 1936 م دعا إلى مؤتمر إسلامي يضم التنظيمات السياسية كافة من أجل دراسة قضية الجزائر، وقد وجه دعوته من خلال جريدة لاديفانس التي تصدر بالفرنسية، واستجابت أكثر التنظيمات السياسية لدعوته وكذلك بعض الشخصيات المستقلة، وأسفر المؤتمر عن المطالبة ببعض الحقوق للجزائر، وتشكيل وفد سافر إلى فرنسا لعرض هذه المطالب وكان من ضمن هذا الوفد ابن باديس والإبراهيمي والطيب العقبي ممثلين لجمعية العلماء، ولكن فرنسا لم تستجب لأي مطلب وفشلت مهمة الوفد.
[عدل]
العوامل المؤثرة في شخصية ابن باديس
لا شك أن البيئة الأولى لها أثر كبير في تكوين شخصية الإنسان، وفي بلد كالجزائر عندما يتفتح ذهن المسلم على معاناته من فرنسا، وعن معاناته من الجهل والاستسلام للبدع-فسيكون هذا من أقوى البواعث لأصحاب الهمم وذوي الإحساس المرهف على القلق الذي لا يهدأ حتى يحقق لدينه ولأمته ما يعتبره واجباً عليه، وكان ابن باديس من هذا النوع. وإن بروز شخصية كابن باديس من بيئة ثرية ذات وجاهة لَهو دليل على إحساسه الكبير تجاه الظلم والظالمين، وكان بإمكانه أن يكون موظفاً كبيراً ويعيش هادئاً مرتاح البال ولكنه اختار طريق المصلحين.
تأتي البيئة العلمية التي صقلت شخصيته وهذبت مناحيه والفضل الأكبر يعود إلى الفترة الزيتونية ورحلته الثانية إلى الحجاز والشام حيث تعرف على المفكرين والعلماء الذين تأثروا بدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب وما دعا إليه من نقاء العقيدة وصفائها. وكان لمجلة المنار التي يصدرها الشيخ رشيد رضا أثر قوي في النظر لمشكلات المسلمين المعاصرة والحلول المطروحة.
مما شجع ابن باديس وأمضى عزيمته وجود هذه العصبة المؤمنة حوله-وقد وصفهم هو بالأسود الكبار-من العلماء والدعاة أمثال الإبراهيمي والتبسي والعقبي والميلي. وقد عملوا معه في انسجام قلّ أن يوجد مثله في الهيئات الأخرى.
[عدل]
آثار ابن باديس
شخصية ابن باديس شخصية غنية ثرية ومن الصعوبة في حيز ضيق من الكتابة الإلمام بكل أبعادها وآثارها؛ فهو مجدد ومصلح يدعو إلى نهضة المسلمين ويعلم كيف تكون النهضة. يقول«’ إنما ينهض المسلمون بمقتضيات إيمانهم بالله ورسوله إذا كانت لهم قوّة، وإذا كانت لهم جماعة منظّمة تفكّر وتدبّر وتتشاور وتتآثر، وتنهض لجلب المصلحة ولدفع المضرّة، متساندة في العمل عن فكر وعزيمة. ‘».
وهو عالم مفسّر، فسّر القرآن الكريم كلّه خلال خمس وعشرين سنة في دروسه اليومية كما شرح موطأ مالك خلال هذه الفترة، وهو سياسي كتب في المجلات والجرائد التي أصدرها عن واقع المسلمين وخاصة في الجزائر وهاجم فرنسا وأساليبها الاستعمارية وشرح أصول السياسة الإسلامية، وقبل كل هذا فهو المربي الذي أخذ على عاتقه تربية الأجيال في المدارس والمساجد، فأنشأ المدارس واهتم بها، بل كانت من أهم أعماله، وهو الذي يتولى تسيير شؤون جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، ويسهر على إدارة مجلة الشهاب ويتفقد القاعدة الشعبية باتصالاته المستمرة.
إن آثار ابن باديس آثار عملية قبل أن تكون نظرية في كتاب أو مؤلَّف، والأجيال التي رباها كانت وقود معركة تحرير الجزائر، وقليل من المصلحين في العصر الحديث من أتيحت لهم فرص التطبيق العملي لمبادئهم كما أتيحت لابن باديس ؛ فرشيد رضا كان يحلم بمدرسة للدعاة، ولكن حلمه لم يتحقق، ونظرية ابن باديس في التربية أنها لا بد أن تبدأ من الفرد، فإصلاح الفرد هو الأساس.
طريقته في التربية هي توعية هذا النشء بالفكرة الصحيحة كما ذكر الشّيخ الإبراهيمي عن اتفاقهما في المدينة: "كانت الطريقة التي اتفقنا عليها سنة 1913 في تربية النشء هي ألا نتوسع له في العلم وإنما نربيه على فكرة صحيحة"
ينتقد ابن باديس مناهج التعليم التي كانت سائدة حين تلقيه العلم والتي كانت تهتم بالفروع والألفاظ – فيقول: "و اقتصرنا على قراءة الفروع الفقهية، مجردة بلا نظر، جافة بلا حكمة، وراء أسوار من الألفاظ المختصرة، تفني الأعمار قبل الوصول إليها" المصدر السابق ص141. أما إنتاجه العلمي فهو ما جمع بعد من مقالاته في "الشهاب" وغيرها ومن دروسه في التّفسير والحديث لم يصلنا كل ما كتبه أو كل ما ألقاه من دروس في التّفسير والحديث. وقد جُمع ما نشر في (الشهاب) من افتتاحيات تحت عنوان "مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير" بإشراف محمد الصالح رمضان، وتوفيق شاهين. وحاول الدّكتور عمار الطالبي جمع آثاره كلها، ولكن لا يزال هناك أشياء لم تُجمع.الكاتب تاهمي محمد
[عدل]
الوسط الثقافي والفكري والدينية الذي تربى فيه ابن باديس
أولاً: الحالة الثقافية والفكرية في الجزائر قبل الاحتلال:
إن انتشار المدارس والمعاهد والزوايا في مختلف نواحي الجزائر خلال تلك الفترة، دليل على أن الحياة الفكرية والثقافية كانت مزدهرة بها.
وقد اشتهرت مدن قسنطينة والجزائر وتلمسان وبلاد ميزاب في الجنوب بكثرة المراكز التعليمية، وكان يقوم عليها أساتذة وعلماء مشهود لهم بعلو المكانة ورسوخ القدم في العلم والمعرفة، مثل الشيخ (الثميني) في الجنوب، والشيخ (الداوودي) في تلسمان، والشيخ (ابن الحفّاف) بالعاصمة، والشيخ (ابن الطبّال) بقسنطينة، والشيخ (محمد القشطولي) في بلاد القبائل، وغيرهم كثير ممن تفرّغوا للتدريس ونشر العلم.
وكان من نتائج هذا الانتشار الواسع لمراكز التربية والتعليم، أن أصبحت نسبة المتعلمين في الجزائر تفوق نسبة المتعلمين في فرنسا، (فقد كتب الجنرال فالز سنة 1834م بأن كل العرب (الجزائريين) تقريبًا يعرفون القراءة والكتابة، حيث إن هناك مدرستين في كل قرية… أما الأستاذ ديميري، الذي درس طويلاً الحياة الجزائرية في القرن التاسع عشر، فقد أشار إلى أنه قد كان في قسنطينة وحدها قبل الاحتلال خمسة وثلاثون مسجدًا تستعمل كمراكز للتعليم، كما أن هناك سبع مدارس ابتدائية وثانوية يحضرها بين ستمائة وتسعمائة طالب، ويدرّس فيها أساتذة محترمون لهم أجور عالية). أحصيت المدارس في الجزائر سنة 1830م، بأكثر من ألفي مدرسة ما بين ابتدائية وثانوية وعالية.
كتب الرحالة الألماني فيلهلم شيمبرا حين زار الجزائر في شهر ديسمبر 1831م، يقول: (لقد بحثتُ قصدًا عن عربي واحد في الجزائر يجهل القراءة والكتابة، غير أني لم أعثر عليه، في حين أني وجدت ذلك في بلدان جنوب أوروبا، فقلما يصادف المرء هناك من يستطيع القراءة من بين أفراد الشعب). وخير المثال ما شهد به الأعداء. وقد برز في هذه الفترة علماء في كثير من العلوم النقلية والعقلية، زخرت بمؤلفاتهم المكتبات العامة والخاصة في الجزائر، غير أن يد الاستعمار الغاشم عبثت بها سلبًا وحرقًا، في همجية لم يشهد لها التاريخ المعاصر مثيلاً. يقول أحد الغربيين واصفًا ذلك: (إن الفرنسيين عندما فتحوا مدينة قسنطينة في شمالي أفريقيا، أحرقوا كل الكتب والمخطوطات التي وقعت في أيديهم، كأنهم من صميم الهمج).
يظهر مما ذكرنا أنه كان للجزائر مكانها المرموق بين أقطار المغرب في خدمة علوم العربية والإسلام، كما قدّمت للميدان أعلامًا من رجالها، حملوا الأمانة، وكانت تُشدُّ إليهم الرحال في طلب العلم.
ثانيًا: الحالة الثقافية والفكرية والدينية أثناء الاحتلال:
يمكن تقسيم الفترة الممتدة من دخول الاستعمار إلى ظهور دعوة الشيخ عبد الحميد بن باديس إلى مرحلتين:
[عدل]
المرحلة الأولى (1830-1900م)
لم تقتصر اعتداءات الاحتلال الفرنسي للجزائر على الجوانب السياسية والعسكرية والاقتصادية فحسب، بل عمد إلى تدمير معالم الثقافة والفكر فيها، وقد ظهر حقده الصليبي في إصراره على تحطيم مقومات الأمة، وفي مقدمتها الدين الإسلامي واللغة العربية، معتمدًا في ذلك على ما يلي:
[عدل]
مصادرة الأوقاف الإسلامية
كان التعليم في الجزائر يعتمد اعتمادًا كبيرًا على مردود الأوقاف الإسلامية في تأدية رسالته، وكانت هذه الأملاك قد وقفها أصحابها للخدمات الخيرية، وخاصة المشاريع التربوية كالمدارس والمساجد والزوايا. وكان الاستعمار يدرك بأن التعليم ليس أداة تجديد خُلقي فحسب، بل هو أداة سلطة وسلطان ووسيلة نفوذ وسيطرة، وأنه لا بقاء له إلا بالسيطرة علىه، فوضع يده على الأوقاف، قاطعًا بذلك شرايين الحياة الثقافية.
جاء في تقرير اللجنة الاستطلاعية التي بعث بها ملك فرنسا إلى الجزائر يوم 7/7/1833م ما يلي: (ضممنا إلى أملاك الدولة سائر العقارات التي كانت من أملاك الأوقاف، واستولينا على أملاك طبقة من السكان، كنا تعهدنا برعايتها وحمايتها… لقد انتهكنا حرمات المعاهد الدينية ونبشنا القبور، واقتحمنا المنازل التي لها حُرْمَتها عند المسلمين…).
[عدل]
التضييق على التعليم العربي
أدرك المستعمر منذ وطئت أقدامه أرض الجزائر، خطورة الرسالة التي تؤديها المساجد والكتاتيب والزوايا، في المحافظة على شخصية الأمة. فلم تكن هذه المراكز قاصرة على أداء الشعائر التعبدية فحسب، بل كانت أيضًا محاضر للتربية والتعليم وإعداد الرجال الصالحين المصلحين، لذلك صبّت فرنسا غضبها عليها بشدة، فعمدت إلى إخماد جذوة العلوم والمعارف تحت أنقاض المساجد والكتاتيب والزوايا، التي دُمّرت فلم تبق منها سوى جمرات ضئيلة في بعض الكتاتيب، دفعتها العقيدة الدينية، فحافظت على لغة القرآن ومبادئ الدين الحنيف في تعليم بسيط وأساليب بدائية.
حطم الفرنسيون في 18/12/1832م جامع كتشاوه، وحوّلوه بعد تشويه شكله وتغيير وضعيته إلى كاتدرائية، أُطلق عليها اسم القديس فيليب (بالفرنسية: Cathedrale Saint Philipe)، والشيء نفسه وقع لمسجد حسن باي بقسنطينة غداة سقوطها بأيديهم(2) سنة 1837م.. هكذا اختفت كثير من الكتاتيب القرآنية ومدارس التعليم الإسلامي، التي كانت مزدهرة قبل الاحتلال الفرنسي. كما طالت يد الحقد الصليبي المكتبات العامة والخاصة، حيث أحرق جنود الجنرال دوق دومـال Dauk Daumale مكتبة الأمير عبد القادر الجزائري بمدينة تاقدامت في ربيع الثاني 1259 هـ، 10 مايو 1843م، وكان فيها من نوادر المخطوطات ونفائس المؤلفات ما لا يقدر بثمن، ونفس المصير واجهته معظم المكتبات الأخرى. إن هذه الحرب الشعواء التي شنها الاستعمار على الدين الإسلامي واللغة العربية، جعلت التعليم في الجزائر يصل إلى أدنى مستوى له، فحتى سنة 1901 -أي بعد حوالي 70 سنة من الاحتلال- كانت نسبة المتعلمين من الأهالي لا تتعدى 3.8%، فكادت الجزائر أن تتجه نحو الفرنسة والتغريب أكثر من اتجاهها نحو العروبة والإسلام. وقد تأثرت الحياة الفكرية والدينية في هذه الفترة ببعض العوامل الأخرى، نذكر منها ما يلي:
أ- الطرق الصوفية: من الإنصاف أن نذكر هنا الدور الإيجابي الذي قامت به بعض الطرق الصوفية منذ بداية الاحتلال الفرنسي للجزائر، فقد ساهمت بعض زواياها في نشر الثقافة العربية الإسلامية، كما قام كثير من رجالاتها بالتصدي للاستعمار والاستبسال في محاربته. فقد كان الأمير عبد القادر الجزائري راسخ القدم في التصوف، وكان الشيخ الحداد -أحد قادة ثورة القبائل الكبرى عام 1871م- قد انتهت إليه مشيخة الطريقة الرحمانية في وقته، إلا أن كثيرًا من الطرق قد انحرفت في ما بعد عن الخط العام الذي رسمه مؤسسوها الأوائل، فكثرت عندها البدع والضلالات والخرافات، وتقديس القبور والطواف حولها، والنذر لها، والذبح عندها، وغير ذلك من أعمال الجاهلية الأولى. كما أنه كانت لبعض رجالاتها مواقف متخاذلة تجاه الاستعمار، حيث سيطرت هذه الطرق على عقول أتباعها ومريديها، ونشرت بينهم التواكل والكسل، وثبّطت هممهم في الاستعداد للكفاح من أجل طرد المحتل الغاصب، بدعوى أن وجود الاحتلال في الجزائر هو من باب القضاء والقدر، الذي ينبغي التسليم به، والصبر عليه، وأن طاعته هي طاعة لولي الأمر. بهذه الروح المتخاذلة والتفكير المنحرف، كانت بعض الطرق سببًا في إطالة ليل الاستعمار المظلم في البلاد من جهة، وتفرق صفوف الأمة وضلالها في الدين والدنيا من جهة أخرى.
ب- انتشار الجهل والأمية: لقد أدّت الثورات المتتالية التي خاضها الشعب ضد الاحتلال الفرنسي الغاشم، إلى فقدان الأمة لزهرة علمائها في ميدان الجهاد. كما أن كثيرًا من المستنيرين من حملة الثقافة العربية الإسلامية هاجروا إلى المشرق العربي، وإلى البلاد الإسلامية الأخرى، يتحيّنون الفرص للرجوع إلى الوطن وتطهيره من سيطرة الفرنسيين، كل ذلك ساهم في انتشار الجهل وتفشي الأمية بين أفراد الأمة، مما أثّر سلبًا على الحياة الفكرية في تلك الفترة.
ج- المدارس البديلة التي أنشأها الاستعمار: لم تفتح هذه المدارس في حقيقة الأمر من أجل تعليم أبناء الجزائر، ورفع مستواهم الثقافي، بل كان الاستعمار يقصد من وراء ذلك عدة أمور، منها :
تجريد الشعب الجزائري من شخصيته العربية الإسلامية، ومحاولة إدماجه وصهره في البوتقة الفرنسية بإعطائه تعليمًا هزيلاً يجعله أسهل انقيادًا لسياسته.
قتل الروح الوطنية التي أدت إلى اشتعال الثورات المتوالية، وجعل الشعب أكثر خضوعًا للاحتلال.
إيجاد قلة متعلمة للاستفادة منها في بعض الوظائف التي تخدم الاحتلال.
فقد أنشأت فرنسا لهذا الغرض عدة مدارس ابتدائية، منها المدارس (الفرنسوية الإسلامية Franco-Musulmane، في الجزائر العاصمة وبعض المدن الأخرى ابتداءً من سنة 1836م. لم تكن هناك مدارس للتعليم الثانوي والعالي إلا بحلول القرن العشرين، حيث فتحت المدرسة الثعالبية في عهد الحاكم الفرنسي (جونار) سنة 1904م، رغم أن مرسوم إنشائها صدر منذ سنة 1850م.
د- هجر الأهالي للمدارس الفرنسية: كان الأهالي يتخوّفون كثيرًا من التعليم الرسمي المقصور على تعلّم اللغة الفرنسية وحضارتها، إذ رؤوا فيه وسيلة خطيرة لفرنسة أبنائهم، فكان الإقبال على هذه المدارس ضئيلاً جدًا.. ومع عدم وجود المدارس الحرّة الكفيلة باحتضان أبناء المسلمين، فإن نسبة الأمية ارتفعت إلى درجة مذهلة، كما مر بنا آنفًا.
كل هذه العوامل ساهمت بطريقة أو بأخرى في انتشار الجهل والأمية بين أفراد الشعب، مما جعل الحالة الثقافية والفكرية والدينية في تلك الفترة تبعث على الحزن والأسى.
[عدل]
المرحلة الثانية (1900-1914م)
الأمة الجزائرية هي قطعة من المجموعة الإسلامية العظمى من جهة الدين، وهي ثلة من المجموعة العربية، من حيث اللغة التي هي لسان ذلك الدين. فالأمة الإسلامية بهذا الدين وهذا اللسان وحدة متماسكة الأجزاء، يأبى الله لها أن تتفرق وإن كثرت فيها دواعي الفرقة، ويأبى لها دينها، وهو دين التوحيد، إلا أن تكون موحدة. فعلى الرغم من الحصار الذي فرضته فرنسا على الجزائر لعزلها عن بقية الأقطار الإسلامية، خاصة تلك التي لم تُبْتَل بما ابتليت به من محاولة طمس دينها ولغتها، فإنه مع إطلاله القرن العشرين بدأت الجزائر تعيش حركة فكرية شبه متواصلة مع الأقطار الإسلامية الأخرى، سواء عن طريق الطلبة الذين ابتعثوا للدراسة في جامعة الزيتونة والأزهر والجامعات الإسلامية الأخرى، أو عن طريق الدعوات الإصلاحية التي قامت في البلاد الإسلامية، مثل دعوة جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده.
وهناك عوامل أخرى ساعدت على قيام هذه الحركة الفكرية، كتلك البوادر الإصلاحية الفردية التي قام بها في الجزائر بعض العلماء المتفاعلين مع حركة الإصلاح الإسلامي.. ولعل مما ساعد على قيام هذه النهضة أيضًا، تولي المسيو (شارل جونار) الولاية العامة في الجزائر. وهنا نلقي بعض الضوء على جانب من تلك العوامل التي ساهمت في ظهور وانتعاش النهضة الفكرية في الجزائر:
[عدل]
عودة الطلبة الذين درسوا في الخارج
أقصد بهم الطلبة الذين درسوا في جامعة الزيتونة، وجامعة القرويين، والأزهر، وفي الحجاز والشام. ساهم هؤلاء المثقفون بعد عودتهم إلى الوطن بجهود عظيمة في النهوض بالحياة الفكرية والدينية، بما أثاروا من همم وأحيوا من حمية، وبنوا من مدارس في مختلف أنحاء الوطن، وبما أصدروا من صحف، معتمدين في ذلك على القرآن والسنة، فأصلحوا العقائد، وصححوا المفاهيم، ونقّوا الأفكار من رواسب البدع والخرافات التي علقت بها، وأحيوا الشعلة التي أخمدها الاستعمار في نفوس الأمة. ويوم اسوداد المآزم وتلاحم الخطوب، أعادوا ذكرى أسلافهم في الصبر والصمود. ومن هؤلاء الرواد الذين ساهموا في إثراء هذه النهضة الفكرية الإسلامية بالجزائر نذكر:
الشيخ عبد القادر المجاوي [1848-1913م]: تخرج الشيخ المجاوي من جامعة القرويين بمدينة فاس، ويعتبر من العلماء القلائل الذين كانــوا على رأس الحركــة الإصلاحيــة في الجزائــر، فلا تجد واحــدًا من هــؤلاء المصلحين في الربع الأول من القــرن العشرين الميلادي إلا وهو من تلامذته. خرّج أفواجًا كبيرة من المدرسين والأئمة والوعاظ والمترجمين والقضاة، كان من بينهم الشيخ حمدان الونيسي القسنطيني أستاذ الشيخ عبد الحميد بن باديس. وقد ترك الشيخ المجاوي آثارًا علمية كثيرة في اللغة والفلك والعقيدة والتصوف، نذكر منها: كتاب "الدرر النحوية"، و"الفريدة السنيَّة في الأعمال الحبيبية"، و"اللمع في إنكار البدع"، و"نصيحة المريدين"، وغيرها مما يضيق المقام بسردها.
ومن بين رواد النهضة الإسلامية في تلك الفترة أيضًا :
الشيخ عبد الحليم بن سماية (1866-1933): يعتبر الشيخ ابن سماية في مقدمة الأفاضل الذين أمدوا هذه النهضة بآثار فضلهم، ومن أوائل المصلحين الجزائريين الداعين لفكرة الإمام محمد عبده الإصلاحية، ومن رفاق الشيخ المجاوي في التدريس، كما يعدّ من أوسع علماء عصره علمًا وثقافة. فقد تخرّج على يديه جيل من المثقفين مزدوجي الثقافة، وخلّف مؤلفات كثيرة منها كتاب "فلسفة الإسلام".
ومما تجدر الإشارة إليه هنا، أن أغلب أعضاء البعثات العلمية التي ذكرنا سابقًا، قد ظهر تأثيرهم على الحياة الفكرية والحركة الإصلاحية بشكل ملحوظ، في العقدين الثالث والرابع من هذا القرن خاصة، مثل: الشيخ عبد الحميد بن باديس، والشيخ محمد البشير الإبراهيمي، والشيخ مبارك الميلي، وغيرهم.
[عدل]
الحركة الإصلاحية في العالم الإسلامي
كان للدعوة التي قادها الأستاذ جمال الدين الأفغاني أثر كبير في نشر الفكر الإصلاحي السلفي في الجزائر، فرغم الحصار الذي ضربه المستعمر لعزلها عن العالم الإسلامي، زار الشيخ محمد عبده -تلميذ الأستاذ جمال الدين- الجزائر عام 1903م، واجتمع بعدد من علمائها، منهم الشيخ محمد بن الخوجة، والشيخ عبد الحليم بن سماية، كما ألقى في الجزائر تفسير سورة العصر. وقد كان لمجلة العروة الوثقى ومجلة المنار، تأثير كبير على المثقفين من أهل الجزائر، الذين اعتبروا دروس العقيدة التي كانت تنشرها (المنار) للإمام محمد عبده، بمثابة حبل الوريد الذي يربطهم بأمتهم.
استمر الاتصال الفكري بين الجزائر وغيرها من البلاد الإسلامية ولم ينقطع، فقد شارك الشيخ عمر بن قدور الجزائري بقلمه في جريدة (الحضارة) بالآستانة، و(اللواء) و(المؤيد) بمصر سنة 1914م، وقد كانت هذه الجرائد والمجلات تدعو إلى نهضة العرب والمسلمين، وكانت رائجة في بلاد المغرب العربي والجزائر خاصة. يعترف الفرنسيون بأن هناك مجرى سريًا، ولكنه غزير ومتواصل، من الصحف والمجلات الشرقية التي أعانت المغاربة في مجهوداتهم الإصلاحية، وجعلتهم مرتبطين أبدًا بالرأي العام العربي.
[عدل]
ظهور الصحافة العربية الوطنية في الجزائر
ظهرت في الجزائر خلال تلك الفترة صحافة وطنية عربية، ساهمت مساهمة فعالة في بعث النهضة الفكرية والإصلاحية الحديثة. فقد عالجت في صفحاتها كثيرًا من الموضوعات الحساسة، منها: الدعوة إلى تعليم الأهالي، وفتح المدارس العربية لأبناء المسلمين، والتنديد بسياسة المستعمرين واليهود، ومقاومة الانحطاط الأخلاقي والبدع والخرافات. فهذا الأستاذ عمر راسم يجلجل بآرائه في غير مواربة ولا خوف، فيقول: "أجل، يجب أن نتعلم لكي نشعر بأننا ضعفاء. يجب أن نتعلم لكي نعرف كيف نرفع أصواتنا في وجه الظلم. يجب أن نتعلم لكي ندافع عن الحق، وتأبى نفوسنا الضيم، ولكي نطلب العدل والمساواة بين الناس في الحقوق الطبيعية، وفي النهاية لكي نموت أعزاء شرفاء ولا نعيش أذلاء جبناء". كما ظهر في هذا الميدان كتّاب شاركوا بمقالاتهم وتحليلاتهم في تشخيص الداء الذي ألمّ بالأمة، واقتراح الدواء الناجع لذلك، من هؤلاء الشيخ المولود بن الموهوب، والشيخ عبد الحليم بن سماية، والأستاذ عمر بن قدور وغيرهم.
[عدل]
تولي شارل جونار الولاية العامة في الجزائر
على الرغم من أن المسيو جونار فرنسي نصراني، إلا أن وصوله إلى منصب الحاكم العام في الجزائر، كان له أثر كبير على الحياة الفكرية في تلك الفترة. يُذكر أن هذا الأخير شجّع إحياء فن العمارة الإسلامية، وبعْث التراث المكتوب، والتقرّب من طبقة المثقفين التقليديين، وتشجيعهم على القيام بمهمتهم القديمة، كإقامة الدروس في المساجد ونحوها، كما اهتم بالتأليف ونشر الكتب العلمية وكتب التراث، مما كان له أثر هام على الحياة الثقافية في الجزائر.
أشرف جونار على فتح المدرسة الثعالبية سنة 1904م، بجوار مقام سيدي عبد الرحمن الثعالبي) في حي القصبة بالعاصمة الجزائرية، وندب اثنين من الشيوخ للتدريس ونشر العلم بها، كما أمر بنشر كتابين هامين، أحدهما كتاب: "تعريف الخلف برجال السلف"، الذي صنّفه الشيخ أبو القاسم الحفناوي وطبعه سنة 1907م، والكتاب الثاني: "البستان في ذكر الأولياء والعلماء بتلمسان"، لابن مريم الشريف التلمساني، الذي تولى إعداده للنشـر الأستاذ محمد ابن أبي شنب، المدرِّس بالمدرسة الثعالبية الدولية، وطبع سنة 1908م برعاية المسيو (جونار). هذه باختصار أهم العوامل التي ساعدت على قيام تلك الحركة الفكرية الإصلاحية بالجزائر، في الفترة التي ظهر فيها الشيـخ عبد الحميد ابن باديس. وبهذا العرض المتواضع، تتضح لنا طبيعة الوسط الثقافي والفكري الذي تربى وترعرع فيه الشيخ ابن باديس، ويبقى أن نتعرف على شخصية الشيخ وأسرته ونشأته، ورحلاته، وشيوخه، ومكانته العلمية.
[عدل]
من أشعاره وخطبه
[عدل]
شَعْـبُ الجـزائرِ مُـسْـلِـمٌشَعْـبُ الجـزائرِ مُـسْـلِـمٌ وَإلىَ الـعُـروبةِ يَـنتَـسِـبْ
مَنْ قَــالَ حَـادَ عَنْ أصْلِـهِ أَوْ قَــالَ مَـاتَ فَقَدْ كَـذبْ
أَوْ رَامَ إدمَــاجًــا لَــهُ رَامَ الـمُحَـال من الطَّـلَـبْ
يَانَشءُ أَنْـتَ رَجَــاؤُنَــا وَبِـكَ الصَّبـاحُ قَـدِ اقْـتَربْ
خُـذْ لِلحَـيـاةِ سِلاَحَـهـا وَخُـضِ الخْـطُـوبَ وَلاَ تَهبْ
وَاْرفعْ مَـنـارَ الْـعَـدْلِ وَالإ حْـسـانِ وَاصْـدُمْ مَـن غَصَبْ
وَاقلَعْ جُـذورَ الخَـــائـنينَ فَـمـنْـهُـم كُلُّ الْـعَـطَـبْ
وَأَذِقْ نفُوسَ الظَّــالـمِـينَ سُـمًّـا يُـمْـزَج بالـرَّهَـبْ
وَاهْـزُزْ نـفـوسَ الجَـامِدينَ فَرُبَّـمَـا حَـيّ الْـخَـشَـبْ
مَنْ كَــان يَبْغـي وَدَّنَــا فَعَلَى الْكَــرَامَــةِ وَالـرّحبْ
أوْ كَـــانَ يَبْغـي ذُلَّـنـَا فَلَهُ الـمـَهَـانَـةُ والـحَـرَبْ
هَـذَا نِـظـامُ حَـيَـاتِـنَـا بالـنُّـورِ خُــطَّ وَبِاللَّـهَـبْ
حتَّى يَعودَ لـقَــومــنَـا من مَجِــدِهم مَــا قَدْ ذَهَبْ
هَــذا لكُمْ عَـهْــدِي بِـهِ حَتَّى أوَسَّــدَ في الـتُّـرَبْ
فَــإذَا هَلَكْتُ فَصَيْـحـتـي تَحيـَا الجَـزائـرُ وَ الْـعـرَبْ
[عدل]
إشهدي يا سمااشِهِدي يَا سَمَا وَاكْتُبَنْ ياوُجودْ
إنَّنَا للِحـمَـا سَنَكُونُ الجُـنُودْ
فنَزيحْ البَـلاَ وَنَـفُـكُّ الْقُيُودْ
ونَنيلُ الرِّضـا مِنْ وَفَّى بِالعْهُودِ
ونُـذيقُ الـرَّدَى كُـلَّ عـاتٍ كَنُودْ
وَيَـرَى جـِيلُنَا خَافقَا تِالبُنودْ
ويَـرَى نجْمُنَـا لِلْعُـلاَ في صُعـودْ
هَكَـذَا هَـكَـذَا هَـكَذاسَنَعُـودْ
فاشْهَدي يَا سَمَا واكتُبْن يا وُجودْ
إنَّـنَا للعُـلاَ إنَّنَاللخُلُودْ
هذا النشيد ارتجله الشيخ عبد الحميد بن باديس في حفل أقامته مدرسة التربية والتعليم بقسنطينة يوم 27 رمضان 1356 هـ بمناسبة إحياء ليلة القدر.
[عدل]
تحية المولد الكريم:حييت يا جـمعَ الأدب ورقيت ساميةَ الرتبْ
وَوُقِيتَ شرَّ الكائدي ن ذوى الدسائس والشغبْ
ومُنِحْـت في العلياء ما تسمو إليه من أربْ
أحييت مولد من به حييَ الأنام على الحِـقَبْ
أحييت مولوده بما يُبرى النفوسَ مـن الوصبْ
بالعلم والآداب والـ أخلاق في نشءٍ عجبْ
نشءٌ على الإسلام أسْـ سُّ بنائه السامي انتصبْ
نشءٌ بحُـبِ محمدٍ غـذَّاه أشياخٌ نجبُ
فيهِ اقتدَى في سيره وإليه بالحق انتسبْ
وعلى القلوب الخافقا تِ إليه رأيته نصبْ
بالروحِ يَفديهَا وما يُغرى النّفوسَ مـن النشبْ
وبخُلقـه يَحمِي حما ها أو ببارقة القُضُـبْ
حتى يعودَ لقومه من عِزّهم ما قد ذهبْ
ويرى الجزائرَ رجعت حقَّ الحياة المستلَبْ
يا نشءُ يا دخرَ الجـزا ئر في الشدائد والكُرَبْ
صدحت بلابِلُك الفصا حُ فعمَّ مَجمعَنا الطربْ
وادقْتَنَا طُعما من الـ فصحى ألذَّ من الضرَبْ
وأريت للأبصار ما قد قرَّرتْه لك الكتُبْ
شَعْـبُ الجزائرِ مُـسْلِمٌ وَإلىَ العُروبةِ يَنتَسِبْ
مَنْ قَالَ حَادَ عَنْ أصْلِهِ أَوْ قَالَ مَـاتَ فَقَدْ كَذبْ
أَوْ رَامَ إدمَاجًا لَهُ رَامَ المُحَال من الطَّلَبْ
يَانَشءُ أَنْـتَ رَجَاؤُنَا وَبِـكَ الصَّباحُ قَدِ اقْتَربْ
خُـذْ لِلحَياةِ سِلاَحَها وَخُـضِ الخْطُوبَ وَلاَ تَهبْ
وَاْرفعْ مَنارَ الْعَدْلِ وَالإ حْسانِ وَاصْـدُمْ مَن غَصَبْ
وَأَذِقْ نفُوسَ الظَّالمِينَ سُـمًّا يُـمْزَج بالرَّهَـبْ
وَاقلَعْ جُذورَ الخَائنينَ فَمنْهُـم كُلُّ الْـعَطَـبْ
وَاهْـزُزْ نفوسَ الجَامِدينَ فَرُبَّمَا حَـيّ الْـخَـشَـبْ
يا قومٌ هذا نشؤكم وإلى المعالي قد رثبْ
كونوا له يكن لكم وإلى الأمام أبناء وأبْ
نحن الأولى عرف الزمانُ قديمنا الجمَّ الحسبْ
وقـد انتبهنا للحيا ة آخـذين لها الأهـبْ
لنحلَّ مركزنا الذي بين الأنام لنا وجبْ
فتزيد في هذا الورى عضـوًا شريفًا منتخَبْ
ندعو إلى الحسنى ونولي أهلها منا الرغبْ
مَنْ كَان يَبْغي وَدَّنَا فَعَلَى الْكَرَامَةِ وَالرّحبْ
أوْ كَانَ يَبْغي ذُلَّنـَا فَلَهُ المـَهَـانَةُ والحَرَبْ
هَـذَا نِـظامُ حَيَاتِنَا بالنُّورِ خُـطَّ وَبِاللَّهَبْ
هَـذا لكُمْ عَـهْـدِي بِـهِ حَتَّى أوَسَّـدَ في التُّرَبْ
فَإذَا هَلَكْتُ فَصَيْـحتي تَحيـَا الجَزائرُ وَالْعرَبْ
ألقيت ليلة حفلة جمعية التربية والتعليم الإسلامية بقسنطينة عن ش: ج4، م 13. قسنطينة يوم الاثنين 13 ربيع الأول 1356 هـ / 11 جوان 1937م.
[عدل]
القومية والإنسانيةالحمد لله ثم المجد للعرب مَن أنجبوا لبَنِي الإنسان خيرَ نبـِي
ونشروا ملةً في الناس عادلةً لا ظلمَ فيها على دين ولا نسَـبِ
وبذلوا العلم مجانا لطالبه فنال رُغْبَاهُ ذو فقر وذو نشَبِ
وحرروا العقلَ من جهل ومن وهَم وحرروا الدينَ من غِشٍّ ومن كذِبِ
وحرروا الناسَ من رِق الملوك ومن رق القَداسة باسم الدين والكتب
قَومي هم وبنُو الإنسان كلُّهم عشيرتي وهدى الإسلام مطَّلَبِي
أدعو إلى الله لا أدعو إلى أحد وفي رضى الله ما نرجو من الرَّغَـبِ
(1)
ألقيت ليلة احتفال جمعية التربية والتعليم الإسلامية بالمولد الشريف – بقسنطينة
1- ش. ج3 : م14، غرة ربيع الأول 1357 هـ / فيفري 1938 م.
[عدل]
السياسة في نظر العلماء هي التفكير والعمل والتضحيةأشعبَ الجزائرِ روحِى الفِدى لمَا من عِزةٍ عربيَّهْ
بَنَيْتَ على الدينِ أركانَها فكانتْ سلامًا على البشريَّهْ
خَلَدتُم بها وبكم خلَـدَتْ بهذى الديارِ على الأبدِيَّـهْ
فدُوموا على العهدِ حتَّى الفَنَا وحتى تَنالُوا الحقوقَ السنيَّهْ
تَنالُونَها بسواعِـدِكُـم وإيمَانِكم والنفوسِ الأبيَّهْ
فضَحُّـو وهَا أنا بَينكُـمُ بِذاتِي ورُوحِي عليكم ضَحيهْ
بهذه الأبيات ختم الشيخ عبد الحميد بن باديس خطابه التاريخي في الجلسة الختامية للمؤتمر الثاني لجمعية العلماء في سنة 1937 م.
[عدل]
التسامحسينحل جثماني إلى الترب أصله وتلتحق الورقا بعالمها الاسما
وذي صورتي تبقى دليلا عليها فإن شئت فهم الكنه فسأنطق الرسما
وعن صدق احساس تأمل فإنَّ في ملامح المرء ما يكسب العلما
وسامح أخاك إن ظفرت بنقصه وسل رحمة ترحم ولا تكتسب إثما
(1)
1) منقول من كتاب مجالس التذكير من حديث البشير النذير، من مطبوعات وزارة الشؤون الدينية – الطبعة الأولى 1403 هـ/1983م.
في حوار مع أخ الشيخ عبد الحميد قال الأستاذ عبد الحق بن باديس أن الإمام الشيخ عبد الحميد قال هذه الأبيات وهو جالس فاتح بين يديه كتاب الله. رحم الله شيخنا وأسكنه فسيح الجنان مع المصطفى المختار.
اشكرك على المجهود
شكرا الرد العطر