القيمة الخلقية نسبية :/ القيمة الخلقية نسبية و متغيرة لأن أساسها المنفعة و المجتمع و كلاهما متغير و النسبيRelative، هو الأمر الذي يتوقف وجوده على غيره فيكون بذلك متغيرا خاصا وجزئيا .
الأساس النفعي ( مذهباللذة) / مصدر القيمة الخلقية (المنفعة) بمعنى أن الخير هو اللذة و الشر هو الالم و العبرة بالنتائج و ليس بالمبادئ ، و الدليل على ذلك واقعي حيث أن الناس يميلون الى اللذة و ينفرون من الألم بحكم طبيعتهم ..يقول أرستيب القورينائي Aristippe (435-355) مؤسس مذهب اللذة ، (اللذة صوت الطبيعة)،و يجب الحصول عليها بكل الطرق ، و أن إشباع الغرائز ضروري لأنها المحرك الأساسي للأفعال الإنسانية
أبيقــــورEpicure يرى أن الخير في سكينة النفس ، فهي أفضل و أولى لأنها دائمة يمكن إحياؤها في الذاكرة كل مرة و هكذا نكون سعداء رغم ناء أجسامنا ، مثل لذة المعرفة ، و المطالعة ، و المحبة و الصداقة ، و يدعو الى اجتناب اللذات التي تنتهي بألم ، مع قبول الألم الذي يؤدي إلى لذة
بنتــــام Benthame حول اللذة إلى المنفعة العامة ، فوضع بذلك مسلمتين للفعل الأخلاقي ، مسلمة فردية تقول بأن لكل فرد الحق في الحكم على لذته ، و مسلمة جماعية تقول أن اللذة اذا اتحدت شروطها أصبحت واحدة بالنسبة للمجتمع ، فربط بنتام بين خير الفرد و خير الجماعة .و وضع سبعة أبعاد لقياس اللذة و هي الشدة المدة النقاء الخصب القرب اليقين الامتداد أي شمول اللذة لأكبر عدد من الناس
نفس المبدأ يدافع عنه ج س ميل J.S.Mill فالمنفعة هي المبدأ الاخلاقي الذي يفضي الى تحقيق أكبر سعادة ممكنة ، فالخير ما هو نافع لنا و لغيرنا (المنفعة المتبادلة). كما اهتم ميل Mill بنوعية اللذات لا كميتها يقول " من الأفضل أن أكون سقراط شقيا من ان أكون خنزيرا متلذذا" و ما دانت المنفعة متغيرة و مختلفة من شخص لآخر كانت القيمة الخلقية نسبية ومتغيرة ايضا
الأساس الاجتماعي/ إن أساس القيم الخلقية هو (المجتمع) ، فالخير ما يتماش مع العرف الاجتماعي ، و الشر ما يتنافى معه ، هذا ما تراه المدرسة الوضعية مع اميل دوركايم ،E.Durckeime و ما يدعم هذا الموقف هو أن الفرد كائن اجتماعي بالطبيعة ، لا يستطيع العيش خارج الجماعة فهو بمثابة الجزأ من الكل ، انه مدين للمجتمع بكل مقوماته النفسية و العقلية و السلوكية ، يتأثر ببيئته ، و يتصرف حسب الجماعة التي ينتمي اليها فلولا الغير لما كان بحاجة الى أخلاق
.
إنالطفل يكون فكرته عن الخير و الشر بالتدريج اعتمادا على أوامر و نواهي أفراد مجتمعه ، سواء في الاسرة او المدرسة يقول دوركايم " عندما يتكلم ضميرنا فان المجتمع هو الذي يتكلم فينا " بمعنى أن الضمير الفردي ما هو الا صدى للضمير الجمعي . و على هذا الأساس لا يمكن للفرد ان يبتكر لنفسه قيما و أخلاقيات بل يأخذها جاهزة من المتجر الاجتماعي كما يأخذ ملابسه من النحل التجاري ،
و يرى ليفي برول L.Bruhl أن الأخلاق ظاهرة اجتماعية ، تنضم العلاقة مع الغير و تمنح قوانينها للفرد بواسطة التربية ، و الخير و الشر يتحددان بمدى اندماج الفرد في الجماعة أو عدم اندماجه فيها . فالاندماج هو مقياس الخير ، وعدم الاندماج هو مقياس الشر . و بما أن لكل مجتمع عادات و تقاليد و نظم خاصة كانت القيمة الخلقية أيضا نسبية و متغيرة
النقـــــــد/ رغم أن الناستدفعهم طبيعتهم النفعية الى وضع المصلحة فوق كل اعتبار غير أن هذا ليس مبررا كافيايجعل المنفعة مقياسا للسلوك الأخلاقي ، كونها خاصية ذاتية تختلف باختلاف الميول والرغبات ، فاذا خضع الناس لها اصطدمت مصالحهم بعضها البعض ، و عمت الفوضى فيالمجتمع فما ينفع البعض قد يضر بالبعض الآخر ، و ليس كل شيئ فيه لذة خيربالضرورة
للمجتمع تأثير في الفرد ، لكن هذا لا يعني أن كل ما يقولهالمجتمع أخلاقي بالضرورة ، و الا كيف نفسر لجوء المصلحين إلى تغيير ما في مجتمعاتهممن عادات بالية و قوانين جائرة ، و كيف نفسر اختلاف أفراد المجتمع الواحد فيأخلاقهـــــــــــم.
القيمة الخلقية مطلقة/ القيمة الخلقية مطلقة و ثابتة لأن أساسها العقل و الشرع ،والمطلق هو الأمر القائم بذاته الذي لا يتوقف وجوده على غيره فيكون بذلك ثابتا عاما وكليا .
*الأساس العقلي / ان أساس القيمة الخلقية هو العقل ، فالخير ما يتطابق مع أحكام العقل ، و الشر ما يخضع لحكم الغرائز و الشهوات العمياء ، و يتعارض مع الواجب . قال أفلاطون " Platon(الفضائل ثلاث: الحكمة فضيلة العقل ، و العفة فضيلة القوة الشهوانية ، و الشجاعة فضيلة القوة الغضبية). و الحكمة رأس الفضائل كلها لأنها تحد من طغيان الشهوة و تلطف الغضبية ، و اذا خضعت القوة الشهوانية للغضبية ، و الغضبية للعقل تحقق في النفس الانتظام و التناسب و يسمي أفلاطون حالة التناسب هذه بالعدالــــة.
و ذهب الفيلسوف الالماني كانط Kant الى تقدير الفعل من خلال مبادئه و نيّة فاعله ، فالخير ما يسير بمقتضى الواجب الذي يمليه الضمير ، و يكون نابعا من الارادة الخيرة و الشر ما يتعارض مع الواجب يقول ( أن القيمة الخلقية للفعل تكمن في مبدأ الارادة الخيرة ، بغض النظر عن ما ينتج عن الفعل من كسب أو خسارة ) : ، لذلك ميز كانط بين نوعين من الأوامر : الأمر الشرطي ، المرتبط بالمنافع ، فيفقد بذالك قيمته الخلقية كأن نقول قل الصدق حتى يثق فيك الناس ،. و الأمر المطلق (القطعي) المنزه من كل مبدأ نفعي ، و المستجيب لصوت الضمير يحمل الخير في ذاته كأن نقول كن صادقا . أو كن أمينا ، هو الواجب من اجل الواجب و لا يتغير مع النتائج ، إذ لا يعقل أن يصبح ذات يوم الصدق شر، و الكذب خير ، أو تصبح الأمانة رذيلة و الخيانة فضيلة ، فالأخلاق مبادئ ثابتة و مطلقة و عليه وضع كانط ثلاثة قواعد للسلوك الأخلاقي :
ا- قاعدة التعميم : إعمل كما لو كان عملك قانونا عاما فالبعض مثلا يرى في الكذب منفعة ، لكنه لن يكون أبدا سلوكا أخلاقيا ، كونه لا يصلح للتعميم ، فاذا كنا نرفض الكذب علينا ، فمعنى ذلك لأنه لا ينبغي علينا أن نكذب حتى و لو كان الكذب في صالحنا . نفس الشيئ بالنسبة لجميع الأفعال
ب- قاعدةالغائية / اعمل و كأنك تعامل الإنسانية في نفسك و غيرك كغاية لا مجرد وسيلة ، فالواجب يأمرنا أن لا نجعل الانسان مهما كانت صفاته مجرد أداة لتحقيق مصلحة ، فالشخص الذي يعطي وعودا كاذبة يتخذ الآخرين مجرد وسائل من أجل تحقيق رغبات و منافع معينة من غير أن يلتفت الى أن لهم حقوقا بصفتهم كائنات عاقلة يقول كانط( لو كانت سعادة البشرية متوقفة على قتل طفل بريئ لكان قتله سلوكا لا أخلاقيا)
ج- قاعدةالتشريع / اعمل بحيث تكون إرادتك الحرة المشرعة للقانون الأخلاقي في جمهورية العقلاء ، و هذا يعني أن الواجب يقتضي منا أن نجعل من أفعالنا مثالا يقتدى به ، و قانونا نؤسسه بإرادتنا لأنفسنا و لغيرنا باعتبارنا كائنات حرة و عاقلة ، اننا ندرك بعقلنا و نور ضميرنا لا بحكم اللذة و المصلحة أن الصدق و الإخلاص و الوفاء واجبات كونها أفعال خيرة في ذاتها و عند الالتزام بها نكون قد جعلناها قانونا أخلاقيا
الأساس الشرعي. ان أساس القيمة الخلقية هو الشرع . قال تعالى في سورة النحل ( و نزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيئ و هدى و رحمة و بشرى للمسلمين) فالخير إذن ما يستجيب لأوامر الشرع ، و الشر ما يخالفها يقول الاشاعرة و هم أتباع ابي حسن الأشعري :الحسن ما حث الله عليه و رغب فيه ، و القبح ما نهى الله عنه و رهب منه . إذن الخير و الشر يوجبهما الشرع لا العقل كما ادعت المعتزلة ، فالعقل بحكم قصوره و ضيق معرفته ، لا يستطيع الاهتداء الى الحق لوحده فكان لا بد أن يعتمد على الشرع قال تعالى في سورة الحشر ( و ما أتاكم الرسول فخذوه و ما نهاكم عنه فانتهوا) و قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( تركت فيكم امرين ما ان تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا كتاب الله و سنتي ) و ما دامت ارادة الله مطلقة ، و الرسول الكريم بعث للناس كافة ، و الاسلام دين يصلح لكل زمان و مكان كانت القيمة الخلقية مطلقة و ثابتة و لا اختيار لإرادة الإنسان أمام الإرادة الإلهية
النقد / لا ينكر أحد دور العقل في توجيه السلوك نحو الخير ، و اجتناب الشر ، لكن تجريد الفعل من كل غاية أو منفعة قد يجعله جافا , غير مرغوب فيه ، فأخلاق الواجب مثالية للغاية ، و صورية ، تهتم بالمبادئ المطلقة دون المعالات الخاصة ، لذلك لا يمكن للانسان العادي الذي يتفاعل مع واقعه ، و تحركه الدوافع و الغايات أن يعمل بها ، و يرى الفيلسوف الالماني شوبنهاور و هو أحد تلامذة كانط( ان الواجب الكانطي قانون سلبي ، يصلح لعالم الملائكة لا لعالم البشر)
/ ان الشرع لم يلغ أبدا دور العقل في استنباط الاحكام ، فهناك كثير من المسائل تظهر مع تطور الحياة الاجتماعية و العلمية تحتاج الى اجتهاد الرأي ، ووجود علم الفقه أحسن دليل على ذلك ، و في الاجتهاد اختلاف و صدق نسبي
يرى البعض أن الأخلاق قيم نسبية . أثبت صحة ذلك
اعطتنا نص لامدنية مدنية الانسان ( تجد النص في كتاب النصوص القديم صفحة 124)
لايمانويل كانط
(هل يحتاج الانسان الى مقاومة الاخرين حتى يثبت وجوده ومكانته؟)
1)المقدمة:
يندرج هذا النص في اطار فليفة القيم,حيث يعالج موضوع مهما وهي علاقة الانسان بالاخرين
ويعالج بالخصوص قيمة الانسان وكينونته في المجتمع وصراعه الداخلي مع نفسه وهذا ماجعل الفيلسوف ايمانويل كانط يتسائل في هذا النص كالتالي :
هل علاقة الانسان بالاخرين مبنية على الصراع والتنافر ؟
2التحليل:
*يرى كانط ان علاقة الانسان بالخرين مبنية على التنافر ,فان تطور الحياة في الطبيعة مرهون بهذا التنافر فيما بين الناس
*لان التعاطف بين يولد التسامح وهي من القيم الانسانية العليا, ولكن قد يفهم من التجاذب والانسجام مع الاخرين على انه خضوع وانحناء , وذلك
مايهدد على الدوام بتفكك المجتمع,وهذا مايؤدي الى ذوبان كيان الفرد , وهذا مايؤدي كذلك الى فساد المجتمع.
*صحيح ان التنازل والانحناء امام امور الحياة والمجتمع قد يحط وقيم الفرد غير ان الانسان يتعايش مع الاخرين ويتواصل معهم والتواصل يبنى على الاتفاق و
التفاهم , كما ان الانسان كائن عاجز بنفسه وبحاجة الى الاخرين لتبادل المنافع وتحقيق المصالح.
3)الخاتمة
*في النهاية نستنتج ان الانسان كائن اجتماعي , يتعايش مع الاخرين ويتواصل معهم ضمن علاقة مبنية على التعاطف والتعاون والسلام والمحبة غير انها
تقوم على ظوابط وقوانين تسيرها.
(ارجو ان تقيم مقالتي وتوضح لي اخطائي والثغرات الموجودة في التحليل)
(ولكني لما كنت قد تعلمت منذ ايام المدرسة انه لايمكن ان نتخيل امرا بلغ الشذوذ والبعد عن التصديق الا وقد قال احد الفلاسفة ثم انني عرفت في رحلاتي ان كل اللذين لهم عواطف مخالفة لعواطفنا كل المخالفة ليسوا من اجل هذا برابرة ولا متوحشين ولكن الكثيرين منهم يستخدمون العقل مثلنا او اكثر منا.
ولما تاملت في ان الرجل نفسه بنفس عقله اذا نسا منذ طفولته بين فرنسيين و المانيين . فانه يصبح مختلفا عما كان يكون. لو انه عاش بين صينيين او كانيباليين وكيف ان الشيئ الواحد حتى في ازياء الملابس الذي اعجبنا منذ عشر سنين والذي ربما يعجبنا ايضا. قبل ان تمضي عشر سنين . يبدو لنا الان شاذا ومضحكا بحيث تكون العادة والتقاليد هما اللذان يؤثران في ارادتنا اكثر من اي علم يقيني.
وعلى كل حال . فان موافقة الكثرة ليست دليلا ذا شائن على الحقائق التي يتعسر كشفها فانه اقرب الى الاحتمال. ان يحييها رجلا واحد من ان تحييها امة باسرها
واذن فلم اكن لاستطيع ان اختيار رجلا. كانت تبدوا لي افكاره واجبت التفضيل على اراء الاخرين . ووجدتني كانني مضطر الى ان اتولى بنفسي توجيه نفسي)
رنييه ديكارت
ارجوا ان تقييم تحليل وتوضح لي الفجوات فيه لاقوم بتصحيحها
*يندرج هذا النص في اطار فلسفة القيم حيث يعالج بالخصوص ماهية الانسن وكيفية اثباتها وهي قضية شائكة اثارةت جدلا كبيرا بين الفلاسفة وهنا يحاول صاحب النص رنييه ديكارت الفصل فيها متسائلا كالتالي:
كيف للانسان اثبات ذاته في ظل صراعات الحياة؟
*يرى ديكارت ان الانسان يكون ذاته بنفسه وانه ليس في حاجة الى الاخرين لاثبات وجودها
* ذلك ان الاخرين يسيرونه حسب قوانينهم ومنظوماتهم . وبذا فانه يصبح عبدا مسيرا لايملك القدرة على تقرير مصيره.
*كما يرى ان الانسان مظطر لتوجيه نفسه بنفسه و وذلك بناءا على ان افكارهم اي الاخرين وقوانينهم لا تصب دائما في مصلحته ولا تكون نافعة دائما
*صحيح ماقال به ديكارت غير انه بالغ في ذلك .
فان الانسان كائن عاجز في نفسه ولايستغني عن الاخرين
كما ان له ميل اجتماعيا . وهو في الحقيقة كائن اجتماعي يتعايش مع الاخرين ويتبادل المنافع والمصالح معهم .
كما ان النسان في حاجة الى الاخرين لنقده وتبيين له الصح من الخطاء والسلبيات من الايجابيات .
-ان الانسان يكون نفسه بنفسه ويوجهها
-لكن الانسان كائن عاجز في نفسه
——————————
اذن الانسان يكون نفسه بنفسه الا انه في حاجة الى الاخرين لتوجيه تصرفاته وتبيين اخطائه
*في النهاية نستنتج ان الانسان كائن اجتماعي وليس في امكانه الاستغناء عن الاخرين في توجيه تصؤفاته
هل يستطيع المؤرخ يتجاوز العقبات ودراسة التاريخ دراسة علمية ؟
إذ كنت أمام أطروحتين أحدهما تقول <التاريخ ليس علما > والأخرى ترى عكس ذلك حدد المشكلة وأفصل فيها؟
الملاحظة:
هذه المقالة تتعلق ب: هل يمكن تطبيق المنهج العلمي على الحوادث التاريخية.
مقدمة :
طرح الإشكالية
يتحرك الإنسان في محيطه الحيوي ويصطدم يوميا بالكثير من الظواهر الطبيعية يحاول فهمها وتفسيرها وأيضا يتفاعل مع الظواهر الإنسانية والتي من أصنافها الحوادث التاريخية , فإذا كنا أمام أطروحتين إحداهما ترى أنه من الممكن دراسة الحوادث التاريخية دراسة علمية والأخرى ترى عكس ذلك فالمشكلة المطروحة :
هل الحوادث التاريخية يمكن دراستها دراسة علمية أم أن العقبات التي تقف في وجه المؤرخ تعجل ذلك مستحيلا؟
التحليل : محاولة حل الإشكالية
عرض الأطروحة الأولى
ترى هذه الأطروحة أنه لا يمكن دراسة الحادثة التاريخية دراسة علمية وحجتهم في ذلك وجود عقبات <عوائق> مصدرها خصائص الحادثة التاريخية وأول هذه العقبات < غياب الموضوعية > لأن المؤرخ يتحكم في الأكثر إلى عقيدته ويدخل أحكامه المسبقة ويتأثر بعاطفته حتى أن فولتير قال < التاريخ مجموعة من الأباطيل والخدع يديرها الأحياء والأموات حتى تناسب رغباتهم > ومن العقبات أيضا < غياب الملاحظة والتجربة > ومن الأمثلة التي توضح ذلك أن المؤرخ لا يمكنه أن يحدث لنا حرب حتى يبرهن لنا على صحة ما يقول إضافة إلى أن الحادثة التاريخية أنها فريدة من نوعها تحدث مرة واحدة ولا تتكرر وليس هذا فقط بل توجد عقبة ثالثة ألا وهي < غياب الحتمية والتنبؤ >وقد وصف جون كيميني ذلك بقوله< التنبؤ يستحيل مع البشر لأنهم يتمتعون بالإرادة والحرية > والنتيجة التي يمكن استخلاصها أنه لا يمكن دراسة التاريخ دراسة علمية .
النقد:
هذه الأطروحة نسبية شكلا ومضمونا لأن المؤرخ قادر على تجاوز هذه العقبات والبحوث التي قاموا بها المؤرخون في عصرنا تثبت ذلك.
عرض الأطروحة الثانية
ترى هذه الأطروحة أن الحوادث التاريخية تصلح أن تكون أن موضوع لدراسة علمية وحجتهم في ذلك تطبيق المؤرخين لمنهج علمي يعرف <بالمنهج التاريخي الاستقرائي >والذي يتصف بالموضوعية يظهر ذلك في مرحلة جمع الوثائق والمصادر التي بدونها لا يتحدث المؤرخ لذلك قال سنيويوس < تاريخ بدون وثائق وكل عصر ظاعت وثائقه يظل مجهولا إلى الأبد>والمؤرخ لا يستعمل هذه الوثائق إلا -(بعد نقدها وتحليلها) وهذا يستعين بالملاحظة والوسائل العلمية للتأكد من سلامة مادة الوثيقة ويحتكم إلى المنطق العقل والعلم للتأكد من مضمونها وهو بذلك يحقق شرط الموضوعية وهذا ما أكد عليه ابن خلدون في كتابه المقدمة حيث قال << النفس إذا كانت على حال من الاعتدال في قبول الخبر أعطته حقه من التمحيص والنظر >> ويصل المؤرخ إلى ترتيب الأحداث التاريخية بمنهجية علمية فيضعها في إطارها الزماني والمكاني وكل ذلك يثبت أنه يمنك دراسة التاريخ دراسة علمية أن المؤرخ قد تمكن من وضع الحلول المناسبة فتمكن من ذلك تجاوز مختلف العقبات
النقد : هذه الأطروحة نسبية شكلا ومضمونا لأن الدراسات التاريخية لم تصل بعد إلى الموضوعية التي وصلت إليها العلوم الرياضية والفيزيائية
التركيب : الفصل في المشكلة
اهتمام الإنسان بالأخبار التاريخية قديم ونستطيع أن نميز بين نوعين من دراسة التاريخ < الدراسة الفلسفية > والتي ترتبط بالجانب الميتافيزيقي والدراسة العلمية كما هو واضح في عصرنا هذا وكحل للإشكالية نقول <يمكن دراسة الحادثة التاريخية دراسة علمية لاكن بشرط التقيد بالضوابط الأخلاقية واحترام خصوصيات العصر الذي ندرسه > والدليل على ذلك أن التاريخ هو أحداث يرويها الأحياء عن الأموات وكما قال كانط << يجب أن يحاط الإنسان بالاحترام>>وفي كل الحالات يجب أن نؤكد أن التاريخ قد أصبح علما.
الخاتمة:
وخلاصة القول أن التاريخ له فائدة كبرى إنه يرسم لنا كيف كانت نهاية طريق الرذيلة ويخبرنا عن الذين دافعوا عن مبادئهم وسلكوا طريق الفضيلة وقد تبين لنا أن المشكلة تدور حول < تطبيق المنهج العلم على التاريخ> وبعد عرض المسلمات واستخلاص النتائج ومن خلال البرهنة ونقدها نصل إلى حل هذه الإشكالية
بارك الله فيك يا استاد هيدر
جزاك الله خيرا
أريد بحث حول النظرية اللاشعورية عند فرويد بلييز في أسرع وقت ممكن
انا اردت فقط ان الفت انتباه بعض زملائي لكيفية اعداد النقد في المقالة
في البداية يجب ان نبدا بالنقد الايجابي كان نقول صحيح ومم لاشك فيه ان ( ونذكر الموضوع _ ناخذ الذاكرة على سبيل المثال _ صحيح ومما لا شك فيه ان الدماغ يلعب دورا اساسيا في حفط الذكريات وتكوينها ) _ثم نتلوه بالنقد السلبي _ونذكر سلبيا الموقف الاول كان نقول _ان انصار الموقفا لاول بالغووافي كذا _ او تجاهلوا كذا _ ونذكر باقي سلبيات الموقفا الاول _ كان نقول _ نعود الى اخذ الذاكرة على سبيل المثال _ نحن هنا ننقد الماديين ( نقول _ ولكن النظرية المادية لا تدل على وجود علاقة مباشرة بين الدماغ والخلاياا لعصبية كما اننا قد نفقد الذكريات بسبب ظروف نفسية وما نلاحظه هو اننا لا نحتفظ بجميع الحوادث بل نقوم بانتقائها والدماغ لا يفسر هذه العملية ) وبعدها نختم النقد بنتيجة صعيره ونقول _ونبقى دائما مع الذاكره _ وعليه فالذاكرة ليستمادة جامدة بل كيفيات شعورية تحمل تاريخا بانفعالاته ومشاعره وبالتالي لايمكن انكا ر البعد النفسي وطذا الاطر الاجتماعي في تكوين وبناء الذكريات _ ولاننسى امرا اخر وهو المقولة _ هناك الكثير من التلاميذ يعتقدد ان النقد لا يحتوي على مقوله _ وفي هذا السايق يقول برغسون ( التذكر في جوهره يحمل تاريخا)
منطق
ملاحظة:هذا البرنامج يسهل على الطالب فهم الدرس لكن هذا لا يغني عن دراسة الدرس من الكتاب ، هذه طريقة جديدة لفهم هذا الدرس تبدأ من المرحلة الأولى :
حفظ ما يسمى بمربع أرسطو بالتسميات التي توجد عليه .
كلية موجبة
تضاد
كلية سالبة
تداخل
تداخل
جزيئة موجبة
دخول تحت التضاد
جزيئة سالبة
المرحلة الثانية نحفظ المربع مع رموزه.
ك . م
تضاد
ك . س
تداخل
تداخل
ج . م
دخول تحت التضاد
ج . س
المرحلة الثالثة : لفهم الفكرة نبدأ بقوانين التداخل مع مثال :
لدينا القضية : كل الطلاب أذكياء ك . م تقابل بالتداخل
بعض الطلاب أذكياء ج . م
إذا كانت ك . م صادقة => ج . م صادقة بالضرورة
لأن الحكم إذا انطبق على الكل فهو سينطبق على الجزء .
و إذا كانت ك . م كاذبة فإن ج . م غير معروفة إما صادقة أو كاذبة .
أما إذا كانت ج.م صادقة فإن ك.م غير معروفة
لأن الحكم إذا انطبق على الجزء فليس من الضروري أن ينطبق على الكل
و إذا كانت ج.م كاذبة فإن ك.م كاذبة بالضرورة .
تطبيق: ( أ )
لدينا القضية كل العلماء مثقفون حدد القضية التي تقابلها بالتداخل مع ذكر حكمها .
الحل: يجب على الطالب أن يرسم مباشرة مربع أرسطو على المسودة
كل العلماء مثقفون ك.م تقابل بالتداخل
بعض العلماء مثقفون ج.م
ك.م صادقة => ج.م صادقة
ك.م كاذبة => ج.م غير معروفة
تطبيق : ( ب )
لديك القضية بعض الناس سعداء حدد القضية التي تقابلها بالتداخل مع ذكر حكمها .
الحل :
بعض الناس سعداء ج.م تقابل بالتداخل
كل الناس سعداء ك.م
ج.م صادقة => ك.م غير معروفة
ج.م كاذبة => ك.م كاذبة بالضرورة
ملاحظة : ما طبقناه على الطرف الأول من تداخل ينطبق على الطرف الثاني أي أن :
ك.س صادقة => ك.س صادقة
ك.س كاذبة => ك.س غير معروفة
ج.س صادقة => ك.س غير معروفة
ج.س كاذبة => ك.س كاذبة
ملاحظة: إذا لم يحدد السؤال أن القضية التي لدينا صادقة أو كاذبة يجب وضع الاحتمالين معاً.
تطبيق: (1)
لديك القضية الصادقة و لا واحد من الحاضرين غبي اذكر القضية التي تقابلها مع ذكر حكمها
الحل: و لا واحد من الحاضرين غبي ك.س تقابل بالتداخل .
ليس بعض الحاضرين أغبياء ج.س
ك.س صادقة => ج.س صادقة
ك.س كاذبة => ج.س غير معروفة
– هكذا نكون أنهينا قوانين التداخل و يجب على الطالب أن يفهمها من خلال مثال ثم يحفظها فإذا فرضنا أنه في الامتحان نسي قانون من القوانين فإن بإمكانه أن يستنتجها و لكن من الطرف الأول .
– ننتقل الآن إلى قوانين التضاد :
لا تصدقان معاً لكن قد تكذبان معاً
فإذا كان لدينا القضية كل الناس سعداء ك.م فإن القضية التي تقابلها بحسب التضاد و لا واحد من الناس سعيد ك. س .
نطبق القانون : لا تصدقان معاً و لكن قد تكذبان معاً
ك.م صادقة => ك.س كاذبة
ك.م كاذبة => ك.م غير معروفة
و إذا كان لدينا القضية و لا واحد من الأغبياء حاضر فإن القضية التي تقابلها بحسب التضاد كل الأغبياء حاضرون .
أيضاً نطبق القانون لا تصدقان معاً و لكن قد تكذبان معاً
ك.س صادقة => ك.م كاذبة
ك.س كاذبة => ك.م غير معروفة
ملاحظة: لا تنتقل من مرحلة إلى أخرى حتى تتقن المرحلة الراهنة و تحفظها .
ننتقل الآن إلى قوانين الدخول تحت التضاد
لا تكذبان معاً و لكن قد تصدقان معاً .
فإذا كان لدينا القضية بعض الحيوانات مفترسة فإن القضية التي تقابلها بالدخول تحت التضاد ليس بعض الحيوانات مفترسة .
ج.م صادقة => ج.س غير معروفة
ج.م كاذبة => ج.س صادقة
و إذا كان لدينا ليس بعض الناس حكماء فإن القضية التي تقابلها بالدخول تحت التضاد بعض الناس حكماء .
ج.س صادقة => ج.م غير معروفة
ج.س كاذبة => ج.م صادقة
ننتقل الآن إلى آخر القوانين قوانين التناقض
لا تصدقان معاً و لا تكذبان معاً
فإذا كان لدينا القضية كل الحكماء سعداء فإن القضية التي تقابلها بالتناقض
ليس بعض الحكماء سعداء
ك.م صادقة => ج. س كاذبة
ك.م كاذبة => ج.س صادقة
تطبيق ( 1 ) شامل
لدينا القضية الصادقة بعض الناس أذكياء اذكر القضايا التي تقابلها مع حكمها .
بعض الناس أذكياء ج.م تقابلها بالتداخل كل الناس أذكياء ك.م
ج.م صادقة => ك.م غير معروفة
ملاحظة " لا نفرض أن ج.م كاذبة لأن هذه الحالة غير مطلوبة بنص السؤال ، عد إلى نص السؤال مرة أخرى للتأكد "
بعض الناس أذكياء ج.م تقابل بالدخول تحت التضاد ليس بعض الناس أذكياء ج.س.
ج.م صادقة => ج.س غير معروفة
ملاحظة " يجب ذكر القانون : لا تكذبان معاً و لكن قد تصدقان معاً "
بعض الناس أذكياء ج.م تقابل بالتناقض ك.س و لا واحد من الناس أذكياء
ج.م صادقة => ك.س كاذبة
تطبيق (2) شامل و هام على نمط أسئلة الوحدة و متوقع :
لديك القضية الصادقة كل الجبناء أغبياء حدد القضية الصادقة التي تقابلها
من خلال خطوات الحل على المسودة سيجد الطالب أنه لا يوجد قضية صادقة تقابلها إلا حالة واحدة و هي :
كل الجبناء أغبياء صادقة تقابل بالتداخل ج.م بعض الجبناء أغبياء صادقة لأنه إذا صدق الحكم على الكل صدق على البعض .
</B></I>
merciiiiiiiiiiiiii
المنطق الصوري
بحث حول المنطق الصوري
التحميل
http://www.ouarsenis.com/up//view.php?file=86f4acd639
merciiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiii
اريد المساعدة في هذه المقالة جدلية " هل تعتبر الفلسفة الاسلامية مجرد تكرار للفلسفة اليونانية ؟
مما لاشك فيه أن الفكر الإنساني المنظم قد بدأ عند اليونانيين الذين تناولوا مشاكل العالم و الألوهية وناقشوها بأسلوب منطقي عقلي فاتخذوا بصددها مواقف خاصة أي مذاهب،غير أن هذا التفكير لم يقتصر على اليونانيين بل انتشر وامتد إلى مجتمعات أخرى ومنها المجتمع الإسلامي .هذا الأخير الذي يستند في قراراته إلى الإيمان المطلق بصدق الوحي .ونتيجة لبحث المفكرين في عوامل نشوء التفكير الفلسفي الإسلامي تضاربت آرائهم واختلفت بين من يرجع هذا النشوء إلى عوامل خارجية متمثلة أساسا في الفلسفة اليونانية وبين من يرجعها إلى عوامل داخلية تتمثل أساسا في العقيدة الإسلامية العبقرية العربية وأمام هذه الوضعية نتساءل أي العوامل كانت سببا في نشوء الفلسفة الإسلامية ؟
العرض : (وهذا كيما تقول استاذة هيكل عظمي لازم تعمريه اللحم من عندك )
الموقف الأول : العوامل الخارجية المتمثلة في الفلسفة اليونانية المسؤولة عن نشأة الفلسفة الإسلامية .
المبررات :
– تاريخيا الفلسفة اليونانية أسبق ظهورا من الفلسفة الإسلامية .
– ترجمة المنتوج الفكري الفلسفي اليوناني للعربية .
نفذ:
الخصوصية التي تتميز بها الفلسفة الإسلامية وهي انها قائمة على الإيمان يبطل هذا الرأي.
الموقف الثاني :
العوامل الداخلية تتمثل في القرآن الكريم ،السنة النبوية ،اللغة العربية المسؤولة عن نشوء الفلسفة الإسلامية .
المبررات :
– دعوة القرآن الكريم والسنة النبوية إلى إعمال العقل من خلال آيات قرآنية وأحاديث نبوية (استشهاد بآيات قرآنية وأحاديث)
– عبقرية اللغة العربية لأنها لغة القرآن الكريم.
– علم الكلام ما يميز الفلسفة الإسلامية ويخصها لوحدها .
نقذ:
لايمكن إعتبار القرآن الكريم والسنة النبوية كعوامل لظهور الفلسفة لأن هناك تعارض بين الفلسفة والدين لأن الدين لا يقبل إعمال العقل في الأمور والقضايا الغيبية التي هي جوهر الفكر الفلسفي .
التركيب:
الفلسفة الإسلامية مرجعية عالمية لأي فلسفة بما فيها الإسلامية لا يمكن اعتبارها وحدها عامل نشوءها فالعوامل الداخلية أثر كبير في ذلك لما تحمله هذه العوامل من تشجيع على التخلق وإعمال العقل .
الخاتمة :
لكل من العوامل الداخلية والداخلة فضل في نشأة الفلسفة الإسلامية
إن التطور الذي عرفته العلوم التجريبية في العصر الحديث نتيجة اعتمادها على التجربة كمصدر لليقين أدى إلى سعي مختلف العلوم الأخرى إلى محاولة تجسيد الدراسات العملية على مختلف ظواهرها، ونجد من بين هذه العلوم العلوم الإنسانية، ونتيجة لاختلاف الظاهرة الطبيعية عن الإنسانية أصبحت مسألة دراسة الظاهرة الإنسانية دراسة علمية غير ممكنة، وفي مقابل ذلك نجد أن الميزة التي امتازت بها فرضت خصوصية ومنهج منظم يمكن الظاهرة الإنسانية من تحقيق العلم، التناقض الموجود بين التصورين فرض جدلا ونقاشا بين الفلاسفة والعلماء. فهل يمكننا الإقرار بإمكانية خضوع الظاهرة الإنسانية للتحقيق العلمي؟
يرى بعض الفلاسفة والعلماء عدم امكانية دراسة الظاهرة الإنسانية دراسة علمية، لأنها تمتاز بجملة من الخصائص والمميزات التي تجعلها تختلف عن الظاهرة الطبيعية مما أدى إلى وجود عدة عوائق تصادف الباحث عند محاولته دراسة أي ظاهرة إنسانية فالظاهرة التاريخية مثلا تختلف عن المادية لهذا نجد بعض المفكرين يظنون أن التاريخ لا يمكنه أن يكون علما كغيره من العلوم منهم وليام دلتاي وكروتشه نتيجة العوائق التي تصادف المؤرخ كون الحادثة التاريخية حادثة إنسانية: أي أنها تتعلق بما يحدث للإنسان فقط، لأن التاريخ لا يدرس ماضي الظواهر الطبيعية بل الظواهر الإنسانية من حيث أنها حوادث محددة بالزمكان " الزمان والمكان " لا يمكن تكرارها وملاحظتها من جديد لهذا لا يمكن فصلها عن الزمان والمكان الخاصان بها وإلاّ فقدت صفتها التاريخية. كما أنها حادثة اجتماعية لأن الحوادث الفردية لا تكون تاريخية إلاّ إذا تمكن أصحابها من التأثير على سير الحوادث إما عن طريق إحداث تقاليد جديدة كما يحدث ذلك في الفن والعلم والدين، وإما عن طريق توجيه الجماعات كما يفعل ذلك رجال الحكم والزعماء. أي أن الحادثة لا تكون تاريخية إلاّ إذا شمل صداها مجتمعا بأسره مهما كان هذا المجتمع كبير أم صغير. إضافة إلى أنها حادثة تعرف بطريقة غير مباشرة على خلاف الملاحظة الطبيعية التي تتم بطريقة مباشرة وبالتالي يمكن التجريب عليها، لهذا فهي – الإنسانية – غير قابلة لأن تحدث مرة جديدة بطرق اصطناعية، كما أنها غير قابلة للتعميم ذلك أن المؤرخ لا يمكنه أن التأكد من صحة افتراضه عن طريق التجربة العلمية، أي أنه لا يستطيع مثلا أن يحدث حربا "تجريبية " حتى يتأكد من افتراضاته، وبالتالي استحالة الوصول إلى قوانين عامة، وهذا ما من شأنه أن يمنعنا من التنبؤ بحدوث الظاهرة في المستقبل. وما يؤكد استحالة دراسة الحادثة التاريخية دراسة علمية هو صعوبة تحقيق الموضوعية لأن المؤرخ إنسان ينتسب إلى عصر معين ومجتمع معين، فهو لا يستطيع -على الرغم من اجتهاده في أن يكون موضوعيا – أن يكتب التاريخ إلاّ طبقا للواقع الذي يحياه، فيعيشه من خلال قيمه واهتماماته، وتربيته، فالمواطن الجزائري الذي يكتب عن تاريخ فرنسا قبل 1962 ليس هو المواطن الذي يكتب عنه بعد هذا التاريخ، ذلك أن الماضي يعاد بناؤه، كما أننا لا نستطيع أن نطلب من الاشتراكي أن يعطينا دراسة موضوعية حول الرأسمالية.
ومن جهة أخرى نجد أن الظاهرة الاجتماعية تستحيل فيها أيضا الدراسات العلمية نتيجة الخصائص التي تمتاز بها والتي جعلتها تختلف عن الظاهرة الإنسانية ،هذا ما حاول أن يؤكد عليه العديد من الفلاسفة من بينهم كارل مانهايم ماكس فيبر، وماكس شيلر. فهي ليست اجتماعية خالصة أي أنها تنطوي على خصائص بعضها بيولوجي وبعضها نفسي، لهذا اعتقد البعض أنها تلحق بالدراسات البيولوجية ما دام الذي يميزها لا يختلف كثيرا عن الظواهر الحيوية أو البيولوجية وما يميزها من قوانين تخضع له أيضا ظواهر المجتمع، ويميل البعض إلى أنها تلحق بالظواهر النفسية لأن ما تنطوي عليه من خصائص يتفق إلى حد كبير مع ما تقوم عليه الحادثة النفسية، ويتجه صنفا آخر إلى تفسيرها تفسيرا تاريخيا لأنها لا تكاد تتطور في الزمان والمكان حتى تدخل في الماضي. كما أنها ظاهرة إنسانية لا تشبه الظواهر الطبيعية، فهي مرتبطة بحياة الإنسان ن وهذا الأخير متغير لا تتحكم فيه الحتمية التي تخضع لها الظواهر الطبيعية، وبالتالي لا يمكن ان تخضع للبحث العلمي، كون الإنسان يملك حرية الإرادة في التصرف، فالزوج مثلا في مستطاعه أن لا يطلق زوجته بالرغم من حضور الأسباب المهيئة للطلاق. هذا ونجد أيضا الظاهرة الاجتماعية ظاهرة خاصة وليست عامة لأنها تتعلق بالفرد، وما هو خاص لا يكون قابل للدراسة من الخارج بفضل التحليل والتجريد، وهذا ما يجسد الدراسات الذاتية في الدراسات الاجتماعية، الشيء الذي جعل هذه الأخيرة كيفية لا كمية أي قابلة للوصف لا التقدير الكمي يقول جون ستيوارت ميل :" إن الظواهر المعقدة والنتائج التي ترجع إلى علل وأسباب متداخلة ومركبة لا تصلح أن تكون موضوعا حقيقيا للاستقراء العلمي المبني على الملاحظة والتجربة."
ومن العوائق التي تصادف عالم الاجتماع عند دراسته للظاهرة الاجتماعية نجد صعوبة تحقيق الموضوعية كما هو الشأن في الظواهر الطبيعية، وهنا يؤكد أحد العلماء وهو جبسون gibson على أن تحقيقها الكامل في العلوم
الاجتماعية يعتبر مثلا أعلى يصعب تحقيقه،لأن الباحثين الاجتماعيين هم أفراد يعيشون في مجتمعات يتفاعلون مع أوضاع الحياة القائمة، ويقبلون ألوانا معينة من أساليب التفكير والسلوك القائمة في مجتمعاتهم، ومن ثمة هناك عوامل قد تنأى بهم عن الموضوعية فالمركز الذي يشغله الإنسان والطبقة التي ينتمي إليها والعصر الذي يعيش فيه قد تؤثر فيما يتوصل إليه من نتائج أو فيما يصدره من أحكام، وبالتالي لا يمكن للعلوم الإنسانية أن تتخلص من أثار الإيديولوجيا هذه العوائق كلها أدة إلى استحالة تطبيق التجربة على الظاهرة الإنسانية، الشيء الذي يقف كعقبة أمام الوصول إلى قوانين عامة تفسر حقيقتها، وبالتالي صعوبة التنبؤ.
أما إذا جئنا إلى الحياة النفسية نجد الظاهرة النفسية لها هي الأخرى جملة من الخصائص التي جعلتها تختلف عن الظاهرة الجامدة، الشيء الذي ولد عدة عوائق أمام علماء النفس باعتبار علم النفس علما يعنى بدراسة الحوادث والحالات النفسية للكشف عن قوانينها بعيدا عن النفس كجوهر ميتافيزيقي هذا ما حاول أن يؤكد عليه برغسون ووليام جيمس واهم العوائق التي تصادف الباحث أو الدارس نذكر من أهمها ما يلي :
موضوع غير ثابت ولا يعرف مكان محدد كما هو الشأن في ظواهر الطبيعة، فلا مكان للشعور ولا محل للإنتباه ولا حجم للتذكر أو الحلم، لأن الحوادث النفسية تمتاز بالديمومة والحركية ولا تبقى على حالها في زمنين متواليين لهذا فإن تطبيق المنهج التجريبي عليها يعني القضاء على ديمومتها، ودراستها كماض لا كحاضر، أي كشيء ثابت جام لا ظاهرة حية. كما نجد أيضا الظاهرة النفسية تمتاز بشدة التداخل والاختلاط بحيث يشتبك فيها الإدراك مع الإحساس، والذكاء مع الخيال، والانتباه مع الارادة…، دون نسيان أنها حادثة كيفية لذلك فهي قابلة للوصف ولا يمكن قياسه مثل الظاهرة الطبيعية كأن أقول إن شعوري يقدر بمائة كلم كما أن اللغة المستعملة تعجز أحيانا عن وصف كل ما يجري بداخل النفس، فضلا عن تدخل اللاشعور نتيجة صدور من الفرد سلوكات وأفعال لا يعي أسبابها. إضافة إلى ذلك نجد الظاهرة النفسية حادثة شخصية داخلية لا يعرفها إلاّ صاحبها، كما أننا لا نجد نفس الحالة الشعورية عند جميع الأفراد وحتى إن كان الموضوع المشعور به واحد.
النقد
لكن إذا كانت هذه العوائق – سواء التي تتعلق بالموضوع أو الذات – تحول دون تطبيق المنهج التجريبي في الظاهرة أو الحادثة التاريخية بشكل، فإن هذا لا يعني البتة أنه لا يمكن دراستها دراسة علمية لجعل التاريخ علما قائما بذاته، فإذا كان الاستقراء التجريبي هو الأنسب لدراسة علوم المادة فإن العوائق الإبستيمولوجية التي صادفته أدت إلى استحداث منهج يسمح بدراسة الحادثة التاريخية دراسة علمية، ويعتبر ابن خلدون السباق إلى رسم منهج واضح المعالم يمكننا من دراسة الحادثة التاريخية ويفسرها أي أنه لم يكتف بمجرد نقلها والإشارة إلى مكان حدوثها من عدمه، بل تجاوز ذلك إلى تفسيرها وربطها بعللها أسبابها
يمكن دراسة الظاهرة الإنسانية دراسة علمية بشرط تكييف المنهج العلمي وخطواته وفق ما يتماش مع طبيعة الظاهرة المدروسة ففي الظاهرة التاريخية مثلا نجد ابن خلدون يؤكد على امكانية تحقيق الموضوعية فيها، وذلك من خلال منهج قائم على مجموعة من الخطوات تتجسد من خلالها خطوات المنهج التجريبي والقائمة أساسا على :
أولا : جمع المصادر: والتي يمكن أن نميز فيها نوعين من المصادر التاريخية " إرادية وغير إرادية " فالمصادر الإرادية تتمثل في تلك الأثار والوثائق التي أنجزها الإنسان واحتفظ بها قصد تأريخ الحادثة وإخبار الآخرين بها كالمجلات والصحف، ورسائل القادة التاريخية، ونصوص الاتفاقيات والروايات والمعاهدات المختلفة، والقصص الواردة في القرآن الكريم، والأحاديث النبوية الشريفة… إلخ.
المصادر الغير إرادية : تتمثل في مختلف المصادر والآثار التي تركها الإنسان عن غير قصد، والتي فرضتها الحاجة إليها، كالحصن والأبراج والأسلحة التي تم تشييدها من أجل الحماية والدفاع عن النفس أو الدولة والمملكة، إضافة إلى النقود مثلا التي صنعت لتسهيل التعامل والتبادل التجاري.
هذه العملية على حد تعبير ابن خلدون مشروطة بمعرفة طبائع العمران، فلا يصح مثلا أن يتحدث باحث على ما يصطلح عليه اليوم " حرب المدن أو الشوارع " في سياق حديثه عن حروب ومعارك تنتمي إلى العصور الوسطى أو القديمة، بمعنى أن معرفة طبائع العمران طريق إلى معرفة إمكانية حدوث الواقعة من عدمها يقول ابن خلدون في حديثه عن الكيفية التي يتعامل بها مع الخبر:"… إذا اعتمد فيها على مجرد النقل ولم تحكم أول العادة وقواعد السياسة وطبيعة العمران والأحوال في الاجتماع الإنساني، ولا قيس الغائب منها بالشاهد والحاضر بالذاهب فربما لم يؤمن فيها من العثور و مزلة القدم والحيد عن جادة الصدق…"
02 – مرحلة النقد :
بعد جمع المصادر يجب على المؤرخ تفحصها ونقد الوثائق كلها، وعليه أن يعتبر "كل وثيقة مدانة حتى تثبت براءتها" أي عليه أن يشك في أمانة وصحة الأخبار التي تتضمنها كل وثيقة حتى يتمكن من الكشف عن كل مبالغة وتزييف أو تحريف فيها، وفي هذه المرحلة يميز المؤرخون بين نوعين من النقد " الخارجي والباطني "
أ – النقد الخارجي أو المادي :
يتناول شكل الوثيقة الخارجي ومادتها حتى يتأكد من حقيقتها وأصلها إذ قد تكون الوثيقة التي تسقط بين يديه صورة محرفة للوثيقة الأصلية الحقيقية، فإذا كانت هذه الوثيقة مثلا رسالة عليه أن يدرس الورق المستعمل، والحبر والخط، والأسلوب والإمضاء… إلخ وفي هذا المجال يستعمل المؤرخ تقنيات وطرق علوم أخرى كالكيمياء وعلم الآثار،وعلم الخط….،إلخ، فمن اللا منطقي مثلا أن يأخذ الباحث أو المؤرخ بوثيقة كتبت بالآلة الراقنة كشاهد حي على حادثة
وقعت في زمان لم يبلغ بعد لمستوى هذه التكنولوجيا، وهذا يعني أن نوع الخط يكون موضوع نقد من قبل الباحث بغض النظر عن تفحص نوع المادة كنوع الورق او الحبر. وإذا كان هذا المصدر نقود أو سلاحا أو أوسمة وجب على المؤرخ تفحص نوع المعدن، طبيعة او نوع المواد الكيمياوية إذا كان المصدر من الآثار الفنية أو القديمة.
النقد الباطني " الداخلي " :
يختبر مدى صحة مضمون الوثيقة وذلك بمقارنتها بوثائق أخرى ذات منابع مختلفة فيكشف عن وجه الاختلاف والاتفاق ثم يقوم بدراسة شخصية صاحبها قصد معرفة العوامل المختلفة التي قد تؤثر فيه وتدفعه إلى الكذب، وقد حدد إبن خلدون في كتابه المقدمة أسباب كذب الراوي وحصرها فيما يلي :
– التشيع لآراء المذاهب " مناصرة قضية أو مذهب " فإن النفس إذا كانت على حال من الاعتدال في قبول الخبر أعطته حقه من التمحيص والنظر حتى تتبين صدقه من كذبه، وإذا استسلمت وتشيعت لرأي او نحلةٍ قبلت ما يوافقها من الأخبار لأول وهلة ن وكان ذلك الميل والتشيع غطاء على عين بصيرتها عن الانتقاد والتمحص فتقع في قبول الكذب ونقله
– الثقة بالناقلين وتمحيص ذلك يرجع إلى التعديل والترجيح.
– الذهول عن المقاصد " السهو، التغافل والخروج عنه " فكثيرا من الناقلين لا يعرف القصد بما عاين او سمع وينقل الخبر على ما في ظنه وتخمينه ن فيقع في الكذب ومنها توهم الصدق
– الجهل بتطبيق الأحوال على الواقع " الخروج عن سياق الخبر " لأجل ما يداخلها من التلبس والتصنيع فينقلها المخبر كما رآها وهي التصنع على غير الحق في نفسه.
– التقرب إلى أصحاب التجلة والمراتب " أصحاب الجاه والاعتبار " بالثناء والمدح وتحسين الأحوال وإشاعة الذكر بذلك، فالنفوس مولعة بحب الثناء والناس متطلعون إلى الدنيا وأسبابها من جاه أو ثروة.
– الجهل بطبائع الأحوال العمراني، فإن كل حادث من الحوادث ذاتا كان أو فعلا لا بد له من طبيعة تخصه في ذاته يعرض له من أحواله، فإذا كان السامع عارفا بطبائع الحوادث والأحوال في الوجود ومقتضياتها أعانه ذلك في تمحيص الخبر على الصدق من الكذب.
وفي هذه المرحلة من النقد يتحول المؤرخ إلى خبير نفسي يثبت درجة مصداقية صاحب الوثيقة ومدى اطلاعه على الأخبار والمنابع التي استقاها منها.
03 – المرحلة التركيبية للحادثة التاريخية :
بعد الانتهاء من التدقيق والتمحيص للمصادر عن طريق النقد يلجأ المؤرخ بعد هذا إلى محاولة تركيب الأحداث ترتيبا مكانيا و زمانيا وتنسيقها مع مراعات العلاقة القائمة بينها لآن الأحداث المشتة المنعزلة لا تعطينا علما تاريخيا وإذا ما وجد في ترتيبها بعض الفجوات أو أحداث تاريخية غير موجودة يلجأ إلى ملئها بافتراضاته واستنتاجاته الخاصة المستوحاة من الحقائق التي تحدثت عنها تلك الوثائق، وعليه في الأخير أن يقيم الحادثة وأن يبرز مدى أهميتها وتأثيرها في مجرى الحياة الاجتماعية.
* صحيح أن هذه الدراسة المقارن التي أكد عليها ابن خلدون من شأنها أن تحقق الموضوعية ولو بنسبة معينة إلاّ أن هذا لا يعني تجسيد التجربة العلمية ما دامت الظاهرة التاريخية تمتاز بخصائص مخالفة للظاهرة الطبيعية، كما أن اعتماد المؤرخ على الفرض لملأ الفجوات يجعل التفسير ذاتي وقد تنحرف الحادثة عن المعنى المقصود لها، وهذا ما من شأنه أن يؤدي إلى انحراف الحادثة التاريخية عن مقاصدها وبالتالي تحريفها.
أما إذا جئنا إلى دراسة الظاهرة الإجتماعية دراسة علمية نجد ابن خلدون من الأوائل الذين عملوا على فهم الظواهر الاجتماعية ودراستها دراسة تجريبية وتجاوز العوائق التي تصادف ذلك، وأطلق على هذا العلم إسم " عمران العالم "، ثم جاء بعده أوغيست كونت زعيم الفلسفة الوضعية وكان هو أول من استعمل اسم " علم الاجتماع " وبعد ذلك تناول إيميل دوركايم الظاهرة الاجتماعية من خلال دراستها دراسة تجريبية قائمة أساسا على تحديد
خصائصها، والعوامل التي تتحكم فيها وأهم الخصائص :
الظاهرة الاجتماعية خارجة عن شعور الأفراد، ذلك أنهم ليسوا هم من خلقها، لأن الفرد يولد ويجد المجتمع كاملا أمامه بعاداته وأعرافه وقوانينه وهو يخضع لها فالدين مثلا سابق عن وجود الفرد المؤمن فهو يجده تام التكوين منذ الولادة ،يقول دوركايم ": لما كان هذا العمل المشترك يتم خارج شعور كل فرد منا فإنه يؤدي بالضرورة إلى تثبيت وتكريس بعض الضروب الخاصة من السلوك والتفكير، وهي تلك الضروب التي توجد خارجة عنا، والتي لا تخضع لإرادة أي فرد منا على حدة." أي أن دوركايم يؤكد على أن علم الإجتماع ما كان له أن يوجد إلاّ عندما شعر المفكرين بأن الظواهر الاجتماعية أشياء ذات وجود حقيقي وبأنه يمكن دراستها حتى وإن لم تكن أشياء مادية بمعنى الكلمة. يقول دوركايم :" إن الظواهر الإجتماعية أشياء ويجب أن تدرس على أنها أشياء، وإذا أردنا البرهنة على صدق هذه القضية فلسنا في حاجة إلى دراسة طبيعة هذه الظواهر دراسة فلسفية ". ويوضح دوركايم معنى الشيئية بقوله :" إننا لا نقول في الواقع أن الظواهر الاجتماعية أشياء مادية، ولكننا نقول إنها جديرة بأن توصف بأنها كالظواهر الطبيعية تماما…، ومعنى أن نعتبر الظواهر الاجتماعية على أنها أشياء هو دراستها بنفس الطريقة التي تدرس بها الظواهر الطبيعية، أن نتحرر من كل فكرة سابقة حول هذه الظواهر، وأن تأتي معرفتنا بها من الخارج عن طريق الملاحظة والمشاهدة، وليس من الداخل عن طريق التأمل والاستبطان، وليس معنى أننا نعالج طائفة خاصة من الظواهر على أنها أشياء هو أننا ندخل هذه الظواهر في طائفة خاصة من الكائنات الطبيعية، بل معنى ذلك أننا نسلك حيالها مسلكا عقليا خالصا، أي أننا نأخذ في دراستها وقد تمسكنا بهذا المبدأ الآتي، وهو أننا نجهل كل سيء عن حقيقتها، وأننا لا نستطيع الكشف عن خواصها الذاتية وعن الأسباب المجهولة التي تخضع لها عن طريق الملاحظة الداخلية مهما بلغت هذه الطريقة مبلغا كبيرا من الدقة. وهكذا يعتبر دوركايم أن التحرر من كل فكرة سابقة وتفسير الاجتماعي بالاجتماعي واعتبار الظواهر الاجتماعية كأشياء هي مقومات الأسلوب العلمي الوضعي القائم على الوصف والتحليل ومنطق المقارنة، فلا يقيم وزنا للتخيل والتأمل والاستبطان الداخلي والآراء الذاتية.
كما نجده أيضا تماتز بأنها ظاهرة إلزامية جبرية، والأفراد والجماعات ملزمون بتطبيقها ومن يخالفها يتعرض للعقاب يقول دوركايم :" لست مجبرا على استخدام اللغة الفرنسية كآداة للتخاطب مع أبناء وطني، ولست مضطرا إلى استخدام النقود الرسمية، ولكن لا أستطيع إلاّ أن أتكلم هذه اللغة وإلاّ أن أستخدم هذه النقود ولو حاولت التخلص من هذه الضرورة لباءت محاولتي بالفشل."
هذا ونجدها ظاهرة جماعية تتمثل فيما يسميه دوركايم بالضمير الجمعي، أي انها لا تنتسب لأي فرد من الأفراد ولا إلى جماعة من الأفراد، فهي تلقائية عامة يشترك فيها جميع الأفراد، وتتكرر مدة طويلة من الزمن.
كما تمتاز بأنها حادثة تاريخية تعبر عن لحظة من لحظات تاريخ الاجتماع البشري، فالعادات والمعتقدات والشرائع التي يتناقلها النشء عن الأجداد هي أساس التراث الاجتماعي
وهكذا توصل دوركايم إلى محاولة تفسير الظاهرة الاجتماعية تفسيرا وضعيا علميا مبتعدا عن الدراسات الفلسفية.
أما فيما يخص الظاهرة النفسية فترتبط الدراسات العلمية في مجال الدراسات السيكولوجية بإمان علماء النفس بان الموضوعية ليست حكرا على العلوم التجريبية، وقد كانت للفيزيولوجية آثارا على علم النفس، وتجسدت المبادرة الأولى مع المدرسة السلوكية بزعامة الأمريكي واطسن الذي استفاد من التجارب التي قام بها العالم الفيزيولوجي الروسي بافلوف المتمثلة في :
" أخذ بافلوف كلبا وأجرى عليه عملية تشريحية بعد أن ثبت أطرافه كلها، وأحظر أدوات لالتقاط قطرات اللعاب وقياس مقداره، فكان يقدم له الطعام ليستثير سيلان اللعاب، ولاحظ أن هذ الأخير – اللعاب- يأخذ في السيلان عند الحيوان بمقدار معين عندما يضع على لسانه قطعة من اللحم المجفف، وكان في الوقت الذي يقدم فيه الطعام يقرع الجرس، وبعد أن كرر التجربة مرات لاحظ أن قرع الجرس وحده كفيل باستثارة سيلان اللعاب، وقد اختار مصطلح المنعكس الشرطي ليؤكد وجود منعكس تكون فيه الاستجابة مرتبطة بمؤثر، وقد سمى بافلوف دراسته هذه بفيزيولوجيا الدماغ." هذه المبادرة التي قام بها بافلوف أثارت اهتمام الباحثين السيكولوجيين في فهم كل عمليات التعلم من عادة وتذكر وإدراك، الشيء الذي فتح أفاق جديدة في دائرة الدراسات النفسية مع واطسون الذي رفض أن يعنى علم النفس بدراسة المفاهيم الفلسفية والتأملية كالشعور،والتفكير والعقل داعيا إلى حذف الاستبطان باعتباره المنهاج المعتمد في دراستها، وأن كل ما قام به التركيبيين هو أنهم استبدلوا كلمة الروح الميتافيزيقية بكلمة الشعور التي تحاكيها غموضا وتماثلها في أنها غير محسوسة وغير قابلة للقياس الشيء الذي جعل الشعور غير قابل للدراسة العلمية،يقول واطسون ": إن علم النفس كما يرى السلوكي فرع موضوعي وتجريبي محض من فروع العلوم الطبيعية هدفه النظري التنبؤ عن السلوك وضبطه "… " ويبدو أن الوقت قد حام ليتخلص علم النفس من كل إشارة إلى الشعور."هذا ما جعل واطسون يدعو إلى أن تكون مهمة علم النفس دراسة السلوك باعتباره استجابة أو رد فعل على المنبهات التي تنصب عليها من جهة والتنبؤ بالسلوك وضبطه من جهة أخرى، فالسلوك كما هو معروف أفعال قابلة للملاحظة والقياس،وهو ما يجعله أساسا صالحا لأن يكون لأن يكون موضوعا لعلم النفس " فإذا لم تكن قادرا على رؤية ما تدرسه وتقيسه إنسَهُ"، كما أكد واطسون على قيمة البيئة في السلوك وتشكيله وقلل من شأن السلوك الغريزي إن لم ينفه إطلاقا،فالإنسان صُنعة البيئة والتنشئة حتى إنه بضبط البيئة والتحكم فيها يمكن أن يجعل المربي من أي طفل أي شخصية يريد لهذا فإن التعلم أهم عامل محدد للسلوك.
النتائج التي وصلت إليها الطريقة السلوكية فتحت أفاقا جديدة في مجال الدراسات النفسية وظهرت مناهج متعددة لتفسير الحادثة النفسية، وتوسعت ميادين علم النفس " علم النفس الطفل، الاجتماع، الحيوان،… إلخ " فتمكن علم النفس من تجاوز العقبات والعوائق وبلوغ الموضوعية وظهرت فيه المناهج والنماذج التفسيرية الحديثة.
النقد هذه الدراسات التي قام بها العلماء سواء في الظاهرة التاريخية أو الاجتماعية وحتى النفسية جعلت العلوم الإنسانية تتغنى بالصفة العلمية لكن تحقيق الموضوعية في الظاهرة التاريخية غير قابل للتحقيق لأن التجرد من العواطف في دراسة التاريخ صعب المنال والأخذ بالمبادرة الشخصية أم ممكن واضطراري لأنه إنسان له مشاعر يشارك بها غيره.الشيء الذي يفتح المجال للاجتهاد الشخصي، وما لجوء المؤرخ إلى خياله لملأ الفجوات التي تصادفه عند بناء الحادثة التاريخية وترتيبها إلاّ دليل على عدم تحقيق الموضوعية، لأن العاطفة سوف تتدخل هنا.
كما أن النظر إلى الظاهرة الاجتماعية من الخارج يمكن من الوصل إلى حقيقتها، لكن ما يعاب على دوركايم هو عدم تمييزه بين الظاهرة الفيزيائية والظاهرة الاجتماعية، ذلك أنهما ليسا من طبيعة واحدة، فالظاهرة الشعورية ليست هي نفسها ظاهرة انصهار المعادن، كما الظاهرة الاجتماعية ليست خاصة. إضافة إلى ذلك رغم الجهود التي بذلها علماء النفس في المجال المنهجي، لأن النتائج التي توصلوا إليها ليست ثابتة، كما أن الحادثة النفسية ليست سلوك يتم بطريقة آلية خاضعة لتأثير المنبه، لأنه شعور لا سلوك، وهذا الأخير لا يمكن دراسته دراسة كمية قابلة للقياس، لأنه يُعرَف ولا يُعَرف ويمتاز بالديمومة لا الانفصال
التركيب وعليه يمكن القول إن الباحث في العلوم الإنسانية لا بد أن يكون متأثرا بأحواله الخاصة سواء كان عالما في التاريخ أو علم النفس او علم الاجتماع نتيجة الخصوصية التي تمتاز بها أي ظاهرة مرتبطة بهذه الظاهرة، لكن في مقابل ذلك نجد أن المنطق العلمي الحديث أعطى للظواهر الإنسانية ميزة علمية من شأنها أن تضع هذه الأخيرة في مصف العلوم لأنها لم تعد ترفا فكريا وثقافيا يمكن الاستغناء عليه،كون العلوم الإنسانية أصبحت لها أهمية قصوى في عالمنا الراهن والذي طغت عليه المادة، ذلك أن الإنسان أبح بإمكانه معرفة نفسه بنفسه، وتحقيق الرفاهية والتقدم بالبحث عن مشكلات الإنسان ووضع حلول إيجابية لها.
في الأخير يمكن القول أن الدراسات العلمية على الظاهرة الإنسانية مرتبطة بالمنهج المتبع وتكييفه حسب الطبيعة الظاهرة الإنسانية، وبالتالي يمكن للدراسات القائمة في مجال العلوم الإنسانية من أن تخلع على نفسها صفة العلم بالمفهوم الذي ينطبق مع خصوصيات ميدانها، الشيء الذي جعلها – العلوم الإنسانية – تبرهن على أنها قادرة على تجسيد صفة الموضوعية ولو بنسبة معينة على مستوى معرفة الإنسان لنفسه وتعزيز هويته والرضا بتعايشه مع غيره انطلاقا من الماضي كقاعدة أساسية.
التحميل من الرابط التالي