أريد موضوع الامتحان للسنة الثالثة أدب في السيميولوجيا للاستاذ عدلان للسنة الماضية الان
http://www.ouarsenis.com/vb/showthread.php?t=43889
اظن هذا
بالتوفيق
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إليكم في هذا الموضوع تحميل كتاب:
الأسلوبية وتحليل الخطاب
لصاحبه منذر عياشي
للتحميل إضغط هنـــــا
منقول للفائدة
بارك الله فيك أختنا كلثوم والله دكرتنا بأيام السنة الثالثة جامعي thank you
رحم الله والديك اختنا الفاضلة
ام كلثوووم .
السلام عليكم اختي ام كلثوم…..مشتاقة اليك
في الحقيقة لدي بحث على اتمامه خلال الايام القادمة واجد صعوبة في المام المعلومات حوله هو عن مبدا التعاون لبول
غرايس كما اني لم اجد اي تعريف لصاحب النظرية غرايس
لذا ان امكن ان تساعديني
وشكرااا لك…
ام كلثوم لما لا تجيبي.!!!!!!!!!
أهلاً حنان، إن شاء الله تكوني بخير
بالنسبة للبحث سأبحث معك إن شاء الله، لا تقلقي
بالتوفيق
شكرا جزيلا لك ………
المهم ام كلثوم ..لقد فقدت اسمك الخاص في ..
لدا رجاءااا اعيدي ارسال رسالة لي
لاني لم احفضه
اتفقنا
شكرا جزيلا لك ………
المهم ام كلثوم ..لقد فقدت اسمك الخاص في .. لدا رجاءااا اعيدي ارسال رسالة لي لاني لم احفضه اتفقنا |
بعد لحظات إن شاء الله ستصلك رسالة
شكرااا عزيزتي….
الان عليا المغادرة غدا ان شاء الله لدي الكثير لاقوم به
تصبحين على خيرونوم العوافي
غدا ساراسلك
شكرااا عزيزتي….
الان عليا المغادرة غدا ان شاء الله لدي الكثير لاقوم به تصبحين على خيرونوم العوافي غدا ساراسلك |
وأنت من أهل الخير
ليلة سعيدة
مساء النورام كلثوم هاديك راني انا …..فهمتيني
السلام عليكم
* قواعد التخاطب في تحليل التراكيب التَداوليّة
يقوم التخاطب على عدة مبادئ تَداوليّة، كل مبدأ منها يضم مجموعة من القواعد التي تضبط العمليّة التخاطبية، ومن هذه المبادئ* "مبدأ التعاون" المعروف بـ "الجانب التبليغي"، والمبدأ الثاني مبدأ التأدب" المعروف بـ "الجانب التهذيبي". والثالث "مبدأ القصد"، والرابع "مبدأ الإفادة". ستتناول الدراسة قواعد التخاطب من ناحية نظرية، وأخرى تطبيقية.
————————
* لا بدّ من الإشارة إلى أن المبادئ الأخرى تقوم على جوانب ليست بالأهمية التي يقوم عليه الجانبان "التبليغي والتهذيبي" والمبادئ الثلاثة، هي: "مبدأ التواجه واعتبار العمل" ، و" مبدأ التأدب الأقصى واعتبار التّقرُّب"، و "مبدأ التصديق واعتبار الصدق والإخلاص" .
فـ "مبدأ التواجه واعتبار العمل" قائم على مفهومين أساسيين، أحدهما مفهوم "الوجه"، والثاني مفهوم " التهديد".
فالوجه هو عبارة عن الذات التي يدعيها المرء لنفسه والتي لا يريد أن تتحد بها قيمته الاجتماعية، وهو على ضربين وجه دافع سلبي يريد المرء به أن لا يعترض الغيرُ سبيل أفعاله، ووجه جالب إيجابي يريد المرء به أن يعترف الغير بأفعاله، فتكون المخاطبة هي المجال الكلامي الذي يسعى فيه كل من المتكلم والمخاطب إلى حفظ ماء وجهه و وجه مخاطِبه. أمّا التهديد فهو الأقوال التي تعوق بطبيعتها إرادات المستمع المتكلم في دفع الاعتراض وجلب الاعتراف.
أمّا "مبدأ التأدب الأقصى واعتبار التّقرُّب" فإنّه مكمل لـ"مبدأ التعاون" فلا داعي لذكره هنا بشكل مفصل، ويصوغ مبدأه في صورتين اثنتين: إحداهما سلبية هي: "قلِّل من الكلام غير المؤدب"، والثانيّة إيجابيّة هي: "أكثِر من الكلام المؤدب.
أمّا مبدأ "التصديق واعتبار الصدق والإخلاص" فيصاغ هذا المبدأ على النحو الآتي "لا تقل لغيرك قولا لا يصدِّقه فعلك"؛ إذ ينبني هذا المبدأ على عنصرين اثنين: أحدهما، نقل القول الذي يتعلق بالجانب التبليغي، والثاني، تطبيق القول الذي يتعلق بالجانب التهذيبي "
انظر عبد الرحمن، طه.اللسان والميزان أو التكوثر العقلي.ط1.المركز الثقافي العربيّ، 1998.ص243-246.
أولا – مبدأ التعاون
ورد نصّ هذا المبدأ في اللّسانيات الحديثة عند الفيلسوف الأمريكي (بول غرايس) ذكره أوّل مرّة في دروسه المعروفة في "محاضرات في التخاطب"، ثم ذكره في مقالته الثانية "المنطق والتخاطب" وصيغة هذا المبدأ هي(1) "ليكن انتهاضك للتخاطب على الوجه الذي يقتضيه الغرض منه*.
وقد نقل لنا طه عبد الرحمن(2) عن (غرايس) "أن هذا المبدأ يوجب أن يتعاون المتكلم والمخاطب على تحقيق الهدف المرسوم من الحديث الذي دخلا فيه، وقد يكون هذا الهدف محدّدا
قبل دخولهما في الكلام أو يحصل تحديده أثناء هذا الكلام".
ويرى شاهر الحسن(3) أنّ المعنى المقصود من العبارة يبنى على الاستنتاج، فإذا كان المعنى المستنتج معلومًا للمتكلم والمخاطب فإن هذا الاستنتاج يدخل في إطار الافتراض المسبق، أما إذا كان المعنى المستنتج غير معروف للمخاطب مسبقًا فإن الاستنتاج يدخل في إطار تضمن المحادثة الذي ربطه (غرايس) بمبدأ التعاون.
————————
1- عبدالرحمن، طه.اللسان والميزان أو التكوثر العقلي.ط1. المركز الثقافي العربيّ،1998، ص243-246.
وترجمته فرانسواز بـ "قم بمساهمتك في التواصل، بالطريقة التي يتخذها الهدف التواصلي، المخوض في الفترة اللازمة، انظر أرمينكو، المقاربة التَداوليّة ، ص 53 و ترجمه عادل فاخوري بـ "اجعل مشاركتك على النحو الذي يتطلبه، في مرحلة حصولها، الغرض أو المآل المُسلم به من التخاطب المعقود" انظر فاخوري ، عادل. الاقتضاء في التداول اللّساني، ص 146 ، وترجمه صلاح إسماعيل بـ "اجعل إسهامك التخاطبي كما يتطلبه- عند المرحلة التي يحدث فيها – الغرض أو الاتجاه المقبول لتبادل الكلام الذي تشارك فيه".انظر إسماعيل، صلاح. النظرية القصدية. ص 87، وفي الموسوعة اللغوية ورد بصيغة "اجعل إسهامك بقدر ما هو مطلوب، في المرحلة التي يحدث فيها، من خلال الغاية المقبولة للمناقشة التي تجريها" انظر جيغري ليش، و جيني توماس الموسوعة اللغوية، المجلد الأول. ( االلغة والمعنى والسياق، البراغماتية المعنى في السياق). ص180.
2- عبد الرحمن، طه. اللسان والميزان، ص238.
3-الحسن، شاهر. علم الدلالة السمانتيكية والبراجماتية في اللغة العربيّة ، ص 168-169.
ويرفض (جيفري ليش)(1) ما يعتقده العديد من المعلقين أن مبدأ التعاون عند (غرايس) مبني على نزعة إنسانية تعاونية. ويرى أن مبدأ التعاون هو ببساطة وسيلة لشرح كيفية وصول الناس للمعاني.
لقد استعمل (غرايس) مصطلح "المعنى الضمني"(2) للحديث عما يمكن أن يوحي به المتكلم فوق ما يصرح به ظاهر كلامه، والمعنى الضمني يعتمد أساسا على مبدأ عام يسمى مبدأ التعاون.
إن الهدف من مبدأ التعاون الذي وضعه (غرايس) أنّه أراد أن يضع ضوابط يحقق بها المتكلم فائدة للمخاطب، أو يقيس بها المحلل مدى تحققها اعتمادًا على تمسك المرسل بها.
وبما أن مبدأ التعاون يهدف إلى غاية تبليغية نقصدها من وراء خطابنا وترتكز بشكل أساسي على دور المتكلم، وما يقدمه من معلومات تساعد مخاطبه على إدراك ما ينوي قوله، أو ما تقوله كلماته .
فلا شكّ أن العمليّة التواصليّة تحتاج إلى شيء من البحث الدقيق الجاد، فمن المعروف أن مبدأ التعاون هو ما أسماه (غرايس) بـ "حكم المحادثة"، الذي يفترض أن يكون هناك متكلم ومخاطب و عناصر أخرى- قد تكون استدلالية – تساهم في إتمام العمليّة التواصليّة.
————————————-
1- انظر الموسوعة اللغوية، المجلد الأول. ( االلغة والمعنى والسياق، البراغماتية المعنى في السياق) جيغري ليش و جيني توماس. ص179-181.
2- بروان، ويول. تحليل الخطاب. ترجمة محمد الزليطي، ومنير التريكي، جامعة الملك سعود. ط1. 1997م. ص 40.
و أدرك (غرايس)(1) أن هناك حالات كثيرة يخفق فيها الناس في مراعاة القواعد واحترامها، وقد ينشأ هذا الإخفاق عن تعمد الكذب وخداع الآخرين أو عدم القدرة على التعبير عن المقاصد من وراء الكلام تعبيرًا واضحًا. ولكنه صبّ جلّ جهده على الحالات التي يعجز فيها المتكلم عجزًا بينًا عن ملاحظة القواعد رغبة منه في حثِّ السامع على أن يلحظ معنى إضافيًا يختلف عن المعنى الذي تعبر عنه كلماته. هذا ويتحقق الاقتضاء التخاطبي بطريقتين: الطريقة الأولى هي الامتثال لقواعد التخاطب ومراعاتها، أمّا الطريّقة الثانيّة فهي الخروج على قواعد التخاطب وكسرها.
1 – قاعدة الكم
تعدّ "قاعدة الكم" القاعدة الأولى من قواعد التخاطب التي وضع أسسها (غرايس)؛ إذ تنص هذه القاعدة على أن تكون المساهمة إخباريّة دون زيادة أو نقصان، أي تقديم المتكلم المعلومة لمخاطبه بالقدر المطلوب. وإذا تعدّى ذلك بالزيادة أو النقصان أدى تعديه إلى خرق هذه القاعدة. هذا وقد وجدت هذه القاعدة صدى لها واستعمالا لدى الدارسين، ومن هؤلاء:
(شاهر الحسن) في كتابه "علم الدلالة السمانتكية والبراجماتية في اللغة العربيّة" وقد جاء ذكرها عنده كما يأتي(2) : "أن تكون مساهمة المتخاطبين بالقدر الكافي دون زيادة أو نقصان*"
———————
1- إسماعيل، صلاح. النظرية القصدية في المعنى عند بول جرايس.حوليات الآداب والعلوم الاجتماعية، الحولية الخامسة والعشرون، الرسالة الثلاثون بعد المئتين.200م، ص 89.
2- شاهر الحسن، علم الدلالة السمانتكية والبراجماتية في اللغة العربيّة، ص 169.
* (جيفري ليش) في " اللغة والمعنى والسياق" وجاء ذكرها كما يأتي(2): "اجعل إسهامك إخباريًا بقدر ما هو مطلوب لغرض المحادثة الجارية، ولا تجعل إسهامك أكثر مما هو مطلوب" جيفري ليش، اللغة والمعنى والسياق، ص 180. ( فيليب بلانشيه) في كتابه "التَداوليّة من أوستن إلى غوفمان"، الذي ذكرها على النحو الآتي(3): "تقول ما هو ضروري بالضبط ولا تزيد أكثر مما هو ضروري" انظر فيليب بلانشيه، التَداوليّة من أوستن إلى غوفمان، ص84. ( دومينيك) في كتابه "المصطلحات المفاتيح"، وقد أطلق عليها " الحكم الحديثية" ومن تلك الحكم "التحلي بالصدق(4)" انظر دومنيك، المصطلحات المفاتيح، ص33( صلاح إسماعيل) في كتابه ( النظرية القصدية في المعنى عند "جرايس")، إذ ترتبط مقولة الكم لديه بكمية المعلومات التي يجب تقديمها في التخاطب وتتحقق بقاعدتين "الأولى – اجعل إسهامك التخاطبي بالقدر المطلوب بغية تحقيق الأغراض الحالية للتخاطب"، والثانية –" لا تجعل إسهامك التخاطبي إخباريًا أكثر مما هو مطلوب(5)" انظر صلاح إسماعيل، النظريةالقصدية في المعنى عند جرايس، ص 88.
وتتضح كمية المعلومات التي يقدمها الرضيّ لمخاطبه لاستمرار العملية التواصلية في قوله(1):"..وقد تعطف مضارعا على مضارع، وهو قليل نحو: أقوم، لا أقعد، والمجوّز: مضارعته للاسم، فكأنك قلت: أنا قائم لا قاعد".
فسر الرضيّ قلة هذا (أي عطف المضارع على المضارع بلا النافية) ومخالفته على أساس أن التبليغ بالجملة الاسمية، التي تفيد الإثبات ساعة التكلم، غير التبليغ بالمضارع الذي من شأنه أن يفيد تزجية الحدث شيئا فشيئًا، أو أن الحدث مما هو نعت، ووقوعه على نحو متكرر يمكن أن يحمل هذا على "مبدأ التعاون".
وفي موطن آخر يقول الرضيّ(2): "فلا تقول: جاءني العبد كله، وذهب زيد كله، فإن أجزاء العبد لا تفترق بالنسبة إلى المجيء، بأن يجيء بعض منه، ولا يجيء الباقي. فعلى هذا القياس: لا يقال: اختصم الزيدان كلاهما، لأن (الزيدان) لا يصح افتراقهما بالنظر إلى الاختصام، إذ هو لا يكون إلا بين اثنين أو أكثر، فلا يصح أن يقال اختصم زيد وحده".
فسر الرضيّ عدم جواز التركيب (جاءني العبد كله، وذهب زيد كله)- من حيث تضمنه التوكيد بـ ( كل)- بالاستناد إلى ما هو متعارف عليه بين أبناء البيئة اللغوية بأن أجزاء العبد لا تفترق بالنسبة إلى المجيء والذهاب وهذا أمر يفترض- تداوليًا – أن كلاً من المرسل والمتلقي في البيئة الواحدة يعلمه ويبني على أساسه كلامه التبليغي.
السلام عليكم
* قواعد التخاطب في تحليل التراكيب التَداوليّة يقوم التخاطب على عدة مبادئ تَداوليّة، كل مبدأ منها يضم مجموعة من القواعد التي تضبط العمليّة التخاطبية، ومن هذه المبادئ* "مبدأ التعاون" المعروف بـ "الجانب التبليغي"، والمبدأ الثاني مبدأ التأدب" المعروف بـ "الجانب التهذيبي". والثالث "مبدأ القصد"، والرابع "مبدأ الإفادة". ستتناول الدراسة قواعد التخاطب من ناحية نظرية، وأخرى تطبيقية. ———————— أولا – مبدأ التعاون ———————— ————————————- و أدرك (غرايس)(1) أن هناك حالات كثيرة يخفق فيها الناس في مراعاة القواعد واحترامها، وقد ينشأ هذا الإخفاق عن تعمد الكذب وخداع الآخرين أو عدم القدرة على التعبير عن المقاصد من وراء الكلام تعبيرًا واضحًا. ولكنه صبّ جلّ جهده على الحالات التي يعجز فيها المتكلم عجزًا بينًا عن ملاحظة القواعد رغبة منه في حثِّ السامع على أن يلحظ معنى إضافيًا يختلف عن المعنى الذي تعبر عنه كلماته. هذا ويتحقق الاقتضاء التخاطبي بطريقتين: الطريقة الأولى هي الامتثال لقواعد التخاطب ومراعاتها، أمّا الطريّقة الثانيّة فهي الخروج على قواعد التخاطب وكسرها. وتتضح كمية المعلومات التي يقدمها الرضيّ لمخاطبه لاستمرار العملية التواصلية في قوله(1):"..وقد تعطف مضارعا على مضارع، وهو قليل نحو: أقوم، لا أقعد، والمجوّز: مضارعته للاسم، فكأنك قلت: أنا قائم لا قاعد". |
بارك الله فيك اخي مروان على المساعدة …جزاك الله الف خير
تاريخ الأندلــس وآدابها
هذا موضوع تاريخي وأدبي واتيت به جمعا بهما وغايتي أدبية ولكن التاريخ يظل ملتصقا يهذه المادة الادبية . . .
الموضوع هو الاندلس التي كانت صرح إسلامي عربي قويم في البلاد الاوربية ومازال أطلال تلك الدولة موجودة في قرطبة واشبيلة والجزيزة التي تسمى ( طريف) نسبه الي طريف بن مالك التميمي وايضا من ناحية الصناعة الهندسية التي تشبه بشكل كبير أحياء المنطقة الشامية ونرى ذلك في مدينة قرطبة وتكفي نصوص الشاعر الاندلسي أبو البقاء الرندي في اثبات ذلك حين رثاها في قوله
لكل شيء إذا ماتم نقصــــان فلا يغر بطيب العيش انسان
هي الامور كما شاهدتها دول من سره زمن ساءته أزمـان
إلى قوله . . .
دهى الجزيرة أمر لاعــــــــزاء له هوى له آحد وانهدٌ ثهــــــلان
أصابها العين في الاسلام فارتزأت حتى خلت منه أقطار وـــبلدان
فاسأل بلنسية ماشأن مرســـــــية وأين شاطبة أم أين جيٌـــــــان
وأين قرطبة دار العلوم فكـــــــــم من عالم قد سما فيهما له شان
وأين حمص وماتحويه من نـــزه ونهرها العذب فيٌاض ومـــلآن
إلى آخر الابيات . . .
فهذا قول شاعر قد رأى أنقاض هذه الدولة ورثاها وتذكر صفات كل مدينة ولو لم يثبت للبعض كلام هذا الشاعر فلينظر الى ذلك القصر الذي يوجد بقرطبة والتصميم الاسلامي الموثق والذي أصبح الآن ضمن قائمة العنواين السياحية . . . وسقطت الدولة الاندلسية لأنشقاق هذه الدولة في أواخر عهدها وترك زمام الامور السياسية في أيدي العابثين وانصرافهم الى الشهوات وعن الدين القويم . . . لعل البعض يقول لماذا نردد الماضي وقد ولى؟ الاجابة أن الماضي هو أساس للشخص فأنت يستقبحك الناس أو يستحسنوك لما مضى من أفعالك وأيضا على كل شخص ان يقف على ماضي جنسه ولو قيل لايهم فلننظر الى اسس الدين الاسلامي التي تعود الى آلاف السنين ولكن نقوم عليها الى اليوم فالمسألة بالنسبة للمسلم تقوم على الماضي لذا علينا ان نسترجع الماضي لنقوم ونعمل به اليوم ونطوره في الغد المشرق إن شاء الله . . . :
وفي العام التالي أرسل موسى بن نصير مولاه طارق بن زياد ومعه 700 من البربر ليس فيهم إلا 300 من العرب ونزل هذا الجيش عند جبل كلبه الذي سمي بعد ذلك بجبل طارق
. . . والتقى الجيش الاسلامي بالقوطي الذي بلغ عدة الاول 12000 بعد إمداده والثاني 40000إلى 100000 . . . وظفر الجيش الاسلامي على جيش لذريق بعد معارك دامت 8 أيام وبعد ذلك زحف طارق بن زياد بجيشه فاتحا المدن القوطية حتى وصل الى العاصمة طليطلة. . .
وفي العام التالي جهز موسى بن نصير جيشا تحت قيادته بلغت عدته 100000 جندي وفارس معظمهم من العرب وفتح اشبيليه والتقى بجيش طالرق بطليطلة وفتحا دول الفرنجة الباقية واحدة تلو الاخرى . . .
الشاميون: هم الذين بعث بهم الخليفة هشام بقيادة بلج بن بشر لاخماد ثروات البربر
البربر: هم الذين عبروا الجزيرة مع طارق بن زياد
المسالمة: هم الاسبان الذين اعتنقوا الدين الاسلامي بكل مضامينه
المستعربون: هم الاسبان الذين أخذوا من الاسلام الثقافة دون الدين
الصقالبة: هم طبقة العبيد الذين كان يجلبهم تجار الرقيق لبيعهم
عجم الاندلس: هم الذين بقيوا على ديانتهم وثقافتهم وهم أصحاب الذمة
اليهود: هم الذين كانوا يعاملون معاملة العبيد وجاؤ المسلين فحرروهم
العهود التي مرت بها الاندلس سياسيا
عهد الفتح من 92هـ إلى 95هـ
عهد الولاة من 95هـ إلى 138هـ
عهد الامارة من 138هـ إلى 316هـ
عهد الخلافة من 316هـ إلى 400هـ
عهد الطوائف من 400هـ إلى 484هـ
عهد المرابطين من 484هـ إلى 620هـ
مملكة غرناطة من 620 إلى 897هـ
1-الخطابة الأندلسية :
وقد احتل هذا الفن مناللحظة الأولى التي دخل فيها العرب الأندلس مكانة مرموقة، والغرض عندالأندلسين من الخطبة كما هو عند المشارقة يتمثل في إيقاظ نار الحماسة وبثروح الجهاد ، ونشر الدين وإخضاع الأقاليم حيث تمثل الأمراء والحلفاء فصاحةاللغة وعمق البيان واتسمت هذه الخطبة بالسمات التالية:
آ- سهولة العبارة . ب- البعد عن السجع.
ج- الجريان مع الطبع. د- القدرة على التأثير.
هـ- الايجاز والبلاغة. و- وضوح المعاني.
"الوليد بن عبد الرحمن بن غانم- عبد الله الفخّار- القاضي أبو الحسن منذر بن سعيد البلوطي".
2-فن الترسل الأندلسي:
كما ترسم الأندلسيونخطا المشارقة في الخطابة، حذوا حذوهم في فن الترسل فكتبوا رسائلهم تبعاًللأحوال السياسية والاجتماعية والأدبية وقد برز لديهم نوعان من الرسائل:
الأول: الرسائل الديوانية: وتختص بمكاتبات الملوك والأمراء وما يتعلق بشؤون الخلافة من عزل أو تعيين حاكم أو إصدار مرسوم.
الثاني: الرسائلالأدبية: وقد برع فيها الأندلسيون واحتوت على المناظرات والمناقشات والقصصالخيالية ، ورسائل الاستعطاف والهجاء الساخر ابن زيدون في رسالته (الجديةوالهزلية).
وكتب في المناظرات بين السيف والقلم (ابن برد الأصلع، وكتب رسالة (التوابع والزوابع) لابن شهيد.
وأهم ما كتب في الفلسفة (حي ابن يقظان) لابن طفيل.
3- التأليف والتصحيف الأندلسي:
وقد اتسعت أبوابه عندما توفقت ينابيع العلم والثقافة عندما بدأ الأندلسيون يؤطرون للعلوم الطبيعة والفلسفة.
فكتب ابن سيده كتاب (المخصص) في معاني الألفاظ، وكتب الزهراوي في الطب والصيدلة (التنضيف) وصنف ابن حزم (طوق الحمامة) في فلسفة الحب، وكتب لسان الدين بن الخطيب (الإحاطة في تاريخ غرناطة) وكتب الأدريسي في الجغرافيا (نزهة المشتاق فياختراق الآفاق) وابن بسام الأندلسي (الذخيرة في محاسن الجزيرة) وكتب ابنعبد ربه في الأدب (العقد الفريد). وكتب ابن عصفور في فن الصرف.
أبرز أعلام الأدب الأندلسي
إذا كان الأدبالأندلسي فم يعدُ أن يكون امتداداً لأدب المشارقة فإنه قد برز فيه مجموعةمن الشعراء والأدباء تركوا أثراً بارزاً في الحياة الثقافية الأندلسيةوالعربية وبقيت أسماؤهم أعلاماً متميزة كابن هانئ وابن شهيد وابن خفاجةوالمعتمد بن عباد ولسان الدين الخطيب.
آ- ابن هانئ:
علمٌ من أعلاف الأدبالأندلسي، ولد في اشبيلية عام (326هـ) وتوفي في مخموراً مقتولاً في المغربالعربي عام (362هـ) ولم يتجاوز السادسة والثلاثين .
ب- ابن شهيد الولادة (382هـ):
ولد أحمد بن أبيمروان بن شهيد في أسرة شريفة في مدينة قرطبة، وقد كان كاتباً وشاعراً،طريفالمعشر، يهوى النكتة والدعابة، ويحب مجالس الأنس قرّبه إليه حاكم قرطبةالمؤتمن، كتب في المدح والوصف والغزل، له باع طويل في النثر فقد كتب رسائلعدة في الحلواء ورسالة في وصف البرد والنار وأهم رسائله (التوابعوالزوابع) كتبتها على غرار رسالة الغفران للمعري وقد امتاز شعره ونثرهببراعة الأسلوب وسعة الاطلاع والميل إلى القصص والفكاهة و شاكل في شعرهالجاحظ وابن المقفع، واتسم نثره بالسجع توفي عام (426هـ).
ج- المعتمد بن عباد:
أشهر ملوك الطوائف،والده المعتضد بالله ولد عام (431هـ) وتولى ملك اشبيلية عام (461هـ) استوزر ابن عماد الشاعر وأكرم الأدباء والعلماء وبلغ مكله إلى مرسية.
استنجد بيوسف بنتاشفين بعد أن هدده ألفونس السادس فدخل ابن عاشفين الأندلس وطردالقشتاليين وضم الأندلس إلى ملكه، وسجن المعتمد في سجن (أغمات) قرب مراكش.
توفي المعتمد في السجن عام (488هـ.
اتخذ الشعر أداةللتعبير عن مشاعره، فوصف الطبيعة والخمر والملاهي، وكتب في الغزل، وأحبّالمعتمد (اعتماد الرميكية) وتزوجها وعاش أيامه الأخيرة شجيناً في أغماتكما عاش أبو فراس سجيناً في (خرشنة).
د- ابن خفاجة:
ولد ابراهيم في جزيرة (شُقر) البلنسية عام 454هـ.
وعاش في أيام ملوكالطوائف يمكن على اللهو وكتب شعراً ونثراً في المدح والرثاء والشكوىوالوصف وأولع بجمال الطبيعة الأندلسية وقد شخّص هذه الطبيعة فأحالها إلىنفوس ذات إحساس تنطق وتشكو. من ذلك قولي في وصف الجبل:
وأرعن طماح الذوابة باذخ يطاول أعنان السماء بغارب
وقورٌ على ظهر الفلاة كأنّه طوال الليالي مفكر في العواقب
أسخط إليه وهو أخرس صامتٌ ليل السرى العجائب
وقد قلّد ابن خفاجة في نثره ابن العميد وبديع الزمان الهمذاني والتزم السجع والمحسنات اللفظية:
هـ- لسان الدين الخطيب:
ولد محمد بن عبد اللهبن سعيد السلماني في غرناطة (713هـ) وأكبّ على العلم وصاحب العلماءوالأدباء فدرس اللغة والأدب والفلسفة والطب وعمل وزيراً لأبي الحجاج يوسفملك غرناطة ثم لابنه.
اتهمه حسّادهبالزندقة، وقتل في سجن فاس ومن مؤلفاته (الاحاطة في تاريخ غرناطة) وفي (الحلل المرموقة) وكتاب الأعلام فيمن بويع قبل الاحتلام من ملوك الإسلام، (اللمحة البدرية في الدولة النصرية) وكتاب (ريحانة الكتاب وبخعة المنتاب). وقد كتب في التصوف والموسيقا والطب وشغف بأسلوب المجاز والبديع ومالالزخرف في كلامه له ديوان إن شعر يحتوي موشحات منها:
جادك الغيث إذا الغيث هما يا زمان الوصل في الأندلس
لم يكن وصلم إلا حلماً في الكرى أو خلسة المختلس
الموشحات الأندلسية
اختلف الدارسون في فنالموشحات، فاعتبره البعض رديفاً الترابتور، وعزاه البعضالآخر إلى أصولعربية تنطلق من النشيد الذي استقبل به أهل المدينة المنورة الرسول الكريمعليه الصلاة والسلام في ثنية الوداع ونسبة البعض الآخر لابن المعتزالعباسي.
آ- معنى الموشح:
لغة: الوشاح: الثوب أو القلادة التي تتشح به الفتاة ويكون مرصعاً بالجواهر ويشد من بين العاتق والخصر .
اصطلاحاً: كلام منظومعلى أوزان مخصوصة مخالفة لبحور الخليل، وقد جمع ابن سناء الملك في كتابه (دار الطراز) حوالي مئة وثمانين وزناً.
نشوء الموشحات:
ب- نشوء الموشحات:
نظراً لوجود الطبيعةالجميلة وانتشار اللهو والغناء فقد نشأ على ألسنة العامة لون جديد منالشعر الغريب المنوع القوافي والقريب من الزجل، وقد بقي هذا الفن مسموماًلا مكتوباً حتى جاء الدارسون فأطروه في الكتب وقد اختلف الأقدمون في نسبةهذا اللون من الشعر إلى محمد بن محمود القبري الضرير، ومقدم بن معافى، ولميذكر لهذين الرجلين شأن حتى جاء عبادة بن ماء السماء فجعل الموشحة فناًقائماً بداية له أسسه وتقاليده.
ج- البنية الفنية للموشحات:
اعتمد الموشح علىمجموعة أوزان وأقفال وأغصان وأدوار وخرجه، وأوزان الموشحات إمّا على أوزانالعرب و إمّا على أوزان جديدة واعتبر الدارسون أن الموشحات التي ليست علىأوزان العرب هي الأفضل مثال على ذلك .
صبرت والصبر شحية العاني …….. ولم أقل للمطيل حجراني
ررررر معدّ بي كفاني .
ومما جاء على أوزان العرب قول ابن سناء الملك:
كلِّلي
يا سحب يتجان الرُّبا
بالحلي
واجعلي
سوارها منعطف
الجدول
ويمكن تقسيم الموشحات إلى خمسة أقسام:
القسم الأول: الموشح الموزون على طريقة الشعر التقليدي.
القسم الثاني: الموشح الخارج عن الوزن الخليلي بكلمة أو حركة
شكرا أحسنت بارك الله فيك
شكرا وبارك الله فيك
رائع شكرا على الافادة
السلام عليكم وخير الكلام السلام اخواني احتاجكم فلا تردوني ليس لي غيركم اعطي الي بحث ولم اجد اي معلومة و ساذهب للجامعة بعد غد هو اثر الادب المغربي في الادب الغربي هنا يقصد فرنسا اسبانيا افيدوني ولو بشيء اليسير انا في الانتضار
بحثت عن طلبك لكني لم اجد سوى هذا النص اتمنى ان ينفعك
بالعودة إلى التاريخ الثقافي المغربي وهذا شيء أساسي فإن منطقة المغرب الكبيرة التي كانت تسمى المنطقة السلطانية إذاك، والتي كانت ثقافيا أضيق، كان السائد فيها هو التعليم الفرنسي (اللغة الفرنسية)، بالرغم من أن الحركة الوطنية كانت تصدر مجلات ثقافية، وكان هناك كتاب وشعراء يكتبون بالعربية، لكن المجال في تطوان، وفي الشمال كان أوسع بكثير، فقد بقي التعليم معربا، والتعليم كان في كل مدن الشمال باللغة العربية، أما اللغة الإسبانية فقد كانت هي اللغة الثانية، إلى جانب الحركة الثقافية التي نضجت في الشمال، وفي تطوان بصفة خاصة، ونضجت ابتداء من الثلاثينات وقويت في الأربعينات، بحيث كانت تصدر عدة مجلات ثقافية، حيث اعتبر ذلك ظاهرة ممتازة، وكان يكتب فيها الشعراء والكتاب المغاربة الذين يكتبون بالعربية من الرباط وفاس، وأقدم مثال على ذلك الشاعر محمد السرغيني الذي كان ينشر شعره الأول في مجلة «المعتمد» وفي مجلة «الأنيس»، وفي غيرهما من المجلات التي كانت تصدر في تطوان، و كل الأسماء التي كانت تكتب إذاك كانت تراسل هذه المجلات، أي أن الجو كان مهيئا في الشمال لإنبات وتوريث حركة ثقافية، لكن الدارسين للشعر المغربي ينسون فترة مهمة من تاريخ الشعر المغربي، وهي فترة الثلاثينيات وفترة الأربعينيات، وخصوصا ما قدمته مجلة «المعتمد»، التي كانت تصدر باللغتين، وهي مجلة شعرية على الأقل امتزج فيها الشعر المغربي العربي ، بالشعر الإسباني، واطلع من خلالها الشعراء المغاربة على تجارب رائدة من الشعر الإسباني إذاك ، الذي كان يعيش إحدى لحظات الوهج في ظل جيل ( لوركا) ، وجيل سالفادور دالي كرسام وويليم الكسندري وهو شاعر إنساني كبير – حائز على جائزة نوبل- ، الذي هو الآخر كتب في مجلة «المعتمد» ، إذن هذه التجارب كانت تترجم إلى العربية.
ومن هنا كان المغاربة يتابعون كل ما يترجم، ومنهم من كان يعرف الإسبانية ويطلع على اللغة الإسبانية. وما كان يجب أبدا أن نغفل هذه المرحلة ولا نعطيها ما تستحقه من كونها تأسيسية في تاريخ الشعر المغربي، فليس من الصدفة أن ينبثق الشعر المغربي الحديث أو التجربة التحديثية حتى ولو لم يكن الشعراء تطوانيين، أو حتى لو لم يكونوا شماليين، فهم كانوا يكتبون في هذه المجلة.
ومن جهة أخرى فإن للشاعرة الاسبانية ترينا مكادير(TRINA.MACADER) ذكريات، فهي قد عاشت في المغرب فترة وبالتحديد بمدينة العرائش. ثم بعد سنة أو سنتين ستنتقل لتقيم بمدينة تطوان، حيث أسست مجلة (المعتمد) بمدينة العرائش، وأصبحت تصدر من هذه المدينة، وفي هذه المرحلة الثانية عرفت المجلة تطورا ملحوظا عند إقامتها بتطوان، وذلك في أوائل الخمسينيات، (من 1947 إلي 1956)، وكانت الشاعرة شغوفة بالثقافة العربية في لقائها بالثقافة الاسبانية، إذ أنها كانت تنحدر من جذور أندلسية فتخصصت في نشر الشعر العربي الحديث والشعر الاسباني كذلك باللغتين معا، وكذلك استطاعت في فترة وجيزة أن تستقطب أبرز الشعراء الاسبان الشباب، ومن خلالها كان القارئ يطل علي مختلف التيارات الشعرية في العالم العربي.لذا فإن بدور الحداثة الشعرية انطلقت من ما كان ينشر بتطوان، وكان هناك احتكاك مباشر ما بين التجربة الشعرية الإسبانية التي كانت في أوجهها، وكذا احتكاكها بالشعر العالمي، من هنا لابد لهذه الحركة التي كان مجالها هو هذه المجلات التي كانت تصدر من تطوان أن يكون لها تأثير كبير .
ولهذا فإن الأدب المغربي المكتوب بالاسبانية وجد له حضورا قويا بشمال المغرب، والذي كان مستعمرا من طرف اسبانيا. وبالتالي فإن أدباء هذه المنطقة كانت دراستهم وتكوينهم باللغة الاسبانية بالكامل، لذا فاللغة الاسبانية التي تكلموا وكتبوا بها شكلت وعيهم لمعانقة الابداع الأدبي، وكان الأقرب لهم حينئذ، لكي يطوعوا قدراتهم، وملكاتهم الإبداعية هو الاطلاع على الأدب الاسباني وما يحمله من تيارات الحداثة، وهناك من المختصين في ظاهرة الأدب المغربي المكتوب بالاسبانية، تجدهم يصرون على التأكيد أنه خلال فترة الاستعمار عاش في المغرب كتاب ومبدعون اسبان، وتفاعلوا مع نظرائهم المغاربة، إلى درجة أنهم أسسوا مجلات أدبية كانت هيئات التحرير فيها مكونة من مثقفين وادباء مغاربة واسبان، فظهرت مجلة (تمودة) بتطوان، ومجلة (المعتمد) بالعرائش.
ولكن لماذا تخلى الأدباء الذين يكتبون الأدب المغربي باللغة الاسبانية عن لغتهم الأم، هل هناك عجز في التواصل أو أن اللغة ما هي إلا أداة للتواصل وكفى، والسؤال الجوهري لماذا نكتب بلغة أخرى وما هي مشروعية هذه اللغة للتعبير عن هويتنا وخصوصياتنا المغربية ، هل هذه الكتابة هي مشروع للتعبير عن الهوية والثقافة المغربية ، هل بحافز مغازلة الغرب والتودد إليه فيما صار يصطلح عليه اليوم بحوار الحضارات. غير أن الذين يكتبون بالاسبانية لم ينالوا الشهرة التي حضي بها الكتاب الذين كتبوا بالفرنسية وعرفوا بعناوين أدبية بارزة مثل «الماضي البسيط» للراحل إدريس الشرايبي ثم الطاهر بنجلون الذي عرف بأكثر من عنوان روائي أثار من خلاله حدثا ثقافيا بفرنسا.
أما عن الاهتمام الذي يجده الأدب المغربي المكتوب بالاسبانية في البرامج الثقافية بالمغرب ونقصد هنا غير الرسمية، ففي متابعة هنا وهناك، لمجمل الأنشطة الأدبية سنلاحظ أن الاهتمام بالأدب المغربي المكتوب بالاسبانية ضمن برامج المؤسسات الثقافية، شبه منعدم، ماعدا بعد المجاملات، والتي تطبع مجملها صفة الاخوانيات والصداقات، فقليلا ما يتم استدعاء أدباء وكتاب أبدعوا باللغة الاسبانية إلى مهرجانات شعرية وأدبية إلى جانب شعراء العربية الفصيحة، لذا الأمور تبدو غير واضحة ومبهمة، لماذا يغيب الاهتمام باللغة الاسبانية وعدم الاكتراث، هل لأسباب سياسية، أم أن النخبة المثقفة هي من تحاول اكتشاف الأرخبيلات الأدبية القريبة إلى وجدانها. وفي وقت سابق كان يُتهم المثقفين الإسبانوفيين بانطوائهم على أنفسهم وربما خوفا من الاصطدام مع التقليديين الذين لايقبلون بلغة غير العربية في الأدب والفكر ، كما كان لفترة خروج المغرب من جحيم الاستعمار الاسباني والفرنسي أثر سلبي، وهناك اصطدامات ربما كانت موروثة بعد استقلال المغرب السياسي عام 1956والتي لاتنتصر إلا للغة العربية والتي تعتبر أن السيادة الوطنية لا تتم إلا عبر السيادة اللغوية للنخبة السياسية الحاكمة.
وبرأي المختصين بالأدب المغربي المكتوب بالاسبانية فإنهم يرون أنه بالرغم من الانتشار الذي حققه هذا الأدب ليصبح مقروءا خارج الحدود ولا يلتفت إليه من قبل المؤسسات الثقافية المغربية فإنه أدب يقدم على طبق ساخن على شكل شربة لذيذة للاسبان يتلذذون من خلالها في الواقع المغربي والذي لا يقدم منه إلا من يرتدي السواد .
وقد كان لجمعية الكتاب المغاربة باللغة الإسبانية ، التي تأسست في مدينة العرائش سنة 1997 ، ويٍرأسها حاليا الأستاذ لعشيري ، كاتب وصحفي بجريدة (لامنيانا) ، دور أساسي في جمع شمل الأدباء والتعريف بإنتاجاتهم الأدبية والتي صارت موقع نقاش أدبي ونقدي من خلال ما أنجز من تراكم وإغناء للخزانة الاسبانية ونجد مثلا الكاتب محمد الصيباري، ألف عشرة كتب بالاسبانية، ومحمد بويسف الركاب ثمانية مؤلفات، ومحمد أقلعي ثلاثة كتب، ومولاي احمد الكامون و الروائي سعيد الجديدي صدرت له أربع روايات باللغة الاسبانية «الصرخة الأولى» العام 2001، « تقرير المصير المبهم» العام 2022، «تحت الختم» 2022العام ، وأخيراً رواية «يامنة» العام 2022.
وأما الشاعر عبد الرحمان الفتحي فله خمسة دواوين شعرية وهي : «ثلاثية الصور والكلمات» العام 1998، «الرسو» 2000العام الذي نال به «جائزة رفاييل ألبرتي للشعر» ، و»إفريقيا في أبيات مبللة» العام 2022، «الربيع في رام الله وبغداد» 2022العام ، و»من الضفة الأخرى» 2022العام . وأخيرا ديوان «الربيع في رام الله وبغداد» .
وحول هذه التراكمات الأدبية وغيرها يبقى التساؤل المطروح ما هي الإضافة التي ستضيفها للأدب الاسباني وهل القارئ الاسباني في حاجة إلى المغاربة لكي يؤلفوا له روايات ويكتبون له القصائد بلغتهم ، وفي هذه المقاربة نلتقي فيها مع رأي الإعلامي والشاعر شكري البكري الذي يكتب بالعربية والاسبانية حين يتساءل هو الآخر « ماذا يمكن لكاتب غير إسباني أن يضيفه لقارئ إسباني؟ هل تعدم الآداب الإسبانية، بكل روافدها، شاعراً أو قاصاً؟ لا أظن. وإذن، كيف لي أن أضيف شيئاً، بتخيلي ولغتي العربيين، إلى المتنين الإسباني والأمريكي اللاتيني؟ ينبغي ألا ننسى هذا العنصر الذي يعتبر من أغنى عوامل الثراء في الأدب المكتوب باللغة الإسبانية. وأذكر أنّ هذا هو ما ركزت عليه في مداخلتي بمناسبة انعقاد أول ندوة دولية للأدب المغربي ا لمكتوب باللغة الإسبانية التي عقدتها كلية الآداب ظهر المهراز بفاس عام 1994» .
ونعرف أن الكتابة باللغة الاسبانية جاءت لحاجة معرفية وجمالية، لاكتشاف بلد قريب منا، ومشابه لثقافتنا، ولنا تاريخ مشترك معه، نستطيع أن نتواصل معه بسرعة، لأن الأدب بمستطاعه أن يكسر الحدود ويوطد العلاقات الانسانية أي ماعجزت السياسة عن تحقيقه ، إلا أن مستقبل هذا الأدب مرهون بالأجيال الأدبية الجديدة والتي هاجرت اسبانيا والتي من شأنها أن تكون قد تخلصت من العقدة الاستعمارية لشمال المغرب وتداعياتها وجراحاتها والتي لم تندمل لدى الأباء والأجداد. وبهذه المناسبة نذكر اسم برز مؤخرا ويتعلق الأمر بالكاتبة المغربية نجاة الهاشمي والتي فازت بأبرز جائزة أدبية في كتالونيا الإسبانية،إذإعتبر النقاد روايتها «آخر الآباء المتسلطين « (Lltim Patriarca) مفاجأة الساحة الأدبية الكتالونية في إسبانيا العام الماضي بعد فوزها بأبرز جائزة أدبية كتالونية، وهي «جائزة رامون لول» التي تمنح سنوياً منذ العام 1981 لأفضل عمل أدبي مكتوب باللغة الكتالونية. وحققت نسبة كبيرة من المبيعات.
تحت المجهر
لو وضعنا الأدب المغربي المكتوب بالاسبانية، تحت المجهر وقمنا بعملية تفكيكه وقراءته، والتنقيب عما أنجز فيه، وما لم ينجز، وما هي الفتوحات التي قام بها كتاب هذا النوع من الأدب، وما هي التراكمات الإبداعية التي تحققت أو لم تتحقق، ونحن نعرف أن النقد الأدبي الاسباني يكرس المواضعات، وخصوصا فيما يتعلق بالمهاجرين وبأوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية، وهذا يضعنا أمام سؤال عريض : (الأدب المغربي المكتوب بالاسبانية . ما هي خلفياته وأسراره ولم لا يحتكم النقاد إلى النص؟ ) فضلا عن هذا ، فإن هذا الأدب تعوزه الانتشار، بالمقارنة مع الأدب المغربي المكتوب بالفرنسية، والذي تقام له حملة دعائية كبرى وتحقق رواية واحدة أكبر سقف من المبيعات وتصنع الحدث الثقافي.
ومن وجهة نظر الناقد و المترجم إدريس الجبروني الذي ينفي وجود الأدب المغربي المكتوب بالاسبانية « قائلا «لا يوجد أدب مغربي بالإسبانية، كل ما هناك، نصوص مكتوبة بالإسبانية من طرف مغاربة، وهذا إضافة إلى أنه يجب أن يفرح الناطقين بالإسبانية، يمكن أن يعني إمكانيات جديدة للإسبانية» . ولو أن وجهة نظر إدريس الجبر وني هاته جد قاسية بعض الشيء ، إلا أنه يعللها بعدد من الأسباب، فهو يرى بأن هذا أدب لا مستقبل له، نظرا لطابعه لما بعد المرحلة الكولونيالية وغياب القراء بهذه اللغة بالمغرب. يصفه بمكر الأدب وهو مكر حالات كثيرة أخرى يلجأ إليها عن قصد وبغايات التضليل والالتباس والخداع . مشيرا في ذات الوقت إلى أن المحاكاة الخسيسة للأساليب، والمواضيع، والتصرفات، والاستعمالات الأدبية، في أخشن مظهرها، تبدو وكأنها تقدم لقارئ أوربي أو متظاهر بمظهر الأوربي الواقع السياحي الذي يفضل أن يراه في المغرب. ودون وعي فإنّ أصالة هؤلاء الكتاب تتعرض لخطر التحول إلى تصريح إيديولوجي للاستعمار الثقافي نفسه، الناتج عن التبعية.لا يوجد أدب مغربي بالإسبانية، كل ما هناك، نصوص مكتوبة بالإسبانية من طرف مغاربة، وهذا إضافة إلى أنه يجب أن يفرح الناطقين بالإسبانية، يمكن أن يعني إمكانيات جديدة للإسبانية.
إلا أن الشاعر العياشي أبو الشتاء له رأي آخر إذ يرفع من قيمة الأدب الاسباني المكتوب من طرف مغاربة، معتبرا إياه إثراء للادب الاسباني نفسه وتنويع قد يكون نوعيا ذا خصوصية في سنفونية ذلك الأدب. لكن الشاعر العياشي أبو الشتاء يستلزم في الكتابات باللغة الاسبانية شعرا ونثرا، شرط أساسي وضروري لكي يتحقق فيها الخلق والابداع، وجمال التخييل، والتمكن من اللغة وإتقانها، ذلك انه بدون هذه المكونات لايستقيم إبداع، ولايكون أدب، ولا تتوفر نصوص فيها بذخ وجمال، وفيها خلق عوالم وتشكيلها وبناء فضاءات استنباتها يجري فيها التخييل. ونفس التحليل ذهبت إليه في إحدى مقالاتها الباحثة والمؤرخة الاسبانية «مارياروسا دي مادارياغا» حين أشارت إلى سياسة الاستعمارين الفرنسي والاسباني بالمغرب. «ففي الحالة الفرنسية نجد كتابا مرموقين لهم نصوص أدبية رفيعة المستوى وعددهم كثير، بينما في الحالة الإسبانية في الشمال، فإن الذين يكتبون باللغة الإسبانية عددهم قليل، ويكتبون بلغة رديئة» .
وعودة إلى الانجاز النقدي الذي حاول مواكبة الأدب المغربي المكتوب بالاسبانية فإننا نجد ذلك قليل جدا، وحتى المؤلفات الأدبية، فإنه يصعب العثور عليها، ما عدا في بعض المكتبات الخاصة لبعض المتخصصين في الأدب الاسباني، إلا أننا نجد الكتاب المشترك الموسوم ب : «الادب المغربي باللغة الاسبانية» لمؤلفيه الكاتب المغربي محمد شقور والكاتب الاسباني سرخيوماثياس، الصادر العام 1996 عن مطبوعات ما غاليا بمدريد، والذي حاول أن يجمع بعض هذا الشتات وهي محاولة لأصحابها أجرين لعملهما هذا ، إلا أن الملاحظ أن هذا الكتاب لم يخل من بعض الثغرات، وكان موضع نقاش ونقد موضوعي، وهذا أجمع عليه كل من الشاعر العياشي أبو الشتاء و الناقد والمترجم إدريس الجبروني والباحثة والمؤرخة الاسبانية «مارياروسا دي مادارياغا» في متابعاتهم النقدية على اعتبار أن مؤلفي الكتاب المذكور، قد جانبا الصواب، حينما تبنيا مفهوما للاستسبان فضفاضا، جعلهما يدخلان في الكتاب كل نشاط ذهني وفكري باللغة الاسبانية قام به كتاب مغاربة، واعتباره أدبا اسبانيا مغربيا حتى إن لم يكن يمت بصلة إلى مفهوم الأدب بالمعنى المتعارف عليه، بل أكثر من هذا، في الكتاب أسماء شعراء لم يعرف عنهم أنهم كتبوا يوما ولو محاولات باللغة الاسبانية ورغم ذلك، هم حاضرون في الكتاب لا لشيء سوى أنهم يلمون باللغة الاسبانية، وهنا يطل مجددا مفهوم الاستسبان الواسع المعتمد كرؤية ومنطلق لتأليف الكتاب المشار إليه.
امتازت الحياة العامة لمغرب المرابطين والموحدين معا، وامتاز مجتمعهما بالفتوة والعمال الحربية العظيمة، التي كونت من الدولتين قوة عسكرية، يحسب لها حسابها في الموازين الدولية لتلك العهود، ويخشى بأسها، ويرغب في محالفتها، وخاصة حين استطاع المغاربة أن ينشئوا قوة بحرية هائلة، استطاعت أن توقف زحف الصليبيين من أوربا على الأندلس، وعلى الشرق الإسلامي أيضا، وتمكنت بذلك من تقديم العون غير المباشر لقوات صلاح الدين الأيوبي، هناك وإن حاول بعض المؤرخين الأجانب، بل وحتى المغاربة، أن يذيعوا بأن المغاربة تقاعسوا عن مديد المساعدة لإخوانهم الشرقيين، الذين كانوا يومئذ يخوضون معارك مصيرية ووجودية ضد الحملات الصليبية المتكالبة، والمشنة من كل أمم أوربا وأمم المسيحية على الإسلام وعالمه شرقا وغربا، وقد حلا لهؤلاء أن يطلقوا العنان لاتهاماتهم، فراحوا يبحثون لأجدادنا المغاربة عن أعذار تبرئ ساحتهم من تهمة هذا التقاعس – وكان على رأس من اتهم بالتقاعس، ومن الملوك المغاربة يوسف ابن تاشفين – فقد زعموا أنه كان ينهج في علاقته بالشرق الإسلامي سياسة التخلي، أو عدم الاهتمام واللامبالاة بمجريات الأحداث ومصائر الأمور هناك، وذهبوا – تبعا لذلك – إلى القول بأن المغاربة لم يلبوا صراخ ونداءات صلاح الدين الاستغاثية، ومطالبته بإمداده بما كان في حاجة ماسة إليه من أساطيل حرية، تسهم في ميادين المعارك الضارية، التي كان يخوضها الشرق الإسلامي ضد الغزو الصليبي، وينتحل أولئك المؤرخون المختلفون لهذا التقاعس الموهوم تعلات وأعذار هي أوهن من بيت العنكبوت، ويوردون لتأكيد ذلك – كمبررات وأسباب قوية أن عدم استجابة ابن تاشفين لاستغاثة الأيوبي، كان بسبب ما قام به الأيوبي من إرسال أعوان له مخربين، كلفوا من طرفه بالعبث والإفساد في شرق الإمبراطورية المغربية، وكانوا بزعامة (قراقوش) وعرب بني هلال وني سليم، بينما علل بعضهم عدم الاستجابة المغربية بسبب عدم اعتراف الأيوبيين بخلافة المغاربة، واستقلالهم الذاتي عن تبعية الخلافة العباسية ببغداد، وتجلى عدم الاعتراف ذاك في رفض الشرقيين مناداة السلاطين المغاربة بلقب الخليفة.
ولكن الحقيقة أن أجدادنا المغاربة، كانوا أيامئذ يخوضون نفس المعارك الصليبية التي كان يحاول رد طماها الجارف إخوانهم المسلمون في الشرق، وإن اختلفت ميادين المعركتين، وربما حتى أسلوبهما، وتباينت مظاهر تلك المقاومة الباسلة، التي كانت تستميت فيها وتبديها الجيوش الإسلامية في وجه أولئك المغيرين الصليبيين الحانقين، تباينت في المغرب عنها في المشرق.
ذلك أن المغاربة كانوا يرومون وراء حركاتهم الحربية ضد الآراء (البينيكتيين الأسبان) متزعمي حركة التمرد، ومقاومة الوجود العربي الإسلامي في الأندلس، والذين كانوا معززين روحيا من الفاتيكان بروما، وماديا من كل أمم أوربا النصرانية، أقول كان المغاربة يرومون وراء ذلك أمرين اثنين:
الأول: الحفاظ على مكاسب الإسلام في الأندلس، لا بوصفها مصدر ثروات مادية، وموارد ضخمة من الاقتصاد والمغانم، وإنما بوصفها خط دفاع وجنة ووقاية ترد عن الممتلكات الإسلامية في المغرب الكبير أطماع الإسبان، الذين كانوا يومئذ – وقد كانوا استردوا قبل كثيرا من الحصون والبلاد من أيدي المسلمين – يحاولون الإجهاز على ما كان تبقى من قلاع وحصون من أيدي الأقزام ملوك الطوائف، الشيء الذي جرأهم على التفكير في محاولة القيام بغزو المغرب الكبير من مختلف جهاته، ولاشك أن التحركات الحربية التي كان قام بها مسيحيو صقلية على المهدية بتونس، أعظم برهان وأقوى دليل على رغبتهم تلك.
الثاني: الحفاظ على وحدة الصف في أجزاء الإمبراطورية المغربية المترامية الأطراف الشاسعة الأرجاء – والتي كانت تمتد من طرابلس ليبيا شرقا، إلى قريب من حدود فرنسا غربا – عن طريق إبقاء القوة العسكرية أبدا على أهبة واستعداد، بل وأن تكون تلك القوة في حالة استنفار قصوى، وذات القدرة الدائمة على مباشرة القتال في الميادين الحربية، ومواصلة أتونها الفوار، فإخلاء حامية أو معقل من حماته، يعني فتح فجوات وثغرات في الواجهة الحربية، التي يجب أن تكون متراصة متماسكة.
على أنه ليس في استطاعته أي كان، أن ينكر أن الحملات الحربية المغربية في الأندلس، كانت من أقوى حركات التأييد لحملات الأيوبيين في الشرق، إذ ثبت تاريخيا أن (الفاتيكان) كان قد أصدر مراسم تقضي بحرمان كل إسباني يفكر في ترك موقعه من معارك إسبانيا، ليلتحق بصفوف الصليبيين بالشرق، وقالت مراسيم البابا في الموضوع: إن النضال ضد عرب ومسلمي الأندلس يعد جزءا أساسيا من النضال الكنسي المشن لمحاربة الإسلام.
وكانت هذه الأوضاع الحربية القائمة لعهدي الدولتين المرابطية والموحدية، مما اقتضى صبغ المجتمع المغربي بصبغة الحياة الجادة، البعيدة عن اللهو والترف والدعة، واستمراء مباهج الحياة الهادئة.
وقد انعكس هذا الواقع على آثار أدباء وشعراء المغرب لتلك الحقبة، ضرورة أن هذين الفنين مرايا تعكس صور الأحداث المعيشة، وتجسم الآمال المتوخاة، وترسم أبعاد المجتمع الأكثر إلحاح وعمقا.
وقد تأثر كل شعراء وأداء تلك الحقبة بهذا الواقع الجدي، بما فيهم شعراء وأدباء الأندلس، الذي لم يتخلوا في معظم محاولاتهم الفكرية، عن خصوص ما كانوا ألفوه من شعر الانهزامية أو التفسخ والانحلال الأخلاقيين، وإنما أيضا تبنوا الطريقة المغربية في التناول، تلك الطريقة القائمة على التغني بالحروب والأمجاد، وما يستدعيه ذلك من أساليب تعبيرية تتسم وتتصف بضخامة الألفاظ، وصدق التعابير، وأحيانا الإغراق في المعاني المتسمة بالغلو والخروج عن المألوف.
بالإضافة إلى سمة أخرى هي استلهام الروح الدينية، واسترفاد معطياتها، وصوغ كل ذلك فيما عرف بعد بالقصائد النبويات، وبالابتهالات، التي ستتخذ في عصر ني مرين، والعصور بعده، ميزة بارزة للأدب المغربي شعرا ونثرا، وقد يكون ذلك من جانب – ولو إلى حد ما – انكفاء لهذه الآداب على نفسها، وانحرافا عن المسيرة التي اتبعتها أختها الآداب الشرقية، مما أوجد هذا النضوب العاطفي – وخاصة في ميادين الشعر العربي – في الأدب المغربي، وقد تكون تلك النبويات متنفسا لهذا الكبت المفروض بحد السلاح على أدباء المغرب، حين وجدوا أنفسهم مكبلين داخل قوقعة ما اعتبره الفقهاء دينا، وافترضوه وحده عقائد مؤيدين مساندة الدولتين المرابطية والموحدية، وبعد هذه الفذلكة، سنحاول الآن أن نتناول بعض آثار الفقيه الأديب (ميمون الخطابي) بالدرس، بوصفه الشخصية التي تكاد تكون صورة مجسمة للأديب الشاعر، الذي يبرز في إنتاجه الخاصيتين اللتين أشرنا إليهما آنفا، أي خاصية التعلق بشعر القوة والفخفخة، حين تناوله الحوادث المعيشة، والواقع الحربيين، وخاصية الإغراق في الابتهالات الصوفية الغيبية المتسترة بالتوهيمات الدينية، واستلهام الأجواء اللادينية، حين ينكفئ على نفسه يجتر أفكاره، ويستعرض أوهام الدنيا، ويقارنها بالحقيقة الأبدية السرمدية.
وميمون الخطابي، يكاد يكون متخصصا في هذه الأشعار الدينية، التي تهتم بصورة خاصة بالأمداح النبوية، على خلاف صاحبيه: ابن حبوس وأبي حفص الأغماتي، وهذا التخصص سمة جديدة، لم تبرز في الآثار الأدبية للمغرب قبل هذه الحقبة، أعني بالوفرة التي برزت في ملاحم ميمون الخطابي، الذي قد يكون تأثر فيها بالحركة الشرقية في هذا المجال، تلك الحركة التي كانت أخذت أعلامها ترفرف على الجو الأدبي في الشرق لعهد ظهور صاحبنا الخطابي، وكان لشرف الدين البوصيري (600 – 682هـ) البربري الأصل، المحدث والخطاط، فضل تقعيد هذا النوع من الأدب العربي وضعه قصيدتيه: (البردة والهمزية) في مدح خير البرية سيدنا محمد عليه السلام.
ونفحات ميمون الخطابي في مدح الرسول محمد عليه السلام، لا تقل في روعتها الفنية: عرضا وتنسيقا وتعابير راقصة عن تحفتي البوصيري، وإن لم يخلد في هذا الميدان إلى الآن سوى قصيدتي البوصيري، اللتين ترجمتا إلى عدة لغات، كما أن المعاني التي عالجها ميمون الخطابي في قصائده النبوية، تدل على روح دينية مشبوبة وعاطفة قوية متأججة، عهدت دائما في جميع أفراد الشعب المغربي المتدين المسلم، بل طالما دفعته هذه العاطفة الدينية إلى تحقيق المعجزات.
وإذا كان الحظ قد تنكب طريق ميمون الخطابي – ككل الذين ولجوا هذا الباب، باستثناء البوصيري قطعا كما قلنا، إما لأن زامرة الحي لا تطرب – كما يقولون – وإما لأن الناس لم يطلعوا على آثاره في هذا الميدان، ومن ثم لم يعطوها ما تستحقه من دراسة واهتمام، ثم من تغن وترتيل وترديد، أو لأنه كما يقول العامة المغاربة – لم تحط بالقبول، أقول إذا كان الحظ قد تنكب الخطابي، فإن تاريخ فن القصائد الدينية أو النبويات بتعبير المادحين والمقرئين لن يكون في مقدوره أن يجحد فضل هذا الرجل يوم تقام لهذا الفن الموازين.
وميمون الخطابي كما في الجذوة لابن القاضي، هو ميمون بن علي بن عبد الخالق الخطابي، نسبة إلى قبيلة من صنهاجة، قد تكون ذات علاقات عرقية بأسرة آل الخطابي الجزائرية، وهي أسرة تقطن الغرب الجزائري في التقسيم الجغرافي الحالي، يوجد أفراد منها حاليا بالمغرب الأقصى، كانوا جاءوا مع الحملة الفرنسية، وقد كونوا لهم في إقليم الغرب ممتلكات فلاحية مهمة، وهم يدعون انحدارهم من أبوة عمر بن الخطاب الخليفة الثاني للرسول عليه السلام.
والخطابي هذا من مواليد مدينة فاس، ويعرف بابن خبازة، لقب كان اشتهر به أحد أخواله يدعى الشاعر ابن خبازة، ويبدو من هذه الكنية، وهذا الانتساب أن الرجل لم يكن من المتطفلين أو الطائرين على الميدان الشعري، وإنما له به صلة وثيقة، وله به وشيجة قربى، وخؤولة دم، ولعل هذه الصلة هي التي دفعت بالرجل إلى الضرب بسهم وافر في ميادين – لا خصوص تلك التي لها اتصال بالأدب والشعر – وإنما أيضا في كل ميادين تحصيل العلوم، وخاصة تلك المتصلة باللغة وفقهها، بالإضافة إلى الآداب ومختلف مجالاتها، حتى صح لصاحب الجذوة ابن القاضي، أن يكتب عنه يقول: (- عن فقهه الأدبي- كان سريع البديهة، ناظما، ناثرا، مع الإجادة، والتفنن في أساليب الكلام، معرفة وإتقانا، في هزله وجده، على اختلاف اللغات).
وتوفي ميمون الخطابي برباط الفتح من سلا سنة (637هـ)، أما ولادته فمجهولة، كما هو الشأن في أغلبية رجالاتنا لما أشرنا إليه سابقا في دراستنا هذه، وإن كان من المحقق – وكما يذكر مؤلفو الطبقات، أن الرجل عمر طويلا، وأنع اتصل بالسلطة الزمانية لعهده، وأنه كلف بمهمة في حسبة الطعام بمراكش.
ومن يقف على آثار الرجل التي تتوزعها الأضابير، وبعض كتب الطبقات – إذ ليس للرجل ديوان شعر خاص، ولم يجمع شعره حتى الآن – ويستشف أشكالها ومضامينها، سيسلم ويلمس إلى أي مدى كانت كلمات ابن القاضي، صاحب الجذوة عن صاحبنا هذا صادقة، فإن قوة الجرس الموسيقي في أساليب الرجل، ووصف الكلمات أفقيا وعموديا معا – وهذا نوع من الأشكال الأدبية، التي استحدثت أيامئذ – مما أضفى على آثار الرجل قوة، وأكسبها وقعا خاصا، هي إلى وقع آثار فحول شعرائنا الأسبقين أقرب، وبها ألصق، فلنقف قليلا نقرأ له مثل هذه المقاطع من قصيدة رثى بها ولدا لأبي بكر محمد بن عبد الملك بن الجد، افتقده شابا يافعا، قال:
أرجـة الصعـق يوم النفخ في السـور أم ذلة الطور يوم الصعق في الطور؟
أم هـذه الأرض إظهـارا لمـا زجرت بـه الخليقـة من إيـقاع محـذور؟
أم الكـواكب في آفــاقــها انتثرت وبــانت الشمس في طي وتكوير؟
مـا للنهـار تعري من ثيـاب سنــا وشـابـه الليـل في أثواب ديجـور
قـد كـان للصبح طرف زانـه بلـل مقسم الخلـق بين الـدجن والنـور
فمـا الملم الــذي غشى بـدهمتـه أديمـه عنبرا من بعـد كـافـور؟
أصـخ لتسمع من أنبـائهـا نبـــأ يطـوي من الأنس فيه كـل منشور
وانظر فإن بني عدنـان مـا حشروا إلا رزء عظيم القــدر مشهــور
رمى قريشـا فـاصمي سهم حــادثة أبنــاء فهر بتـوفيـق المقــادير
فخـانها الجد في ابن الجد يـوم قضى وأثر الخطب فيهــا أي تـــأثير
نـوارة عنـدمـا راقت بـدوحتهــا أهـوت إلى الترب من بين النـواوير
جـار الـذبـول عليها عندمـا ملأت معـاطس الــدهر من طيب وتعطير
قضى، فرافـق شهر الصـوم مرتحلا ووافـق الشهر في فضــل وتطهير
فســار للحين مسرورا، وخلفنـــا للحـزن، فـأعجب لمحزون بمسرور
نـاديت يـا حـادي الأحزان يوم حدا أظعـان قلبي، رفقـا بــالقـوارير
فالوجـد والدمع من حزن قـد اقتسما قلبي وجفني بمنظــوم ومنثــور
وللمـلائـك في آفـاقهــا زجــل قــد شفعتــه بتهليــل وتكبير
يـا عـامر الترب كم خلفت من كبـد ومن فـؤاد بثـاوي الحـزن معمور
لو كنت تحمي وتفـدي للعلى ابتدرت الآمهـا بــالقنى أو بـالقنــاطير
لكنهـا المـوت حكم ليس يـدخلـه نسـخ لخلـق وعـدل دون تجـوبر
يقضي على الأسـد في الآجام حاكمه وفي الكنـاس على البيض اليعـافير
ويمتطي الشهب في شم الجبـال، كما في الـوكر يعتـام أفراخ العصـافير
أعظم بــآيتـه، من آيــة عظمت فليس تــدرك في حـــال بتفسير
فاسمـع بقلبـك، فالأشيـاء نـاطقـة وألسن الحــال تغني كــل نحرير
مقدمـات الليـالي طـالمـا فضحت نتـائـج الغــدر منهـا كل مغرور
جمـع السـلامة معدوم الوجـود بها فكم بهـا للردى من جمــع تكسير
والكـون طرس، وهـذا الخلق أحرفه والحرف مـا بين ممحـو ومبتـور
والـدهر يعرب، والأفعـال يظهرهـا طـوعـا ويعجم منهـا كل مسطور
وإنمــا الخلق أسماء تعــاورهــا إعرابــه بين مرفــوع ومجرور
وكلهم في مـدى الأعمـار تحسبهـم كحـالهـا بين ممـدود ومقصـور
والمــوت مثـل عروضي يكسر من أبيــاتهم كـل مـوزون ومكسور
مـا من يـؤمل أن يبقى وقـد نفضت أيـدي المقـادير من إبرام تقــدير
هـذه الحقيقة لا مـا حـدثتـك بـه آمـال نفسـك عن دنيـاك من زور
لا تخـدعنـك الليـالي، إن فتنتهـا كـادت، فكادت ترينـا كـل محـذور
هـو القضـاء أبي بكر أصبت بـه فـاصبر، وسلم لـه تسليم مـأجـور
ونلاحظ أن هذه القطعة – بالإضافة إلى ما حملها من أفكار فلسفية عن الموت والحياة – صاغ الأبيات الأخيرة، التي أوردناها – والقصيدة يتجاوز عدد أبياتها الثمانين – بما يبرز الموسوعة العلمية التي كان يمتاز بها، ومدى تمكنه العميق، من فهم أسرار قواعد اللغة، إلى درجة التلاعب بمختلف معانيها، مجازيها والحقيقي منها.
ومع ذلك، فإن عبقرية ميمون الخطابي، إنما تبرز وتتجلى صورة واضحة، وبكيفية محسوسة قويت في قصائده النبوية، لنسمع إلى مقاطع من قصيدة له في هذا الباب، بلغت أبياتها أكثر من المائتين، تعرض فيها – تقريبا – للسيرة النبوية من بدايتها إلى نهايتها، وصاغها في قالب شعبي جد محترم، ومن تلك المقطعات قوله:
حقيـق علينـا أن نجي المعـاليـا لنفني في مـدح الحبيب المعـانيـا
لنطلـع من أمـداح أحمـد أنجمـا تلوح فتجلو من سنـاه الـديـاجيـا
كـواكب إيمـان تلـوح، فيهتـدي بأنوارها من بـات يدلـج سـاريـا
سهـوت بمـدح الخلق دهرا، وهذه سجود لجبري كـل مـا كنت ساهيا
رسـول براه اللـه من صفـو نوره وألبسـه بردا من النـور ضـافيـا
ثـوى في ظهـور الطيبين، يصونه وديعـة سر، صـار بـالبعث فاشيا
وخص بطـون الطيبـات لحملـه ليحمـل فرعـا للسيـادة زاكيــا
…وآدم لمـا خـاف يزري بذنبـه توسـل بـالمختـار للـه داعيــا
فتـاب عليـه الله لمـا دعـا بـه وأدنـاه منـه بعدمـا كـان نـائيـا
وقد يهجر المحبوب في حالة الرضى ويأبى الهـوى أن لا يصدف واشيـا
…وكم شـاهدت من آية أمـه بـد يصير بهـا جيد الـديانـة حـاليـا
رأت في معـاليـه مرائي جمــة وصـدقت الآثـار منـه المرائيــا
.. بدا واضعا كفيه بالأرض، رافعا لعينيه نحو الأفق بـالطرف سـاميـا
وأعول إبليس اللعين، وقـال: قـد يئست، وقـدمـا كنت للكفر راجيـا
.. وقال (هرقـل إذ أطل زمـانـه : بني، أرى ملـك الختـان موافيـا
وإيـوان كسرى اهتز ليلة وضعه… وبـات عليـه قصره متـداعيــا
وحمـل ذاك الحلم حجر (حليمـة) لترضعه ذر الفصـائـل صـافيـا
أبى حملـه النسوان لليتم وانبرت له، فرأت – من حينها – الرزق ناميا
وبغضت الأصنـام للمصطفى، فلم يزل هـاجرا فعـل الضلالـة قاليـا
إلى أن يقول – بعد أن يشير إشارات جامعة مانعة لكل مراحل سيرته صلى الله عليه وسلم، وشمائله ومعجزاته، وما أحاط بظهوره من تلك المعجزات:
وآيتــه جلت عن العــد كثرة فمـا تبلغ الأقوال منهـا تنـاهيـا
وأعظمها الوحي الـذي خصه بها فبلـغ منـه آمرا فيـه، نـاهيـا
تحـدى به أهل البيـان بـأسرهم فكلهم ألفـاه بــالعجـز وانيــا
وجـاء به وحيـا صريحـا يزيده مرور الليـالي جـدة وتعـاليــا
تضمن أحكـام الوجـود بأشرهـا وعم القضـايـا مثبتـا فيه، نافيـا
وأخبر عمـا كـان أو هو كـائن يرى ماضيـا أو ما يرى بعد آتيـا
ومـا كتبت يمنـاه قط صحيفـة ولا ريء يومـا للصحـائف تاليـا
عليـه سـلام اللـه لازال رائحا عليه مدى الأيـام حقـا، وغـاديـا
ومن تتبع آثار ميمون الخطابي، قد تشم منه رائحة الاهتمام المتزايد بالشؤون العامة، لا الاجتماعية فحسب، وإنما بصورة أوضح وأعمق بالشؤون الإيديولوجية، التي كانت مدار الساعة، ولها في حياة الدولة المكانة السامية، فكان ينال منها ما لا يتفق وما يعتقده بالنقد والتجريح، ويفندها بالتأويل والتصريح، مما يؤكد أن الرجل لم يكن غرا ولا مصدقا – على الإطلاق لكل ما يراد أن يروج له مهما كان مصدر ذلك، كما يدل على أنه كان يقف من الدعوات التي لا تتفق والفكر الديني الحقيقي، موقف المعارضة التي لا تتخفى وراء الرمزية، وكان أكبر دليل على ذلك موقفه من ادعاء ابن تومرت لفكرة المهدوية، فقد انتقدها في سخرية لاذعة مرة، وأبان زيفها، ومن قوله في ذلك البيتان الآتيان:
وجـد النبـوة حلــة مطويــة لا يستطيـع الخلـق نسج مثـالهـا
فـاسر حسـوا في ارتغـاء يبتغي بمحـالـة نسجـا على منـوالهـا
وحيث أن الإنسان من حيث إنسانيته، مجموعة من الأعصاب الفكرية، وفورة من العواطف، لابد أن يبحث لها ين الحين والآخر – عن متنفس، فإن ميمونا الخطابي وما كان يخرج وهو الإنسان الشاعر الرقيق الإحساس المرهفة، عن الأحاسيس البشرية وطينتها المتقلبة الأهواء والنوازع، المتباينة الميول والرغبات، وحيث أن أهم وأبرز عاطفة إنسانية على الإطلاق – والتي تعطي الإنسانية حقيقتها السرمدية – هي الحب، فإن ميمون الخطابي يمنح هو الآخر من تذوق حسراته اللذيذة وآلامه – التي وإن تكن أحيانا مبرحة – المحببة الشيقة، وإنما شرب منها حتى الثمالة، وسجل عنها في شعره بعض ما ناله منها، وإن يكن هذا التسجيل بدأ في صورة محتشمة، كأنما يربأ بفقيه أن يبدي الضعف والوهن، وهو المفروض فيه الصبر والاحتمال، وإذ لم يكن في استطاعته أن يمر على حياة القلوب مر الكرام، فقد أبى إلا أن يسجل – كما قلنا – ما ذاق منه من نفحات عاطرة، وأن يصوغها في سبحات من القول الصادق المعبر الفوار، ومن كلماته في هذا المجال، الأبيات الآتية التي نختم بها حديثنا القصير عن هذا الرجل ذي المجالات الواسعة، للتناول والدرس، قال:
هب النسيم ضحى، ففــاح المنــزل وتـأرجت منـه الصبـا والشمـال
أبرى عليـلا، فـاستحث إلى الصبــا صبـا بـأنفـاس الصبـا يتعلـل
فهـوى الغـوير وسـاكنـيه ومن لـه لو كان يـدنـو منـه ذاك المنـزل
فـأشـام برقــا بـالغضـا، ثم انبرى شـوقـا، على جمر الغضـا يتململ
امتازت الحياة العامة لمغرب المرابطين والموحدين معا، وامتاز مجتمعهما بالفتوة والعمال الحربية العظيمة، التي كونت من الدولتين قوة عسكرية، يحسب لها حسابها في الموازين الدولية لتلك العهود، ويخشى بأسها، ويرغب في محالفتها، وخاصة حين استطاع المغاربة أن ينشئوا قوة بحرية هائلة، استطاعت أن توقف زحف الصليبيين من أوربا على الأندلس، وعلى الشرق الإسلامي أيضا، وتمكنت بذلك من تقديم العون غير المباشر لقوات صلاح الدين الأيوبي، هناك وإن حاول بعض المؤرخين الأجانب، بل وحتى المغاربة، أن يذيعوا بأن المغاربة تقاعسوا عن مديد المساعدة لإخوانهم الشرقيين، الذين كانوا يومئذ يخوضون معارك مصيرية ووجودية ضد الحملات الصليبية المتكالبة، والمشنة من كل أمم أوربا وأمم المسيحية على الإسلام وعالمه شرقا وغربا، وقد حلا لهؤلاء أن يطلقوا العنان لاتهاماتهم، فراحوا يبحثون لأجدادنا المغاربة عن أعذار تبرئ ساحتهم من تهمة هذا التقاعس – وكان على رأس من اتهم بالتقاعس، ومن الملوك المغاربة يوسف ابن تاشفين – فقد زعموا أنه كان ينهج في علاقته بالشرق الإسلامي سياسة التخلي، أو عدم الاهتمام واللامبالاة بمجريات الأحداث ومصائر الأمور هناك، وذهبوا – تبعا لذلك – إلى القول بأن المغاربة لم يلبوا صراخ ونداءات صلاح الدين الاستغاثية، ومطالبته بإمداده بما كان في حاجة ماسة إليه من أساطيل حرية، تسهم في ميادين المعارك الضارية، التي كان يخوضها الشرق الإسلامي ضد الغزو الصليبي، وينتحل أولئك المؤرخون المختلفون لهذا التقاعس الموهوم تعلات وأعذار هي أوهن من بيت العنكبوت، ويوردون لتأكيد ذلك – كمبررات وأسباب قوية أن عدم استجابة ابن تاشفين لاستغاثة الأيوبي، كان بسبب ما قام به الأيوبي من إرسال أعوان له مخربين، كلفوا من طرفه بالعبث والإفساد في شرق الإمبراطورية المغربية، وكانوا بزعامة (قراقوش) وعرب بني هلال وني سليم، بينما علل بعضهم عدم الاستجابة المغربية بسبب عدم اعتراف الأيوبيين بخلافة المغاربة، واستقلالهم الذاتي عن تبعية الخلافة العباسية ببغداد، وتجلى عدم الاعتراف ذاك في رفض الشرقيين مناداة السلاطين المغاربة بلقب الخليفة.
ولكن الحقيقة أن أجدادنا المغاربة، كانوا أيامئذ يخوضون نفس المعارك الصليبية التي كان يحاول رد طماها الجارف إخوانهم المسلمون في الشرق، وإن اختلفت ميادين المعركتين، وربما حتى أسلوبهما، وتباينت مظاهر تلك المقاومة الباسلة، التي كانت تستميت فيها وتبديها الجيوش الإسلامية في وجه أولئك المغيرين الصليبيين الحانقين، تباينت في المغرب عنها في المشرق.
ذلك أن المغاربة كانوا يرومون وراء حركاتهم الحربية ضد الآراء (البينيكتيين الأسبان) متزعمي حركة التمرد، ومقاومة الوجود العربي الإسلامي في الأندلس، والذين كانوا معززين روحيا من الفاتيكان بروما، وماديا من كل أمم أوربا النصرانية، أقول كان المغاربة يرومون وراء ذلك أمرين اثنين:
الأول: الحفاظ على مكاسب الإسلام في الأندلس، لا بوصفها مصدر ثروات مادية، وموارد ضخمة من الاقتصاد والمغانم، وإنما بوصفها خط دفاع وجنة ووقاية ترد عن الممتلكات الإسلامية في المغرب الكبير أطماع الإسبان، الذين كانوا يومئذ – وقد كانوا استردوا قبل كثيرا من الحصون والبلاد من أيدي المسلمين – يحاولون الإجهاز على ما كان تبقى من قلاع وحصون من أيدي الأقزام ملوك الطوائف، الشيء الذي جرأهم على التفكير في محاولة القيام بغزو المغرب الكبير من مختلف جهاته، ولاشك أن التحركات الحربية التي كان قام بها مسيحيو صقلية على المهدية بتونس، أعظم برهان وأقوى دليل على رغبتهم تلك.
الثاني: الحفاظ على وحدة الصف في أجزاء الإمبراطورية المغربية المترامية الأطراف الشاسعة الأرجاء – والتي كانت تمتد من طرابلس ليبيا شرقا، إلى قريب من حدود فرنسا غربا – عن طريق إبقاء القوة العسكرية أبدا على أهبة واستعداد، بل وأن تكون تلك القوة في حالة استنفار قصوى، وذات القدرة الدائمة على مباشرة القتال في الميادين الحربية، ومواصلة أتونها الفوار، فإخلاء حامية أو معقل من حماته، يعني فتح فجوات وثغرات في الواجهة الحربية، التي يجب أن تكون متراصة متماسكة.
على أنه ليس في استطاعته أي كان، أن ينكر أن الحملات الحربية المغربية في الأندلس، كانت من أقوى حركات التأييد لحملات الأيوبيين في الشرق، إذ ثبت تاريخيا أن (الفاتيكان) كان قد أصدر مراسم تقضي بحرمان كل إسباني يفكر في ترك موقعه من معارك إسبانيا، ليلتحق بصفوف الصليبيين بالشرق، وقالت مراسيم البابا في الموضوع: إن النضال ضد عرب ومسلمي الأندلس يعد جزءا أساسيا من النضال الكنسي المشن لمحاربة الإسلام.
وكانت هذه الأوضاع الحربية القائمة لعهدي الدولتين المرابطية والموحدية، مما اقتضى صبغ المجتمع المغربي بصبغة الحياة الجادة، البعيدة عن اللهو والترف والدعة، واستمراء مباهج الحياة الهادئة.
وقد انعكس هذا الواقع على آثار أدباء وشعراء المغرب لتلك الحقبة، ضرورة أن هذين الفنين مرايا تعكس صور الأحداث المعيشة، وتجسم الآمال المتوخاة، وترسم أبعاد المجتمع الأكثر إلحاح وعمقا.
وقد تأثر كل شعراء وأداء تلك الحقبة بهذا الواقع الجدي، بما فيهم شعراء وأدباء الأندلس، الذي لم يتخلوا في معظم محاولاتهم الفكرية، عن خصوص ما كانوا ألفوه من شعر الانهزامية أو التفسخ والانحلال الأخلاقيين، وإنما أيضا تبنوا الطريقة المغربية في التناول، تلك الطريقة القائمة على التغني بالحروب والأمجاد، وما يستدعيه ذلك من أساليب تعبيرية تتسم وتتصف بضخامة الألفاظ، وصدق التعابير، وأحيانا الإغراق في المعاني المتسمة بالغلو والخروج عن المألوف.
بالإضافة إلى سمة أخرى هي استلهام الروح الدينية، واسترفاد معطياتها، وصوغ كل ذلك فيما عرف بعد بالقصائد النبويات، وبالابتهالات، التي ستتخذ في عصر ني مرين، والعصور بعده، ميزة بارزة للأدب المغربي شعرا ونثرا، وقد يكون ذلك من جانب – ولو إلى حد ما – انكفاء لهذه الآداب على نفسها، وانحرافا عن المسيرة التي اتبعتها أختها الآداب الشرقية، مما أوجد هذا النضوب العاطفي – وخاصة في ميادين الشعر العربي – في الأدب المغربي، وقد تكون تلك النبويات متنفسا لهذا الكبت المفروض بحد السلاح على أدباء المغرب، حين وجدوا أنفسهم مكبلين داخل قوقعة ما اعتبره الفقهاء دينا، وافترضوه وحده عقائد مؤيدين مساندة الدولتين المرابطية والموحدية، وبعد هذه الفذلكة، سنحاول الآن أن نتناول بعض آثار الفقيه الأديب (ميمون الخطابي) بالدرس، بوصفه الشخصية التي تكاد تكون صورة مجسمة للأديب الشاعر، الذي يبرز في إنتاجه الخاصيتين اللتين أشرنا إليهما آنفا، أي خاصية التعلق بشعر القوة والفخفخة، حين تناوله الحوادث المعيشة، والواقع الحربيين، وخاصية الإغراق في الابتهالات الصوفية الغيبية المتسترة بالتوهيمات الدينية، واستلهام الأجواء اللادينية، حين ينكفئ على نفسه يجتر أفكاره، ويستعرض أوهام الدنيا، ويقارنها بالحقيقة الأبدية السرمدية.
وميمون الخطابي، يكاد يكون متخصصا في هذه الأشعار الدينية، التي تهتم بصورة خاصة بالأمداح النبوية، على خلاف صاحبيه: ابن حبوس وأبي حفص الأغماتي، وهذا التخصص سمة جديدة، لم تبرز في الآثار الأدبية للمغرب قبل هذه الحقبة، أعني بالوفرة التي برزت في ملاحم ميمون الخطابي، الذي قد يكون تأثر فيها بالحركة الشرقية في هذا المجال، تلك الحركة التي كانت أخذت أعلامها ترفرف على الجو الأدبي في الشرق لعهد ظهور صاحبنا الخطابي، وكان لشرف الدين البوصيري (600 – 682هـ) البربري الأصل، المحدث والخطاط، فضل تقعيد هذا النوع من الأدب العربي وضعه قصيدتيه: (البردة والهمزية) في مدح خير البرية سيدنا محمد عليه السلام.
ونفحات ميمون الخطابي في مدح الرسول محمد عليه السلام، لا تقل في روعتها الفنية: عرضا وتنسيقا وتعابير راقصة عن تحفتي البوصيري، وإن لم يخلد في هذا الميدان إلى الآن سوى قصيدتي البوصيري، اللتين ترجمتا إلى عدة لغات، كما أن المعاني التي عالجها ميمون الخطابي في قصائده النبوية، تدل على روح دينية مشبوبة وعاطفة قوية متأججة، عهدت دائما في جميع أفراد الشعب المغربي المتدين المسلم، بل طالما دفعته هذه العاطفة الدينية إلى تحقيق المعجزات.
وإذا كان الحظ قد تنكب طريق ميمون الخطابي – ككل الذين ولجوا هذا الباب، باستثناء البوصيري قطعا كما قلنا، إما لأن زامرة الحي لا تطرب – كما يقولون – وإما لأن الناس لم يطلعوا على آثاره في هذا الميدان، ومن ثم لم يعطوها ما تستحقه من دراسة واهتمام، ثم من تغن وترتيل وترديد، أو لأنه كما يقول العامة المغاربة – لم تحط بالقبول، أقول إذا كان الحظ قد تنكب الخطابي، فإن تاريخ فن القصائد الدينية أو النبويات بتعبير المادحين والمقرئين لن يكون في مقدوره أن يجحد فضل هذا الرجل يوم تقام لهذا الفن الموازين.
وميمون الخطابي كما في الجذوة لابن القاضي، هو ميمون بن علي بن عبد الخالق الخطابي، نسبة إلى قبيلة من صنهاجة، قد تكون ذات علاقات عرقية بأسرة آل الخطابي الجزائرية، وهي أسرة تقطن الغرب الجزائري في التقسيم الجغرافي الحالي، يوجد أفراد منها حاليا بالمغرب الأقصى، كانوا جاءوا مع الحملة الفرنسية، وقد كونوا لهم في إقليم الغرب ممتلكات فلاحية مهمة، وهم يدعون انحدارهم من أبوة عمر بن الخطاب الخليفة الثاني للرسول عليه السلام.
والخطابي هذا من مواليد مدينة فاس، ويعرف بابن خبازة، لقب كان اشتهر به أحد أخواله يدعى الشاعر ابن خبازة، ويبدو من هذه الكنية، وهذا الانتساب أن الرجل لم يكن من المتطفلين أو الطائرين على الميدان الشعري، وإنما له به صلة وثيقة، وله به وشيجة قربى، وخؤولة دم، ولعل هذه الصلة هي التي دفعت بالرجل إلى الضرب بسهم وافر في ميادين – لا خصوص تلك التي لها اتصال بالأدب والشعر – وإنما أيضا في كل ميادين تحصيل العلوم، وخاصة تلك المتصلة باللغة وفقهها، بالإضافة إلى الآداب ومختلف مجالاتها، حتى صح لصاحب الجذوة ابن القاضي، أن يكتب عنه يقول: (- عن فقهه الأدبي- كان سريع البديهة، ناظما، ناثرا، مع الإجادة، والتفنن في أساليب الكلام، معرفة وإتقانا، في هزله وجده، على اختلاف اللغات).
وتوفي ميمون الخطابي برباط الفتح من سلا سنة (637هـ)، أما ولادته فمجهولة، كما هو الشأن في أغلبية رجالاتنا لما أشرنا إليه سابقا في دراستنا هذه، وإن كان من المحقق – وكما يذكر مؤلفو الطبقات، أن الرجل عمر طويلا، وأنع اتصل بالسلطة الزمانية لعهده، وأنه كلف بمهمة في حسبة الطعام بمراكش.
ومن يقف على آثار الرجل التي تتوزعها الأضابير، وبعض كتب الطبقات – إذ ليس للرجل ديوان شعر خاص، ولم يجمع شعره حتى الآن – ويستشف أشكالها ومضامينها، سيسلم ويلمس إلى أي مدى كانت كلمات ابن القاضي، صاحب الجذوة عن صاحبنا هذا صادقة، فإن قوة الجرس الموسيقي في أساليب الرجل، ووصف الكلمات أفقيا وعموديا معا – وهذا نوع من الأشكال الأدبية، التي استحدثت أيامئذ – مما أضفى على آثار الرجل قوة، وأكسبها وقعا خاصا، هي إلى وقع آثار فحول شعرائنا الأسبقين أقرب، وبها ألصق، فلنقف قليلا نقرأ له مثل هذه المقاطع من قصيدة رثى بها ولدا لأبي بكر محمد بن عبد الملك بن الجد، افتقده شابا يافعا، قال:
أرجـة الصعـق يوم النفخ في السـور أم ذلة الطور يوم الصعق في الطور؟
أم هـذه الأرض إظهـارا لمـا زجرت بـه الخليقـة من إيـقاع محـذور؟
أم الكـواكب في آفــاقــها انتثرت وبــانت الشمس في طي وتكوير؟
مـا للنهـار تعري من ثيـاب سنــا وشـابـه الليـل في أثواب ديجـور
قـد كـان للصبح طرف زانـه بلـل مقسم الخلـق بين الـدجن والنـور
فمـا الملم الــذي غشى بـدهمتـه أديمـه عنبرا من بعـد كـافـور؟
أصـخ لتسمع من أنبـائهـا نبـــأ يطـوي من الأنس فيه كـل منشور
وانظر فإن بني عدنـان مـا حشروا إلا رزء عظيم القــدر مشهــور
رمى قريشـا فـاصمي سهم حــادثة أبنــاء فهر بتـوفيـق المقــادير
فخـانها الجد في ابن الجد يـوم قضى وأثر الخطب فيهــا أي تـــأثير
نـوارة عنـدمـا راقت بـدوحتهــا أهـوت إلى الترب من بين النـواوير
جـار الـذبـول عليها عندمـا ملأت معـاطس الــدهر من طيب وتعطير
قضى، فرافـق شهر الصـوم مرتحلا ووافـق الشهر في فضــل وتطهير
فســار للحين مسرورا، وخلفنـــا للحـزن، فـأعجب لمحزون بمسرور
نـاديت يـا حـادي الأحزان يوم حدا أظعـان قلبي، رفقـا بــالقـوارير
فالوجـد والدمع من حزن قـد اقتسما قلبي وجفني بمنظــوم ومنثــور
وللمـلائـك في آفـاقهــا زجــل قــد شفعتــه بتهليــل وتكبير
يـا عـامر الترب كم خلفت من كبـد ومن فـؤاد بثـاوي الحـزن معمور
لو كنت تحمي وتفـدي للعلى ابتدرت الآمهـا بــالقنى أو بـالقنــاطير
لكنهـا المـوت حكم ليس يـدخلـه نسـخ لخلـق وعـدل دون تجـوبر
يقضي على الأسـد في الآجام حاكمه وفي الكنـاس على البيض اليعـافير
ويمتطي الشهب في شم الجبـال، كما في الـوكر يعتـام أفراخ العصـافير
أعظم بــآيتـه، من آيــة عظمت فليس تــدرك في حـــال بتفسير
فاسمـع بقلبـك، فالأشيـاء نـاطقـة وألسن الحــال تغني كــل نحرير
مقدمـات الليـالي طـالمـا فضحت نتـائـج الغــدر منهـا كل مغرور
جمـع السـلامة معدوم الوجـود بها فكم بهـا للردى من جمــع تكسير
والكـون طرس، وهـذا الخلق أحرفه والحرف مـا بين ممحـو ومبتـور
والـدهر يعرب، والأفعـال يظهرهـا طـوعـا ويعجم منهـا كل مسطور
وإنمــا الخلق أسماء تعــاورهــا إعرابــه بين مرفــوع ومجرور
وكلهم في مـدى الأعمـار تحسبهـم كحـالهـا بين ممـدود ومقصـور
والمــوت مثـل عروضي يكسر من أبيــاتهم كـل مـوزون ومكسور
مـا من يـؤمل أن يبقى وقـد نفضت أيـدي المقـادير من إبرام تقــدير
هـذه الحقيقة لا مـا حـدثتـك بـه آمـال نفسـك عن دنيـاك من زور
لا تخـدعنـك الليـالي، إن فتنتهـا كـادت، فكادت ترينـا كـل محـذور
هـو القضـاء أبي بكر أصبت بـه فـاصبر، وسلم لـه تسليم مـأجـور
ونلاحظ أن هذه القطعة – بالإضافة إلى ما حملها من أفكار فلسفية عن الموت والحياة – صاغ الأبيات الأخيرة، التي أوردناها – والقصيدة يتجاوز عدد أبياتها الثمانين – بما يبرز الموسوعة العلمية التي كان يمتاز بها، ومدى تمكنه العميق، من فهم أسرار قواعد اللغة، إلى درجة التلاعب بمختلف معانيها، مجازيها والحقيقي منها.
ومع ذلك، فإن عبقرية ميمون الخطابي، إنما تبرز وتتجلى صورة واضحة، وبكيفية محسوسة قويت في قصائده النبوية، لنسمع إلى مقاطع من قصيدة له في هذا الباب، بلغت أبياتها أكثر من المائتين، تعرض فيها – تقريبا – للسيرة النبوية من بدايتها إلى نهايتها، وصاغها في قالب شعبي جد محترم، ومن تلك المقطعات قوله:
حقيـق علينـا أن نجي المعـاليـا لنفني في مـدح الحبيب المعـانيـا
لنطلـع من أمـداح أحمـد أنجمـا تلوح فتجلو من سنـاه الـديـاجيـا
كـواكب إيمـان تلـوح، فيهتـدي بأنوارها من بـات يدلـج سـاريـا
سهـوت بمـدح الخلق دهرا، وهذه سجود لجبري كـل مـا كنت ساهيا
رسـول براه اللـه من صفـو نوره وألبسـه بردا من النـور ضـافيـا
ثـوى في ظهـور الطيبين، يصونه وديعـة سر، صـار بـالبعث فاشيا
وخص بطـون الطيبـات لحملـه ليحمـل فرعـا للسيـادة زاكيــا
…وآدم لمـا خـاف يزري بذنبـه توسـل بـالمختـار للـه داعيــا
فتـاب عليـه الله لمـا دعـا بـه وأدنـاه منـه بعدمـا كـان نـائيـا
وقد يهجر المحبوب في حالة الرضى ويأبى الهـوى أن لا يصدف واشيـا
…وكم شـاهدت من آية أمـه بـد يصير بهـا جيد الـديانـة حـاليـا
رأت في معـاليـه مرائي جمــة وصـدقت الآثـار منـه المرائيــا
.. بدا واضعا كفيه بالأرض، رافعا لعينيه نحو الأفق بـالطرف سـاميـا
وأعول إبليس اللعين، وقـال: قـد يئست، وقـدمـا كنت للكفر راجيـا
.. وقال (هرقـل إذ أطل زمـانـه : بني، أرى ملـك الختـان موافيـا
وإيـوان كسرى اهتز ليلة وضعه… وبـات عليـه قصره متـداعيــا
وحمـل ذاك الحلم حجر (حليمـة) لترضعه ذر الفصـائـل صـافيـا
أبى حملـه النسوان لليتم وانبرت له، فرأت – من حينها – الرزق ناميا
وبغضت الأصنـام للمصطفى، فلم يزل هـاجرا فعـل الضلالـة قاليـا
إلى أن يقول – بعد أن يشير إشارات جامعة مانعة لكل مراحل سيرته صلى الله عليه وسلم، وشمائله ومعجزاته، وما أحاط بظهوره من تلك المعجزات:
وآيتــه جلت عن العــد كثرة فمـا تبلغ الأقوال منهـا تنـاهيـا
وأعظمها الوحي الـذي خصه بها فبلـغ منـه آمرا فيـه، نـاهيـا
تحـدى به أهل البيـان بـأسرهم فكلهم ألفـاه بــالعجـز وانيــا
وجـاء به وحيـا صريحـا يزيده مرور الليـالي جـدة وتعـاليــا
تضمن أحكـام الوجـود بأشرهـا وعم القضـايـا مثبتـا فيه، نافيـا
وأخبر عمـا كـان أو هو كـائن يرى ماضيـا أو ما يرى بعد آتيـا
ومـا كتبت يمنـاه قط صحيفـة ولا ريء يومـا للصحـائف تاليـا
عليـه سـلام اللـه لازال رائحا عليه مدى الأيـام حقـا، وغـاديـا
ومن تتبع آثار ميمون الخطابي، قد تشم منه رائحة الاهتمام المتزايد بالشؤون العامة، لا الاجتماعية فحسب، وإنما بصورة أوضح وأعمق بالشؤون الإيديولوجية، التي كانت مدار الساعة، ولها في حياة الدولة المكانة السامية، فكان ينال منها ما لا يتفق وما يعتقده بالنقد والتجريح، ويفندها بالتأويل والتصريح، مما يؤكد أن الرجل لم يكن غرا ولا مصدقا – على الإطلاق لكل ما يراد أن يروج له مهما كان مصدر ذلك، كما يدل على أنه كان يقف من الدعوات التي لا تتفق والفكر الديني الحقيقي، موقف المعارضة التي لا تتخفى وراء الرمزية، وكان أكبر دليل على ذلك موقفه من ادعاء ابن تومرت لفكرة المهدوية، فقد انتقدها في سخرية لاذعة مرة، وأبان زيفها، ومن قوله في ذلك البيتان الآتيان:
وجـد النبـوة حلــة مطويــة لا يستطيـع الخلـق نسج مثـالهـا
فـاسر حسـوا في ارتغـاء يبتغي بمحـالـة نسجـا على منـوالهـا
وحيث أن الإنسان من حيث إنسانيته، مجموعة من الأعصاب الفكرية، وفورة من العواطف، لابد أن يبحث لها ين الحين والآخر – عن متنفس، فإن ميمونا الخطابي وما كان يخرج وهو الإنسان الشاعر الرقيق الإحساس المرهفة، عن الأحاسيس البشرية وطينتها المتقلبة الأهواء والنوازع، المتباينة الميول والرغبات، وحيث أن أهم وأبرز عاطفة إنسانية على الإطلاق – والتي تعطي الإنسانية حقيقتها السرمدية – هي الحب، فإن ميمون الخطابي يمنح هو الآخر من تذوق حسراته اللذيذة وآلامه – التي وإن تكن أحيانا مبرحة – المحببة الشيقة، وإنما شرب منها حتى الثمالة، وسجل عنها في شعره بعض ما ناله منها، وإن يكن هذا التسجيل بدأ في صورة محتشمة، كأنما يربأ بفقيه أن يبدي الضعف والوهن، وهو المفروض فيه الصبر والاحتمال، وإذ لم يكن في استطاعته أن يمر على حياة القلوب مر الكرام، فقد أبى إلا أن يسجل – كما قلنا – ما ذاق منه من نفحات عاطرة، وأن يصوغها في سبحات من القول الصادق المعبر الفوار، ومن كلماته في هذا المجال، الأبيات الآتية التي نختم بها حديثنا القصير عن هذا الرجل ذي المجالات الواسعة، للتناول والدرس، قال:
هب النسيم ضحى، ففــاح المنــزل وتـأرجت منـه الصبـا والشمـال
أبرى عليـلا، فـاستحث إلى الصبــا صبـا بـأنفـاس الصبـا يتعلـل
فهـوى الغـوير وسـاكنـيه ومن لـه لو كان يـدنـو منـه ذاك المنـزل
فـأشـام برقــا بـالغضـا، ثم انبرى شـوقـا، على جمر الغضـا يتململ
اخي وجدت نفس المعلومات السابقة – المشاركة 2 –
المواضيع متوفرة اكثر في علاقة الادب المغربي و العربي
بالتوفيق
معجم " العين " للخليل
إليكم في هذا الموضوع دراسة تحليلية لمعجم
" العين "
لصاحبه الخليل بن أحمد الفارهدي
التحميل من الملفات المرفقة
اسم الملف | نوع الملف | حجم الملف | التحميل | مرات التحميل |
معجم العين.doc | 52.5 كيلوبايت | المشاهدات 253 |
الله يحفضك::
اسم الملف | نوع الملف | حجم الملف | التحميل | مرات التحميل |
معجم العين.doc | 52.5 كيلوبايت | المشاهدات 253 |
مشكورين يعطيكم العافية
اسم الملف | نوع الملف | حجم الملف | التحميل | مرات التحميل |
معجم العين.doc | 52.5 كيلوبايت | المشاهدات 253 |
شكرا لصاحب الموضوع كنت ابحث عن مثل هذا البحث
امتحان في اللسانيات التداولية لطلبة السنةالثالثة ل م د
اليكم وحصريا امتحان السداسي الخامس في اللسانيات التداولية انتهى وبالتوفيق
|
رد: امتحان في اللسانيات التداولية لطلبة السنةالثالثة ل م د
بارك الله فيك
التصنيفات
مصطلح الوظيفة
| مصطلح الوظيفة
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
اخوتي اطرح عليكم هذا السؤال وارجوا منكم الاجابة بدقة من فضلكم السؤال: ما أهمية مصطلح الوظيفة في تحقيق النّصية في النصوص؟
| النـَّقــد والخطاب محاولة قراءةٍ في مراجعةٍ نقديّة عربيّةٍ معاصرة – مصطفى خضر – دراسة
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
إليكم هذه الدراسة التي قام بها الأستاذ مصطفى خضر بعنوان " النـَّقــد والخطاب محاولة قراءةٍ في مراجعةٍ نقديّة عربيّةٍ معاصرة "
|