قال الأصمعي: حدثني رجل من الأعراب قال: خرجت من الحي أطلب أعق الناس وأبر الناس، فكنت أطوف بالأحياء حتى انتهيت إلى شيخ في عنقه حبل يستقي بدلو لا تطيقه الإبل، في الهاجرة والحر الشديد، وخلفه شاب في يده رشاء في قد – أي حبل على شكل سواط – ملوي يضربه به، قد شق ظهره بذلك الحبل.
فقلت: "أما تتقي الله في هذا الشيخ الضعيف؟ أما يكفيه ما هو فيه من حد هذا الحبل حتى تضربه؟!".
قال: "إنه مع هذا أبي!!".
قلت: "فلا جزاك الله خيرا".
قال: "اسكت؛ فهكذا كان يصنع بأبيه، وكذا كان يصنع أبوه بجده".
فقلت: "هذا أعق الناس" (1).
أي عقوق وصل بهذا الولد الشرير حتى وصل به الأمر أن يربط أباه بالحبل ويضربه بالسوط في عز الظهر، فهو لا شك خاسر في الدنيا والآخرة، وهذا جزاء الأب كما فعل بأبيه وسيفعل بالابن كما فعل بأبيه أيضا، وكما تدين تدان فلا مفر من العقوبة.
______________________________
(1) المحاسن والمساوىء.
من كتاب (كما تدين تدان).
مشكوووووووووووووووووووورين