وغيرها من الآيات التي لا تعد ولا تحصى، ومثل ذلك جاء في السنة النبوية: ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره))، لأنه يعلم تعالى أن الذي يؤمن باليوم الآخر وأهواله لا يمكن أن يخالف أوامره ويرتكب مناهيه. فماذا أعددتم لهذا اليوم معشر المسلمين؟ إنّه اليوم الذي سينتهي فيه كل شيء.
سمّاه تعالى باليوم الآخر لأنه آخر يوم في هذه الدنيا.
وسماه تعالى بالقيامة لأن المخلوقات كلها ستقوم فيه من بعد موت.
وسماه تعالى بيوم البعث لأن المخلوقات كلها ستبعث فيه.
وسماه تعالى بالساعة لأن ذلك اليوم يأتي بغتة والناس لا يشعرون، فهو كالساعة أي: اللحظة.
وسماه تعالى بالقارعة لأنه يفزع وتقرع له القلوب لأهواله.
وسماه تعالى بالصاخة لأن القيامة تصخ الآذان، أي: تبالغ في الإسماع حتى تكاد تصخ الآذان أي: تصمها.
وسماه تعالى بالطامة لأنه يطم كل أمر فظيع.
وسماه تعالى بالغاشية لأنه يغشى الناس جميعهم ويعمهم كما يغشاك الثوب.
وسماه تعالى بالحسرة لشدة تحسر العباد في ذلك اليوم وندمهم.
وسماه تعالى بالفصل لأنه يفصل بين المؤمن والكافر والبر والفاجر.
وسماه تعالى بيوم الدين أي: الجزاء لأن كل مخلوق سوف يلقى جزاءه.
وسماه تعالى بيوم الخروج لخروج الناس من مقابرهم.
وسماه تعالى بيوم الوعيد لأنه اليوم الذي أوعد الله به عباده.
وسماه تعالى بيوم الحساب فلا ينجو أحد من محاسبة الله له إلا من رضي عنه.
وسماه تعالى بيوم الجمع فلا يغيب أحد.
وسماه تعالى بيوم التلاق فسوف يلتقي الجميع يومئذ حتى آدم بآخر ابن له.
وسماه تعالى بيوم التنادي لكثرة النداء والصياح والعويل.
وسماه تعالى بيوم التغابن لأن المرء غُبِنَ في حياته فلم يستثمرها في الطاعات.
وسماه تعالى بيوم الخلود إذ لا موت بعده.
وسماه تعالى بالواقعة لأنه متحقق الوقوع.
وسماه تعالى بالآزفة أي: القريبة وكل آت قريب.
وسماه تعالى بالحاقة ففيه يتحقق الوعد والوعيد.
ذلك اليوم لا ريب فيه، ليس بينه وبيننا إلا نفخة واحدة، حين يؤمر إسرافيل بالنفخ في الصور، والصّور قرن ينفخ فيه. وتذكروا جيداً ـ عباد الله ـ ما رواه الحاكم عن أبي هريرة مرفوعاً: ((إن طرف صاحب الصور منذ وُكل به مستعد ينظر نحو العرش، مخافة أن يؤمر قبل أن يرتد إليه طرفه، كأن عينيه كوكبان دريان)). وفي هذا الزمان أصبح إسرافيل أكثر استعداداً وتهيّؤاً للنفخ في الصور، فقد روى الترمذي عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً: ((كيف أنعم وقد التقم صاحب القرن القرن، وحنّى جبهته وأصغى سمعه، ينتظر أن يؤمر أن ينفخ فينفخ)) قال الصحابة: فكيف نقول يا رسول الله؟ قال: ((قولوا: حسبنا الله ونعم الوكيل، توكلنا على الله ربنا)).
قال عز وجل: مَا يَنظُرُونَ إِلاَّ صَيْحَةً و***1648;حِدَةً تَأُخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصّمُونَ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلاَ إِلَى***1648; أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ[يس:49، 50].
روى البخاري عن أبي هريرة مرفوعاً: ((ولتقومن الساعة وقد نشر الرجلان ثوبهما بينهما، فلا يتبايعانه ولا يطويانه، ولتقومن الساعة وقد انصرف الرجل بلبن لقحته ـ ناقته ـ فلا يطعمه، ولتقومن الساعة وهو يليط حوضه فلا يسقي فيه، ولتقومن الساعة وقد رفع أحدكم أكلته إلى فِيه فلا يطعمها)).
هنالك قال تعالى: وَنُفِخَ فِى ***1649;لصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِى ***1649;لسَّمَـ***1648;و***1648;تِ وَمَن فِى ***1649;لأرْضِ إِلاَّ مَن شَاء ***1649;للَّهُ[الزمر:68]. إلا من شاء الله مما لا يفنى كالجنة وما فيها من حورٍ وولدانٍ وغير ذلك، والنار والعرش واللوح والقلم.
يَوْمَ تَرْجُفُ ***1649;لرَّاجِفَةُ[النازعات:6]. يوم وصفه الله العظيم بأنه يوم عظيم فقال: أَلا يَظُنُّ أُوْلَـئِكَ أَنَّهُمْ مَّبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ يَوْمَ يَقُومُ ***1649;لنَّاسُ لِرَبّ ***1649;لْعَـ***1648;لَمِينَ[المطففين:4- 6]، ووصفه بأنه ثقيل فقال: إِنَّ هَـ***1648;ؤُلاَء يُحِبُّونَ ***1649;لْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءهُمْ يَوْماً ثَقِيلاً[الإنسان:27]، ووصفه بأنه عسير فقال: فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ[المدثر:9].
ويبلغ الرعب والفزع بالعباد مبلغه، يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى ***1649;لنَّاسَ سُكَـ***1648;رَى***1648; وَمَا هُم بِسُكَـ***1648;رَى***1648; وَلَـ***1648;كِنَّ عَذَابَ ***1649;للَّهِ شَدِيدٌ[الحج:2].
تلك المرضع التي تغدي وليدها بنفسها في هذه الدنيا تذهل عنه في ذلك اليوم، والحامل يسقط حملها، فالرضيع بلا فطام، والجنين بلا تمام، وترى الناس سكارى لا من الشراب، ولكن من شدة العذاب.
هنالك تشخص الأبصار فلا تطرف، ولا يلتفت الناس يميناً ولا شمالاً، وتصبح أفئدتهم خاليةً هواءً، لا تعي ولا تعقل شيئاً، وَلاَ تَحْسَبَنَّ ***1649;للَّهَ غَـ***1648;فِلاً عَمَّا يَعْمَلُ ***1649;لظَّـ***1648;لِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ ***1649;لأبْصَـ***1648;رُ مُهْطِعِينَ مُقْنِعِى رُءوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء[إبراهيم:42]، وترتفع القلوب لشدة الهول فلا تخرج: وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ ***1649;لآزِفَةِ إِذِ ***1649;لْقُلُوبُ لَدَى ***1649;لْحَنَاجِرِ كَـ***1648;ظِمِينَ[غافر:18] أي: ساكتين.
وحسبك ـ يا عبد الله ـ أن الوليد الذي لم يرتكب جرماً في حياته يشيب شعره لشدة ما يرى من أهوال الساعة، فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِن كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ ***1649;لْوِلْد***1648;نَ شِيباً السَّمَاء مُنفَطِرٌ بِهِ كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولاً[المزمل:17، 18].
وحسبك أن تعلم أن كل إنسان يومئذ سيقطع علاقته بأقرب وأحبّ الناس إليه، فَإِذَا جَاءتِ ***1649;لصَّاخَّةُ يَوْمَ يَفِرُّ ***1649;لْمَرْء مِنْ أَخِيهِ وَأُمّهِ وَأَبِيهِ وَصَـ***1648;حِبَتِهُ وَبَنِيهِ لِكُلّ ***1649;مْرِىء مّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ[عبس:33-37].
ي***1648;أَيُّهَا ***1649;لنَّاسُ ***1649;تَّقُواْ رَبَّكُمْ وَ***1649;خْشَوْاْ يَوْماً لاَّ يَجْزِى وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلاَ مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ ***1649;للَّهِ حَقٌّ[لقمان:33].
هذا بلاغ، هذه نداءات الله لكم فما عساكم تفعلون؟ فاللهم رحمتك يا رحمن، يا أرحم الراحمين، والحمد لله رب العالمين.
بارك الله فيك اخي
و جعل هذا العمل في ميزان حسناتك
شكراااااا