أيها المسلمون! ومن أسباب الانحراف: الصحبة السيئة.
ألا إني أحذر نفسي وإياكم من قرناء السوء: الذين وقفوا في طرق الهداية يصدون شباب الإسلام، وحرفوا وبدلوا في سيرة سيد الأنام عليه الصلاة والسلام.
الأصحاب ثلاثة
قال أحد العلماء: الأصحاب ثلاثة: صاحب كالهواء، وصاحب كالدواء، وصاحب كالداء، فأما الصاحب الذي كالهواء فهو الذي لا تستغني عنه، فإذا انقطع الهواء عنك مت، فهو الذي يقربك من الله، ويدلك على الله، ويحبب إليك ذكر الله، فهذا الصاحب كالهواء، لا تفارقه دائماً وأبداً ما استطعت، زره، وجالسه، واسأله، وادع له.
وصاحب كالدواء، وهؤلاء أهل المنافع، لا تحتاج إليه إلا وقت الطلب، وضربوا على ذلك أمثلة، مثل: الفران أو الخباز، تحتاج إليه إذا أردت خبزاً في الصباح، أما أن تجلس دائماً مع الفران، وتقول: أحبك في الله، ولا أستغني عنك من الصباح إلى المساء، فهذا ليس بصحيح، والخياط تحتاجه عندما تحتاج ثوباً، والنجار لإصلاح الأبواب، والمهندس للسيارة، فلا يحتاج إليه إلا وقت الحاجة.
وصاحب كالداء يعديك، وهذا السم الزعاف، وهذا الذي يقربك من النار، ويقودك إلى الخزي في الدنيا والآخرة -والعياذ بالله- وهذا اهرب منه، وفر منه فرارك من الأسد، واجعل ثوبك في فمك، وتوكل على الله واهرب.
قال أحد الصالحين: " إذا رأيت الرجل يتهاون في تكبيرة الإحرام مع الجماعة، فاغسل يديك منه"، يعني: تب من مرافقته وقالوا: إذا رأيت الإنسان يتهاون عن فرائض الله، فلا تصاحبه قيد أنملة.
وقال جعفر الصادق لابنه: " يا بني! لا تصاحب ثلاثة: لا تصاحب عاق الوالدين فقد لعنه الله، ولا تصاحب فاجراً فيعديك بفجوره، ولا تصاحب كذاباً، فإن الكذاب يقرب لك البعيد، ويبعد عنك القريب ".
وهذه من أحسن الوصايا. فالصحبة الصحبة.
أحذر نفسي وإخواني من جلساء السوء الذين صدوا عن منهج الله.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل). فهذا الحديث النبوي الشريف يدل على أهمية الرفقة أو الصحبة و أثرها في المسلم، فإذا كان الرفيق و الصاحب على خلق إسلامي كريم فان المسلم يستفيد منه أيما استفادة في دينه و دنياه، أما إن تسلط عليه قرين من قرناء السوء فانه يزين له الدنيا في عينيه حتى ينسى الآخرة و أحوالها. قال الله تعالىو من يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين و إنهم ليصدونهم عن السبيل و يحسبون أنهم مهتدون).. إذا هذا القرين عبارة عن شيطان من شياطين الإنس أو شياطين الجن يستعمل كل الوسائل التي تصد الإنسان عن طريق الحق و تزين له السبيل على أنها طريق الهدى. و بمرور الزمن يألف الإنسان طريق الضلال إلى أن يهلك و يصير من الخاسرين، و مصداق هذا الأمر قوله تعالىو قيضنا لهم قرناء فزينوا لهم ما بين أيديهم و ما خلفهم و حق عليهم القول في أمم قد خلت من قبلهم من الجن و الإنس إنهم كانوا خاسرين). لقد حكم عليهم الخالق عز و جل بالخسران و السبب هم قرناء السوء فهم يتسلطون على الإنسان و يحثونه على اقتراف المعاصي خاصة في فترة المراهقة و الشباب حيث تكون هذه المرحلة من العمر انتقالية صعبة يعاني فيها المراهق الشاب من اضطراب في العواطف و المشاعر فيعيش في حيرة و تيه و فقدان لبوصلة حياته، فيستغل القرين هذه الوضعية التي يتخبط فيها الشاب ليلقي عليه براثينه و سيطرته، فقرناء السوء يعلمون الشاب سلوكات و ممارسات لم يسبق أن عرفها في حياته، فيذوق طعمها الذي زينه له القرين و لا يستطيع الفكاك من أغلال هذه السلوكات و الأخلاق الفاسدة.
إن مجالسة الفرد لأصحاب السوء يدفعونه إلى ارتكاب أنواع الفساد و منها على سبيل المثال شرب المسكرات التي تؤدي به إلى الخلاعة و المجون، و حتى لو حضر مجالسهم و أحسن الظن بنفسه و رأى أنها في غاية العفة فان شهوته تغلبه على الوقوع فيما وقعوا فيه.. و إن الإنسان إذا قرب من حزب الشيطان و عصى ربه فانه يحصل وحشة بينه و بين الناس لاسيما أهل الخير منهم مما يجعله ذلك يبتعد عن مجالستهم و يحرم نفسه بركة الانتفاع بهم.. و لقد قال علي بن أبي طالبإياك و صحبة الفاجر و الكذاب و الأحمق و البخيل و الجبان، فأما الفاجر فيرى فعله ود انك مثله، فدخوله عليك شين و خروجه من عندك شين و أما الكذاب فينقل حديثك إلى الناس و حديث الناس إليك فتشب العداوة..).
يقول الدكتور ناصر بن عبد الله التركيإن قرناء السوء من الإنس حسب الإنسان فيهم انه لو خالطهم ووافقهم في أهوائهم إثم و افسدوا عليه أمر الدنيا و الآخرة، لأنه إذا لم يشاركهم في إساءتهم سيكون له نصيب من الرضا فيما يصنعون فيسكت خوفا و حذرا منهم.
الصحبة الحسنة وثمرتها
ويقول ابن المبارك :
وإذا صاحبت فاصحب ماجداً ذا عفاف وحياءٍ وكرم
قوله للشيء لا إن قلت لا وإذا قلت نعم قال نعم
وقال رحمه الله:
إذا صاحبت قوماً أهل ودٍ فكن لهم كذي الرحم الشفيق
ولا تأخذ بزلة كل قوم فتبقى في الزمان بلا رفيق
وقالوا:
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه فكل قرين بالمقارن يقتدي
جزاء من صاحب الصالحين ثلاثة أمور:
أن يزيده الله علماً وفهماً وتوفيقاً.
وأن تدركه دعوتهم في الدنيا.
وأن ينال شفاعتهم في الآخرة.
أولاً: تزداد منهم حسناً إلى حسنك، ينفعونك علماً ونسكاً وزهداً.
الأمر الثاني: يدعون لك بظهر الغيب، ألا دعوةٌ مستجابة، دعوةُ قريبٍ وحبيب لحبيب.
الأمر الثالث: يشفعون لك: الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ[الزخرف:67].
قال أهل العلم: ينفع بعضهم بعضاً في الآخرة، وقال سبحانه عن المعرضين: فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ * وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ[الشعراء:100-101] ومفهوم مخالفة الآية: أن لو كان لهم أصدقاء بررة لنفعوهم بإذن الله لو كانوا معهم.
الصديق الحميم
من منا لا يعرف معنى الصداقة الحقيقية ويطمع فيها
بكل معاني الوفاء والتضحية
جميل أن يكون لك صديقا ً والأجمل أن يكون حميما ً
وهيهات هيهات أن تجده
إلا فيمن صدق مع الله أولا ً ثم مع نفسه والآخرين
إن الصديق الحميم واضح الخلق والدين …..
كوضوح الشمس
تجده من أهل الصلاة وأهل الصلاح تجده مستقيما ً
كريما ً… كثير السؤال عنك وعن حالك مع ( الله )
هو الذي لا يبخل عليك بكل ما يستطيع من وقت ونصح
ودعم مادي ومعنوي … يهمه ما يهمك ويفرحه ما يفرحك
الصديق الحميم ليس ملاكا ً هو إنسان ولكن مهما أخطأ
فخطأه قطرة لا تكدر بحر الوداد
كم من محظوظ بهذه النعمة وكم من إنسان له صديق حميم
بل وكم من إنسان له أكثر من صديق حميم ..
والصديق الحميم إن رأيته ذكرك الله …
يقول أحد السلف ( أخ ٌ كلما لقيته ذكرك الله خير ٌ من أخ كلما
لقيته وضع في كفك دينارا ً )
فاحرص أيها المسلم على أن يكون لك صديقا ً صالحا ًحميما ً
يحب لك خيري الدنيا والآخرة .. وأحذر رعاك الله من جليس
السوء فالمرء مع من أحب .
قال صلى الله عليه وسلم ( مثل الجليس الصالح والجليس السوء
كحامل المسك ونافخ الكير,( فحامل المسك) إما أن يحذيك وإما
أن تبتاع منه ,( ونافخ الكير) إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه
ريحا ً كريها ) أو كما قال صلى الله عليه وسلم .
**********
اللهم اهدنا واهد بنا , وأصلحنا وأصلح بنا
وأنقذنا من النار, وأنقذ بنا
اللهم لا تجعل منا ولا فينا شقيا ً ولا محروما
اللهم آمين
الصحبة أو الصداقة ذلك العالم المليئ بالمشاعر الدافئة و الاحاسيس الاخوية
عالم يستهوى كل انسان للبحث عن صاحب أو أخ يشد به أزره و يفضى اليه بمكنون نفسه
و الصحبة الصالحة حديقة يانعة ,مزهرة يتمتع فيها الانسان بزهورها و يرتاح لشذى عطرها .
أما الصحبة السيئة فانها حديقة شائكة لا تمتع النظر و لا تشم لها الا رائحة الخطر .
قال الشافعى : { لولا القيام فى الاسحار و صحبة الاخيار ما اخترت البقاء فى هذه الديار }
فالاصدقاء يقضى معهم الانسان أوقاتا أكثر مما يقضيها مع أهله فأحيانا يكون السهر معهم
و الاكل معهم و السفر معهم , و الصحبة اما ان تكون سفينة نجاة أو تكون غواصة تغوص
بالانسان الى الاعماق المظلمة المهلكة و كثيرا من الشباب من يصر على مرافقة صحبة
السوء رغم علمه بسلوكياتهم المخالفة للشرع أحيانا , و المتناقضة مع العادات احيانا أخرى
ظانا منه ان لديه مناعة كافية تصمد فى وجه ميكروبات تعاملاتهم و أفكارهم .
ناسيا انه ان لم يتأثر مرات فسيتأثر مرة واحدة و تكون هي القاضية
يقول ابن القيم الاصدقاء ثلاثة :{الاول أحدهم كالغذاء
لابد منه
و الثانى كالدواء يحتاج اليه فى وقت دون وقت
و الثالث كالداء لا يحتاج اليه قط }
فالصحبة السيئة رمال متحركة رغم جمال منظرها و حلاوة المشي عليها الا انه لا يدرى
متى تفاجئه هذه الرمال و تتحرك لتسحبه الى القاع و الهاوية المفجعة
و تكون هي القاضية .
فهل يجب لمخاطرة و المشي على الرمال المتحركة ؟؟؟!!!
يعجبنى قول الشاعر :
اذا كنت فى قوم فصاحب خيارهم *** ولا تصاحب الاردى فتردى مع الردى
و رسول الله و معلم البشرية يقول :
{ انما مثل الجليس الصالح و الجليس السوء كمثل حامل المسك و نافخ الكير
فحامل المسك اما ان يحذيك و اما تبتاع منه و اما ان تجد منه ريحا طيبة ,
و نافخ الكير اما ان يحرق ثيابك و اما ان تجد منه ريحا خبيثة }