وكان أهل بلدته يعرفون عنه هذا ، وإذا ما جاء اسمه على لسان بعضهم لا تجد أحد منهم يذكره بخير.
وفي ليلة من الليالي وبعد أن دخل كل واحد بيته ،وأغلق بابه ، إذا بالكفل يسمع طرقاً على بابه فقام ليفتح ،
فإذا به يفاجأ بامرأة يقطر منها الحياء ، ويذوب وجهها خجلاً ، فسألها عن سر مجيئها فأخبرته بأنها تمر
بضائقة مالية شديدة ، ولم تجد أمامها أحداً سواه لتقترض منه …
وجد الكفل الفرصة سانحة أمامه … امرأة جاءته إلى داره بمحض إرادتها ، وفي سكون الليل ،
ولا يراهما أحد من الناس ، فتلطف معها وأدخلها داره ، وأخبرها بأنه لا مانع لديه من إقراضها المال
ولكن لديه شرط … أن تمكنه من نفسها.
ألحت المرأة عليه ألا يفعل ، فلم يلتفت إلى إلحاحها وتوسلاتها ، فوافقت مرغمة ، وهي تتقطع من داخلها ،
وعندما اقترب منها وجد فرائصها ترتعد ، فسألها عن السبب ، فأخبرته بأنها لم تفعل هذا الفعل من قبل ،
وأنها تخاف الله عز وجل وتخشى عقوبته وغضبه.
هنا توقف الكفل ، وابتعد عنها ، فقد وقعت تلك الكلمات موقعها في نفسه ، ولبث هنيهة ،
ثم قال لها : أنت تقولين هذا القول مع أنك مضطرة لذلك ، فماذا علىَّ إذن أن أقول ؟!
ألست أنا أحق بالخوف من الله منك ؟ ثم تركها تنصرف بعد أن أعطاها ما طلبته من مال.
تركها لتذهب وهو يعيش في لحظات من الذهول … الألم يعتصره ، والندم على ما فعله في حياته يسيطر عليه ،
لقد كانت كلمات المرأة عن الله كالزلزال الذي هز كيانه ، واستخرج من ذاكرته شريط أحداث ماضيه ،
ذكرى أفعال سابقة ،نسى فيها الله ، وكلما تذكر موقفاً من مواقفه المخزية ازداد ندمه ، واشتد ألمه ،وعلا بكائه.
في هذه الأثناء ، وبينما هو في هذه الحالة ، حدث أمر لم يكن في الحسبان … لقد جاء للكفل ضيف آخر ..
لم يكن ذاك الضيف من بني البشر لقد جاءه ملك الموت ليقبض روحه وهو في أشد لحظات الندم والتوبة .
… جاءه ملك الموت ومعه الملائكة يزفون إليه بشرى مغفرة الله له ورضاه عنه.
لقد قبل الله ندمه وعفا عنه ، وفوق هذا الجود لم يتركه ليعيش بعد ذلك فقد يعود إلى سابق عهده من الظلم والطغيان ،
فقبض روحه في هذاالوقت لتكون النهاية السعيدة.
…
نعم – أخي – حدث هذا ، فربك رؤوف رحيم ، يريد أن يعفو عنا جميعاً "والله يريد أن يتوب عليكم"[النساء:27] …
يريد أن يُدخل الجميع الجنة "والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه"[البقرة:221]
…
لا تتعجب أخي مما حدث مع الكفل فكل واحد من البشر يحمل بين جنبيه نفخة من روح الله القدسية ،
ولا يوجد مخلوق فيه هذه النفخة سوى البشر ، فلا تستغرب ما حدث للكفل ،
فالله عز وجل ينتظر من جميع عباده أي التفاتة صادقة إليه ليقبل عليهم ويعفو عنهم ويدخلهم الجنة.
ولكن ، هل انتهت قصة الكفل عند ذلك ؟!
لا ، فقد حدث أمر عجيب لم يكن في الحسبان ، فقداستيقظ الناس في الصباح وخرجوا
من بيوتهم كعادتهم يلتمسون معايشهم ،
وأرزاقهم، فمر بعضهم بجوار بيت الكفل ، فلفت نظره كلام مكتوب بخط واضح على بابه ، فاقترب منه ليقرأه ،
ففغر فاه ، ووقف مشدوهاً لا يكاد يصدق ما يراه ، فقد وجد عبارة تقول " إن الله قد غفر للكفل "
تجمع الناس وقرؤوا العبارة وهم غير مصدقين … طرقوا الباب فلم يفتح لهم أحد ،
ففتحوه عنوة ليجدوا الكفل قد مات ، فازداد عجبهم وحيرتهم ، فهرعوا إلى نبيهم ليسألوه عن أمر الكفل ،
فأوحى الله إليه بما حدث..
فاشتد بكاء الناس ونحيبهم ، وازداد حبهم لربهم ،وتعلقاً برحمته ، بل ومسارعة إلى التوبة إليه .
كان من الممكن أن تمر هذه الحادثة ولا يعلم بها أحد، فالناس يموتون ولا يدري أحد بماذا ختم لهم ،
ولكن الرب الودود الذي يريد أن يطمئن الجميع ويدفعهم للفرار إليه أنزل هذه الآية لينتفع بها الناس ،
ويتفكروا في مغزاها، وما تدل عليه من سعة رحمة الله ومدى حبه لعباده ،
وأنه سبحانه ينتظر منهم أي بادرة صادقة للتوبة إليه فيقبل عليهم ويقبلهم ويمحو كل سيء فعلوه .
فماذا تريد أكثر من ذلك …أقبل ولا تخف فربك ينتظرك
ن
ق
و
ل
نعم باب التوبة مفتوح ختى تطلع الشمش من مغربها
قال الله تعالى :
{
جزاك الله خيرا على قراءتك الموضوع
و توجد توبة و لو بلغت دنوبك السماء
فالله غفور رحيم
بارك الله فيك اخي فاروق
و توجد توبة و لو بلغت دنوبك السماء
فالله غفور رحيم بارك الله فيك اخي فاروق |
ومبارك عليك الشهر الفضيل
شكرا
الموضوع رائع
العفو أختنا الكريمة سعدت بأن تكون أول مشاركة لك بصفحتي أشكر لك مرورك العطر تمنياتي لك بالنجاح