إنّ ترسيخ معنى الصّلاة في نفوس الأبناء هدف كلّ أب، ورؤيتهم يحافظون عليها في أوقاتها أمنية وغاية كلّ أم، لأن الأولاد هم زهرة الحياة الدنيا وفي صلاحهم قرّة عين للوالدين. وإنه من المؤسف أن تجد الكثير من الأولياء لا يُصلُّون ولا يأمرون أبناءهم بأدائها، وهو أمرٌ يُنذر بشرٍّ كبير وفساد في التربية وضعف لأمّتنا.
، ولمّا كان الإثم الأكبر والمسؤولية العظمى على الوالدين، فإنّي أُذكِّر الوالدين ممّن حملوا أمانة الزواج وإنجاب الأبناء بحديث سيّدنا رسول صلّى الله عليه وسلّم: ”كلّكم راع ومسؤول عن رعيته، فالإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل في أهله راع وهو مسؤول عن رعيته” رواه البخاري.
والله عزّ وجلّ يقول في كتابه العزيز: ”يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ” التحريم.6 وقوله تعالى: ”وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى” طه .132 وقوله صلّى الله عليه وسلّم: ”مُرُوا أبناءكم بالصّلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها لعشر وَفَرِّقُوا بينهم في المضاجع”.
وفي هذا التوجيه الربّاني والنّبويّ الكريم من حسن التّدرج واللطف بالصغير الشيء الكثير، فهو يُدعى إلى الصّلاة وهو ابن سبع سنين ولا يضرب عليها إلاّ عند العاشرة من عمره.
وقلَّ أن تَجِد من الآباء مَن طبّق هذا الحديث واحتاج إلى الضرب بعد العاشرة. لكنّه يضرب ابنه على أمور تافهة لا ترقى إلى أهمية الصّلاة.
ومَن تأمّل حال الصّلوات الخمس ومَن يحضرها من الأولاد بالمساجد ليحزن كثيرًا، لقلّة عددهم، ومن يرافق والده تجده يلعب غير مهتم أو مبال بالصّلاة.
أين نحن من عصر السلف رضوان الله عليهم؟، فابن عباس رضي الله عنهما قال: بتُّ عند خالتي ميمونة، فجاء رسول الله بعدما أمسى فقال: ”أصَلَّى الغلام؟”، قالوا: ”نعم” رواه أبو داود.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: ”يُعلّم الصبي الصّلاة إذا عرف يمينه من شماله”، وكان السلف الصّالح يلاحظون أبناءهم في الصّلاة ويسألونهم عنها، فعن مجاهد قال: ”سمعت رجلاً من أصحاب النّبيّ قال: لا أعلمه إلاّ ممّن شهد بدرًا”، قال لابنه: ”أأدركتَ الصّلاة معنا؟، أأدركتَ التكبيرة الأولى؟”، قال: ”لا”، قال: لَمَا فاتك منها خير من مائة ناقة، كلّها سود العين”.
ومن أعظم ما يسديه الأب الموفّق لابنه اصطحابه للصّلاة معه في المسجد وجعله بجواره ليتعلّم منه وليحافظ عليه من أبناء السوء.
يقول ابن القيم رحمه الله: ”فمَن أهمل تعليم ولده ما ينفعه، وتركه سدى، فقد أساء غاية الإساءة، وأكثر الأولاد إنّما جاء فسادهم من قبل الآباء، وإهمالهم لهم، وترك تعليمهم فرائض الدِّين وسنُنه، فأضاعوهم صغارًا، فلم ينتفعوا بأنفسهم، ولم ينفعوا آباءهم كبارًا”.
وإنّ لحرص الآباء والأمهات على إقامة صلاة الأبناء في المسجد فوائد عظيمة، منها:
براءة ذممكم أمام الله عزّ وجلّ والخروج من الإثم بعد تحبيبه للصّلاة وأمره بها، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ”ومَن كان عنده صغير مملوك أو يتيم أو ولد فلم يأمره بالصّلاة، فإنه يُعاقب الكبير إذا لم يأمر الصغير، ويُعَزَّر الكبير على ذلك تعزيرًا بليغاً لأنه عصى الله ورسوله”.
احتساب أجر تعويده على عبادة الصّلاة، قال صلّى الله عليه وسلّم: ”مَن دعا إلى هدى، كان له من الأجر مثل أجور مَن تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا، ومَن دعا إلى ضلالة، كان عليه من الإثم مثل آثام مَن تبعه، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا” رواه مسلم.
جزاك الله خيراا..اختي زينة الاحلام *