-ا- المقدمة/ طرحالمشكلة.
مما لا شك فيه أن المعرفة لا تحصل حقيقة إلا بوجود عقل يفكر , و علامة التفكير أنه يتساءل حول ما يشغلـه كإنسان من قضايا كالحرية ، و كذلك حول ما يحيط به من ظواهر الطبيعة . و بذلك نكون أمام نمطين من الأسئلة : السؤال الفلسفي ذو الطبيعة العقلية و السؤال العلمي ذو الطبيعة الحسية . فما الفرق بينهما ،وما طبيعة العلاقة التي تربطهمـــا ؟
1 من حيث طبيعة الموضوع : السؤال العلمي مجاله حسي مادي –كدراسة الظواهر الفيزيائية والكيميائية ، هل الهيدروجين غاز يشتعل ؟ أما السؤال الفلسفي فمجاله المعقول الميتافيزيقا ظواهر معنوية لا ترى بالعين ، وإنما تدرك بالعقل هل الإنسان حر أم مقيد ؟
2_ من حيث التخصص : مثلا السؤال العلمي محدود وجزئي لأنه يتعلق بظاهرة معينة .(سقوط الأجسام ،التفاعلات الكيماوية ، انقسام الخلايا : السؤال الفلسفي كلي شامل لأنه يتعلق بقضية عامة (الحرية، الأخلاق ..) الفلسفة هي البحث عن العلل الاولى للوجود
3 من حيث التحليل : السؤال العلمي يستعمل التقدير الكمي (لغة الرياضيات) مثل ماهي قوة الجاذبيـة ؟أما السؤال الفلسفي يستعمل التعبير اللفظي
4 من حيث لمنهج : لسؤال العلمي منهجه تجريبي استقرائي الملاحظة ثم الفرضية ثم التجربة المخبرية ، . أما السؤال الفلسفي فمنهجه عقلي تأملي .ضبط التصور ثم طرح الإشكال ثم الموقف مع الحجج
5 من حيث الهدف : السؤال العلمي يهدف إلى الوصول إلى نتائج دقيقة تصاغ في شكل قوانيــن .ث=ك.ج ،سر=م/ز
أما السؤال الفلسفي فيهدف الوصول إلى حقائق و تصورات غالبا ما تكون متباينة بتباين المواقف وتعدد المذاهب
يحدد ألان جورانفيل A.Juraville طبيعة السؤال الفلسفي و خصوصياته في ما يلي:
ا) إن السؤال الفلسفي سؤال قصدي، لأنه يروم بناء معرفة تتسم بالشمولية والإطلاقية
ب) إن السؤال الفلسفي يتضمن شكا قبليا في الجواب، على اعتبار أن ليست هناك معرفة جاهزة ونهائية.
ج) إن السؤال الفلسفي يوجه بالخصوص إلى أولئك الذين يعتقدون امتلاك الحقيقة(سلوك سقراط مثلاا لذي يجعل الناس يشكون في معارفهم ، ليظهر لهم دونية معرفتهم. فالفلسفة فكر يجند نفسه ضد الوثوقية و الدوغمائية
د) إن السؤال الفلسفي تساؤل، باعتباره سؤالا يتضمن في الواقع سلسلة متدرجة من الأسئلة: فكل سؤال يستدعي سؤالا آخر؛ وكل سؤال هو بداية لتساؤل جديد (كارل ياسبرس)K.Jaspers. ان السؤال في الفلسفة أهم من الجواب ،وينبغي على كل جواب أن ينقلب الى سؤال جديد )
5_ المبادئ…..السؤال العلمي ينطلق من التسليم بالمبادئ قبل التجربة مثل مبدأ السببية و الحتمية بينما السؤال الفلسفي ينطلق من التسليم بمبادئ و مسلمات بعد البحث مثل مسلمات المذهب العقلي و المذهب التجريبي .
**أوجه الاتفاق** ….. كلاهما سبيل المعرفة و يساهم في المنتوج الثقافي و الحضاري . و أنهما ينبعان من الشخص الذي يتمتع بالحس الإشكالي .
و بذلك كلاهما يثير الفضول ويدفعا إلى البحث نتيجة الحرج والحيرة الناتجة عن الشعور بوجود مشكلـــــــة .
و بذلك تكون صيغته كلاهما استفهامية . مثل تساؤل نيوتن حول سقوط الأجسام و تساؤل ديكارت عن أساس المعرفة .
كلاهما ينفرد بموضوع ومنهج و هدف تفرضه طبيعة الموضوع
كلاهما يعتمد على مهارات مكتسبة لتأسيس المعرفة .
**مواطن التداخل**:
السؤال العلمي نشأ في رحم السؤال الفلسفي لأن هذا الأخير هو الذي عبر عن حيرة الإنسان تجاه الوجود و مصيره بعد الموت و بعدها انشغل بالظواهر الطبيعية و كيفية حدوثها .أي أن الحيرة الفلسفية تولدت عنها الحيرة العلمية . حيث يقول أوغست كونت أن الفكر البشري مر بثلاث مراحل الرحلة اللاهوتية ثم المرحلة الميتافيزيقية ثم المرحلة العلمية .
إذن السؤال الفلسفي يخدم السؤال العلمي
والسؤال العلمي بدوره ينتهي إلى قضايا قد تثير تساؤلات فلسفية ، خاصة عندما يعجز العلماء عن إيجاد تفسير دقيق وواضح لبعض الظواهر فطبيعة العلاقة بينهما علاقة تداخل وتكامل وتلاحم .
الخاتمة : حل المشكل**
رغم ما يوحي به مظهر الاختلاف من تباين قد يجعل البعض يتسرع في الحكم على العلاقة بينهما ، فقد تبين لنا بعد التحليل أن كل من السؤالين لهما علاقة وظيفية فعالة وخدمة متبادلة دوما لا تنقطع فهناك تواصل مفتوح لا نهائي بينهمــــــــا.
ج-ف
جازاك الله كل خير استاذ
لقد افدتنا فعلا بهذه المقالات
شكرا جزيلا