قال الله سبحانه :" قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها " ,
وكان من دعاء النبي عليه الصلاة والسلام: اللهم آت نفسي تقواها، وزكِّها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها. ولذلك أفضل ما يُشغل الإنسان نفسَه، هو تزكية هذه النفس الأمارة بالسوء.
قال ابن قدامة المقدسي – رحمه الله – في مختصر منهاج القاصدين – ص 156: ( من أراد الوقوف على عيوب نفسه فله في ذلك أربع طُرُق:
1- أن يجلِسَ بين يدي شيخٍ بصيرٍ بٍعُيوبِ النفس، يُعَرِّفُه عيوب نفسِه وطُرُقَ علاجها، وهذا قد عزَّ في هذا الزمان وجودُه، فمن وقع به فقد وقعَ بالطبيب الحاذق، فلا ينبغي أن يُفارِقَه.
2- أن يطلُبَ صديقًا صدوقًا بصيرًا متديناً، ويُنَصِّبَه رقيبًا على نفسِه، لينبِّهه على المكروه من أخلاقِه وأفعاله. وقد كان أميرُ المؤمنين عمرُ بنُ الخطَّاب رضي الله عنه يقول: ( رحِم الله امرءًا أهدى إلينا عُيوبَنا ). وقد كان السلف يحبون من ينبههم على عيوبهم، ونحنُ الآن في الغالب أبغضُ الناسِ إلينا من يُعرِّفُنا عيوبَنا.
3- أن يستفيدَ معرفةَ عيوبِ نفسِه من ألسنةِ أعدائه، فإنَّ عين السُّخط تبدي المساوئ، وانتفاعُ الإنسانِ بعدُوٍّ مُشاجِرٍ يذكُرُ عيوبَه؛ أكثرُ من انتفاعِه بصديقٍ مُداهنٍ يُخفي عنه عيوبه.
4- أن يُخالِط الناس، فكل ما يراه مذمومًا فيما بينهم يجتنبُه ).
هذه أربع طرق تعالج وتصلح نفسك بهن، فأين هم الجادون في إصلاح أنفسهم؟؟.
واعلم أخي المسلم أن إصلاحك لنفسك يكون على مراحل أربع وهي:
1- إصلاح القلب،فالقلب بصلاحه يصلح الجسد كله، كما قال صلى الله عليه وسلم ألا وإن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب) رواه البخاري. ولأن الجوارح ترجمان القلب، فهي تعبر عما يكنه القلب ويستره، ولذا قال أحد السلف الصالح: إنما المرء بأصغريه: قلبه ولسانه.
2- إصلاح السلوك،فلا بد من صلاح سلوك الفرد، ولذا عني الإسلام بتهذيب سلوك المسلم، فهو عنوان التزامه وتدينه، قال الله تعالى وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى)النازعات:40-41.
-3 إعداد الجوارح للسلوك الصالح،كما أن صلاح القلب والسلوك يؤثر بلا شك على جوارح الإنسان، ولذا ينبغي لهذه الجوارح أن تُعَدَّ إعداداً جيداً للالتزام بصلاح القلب والسلوك.
4- التجهيز لأداء النفس لدور في المجتمع،فالمسلم يحيا في حياته ليؤدي دوراً، لا ليعيش ليأكل، وينام، ويموت كالدواب، وقد هوَّن القرآن من شأن قوم عاشوا بلا هدف ولا رسالة، فقال عنهم أولئك كالأنعام بل هم أضل )الأعراف: 179. فالمسلم يحيا لأداء رسالة في مجتمعه، وقد تحدَّث القرآن الكريم عن هذه الرسالة فقال: ( وافعلوا الخير لعلكم تفلحون)الحج:77. ولذا أوجب الإسلام على المسلم أن يؤدي دوراً في مجتمعه، كل يوم قدر استطاعته، يقول صلى الله عليه وسلم: ( على كل مسلم صدقةقيل: أرأيت إن لم يجد ؟. قال: ( يعتمل بيديه، فينفع نفسه، ويتصدق ). قال: أرأيت إن لم يستطع ؟. قال: ( يعين ذا الحاجة الملهوف ) قال: قيل له: أرأيت إن لم يستطع ؟. قال يأمر بالمعروف أو الخير ) قال: أرأيت ان لم يفعل ؟. قال: ( يمسك عن الشر فإنها صدقة(رواه مسلم
من أراد أن يبتعد عن الخطأ، وعن الوقوع في الزلل، فليقرأ بقلبه درة من درر الحسن البصري حيث قال: ( أدركت أقواماً لم تكن لهم عيوب، فتكلموا في عيوب الناس، فأحدث اللّه لهم عيوباً، وأدركت أقواماً كانت لهم عيوب، فسكتوا عن عيوب الناس، فستر اللّه عيوبهم ).
جعلنا الله واياكم من الصالحين