يقول الله تعالى في محكم تنـزيله ( فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (الحجرات:8)
إن حب المؤمن للإيمان فضل كبير من الله عليه ، ونعمة عظمى من الخالق جَلَّ شأنه عليه ؛ وعلى المؤمن أن يفرح بهذا الفضل و هذه النعمة أيما فرح فالحق تبارك وتعالى يقول في كتابه العزيز : (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) (يونس:58)
والمراد بفضل الله هنا (الإيمان ) والمعنى : بفضل الله عليكم يا مؤمنون أن تفضَّل الله تعالى عليكم بنعمة الإيمان ؛ وبرحمته بكم وهي أن بعث فيكم سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم هادياً ومبشراً ونذيراً ؛ وقد وصفه الحق عزَّ وجل بقوله : (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) (الأنبياء:107) ونعته جَلَّ شأنه بقوله :(بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ) (التوبة: من الآية 128) وهو الرحمة المهداة للعالم أجمع فبذلك فليفرح المؤمنون0
وكلمة الرؤوف تأتي بمعنى الرحيم ولكن بشكل أخص فليس كل رحيم يكون رؤوفاً ، وليست كل رحمة تكون رأفة ؛ ولكن كل رأفة هي رحمة وكل رؤوف هو رحيم0
و قد ذكر المولى جلّ شأنه صفتي (رؤوف رحيم) مجتمعة الرأفة ثم الرحمة في تسعة مواضع من كتابه الكريم:
1. قال الله تعالى : ***64831; وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (143)***64830; (سورة البقرة)
2. وقال الله تعالى: ***64831; لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (117)***64830; (سورة التوبة)
3. وقال الله تعالى: ***64831; لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (128)***64830; (سورة التوبة)
4. : وقال الله تعالى***64831; وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (7)***64830; (سورة النحل)
5. وقال الله تعالى: ***64831; أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (47)***64830; (سورة النحل)
6. وقال الله تعالى: ***64831; أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (65)***64830; (سورة الحج)
7. :وقال الله تعالى***64831; وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (20)***64830; (سورة النور)
8. :و قال الله تعالى***64831; هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (9)***64830; (سورة الحديد)
9. و قال الله تعالى: ***64831; وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (10)***64830; (سورة الحشر)
فقد ذكر الله تعالى حبيبه المصطفى صلى الله عليه وسلم واصفاً إياه بصفتين من صفاته تبارك وتعالى فقال : في الآية الثامنة والعشرين بعد المائة من سورة التوبة فقال الرؤوف الرحيم لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ)0
والفرق بين الرحمة والرأفة : أن الرحمة كلمة عامة شاملة وهي كل رحمة آجلة أو عاجلة في أول الأمر أو في آخره في ظاهر الحال أو في باطنه ؛ والعبرة فيها بالنهاية حيث تكون حسنة كلها 0