مقدمة لقد ميز الله تعالى الإنسان بالفكر واللسان ، فبهما يعيش ويؤدي رسالته في عبادة الحق وعمارة الأرض وكان تعدد اللغات واختلاف الألسن من أبرز مقومات الوجود الاجتماعي للإنسانية جمعاء، مهما تباعدت الأوطان واختلفت الألوان، مصداقاً لقوله تعالى " وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ والأرضِ وَاخْتِلاَفُ أَلْسِنَتِكُمْ وَألْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلك لآياتٍ للعالِمينَ "( الروم: 22)
وتشترك جميع اللغات الإنسانية في ثلاثة مكونات أساسية هي: الأصوات ، والدلالات ، والتراكيب ، وفي ضوء هذه المكونات اتسمت كل لغة بنظامها القرائي ، حيث تمثل القراءة في كل لغة أفضل مظهر فكري ، وأعظم إنجاز حضاري ساعد الإنسان على تحقيق كثير من الأهداف والغايات ، والقراءة بهذا لا تكون غاية في ذاتها ، بل تكون وسيلة لغيرها من الغايات ، حيث توسيع الثقافة ، وتدريب العقل على الربط بين الرموز المكتوبة وما تحمله من معاني وأفكار .
وتمثل مهارة القراءة بؤرة العملية التربوية ؛ وذلك لأن التعليم في كافة مستوياته ومراحله يتخذ من القراءة مفتاحاً لكافة مجالات التثقيف في مختلف المواد الدراسية . إن التمكن من القراءة يكاد يكون هو الشغل الشاغل لمعلمي كل المواد الدراسية لكل المتعلمين وبخاصة الصغار منهم .
مفهوم القراءة :
تعريفها لغويّا: قرأ: قراءة، قرء قرآنا: ضَمَّ الحروف بعضها إلى بعض ومنه قوله تعالى: "إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ، فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ" (سورة القيامة، 18/17
تعريفها اصطلاحا :
كان يُنظر إلى القراءة في البداية على أنها تعرف الرموز المكتوبة من حروف وكلمات وجمل والنطق بها ، وهذا هو المفهوم البسيط للقراءة حيث يركز على الإدراك البصري للرموز المكتوبة ، وتعرفها ، والنطق بها دون الاهتمام بالفهم .
ونتيجة للتقدم الذي طرأ على المجتمعات ، والبحوث التي أُجريت تطور مفهوم القراءة فأصبحت " عملية فكرية عقلية ترمي إلى الفهم ، أي ترجمة هذه الرموز إلى مدلولاتها من الأفكار"
ثم تطور هذا المفهوم مرة أخرى بأن أُضيف إليه عنصر آخر هو تفاعل القارئ مع النص المقروء بحيث يستطيع أن يتذوقه وينقده، أي يصدر حكماً عليه سواء إيجابًا أو سلباً .
وحيث إنه لا أهمية لقراءة لا يستفيد منها القارئ ، بل لابد أن تساعده على حل ما يصادفه من مشكلات في مجال تخصصه أو في حياته العامة ، أو في مجالات الحياة المختلفة فقد أُضيف إلى جانب ما سبق : الاستفادة من القراءة باستخدام ما يفهمه القارئ وما يستخلصه فيما يواجهه من مشكلات حياتية خاصة أو عامة.
ومع ظهور وقت الفراغ والرغبة في استغلاله ، والاستمتاع به أضيف إلى ما سبق معنى يجعلها أداة لاستمتاع الفرد بما يقرأ.
والقراءة بهذا ليست عملية سهلة أو بسيطة ، حيث يمارس فيها الفرد ألواناً مختلفة من النشاط العقلي ، وبالتالي يمكن تعريف القراءة بأنها : عملية عقلية عضلية انفعالية تشتمل على تعرف الرموز المكتوبة ، والنطق بها وفهمها ، وتذوقها ، ونقدها ، وحل المشكلات من خلالها ، والاستمتاع بالمادة المقروءة .
ويحث المربون على ضرورة الإعداد الكافي للقراءة ، ويتمثل في تزويد الطفل بكافة الخبرات المحسوسة والتدريبات التي تعينه على السلامة في القراءة من تعرف ونطق وإدراك ولتحقيق ذلك لابد من معاينة الحواس ، وآليات النطق ، واكتساب المعارف الأولية وغيرها ، كما يجب مراعاة الميول القرائية لكيلا يحدث الجفاء والبعد ، فيحسن ربط المقروء بحال التلميذ النفسية ، والاجتماعية ، والثقافية ، والبيئية .
*القراءة عملية يراد بها إيجاد الصلة بين لغة الكلام والرموز الكتابية، وتتألف لغة الكلام من المعاني والألفاظ التي تؤيّد هذه المعاني و مهمّة المربّي الوصول بالتلميذ إلى التأليف السريع بين هذه العناصر .
1 – المعنى الذهني مثلا(تصوّر في الذهن البرتقالة )
2 – اللفظ الذي يؤيّده (تصوّر رمزها اللفظي )
3 – الرمز المكتوب (كتابة البرتقالة )
القراءة: الانتقال من الرمز (المكتوب إلى لغة الكلام (النطق الصحيح بالكتابة: (الخطّ) الانتقال من الرمز الملفوظ (أو الذهني) إلى كتابته.
القراءة الصامتة: ترجمة الرموز إلى معاني.
القراءة الجهورية: ترجمة الرموز إلى ألفاظ مسموعة (أي إلى النطق و التلفّظ بها )
أنواع القراءة :
وقد قسم المربون القراءة قسمين : قسم يتعلق بالقراءة المركزة ، وتعني بفقرات ، أو موضوعات قصيرة تعقبها أسئلة متنوعة وقسم ينوط بالقراءة الموسعة ، وفيها يستفيد التلاميذ من قراءة موضوعات مفصلة ومتنوعة تناسب قدراته ، ويبدو أن الجمع بينهما كفيل بإبعاد نقائص القراءتين .
ولن تتحقق فعالية نشاط القراءة إلا بتكامل العناصر الثلاثة : المعلم ، والمتعلم ، والمادة المقروءة ، واعتماد طريقة ناجعة في التدريس ، وأي خلل لعنصر من هذه العناصر من شأنه أن يعيق عملية التعلم ، فتضيع الغاية التربوية ، ويكمن دور المعلم في متابعة الكلام ومراقبة الأفكار ، ابتغاء تصحيح الأخطاء ، فيتعود التلميذ إذاك على القوالب اللغوية الصحيحة . وقد يكون المعلم طرفا أساسا إذا لم يجد تنويع المثيرات ن أو تأطير الدروس ، أو ميله إلى الإلقاء ، أو جهله بخصائص المحتوى ، أو عدم تبنيه الأهداف التي يسعى إلى تحقيقها ، أو جهله أيضا بالمدارك العقلية للتلاميذ .
ونشير هنا إلى أن المربين تساءلوا عن أنجع الطرائق ، وأيسرها في تدريس القراءة ، فلم تكن إجاباتهم موحدة غير أن هناك طرائق عامة استخدمت في كثير من البلدان عبر أزمنة مختلفة وهي :
الطريقة التركيبية التي تنطلق من الحروف ، فالكلمات ، فالجمل .
الطريقة التحليلية التي تنطلق من الجملة ، أو الكلمة ، فالمقاطع ، فالحروف .
الطريقة التوليفية وهي التي تجمع بين التحليل والتركيب .
أهمية القراءة للمتعلم:
1-القراءة توسع خبرة التلاميذ وتنميهم ، وتنشط قواهم العقلية ، وتهذب أذواقهم ، وتشبع فيهم دافع الاستطلاع ، وتمكنهم من معرفة أنفسهم والآخرين .
2-تفتح القراءة أبواب الثقافة العامة ، فمن خلالها يضيف إلى حصيلته الثقافية في كل يوم شيئا جديدًا ليدعم فكره بأفكار جديدة وبذلك يتسنى له الإنتاج والإبداع الخصب .
3-القراءة هي البوابة الرئيسية لكل المعارف ، وإذا لم يتعلم الأطفال تعلمًا جيدًا ، فإن طريقهم مسدود إلى كل مادة دراسية تقدم لهم في سنوات الدراسة .
4تساعد القراءة الفرد في الإعداد الأكاديمي فعن طريقها يتمكن التلميذ أو المتعلم من التحصيل العلمي الذي يساعده على النجاح وإتقان المعرفة داخل المدرسة . وعن طريق القراءة يمكن حل الكثير من المشكلات العلمية التي تواجهه في حياته الدراسية الأكاديمية والحياتية .
-5 جودة النطق وحسن الأداء… المعنى ( ومن جودة النطق احترام مخارج الحروف وصفاتها ).
-6 كسب المهارات المختلفة-7تنمية الميل إلى المطالعة إثراء الرصيد اللغوي من مفردات وتراكيب.
-8 تدريب التلاميذ على التعبير الصحيح عن معنى ما قرأه .
الأسس التي تقوم عليها القراءة:
1 – التعرف ( إلى الحرف – الصوت ) والنطق به
2 – الفهم 3 – النقد والتفاعل 4 – حل المشكلات والتصرّف في الموقف الحيوية على هذي المقروء.
كانت القراءة غاية فأصبحت وسيلة، أي " كان الطفل يتعلّم ليقرأ ثم صار يقرأ ليتعلّم "……………
وتنظيم الحياة الاجتماعية.
الطريقة المناسبة لتدريس القراءة :
يمكننا أن نتبع في تدريس القراءة الخطوات التالية :ـ
1. التمهيد :ـ ويكون بتهيئة التلاميذ للدرس ، وإلقاء بعض الأسئلة التي تتصل بالموضوع والغرض من التمهيد هو تهيئة التلاميذ للموضوع وتوجيه أفكارهم إليه بطريقة مشوقة حتى يكون لديهم استعداد لتقبل الدرس .
والتمهيد الناجح هو الذي يشعر التلميذ بشوق وحاجة إلى قراءة الموضوع .
2.إخراج كتب المطالعة و أقلام الرصاص : وفي هذه الأثناء يكتب المدرس على السبورة التاريخ ، المادة ، الموضوع
3.القراءة الصامتة :ـ يوجه المعلم التلاميذ بقراءة الموضوع قراءة صامتة) سرية (
• قواعد و أصول القراءة الصامتة :ـ
أ – أن تكون قراءة بالعين فقط دون همس أو تحريك شفة .
ب – أن تكون قراءة سريعة .
ج – وضع خطوط تحت الكلمات الصعبة بالقلم الرصاص .
د – الغرض من هذه القراءة تكوين فكرة عامة للدرس .
4. مناقشة الأفكار العامة بعد القراءة الصامتة (تقويم القراءة الصامتة ).
وذلك بأن يلقي المعلم على التلاميذ بعض الأسئلة حول الأفكار البارزة في الموضوع بعد الفراغ من القراءة الصامتة لقياس مدى ما فهمه التلاميذ أثناء القراءة الصامتة . ويجب أن يراعي في هذه الناقشة أن تتناول النواحي الواضحة في الموضوع و ألا تستغرق وقتاً طويلاً.
5 . القراءة النموذجية :يقرأ المعلم الدرس أو جزءاً من الدرس ويطلب منهم حسن الإنصات ليحاكوه في القراءة .
6 . القراءة الجهرية الأولى :يطلب المعلم من التلاميذ القراءة ويبدأ بأقدرهم على القراءة . بحيث يتناوب التلاميذ المجيدون القراءة حتى نهاية الموضوع .
ويلاحظ أن تمضي هذه القراءة بدون تصحيح الأخطاء التي تقع من التلاميذ إلا إذا كان الخطأ مخلاً بالمعنى ليستطيع التلاميذ متابعة القارئ وفهم الموضوع فهماً دقيقاً شاملاً .
7 – القراءة الجهرية الثانية :
بعد الانتهاء من القراءة الجهرية الأولى يقول المعلم : إخوانكم الذين قرؤوا قد أخطؤوا في بعض المواضع ونريد الآن أن نعيد قراءة الموضوع قراءة جيدة خالية من الخطأ ، ثم يطلب من التلاميذ واحدا تلو الآخر العودة إلى قراءة الموضوع مع العناية بتصحيح الأخطاء في هذه المرة .
– متى نصحح أخطاء التلاميذ ؟ إذا أخطأ التلميذ في القراءة يجب ألاّ نبادر بتصحيح الخطأ بمجرد وقوعه وأيضا لا نترك التلميذ حتى يبتعد كثيرا عن موطن الخطأ ، بل يجب أن نصحح الخطأ بعد أن ينتهي التلميذ من قراءة الجملة .
– كيف نصحح أخطاء التلاميذ ؟
يمكننا ذلك بإحدى الطرق التالية :
أ – بعد أن ينتهي التلميذ من قراءة الجملة التي وقع الخطأ في إحدى كلماتها نطلب منه إعادتها مع تنبيهه على موضع الخطأ ليتداركه . فيقول المعلم : أعد الجملة وتأمل كلمة..
ب – الاستعانة ببعض التلاميذ لإصلاح الخطأ ، بأن يقول المعلم زميلكم أخطأ في الجملة السابقة فمن يستطيع تصحيح .
ج – أن يصحح المعلم الخطأ ، بأن يقرأ الجملة صحيحة .
7 – مناقشة أفكار الدرس : ويكون ذلك عن طريق الحوار والمناقشة ، وللمعلم في ذلك طريقتان
أ – الحوار والمناقشة بعد الانتهاء من قراءة كل مقطع .
ب – الحوار والمناقشة بعد الانتهاء من قراءة الموضوع .
ويحاول المعلم أن تكون هذه الأسئلة غير مباشرة لإثارة تفكير التلاميذ وإحياء الدرس بوجه عام . ويتم من خلال هذه المناقشة شرح بعض أفكار الموضوع التي ربما تكون غامضة لدى التلاميذ . كما يتم توضيح معاني المفردات الصعبة وتدوينها على السبورة من أجل علوقها في أذهان التلاميذ .
8 – التلخيص واستنتاج الأفكار الرئيسة للدرس :
بعد الانتهاء من قراءة الدرس ومناقشته يطلب المعلم من التلاميذ استخراج الأفكار الرئيسة التي يدور حولها الدرس ، ثم يدونها على السبورة .
الطريقة الصحيحة للتقويم المستمر :
ـ1 المهارات التي يُقوَّم التلميذ فيها هي ـ جودة القراءة ، الفهم والاستيعاب ، استنتاج الأفكار .( المتوسطة والثانوية)
2 – ينبغي على المعلم ألاّ يُشعر التلاميذ برهبة الاختبار .
3 – يجب ألاّ يُقوّم التلميذ إلا في مهارة قد تدرب عليها
4 – لا يُقوَّم التلميذ في المهارات كلها في حصة واحدة .
5 – يُعطى التلميذ درجة المهارة كاملة ولا يمكن أن تجزأ .
6 – يعتمد عدد مرات التقويم على عدد الحصص في الأسبوع لكل مادة و أيضاً على عدد التلاميذ في الفصل
مقترحات للنهوض بمستوى القراءة :
بالنسبة للمتعلم :
***61623;الإكثار من التدريب على القراءة السريعة في موضوعات سهلة وشائقة .
***61623;الحرص على تنمية الذخيرة اللغوية والأدبية .
***61623;عدم الانقطاع عن القراءة فترة طويلة .
***61623;الحرص على قراءة كل ما يكتب على شاشة التلفاز من أخبار ، أو إعلانات مفيدة أو ترجمة مادة تلفزيونية إلى اللغة العربية
بالنسبة للمعلم :
1- أن يعمل المعلم في تدريس مهارة القراءة على إثارة الدافعية التي تزيد من نشاط التلاميذ وتثير رغبتهم في القراءة
3- الربط بين القراءة وألوان النشاط اللغوي التي تحتاج إلى القراءة والاطلاع .
2- تنويع طرائق تدريس القراءة وعدم الاقتصار على طريقة واحدة
المراجع:
-سعد، مراد علي (2005). الضعف في القراءة وأساليب التعلم.مصر: دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر
-لافي، سعيد عبدالله (2006). القراءة وتنمية التفكير.مصر: عالم الكتب.
ويلخص (رجب( 2022 مهارات الفهم أثناء القراءة في:
القدرة على إعطاء الرمز معناه.
القدرة على فهم الوحدات الأكبر، كالعبارة والجملة والقطعة كلها.
القدرة على القراءة في وحدات فكرية.
القدرة على فهم الكلمات من السياق واختيار المعنى الملائم لها.
القدرة على التخمين في معاني الكلمات.
القدرة على اختيار الأفكار الرئيسية وفهمها.
القدرة على الاستنتاج.
القدرة على الاحتفاظ بالأفكار.
القدرة على تقويم المقروء ومعرفة الأساليب الأدبية والفكرية وهدف الكاتب.
القدرة على فهم الاتجاهات.
الخاتمة :
ولعل من أجمل ما قيل في القراءة ما كتبته مؤسسة "سكوت فورسمان" (Scott Foresman) في معرض الكتاب الدولي للقراءة الذي عقد في سانتياغو العام 1997 تحت عنوان "سوف أغير العالم":
"سوف أغير العالم بطفل في وقت ما، سوف أعطي هذا الطفل هدية لا تنتهي لذتها أبداً، هدية تجعل العالم بين يديه وتجعله أثرى وأغنى. هديتي هي القراءة التي سوف تفتح العينين وتوقظ الأحلام بالقصص التي تجعل الأطفال يشعرون وينمون ويفكرون. لا شيء يوقفني، ولن أسلو ذلك، لأن قلبي يعرف معنى القراءة، وأي قوة هي".