دعوة لتخصيص دروس في الماسونية، المسيحية والانتحار للتلاميذ
أكثر من 23 درسا مكررا في برامج المتوسط مستقاة من مصادر مجهولة
المرحلة الإلزامية لا تخدم الأهداف المسطرة
حذّر تقرير لخلية متابعة مرحلة التقويم الإلزامي من المصير “المجهول” الذي تتجه له المدرسة الجزائرية بسبب غياب العلاقة بين ما تضمنه القانون التوجيهي للتربية والأهداف المنشودة التي جعلت من الامتحانات المدرسية “لا تعكس حقيقة المستوى”، زاد من كارثيتها الكتاب المدرسي الذي أضحى “لا ينور عقول المتمدرسين ولا يطور ذكاءهم”، في ظل مواد تعليمية كثيفة ومكررة، ولا تتناسب مع سن الأطفال، في الوقت الذي أجمع 150 ألف أستاذ، أن التلميذ الجزائري بدون مستوى فيما أكد 300 ألف آخرين أنه راجع لعزل المدرسة عن المجتمع.
من خلال ملخصات الاستشارة الوطنية التي شارك فيها عدد كبير من عمال قطاع التربية، وقامت بإعدادها النقابة الوطنية لعمال التربية حول تقويم مرحلة التعليم الإلزامي، وبعد التحليل واستقراء النتائج وتفحص الاقتراحات، فلا غرابة بأن تؤكد النقابة بأن “المدرسة الجزائرية تتجه نحو مصير مجهول فليس هناك علاقة بين ما تضمنه القانون التوجيهي للتربية وتلك الأهداف والغايات المنشودة التي تضمنتها مناهجنا الدراسية”.
وأكد الأمين العام بوجناح عبد الكريم، في تقريره أن “الاختبارت والامتحانات المدرسية صارت بنظامها الحالي لا تعكس حقيقة المستوى، ولا تتيح لنا التأكد من ملمح خروج المتكونين، والكتاب المدرسي بحلته الأنيقة لا يوفر ما قدمه العهد الماضي من نصوص أدبية تنمي الإبداع، ومسائل رياضية تنور العقل وتطور الذكاء، أما كتب التاريخ والتربية المدنية والخلقية والدينية ليست محتوياتها كفيلة بتكوين مواطن مزود بمعالم وطنية أكيدة، شديد التعلق بقيم الشعب الجزائري، قادر على فهم العالم من حوله والتكيف معه والتأثير فيه ومتفتح على الحضارة العالمية”.
المرحلة الإلزامية لا تخدم أهداف رسالة المدرسة الجزائرية
وأكد التقرير أن “الجميع دون استثناء أقر بأن البرامج والوحدات المقررة لا تزال مكثفة في جميع مراحل الدراسة للمرحلة الإلزامية، ولا تخدم أهداف رسالة المدرسة الجزائرية، فلم يراع عاملي الزمان والمكان، نصوص أدبية بلا روح ومسائل حسابية دون تحيين، وقضايا علمية وتكنولوجيا صارت من المسلمات”، مؤكدا أن “تلميذ الجنوب لم ير البحر والثلج إلا في كتاب القراءة، وابن الشمال لم ير رمال الصحراء ومشاعل البترول إلا في كتاب الجغرافيا”.
وأضاف التقرير النهائي لخلية المتابعة، الذي استلمت”الفجر” نسخة منه، أن “ما يتزامن مع حركات عقارب الساعة من تطور علمي وتكنولوجي واقتصادي تجنى ثماره على مدار الساعة، وإن ما تدره الحكومة الجزائرية على قطاع التربية من أغلفة مالية ومن رعاية فوقية يختلف عن حقيقة الأوضاع الحقيقية”، في إشارة إلى تفاقم ظاهرة العنف بشتى أشكاله والتسرب المدرسي بكل أسبابه، وهو جعل النقابة تدق ناقوس الخطر بعد أن أصبح المجتمع بكل أطيافه يستقبل أكثر من مؤسسات التكوين المهني، و”المدرسة الإلزامية بعد أن كانت صمام أمان صارت نتيجة الاكتظاظ توجه أطفالا لم تكتمل بصماتهم نحو الحياة العملية”، و”المعلم الجزائري بين العنف والتهميش والوضع في أرشيف الأيلين للزوال رهينة”.
وتطرق التقرير إلى مسائل خطيرة أضحت “راسخة في منظومتنا التربوية بسبب القرارات الارتجالية المركزية، وعلى سبيل المثال مضامين البرنامج المدرسي، جراء كثافة العديد من البرامج وإرهاق كاهل المتعلم، وعدم تماشي بعض المناهج بما يخدم تاريخ وخصائص وحضارة وحياة المجتمع”.
وناقش التقرير المواد التعليمية، وأشار “أنه في اللغة العربية بعض الدروس مكررة من حيث المضمون (طلب العلم -إثر العلماء، الأمومة، عيد الأم، العلاقات بين الأسر، واجبات الأبناء، التضحية، من عظماء وطني، الطبيعة، التصحر الجفاف) في ظل نقص المواضيع الشعرية وتنوعها، في حين أن بعض النصوص لا تحقق المقاربة النصية لدراسة بعض المفاهيم (لا تشتمل الأمثلة المناسبة للبناء اللغوي، والكارثة أن بعض الدروس تفوق بعض التلاميذ، واقترح تعويضها مثل أدب السيرة، شعر الوجدان والطبيعة والإعلام والإشهار، الخطبة، وكذا عمل المصدر، إسناد المثال إلى الماضي والمضارع والأمر، عمل اسم الفاعل وعمل اسم المفعول، تثنية وجمع المقصور والممدود، الأسطورة، النادرة، عمل المصدر، المجاز المرسل، الكناية، التشبيه التمثليلي، الإدغام، الخاطرة، وكذا النص الإشهاري (تكليف الشرعي، مواقيت الصلاة، الساهي والمسبوق، الزكاة والصوم) التي تفوق القدرات العقلية للمتعلم”.
وقال التقرير إن بعض الدروس مكررة في المستوى والمرحلة على غرار “الوصف، الحكاية، القصة، المقال، الإعلام، الإشهار، توسيع فكرة، تلخيص نص، الحجاج، السرد وتقديم المبتدأ على الخبر، في حين أغلب النصوص مجهولة المصادر فلا نعرف صاحبها ولا المناسبة التي قيلت فيها”، داعيا إلى اعتماد نصوص لأدباء معروفين والتعريف بهم كمالك بن نبي، جبران خليل والمنفلوطي.
إجماع على أن التلميذ الجزائري بدون مستوى
وأوضح التقرير أن “بعض الدروس تفوق القدرات العقلية للمتعلم”، مبينا أن “التلميذ الجزائري بدون مستوى والمدرسة الوطنية تتجه إلى مصير مجهول بسبب الارتجالية دائما في إشارة إلى مواضيع (تكليف الشرعي، مواقيت الصلاة، الساهي والمسبوق، الزكاة والصوم)، أما العلوم الطبيعية “فتتميز بكثافة البرامج خاصة برنامج السنة الأولى والرابعة متوسط”.
واقترح التقرير “وضع برنامج السنة الأولى متوسط بدل برنامج مستوى السنة الثالثة متوسط، لأنه يخدم برنامج السنة الرابعة متوسط مستقبلا”، داعيا إلى “مراجعة مادة العلوم الاجتماعية التي تحتوى دروس كثيفة، خاصة برنامج السنة الثانية والرابعة متوسط تاريخ يتميز بالكثافة يجب مراجعة هذا الجانب خاصة تاريخ السنة الرابعة متوسط، مع اقتراح تقليص الحجم الساعي بالنسبة لموضوع الجزائر ولاية عثمانية”.
وطلب التقرير حذف بعض الدروس “نظرا لتكرارها وارتباطها بدروس أخرى، مثل منظمة اليونيسكو في السنة الرابعة متوسط، والأسرة والمجتمع في السنة الثانية والرابعة متوسط، والعلم والتكنولوجيا السنة للثانية والرابعة متوسط”، كما اقترح “فصل مادة التربية المدنية عن أستاذ الاجتماعيات واكتفائه بتدريس مادتي التاريخ والجغرافيا، مع إضافة ساعة ثانية أسبوعيا لمادة التاريخ، وحذف دروس الوحدة الثالثة في مادة التاريخ للسنة الرابعة متوسط لأن لها مدلول مرتبط بالتربية المدنية أكثر من مادة التاريخ”.
تخصيص دروس حول التشيع والماسونية
ونادت الوثيقة ذاتها بـ “تخصيص دروس حول بعض المفاهيم (التشيع، الماسونية، الدعوة للمسيحية، الانتحار، ….) لتحصين تلامذتنا من هذه الظواهر الاجتماعية السلبية التي بدأت تغزو مجتمعنا”.
وبخصوص مادة الإنجليزية، فـ”العديد من النصوص في الكتب المدرسية تفوق مستوى التلاميذ وقدراتهم التعليمية، لذا وجب النظر في تبسيط هذه النصوص والمفاهيم”، وإعادة النظر في البرامج بشكل كلي في مادة الفرنسية وتجسيد تعليمية المادة وإيجاد نصوص تربوية من الواقع المعيش، وتبسيط المعاني المختلفة.
والانتقاد نفسه مسّ الرياضيات والفيزياء، حيث اشتكى من صعوبة البرامج في ظل كثير من أساتذة المادة ليس من ذوي الاختصاص، ناقلا مشكلة غياب قاعة الرياضة لممارسة التربية المدنية.
دعوة إلى حسن استعمال الزمن الدراسي
وأوضح التقرير أن المعلومات التي تم استقاؤها من المعلمين والمفتشين ورؤساء المؤسسات، ووجهات نظر أولياء التلاميذ شكلت كلها حصيلة تطبيق الإجراءات المذكورة، وأبرزت “وقوع إجماع على ضرورة عقلنة وحسن استعمال الزمن الدراسي توخيا لتحسين مردود النظام التربوي، وتركزت الملاحظات والآراء الواردة من الفاعلين وشركاء الجماعة التربوية أساسا على ضرورة تمديد السنة الدراسية لجميع المراحل التعليمية، والاحتفاظ بالأسبوع الدراسي ذي 5 أيام، وتخفيض مدة اليوم الدراسي وتمديد فترة الغذاء لاسيما في المناطق الحضرية، وتقليص الفوارق الناجمة عن نظام سير المدارس الابتدائية في مجال التعليمات، ومراجعة تواريخ الامتحانات المدرسية التي تشكل حاليا عامل تقليص لمدة السنة الدراسية، وضرورة تكييف الزمن الدراسي مع الخصوصيات والعوائق المناخية الجهوية والخصائص الجغرافية”.
بالنسبة للجزائر يبقى عدد الأسابيع المخصص لتنفيذ البرامج أو تطبيق المناهج غير كاف مقارنة بالمقاييس الدولية.
الأساتذة يطالبون بالترميز الرياضي العلمي العربي
وبناء على ما سبق ذكره، اقترحت اللجنة الوطنية وقتا فعليا يشمل 36 أسبوعا، وهو ما “سوف يسمح بتخفيف الضغط على عمل التلميذ وذلك بتخفيف الأسبوع واليوم وضمان تنفيذ البرامج، ويقترح إعادة تنظيم السنة الدراسية من خلال (اختيار مواقيت الدخول والخروج، التغيرات اليومية للأداءات الفكرية، مدّة حصة التعليم، نشاطات مثيرة للجهد الفكري، نشاطات التحاور والتبادل والاتصال، …)، وتدرجية الزمن الدراسي حسب مراحل نمو المتعلمين (ساعة ونصف راحة كفاصل بين الفترتين الصباحية والمسائية غير كافية للمؤسسات بدون طعام)، وإعادة تنظيم التدرجات السنوية للتعلمات حسب كل مادة ومستوى تعليمي نتيجة للتعديلات المدخلة في المناهج وتنظيم الزمن الدراسي”.
واقترح التقرير تنظيم الأسبوع بالنسبة للسنة الأولى متوسط: (3أيام*6 سا)+(1يوم*7سا)+(1 يوم*4سا)، وتنظيم الأسبوع بالنسبة للسنة 2، 3، و4 متوسط (4 أيام*6 سا)+(1يوم*4 سا)، ويخصص مساء يوم الثلاثاء للنشاطات (النشاطات الثقافية، الرياضية والزيارات التربوية)، ومرة في الشهر لاكتشاف المهن وكذا التدعيم التربوي.
وطالب التقرير بإعفاء تلاميذ الطور الأول “الأولى والثانية ابتدائي’’ من دراسة مواد التربية العلمية والتكنولوجيا والتربية المدنية، تخفيفا على هذا المتعلم في مثل هذا السن وهذه المرحلة، وتخفيف الحجم الساعي الأسبوعي واليومي حيث “نقترح ساعتين ونصف صباحا، وساعتين مساء، مع إدراج التعليم التحضيري وتعميمه وجعله إجباريا، وإلغاء الصعود الآلي من السنة الأولى للسنة الثانية، وإعادة النظر في الترميز الرياضي (العلمي) وكتابته باللغة العربية، واستعمال العمليات بالاتجاه العربي (من اليمين إلى اليسار) وإنهاء للإشكال الذي يجده التلميذ والعودة الى السنة السادسة في الابتدائي”.
وكشفت نتائج سبر الآراء الذي استقي منه التقرير السالف الذكر عن رفض 60 بالمائة التوقيت الذي اعتمدته الوزارة للقيام بعملية التقويم المرحلي للتعليم الإلزامي وأن الفترة غير كافية، محذرين من المستوى الذي وصل إليه التلميذ الجزائري بسبب عدم تناسب المنظومة التريوة مع غايات القانون التوجيهي.
المصدر صحيفة الفجر.