التصنيفات
قصص القرآن الكريم

قصة موسى مع الخضر عليهما السلام

قصة موسى مع الخضر عليهما السلام


الونشريس

السلام عليكم …
الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده ..
و بعد فهذه إن شاء الله تعالى سلسلة من الحلقات أضعها بين أيديكم
حول القصص في الكتاب و السنة ( الصحيحة ) ..
و شيء من العبر المستخلصة منها ، و قد قال الله تعالى :
لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لاُوْلِي الألْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَىَ
وَلَـَكِن تَصْدِيقَ الّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلّ شَيْءٍ
وَهُدًى وَرَحْمَةً لّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ
و من القصص التي أوردها قصة موسى مع الخضر عليهما السلام …
أولا: الأخبار الواردة فيهما :
1- قال الله تعالى :
وَإِذْ قَالَ مُوسَىَ لِفَتَاهُ لآ أَبْرَحُ حَتّىَ أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً *
فَلَمّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً *
فَلَمّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَآءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَـَذَا نَصَباً *
قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَآ إِلَى الصّخْرَةِ فَإِنّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَآ أَنْسَانِيهُ
إِلاّ الشّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً *
قَالَ ذَلِكَ مَا كُنّا نَبْغِ فَارْتَدّا عَلَىَ آثَارِهِمَا قَصَصاً *
فَوَجَدَا عَبْداً مّنْ عِبَادِنَآ آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مّنْ عِندِنَا وَعَلّمْنَاهُ
مِن لّدُنّا عِلْماً قَالَ لَهُ مُوسَىَ هَلْ أَتّبِعُكَ عَلَىَ أَن تُعَلّمَنِ
مِمّا عُلّمْتَ رُشْداً * قَالَ إِنّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً *
وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَىَ مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً *
قَالَ سَتَجِدُنِيَ إِن شَآءَ اللّهُ صَابِراً وَلاَ أَعْصِي لَكَ أمْراً *
قَالَ فَإِنِ اتّبَعْتَنِي فَلاَ تَسْأَلْني عَن شَيءٍ حَتّىَ أُحْدِثَ
لَكَ مِنْهُ ذِكْراً *
فَانْطَلَقَا حَتّىَ إِذَا رَكِبَا فِي السّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا
لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً * قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنّكَ
لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً * قَالَ لاَ تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ
وَلاَ تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً *
فَانْطَلَقَا حَتّىَ إِذَا لَقِيَا غُلاَماً فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيّةً
بِغَيْرِ نَفْسٍ لّقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نّكْراً * قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لّكَ
إِنّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً * قَالَ إِن سَأَلْتُكَ
عَن شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلاَ تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِن لّدُنّي عُذْراً *
فَانطَلَقَا حَتّىَ إِذَآ أَتَيَآ أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَآ أَهْلَهَا فَأَبَوْاْ
أَن يُضَيّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً يُرِيدُ أَن يَنقَضّ فَأَقَامَهُ
قَالَ لَوْ شِئْتَ لاَتّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً * قَالَ هَـَذَا فِرَاقُ
بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عّلَيْهِ صَبْراً *
أَمّا السّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ
فَأَرَدتّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَآءَهُم مّلِكٌ يَأْخُذُ كُلّ سَفِينَةٍ
غَصْباً* وَأَمّا الْغُلاَمُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَآ أَن يُرْهِقَهُمَا
طُغْيَاناً وَكُفْراً * فَأَرَدْنَآ أَن يُبْدِلَهُمَا رَبّهُمَا خَيْراً مّنْهُ
زَكَـاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً *
وَأَمّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلاَمَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ
وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً فَأَرَادَ رَبّكَ
أَن يَبْلُغَآ أَشُدّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مّن رّبّكَ
وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِـع عّلَيْهِ صَبْراً *

2- قال البخاري: حدثنا الحميدي, حدثنا سفيان, حدثنا عمرو بن دينار,
أخبرني سعيد بن جبير, قال: قلت لابن عباس: إن نوفاً البكالي يزعم أن موسى
صاحب الخضر عليه السلام, ليس هو موسى صاحب بني إسرائيل.
قال ابن عباس: كذب عدو الله, حدثنا أبي بن كعب رضي الله عنه أنه
سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
«إن موسى قام خطيباً في بني إسرائيل فسئل: أي الناس أعلم ؟
قال: أنا, فعتب الله عليه إذ لم يرد العلم إليه,
فأوحى الله إليه إن لي عبداً بمجمع البحرين هو أعلم منك.
قال موسى: يا رب وكيف لي به ؟
قال: تأخذ معك حوتاً فتجعله بمكتل, فحيثما فقدت الحوت فهو ثم,
فأخذ حوتاً فجعله بمكتل, ثم انطلق وانطلق معه فتاه يوشع بن نون عليه السلام,
حتى إذا أتيا الصخرة وضعا رأسيهما فناما, واضطرب الحوت في المكتل,
فخرج منه فسقط في البحر فاتخذ سبيله في البحر سربا, وأمسك الله عن الحوت
جرية الماء, فصار عليه مثل الطاق, فلما استيقظ, نسي صاحبه أن يخبره بالحوت,
فانطلقا بقية يومهما وليلتهما حتى إذا كان من الغد
قال موسى لفتاه: {آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا}
ولم يجد موسى النصب حتى جاوز المكان الذي أمره الله به,
قال له فتاه: {أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت
وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره واتخذ سبيله في البحر عجبا}
قال: فكان الحوت سرباً, ولموسى وفتاه عجباً,
فقال {ذلك ما كنا نبغِ فارتدا على آثارهما قصصاً}
قال: فرجعا يقصان أثرهما حتى انتهيا إلى الصخرة,
فإذا رجل مسجى بثوب, فسلم عليه موسى
فقال الخضر: وأنى بأرضك السلام. فقال: أنا موسى.
فقال: موسى بني إسرائيل ؟
قال: نعم قال أتيتك لتعلمني مما علمت رشداً
{قال إنك لن تستطيع معي صبراً} يا موسى إني على علم
من علم الله علمنيه لا تعلمه أنت وأنت على علم من علم الله
علمكه الله لا أعلمه.
فقال موسى {ستجدني إن شاء الله صابراً ولا أعصي لك أمراً}
قال له الخضر: {فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكراً}.
فانطلقا يمشيان على ساحل البحر فمرت سفينة, فكلموهم أن يحملوهم,
فعرفوا الخضر فحملوهم بغير نول, فلما ركبا في السفينة لم يفجأ إلا والخضر
قد قلع لوحاً من ألواح السفينة بالقدوم, فقال له موسى: قد حملونا بغير نول,
فعمدت إلى سفينتهم فخرقتها لتغرق أهلها ؟ لقد جئت شيئاً إمراً
قال ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبراً ؟ قال لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني
من أمري عسراً}
قال: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله
فكانت الأولى من موسى نسياناً,
قال: وجاء عصفور فوقع على حرف السفينة, فنقر في البحر
نقرة أو نقرتين فقال لهالخضر: ما علمي وعلمك في علم الله
إلا مثل ما نقص هذا العصفور من هذا البحر.
ثم خرجا من السفينة فبينما هما يمشيان على الساحل إذ أبصر الخضر
غلاماً يلعب مع الغلمان, فأخذ الخضر رأسه فاقتلعه بيده فقتله,
فقال له موسى {أقتلت نفساً زكية بغير نفس لقد جئت شيئاً نكراً
قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبراً}
قال: وهذه أشد من الأولى, {قال إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني
قد بلغت من لدني عذراً, فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها
فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جداراً يريد أن ينقض} أي مائلاً,
فقال الخضر بيده {فأقامه}
فقال موسى: قوم أتيناهم فلم يطعمونا ولم يضيفونا {لو شئت لاتخذت
عليه أجراً, قال هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبراً}
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«وددنا أن موسى كان صبر حتى يقص الله علينا من خبرهما»
قال سعيد بن جبير: كان ابن عباس يقرأ {وكان أمامهم ملك يأخذ كل
سفينة صالحة غصباً} وكان يقرأ {وأما الغلام فكان كافراً وكان أبواه مؤمنين}.
روى البخاري عن قتيبة عن سفيان بن عيينة فذكر نحوه,
وفيه: فخرج موسى ومعه فتاه يوشع بن نون ومعهما الحوت,
حتى انتهيا إلى الصخرة, فنزلا عندها, قال: فوضع موسى رأسه فنام,
قال سفيان: وفي حديث عن عمر قال: وفي أصل الصخرة عين
يقال لها الحياة لا يصيب من مائها شيء إلا حيي فأصاب الحوت
من ماء تلك العين, فتحرك وانسل من المكتل فدخل البحر, فلما استيقظ
قال موسى لفتاه {آتنا غداءنا} قال: وساق الحديث, ووقع عصفور
على حرف السفينة, فغمس منقاره في البحر, فقال الخضر لموسى:
ما علمي وعلمك وعلم الخلائق في علم الله إلا مقدار ما غمس هذا العصفور
منقاره وذكر تمامه بنحوه.

وقال البخاري أيضاً: حدثنا إبراهيم بن موسى, حدثنا هشام بن يوسف
أن ابن جريج أخبرهم قال: أخبرني يعلى بن مسلم وعمرو بن دينار
عن)سعيد بن جبير, يزيد أحدهما على صاحبه, وغيرهما قد سمعته يحدث
عن سعيد بن جبير قال: إنا لعند ابن عباس في بيته, إذ قال سلوني, فقلت:
أيأبا عباس جعلني الله فداك, بالكوفة رجل قاص يقال له نوف يزعم
أنه ليس بموسى بني إسرائيل, أما عمرو فقال لي قال: كذب عدو الله
وأما يعلى فقال لي قال ابن عباس: حدثني أبي بن كعب قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: «موسى رسول الله ذكر الناس يوماً
حتى إذا فاضت العيون ورقت القلوب ولى, فأدركه رجل فقال:
أي رسول الله هل في الأرض أعلم منك ؟ قال: لا, فعتب الله عليه
إذ لم يرد العلم إلى الله, قيل: بلى, قال أي رب, وأين ؟ قال:
بمجمع البحرين, قال: أي رب اجعل لي علماً أعلم ذلك به.
قال لي عمرو: قال حيث يفارقك الحوت, وقال لي يعلى:
خذ حوتاً ميتاً حيث ينفخ فيه الروح, فأخذ حوتاً فجعله في مكتل
فقال لفتاه: لا أكلفك إلا أن تخبرني بحيث يفارقك الحوت, قال:
ما كلفت كبيراً, فذلك قوله: {وإذ قال موسى لفتاه} يوشع بن نون
ليست عند سعيد بن جبير, قال: فبينما هو في ظل صخرة في مكان
ثريان إذ يضرب الحوت وموسى نائم, فقال فتاه, لا أوقظه,
حتى إذا استيقظ نسي أن يخبره, ويضرب الحوت حتى دخل
في البحر فأمسك الله عنه جرية الماء حتى كأن أثره في حجر,
قال: فقال لي عمرو: هكذا كأن أثره في حجر, وحلق بين إبهاميه
واللتين تليهما, قال: {لقد لقينا من سفرنا هذا نصباً} قال:
وقد قطع الله عنك النصب, ليست هذه عند سعيد بن جبير, أخبره
فرجعا فوجدا خضراً قال: قال عثمان بن أبي سليمان: على
طنفسة خضراء على كبد البحر, قال سعيد بن جبير: مسجى بثوب
قد جعل طرفه تحت رجليه وطرفه عند رأسه, فسلم عليه موسى
فكشف عن وجهه, وقال: هل بأرضي من سلام ؟ من أنت ؟
قال: أنا موسى, قال: موسى بني إسرائيل ؟ قال: نعم, قال: فما شأنك ؟
قال: جئتك لتعلمني مما علمت رشداً, قال: أما يكفيك أن التوراة
بيديك وأن الوحي يأتيك يا موسى, إن لي علماً لا ينبغي لك أن تعلمه,
وإن لك علماً لا ينبغي لي أن أعلمه, فأخذ طائر بمنقاره من البحر
فقال: والله ما علمي وعلمك في جنب علم الله إلا كما أخذ هذا الطائر
بمنقاره من البحر, حتى إذا ركبا في السفينة وجدا معابر صغاراً تحمل
أهل هذا الساحل إلى هذا الساحل الاَخر, عرفوه فقالوا: عبد الله
الصالح, قال: فقلنا لسعيد بن جبير خضر, قال: نعم لا نحمله بأجر,
فخرقها ووتد فيها وتداً, قال موسى {أخرقتها لتغرق أهلها لقد
جئت شيئاً إمراً} قال مجاهد: منكراً, {قال ألم أقل إنك لن تستطيع
معي صبراً} كانت الأولى نسياناً, والثانية شرطاً, والثالثة عمداً,
{قال لا تؤاخذني بما نسيت, ولا ترهقني من أمري عسراً,
فانطلقا حتى إذا لقيا غلاماً فقتله}, قال يعلى: قال سعيد:
وجد غلماناً يلعبون, فأخذ غلاماً كافراً ظريفاً فأضجعه ثم ذبحه
بالسكين, فقال أقتلت نفساً زكية لم تعمل الحنث ؟ وابن عباس
قرأها زكية مسلمة كقولك غلاماً زكياً, فانطلقا فوجدا جداراً
يريد أن ينقض فأقامه, قال سعيد: بيده هكذا ودفع بيده فاستقام,
قال: لو شئت لاتخذت عليه أجراً, قال يعلى: حسبت أن سعيداً
قال: فمسحه بيده فاستقام, قال: لو شئت لاتخذت عليه أجراً,
قال سعيد: أجراً نأكله, وكان وراءهم ملك, وكان أمامهم,
قرأها ابن عباس: أمامهم ملك يزعمون, عن غير سعيد, أنه هدد
بن بدد, والغلام المقتول اسمه يزعمون جيسور ملك يأخذ كل سفينة
غصباً, فأردت إذا هي مرت به أن يدعها بعيبها, فإذا جاوزوا أصلحوها
فانتفعوا بها, منهم من يقول سدوها بقارورة, ومنهم من يقول بالقار,
كان أبواه مؤمنين, وكان هو كافراً, فخشينا أن يرهقهما طغياناً
وكفراً أن يحملهما حبه على أن يتابعاه على دينه, فأردنا أن يبدلهما
ربهما خيراً منه زكاة, كقوله: {أقتلت نفساً زكية}, وقوله:
{وأقرب رحماً} هما به أرحم منهما بالأول الذي قتل خضر,
وزعم غير سعيد بن جبير أنهما أبدلا جارية,
وأما داود بن أبي عاصم فقال عن غير واحد: إنها جارية.

ل الخضر حي ؟ .
السؤال: هل الخضر عليه السلام مازال على قيد الحياة كما يدعون؟

الجواب : الصحيح من قولي العلماء ما ذهب إليه الجمهور من أن الخضر
عليه السلام قد مات؛ لظاهر العموم في قوله تعالى سورة الأنبياء الآية 34
( وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ ) ولما ثبت عن ابن عمر عن النبي صلى الله
عليه وسلم أنه قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة صلاة العشاء
في آخر حياته فلما سلم قام فقال: " أرأيتكم ليلتكم هذه فإن على رأس مائة سنة منها
لا يبقى ممن هو على ظهر الأرض أحد، قال ابن عمر : فوهل الناس في مقالة
رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك فيما يتحدثون من الأحاديث عن مائة سنة
وإنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يبقى ممن هو اليوم على ظهر
الأرض أحد ، يريد بذلك أن ينخرم ذلك القرن رواه مسلم ثم هذا هو الأصل الغالب
في سنة الله في بني آدم فيجب البقاء معه حتى يثبت ما ينقل عنه من الأدلة، ولم يثبت
فيما نعلم ما يدل على استثناء الخضر عليه السلام.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
فتاوى اللجنة الدائمة/ ألمجلد الثالث …

– لقد بيَّن النبي صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّم أن هذا العبد الصالح هو الخضر عليه السَّلام ،
( وقد سبقت الأحاديث في ذلك ) ، وقد دلت الآيات السابقة ، والأحاديث الصحيحة
على أن الخضر عليه السلام نبي من الأنبياء ، وليس ولياً فقط ، بل هو من أعلى مراتب الأولياء ..
فالأنبياء عليه السلام مرتبتهم أعلى مرات الولاية والقربى ..
وقد ذهب بعض العلماء إلى أن الخضر ليس نبياً ، وقد تولى جمع من العلماء بيان ذلك ، والرد
على من نفى عنه النبوة …
مسألة خطيرة وهي ما ذهب إليه بعض العلماء من أن الخضر لم يمت، وأنه ما زال حياً..
وهذا القول وإن قال به بعض العلماء فهو قول منكر، وباطل ظاهر البطلان ، وأدلة إبطاله كثيرة
من الكتاب والسنة .. منها:
قوله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ} ومعنى التخليد: البقاء إلى قرب
قيام الساعة ، وهذا مما نفاه الله حل وعلا عن البشر ..
وكذلك فإن النبي صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّم لَمَّا بعث لم يأته ما يزعمون أنه الخضر، ولم يبايعه، ولم يهاجر ،
ولم يجاهد ولم يحصل شيء من ذلك ألبتة ..علماً بأن الهجرة كانت واجبة قبل فتح مكة…
و كذلك الواجب على الخضر لو كان حياً أن يتبع محمداً صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّم ، فلا يخالفه في شريعة ،
ويجب عليه اتباع شريعة محمد صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّم ، وطاعته .. فقد قال عمر رَضِيَ اللهُ عنهُ لرسول الله
صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّم: "إنا نسمع أحاديث من يهود تعجبنا، أفترى أن نكتب بعضها؟!!" فقال:
((أمتهوكون أنتم كما تهوكت اليهود والنصارى؟!! لقد جئتكم بها بيضاء نقية، ولو كان موسى
حيا ما وسعه إلا اتباعي))
وقد وضع الكذابون، وروى المجهولون النكرات أحاديث يذكرون فيها أن الخضر لا يزال حيا!!
وجميع تلك الأحاديث مكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم …
وسنبين في هذا البحث البراهين على أن تلك الأحاديث مكذوبة على رسول الله صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّم ..
تنبيهان هامان:
وقبل ذكر تلك الأحاديث أذكر شيئاً ورد في صحيح مسلم قد يلبس به الصوفية على العامة والجهال
فيزعمون كذباً وضلالاً أن مسلماً روى ذلك في صحيحه!!
وبعد ذلك أذكر بعض الآثار السيئة لتلك الأحاديث المكذوبة التي وضعها الأفاكون على رسول الله
صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّم ليموهوا على الناس بذلك ، ويخدعوهم بأن الخضر عليه السلام ما زال حياً!!
أولا : روى مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدري رَضِيَ اللهُ عنهُ قال:
"حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما حديثا طويلا عن الدجال. فكان فيما حدثنا قال:
((يأتي وهو محرَّمٌ عليه أن يدخل نقاب المدينة. فينتهي إلى بعض السباخ التي تلي المدينة.
فيخرج إليه يومئذ رجل هو خير الناس، أو من خير الناس. فيقول له: أشهد أنك الدجال
الذي حدثنا رسول الله صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّم حديثه. فيقول الدجال: أرأيتم إن قتلت هذا ثم أحييته،
أتشكون في الأمر؟ فيقولون: لا. قال فيقتله، ثم يحييه. فيقول حين يحييه: والله! ما كنت فيك
قط أشد بصيرة مني الآن. قال فيريد الدجال أن يقتله فلا يسلط عليه".
فقد قال إبراهيم بن سفيان راوي صحيح مسلم: "يقال: إن هذا الرجل هو الخضر عليه السلام"
وقال معمر بن راشد في جامعه لما روى الحديث: وبلغني أنه الخضر الذي يقتله الدجال ثم يحيه"..
وهذا القول باطل لأنه لم يسند إلى دليل ، فالأول قال: يُقال! ، والآخر قال: بلغني!
وكل هذه ليست أدلة ..

فالقول بأن ذلك الرجل هو الخضر من القول على الله بغير علم ، والإمامان: معمر ، وإبراهيم
بن سفيان ؛ إنما نقلاه عن مجهول ولم يقولاه ..
ومسلم رحمهُ اللهُ لم يذكر ذلك وإنما هذا من زيادة أبو إسحاق إبراهيم بن سفيان رحمهُ اللهُ.

ثانياً: إن الاعتقاد بحياة الخضر عليه السلام ، جر إلى خرافات وبلايا ، نطق بها بعض
المجانين من الصوفية والحلولية والزنادقة ..
حتى وصل الحال إلى أن يزعم أكثر الصوفية أن كل ما ينقلونه من علومهم يسمعونه من الخضر،
وقد زاد الجيلي أن الخضر مخلوق من روح الله.. "ولا يعلم هذا الجاهل أن آدم هو الذي أمر الله
جبريل أن ينفخ فيه وجبريل هو روح الله وليس الخضر خلقاً خاصاً".
وقد أدى الاعتقاد بحياة الخضر عليه السلام إلى التماس كثير من الناس للخضر ، وبحثهم عنه
ليدعو لهم ، وليتبركوا بجسده والتبرك بالذوات ممنوع شرعاً إلا ما خصه الشرع وهو التبرك
بذات النبي صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّم .
وقد اخترعوا لذلك أساطير وخرافات.
فزعموا أن الخضر عليه السلام يصلي مع الناس متخفياً بزي الفقراء وأن له علامة وذلك أن بؤبؤ
عينيه يتحرك كالزئبق! وأن إبهام اليد اليمنى لا عظم لها!! [انظر: روح المعاني للآلوسي
(15/326)] لذلك إذا صافح بعض الناس بعضهم قبض كل واحد منهم على يمين الآخر مرتكزاً
على الإبهام عله أن يصادف الخضر !!
وكذلك مما يزعمونه من علاماته أنه يكون أول خارج من المسجد!! [سمعت هذا من بعض العوام،
وحدثني بذلك الذي تزعمه العوام الشيخُ عمر محمد فلاتة رحمه الله ، وذكر قصة حصلت له
مع بعض العامة في ذلك ] .
بل وصل حد الغلو في الخضر عليه السلام أن كثيراً من المتصوفة يزعم أنه لقي الخضر وتلقى منه
أحكاماً شرعية وإن كانت مخالفة للشريعة الإسلامية !!
والحكايات عن الخضر ولقيه من بعض الناس وإعانتهم ودفع البلاء عنهم كثيرة جداً لا تحد بحد
وذلك من أبين الأدلة على أنها كذب وبهتان لأن ميزة الكذب أنه لا نهاية له.
ومن ذلك: ما روي عن رياح بن عبيدة قال: رأيت رجلاً يماشي عمر بن عبد العزيز معتمداً
على يديه فلما انصرف قلت له: من الرجل؟ قال: رأيتَه؟ قلت: نعم .قال: أحسبك رجلاً صالحاً
ذاك أخي الخضر ، بشرني أني سأولَّى وأعدل [انظر: فتح الباري(6/311) والبداية والنهاية(1/334) ]
وهذه حكاية باطلة وقد وردت بطرق وقد ذكرها الحافظ ابن كثير وفندها كلها [البداية والنهاية(1/334) ].
ومن ذلك ما ذكر عن عبد الله بن المبارك رحمه الله. قال العلامة الآلوسي: [ روى ابن بشكوال في
كتاب "المستغيثين بالله تعالى" عن عبد الله بن المبارك أنه قال: كنت في غزوة فوقع فرسي ميتاً ،
فرأيت رجلا حسن الوجه طيب الرائحة قال: أتحب أن تركب فرسك؟ قلت: نعم . فوضع يده
على جبهة الفرس حتى انتهى إلى مؤخره ، وقال: أقسمت عليك أيتها العلة بعزة عزة الله ،
وبعظمة عظمة الله ، وبجلال جلال الله ، وبقدرة قدرة الله ، وبسلطان سلطان الله ،
وبـ"لا إله إلا الله" ، وبما جرى به القلم من عند الله ، وبـ"لا حول ولا قوة إلا بالله" إلا انصرفت
فوثب الفرس قائماً بإذن الله تعالى ، وأخذ الرجل بركابي وقال اركب ، فركبت ، ولحقت
بأصحابي . فلما كان من غداة غدٍ وظهرنا على العدو ، فإذا هو بين أيدينا فقلت: ألست صاحبي
بالأمس؟ قال: بلى. فقلت: سألتك بالله تعالى من أنت؟ فوثب قائماً فاهتزت الأرض
تحته خضراء فقال: أنا الخضر . فهذا صريح "أقول: ولكنه ليس بصحيح ، وعلامات الوضع
عليه ظاهرة كما سيأتي من كلام الآلوسي رحمه الله ، والله أعلم" في أنه قد يحضر بعض المعارك]
ثم قال الآلوسي رحمه الله مفنداً لهذه القصة ولغيرها من الشبه التي يستند إليها من يؤمن بحياة الخضر
عليه السلام: [لا يخفى أن نظم الخضر عليه السلام في سلك أويس القرني والنجاشي رحمهما الله ،
ورضي عنهما وأضرابهما ممن لم يمكنه الإتيان إليه ؛ بعيد عن الإنصاف .
وإن لم نقل بوجوب الإتيان عليه –عليه السلام فكيف يقول منصف: بإمامته لجميع
الأنبياء واقتداء جميعهم به ليلة المعراج ، ولا يرى لزوم الإتيان على الخضر –عليه السلام ،
والاجتماع معه مع أنه لا مانع له من ذلك بحسب الظاهر ، ومتى زعم أحد أن نسبته إلى نبينا
–صلى الله عليه وسلم كنسبته إلى موسى –عليه السلام فليجدد إسلامه.
ودعوى أنه كان يأتي ويتعلم خفية لعدم أمره بذلك ، علانية لحكمة إلهية ؛ مما لم يقم عليها الدليل ،
على أنه لو كان كذلك لذكره ولو مرة.
وأين الدليل على الذكر ؟ وأيضاً لا تظهر الحكمة في منعه عن الإتيان مرة أو مرتين على نحو
إتيان جبريل عليه السلام في صورة دحية الكلبي رضي الله عنه .
وإن قيل: إن هذه الدعوى مجرد احتمال. قيل: لا يلتفت إلى مثله إلا عند الضرورة ، ولا تتحقق
إلا بعد تحقق وجوده إذ ذاك بالدليل ووجوده كوجوده عندنا .
وأما ما روي عن ابن المبارك رحمه الله فلا نسلِّم ثبوته عنه ، وأنت إذا أمعنت النظر
في ألفاظ القصة استبعدت صحتَها .
ومن أنصف يعلم أن حضوره عليه السلام يوم قال النبي صلى الله عليه وسلم لسعد
رضي الله تعالى عنه: ((إرم فداك أبي وأمي)) كان أهم من حضوره مع ابن المبارك
–رحمه الله واحتمال أنه حضر ولم يره أحد أشبه شيء بالسفسطة ]. انظر: روح المعاني
ومن الخرافات التي نسجت حول الخضر ، وما يفعله مع الناس ما ذكره البرزنجي في كتابه
"الإشاعة لأشراط الساعة" عن العلامة ملا علي قاري في كتابه "المشرب الوردي
في مذهب المهدي" والذي رد فيه على بعض الجهلة الذين نقلوا قصصاً وحكايات من مصادر
مجهولة .
فذكر هذه الحكاية: (اعلم أن الله قد خص أبا حنيفة بالشريعة والكرامة ، ومن كراماته:
أن الخضر عليه السلام كان يجيء إليه كل يوم وقت الصبح ، ويتعلم منه أحكام الشريعة
إلى خمس سنين. فلما توفي أبو حنيفة رحمه الله ناجى الخضر عليه السلام ربه قال:
((إلهي إن كان لي عندك منْزلة فأذن لأبي حنيفة حتى يعلمني من القبر على حسب عادته
حتى أعلم شرع محمد صلى الله عليه وسلم على الكمال ليحصل لي الطريقة والحقيقة)).
[أقول: سبحان الله!! ما أعظم افتراء مخترع هذه الحكاية إذ لو كان هذا الطلب سائغاً لطلب
من الله أن يكون معلمه محمداً –صلى الله عليه وسلم لا سيما وهو صاحب الشرع وهو حي
في قبره حياة أكمل من حياة غيره من الأموات. ] فنودي أن اذهب إلى قبره ، وتعلم منه
ما شئت . فجاء الخضر ، وتعلم منه ما شاء كذلك إلى خمس وعشرين سنة أخرى حتى أتم
الدلائل والأقاويل ، ثم ناجى الخضر ربه ، وقال: ((إلهي ماذا أصنع؟)). فنودي: أن اذهب
إلى صعانك ، واشتغل بالعبادة إلى أن يأتيك أمري –إلى أن قال له: اذهب إلى البقعة الفلانية
وعلم فلاناً علم الشريعة. ففعل الخضر عليه السلام ما أمره.
ثم بعد مدة ظهر في مدينة ما وراء النهر شاب ، وكان اسمه أبا القاسم القشيري ، وكان يخدم
أمه ويحترمها ، ثم إنه قال وقتاً من الأوقات لأمه: يا أماه قد حصل لي الحرص على طلب العلم ،
وقد قال علي رضي الله عنه: (من كان في طلب العلم كانت الجنة في طلبه) فائذني لي بالسفر
إلى بخارى لأتلقى العلم . فقدرت والدته أنها إن لم تأذن له فستكون مانعة للخير ، وإن أذنت له
لم تصبر على فراقه ، فلم يكن لها بد حتى أذنت له ، فودع القشيري أمه وعزم على السفر
مع شاب صاحب له يطلبان العلم . فقعدت أمه على الباب باكية حزينة وقالت: إلهي أشهد أني
حرمت على نفسي الطعام والمنْزل ، ولا أقوم من مقامي حتى أرى ولدي . فمضى القشيري
ليقضي حاجته فتلوثت ثيابه ببوله وقال لصاحبه: اذهب أنت فإني أريد أن أرجع إلى المنْزل ،
وأخاف أن تصيب النجاسة جسمي في المنْزل الثاني ، ويصيب روحي في الثالث!! ، فقعودي
عند والدتي أولى.
ورجع إلى أمه ، فوجدها في مكانها الذي ودعها منه ، فقامت وصافحت ولدها وقالت: الحمد لله.
فأمر الله الخضر عليه السلام: أن اذهب إلى القشيري وعلمه ما تعلمت من أبي حنيفة رحمه الله
لأنه أرضى أمه . فجاء الخضر إلى أبي القاسم وقال: أنت أردت السفر لأجل طلب العلم ،
وقد تركته لرضى أمك ، وقد أمرني الله تعالى أن أجيء إليك كل يوم على الدوام ، وأعلمك.
فكل يوم يجيء إليه الخضر عليه السلام حتى ثلاث سنين ، وعلمه العلوم التي تعلم
من أبي حنيفة في ثلاثين سنة حتى علمه علم الحقائق والدقائق ، ودلائل العلم ، وصار مشهورَ
دهرِه ، وفريدَ عصرهِ حتى صنف ألف كتاب وصار صاحب كرامة وكثر مريدوه وتلاميذه …)
إلخ هذا الهراء.
قال الشيخ ملا على قاري رحمه الله بعد نقله الحكاية السابقة مختصرة جداً: [ولا يخفى أن هذا
مع ركاكته ولحنه ؛ كلام بعض الملحدين الساعين في إفساد هذا الدين إذ حاصله:

1 إن الخضر عليه السلام الذي قال الله في حقه: {عبداً من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا
وعلمناه من لدنا علماً } وقد تعلم منه موسى عليه السلام ؛ أصبح من جملة تلاميذ أبي حنيفة
رحمه الله! .

2 وما أسرع فهم التلميذ حيث أخذ عن الخضر في ثلاث سنين ما تعلمه الخضر من أبي حنيفة
حياً وميتاً في ثلاثين سنة!.

3 وأعجب منه أن أبا القاسم القشيري ليس معدوداً في طبقات أبي حنيفة!! .

4 ثم العجب من الخضر عليه السلام أنه أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يتعلم منه الإسلام ،
ولا من الصحابة الكرام ، ولا من عظماء التابعين ، وقد رضي بغيرهم! فهذا لا يخفى بطلانه
حتى على العقول السخيفة!!
ثم قال العلامة البرزنجي: إن كلام القائل المذكور باطل من وجوه كثيرة منها ما أشار إليه
الشيخ علي القاري ومنها:

5 أن أبا القاسم القشيري من الفقهاء الشافعية ، ومشايخه في الفقه والكلام والتصوف معروفون.

6 أنه لا يعرف له من التأليف غير كتاب الرسالة والتفسير وكتب أخر معدودة لا تبلغ
ألف ورقة فضلاً عن ألف كتاب.

7 أن الخضر عليه السلام الذي يخاطب ربه ، ويناجيه ، ويجيبه ربه ، ويناديه ؛ لم لا يسأل
ربه أن يعلمه الإسلام من غير واسطة أحد حتى يتعلم من قبر أبي حنيفة رحمه الله ؟!!.

8 أن الخضر عليه السلام إما أن يكون مأموراً بتعلم شرع النبي صلى الله عليه وسلم أو لا ؛
فإن كان مأموراً به فتَرْكُهُ التعلمَ إلى زمن أبي حنيفة رحمه الله بل إلى بعد موته وهو إنما
مات سنة 150 تركٌ للواجب ، وكيف يجوز للمعصوم أن يترك الواجب 150 سنة؟!!
إذا الأصح أنه نبي .

وإن لم يكن مأموراً بذلك ، وإنما هو زيادة تحصيل الكمال فلِمَ لم يأخذه من النبي –صلى الله
عليه وسلم غضاً طَرِيّاً؟!! وإن لم يعلم أنه كمال إلا بعد موت أبي حنيفة رحمه الله فقد جوز
الجهل بالكمال!!.

9 أن الإمام أبا حنيفة رحمه الله مجتهد ؛ والمجتهد قد يصيب ، وقد يخطئ ، ولذا خالفه
صاحباه في أكثر من ثلث أقواله فكيف يقلد من لا يخطئ قط من يخطئ ويصيب!!.

10 أن جميع فقه أبي حنيفة يمكن أن تجمع أصوله وفروعه في كتاب واحد أو في كتابين
فما الذي في ألف كتاب؟!

11 أن فيها مفاسد كثيرة لا تنحصر لأنها افتراءات وأكاذيب لا يرضاها الله ورسوله
–صلى الله عليه وسلم ، ولا أبو حنيفة نفسه.

انتهى كلام العلامة البرزنجي انظر: الإشاعة لأشراط الساعة(ص/228230).

وقد أطلت في ذلك لبيان مدى تأثير القول بحياة الخضر عليه السلام على العامة والقصاص
والوعاظ الجهلة.
وقد رجح جمع من المحققين وفاة الخضر عليه السلام منذ أمدٍ بعيد ، وفندوا شبه من قال بحياته
منهم العلامة ابن الجوزي في كتابه"عجالة المنتظر في شرح حال الخضر".
وكتاب"القول المنتصر على الدعاوى الفارغة بحياة أبي العباس الخضر لحسين بن الأهدل اليمني.
ومن أجمل من فند شبه من قال بحياة الخضر ودلل على موته العلامة ابن القيم رحمه الله في كتابه
المنار المنيف (ص/6776).
وكثير ممن يعتقد بحياة الخضر يستغيث به لتفريج الكربات عند حصول المدلهمات وهذا
من الشرك الأكبر. والله المستعان




رد: قصة موسى مع الخضر عليهما السلام

جزاك الله خيرا




رد: قصة موسى مع الخضر عليهما السلام

شكرااا جزييييلا




رد: قصة موسى مع الخضر عليهما السلام

بدأت حكاية موسى عليه السلام مع الخضر عليهما السلام ، حينما كان عليه الصلاة والسلام يخطب يوماً في بني إسرائيل، فقام أحدهم سائلاً: هل على وجه الأرض أعلم منك؟ فقال موسى: لا، إتكاءً على ظنه أنه لا أحد أعلم منه، فعتب الله عليه في ذلك، لماذا لم يكل العلم إلى الله، وقال له: إنَّ لي عبداً أعلم منك وإنَّه في مجمع البحرين، وذكر له أن علامة مكانه هي فقد الحوت، فأخذ حوتاً معه في مِكْتَل وسار هو وفتاه يوشع بن نون، وحكت لنا سورة الكهف كيف التقى مع العبد الصالح الخضر، إذ بدأت الحكاية في القرآن الكريم بعزم موسى عليه السلام على الرحلة إلى مَجْمع البحرين في طلب العلم ، كما قال تعالى : " وَإذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ البَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً ".
ثم تتابعتْ الأحداث حيث نسيا الحوت وواصلا طريقهما، ثم تنبها لنسيانه فعادا، ولقي موسى عليه السلام الخضر عند مجمع البحرين، والخضر (و القول بنبوته قوي ) عبد صالح وهبه الله نعمة عظيمة من العلم وفضلاً كبيراً: "فوَجَدَا عبْداً مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً". وتستمر القصة حين يعرض موسى عليه السلام على الخضر مرافقته لطلب العلم، والشرط بينهما، وما حصل أثناء هذه الرحلة من أحداث، في تسلسل قرآني جميل: " قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا (66) قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (67) وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا (68) قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا (69) قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَن شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا (70)".
ثم انطلقا، وحصلت المواقف التي لم يصبر موسى عليها، وكان الختام حين افترقا، ليقدم المعلم للمتعلم تفسيراً لكل ما حصل، في دروس عظيمة ظلت خالدةً تتلى: " قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا". ثم بدأ يشرح له: " أمّا السفينة " ! .

التأملات:
1. العجب بالعلم مكمن الخطر. فعلى الإنسان ألاّ يعجب بعلمه أو بظنّ بنفسه وصول المنتهى. ويظهر ذلك في معاتبة الله تعالى لموسى عليه السلام بعد أن سئل عن أعلم الناس فنسب ذلك إلى نفسه، وهو درس لمن وراءه، أن لا يرى في نفسه إعجاباً بعلمه أو فهمه أو تميزه، فذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، وما أوتي الإنسان من العلم إلا قليلاً حتى لو كثر.
2. تُلحظ مسألة حب الاستطلاع واضحة جليّة، وتتمثل في ذهاب موسى عليه السلام وتساؤله عن الرجل الأعلم منه، لا لمجرد الرؤية، بل قرن ذلك بنية صحيحة وهي التعلم منه.
3. الحرص على التعلم محمدة مهما بلغ شأو الإنسان العلمي وشأنه المعرفي، وهذا هو نهج الأنبياء ومن تبعهم من الصالحين والعلماء، فالعلم ميراث النبوة، ورفعة الشأن، وصلاح الأسس، حتى لو استغرق الأمر من الإنسان زمناً طويلا يسعى به لتحقيق مرامه، ونيل أهدافه. ويظهر ذلك في قوله تعالى: ( أو أمضي حقبا ).
4. يتجلى الأدب الجميل .. أدب المتعلم مع المعلم: ( على أن تعلّمني ). وفيه أيضاً فائدة لطيفة، فالمتعلم له أن يبيّن حاله التي سيكون عليها مع معلمه، لينال رضاه عليه، وإقباله لتعليمه. ورغم أنّ المتعلم هنا أرفع قدراً بحكم النبوة والرسالة ( باعتبار نبوة الخضر عليه السلام ) ، إلا أنه يقدم عرضاً للمعلم كي تطيب نفسه بصحبته بشيئين:
أ. (ستجدني إن شاء الله صابراً ). أي صبر على التعلم مع تعليقه الصبر بالمشيئة.
ب. ( لا أعصي لك أمراً ). وفيه تمام الامتثال والطاعة.
5. على المعلم أن ينصح تلميذه غاية النصح، بتبيين حال العلم حتى لا يُدخله فيما لا يطيقه من العلم: ( قَالَ إنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً). مع تبيين السبب فيما يرده عنه أو يمنعه منه. وذلك في تبيين الخضر لموسى عليهما السلام: (وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً).
6. من الأدب التربوي أيضاً ألاّ يتعجل التلميذ بسؤال معلمه حتى ينهي حديثه، فربما عرض الجواب في ثنايا الحديث، وذلك يؤخذ من قوله: (فَلا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً )
7. يُتعلم من القصة المبادرة إلى الإنكار في حال وقوع المنكر، فرغم أنّ موسى عليه السلام قد شرط للخضر ألاّ يسأله، إلا أنه أنكر عليه ما رأى ظاهره المنكر، وقد أنكر ناسياً الشرط في البداية حين خرق السفينة، إلا أنه لم يكن قد نسيه حين قتل الغلام، لكون المنكر عظيماً في نظره. (أخرقتها لتغرق أهلها) ، ( لقد قتَلتَ نفساً زكيّةً بغيرٍ نَفس).
8. للمعلم العتاب حين يخطئ تلميذه أو يجاوز: (قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إنَّكَ لن تستطيعَ معيَ صبراً). وعلى المتعلم الاعتذار: (قَالَ لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً).
9. يجوز إتلاف بعض الشيء لإصلاح باقيه، أليست قاعدة عظيمة من قوله تعالى: (فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا).
10. صلاح الأب ممتد الأثر ودائم النفع، إذ في الآية دعوة لأن يبدأ الآباء بتربية أنفسهم قبل تربية أبناءهم، فستكون الثمار يانعة وباقية. (وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً). حتى قال بعض المفسرين أنه الأب السابع للغلامين.

————–
حاشية: بعد فراغي من كتابة هذه التأملات، وجدتُ أني قد وافقتُ الشيخ السعدي رحمه الله في بعض الفوائد الجليلة التي علق بها على هذه القصة؛ فالحمد لله كثيراً أن توافقت الخواطر ووقع الحافر على الحافر.

قصة الخضر مع موسى عليهما السلام
"تأملات تربوية"




رد: قصة موسى مع الخضر عليهما السلام

الله اعطيك العافية ما شاء الله عليك…….




رد: قصة موسى مع الخضر عليهما السلام

قصــــــــــــــــــــــــــــــــة بارعة ومفيدة
بـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــارك الله لك
ونطمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــع بالمزيد




اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.