كلام الأطباء المشتمل على الدراسة والتجربة تبين لنا أن المسواك خير وأفضل من المعجون والفرشاة معا وعلينا أن نعتني بأستواكنا ونحض على استعماله في جميع الأوقات وبذلك نفوز بمرضاة ربنا واتباع سنة نبينا صلى الله عليه وسلم.
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلقه محمد وعلى آله و صحبه أجمعين. أما بعد :
إن محبة الله عز وجل منوطة بإتباع هذا النبي الكريم صلوات الله وسلامه عليه فمن لم يتبعه وادعى محبته فهو كاذب في دعواه قال تعالى: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } [سورة آل عمران: 31]. فالواجب علينا معشر المسلمين اتباعه في جميع ما يحبه ويرضاه.
وإن من سنته صلى الله عليه وسلم التي أمر بها وحض عليها السواك فقد بين صلى الله عليه وسلم أنه من خصال الفطرة وأنه مطهرة للفم مرضاة للرب وهو من الطهارة الظاهرة والمسلم كما هو مأمور بالطهارة الباطنة وهى تطهير القلب وإخلاص العبادة لله مأمور بالطهارة الظاهرة وهى النظافة ودفع الأوساخ والأقذار.
تعريف السواك
وعرفه الشافعية والحنابلة: أنه استعمال عود أو نحوه في الأسنان لإذهاب التغير ونحوه ( المجموع ، كشاف القناع ) . ويؤخذ المسواك غالبا من جذور شجرة الأراك وفي بعض الأحيان من أغصانها .
فضل السواك
السواك فضله كبير ويكفيه رضا الرب سبحانه وتعالى، الدليل حديث عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «السواك مطهرة للفم مرضاة للرب» [رواه البخاري] .
1- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لولا أن أشق على أمتي- أو على الناس- لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة» [رواه البخاري] وفي رواية «عند كل وضوء» [رواه البخاري].
2- حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم «كان إذا دخل بيته بدأ بالسواك» [رواه مسلم] .
3- حديث حذيفة رضي الله عنه قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك» [رواه البخاري]. ( يشوص: يدلك أسنانه وينقيها) .
السواك من خصال الفطرة
حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عشر من الفطرة: قص الشارب، وإعفاء اللحية، والسواك، واستنشاق الماء، وقص الأظفار، وغسل البراجم، ونتف الإبط، وحلق العانة، وانتقاص الماء» [رواه مسلم] .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في كلامه على الفطرة في هذه الأحاديث: المراد أن هذه الأشياء إذا فعلت اتصف فاعلها بالفطرة التي فطر الله العباد عليها وحثهُم عليها واستحبها لهم ليكونوا على أكمل الصفات وأشرفها صورة. فتح الباري.
وقال ابن القيم رحمه الله الفطرة: فطرتان: فطره تتعلق بالقلب وهى معرفة الله ومحبته وإيثاره على ما سواه. وفطرة عملية هي هذه الخصال. فالأولى: تزكي الروح، وتطهر القلب.
والثانية: تطهر البدن. وكل منهما تمد الأخرى وتقويها تحفة المودود في أحكام المولود .
حكــــم الســــواك
ذهب جمهور العلماء من أئمة الأمر أن السواك سنة مؤكدة وليس بواجب للرجل والمرأة والدليل حديث عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يستاك فيعطيني السواك لأغسله فابدأ به فأستاك ثم أغسله وأدفعه إليه» [رواه أبو داود، والبيهقي]. ولو كان السواك خاصا بالرجال لنهاها عن استعماله ولكنه أقر فعلها فعلم أنه مشروع للنساء كالرجال
و السواك جائز مطلقاً في أول النهار وآخره للصائم ، وهو مروي عن عمر ، وابن عباس ، وعائشة رضي الله عنهم
وجمهور العلماء وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم.
أوقات تأكد السواك
الفقهاء متفقون على تأكد استحباب السواك في الحالات التالية:
1- عند الوضوء. لحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء» [رواه البخاري].
2- عند القيام للصلاة. لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لولا أن أشق على أمتي أو على الناس لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة» [رواه البخاري].
3-عند القيام من النوم. لحديث حذيفة رضي الله عنه قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك» [رواه البخاري] .
4- عند دخول المنزل. لحديث عائشة رضي الله عنها «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل بيته بدأ بالسواك» [رواه مسلم].
5- عند تغير الفم واصفرار الأسنان. لحديث عائشة رضي الله عنها «أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : السواك مطهرة للفم مرضاة للرب» [رواه البخاري] .
6- عند قراءة القرآن الكريم: وذلك لما روى عن علي رضي الله عنه أنه أمر بالسواك وقال: قال صلى الله عليه وسلم: «إن العبد إذا تسوك ثم قام يصلي قام الملك خلفه فيستمع إلى قراءته فيدنو منه – أو كلمة نحوها – حتى يضع فاه على فيه فما يخرج من فيه شيء من القرآن إلا صار في جوف الملك فطهروا أفواهكم للقرآن» [رواه البيهقي]. وقال البزار رجاله ثقات.
غسل السواك
ويستحب غسل السواك قبل استعماله وكذلك عند الانتهاء من استعماله ( المحتاج، المبدع ). لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: «رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطيني السواك لأغسله ، فأبدأ به فأستاك ، ثم أغسله ثم أدفعه إليه» [رواه أبو داود].
ويجوز أن يستعمل السواك الواحد لأكثر من شخص ( المجموع، المبدع).
لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستن وعنده رجلان أحدهما أكبر من الآخر، فأوحى الله إليه في فضل السواك (( أن كبر )) أعط السواك أكبرهما» [رواه أبو داود وصححه الألباني].
قال الخطابي رحمه الله فيه : أن استعمال سواك الغير ليس بمكروه على ما يذهب إليه بعض من يتقزز إلا أن السنة فيه أن يغسله ثم يستعمله ( فتح الباري ) .
أبحاث علماء الطب الحديث على الأراك
1- يحتوي السواك على العفص (حمض تينيك) ولهذه المادة تأثير مضاد للتعفنات، كما أنه يعتبر مطهراً وله استعمالات مشهورة ضد نزيف الدم كما يطهر اللثة والأسنان ويشفي جروحها الصغيرة ويمنع نزف الدم منها.
2- يوجد في السواك مادة لها علاقة بالخردل وهى عبارة عن جليكوزيد وهذه المادة لها رائحة حادة وطعم حراق، وهو ما يشعر به الشخص الذي يستعمل السواك لأول مرة، وهذه المادة تساعد على الفتك بالجراثيم.
3- إن تركيب هذا النبات هو ألياف حاوية على بيكربونات الصوديوم، وبيكربونات الصوديوم هي المادة المفضلة لاستعمالها في المعجون السني (الصناعي) من قبل مجمع معالجة الأسنان التابع لجمعية طب الأسنان الأمريكية يستعمل كمادة سنية وحيدة تقي من العضويات المجهرية التي تفرز في الأسنان.
4- إن السواك يحتوي على مادة تمنع تسوس الأسنان وقد ذكر ذلك أكثر من باحث في بحوث أعدت على الأراك وقد أكدوا على وجود مواد قاتلة للميكروبات في هذا السواك.
5- لو نظر إلى السواك لوجد أنه يتكون كيميائياً من ألياف السيليلوز وبعض الزيوت الطيارة وبه راتنج عطري وأملاح معدنية أهمها كلوريد الصوديوم وهو ملح الطعام وكلوريد البوتاسيوم وأكسالات الجير فلو نظر إلى تحليل السواك لوجد أنه فرشاة طبيعية قد زودت بأملاح معدنية ومواد عطرية تساعد على تنظيف الأسنان، أو بمعنى آخر كأنها فرشاة طبيعية زودها الله تعالى بمسحوق مطهر لتنظيف الأسنان ومنع تسوسها.
منافع السواك
قال الحافظ بن حجر رحمه الله: وهكذا مبيض الأسنان يزيد في فصاحته وحسنه، للبخر وللعدو مرهب رطوبة وللغذاء ينفع ومهضم للأكل والطعام مسهل النزع لدى الشهادة والعقل والجسم كذا للعنا مسكن لوجع الأضراس، مطهر للقلب جال للصدأ ومذهب للبثر مع حفر، مفرح للكاتبين الحق إن السواك مرضي الرحمن، مطهر للثغر مزكي الفطنة مشدد اللثاة أيضا مذهب كذا مصف خلقه ويقطع ومبطئ للشيب والإهرام وقد غدا مذكر الشهادة ومرغم للشيطان والعدو وللصداع وعرق الرأس يزيد في مال وينمي الولدا مبيض الوجه وجال البصر ميسر موسع للرزق.
كيفية اٌلإستياك
هو أن يستاك عرضاً في ظاهر الأسنان وباطنها ويمر السواك على أطراف أسنانه وكراسي أضراسه ويمره على سقف حلقه إمراراً خفيفاً (الحاوي، المجموع ).
وذهب بعض الفقهاء كالغزنوي من الحنفية وإمام الحرمين والغزالي من الشافعية وبعض الحنابلة إلى أنه لا بأس أن يستاك طولاً.
ويستحب أن ينظف لسانه بالسواك بإمراره عليه ( فتح الباري ) لما ثبت من حديث أبي بردة عن أبيه قال: «أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فوجدته يستن بسواك بيده يقول أُعْ أُعْ والسواك في فيه كأنه يتهوع» [رواه مسلم].
وفي رواية «وطرف السواك على لسانه يستن إلى مافوق» [رواه مسلم، وأحمد] .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: ويستفاد منه مشروعية الســواك على اللسان طولاً( فتح الباري ).
السواك هل الأولى أن يباشره المستاك بيمينه أو بشماله ؟
قال ابن عابدين رحمه الله إن كان من باب التطهر استحب باليمين، وإن كان من باب إزالة الأذى فباليسرى، والظاهر الثاني ( حاشية ابن عابدين ). وذكر نحوه الحافظ العراقي رحمه الله ( طرح التثريب ) .
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن الاستياك باليمين أم باليسرى؟
فذكر أن الأفضل الاستياك باليسرى، لأنه من باب إماطة الأذى، فهو كالاستنثار والامتخاط، ونحو ذلك مما فيه إزالة الأذى، وذلك باليسرى، كما أن إزالة النجاسات واجبها ومستحبها اليسرى . . . ثم ذكر أن السواك ليس من باب إكرام اليمين ( فتاوى شيخ الإسلام ).
مقارنة بين السواك والمعجون وفرشاة الأسنان
أعلن الدكتور كينيث كيوديل أن السواك يحتوي على مادة تمنع النخر السني وقد أعلن ذلك أمام المؤتمر الثاني والخمسين للجمعية الدولية لأبحاث الأسنان في أتلانتا بأمريكا.
وأضاف أن ألياف السواك فهي أفضل من شعيرات الفرشاة وتعتبر مثالية للأسباب التالية:
1- أن ألياف المسواك قوية لينة متينة غير قاسية كألياف الفرشاة التي تخدش وتسحل أنسجة السن بينما فراشي الأسنان أغلبها تجارية مؤذية.
2- ألياف مسواك تحتوي على مواد كيميائية ذات فائدة عظيمة للأسنان تفوق جميع المنظفات السنية سواء كانت مساحيق أو محاليل أو معاجين ولكن اليأف وشعيرات الفرشاة لا تحتوي شيئا من ذلك فالمسواك بمفرده يقوم مقام الفرشاة والمعجون معا.
3- ألياف المسواك دقيقة وطبيعية ورقيقة لا تؤذي أنسجة اللثة بل تزيد من تقرنها وذلك بتدليكها تدليكا لطيفا فيزداد وارد الدم لأنسجتها فترتفع مقاومتها للأمراض.
4- الألياف الظاهرة بالمسواك غير قابلة للتلوث لوجود مطهرات فيها، وأما شعيرات الفرشاة فلا يوجد فيها مطهرات.
5- إن ألياف السواك والمواد الموجودة فيها لا يستطيع أحد أن يغشها فهي مواد طبيعية، أما شعيرات الفرشاة ومواد المنظفات السنية فمن السهل أن تغش.
ومما تقدم أيها القارئ الكريم من كلام الأطباء المشتمل على الدراسة والتجربة تبين لنا أن المسواك خير وأفضل من المعجون والفرشاة معا وعلينا أن نعتني بأستواكنا ونحض على استعماله في جميع الأوقات وبذلك نفوز بمرضاة ربنا واتباع سنة نبينا صلى الله عليه وسلم.
العلامتين