.
واضطرابات النوم، رئيس قسم الأمراض الصدرية مدير مركز اضطرابات النّوم بمدينة الملك عبد العزيز الطبية ـ جدة الشؤون الصحية للحرس الوطني، فأوضح في البداية أن السعال يوصف، طبيا، بالمزمن إذا استمر مدة تزيد على 3 أسابيع متواصلة، الأمر الذي يسبب الإزعاج والتوتر ويؤثر سلبا في جودة النوم والحياة العملية والاجتماعية للإنسان.
ويصف معظم المصابين بالسعال المزمن حالتهم بالسيئة، إذ يحرمون من التمتع بالطعام والمشاركة في المناسبات الاجتماعية والنوم الهادئ ويعانون من سوء المزاج وعدم مقدرتهم على الدراسة والعمل بصورة طبيعية. وكثيرا ما يلجأ الشخص المصاب إلى تناول العديد من المضادات الحيوية وأدوية السعال المتوافرة في الصيدليات وحتى المستحضرات العشبية دون الحصول على النتيجة المرجوة وبعدها يذهب مضطرا لزيارة الطبيب. ويجب التنبيه إلى أن السعال المزمن يعد عرضا دالا على مشكلة صحية نتيجة لأكثر من سبب في أغلب الأحيان، مما يجعل التشخيص والعلاج من أكبر التحديات التي تواجه الأطباء. وفي السياق نفسه، قد يأخذ الشفاء التام من السعال المزمن زمنا ليس بالقصير مما يتطلب تفهما كبيرا من المريض والطبيب على حد سواء.
أسباب السعال أوضح الدكتور أيمن كريّم أن للسعال أسبابا عديدة، يمكن تلخيصها في الآتي:
السعال الناتج عن التهاب الحلق أو الشعب الهوائية الحاد (Post-Infectious Cough): وينتج هذا النوع من السعال، بسبب التهاب فيروسي يصيب الجهاز التنفسي العلوي مما يؤدي إلى التهاب مجاري الهواء، وزيادة تهيجها، ويستمر حتى بعد انتهاء أعراض الزكام أو البرد الحادة كالرشح والحرارة، وهذا من أكثر أسباب السعال المزمن شيوعا. وفي أغلب الأحيان لا يستمر هذا النوع من السعال أكثر من 8 أسابيع، حيث يتلاشى تدريجيا مع مرور الوقت من دون علاج محدد. ويجب في هذه الحالة التأكد من عدم إصابة المريض بالتهاب رئوي أو غيره وذلك بإجراء الكشف الطبي وعمل أشعة سينية للصدر. ويمكن أن يعاني بعض الناس المصابين بالحساسية المفرطة من هذا النوع من السعال وهو ما قد يكون مؤشرا على قابلية إصابتهم بالربو أو حساسية الجيوب الأنفية. ويُعد التدخين المزمن وتأثيره السلبي في الشعب الهوائية من العوامل التي لا تساعد على الشفاء العاجل من هذه المشكلة. ويصعب أحيانا علاج هذا النوع من السعال المزمن، إلا أنه يمكن لمثبطات السعال، والامتناع عن التدخين، وتناول بعض أنواع موسعات الشعب الهوائية (Atrovent) أو مضادات الالتهاب كمضادات الهستامين أو مستنشقات الكورتيزون (Flixotide, Pulmicort)، أن تعجل بالشفاء.
السعال الناتج عن إفرازات الأنف الحلقية: (Post-Nasal Discharge) أوضح الدكتور أيمن كريّم أن هذا النوع من السعال يحدث عادة لدى الأشخاص الذين يعانون من أعراض التهاب وحساسية الأنف والجيوب الأنفية، كالشعور الدائم بوجود إفرازات تقطر في مجرى الأنف الخلفي ثم تتجمع في الحلق، وتؤدي إلى محاولة طردها أو بلعها باستمرار مما قد يسبب السعال وتغير الصوت والتهاب الحلق وأحيانا الشعور بالاختناق أثناء النوم نظرا لنوبات تشنج الحبال الصوتية. ويمكن أيضا أن يعاني الشخص المصاب من أعراض أخرى كزيادة العطاس وحكة الأنف وسيلانه المستمر والإحساس بالضغط أو الصداع في منطقة الوجه والناصية نتيجة لانسداد الجيوب الأنفية والتهابها.
ومن العوامل المساعدة على احتقان مجرى التنفس العلوي: الإصابة بالالتهابات الفيروسية وانحراف حاجز الأنف والتعرض للهواء البارد وغبار الطلع والتدخين وهورمونات الحمل. ويتطلب التشخيص أخذ التاريخ المرضي بدقة والكشف الطبي على الأنف والحلق وإجراء الاشعات المناسبة للجيوب الأنفية. ويمكن علاج هذا السعال بتجنب مهيجات الأغشية المخاطية للأنف والجيوب الأنفية كالعطور والبخور، واستعمال الأدوية كمضادات الهستامين (Claritin, Zyrtec). كما يمكن استخدام مضادات الاحتقان (Decongestants) ذات المفعول السريع لبضعة أيام فقط، وذلك لتجنب آثارها الجانبية والتعود عليها، بالإضافة إلى أنواع معينة من المضادات الحيوية حسب مشورة الطبيب. أما في بعض الحالات المستعصية او الشديدة، فيمكن للطبيب المختص اللجوء إلى حبوب الكورتيزون (Prednisolone) لمدة لا تزيد عن 5 أيام وذلك للتخفيف من السعال الشديد في أسرع وقت.
السعال الناتج عن الربو الشٌعبي (Bronchial Asthma): أوضح الدكتور أيمن كريّم، أنه العرض المرضي الذي يعاني منه المصابون بهذا المرض المزمن، وهو من أعراض حساسية الشعب الهوائية، الذي ليس بالضرورة أن يكون مصحوبا بغيره من الأعراض كضيق التنفس أو صفير الصدر عند بذل الجهد أو التعرض للأبخرة. وعادة ما يزداد هذا النوع من السعال سوءا قبل الخلود للنوم، أو عند التعرض للدخان أو العطور القوية، وغالبا ما يكشف التاريخ المرضي إصابة أحد أفراد العائلة بالربو. ويمكن الـتأكد من التشخيص عن طريق فحص وظائف الرئتين والذي غالبا ما يظهر انسدادا في مجرى الهواء يُمكن ع *** ه بواسطة موسعات الشعب الهوائية قصيرة الأمد. ويعالج هذا النوع من السعال المزمن بمستنشقات الكورتيزون (Inhaled Steroids) المضادة للالتهاب وموسعات الشعب الهوائية طويلة الأمد Symbicort, Seretide)) والتي يجب على الطبيب شرح آلية عملها وطريقة استخدامها للمريض ومتابعة نتائجها على المدى الطويل. ويعاني ما نسبته 80% من مرضى الربو من حساسية الأنف المزمنة، مما قد يكون سببا إضافيا للسعال المزمن والذي يجب علاجه بصفة مستقلة كما تقدم.
السعال الناتج عن ارتجاع حموضة المعدة (Gastro-Esophageal Reflux Disease): أو «حرقان الصدر» وهو أحد الأسباب الخفية للسعال المزمن وينتج عن التأثير السلبي لحمض المعدة في الغشاء المخاطي للمريء، مما يؤدي إلى تهيج الشعب الهوائية بطريقة غير مباشرة. ويتميز هذا النوع من السعال باشتداده بعد تناول الطعام أو الاستلقاء وخلال ساعات النوم، ويمكن أن يسبب نوبات اختناقٍ أثناء النوم وشعورا بطعم حمضي عند الاستيقاظ نظرا لسهولة وصول الحامض إلى تجويف الحلق خلال ساعات النوم. والمشكلة أن ما يقرب من 33% من المرضى لا يشتكون من أعراض الارتجاع كعسر الهضم وحرقة الفؤاد أو ألم الصدر بصورة واضحة مما يشكل تحديا للطبيب الذي يضطر أحيانا لعلاجه عند الاشتباه به *** بب محتمل للسعال. ويمكن للارتجاع المعدي المريئي أن يصيب نسبة كبيرة من مرضى الربو (34 ـ 89%)، مما يضاعف مشكلة السعال ويزيد من اضطرابات النوم لديهم. ويمكن علاج هذا النوع من السعال بالامتناع عن التدخين، والتقليل من تناول المنبهات واتباع نظام غذائي صحي، وكذلك بتناول مثبطات حامض المعدة (Nexium, Losec, Pantazol). ويجب التنويه أن علاج هذا النوع من السعال يأخذ في العادة وقتا طويلا قد يصل إلى 3 أشهر، ولذا يجب على المريض أن لا يتوقف عن تناول الدواء إلا باستشارة الطبيب.
أسباب أخرى: وهي تتضمن لائحة أسباب السعال المزمن ما قد ينتج عن مرض التهاب الشعب الهوائية الساد المزمن (COPD) المرتبط بالتدخين، وأورام الرئة المختلفة وكعرض للآثار الجانبية لعلاجات ارتفاع ضغط الدم المعروفة باسم (ACEI) كأدوية (Enalapril, Captopril, Lisinopril) ، وفي هذه الحالة يمكن التخلص من السعال خلال بضعة أيام بمجرد التوقف عن تناول هذه الأدوية واستبدالها بعلاجات أخرى للتحكم بالضغط تحت إشراف الطبيب المختص.
بناء على ما تقدم، يؤكد الدكتور أيمن كريّم ضرورة أن يلجأ المريض إلى استشارة الطبيب عند المعاناة من السعال المزمن بدلا من تناول العلاجات المختلفة بدون وصفة طبية، حيث تختلف العلاجات باختلاف الأسباب والتي قد تضطر الطبيب إلى إجراء فحوص معينة ووصف بعض الأدوية قبل الحصول على النتيجة المرجوة