أكبر طائفتين مسلمتين اليوم هم السنة والشيعة، فما يجمعهم أكبر مما يفرقهم إلا أن أبواق الفتنة و العصبية المذهبية و زعماء الطائفتين و لأهداف مشبوهة و ألقاب زائفة يسعون لتمزيق هذه الأمة الواحدة و ذلك بمؤامرات أجنبية و صهيونية و لأهداف سياسوية ، متناسين نداء الحكماء و العقلاء من العلماء و الدعاة الصادقين من الطائفتين الداعين لوحدة الأمة و للتقريب بين المذاهب الإسلامية من أمثال الداعية الكبيروالعالم الجليل الشيخ يوسف القرضاوي رئيس الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين و الدكتور سليم العوا ( الذي إتهمه أعداء التغيير و الوحدة بالتشيع ) و السيد حسين فضل الله رحمه الله صاحب نظرية الإنسلاخ عن المرجعيات الشيعية التقليدية و البناء لفكر جديد يجمع بين السنة و الشيعة و لكن التقليدين و الرجعيين إتهموه بأنه (مشروع ينخر في كيان التشيع من داخله) و السيد محمد خاتمي صاحب الفكر الإصلاحي و المجدد الذي يسعى لتقريب وجهات النظرو وضع الأسس للنهضة الشاملة للأمة . و تأسس المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية و إعتمد الأزهر الشريف المذهب الجعفري، كل هذه الخطوات تهدف لوحدة الأمة ، وما جعلت هذه المذاهب الفكرية و الفقهية لتفريق الأمة الواحدة بل لخدمتها و وحدتها في إيطار حرية الإختلاف المشروع و التنوع الفطري. أما و أن تصبح هذه المذاهب وسيلة لتمزيق الأمة و تقاتلها فهذا ليس من الإسلام في شيء . فإلى متى تبقى هذه الأمة منقسمة على نفسها ، متنكرة لأنعم ربها في إصلاح ما بينها ( و إن طائفتان من المؤمنين إقتتلوا، فأصلحوا بينهما ) و حرمة الدم المسلم أكبر من حرمة الكعبة ، فأين عقلاء الأمة و مصلحيها و قادتها. فما أعظمك يا سبط رسول الله و ما أرحمك بهذه الأمة ، يتنازل عن حق من حقوقه ( حق الخلافة ) رغم مبايعته و إنتخابه من طرف الأمة و رغم ما له من الفضائل و الشمائل ما ليس لغيره في تلك المرحلة التاريخية إلا أنه تنازل عن حقوقه ، عن أنانيته و بشريته من أجل حق الأمة في وحدة صفها و جمع كلمتها و لذلك قال عنه جده صلى الله عليه و آله و سلم (إبني هذا سيد و لعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين)، كيف لا يفعل هذا و هو إبن الإمام علي كرم الله وجهه ذلك الإمام الشريف و أبو الأشراف جميعا ، الذي لم يشق عصى المسلمين و بايع أبابكر الصديق و إن كان بعد فترة من الزمن إلا أنه لم ينازعه على الخلافة (الإمامة) رغم أنه كان يرى أنها من حقه و هو الأولى بها من غيره ، و هذا لم يكن رأيه وحده بل رأي الكثير من الصحابة الكرام و من كل بني هاشم ، فلو كان متعطشا للسلطة و أنانيا من أصحاب الفتن و الشقاق لأشعلها حربا بين المسلمين و لكنه معدن الحكمة و أمان الأمة فآثر وحدة الصف المسلم على إجتهاد (مذهب) سياسي و فقهي ، فبايع الخليفة أبا بكر و عمر و عثمان إلى أن آلت إليه بإجماع من الأمة . و هكذا يجب أن يكون أحفاده اليوم ، في أن يؤثروا مصلحة الأمة و العامة على مصالحهم الشخصية و الآنية و أن يقوموا بالتضحيات الجسام لخدمة بني قومهم و أمة جدهم صلى الله عليه و آله و سلم . و لذلك ضرب الله مثلا للمجتمع الفاسد و الحكم الظالم عندما تنقلب الموازين و يؤثر الناس المصلحة الشخصية على المصلحة و المنفعة العامة في قوله تعالى ( و بئر معطلة و قصر مشيد) فالبئر تعبر عن المصلحة العامة فمنها يشرب الإنسان و الحيوان و تسقى بها الجنان و تثمر الفاكهة و الرمان، و ما فائدة قصر مشيد بلا رائحة الأزهار و نظرة الألوان، فالقصر لفرد و البئر لأمة من الأحياء (إنسان و حيوان و نبات)… فالإصلاح بين الإخوة مطلوب شرعا وهكذا كانت سياسة آل البيت دائما في أمة جدهم عليهم سلام الله. إن العداء الحقيقي للأمة اليوم يأتي من أبنائها ، من أولئك الذين يريدون حرق البيت من الداخل ببث الفتن و زرع الشقاق و تمزيق الصف المسلم و ذلك بالتعصب للمذهب و الرأي و الفكر، وإتهام الآخرين بالكفر و الزندقة و الفسق و البدع، مما يؤدي إلى السب والشتم و اللعن والكذب و الضرب و سفك الدماء بين أبناء الوطن الواحد و الدين الواحد ، و هذا ما نراه و نسمع به يوميا في شاشات التلفاز من إرهاب أعمى لا يفرق بين الصغير و الكبيرولا بين المتهم و البريء، من القيام بتفجيرات في الأسواق و المقاهي وفي الطرقات و المقابرو حتى في دور العبادة من مساجد و جوامع ، يقوم بذلك شباب مراهقون غرر بهم من طرف ما يسمى بالعلماء و الدعاة الذين يبثون سمومهم عبر الأنترنات و الفضائيات ( دعاة على أبواب جهنم) لا يدعون الناس إلى الإسلام و إنما إلى مذاهبهم و أفكارهم العوجاء
( وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض ، قالوا إنما نحن مصلحون ) . مع أن القرآن الكريم و عترة رسول الله يدعونهم إلى الوحدة و الإتحاد و إلى البناء و فعل الخيرات ، إنه ليؤسفنا و يؤلمنا أن نرى شباب بلادي تمزقهم الحروب و تحكمهم أنظمة طاغية مستبدة يعانون الجهل والفقرو اللامبالاة بمصائرهم و مستقبلهم (تخطي راسي) ، و في الضفة الأخرى شباب كله حيوية يعيش في رفاهية تحت أنظمة ديموقراطية يتنعمون بالعدالة و الحرية ، شباب واع منظم فاهم متحضر يتوق إلى الأمام و المستقبل … إنا أمة أراد لها الإسلام أن تكون رائدة و قائدة ( و لتكونوا شهداء على الناس ) ، أمة الإستخلاف لا أمة الإستخفاف ، أمة أراد الله لها أن تكون ( خير أمة أخرجت للناس) فإذا بها في مؤخرة القافلة البشرية في كل الميادين .فربنا ينادينا ( و إعتصموا بحبل الله جميعا و لا تفرقوا) و يقول لنا عن الأخوة الإيمانية ( إنما المؤمنون إخوة، فأصلحوا بين أخويكم) .