قال الله – تعالى -:
" ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رؤوف بالعباد".
نزلت هذه الآية الكريمة في صهيب الرومي – رضي الله عنه – حينما تخلى للمشركين في مكة عن كل ما يملك مقابل أن يخلون سبيله ليلحق بالرسول – صلى الله عليه وسلم – في المدينة المنورة، احتجزوه ومنعوه من الهجرة وقال قائلهم يا صهيب جئتنا صعلوكاً لا تملك شيئاً، وأنت اليوم ذو مال كثير! – يساومونه – فقال لهم – رضي الله عنه -: أرأيتم إن دللتكم على مالي هل تخلون سبيلي؟ قالوا: نعم. فدلهم على ماله بمكة ثم انطلق مهاجراً في سبيل الله لا يلوي على شيء تاركاً كل ما يملك خلف ظهره وهاجرا إلى الله ورسوله، فلما وصل المدينة دخل على رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ، فقال له – عليه الصلاة والسلام – مهنيئاً له على حسن صنيعه: "ربح البيع أبا يحيى ربح البيع "
فلله در صهيب شرى نفسه طلباً لرضوان الله – تعالى -. هكذا تكون التضحية وإلا فلا!
هذا صهيب وهذا فعله الذي غدا قرآناً يتلى إلى يوم القيامة فماذا قدمت أنا؟ وماذا قدمت أنت أخي الفاضل طلباً لمرضات الله؟ ماذا قدمنا من أموالنا في سبيل الله؟ ماذا قدمنا من أوقاتنا في سبيل الله؟ هل تنازلنا عن شيء ولو يسير من شهواتنا وملذاتنا من أجل الله؟ بل كم قد تنازلنا عن إيماننا من أجل دنيانا؟ أنرقع دنيانا بتمزيق ديننا؟! كيف لو خيرنا بين أموالنا وبين ديننا؟ أو بين أهلينا وبين إيماننا؟
اللهم سترك يا ستير، اللهم لا تفضحنا؟ ولا تمتحنا في إيماننا وتولنا برحمتك يا أرحم الراحمين. هذا حالنا أيها الأخوة ونحن نرجو الجنة ونطمع في نعيم الآخرة ونطمح إلى الدرجات العلى والمنازل الرفيعة بجوار الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين ولا نريد أن نقدم ولو جزءً يسيراً من الثمن. يقول الله – تعالى -: ألم، أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون، ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين.
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيراً.