-ا- النظرية الاتصالية / إن المعرفة العلمية متصلة بالمعرفة العامية و امتداد لها ، و العلم حلقات متصلة يتطور على أساس المعارف السابقة يقول زكي نجيب محمود ( ان النتائج المتوصل اليها في بحث سابق هي نفسها المقدمات التي ينطلق منها بحث لاحق ) فتجارب مرغان في الوراثة ما هي امتداد لتجارب مندل و يقال ان ان المنطق الرياضي هو ابن المنطق الارسطي ، يرى جيمس فريزر أن العلم نشا في أحضان السحر كأن ينشا علم الفلك من التنجيم ، و علم الكيمياء من أعمال السحرة و هكذا . أما الفيلسوف الفرنسي أوغست كومت A.Comte يرى أن التفكير الإنساني مرى بثلاثة مراحل متصلة سمـــــــــــــــــــــاها ( قانون الاحوال الثلاثة) 1– المرحلة اللاهوتية / كان الإنسان فيها يفسر وقوع الظواهر بإرجاعها الى إرادة الآلهة ، مثل اليوس اله الشمس و ايول اله الريح و ثيتيس الهة الغابات و فينوس الهة الحب و غيرها و حتى الحروب بين الشعوب تعود الى تصارع الالهة في السماء 2– المرحلة الميتافيزيقية / بدأ الإنسان يرجع الظواهر الى علل جوهرية تكمن في الأشياء ذاتها يمكن ادراكها بالتامل العقلي ، كأن نقول ان الروح هي التي تحرك البدن…3– المرحلة الوضعية تحرر فيها الإنسان من الأسباب الغيبية و الأفكار الميتافيزيقية و أصبح يفسر وقوع الظواهر الطبيعية بظواهر طبيعية أخرى يمكن ملاحظتها و التحقق منها بواسطة التجربة ، هكذا ظهر المنهج العلمي الذي بلغ به تفكير الإنسان مرحلة النضج و الاكتمال
النقد / لو وضعنا مقارنة بسيطة بين العلم و السحر لوجدناهما متناقضان في المبدأ و الهدف و المتناقضان لا يجتمعان معا ، و قانون االمراحل الثلاثة مجرد تصور فلسفي لأننا يمكن ان نجد الأحوال الثلاثة في فترة زمنية واحدة
-ب- النظرية الانفصالية/ان المعرفة العلمية منفصلة عن المعرفة العامية ولا يتقدم العلم الا بالقطيعة ، هذا ما يراه الفيلسوف الفرنسي غاستون باشلار G.Bachelard و ان الواقع يؤكد انفصال المعرفتين و تعارضهما حيث نجد ان كل اكتشاف علمي يلغي معرفة سابقة مثلا ، نظرية مركزية الشمس لنيكولاس كوبرنيك N.Copernic أثبتت خطأ نظرية مركزية الارض لبطليموس ، و قانون التعفن الذي اكتشفه لويس باستور L.Pasteur ألغ نظرية التوليد الذاتي هكذا يتضح أن الحقيقة هي خطأ مصحح يقول بـــــــاشلار ( ان المعرفة العلمية تراجعية دائما ) أي بالتراجع عن ماض من الخطاء يقع العثور على الحقيقة ، لذلك يجب طرح مشكلة المعرفة في صورة عوائق يسميها بالعوائق الابستيمولوجية التي تعرقل العلم و لا تسمح بانتشار الاكتشافات ، لذلك يجب قطع الصلة مع الآراء و المعتقدات و الفلسفات السابقة لأن العلم لا يقوم على أساس الرأي ، فهذا الأخير لا يفكر بل يترجم الحاجات و الميول المنافع الى معارف و هو عندما ينظر الى الأشياء من هدا الجانب يحجب نفسه عن معرفة الحقيقة ، فيجب أولا و قبل كل شيء تحطيمه من أجل بناء معرفة علمية صحيحة
النقد/ ليس كل اكتشاف جديد يتعارض مع معرفة سابقة ، قد يؤكدها في بعض الأحيان كما يحدث في الطب ، ثم أن العالم لا ينطلق من عدم بل ينطلق دائما من مقدمات إما ليثبتها أو لينفيها .
إن العلم يتطور بالطريقتين معا ، عندما تثبت التجارب صحة الفرضيات السابقة تحولت تلك الفرضيات إلى معرفة علمية ، وإذا تبين خطأها ألغيت و وضعت مكانها نظرية علمية جديدة ، فالمعارف إذن تتقاطع تارة و تتواصل تارة أخرى حسب نتائج التجربة
مقال /// هل ترى أن القطيعة شرط مبدئي لتطور العلم ؟
الاستاذ ج-ف