محاربة المضاربة:
نريد رأسمالية المبادرين لا رأسمالية المضاربين le capitalisme des entrepreneurs et non le capitalisme des spéculateurs هذا ما ينطبق على الأهداف المشتركة للدين والعلم. في الفقه الإسلامي هناك أركان وآداب للبيع منها أن يكون البيع من مالك أو من يقوم مقامه و أن يكون المبيع مقدوراً على تسليمه.أما آداب البيع فهي تقضي بأن لا يبيع الإنسان مالا يملك ولا أن لايبيع السلعة قبل حيازتها بمعنى آخر، ملكية المبيع وحيازته شرطان لصحة البيع.
هذه قاعدة بسيطة لطالما تحداها المدافعون عن المضاربة باعتبارها عائقاً اقتصادياً أمام حركة الأسواق. تطبيق هذه القاعدة يحد إلى قدر كبير من القدرة على المضاربة نظراً لأن المضاربة تقوم على تداول الأشياء دون حيازتها.
ولو فتشنا في الديانات السماوية الأخرى لوجدنا بالتأكيد نصوصاً لو طبقت لا اجتزنا الكثير من الاستغلال والطمع اللذان هما من أسباب الكثير من مشاكل الاقتصادية اليوم.
هناك اليوم دعوات في أطراف العالم المتقدمة لتعديل النظام المالي العالمي وسيكون من نتائج الأزمة المالية الحالية الكثير من الدراسات الاقتصادية من قبل باحثين محللين سيعتمد عليها صناع السياسة في العالم لتحديث التشريعات والأنظمة بما يعزز سلامة النظام المالي ويحقق النمو الاقتصادي.
ومن أهم هذه الدعوات محاربة المضاربة فالمضارب هو مال بلا رأس فهو يدخل فقط ليرفع الأسعار ويراهن على تحرك هذه الأسعار صعوداً مع مرور الزمن أو بفعل المزيد من المضاربات ودوماً هناك ضحايا.
روح المبادرة entrepreneur ship هي عكس المضاربة فالمبادر يأخذ المخاطرة ويعمل عقله للوصول إلى طريقة جديدة أو ربط جديد بين الموارد المختلفة من بشرية ومالية لتطوير منتج أو خدمة جديدتان تلبيان حاجة المستهلك وبما يضيف شيئاً جديداً للمجتمع.
فالمبادرين هم من يدفعون بالبشرية إلى الأمام. المبادرون من أمثال هنري فورد وبيل غيتس وتوماس اديسون مخترع الكهرباء والأخوين بيل وطلعت حرب أبو الاقتصاد المصري الذي كان أول من أسس مصرفاً استثمر في مؤسسات إنتاجية في مصر.
هؤلاء هم من أوصل البشرية إلى ما وصلت إليه من تقدم. أما المضاربون فهم من أوصل العالم إلى الأزمة التي نعيشها. لذلك علينا أن نشجع المبادرة عبر نشر روحها في تربية أجيالنا وفي ثقافتنا وفي مؤسسات اقتصادنا وفي شبابنا الذي يبحث الكثيرون منه عن وظيفة في الدولة تقيهم شر مخاطر العمل الجزافي. علينا أن نحارب المضاربة في ثقافتنا و نرفضها في مؤسسات الأعمال فالعائد والربح يجب أن يكونا فقط مقابل عمل أو مال.
– هناك المضاربة في سلع الاستهلاك الواسعة مثل : السكر – بودرة الحليب – الزيت – …الخ
– هناك المضاربة في السكنات و الكراء
– المضاربة في الاراضي
تشهد الجزائر مضاربة واضحة في سوق العقار جعل أسعار العقارات ترتفع ارتفاعات جنونية رغم ضعف القوة الشرائية لدى المواطنين.
نرى انه منذ بداية عام 2022 زادت أسعار المنازل بأكثر من 150% في بعض المناطق وزادت في المتوسط بنسبة 90% ويبلغ الطلب علي المساكن الجديدة في الجزائر 460 ألف وحدة سنويا لأن الشبان يمثلون نحو 80% من السكان، وتمثل تكاليف السكن نحو 55% من إنفاق الأسرةالجزائرية في المتوسط. فارتفاع كبير في أسعار العقارات أدَّى بالنهاية إلى انتقالها بين أيدي قلة من الناس تبيع وتشتري، رافعة الأسعار بلا قانون أو قرار أو حتى تعميم فوجد ما يسمَّى بالمضاربات في أسواق العقارات وتحولت بعض الشركات العقارية إلى شركات جامعة للأموال.
وقد رفضت مؤسسات سوق العقارات الجزائرية العمومية و الخاصة تحملهم مسؤولية الانفلات الكبير الذي شهدته أسعار العقارات في الجزائر خلال السنوات القليلة الماضية والذي امتد إلى جميع المناطق و الأحياء.
وكان اقتصاديون قد القوا بمسؤولية هذه الارتفاعات، التي وصفت بانها مبالغ فيها وجديدة على السوق، على قلة الاستثمارات في هذا المجال و عدم ضبط عملية التوزيع.
ببيع الارض عن طريق المزايدات.
طالب الاقتصاديون بإعادة النظر في قرار تملك للأراضي والعقارات في الجزائر، محذرين من ترك قرار التملك من دون ضوابط، الأمر الذي يؤدي إلى المضاربة على أسعار الأراضي وزيادة أسعارها بأضعاف ما كانت عليه منذ سنوات قليلة. وأكدوا آن بيع ملايين الأمتار من الأراضي لعدد قليل من الأشخاص سيترتب عليه ارتفاع في الأسعار و أوضاع خطيرة في سوق العقارات في الجزائر. و تنطلق المضاربة من شركات تسيير الأراضي و البلديات و الدوائر.
الأمر الذي أرهق المواطن وحرمه من الحصول على سكن مناسب يلائم أسرته.
ومن هنا يجب سن القانون ليحمي المواطن ويبقي أسعار الأراضي والعقارات عند مستوى ثابت يستطيع من خلاله المواطن البسيط أن يحصل على السكن الملائم.
نسعى لتحقيق استثمار آمن والحد من المضاربة التي تهدد السوق بأن تكون القرارات الاستثمارية عقلانية ومدروسة بشكل أكبر مما مضى ولتحقيق ذلك نحذر من أن الإفراط في الخوف والحذر بدون أسباب منطقية قد يضيع الكثير من الفرص الاستثمارية كما أن الإفراط في التفاؤل بدون أسباب منطقية قد يتسبب في اتخاذ قرارات استثماريه عقيمة تؤدي على الأقل إلي تجميد الأموال.
ان السوق العقاري مليء بالفرص الاستثمارية بغض النظر عن المرحلة التي يمر بها ولكن هذه الفرص لن تتوفر إلا لمن يملك الخبرة والمعلومة والسيولة ويتطلب الوضع الحالي الانتقائية في عملية الشراء لأن الارتفاع المتوقع سيكون محصور في مدن معينة ومخططات معينة وليس شامل كما حدث في من 2022/2012.
ونؤكد أن السوق سيحتاج لفترة من الزمن للتاقلم مع الأسعار المحددة لسقف المبادلات الجديد والتعود عليها وهو ما يسمى عادة بتأسيس قاعدة سعرية جديدة يصعب النزول أو الصعود تحت أو فوق مستوها وأن لاحتفاظ بالسيولة في ظل الارتفاع الحالي في مستويات التضخم يعتبر مخاطرة وعليه لا بد من البحث عن فرص استثمارية تضمن على الأقل بقاء الثروات على نفس قيمتها السوقية مرحليا.
انه إذا حدثت مرحلة ركود عقاري فإنها لن تستمر طويلا إلا إذا كان الركود قد شمل جميع قطاعات الاقتصاد الأخرى وذلك لان استمرارية القطاعات الأخرى في النمو كفيل بضخ المزيد من السيولة والتي ستجد طريقها في النهاية إلي سوق العقار أو على أقل تقدير النصيب الأكبر منها. وعلى سبيل المثال وليس الحصر فالعقاريون تتوفر لهم سيولة من دخل الإيجارات. والمقاولون يتم صرف مستحقاتهم من قبل الدولة والشركات الخاصة أو المساهمة تتوفر لها أرباح توزع في النهاية على المساهمين أو تحول إلى أصول ثابتة.
ويبقى التوجة إلي الاستثمار متوسط المدى (2 إلي 5 سنوات) وبعيد المدى (6 إلي 20 سنة) هو الخيار الأمثل بغض النظر عن التقلبات التي قد يشهدها سوق العقار على المدى البعيد وتبقى نظرية توزيع الحقيبة الاستثمارية ين العقار والأسهم والعملات والمعادن والتجارة والسيولة هي الأكثر أمانا وعلى أن تكون نسبة التوزيع بحسب المرحلة التي يمر بها كل قطاع.