إن الديانات الثلاث وثيقة الصلة ببعضها البعض من الناحيتين التاريخيه والفكريه، إذ أن أتباع هذه الديانات جميعهم يعبدون الرب نفسه
(الله سبحانه وتعالى)، وتوجيهات الديانات الثلاث جميعها تُرًكز على حب الإنسان لبني جنسه، وعلى عمل الخير في الحياة الدنيا. ورغم أن البدايات الأولى لكل دين سماوي، أكدت على نزعة السلام، إلا أن الديانات الثلاث طوًرت في الوقت ذاته ودون إستثناء نزعة الحرب المقدسه الممزوجه بالعنف وبشكل يكاد يكون متماثلاً الى حد كبير. ويبدو أن هذه النزعه كما يرى بعض العلماء إنما تعود الى اللاوعي الجماعي والذي يتضمن النماذج الأصليه للنزعات والميول الموروثه. عليه نستعرض هذه النزعه في الديانات الثلاث آملين للقاريء القناعه بأن مايوصف به أحد الأديان، "بأنه ذا نزعه عدوانيه أو أنه دين حرب وتهمل الأشاره الى الأديان الأخرى بنفس المقدار"، فأن هذا الوصف سيكون قاصراً وغير حيادياً. ويقصدا به الطعن دون شك بذلك الدين. ومعك وسوف أستعرض الموضوع وكما يلي:
نزعة الحرب المقدسه في الديانه اليهوديه:
ففي سفر الخروج "الإصحاح "إن الله أعطى النبي موسى عليه السلام على قمة جبل سيناء الوصايا العشر، التي هي أساس التوراة أو الشريعه. ويقول الله (سبحانه وتعالى) في الوصية السادسة: "لا تقتل"بمعنى،أن كل من يقتل نفساً يخطئ ضد الله، لأن الله (سبحانه) هو الوحيد الذي يعطي الحياة والنفس لكل إنسان. وبالتالي،(فإن قتل الإنسان هو كراهية لله، لأن الله خلق الإنسان على صورته. وترينا كلمة الله أيضاً أن القتل ليس مقصوراً على القتل الحرفي للإنسان. إذ يقول الكتاب: "كل من يبغض أخاه، فهو قاتل نفس". وما يتغاضى عنه الكثيرون هو أن الله لا يدين الإنسان حسب ما قد فعل فحسب، بل أيضاً بحسب ما يريد أن يفعله، أي بحسب نواياه. وحيث أن الله ينظر للقلب، فالكراهية والقتل هما متساويان في نظره).
أما بقية الوصايا فتؤكد على الإحترام المطلق لحقوق بنى الأنسان الثابته (وعليك عزيزي القاري الإطلاع على نصوص الوصايا العشر والموجوده في المصادر المختلفه). هذا الإرث الذي جاء في هذه الوصايا للنبي موسى عليه السلام، هو أفضل ما جاءت به اليهوديه للعالم في وقتها. بمعني أن الوصايا العشر التي منحها الله للنبي موسى عليه السلام لاتحمل في ثناياها أي إشاره الى الحرب أو الإساءه لبني الإنسان وإنما على العكس من ذلك تماماً.
ولكن وحين تهيأ اليهود لدخول أرض كنعان، كان ثمة أقوام أخرى تعيش على نفس الأرض، كموطن لها منذ قرون عديده، ومن البديهي إن هذه الأقوام سوف لن تتخلى عن أرضها لليهود دون قتال. كما إنها ستكون عدوه لليهوديه الجديده، وعائقاً أمام تنفيذ خطتها في الإستيلاء على البلد، "فلم يكن أمام اليهود من حل سوى إبادة الأقوام القاطنه في أرض كنعان عن آخرها(والتي أجازتها نصوص التوراة). وبعد موت النبي موسى عليه السلام فإن يشوع هو الذي قاد بني إسرائيل الى أرض كنعان حوالي سنة 1200 ق.م.، وهو الذي أقام وجوداً لأسباط إسرائيل الأثني عشر في أرض كنعان بواسطة حمله عسكريه طويله وضاريه للغايه. فعندما كانت تفتح مدينه من المدن، كانت توضع كما ينبغي"تحت الحُرم" مما كان يعني تدميرها تدميراً تاماً وإبادة سكًانها عن بكرة أبيهم. ليس هذا فحسب وإنما "تذبح الحيوانات وتتحول المدن الى أنقاض.
"وتشير أسفار التوراة الأولى بأنه"لما إنتهى إسرائيل من قتل جميع سُكان عاي(مدينه من مدن كنعان) في الحقل والبريه حيث لحقوهم وسقطوا جميعاً بحد السيف حتى فََنوا…..فكان الذين سقطواً في ذلك اليوم من رجال ونساء إثني عشر الفاً جميع أهل عاي….. وأحرق يشوع عاي وجعلها تلاً أبدياً خراباً الى هذا اليوم.(إنظر يشوع 8: 82،25،24).
أما حقوق الإنسان الطبيعيه التي أمرالله بها اليهود، والتي كان عليهم أن يطبقوها مع الشعوب الأخرى، فلم تعد تنطبق على الكنعانيين الذين أصبحوا أعداء الله. (لآنهم رفضوا خطة الرب ولم يتركوا أرضهم التي وعد الله بها لليهود). ويوضح هذا العداء المطلق، كونه إحدى خصائص الحرب المقدسه كما يرى بعض الكتاب الغربيين.
أما نزعة الحرب المقًدسه في الديانه المسيحيه
فلم يكن القرن الميلادي الأول قد إنتهى، إلا وكان الدين المسالم قد غزته أفكارأشدً ميلاً الى العنف والحرب. فجنباً الى جنب مع مسالمة السيد المسيح، نما وكبر دينٌ للمعارك. لقد بشًر السيد المسيح عليه السلام بدين إنساني الطابع لعب دوراً تكوينياً بالغاً في صياغة العديد من المُثُل العليا الغربيه، لكن العنصر الرؤيوي في المسيحيه (إستناداً الى الكتابات التي كانت قد بدأت بالظهور أواخرالقرن الثاني (ق.م). نتيجةً لفقدان اليهود الأمل في الحصول على مملكه خاصه بهم، مما دعى البعض منهم الى التطلع الى نصر كوني في آخر الزمان. وتنبأت بعض كتبهم المقدسه بحدوث معارك طاحنه، والتي فيها ستَهْزم جيوش الرب أعداءه. بعدها ستقام مملكة الرب، وسيحكم اليهود العالم… وسيظهر "مسيح الرب" الذي سََيعًدهم الى هذا النصر)، والذي يتسم بالعنف الى درجه كبيره، لم يكن دونه فعلاً وتأثيراً بأي حال من الأحوال. ولقد توضًحت النزعه العدوانيه لدى المسيحيه في وقت جد مبكر من تاريخ الكنيسه، لاسيما في حركتًي الإستشهاد والرهبانيه اللتين ستكون لهما فيا بعد أهميه فائقه في أيديولوجية الحرب المقًدسه المسيحيه.
ورغم ذلك فقد حاولت الديانه المسيحيه في أوربا والمؤمنين بها على مدى أكثر من الف سنه أن تصمد في وجه نزعة الحرب هذه ومايلحقها من عنف مضاد، وأن يحافظ المسيحيون في هذه البلدان على إبقاء الدين المسيحي ديناً للحب والسلام، إذ كانت دعوة السيد المسيح (عيسى إبن مريم) عليه السلام الى أتباعه بأن يحبًوا "أعدائهم". كما وأتصًفُتْ دعوته بالسلم والتسامح والمحبه، إذ إنه كان مسالماً، ولم يكن داعياً الى العنف مطلقاً. وهذا ماطبقته الديانةَ المسيحية في كل الأصقاع التي وجدت فيها ولعقود طويله.
ولكن ما إن دعى البابا أوربان في 26.11.1095، في مدينة كليرمون الفرنسيه الى حملته الصليبيه، حتى إستجابت أعداء هائله من أتباع هذه الديانه لدعوته بإرتياح وغبطه كبيرتين، وبسرعة البرق وبدقه خارقه أعيد نمط الحرب المقدسه، وكأن أتباع هذه الديانه، قد شعروا أخيرا ًبأنهم" يجرون في المجرى الطبيعي للحياة".. ولم تجد تعاليم السيد المسيح عليه السلام متسعاً للتذكير بها، وإستعيض بالحرب بدلاً عن السلم. فكانت تلك الحمله حدثاً حاسماً وتكوينياً في الحياة العالميه. إذ كانت وما زالت آثارها وذيولها حاضره في الشرق الأوسط حتى يومنا هذا.
نزعة الحرب المقدسه في الديانه الإسلاميه:
الإسلام كلمه مشتقه من "سلام" في اللغه العربيه، وبما أنه دين سلام، فإن القرآن يدين الحرب بإعتبارها حاله شاذه مخالفه لإرادة الله. ويوكد القرآن هذا المنحى"كلما أوقدوا نارً للحرب أطفأها الله ويسعون في الأرض فساداً والله لايحب المفسدين". والمقصود بذلك هم أعداء المسلمين في زمن الدعوه الإسلاميه. وعليه فأن الإسلام لايبرر شن حرب إباده عدوانيه شامله، بعكس التوراة التي تبرر مثل هذه الحرب في أسفارها الخمسه الأولىعلى الأقل. ويعلمنا القرآن إن الحرب يجب أن تكون محدوده، وتخاض بأكبر قدر من الرحمه الإنسانيه. فحين قاتل النبي محمد أعدائه من المشركين واليهود والمسيحين في بلاد الشام في بداية الدعوه، لم يكن ذلك القتال بقصد (الحرب المقدسه) ضد دين معين وإنما من باب الإجبار للدفاع عن النفس. وتشير الدراسات التاريخيه الى أن النبي محمد (ص) حين أرسل جيشاً الى الشام أوصى قائده بأن عليهم:"أن يقاتلوا في سبيل الله ببساله وإنما برحمه. وعليهم ألا يتحرشوا بالكهنه والرهبان والراهبات، وألا يزعجوا الضعفاء وذوي العاهات العاجزين عن القتال. كذلك يتوجب عليهم ألا يقاتلوا المدنيين، وألا يقطعوا شجره أويهدموا بيتاً.
ولكن وبعد وفاة النبي محمد (ص) ومجيء الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم، كان لابد لهم من السهر على إستمرار الإسلام بالتوسع والإنتشار.
(وهو الوضع المشابه لما إتصَفتْ فيه أوربا زمن الحمله الصليبيه). ورغم أن قادة الجيوش يحثون على القتال برحمه كا يوصي القرآن، إلا أن هناك تناقضاً ظهر مع مادعى اليه القرآن الذي أدان الحرب العدوانيه، مما دعى علماء المسلمين في ذلك الوقت الى وضع ماسميً ب"فقه الجهاد" ومفاده"إنه مادام هناك إله واحد، فلا بد أن تكون هناك دوله واحده في العالم تخضع للدين الحًق. فمن واجب الدوله الإسلاميه (دار الإسلام) إذن أن تغزوا سائر أنحاءالعالم غير المسلم (دار الحرب)، لتحقيق هذا الهدف. وعلى كل مسلم أن يشارك في هذا الجهاد.
ويشير أحد الكتاب الغربيين الى"أن هذه النظريه المبكره حول الجهاد هي التي أعطت الإسلام سُمعته بأنه (دين السيف). ولو بقي المسلمون ملتزمين بنظرية الحرب هذه، لكان الإسلام أصبح ديناً عسكرياً وإمبريالياً". حسب قوله وهذه النظريه هي التي أوحت بأن الإسلام كان ينوي غزو العالم فعلاً، ولكن هذا لم يحدث، إذ ومع بداية القرن الثامن كان زخم الجهاد قد إنتهى بسبب الصعوبات الخطيره التي واجهت دار الإسلام وجعلت من التوسع المستمر أمراً مستحيلاً، إضافه الى أن المسلمين تقبلوا واقع التعايش، وبأن للدوله الإسلاميه حدود دائمه، وبالتالي فإنهم تخلوا عن فكرة الحرب المقدسه. وبهذا إنتهى المسلمون كما إنتهى أصحاب الديانات الأخرى من قبلهم، على إعتبار أن إنتصارهم النهائي مؤجًل الى يوم الحساب أو يوم القيامه.
ولكن العالم الإسلامي لم يتخلص تماماً من فكرة الحرب المقدسه كما هو الحال في الديانات الأخرى، إذ أن وجود الجماعات المتقده حماساً والتي تدعوا للحرب المقدسه مع الأنظمه القائمه لكونها ظالمه، أو مع المسلمين غير"المخلصين" للإسلام كما يَرون، ويَدْعُونَ للجهاد حتى ضد المسلمين الذين يخالفونهم المذهب، وهو ماينعكس سلباً على الدين الإسلامي الذي لايمًجد الحرب أصلاً.
نشكي لمن حالنا يا امة محمد عليه السلام
ان كانت حرب عدونا باتت لعب سلام في سلام
بالامس كان الجهاد مجد لنا للعدو رعب
ولان اصبحت حربنا بلا ثمن لعب في لعب
حقٌ قولك أخي
و لكن دائما يبقى الإنتصار للحق و الإسلام هو الحق
أنا أظن ذلك بل و متأكدة عِلما بأن كل من له ديانة سواء الإسلام أو غيره يعتقد انه على حق
عموما سيظل الكل يحارب الإسلام و لكن الإسلام كالكرة كلما كانت القوة في ضربها أكبر زاد ارتفاعها أكثر
و لا يستطيع أحد أن يقضي على الإسلام
و بما أن الإسلام هو نور الله (يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون)
نعم و لو كره الكافرون
نسأل الله أن ينصر الإسلام و المسلمين و أن يرفع راية الإسلام في كل مكان و يظهر الحق
بإذن الرحمان ستصبح أمة الإسلام اقوى أمة
شكرا لك على الطرح المميز