
قصة إسلام ثاني أكبر قسيس في غانا:
ذات يوم أخذ يتساءل: «على الرغم من رغد العيش الذي أنا فيه والرفاهية التي أتمتع بها إلا أنني لم أجد الانشراح ولم أشعر وأنعم بالراحة والسعادة والطمأنينة إذ ما فتِئْتُ أقلقُ من المصير بعد الموت ولم أرسُ على برّ أمان أو قاعدة صلبة تريح الضمير حول ما في الآخرة من مصير، لماذا لا أتعرف على الإسلام أكثر؟ لماذا لا أقرأ القرآن مباشرة، بدلا من الاكتفاء بمعلوماتي عن الإسلام من المصادر النصرانية التي ربما لم تعرض الإسلام بصورته الحقيقة؟».
وهنا شرع يقرأ القرآن ويتأمل ويقارن، فوجد فيه الانشراح والاطمئنان، وانفرجت أساريره وعرف طريق الحق وسبيل النور {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} [سورة المائدة: 14 – 15]، هنا اتخذ قراره الحاسم وعزم على التصدي لكل عقبة تحول دون إسلامه.
تُرى ماذا فعل؟! لقد ذهب إلى الكنيسة وقابل الرجل الأول فيها، القسيس الأوروبي الكبير عندهم، وأخبره بقراره، فظن أنه يمزح، أو أنه هكذا أراد أن يقنع نفسه، لكنه أكّد له أنه جادٌّ في رغبته هذه، فجُنَّ جنون الرجل وأخذ يزبد ويرعد ويهدد، ثم لما هدأ، أخذ يذكّره بما كان عليه وما صار إليه، وما فيه الآن من نعمة ويسر، وحاول إغراءه بالمال وأنه سيزيد راتبه ويعطيه منحة حالا، ويزيد من المنحة السنوية، ويزيد من صلاحياته، و … و … و … لكن دون جدوى، فجذوة الإيمان قد تغلغلت في شغاف القلب واستقرت في سويداء الضمير، هنا قال له: إذن تُرجِع لنا كل ما أعطيناك وتتجرد من كل ما تملك.
قال: أما ما فات فليس لي سبيل إلى إرجاعه، وأما ما لدي الآن فخذوه كله، وكان تحت يديه أربع سيارات لخدمته، وفيلا كبيرة وغيرها، فوقّع تنازلاً عن كل ما يملك.
اغتاظ القسيس الكبير وجرّده حتى من ملابسه وطرده من الكنيسة شر طردة، وظن أنه سيكابد الفقر يومين ثم يعود مستسمحاً.
خرج من الكنيسة، وهو لا يلبس سوى ما يستر عورته، ولا يملك سوى هذا الدين العظيم الإسلام، وشعر حينئذٍ أنه أسعد مخلوق على هذه البسيطة، سار ماشياً باتجاه المسجد الكبير وسط البلد وفي الطريق أخذ الناس يمشون بجانبه مستغربين، ويقول بعضهم: لقد جُنَّ القسيس، وهو لا يرد على أحد حتى وصل المسجد فلما هَمّ بالدخول حاولوا منعه متسائلين: إلى أين؟! وإذا بالجواب الصاعقة: جئت أُعلن إسلامي.
عجباً!! القسيس الأشهر في البلاد الذي يظهر في شاشة التلفاز مرتين أسبوعياً، الذي يمثل النصرانية في البلد، الذي … الذي … الذي … يأتي اليوم ليُعلن إسلامه، إنها سعادةٌ لا توصف، وفرحة لا تعبر عنها الكلمات، ولا تقدر على تصويرها الجمل والعبارات.
دخل المسجد وألقى بالمسلمين المتواجدين خطبة عصماء، أعلن فيها إسلامه، انطلقت على إثرها صيحات التكبير وارتفعت خلالها أصوات التهليل والتسبيح، استبشارا وفرحا بإسلام مَن طالما دعا إلى الضلال، وإذا به اليوم يدعوهم إلى الهداية والإسلام.