تعتبر فدرالية الجبهة النفس الثاني للثورة التحريرية ،و القوة الضاربة لها داخل التراب الفرنسي وقد ألقي على عاتقها مسؤولية نقل ايديولجية جبهة التحرير الوطني و التعريف بها لدى الأوساط الجزائرية المغتربة التي كانت تدين بالولاء للمصاليين ،و هو ما صعب من مهمتها الوطنية المتمثلة في إقناع هذه الشريحة المغتربة بضرورة المساهمة في إنجاح الثورة ..
متى تأسست فيدرالية جبهة التحرير بفرنسا؟
2- تأسيس فدرالية جبهة التحرير الوطني
يعود تأسيس فيدرالية جبهة التحرير الوطني بفرنسا إلى الزعماء الأوائل من مفجري الثورة التحريرية الذين رأوا أنه من الضروري نقل النضال و الكفاح إلى داخل التراب الفرنسي وذلك من خلال إنشاء خلايا لجبهة التحرير الوطني في المهجر مع الارتكاز على فرنسا نظرا لأهمية الجالية الجزائرية المغتربة في دعم الكفاح المسلح داخل التراب الوطني وخارجه ،وقد تم الاتصال الأول بين هذه الجالية وجبهة التحرير الوطني عن طريق السيد محمد بوضياف المدعو سي الطيب الذي دعى إلى عقد إجتماع سرّي مع بعض المناضلين الأوائل المؤسسين لفدرالية جبهة التحرير من حركة انتصار الحريات الديمقراطية حيث تم فيه بالإتفاق على تشكيل النواة الأولى للفدرالية.
3- تقسيم فدرالية جبهة التحرير الوطني بفرنسا
نظرا لصعوبة المهام الملقاة على عاتق مناضلي جبهة التحرير أمام قوة المصاليين داخل التراب الفرنسي ، فإنهم رأوا ضرورة تقسيم المهام بين أعضاء الفدرالية حيث تم تقسيم فدرالية جبهة التحرير إلى فرعين أساسيين ،هذا التقسيم الذي جاء نتيجة لاجتماع لوكسامبورغ عام 1954، الذي شّخص أوضاع المهاجرين ،ووقف على مواطن الضعف دون الدخول في مواجهات مع المصاليين من جهة ، والسلطات الفرنسية من جهة ثانية .
4- التطور التاريخي لفدرالية جبهة التحرير بفرنسا
مرت فدرالية جبهة التحرير الوطني بفرنسا بمراحل تاريخية ،ميزتها مضايقات الشرطة الاستعمارية لأعضائها وفرض الرقابة على نشاطهم الحزبي وهذا ما أدى في إحدى مراحلها الأولى إلى اكتشاف أمر القيادة الأولىو استطاعت بذلك إلقاء القبض عليها لكن هذه العملية لم تمنع أعضاء الفدرالية من مواصلة نشاطهم والعمل على تنظيم صفوف المغتربين الجزائريين وهذا ما ميز المراحل التاريخية التي مرت بها فدرالية جبهة التحرير و التي وراء تحقيق نجاحات متتالية تمثلت بالدرجة الأولى في كسب ثقة الجالية المهاجرة ثم كسب تأييد المتعاطفين مع الثورة الجزائرية من الفرنسيين ومنهم أعضاء شبكات الدعم الأوروبية ،وكان الهدف ا الأساسي لهذا النشاط هو التعريف بحقيقة الثورة التحريرية بعمقها الشعبي داخل التراب الوطني و التأكد على ضرورة نقل هذا النضال داخل التراب الفرنسي وتحمل الجالية الجزائرية مسؤوليتها في المهجر و الرامية إلى تعريف الرأي العام الفرنسي بعدالة القضية الجزائرية وعدم السقوط في فخ أجهزة السلطات الفرنسية .
القائمة على دعم صراع الإخوة الأعداء ،وقد كانت من أصعب المراحل التي عانت منها الفدرالية وهذا ما دفع بقيادتها إلى تبني طريقة سلمية بعد عام 1956 تتمثل في كسب الساحة الفرنسية دون الدخول في المواجهات مع إخوانهم المصاليين بعد انتقال الحركة الوطنية المصالية إلى فرنسا ،وقد برزت هذه المنهجية في العمل بعد تشكيل القيادة الجديدة لفدرالية الجبهة برئاسة عمر بوداود مابين 1957و1962 مع بعض المناضلين واستطاعت هذه القيادة أن تحقق نجاحات كبيرة في كسب عدد كبير من المهاجرين خاصة بعد تقسيم التراب الفرنسي جغرافيا وإقليميا ،وهو ما أربك السلطات الفرنسية في قدرتها الكبيرة على قلب الموازين من خلال تحريك المهاجرين في القيام بمظاهرات كبيرة هي مظاهرات 17 أكتوبر 1961 في قلب العاصمة الفرنسية باريس و كانت الدليل القاطع على اكتساح الساحة الفرنسية ،وبذلك أثبتت هذه الفدرالية أنها قادرة على توحيد الصفوف وإيصال صوت الشعب وقضيته العادلة من العاصمة الفرنسية نفسها وأنه من واجبها نقل الثورة داخل التراب الفرنسي وهذا ما أحس بها الجنرال ديغول الذي أجبر على قبول مبدأ المفاوضات.
5- العمليات الفدائية داخل التراب الفرنسي
وقد كانت هذه العماليات الدليل القاطع على جدية جبهة التحرير الوطني في ضرب فرنسا ليس في الجزائر فقط إنما داخل ترابها وهو تحد كبير برهنت من خلاله فدرالية الجبهة على قدرتها في التحكم في الأوضاع داخل فرنسا ،ولذلك فإن العمليات المسلحة التي نفذها أعضاء الفدرالية جبهة التحرير داخل التراب الفرنسي أكدت للسلطات الاستعمارية قوة الجبهة في ضرب المؤسسات الاقتصادية ورموز القمع والاضطهاد وبالتالي كان نقل المعركة على التراب الفرنسي يهدف أساسا إلى فتح جبهة أخرى لإضعاف القدرة الفرنسية الاستعمارية ودفعها إلى الاقتناع بأن الجزائر ليست أرضا فرنسية .