أخرج البخاري عن عبدالله بن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة، ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة)). فهذا الحديث الشريف يجمل معاني عظام، وأخلاق الكرام، والتي من شأنها تقوية المجتمع المسلم وتعزيز أركانه، يقودنا هذا الحديث إلى استهداف معالجة أمر ذميم في المجتمع المسلم، بل إن من شأنه إذكاء روح الفرقة والشتات بين أفراد المسلمين، ألا وهو فضح ونشر سيئات الآخرين!
أيها المسلمون؛ إن من الناس من إذا رأى أخاه على أمر غير قويم؛ نشر ذلك بين الآخرين، وأذاع ذلك بين الناس، مسولًا له شيطانه بأن هذا تحذير، بل لم يعلم أن ذاك الذي يعمله من نشر سيئات الآخرين، وفضحهم على مرأى العالمين، إنما هو جبن وخور وذل وانهزام أمام النفس الضعيفة، التي لم تعدوا قدرها، ولم تتغلب على شهوتها، لتكتم عيبا رأته، أو سيئة سمعت بها! إنما القول بالانهزام والجبن، إلا لأن أولئك الأشخاص لم يتمكنوا من مواجهة أصحاب الأخطاء، ومرتكبي السيئات، لنصحهم، وتوجيههم، إنهم لم يقدروا على المواجهة لقول التي هي أحسن؛ لذا لجأوا إلى أساليب الفضح وكشف عيوب الآخرين. فليتق الله أصحاب هذا الهوى، وليتب إلى الله أهل هذا المسلك، وليسلكوا سبل الستر وموارة عيوب الآخرين، فإذا رأى الإنسان أخاه على أمر غير مستقيم، أو خلق غير قويم، فليبادره بالإصلاح بالتي هي أحسن، فإن لم يقدر على ذاك فليكتم أمره وليدع له بظهر الغيب عل الله تعالى أن يهديه إلى طريق الحق والاستقامة وسواء السبيل، ولاينقل خبره إلا إذا كان هدفه التوجيه والإصلاح، لا التشفي وشهوة الكلام! فليحص كل إنسان مايتكلمه ومايقوله، وليتحقق من الهدف الذي يسعى من ورائه لنشر أخبار الآخرين فـ ((البر ما اطمأنت إليه النفس، واطمأن إليه القلب، والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر، وإن أفتاك الناس وأفتوك)) رواه الهيثمي. فإن كثيرا من الأهداف تعود إلى التسلية بالحديث والضحك والاستهزاء والشماتة، وإن جملة منها تنشأ من الحقد والكراهية وحب الانتقاص! فليتق الله أصحاب الأهواء، وليتب إلى الله أهل الطرق العوجاء. أولم يعلم أولئك بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل رضي الله عنه عندما أخذ بلسانه وقال ((كف عليك هذا))، فقال معاذ رضي الله عنه: يانبي الله، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال: ((ثكلتك أمك يامعاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم)) رواه الترمذي.
والحمد لله رب العالمين
رائد بن عبدالله الغامدي
1443.02.01 هـ