قال الله تعالى: (وَحُورٌ عِينٌ. كَأمْثَالِ الُّلؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ جَزَاءَ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ).
وقال تعالى: (كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ).
وقال: (إِنَّا أَنشَأْنَهُنَّ إِنشَاءً. فَجَعَلْنَهُنَّ أَبْكَاراً. عُرُباً أَتْرَاباً. لأَصْحَبِ الْيَمِينِ).
وفي صحيح مسلم: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: " إن للمؤمن في الجنة لخيمة من لؤلؤة واحدة مجوفة طولها ستون ميلاً في كل زاوية منها للمؤمن أهل لا يراهم الآخرون يطوف عليهم المؤمن، وجنتان من فضة آنيتهما وما فيهما، وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما، وما بين القوم، وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن: أي صفة الكبرياء والعظمة فهو بكبريائه وعظمته لا يريد أن يراه أحد من خلقه حتى يأذن لهم في دخول جنة عدن فيرونه فيها " .
وفي صحيح مسلم قال: " إن في الجنة لسوقاً يأتونها كل جمعة فتهب ريح الشمال فتحثو في وجوههم وثيابهم فيزدادون حسناً وجمالاً، فيرجعون إلى أهليهم وقد ازدادوا حسناً وجمالاً، فيقول لهم أهلوهم، واللّه لقد ازددتم حسناً وجمالاً " .
وفي كتاب الترمذي قال: " إن أول زمرة يدخلون الجنة يوم القيامة ضوء وجوههم على مثل ضوء القمر ليلة البدر، والزمرة الثانية على مثل أحسن كوكب دري في السماء لكل رجل منهم زوجتان على كل زوجة سبعون حلة يرى مخ ساقها من ورائها " .
وفي كتاب النسائي عن أنس قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: " يعطى المؤمن في الجنة قوة كذا وكذا من الجماع " قيل يا رسول اللّه أو يطيق ذلك قال: " يعطى قوة مائة " .
وفي كتاب الترمذي عن علي قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: " إن في الجنة لمجتمعاً للحور العين بأصوات لم يسمع الخلائق مثلها يقلن: نحن الخالدات فلا نبيد، ونحن الناعمات فلا نبؤس، ونحن الراضيات فلا نسخط، فطوبى لمن كان لنا وكنا له".
وفي كتاب الترمذي: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: " لغدوة في سبيل اللّه أو روحة خير من الدنيا وما فيها ولقاب قوس أحدكم أو موضع يده في الجنة خير من الدنيا وما فيها ولو ان من نساء أهل الجنة اطلعت إلى أهل الأرض لأضاءت ما بينهما ولملأت ما بينهما ريحاً ولنصيفها على رأسها خير من الدنيا وما فيها " .
قال في الصحاح النصيف: الخمار.
وفي كتاب الترمذي قال: رسول اللّه صلى الله عليه وسلم " أدنى أهل الجنة الذي له ثمانون ألف خادم واثنتان وسبعون زوجة وتنصب له قبة من لؤلؤ وزبرجد وياقوت، كما بين الجابية إلى صنعاء " .
وفي مسند البزار عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قيل يارسول الله انفضي إلى نسائنا في الجنة؟ فقال " أي والذي نفسي بيده إن الرجل ليفضي في اليوم الواحد إلى مائة عذراء " .
وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أهل الجنة إذا جامعوا نساءهم عادوا أبكاراً " .
وفي صحيح مسلم عن المغيرة بن شعبة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " سأل موسى عليه السلام ربه ما أدنى أهل الجنة منزلة؟ قال: هو رجل يجئ بعد ما أدخل أهل الجنة الجنة، فيقال له ادخل الجنة، فيقول: أي رب وكيف وقد نزل الناس منازلهم، وأخذوا أخذاتهم، فيقال له أترضى أن يكون لك مثل ملك من ملوك الدنيا فيقول رضيت رب، فيقول هذا لك وعشرة أمثاله، ولك ما اشتهت نفسك ولذت عينك، فيقول رضيت رب،قال: رب فأعلاهم منزلة، قال: أولئك الذين غرست كرامتهم بيدي وختمت عليها فلم تر عين، ولم تسمع أذن، ولم يخطر على قلب بشر " .
قال ومصداقه من كتاب الله تعالى: (فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ).
وفي صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: " إن اللّه تعالى يقول لأهل الجنة يا أهل الجنة، فيقولون: لبيك ربنا وسعديك والخير في يديك فيقول: هل رضيتم؟ فيقولون: وما لنا لا نرضى يا رب وقد أعطيتنا ما لم تعط أحداً من خلقك فيقول ألا أعطيكم أفضل من ذلك، فيقولون ياربنا وأي شيء أفضل من ذلك؟ فيقول: أحل لكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبداً " .
إخواني: اتركوا الدنيا واكدحوا للآخرة وارفضوا حب نساء الدنيا واشتروا الحور الفاخرة فإنها تدرك بأيسر الأثمان وتكون معكم مخلدة في الجنان.
وروي عن مالك بن دينار رضي الله عنه أنه كان يوماً ماشياً في أزقة البصرة، فإذا هو بجارية من جواري الملوك راكبة ومعها الخدم، فلما رآها مالك نادى أيتها الجارية: أيبيعك مولاك؟ فقالت: كيف قلت يا شيخ؟ قال: أيبيعك مولاك؟ قالت: ولو باعني أكان مثلك يشتريني قال: نعم وخيراً منك، فضحكت وأمرت به أن يحمل إلى دارها، فحمل فدخلت إلى مولاها فأخبرته فضحك وأمر أن يدخل به إليه، فأدخل، فألقيت له الهيبة في قلب السيد، قال: ما حاجتك، فقال بعني جاريتك، قال: أو تطيق أداء ثمنها؟ قال ثمنها عندي نواتان مسوستان فضحكوا، قال وكيف كان ثمنها عندك هذا؟ قال: لكثرة عيوبها، قال: وما عيوبها. قال: إن لم تتعطر دفرت، وإن لم تستك بخرت، وإن لم تتمشط وتدهن قملت وشعنت، وإن تعمرت عن قليل هرمت، ذات حيض وغائط وبول وأقذار وحزن وغم وأكدار، ولعلها أن لا تودك إلا لنفسها، ولا تحبك إلا لتنعمها، لا تفي بعهدك، ولا تصدق في ودك، ولا يخلف عليها أحد بعدك إلا رأته مثلك، وأنا آخذ بون ما سألت في جاريتك من الثمن جارية خلقت من سلالة الكافور ومن المسك والجوهر والنور لو مزج ريقها أجاج البحر لطاب، ولو دعي بكلامها ميت لأجاب، ولو بدا معصمها للشمس لأظلمت دونه وكسفت، ولو بدا في الظلماء لأنارت به وأشرقت، ولو واجهت الآفاق بحليها وحللها لتعطرت به وتزخرفت، نشأت من بين رياض المسك والزعفران وقضبان الياقوت والمرجان، وقصرت في خيام النعيم وغذيت بماء التسنيم،لا تخلف عهدها، ولا تبدل ودها فأيهما أحق برفع الثمن؟ قال التي وصفت، قال فإنها الموجودة الثمن القريبة الخطب من كل زمن قال فما ثمنها رحمك الله؟ قال أيسر المبذول لنيل الخير المأمول أن تتفرغ ساعة في ليلك فتصلي ركعتين تخلصهما لربك وأن يوضع طعامك فتذكر جائعاً فتؤثره للّه تعالى على شهوتك وأن ترفع حجراً أو قذراً وأن تقطع أيامك بالبلغة والقلة وترفع همك عن دار الغرور والغفلة فتعيش الدنيا بعز القناعة وتأتي إلى موقف الكرامة آمناً غداً وتنزل الجنة دار النعيم في جوار المولى الكريم مخلداً.
فقال يا جارية أسمعت ما قال شيخنا هذا؟ قالت نعم قال أفصدق أم كذب قالت بل صدق وبر ونصح قال فأنت إذاً حرة للّه تعالى، وضيعة كذا وكذا دقة عليك، وأنتم أيها الخدم أحرار وضيعة كذا وكذا لكم، وهذه الدار بما فيها صدقة مع جميع مالي في سبيل اللّه، ثم مد يده إلى ستر خشن كان على بعض أبوابها فاجتذبه وخلع جميع ما كان عليه واستتر به فقالت الجارية لا عيش بعدك يا مولاي فرمت بكسوتها ولبست ثوباً خشناً وخرجت معه فودعهما مالك بن دينار ودعا لهما وأخذ طريقاً وأخذا طريقاً غيره فتعبدا جميعاً حتى جاء الموت فنقلهما على حال العبادة.
رحمهما الله ورضي الله عنهما ونفعنا بهما وبسائر الصالحين، اللهم يسر علينا متابعتهم وأوصل إلينا فتوحاتهم وأدم لنا بركاتهم وألحقنا بهم وأحشرنا في زمرتهم وأدنا هداهم وأسلكنا طريقهم آمين.