التصنيفات
أدعية و أذكار

سيّد الاستغفار

سيّد الاستغفار


الونشريس

سيّد الاستغفار
عن شداد بن أوس ‏‏رضي الله عنه ‏عن النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏‏سيد ‏‏الاستغفار أن تقول:
"اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بنعمتك علي وأبوء لك بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت"
قال ومن قالها من النهار موقنا بها فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة .رواه البخاري
************************************
الشـــــرح:
ومعنى سيد الاستغفار أي أنه يسود ويتقدم كل صيغ الاستغفار الأخرى في الفضيلة والرتبة, وهذا مقرر من كلام من لا ينطق عن الهوى .
والمتأمل فيه يجد أن هذا الدعاء قد أشتمل على التوبة والتذلل والإنابة لله سبحانه وتعالى، ففيه إقرار من العبد بألوهية الله وذلك في قوله "اللهم" وإقرار بربوبيته في قوله "أنت ربي", و يقر بوحدانيته في وقوله "لا إله إلا أنت", ويقر بأنه عبد مربوب له في قوله "خلقتني وأنا عبدك"
وقوله "وأنا على عهدك" على قولان :
الأول ( أي أنا على عهدك بالإيمان بك وبملائكته وكتبك ورسلك – أركان الإيمان الستة )
والثاني أي العهد الذي أخذ من آدم وذريته وذلك في قوله تعالى : «وإذْأخَذ ربُّك من بَني آدَم من ظُهورِهُم ذُريتِهم و أشْهدهُم علَى أنْفسِهم ألَسْت بِربكُم قَالُوابلَى شهِدنَا أنْ تقُولُوا يوْم القيَامة إنَّا كُنَّا عَن هَذا غَافِلين» الأعراف : 172 .
وقوله "ووعدك" أي الوعد الذي وعدتنا إياه وذلك في قوله تعالى: «الر كتَاب أحكِمتْ آياتِه ثم فصِّلت منْ لدُن حَكيم خَبير ألاَّ تعْبُدوا إلاَّ الله إنِّي لكُم منْه نذِير وبَشِير وأنْ استغْفِروا ربَّكم ثمّ تُوبُوا إليْه يمْتعُكم مَتاعا حسَنا إلى أجَل مسمَّى ويُوتِ كلّ ذِي فضْل من فضْلِه وأنْ تولّوا فإنِي أخافُ عليْكُم عذابَ يوْمٍ كَبير» هود · 3
فالوعد هو المتاع الحسن في الدنيا, ويؤتي كل ذي فضل من فضله أي دخول الجنة في الآخرة·
وقوله "ما استطعت": أي على قدر استطاعتي, فإنه سبحانه وتعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها, والاستطاعة حقيقتها إستفراغ الجهد, أي بذل كل الجهد الذي يمكن بذله وحقيقة الاستطاعة هي أن كل ما كلفنا به إلا وفي مقدورنا فعله, وعليه يجب أن نكون صادقين مع الله في الاستطاعة.

وقوله "أعوذ بك من شر ما صنعت", فيستعيذ الإنسان من شر ذنوبه وتقصيره فيأمره سواء كان التقصير في القيام بشكر الأنعام و تقصيره بارتكاب الآثام ;فالتقصير لا يقع فقط في اجتراح الآثام بل أيضا في التقصير على شكر الإنعام ولا يحرم العبد من نعمة إلا بذنب أصابه, والحقيقة أن التقصير واقع ولامحالة في شكر الأنعام فقد قال تعالى: «وَإنْ تعُدّوا نعْمَة الله لاَ تحصُوهَا»النحل: 18 .
فيستعيذ الإنسان بالله سبحانه وتعالى من شر ما صنع أي من شر مغبته وسوء عاقبته, وحلول عقوبته, وعدم مغفرته أو من العود إلى مثله, فيلتجئ إلى الله من شر الأفعال وقبيح الأعمال, ورديء الخصال ,
وقوله "أبوء لك بنعمتك" أي أقر واعترف بنعمة الله علي فاعترف بعظيم إنعامك وترادف فضلك وإحسانك, بل وتفضلك على بفعل الحسنات ويعلم أنه هو هداه ويسرهلليسرى, ولولا توفيق الله لما هداه لها ابتداء ولما يسر له فعلها , , ويقر بذنوبه في قوله "أبوء بذنبي", سواء كان ذلك تقصيرا في واجب أو فعل نهي ويتوب منها في قوله "فاغفر لي", فهو يسأل المغفرة من الله سبحانه وتعالى من ذلك كله, معترفا بأنه لا يغفر الذنب سواه ,
وكما قال بعضهم: أطعتك بفضلك والمنة لك وعصيتك بعلمك والحجة لك فأسألك بوجوب حجتك علي وانقطاع حجتي إلا ما غفرت لي. فرحمتك واسعة وصفحك كريم ولا يتعاظمك ذنب أن تغفره, فأنت الغفور الرحيم .


لطائف سيد الاستغفار:
هذا الدعاء العظيم كلما تأمّلت فيه..جاد عليك بكنوزه..
وإليكم بعضا من ذالكم:-

1-تضمن الدعاء جميع أصول ما يذكر المرء به ربه:-
فقوله"لا إله إلا أنت"..كلمة التوحيد..وهي أعظم الذكر كما صح الحديث بذلك "خير ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله"
وقوله"أبوء لك بنعمتك علي"..معناه(الحمد لله)..وقد صح أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال :أما إن ربك يحب الحمد..
وقوله"خلقتني"..إلماح يستثير في النفس أن تقول:سبحان الله..قال الله"وفي أنفسكم ألا تبصرون"
وقوله"وأنا على عهدك ووعدك ""..من معاني (الله أكبر)..لأن حقيقة التكبير أن تجعل مراد الله مقدما على سائر المرادات والشهوات
وتقييده لزوم العهد بالاستطاعة في قوله "ما استطعت"..يوميء إلى (لا حول ولا قوة إلا بالله).. والحوقلة " كنز من كنوز الجنة"
أما قوله"اغفر لي"..فجلي أنه استغفار..بمثابة قول المستغفر(أستغفر الله) وما يندرج تحته
وقوله "أعوذ بك من شر"..استعاذة من الشيطان والنفس الأمارة بالسوء..وكل ما يندرج تحت مسمى الشر
قوله "أنت ربي"..اعتراف بتوحيد الربوبية..الذي يقتضي توحيد الألوهية فلهذا قال بعده"لا إله إلا أنت"

ثم هو متضمن للدعاء"اغفر لي"..مسبوقا بمقدمة مثالية تحاكي سيدة السور "الفاتحة"..فبعد أن أثنى على الله بما هو أهله..وجعل ذلك تقدمة له وشفعةعند الله قال:"اغفر لي"..فحري أن يجاب ولا ريب إن دعا خالصا من قلبه..
والدعاء السيّد..ينقسم إلى ثلاثة أقسام :-
القسم الأول:اعتراف العبد بصفات الله الكمالية وإقراره بأن الله الخالق الرب.
القسم الثاني:يظهر افتقاره إليه واعترافه بحق عبادته وأنه لا مندوحة له عن ذلك..لا عن تكليف قسري..ولكن بلهجة الحب والرغبة إليه
وهذا يقتضي أن يقدم بين يدي ربه
القسم الثالث:-الدعاء الخالص المسبوق بالإقرار بالذنب والالتجاء إلى الرب طمعا في الوقاية من شر ما صنعت النفس

ثم خاتمة الدعاء..بالعود على بدء بالاعتراف أنه لا يغفر الذنوب إلاّ الله..فلهذا قال:"أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي"
فإذا تم ذلك بذكر نعمة المنعم..كانت الاستعاذة حرية أن تطهر العبد.. وتقيه من الذنوب لأنه محاط بالفضل من جهتين..جهة تقصيره بشر ما صنع..وجهة ثبوت نعمة المنعم لا مجرد غفران الذنب والمسامحة..
أما وقد حصل ذلك أصبح الطريق معبدا جدا أمامه ليقول
"اغفر لي"..لأنه استكمل عرى الشكر واختتم الدعاء بإقرار إفراد الله تعالى بأنه الوحيد الذي يغفر الذنوب..
فالعباد مضطرون إليه وحاجتهم إلى عبادته وتقواه أشد من حاجتهم للطعام والشراب..بل وحتّى الهواء..
ثمــــــــار الاستغفار:

*غفران الذنوب جميعها، ويشمل ذلك ذنوب العبد التي لم يحصها أو نسيها وقد أحصاها الله عليه مهما صغرت أو مضت عليها السنون .
*التواضع باطنا وظاهرا، والدخول على الله من باب الخضوع والخشية والإخبات، وهذا هو عين التواضع .
*الاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم .
*الاعتراف بالتقصير في الطاعات والخوف من الذنوب هو مطية الإقبال على التزود من النوافل وعمل الصالحات والاستكثار من الحسنات .
*المحافظة على سلامة القلب وصفائه من آثار الذنوب، كما جاء في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "إن العبد إذا أخطأ خطيئة نكتت في قلبه نكتة سوداء، فإن هو نزع واستغفر وتاب صقل قلبه" (الترمذي)




رد: سيّد الاستغفار

بار الله فيك شكرا لك جعله الله في ميزان حسناتك




رد: سيّد الاستغفار

شكرا لك أختي على الدعاء الطيّب!




اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.