التصنيفات
" حدث في مثل هذا اليوم"

رقان

رقان


الونشريس

ففي بداية هذا الشهر يتذكر العالم بألم عميق القنبلتين النوويتين اللتين رمت بهما الولايات المتحدة الأمريكية على مدينتي هيروشيما و ناقازاكي باليابان سنة 1945 م ، و تتذكر الجزائر بهذه المناسبة التجارب النووية التي قامت بها السلطات الفرنسية في الصحراء الجزائرية و في مدينة " رقان " على وجه الخصوص .

فقد قامت فرنسا في يوم 13 فبراير من سنة 1960 م بتفجير قنبلة نووية بالقرب من رقان يقال أنها تعادل في قوتها ثلاث مرات قوة القنبلة النووية التي رمى بها الأمريكان على مدينة هيروشيما . و قد أتبعت العملية بعمليات أخرى في الصحراء الجزائرية سواء كانت تجارب داخل باطن الأرض أو خارجها معرضة بذلك حياة
و صحة كل مخلوق في الصحراء إلى خطر أكيد . صحيح أن التجارب المذكورة لا تتطابق في تاريخها مع تاريخ القاء القنبلتين على هيروشيما و ناقازاكي الا أن التفات العالم اليها كل سنة في شهر أوت يحيي في نفوس الجزائريين جرح ما عانوه من استغلال فرنسا للأرض الجزائرية لاجراء تجاربها النووية .

أذكر انه عندما كنت متواجدا بالصحراء الجزائرية في خلال أدائي لمهامي الوظيفية سنة 1998 م التقيت بوالد أحد الأصدقاء الذين اعرفهم و الذي يقطن بإقليم توات الذي يضم إداريا مدينة " رقان " و مـا جـاورهــا و بالضبط في قرية صغيرة بالقرب من " زاوية كنتة " تدعى " تيوريرين " . و قد روى لي هذا الشخص (الذي وافته المنية بعد لقائنا بسنوات قليلة) بعض ما عاين و بعض ما يعرف حول موضوع التجارب النووية الفرنسية بالصحراء الجزائرية و هو الذي كان – لسوء حظه – معرضا بصفة مباشرة لخطر تلك التجارب .

لقد أخبرني أن السلطات العسكرية الفرنسية أعلمتهم آنذاك أن حدثا كبيرا سيقع في تاريخ معين حددته لهـم و أنه يتوجب عليهم فور سماعهم لدوي انفجار قوي أن يجثموا على الأرض و أن يضعوا رؤوسهم في التراب و أن لا يعودوا إلى حالهم الذي كانوا عليه إلا بعد عودة الأمور إلى طبيعتها الأولى و زوال صوت الانفجار
و ما يتبعه من آثار . كما أن السلطات العسكرية أعطت كل شخص يقطن هناك قلادة بسيطة مع كل واحدة منها قطعة معدنية صغيرة بها رقم تسلسلي يقابل هوية الشخص الذي يحملها وفق ما كان قد تم تقييده- قبل توزيع القلادات – في سجلات خاصة تحضيرا لعملية الانفجار . و الهدف من وراء ذلك واضح وضوح الشمس في وضح النهار كما يقال ، و هو أن يتم التعرف إلى الجثث في حال تشوهها من جراء الانفجار و لمعاينة الخبراء نتائج الانفجار على أجساد أشخاص تم اختيارهم ليكونوا موضوع تجارب من طرف بلد تدعي سلطاته زورا و الى غاية اليوم أنها كانت ترمي الى جلب الحضارة للبلاد التي احتلتها شرق الكرة الأرضية و غربها . و قد قبل الناس آنذاك الموضوع كما طرح عليهم و أحاطوا رقابهم بالقلائد الفرنسية في سذاجة و بساطة بدو الصحراء الذين تعمدت فرنسا محاصرتهم بالجهل و الحرمان و لم يكن يخطر ببالهم – بطبيعة الحال – انهم يواجهون خطرا حقيقيا ، و لم يكونوا يعرفون حتى معنى عبارة قنبلة نووية .

كما يروي لي والد صديقي أن الأرض التي وقع بها الانفجار أجدبت و لم تنبت و لا عشبة واحدة منذ ذلك الوقت و أن الحيوانات ماتت جميعها . كما أن الناس هناك – ممن بقي حيا – لاحظوا بعد العملية غرائب في ولاداتهم الجديدة و أمراضا حصدت أرواحا عديدة على مرأى منهم دون ان يعرفوا لها تفسيرا واضحا ، و لم يعرف اولائك المساكين البسطاء أن الأمر برمته نتيجة مباشرة للانفجار الذي اختارت فرنسا أن تكون أرضهم مأواه و أن يكونوا هم كباش فدائه .

و لم يسلم من تلك الفاجعة – حسب نفس الراوي – الجنود الفرنسيون ذاتهم (أو البعض منهم على أقل تقدير) . ذلك انه عندما اقتربت ساعة الحسم و دنا موعد الانفجار عرفت الوحدات العسكرية المتواجدة بالمنطقة المعنية غيابا مفاجئا لكل القيادات و الإطارات العسكرية من المنطقة و لم يبق هناك سوى الجنود البسطاء الذين لم يحاطوا علما بما يتم التحضير له و لم يكونوا يدركون كنه ما يدور حولهم من حركة .

*و من عجيب الصدف أن تقوم فرنسا في شهر فبراير من سنة 1960 م بتفجير قنبلة نووية بالصحراء الجزائرية جالبة بذلك الدمار و الهلاك للبشر و الحيوان و النبات و الأرض و كذا لأجيال أتت بعد الانفجار ، ثم تأتي في نفس الشهر من سنة 2022 م لتسن قانونا تمجد فيه ما قامت به في مستعمراتها السابقة . و لا ندري هنا كيف لفرنسا أن تمجد ما قامت به من تجارب نووية في الصحراء الجزائرية و كيف لها أن تجد ما من شأنه أن يقنعنا بإيجابية تلك التجارب . كما لا ندري كيف سيكون رد السلطات الفرنسية الحالية على الدعاوى القضائية المرفوعة على مستوى المحاكم الفرنسية من طرف ضحايا تلك التجارب من الجزائريين و الفرنسيين على حد سواء و ماذا في جعبتها لتخرجه لأناس فقدوا أحباءهم (أبناء و آباء و غيرهم) من جراء تلك التجارب

شهود العيان من الذين تواجدوا قرب القنبلة النووية الأولى على بعد أمتار قبل التفجير "عبد اللة عبد الله "، من مواليد 1938، الذي يروي الفاجعة، متحسرا على أرواح أولائك الذين أعدمتهم فرنسا بأبشع الطرق الإجرامية. يقول أنه لم يكن يعرفهم، لكنهم كانوا جزائريين مثله، ويتساءل اليوم : بأي ذنب فعل بهم المستعمر هذا الفعل؟؟!!.. يومها، كان "عبد اللة"، يعمل في شركة تختص بأمور التبريد و التهوية في موقع التفجير. فكتب لهذا الشاهد، أن يكون شاهدا على جريمة حية من جرائم فرنسا! يضيف الشاهد المحظوظ قائلا أن المستعمر أحضر شاحنة عسكرية كان يصطف على متنها عدد كبير من الجزائريين، فهم الرجل ساعتها، أنهم مجاهدون ممن حكم عليهم بالإعدام!! ليضيف مؤكدا أنهم ليسوا من المنطقة بل من الشمال الجزائري! فقد منعوا أي أحد من التحدث معهم!!.. كانوا واقفين… مكبلي الأرجل و الأيادي، لا يمكنهم الحراك !!.. حتى رؤوسهم كانت مثبتة بواسطة قضبان حديدية تمنعهم من الالتفات إلى اليمين أو إلى اليسار، لكن عيونهم كانت تنوب عنهم في الكلام… يقول "عبد اللة" … كما كانت هنالك خيام منصوبة في نقاط متباعدة عن نقطة التفجير، ترك فيها مجاهدون ومدنيون بالقوة، بعد أن طلب منهم الانبطاح على وجوههم عند سماع صوت الطائرة، فيما غادروا هم المكان باتجاه رقان المدينة ، أي على بعد نحو 65 كلم عن منطقة التفجير بحموديا. و بعد عودتنا في اليوم الموالي من التفجير بملابس خاصة، يقول محدثنا.. الشاهد الذي "شاف كل حاجة" ..،لم نجد أي أثر لجثث بشرية، و لم نستطع التعرف على الشاحنة التي تحولت إلى كتلة من حديد!! أما الخيام ومن كانوا فيها، فلم نجد لهم أثرا يذكر!! لقد نجم عن التفجير جبل أسود لم يكن هناك قبل الأمس!!

عبد الله، يطالب اليوم فرنسا بأن تعترف رغما عنها بالجرائم التي تتكتم عنها في حق الشعب الجزائرى!!هذه الجريمة التي أتت على الأخضر و اليابس وعلى كل مظاهر الحياة بالمنطقة..إذ لا يزال سكان المنطقة يعانون من أثار التجارب بظهور غرائب الأمراض التي لم يسمع عنها الأهالي قبل قدوم فرنسا .

نتائج مريعة على الصحة والطبيعة: f*

النتائج الأولية لهذه التجارب، كانت مفزعة : 35 حامل أجهضن !!..عدد كبير من سكان القصور فقدوا البصر!!.. أصحاء أصيبوا بأمراض عقلية!!.. نقل الكثير من الأهالي إلى المستشفى العسكري الفرنسي بالقاعدة لمعاينتهم.. وفقطدون إعطاء علاج!!! هي ذي الأحداث التي عرفتها مدينة رقان يوم 13 فبراير 1960… ساعات بعد تفجير"اليربوع الأزرق" حسب رواية "رقاني محمد بن هاشم"، من مواليد 1937، كان وقتها يشتغل ممرضا بالقطاع الصحي الفرنسي رفقة الطبيب " بيشو دوغي"! كان أنداك , "الرقاني" الجزائري الوحيد الذي كان ضمن القطاع الصحي الفرنسي بالمنطقة، والذي يؤكد اليوم "أن فرنسا تعمدت استعمال سكان القصور كفئران تجارب خصوصا بعد إحصاء السكان لمدة 4 أشهر قبل التفجير دون استثناء أحد، قبل أن تخرجهم للعراء، غطاؤهم يوم التفجير كان السماء !! تاركين بيوتهم خالية مفتوحة النوافذ و الأبواب وهم وسط الصحراء !! , يقول "الرقاني محمد"، أن فرنسا كلفتهم بإخبار أهالي القصور عن التدابير التي يجب أن يتخذوها، بإغماض أعينهم و الانبطاح فوق الأرض على وجوههم قبل الانفجار إثر رؤيتهم للطائرة التي ستحلق فوقهم. كم تم تسليم كل فرد صحراوي قلادة كشف الإشعاع تحمل رقما تسلسليا مع تهديد كل من يضيعها، بالسجن!!.. ويضيف محدثنا ..أنه، يومها ارتفعت غمامة الفطر النووي في السماء، لكنها سرعان ما جلبتها الرياح نحو المناطق الآهلة بالسكان!! فقد تم نقل عائلات الضباط الفرنسيين إلى مدينة رقان علي جناح السرعة لتجنيبهم أي خطر!! كما لحقهم بعد ذلك كل القادة العسكريين، خوفا علي أرواحهم، فيما ترك الناس وسط غيمة

********
استيقظ سكان منطقة رقان صباح يوم 13 فيفري 1960 على الساعة السابعة وأربع دقائق على و قع انفجار ضخم و مريع كسر الصورة البريئة التي كان يختفي وراءها وجه الاستعمار ، ليكشف للعالم أجمع مدى فظاعة جرائم فرنسا وشناعتها، ولتؤكد للفرنسيين أنفسهم، أن حكومتهم التي تدعي الأخوة – المساواة – الحرية، لا تتأخر لحظة في جعل من سكان الجزائر حقلا للتجارب النووية و تحويل حوالي 42 الف مواطن من منطقة رقان ومجاهدين، حكم عليهم بالإعدام، إلى فئران تجارب للخبراء الإسرائيليين و جنرالات فرنسا على رأسها الجنرال ديغول. فهذا الجنرال لافو ، يصرح أن اختيار منطقة رقان لإجراء تجربة القنبلة الذرية، وقع في جوان 1957 حيث بدأت الأشغال بها سنة 1958 و في أقل من ثلاث سنوات وجدت مدينة حقيقية برقان يقطنها 6500 فرنسي و 3500 صحراوي كلهم كانوا يشتغلون ليل نهار لإنجاح إجراء التجربة النووية في الآجال المحددة لها!! ليضيف:… و قد بلغت تكاليف أول قنبلة ذرية فرنسية مليار و 260 مليون فرنك فرنسي، تحصلت عليها فرنسا من الأموال الإسرائيلية بعد الاتفاقية المبرمة بين فرنسا و إسرائيل في المجال النووي.

ففي صبيحة هذا اليوم المشهود، تمت عملية التفجير تحت اسم "اليربوع الأزرق"، تيمنا بلون الكيان الصهيوني و أول لون من العلم الفرنسي، هذا التفجير الذي سجل بالصوت و الصورة بعد الكلمة التي ألقاها ديغول في نقطة التفجير بحموديا( 65 كلم عن رقان المدينة)، قبل التفجير بساعة واحدة فقط، و تم نقل الشريط مباشرة من رقان إلى باريس ليعرض في النشرة الإخبارية المتلفزة على الساعة الثامنة من نفس اليوم بعد عرضه على الرقابة .

نجحت فرنسا و إسرائيل في تجاربهما النووية المشتركة و هما تدركان حق الإدراك أن سكان هذه المنطقة سيعانون لفترة تزيد عن 4500 سنة من وقع إشعاعات نووية لا تبقي ولا تذر و لا تفرق بين نبات وحيوان و إنسان أوحجر!! ارتكبت فرنسا جريمتها الشنعاء مع سبق الإصرار، ذلك أنها كانت تسعي للالتحاق بالنادي النووي آنذاك بغية إظهار عظمتها للعالم مع مد الكيان الصهيوني بالتسلح النووي سرا بأي ثمن. كانت أول قنبلة نووية سطحية بقوة ثلاثة أضعاف قنبلة هيروشيما باليابان عام 1945 . تلتها قنبلة "اليربوع الأبيض"، ثم "اليربوع الأحمر" حسب ترتيب الألوان الثلاثة للعلم الفرنسي لتختتم التجارب الاستعمارية النووية بمنطقة حموديا رقان بالقبنلة الرابعة و الأخيرة التي سميت "باليربوع الأخضر"، وهذا في 25 ابريل 1961، لتنفتح شهية النظام الديغولي من أجل التنويع في التجارب النووية في العديد من مناطق الصحراء الجزائرية لتصل قوة تفجيراتها إلى 127 كيلو طن من خلال التجربة الباطنية التي أطلق عليها اسم "مونيك" بمنطقة "إينكر" بالهقار!

اليوم ، سكان رقان، لا يملكون أي أرشيف عن تفاصيل التفجير، سوي شهود عيان يحكون الفاجعة و الأمراض الفتاكة التي نخرت أجساد السكان بسبب الإشعاع

برنامج إسرائيلي بغطاء فرنسي

تعتبر تجارب رقان النووية أهم الاتفاقيات التاريخية ببن فرنسا و إسرائيل من خلال الاتفاق السري الذي وقعه الطرفان مع بعضيهما عام 1953، حيث كانت إسرائيل تبحث عن الأرض لإجراء مثل هذه التجارب رغم امتلاكها لحوالي 11 بروفيسور في الذرة شاركوا في تجارب أوكلاهوما الأمريكية و 6 دكاترة و 400 إطار في نفس الاختصاص. في الوقت ذاته، كانت فرنسا تبحث عن الحلقة المفقودة في امتلاك القنبلة النووية بعد أن تخلى عنها حلفاؤها القدماء: أمريكا و بريطانيا، و امتنعتا عن تزويدها بالطرق و المراحل التجريبية الميدانية للتفجير النووي. كما استفادت فرنسا بشكل كبير من رؤوس أموال أغنياء اليهود لضمان القوة النووية للكيان الصهيوني بغية تأمين بقائهم في منطقة الشرق الأوسط. هكذا ستشهد سنوات الخمسينيات أول مراحل التعاون في التراب الجزائر بعد الصواريخ المتوسطة المدى التي طورتها فرنسا لإسرائيل وجربتها في منطقة بشار على مجاهدي الثورة الجزائرية، والذي أطلق عليه اسم ياريحو بالعبرية، ما يعني بلدة اريحا الفلسطينية باللغة العربية. فقد تم انجاز هذا المشروع عام 1957 بسرية و تكتم تامين. وفي عام 1960 ، سوف يشارك في أول تجربة نووية عدد جد معتبر من الخبراء الإسرائيليين كي يتم نقل الخبرة إلى معهد وايزمان للعلوم الفيزيائية في بلدة رحفوت الإسرائيلية.

و بشهادة سكان المنطقة من عايشوا المرحلة، فإنهم كانوا يصادفون مدنيين أجانب يتحدثون بلغة غير التي كان يستعملها العسكريون الفرنسيون، و لم يتردد خبراء فرنسا و إسرائيل في استعمال سكان المنطقة بأكملهم فئران تجارب. أما المجاهدون، فيؤكد لنا شاهد عيان أنهم تركوا مكبلين على بعد بـ 200متر من نقطة الصفر.!!وسجلت هذه التجارب تحت عنوان "التجارب النووية الفرنسية شهدتها الصحراء الجزائرية خلال و بعد سنوات الثورة التحريرية"، و ما كتب عنها، استبعد من خلال الوثائق التي محت دور إسرائيل من سجل الجريمة رغم مشاركتها الفعلية في التخطيط والتنفيذ




رد: رقان

رقان لاتعني عند البعض سوى معتقل قادة الفيس

بينما فرنسا رسخت تاريخا اسودا بها

مشكور اخي




رد: رقان

شكرا لك على الرد يااخي وانا نور بنت ونعم القول
فقد اصبحت رقان وصمة عار على جبين فرنسا




اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.