التصنيفات
الفلسفة للشعب الأدبية

درس الحرية الاستاذ جحلاط فيصل

درس الحرية – الطرح الميتافيزيقي ثم الطرح الواقعي – الاستاذ جحلاط فيصل


الونشريس

هل الانسان مسير أم مخير ؟

نفي الحرية

الجبرية/ ان فرقة الجهمية (جهم بن صفوان) ترى أن ارادة الإنسان عاجزة عن تسيير مجرى الحوادث و لا وجود لحرية في عالم يستمد وجوده من غيره . إن الله سبحانه خلق الإنسان و خلق معه أفعاله و إنما نحن نسب الأفعال للإنسان على المجاز فقط كما نقول طلعت الشمس و هبت الرياح و سارت السحب نقول وقف على و ذهب عمر و الفاعل الحقيقي هو الله ، اذن كل ما يحدث ليس من اختيارنا بل من قضاء الله و قدره قال تعالى " قل لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا..) صدق الله العظيم
سبينوزا Spinoza فيلسوف هولندي يرى أن قانون الطبيعة (الله) قدر لنا جميع الأفعال و ان الإنسان بيد الله كالغضار بيد صانع الخزف . غريزة اللذة تقرر الرغبة و الرغبة تقرر الفكرة و الفكرة تتحول الى عمل يقول " يظن الناس أنهم أحرار لأنهم يدركون رغباتهم و مشيئتهم لكنهم يجهلون الأسباب التي تسوقهم إلى أن يرغبوا )
الحتمية الاجتماعية / الفرد يتأثر بوسطه الاجتماعي ، يضطر الى تنظيم نشاطه وفق ما تمليه العادات و التقاليد و القوانين كما يتصرف تبعا للجماعة التي ينتمي اليها بهدف الاندماج في المجتمع ، و لا يستطيع الانعزال عنها فيصبح بذلك صورة طبق الأصل لمجتمعه يقول دوركايمDurckeime ( الفرد صورة مجتمعه)
الحتمية النفسية/ ترجع مدرسة التحليل النفسي أغلب الأفعال الى الدوافع النفسية اللاشعورية كالرغبات المكبوتة و النزوات الخفية التي تؤثر في السلوك بطريقة غير ارادية . أما المدرسة السلوكية تخضع السلوك الى آلية المنبه و الاستجابة و أن نفس المنبهات تعطي نفس الاستجابات
الحتمية البيولوجية / يقول البيولوجيون ( إننا تحت رحمة غددنا الصماء ) فإذا زاد إفراز الغدة الدرقية كان الشخص كثير الحركة و اذا نقص إفرازها كان خاملا و بطيئ الحركة ، و اذا زاد إفراز الأدرينالين كان الشخص سريع التهيج و العكس

مناقشة / لو كان الله سبحانه هو الذي يخلق الأفعال فلماذا يحاسبنا يوم القيامة و لماذا أرسل الرسل و الأنبياء و ما الفائدة من وجود العقل/ يمكن للفرد أن يتجاوز الحتمية الاجتماعية بالتمرد على العادات و التقاليد كما يفعل المصلحون/ فرضية اللاشعور لا تنطبق على جميع الأفعال و نفس المنبهات لا تعطي دائما نفس الاستجابات/ البيولوجيون اهملوا العوامل النفسية في توجيه السلـــــــــــــــــــوك

اثبات الحرية

*البرهان النفسي / يتوقف على شهادة الشعور اعتمد عليه الكثير من الفلاسفة في إثبات الحرية من بينهم
المعتزلة/ فرقة كلامية أسسها واصل بن عطاء ، ترى أن شعور الإنسان بالرضا تارة و بالندم تارة أخرى لدليل على أنه حر و صاحب الفعل تقول ( ان الإنسان يحس من نفسه وقوع الفعل ..، فاذا أراد الحركة تحرك و اذا أراد السكون سكن ..)

ديكارت –Descartes أن الحرية خاصية ملازمة للكائنات العاقلة ، كل تفكير هو اختيار بين أمرين و الاختيار هو دليل الحرية يقول ( إن الحرية تدرك بلا برهان ، بل بالتجربة النفسية التي لدينا عنها )
برغسون Bergson الحرية حالة نفسية تجري في الأنا العميق كالنهر المتدفق الذي لا ينقطع عن السيلان و ما الأنا السطحي الا أداة تنفيذ لقراراتنا الحرة ،يقول الحرية احدى ظواهر الشعور
*البرهان الأخلاقي / ترى المعتزلة أن للانسان القدرة على التمييز بين الخير و الشر و القدرة على الاختيار لأنه مكلف ، و المكلف لا بد أن يكون حرا يختار بين الفعل أو الترك و الا فقد التكليف معناه و منه يصبح الانسان خالق لأفعاله خيرة كانت أم شريرة و مسؤول عنها يستحق الثواب اذا أصاب و العقاب اذا أساء و التكليف مثبت شرعا قال تعالى ( لا يكلف الله نفسا الا وسعها لها ما كسبت و عليها ما اكتسبت ) صدق الله العظيم
كانط Kant يرى أن الواجب الذي يمليه الضمير لدليل على وجود الحرية ( اذا كان يجب عليك فأنت اذن تستطيع) و يقول ( يجب التسليم بالحرية من أجل تأسيس الأخلاق) لأننا لا نستطيع أن ندرك قيمة الفعل من الناحية الخلقية ما لم يكن صاحبه حرا

*البرهان الوجودي سارتر Sartreالإنسان حر ، و هذه الحرية تعبر عن صميم وجوده ، فالإنسان عندما يختار بين الرغبات فانه يشعر بذاته المستقلة و المتميزة يقول ( الشعور بالذات يقتضي الحرية ، و الحرية تقتضي الإمكانية ، لأن الحرية تتضمن الاختيار ، و كل اختيار هو اختيار بين ممكنات)

مناقشة/ ان الشعور ليس دليل واضح على وجود الحرية ، لأننا كما نشعر بالحرية تارة نشعر بالحتمية تارة أخرى ، كما تجاهل أصحاب الحرية أثر الحتميات في السلوك كأثر الوسط الاجتماعي و الجغرافي . و أي معنى للحرية اذا بقيت حالة نفسية أو تصور شلرد دون أن تتحول سلوك واعي يهدف الى تحرير الانسان من مختلف القيود.فالمفيد أن نطرح مشكلة الحرية واقعيا لا ميتافيزيقيا
الطرح الواقعي لمشكلة الحرية ( التحرر)

تجاوز الفلاسفة المعاصرون مشكلة البحث في وجود أو عدم وجود الحرية ، و فضلوا البحث عن الوسائل و الطرق التي تخلص الإنسان من القيود الطبيعية و النفسية و الاجتماعية لأن الحرية في نظرهم ليست مجرد شعور و اختيار. بل هي عمل واعي و مستمر يهدف إلى السيطرة على الواقع و ترقية الإنسان
1- التحرر من القيود الطبيعية/ يكون بالعلم و التكنولوجيا ، عندما يكتشف العلماء قوانين الطبيعة و أسباب حدوث الكوارث الطبيعية كالزلازل و البراكين و كذلك الأمراض و الأوبئة ، يحدون من مخاطرها و يمنحون للإنسان حرية أكبر يقول مونيي Mounier ( كل حتمية يكتشفها العالم تعد نوطة تزاد الى سلم أنغام حريتنا )
2– التحرر من القيود النفسية / يمكن التحكم في الغرائز و الشهوات العمياء التي تقرب الإنسان الى الحيوان بإخضاع السلوك لأحكام العقل و المبادئ الأخلاقية و القيم الاجتماعية ، فكلما كان سلوكنا أكثر مطابقة لأحكام العقل كانت حريتنا أكبر ، و كلما كان خضوعنا للأهواء لأشد كانت زادت عبوديتنا أكثر
3– التحرر من القيود الاجتماعية / يعاني الإنسان من مشاكل اجتماعية كثيرة تحد من حريته كالبطالة و تخلف و الفقر و لا يمكن التحرر منها الا بمعرفة أسبابها و السعي الى التخلص منها بوضع نظام اجتماعي عادل يجد فيه كل ذي حق حقه ، نظام تسوده الحرية و المساواة ….
اذن الحرية ليست مفهوم ثابت بل متغير لأن كل واحد منا ينظر الى حريته من المشكل الذي يعيق حياته ، فحرية البطال هي الحصول على عمل ، و حرية المريض هي الشفاء و حرية الطالب هي النجاح و هكذا
ثم أن التحرر من مختلف القيود يستدعي معرفة الأسباب و القوانين ، فلولا معرفة الإنسان لقوانين الطبيعة لما تمكن من السيطرة على الكثير من ظواهرها ، و لو كانت النفس لا تخضع لقانون لما تمكنا من فهمها وتهذيبها يقول فولكيي Foulkier ( الحتمية شرط ممارسة الحرية ) و هذا يعني أن الحتمية و الحرية غير متعارضتان في جوهرهما بل متكاملتان و متلازمتان ، فلا حرية بلا حتمية و لا حتمية بلا حرية .

الطرح الواقعي لمشكلة الحرية

( التحرر)
تجاوز الفلاسفة المعاصرون مشكلة البحث في وجود أو عدم وجود الحرية ، و فضلوا البحث عن الوسائل و الطرق التي تخلص الإنسان من القيود الطبيعية و النفسية و الاجتماعية لأن الحرية في نظرهم ليست مجرد شعور و اختيار. بل هي عمل واعي و مستمر يهدف إلى السيطرة على الواقع و ترقية الإنسان
1- التحرر من القيود الطبيعية/ يكون بالعلم و التكنولوجيا ، عندما يكتشف العلماء قوانين الطبيعة و أسباب حدوث الكوارث الطبيعية كالزلازل و البراكين و كذلك الأمراض و الأوبئة ، يحدون من مخاطرها و يمنحون للإنسان حرية أكبر يقول مونيي Mounier ( كل حتمية يكتشفها العالم تعد نوطة تزاد الى سلم أنغام حريتنا ) 2– التحرر من القيود النفسية / يمكن التحكم في الغرائز و الشهوات العمياء التي تقرب الإنسان الى الحيوان بإخضاع السلوك لأحكام العقل و المبادئ الأخلاقية و القيم الاجتماعية ، فكلما كان سلوكنا أكثر مطابقة لأحكام العقل كانت حريتنا أكبر ، و كلما كان خضوعنا للأهواء لأشد كانت زادت عبوديتنا أكثر3– التحرر من القيود الاجتماعية / يعاني الإنسان من مشاكل اجتماعية كثيرة تحد من حريته كالبطالة و تخلف و الفقر و لا يمكن التحرر منها الا بمعرفة أسبابها و السعي الى التخلص منها بوضع نظام اجتماعي عادل يجد فيه كل ذي حق حقه ، نظام تسوده الحرية و المساواة ….
اذن الحرية ليست مفهوم ثابت بل متغير لأن كل واحد منا ينظر الى حريته من المشكل الذي يعيق حياته ، فحرية البطال هي الحصول على عمل ، و حرية المريض هي الشفاء و حرية الطالب هي النجاح و هكذا
ثم أن التحرر من مختلف القيود يستدعي معرفة الأسباب و القوانين ، فلولا معرفة الإنسان لقوانين الطبيعة لما تمكن من السيطرة على الكثير من ظواهرها ، و لو كانت النفس لا تخضع لقانون لما تمكنا من السيطرة عليها لذلك يقول فولكيي Foulkier ( الحتمية شرط ممارسة الحرية ) و هذا يعني أن الحتمية و الحرية غير متعارضتان في جوهرهما بل متكاملتان و متلازمتان ، فلا حرية بلا حتمية و لا حتمية بلا حرية .
مناقشة / هذا الموقف تجاوز الطرح الميتافيزيقي العقيم لمشكلة الحرية ، و حولها الى مسألة واقعية ، كما بين الطرق و الوسائل التي تمكن الإنسان من تجاوز القيود ، لكن هذه الامكانيات ليست متوفرة لدى الجميع ، مما يجعل التحرريتحقق دائما بشكل نسبي ، و أحيانا يدخلنا التحرر من بعض القيود في قيود جديدة ، فالليبرالية مثلا حررت عالم الشغل لكنها خلقت الطبقية و الاستغلـــــــــــــــــــــال …
مقال1/ هل الحرية حقيقة ثابتة أم مفهوم متغير ؟ مقال2/ هل الحتمية تنفي الحرية أم شرط وجودها ؟

مقال3/ هل تكمن حرية الإنسان في الشعور بها أم في سيطرته على الواقع ؟ ج-ف




اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.