حنبعل بركا هو من أهم القادة العسكريين القرطاجيين. ولد بقرطاج سنة 247 قبل الميلاد، ورافق وهو في التاسعة من عمره والده أميلكار بركا في حملته على اسبانيا. وفي سنة 221 اختاره الجنود قائدا بعد اغتيال صدربعل زوج أخته صلامبو، فتمكن من بسط نفوذ قرطاج على كامل شبه الجزيرة الإيبيرية بما في ذلك إحدى المحميات الرومانية. وقد رأت روما في ذلك خرقا للمعاهدة التي عقدت إثر الحرب البونيقية الأولى، وطالبت بتسليمها حنبعل، وقد كان رفض هذا الطلب سببا في اندلاع الحرب البونيقية الثانية بين سنتي 218 و201 قبل الميلاد. بدأ حنبعل زحفه على روما سنة 218 قبل الميلاد حين غادر مدينة قرطاجنة بإسبانيا بجيش قوامه 40.000 جندي، فعبر جبال البيريني وجبال الألب خلال 15 يوما رغم صعوبة الطريق وهجومات القبائل المعادية، واستطاع إلحاق هزائم كبيرة بالقوات الرومانية في العديد من المعارك، لتتواصل سيطرته بعد ذلك على العديد من المقاطعات الرومانية حتى سنة 211 قبل الميلاد، حين حاصر
عاصمة الامبراطورية دون أن يستطيع اختراق تحصيناتها، بعد أن رفض حلفاؤه مده بالتعزيزات اللازمة.
وفي سنة 202 قبل الميلاد، شنت روما بقيادة شيبون الإفريقي هجوما على قرطاج، فلاقاه حنبعل في منطقة زامة، إلا أن جنوده حديثي العهد بالقتال فروا من ساحة المعركة تاركين الجنود المتمرسين يواجهون الرومان بمفردهم، فأبيد عدد كبير منهم، واستسلمت قرطاج لتنتهي بذلك الحرب البونيقية الثانية. بادر حنبعل بعد انتهاء الحرب إلى العمل على تطوير قرطاج، فعدل الدستور وقاوم الفساد وسعى إلى تعزيز موارد الدولة، إلا أن روما رأت في ذلك إعدادا لحرب أخرى، فعملت على إبعاده، وهو ما كان لها، إذ لجأ القائد العظيم إلى ملك سوريا الذي كان بدوره في حرب مع روما، إلا أن هزيمة هذا الأخير سنة 190 قبل الميلاد جعلت حنبعل ينتقل نحو شمالي بلاد الأناضول، وهناك وضع عبقريته
في خدمة ملكها، إلا أن هذا الأخير رضخ لضغوطات روما التي لم تكف عن ملاحقة غريمها القديم وأرسلت في طلبه، وحين أيقن حنبعل بحتمية وقوعه أسيرا، آث
ارجو ان تعجبكم هذه المعلومات التي قدمتها لكم
إن ذكرت فلسطين ..
ذكر عرفات ..
وإن قلت عرفات .. عرف الباكستاني والهولندي والروسي والكوبي
والصيني والأميركي والاندونيسي ..
أنك تعني فلسطين .
ياسر عرفات قائد الشعب الفلسطيني ومفجر ثورته الحديثة ،
وأحد أبرز القادة العظام في العالم خلال القرن العشرين،
خاض نضالا وجهادا لا يلين طوال أكثر من نصف قرن
على مختلف الجبهات،
أعاد الحياة لاسم فلسطين ولقضية شعبها في الوعي الانساني،
ووضع القضية الفلسطينية على الخارطة السياسية العالمية.
ومنذ ولادته حتى استشهاده
كأن فلسطين كانت على موعد مستمر معه ومع ذاتها
فقد حمل "ياسر" في مسيرة حياته كلها فلسطين
وطنا وقضية .. أملا وهما
والتصق بها إلى درجة صار فيها الاسمان مترادفين لسنوات طويلة ..
ولعل ظروف النشأة الاولى لـ"محمد ياسر " أو "ياسر"
هي التي صقلت شخصيته وأكسبته تلك الصبغة والقدرة المتميزة
التي جعلت منه باعث الكيانية الوطنية الفلسطينية،
وقائد ثورة اللاجئين الذين كادت قضيتهم أن توضع على "الرف "..
لولا ذلك الجهد الهائل والنضال المتراكم لمئات الآلاف
ممن قادهم ياسر عرفات في معركة إثبات الوجود ونفي النفي …
وفي معركة تكريس حقيقة وجود الشعب الفلسطيني
ومنع اندثار قضيته أو تبعثرها.
وتلك النشأة أيضا في القدس وفي ملاعب الطفولة
بين جنبات الحرم القدسي الشريف
ومسجد قبة الصخرة وحائط البراق وكنيسة القيامة
،هي التي جعلت وأبقت القدس حبيبة عزيزة على قلبه وعقله ..
رفض التنازل عنها حتى دفع حياته ثمنا لوفائه لها
ياسر عرفات في حضن والدته
1931
.
ولد "محمد ياسر" عبد الرؤوف عرفات القدوة الحسيني ..
الذي اشتهر لاحقا باسم ياسرعرفات في القدس يوم الرابع من آب / أغسطس 1929
ليكون ترتيبه السادس في أسرة
الأب عبد الرؤوف داوود عرفات القدوة الحسيني والأم زهوة خليل أبو السعود ،
وذلك في منزل في الزاوية الفخرية،
زاوية آل ابو السعود في الجهة الجنوبية الغربية من الحرم القدسي الشريف .
نشأ ياسرعرفات في أجواء أسرية حميمة
برعاية والده الذي كان يعمل في التجارة متنقلا بين القدس ـ
حيث كان يمتلك متجرا للحبوب في سوق خان الزيت ـ وغزة والقاهرة،
وأمه زهوة التي كانت تقيم مع زوجها في القاهرة و تزور القدس في كل عام ،
خاصة في فترات الولادة جريا على عادة العائلات في ذلك الوقت،
وكانت تقيم مع اطفالها في منزل شقيقها سليم ،
وقدانجبت ياسر وفتحي في ذلك البيت،
وكانت قد سكنت مع زوجها قبل سفر العائلة إلى مصر
في" الميلوية" وفي" الواد" قرب الحرم القدسي.
ورافقت زهوة زوجها عند انتقاله إلى القاهرة التي سافر اليها ليتابع قضية ميراث
له من وقف الدمرداش ـ وهو من أكبر الاوقاف في مصر ـ
وعمل عبد الرؤوف في تجارة القطن في القاهرة . وكانت زهوة تتردد كثيرا على القدس
ومعها ياسر حتى وفاتهاسنة 1933 بمرض في الكلى وياسر
ما زال دون الرابعة من عمره.
بعد وفاة "زهوة" وبناء على طلب شقيقها سليم،
وافق عبد الرؤوف على أن يبقى ياسر وشقيقه الأصغر فتحي ـ
الذي ولد في القدس ايضا قبل أشهرمن وفاة أمه ـ
ليعيشافي كنف خاله سليم أبو السعود وزوجته في القدس.
لم يكن سليم وزوجته قد رزقا بأولاد فأحاطا اليتيمين بالحب والرعاية ،
وعاش الولدان معهما سنوات أربع في القدس،
و كانت الأجواء العامة المحيطة بحياتهما فيها أجواء صراع ونزاع .
إحتلال ونضال ومقاومة ..
فقد ولد ياسر في نفس سنة ثورة "البراق"1929،
وعاش طفولته المبكرة ليشهد في القدس إرهاصات وبدايات ثورة 1936،
ونشأ في وسط يعج بالمناضلين الوطنيين،
الأمر الذي أثر عليه كثيرا ،حتى أن معظم ألعابه
كانت تشتمل على بنادق خشبية وتمثيلا لجنود وضباط ، كما قال شقيقه فتحي،
الذي يضيف أن ياسر كان يقول له " تعال نلعب لعبة تحرير فلسطين".
وفي القدس تفتحت عيناه على هذه المدينة المحافظة
التي تعبق بالتاريخ وتعج بالقداسة في كل مكان فيها.
وتعرف فيها ، لاحقا، الى الحاج أمين الحسيني
عن طريق الشيخ حسن أبو السعود.
وفي السابعة من عمره شهد الطفل ياسرعرفات جانبا من أحداث ثورة 1936،
وكغيره من الأطفال ساهم ياسرعرفات في رشق الحجارة
وفي وضع المسامير أمام عجلات الدوريات البريطانية،
وكان موجودا عندما دهم جنود الاحتلال البريطاني
منزل خاله سليم واعتقلوه بقسوة وعنف،
وتعرض ياسر بنفسه للضرب من الجنود البريطانيين الأمر الذي ترك
أثرا كبيرا في "الطفل" ياسر.
وفي العام التالي انتقل ياسر ليعيش في كنف والده في القاهرة..
المحطة التي استقر فيها بعد تنقل في عمله التجاري بين القدس وغزة والقاهرة
خلال السنوات الثماني الأولى من حياة ياسر 1929 -1937 ،
وكان الأب يصحب ابنه ياسرمعه في بعض سفراته إلى غزة والقاهرة.
وفي القاهرة ..
انتقل ياسروشقيقه فتحي بصحبةابن خالة امهما راجي أبو السعود إلى القاهرة
في العام 1937 في رحلة بالقطارمرورا بغزة وخان يونس وسيناء.
ولكن علاقة ياسر بالقدس لم تنقطع بعد وصوله إلى القاهرة،
وكان خاله يذهب إلى القاهرة لإحضار أبناء وبنات أخته لقضاء الصيف في القدس
في كل عام ، واستمر ذلك حتى بدايات الحرب العالمية الثانية.
وعاش ياسر مع والده عبد الرؤوف وزوجته نظيرة غزولي وباقي افراد الأسرة
"إنعام وجمال ويسرى ومصطفى وخديجة وفتحي ".
و نظيرة غزولي مصرية وهي الزوجة الثانية لعبد الرؤوف
تزوجها بعد وفاة زوجته الأولى "زهوة".
عاشت الأسرة في بيت مستأجر بالمبنى رقم 5 في شارع طورسينا
بحي السكاكيني في القاهرة ،
الأمير عبد القادر الجزائري
د.خالد الأحمد*
يقول الفيلسوف المسلم روجيه الجارودي وذلك قبل إعلان إسلامه ، عندما كان رئيساً للمكتب السياسي للحزب الشيوعي الفرنسي في عقد الستينات من القرن العشرين [ كان كارل ماركس واقعاً تحت تأثير ( فيورباخ ) الألماني الملحد ، عندما قال كلمته المشهورة : الدين أفيون الشعوب ، ولو عرف كارل ماركس الإسلام لقال إنه ثورة عالمية ] …
ومن هذاالمنطلق أريدأن أذكر بعض الأمثلة من التاريخ تبين أن الإسلام ثورة إنسانية عالمية،ثورةضد الظلم والاستبداد واستعباد الإنسان لأخيه الإنسان … وقد ذكرت شيئاً عن الحركة السنوسية في ليبيا ، و شيئاً عن معركةميسلون ، ومعركة كفر تخاريم ، وكلاهما ضد المستعمر الفرنسي ، وكان العلماء المسلمون لحمة تلك المعارك .وذكرت الحلقة الأولى عن العالم المجاهد بدر الدين الحسيني يرحمه الله . واليوم أذكر شيئاً عن الأمير عبد القادر الجزائري ( السوري ) الذي دفن في دمشق ، ثم نقلت رفاته بعد أكثر من قرن إلى الجزائر يرحمه الله تعالى …
أذكرها اليوم ، وسوريا تفكر في سن قانون للأحزاب ، يحرمون فيه العلماء والدعاة المسلمين من تشكيل حزب سياسي لهم ، فهل كان العلماء متقاعسين عن الجهاد والنضال ضد المستعمر الفرنسي ، أو المستبد المتفرعن ، الذي كان الشباب المسلم أول وآخر من وقف في وجهه وقالوا له ( ياظالم ) وتحمل الشباب المسلم القمع الرهيب الذي أودى بحياة عشرات الألوف من الناشطين المسلمين … هل يحرم هؤلاء العلماء المجاهدون ، وهؤلاء الشباب البررة من حقهم في العمل السياسي !!!؟
الأمير عبد القادر الجزائري :
ولد عبد القادر بن محي الدين بن مصطفى الحسني الجزائري ، في قرية ( القيطنة ) من قرى إيالة ( وهران ) شمال غرب الجزائر ، في (23 ) رجب (1222) ه الموافق ( 1807) م وتعلم في وهران وحج مع والده (1241ه) فزار المدينة المنورة ودمشق وبغداد …
الاحتلال الصليبي الفرنسي للجزائر :
ولما احتلت فرنسا الجزائر (1830) أراد أهالي وهران مبايعة والده الشيخ ( محي الدين ) شيخ الطريقة الشاذلية ، لكنه اعتذر لكبر سنه ، فاتفق الوجهاء على ولده الأمير عبد القادر وكان عمره خمساً وعشرين سنة ، فسماه والده ( ناصر الدين ) ، وذلك بعد أن ظهرت عبقريته العسكرية في معركتي ( خنق البطاح ) وخاصة في الثانية عندما قسم جيشه إلى خمسة فرق ، فرقتان للقتال ، وفرقتان للدفاع ، وفرقة كمنت وراء العدو ، فاجأته عند تقهقره وأبادته عن آخره ، واستولت على السلاح والذخيرة … وكان الأمير عبد القادر يتقدم الصفوف حتى أن فرسه أصيبت في الأولى بثماني رصاصات ، كما أصيبت بطعنة قاتلة في موقعة ( برج راس العيون ) …
وكان جيشه منظماً على غرار الجيوش الأوربية الحديثة آنذاك ، بلغ عدده في أحد الأوقات (15300) جندي ، قسمهم إلى ثلاثة أصناف : الراكبون وسماهم (الخيالة ) ، والمدفعيون وسماهم ( الرماة ) ، والمشاة وسماهم ( العسكر المحمدي ) . وكانت عاصمته مدينة ( معسكر ) في الغرب الجزائري ، وأحياناً مدينة ( تاكدمت ) في الغرب أيضاً …
جهاده ضد الفرنسيين :
1- كانت الفترة الأولى من (1832 ) وحتى (1839 ) وفيها احتل مدينة ( تلمسان ) واعترف له الفرنسيون بحكم غربي الجزائر ماعدا الساحل ، ثم عقدت معه معاهدة ( تفنا ) في (1938) وتخلت له عن حكم ( وهران ) …
2- المرحلة الثانية حيث حشدت له فرنسا (200) ألف جندي بقيادة ( بوجو ) الصليبي الحاقد على المسلمين ، فكانت ألأعمال الوحشية وسياسة الأرض المحروقة ، يقول ( سنت أرنو ) أحد معاوني ( بوجو ) : [ في ايار 1842 ، لقد كانت حملتنا تدميراً منظماً أكثر منها عملاً عسكرياً ، ونحن اليوم في وسط جبال ( مليانة ) لانطلق إلا قليلاً من الرصاص ، وإنما نقضي وقتنا في حرق جميع القرى والأكواخ … ويقول أيضاً [ إن بلاد ( بن مناصر ) بديعة جداً ، لقد أحرقناها كلها … كم من نساء وأطفال اعتصموا بجبال الأطلس المغطاة بالثلوج ، فماتوا هناك من الجوع والبرد …
وفي حادثة ( ولد رياح ) عندما لجأ ألف مواطن جزائري إلى بعض الكهوف ، فانقض عليهم القائد الفرنسي ( بلسييه ) وأوقد النار على أفواه الكهوف ، فماتوا فيها اختناقاً … وحيال ذلك تناقص سكان الجزائر من (4) مليون إلى ( 2 ) مليون خلال سبع سنوات فقط …
وأمام ذلك كان لابد من إيقاف الحرب ، وخاصة بعد أن هادن سلطان المغرب ( عبد الرحمن بن هشام ) الفرنسيين ، بعد أن هددوه باستعمال القوة ، وتعهد أن يتخلى عن مناصرة الأمير عبد القادر ويخرجه من بلاده ، واضطر الأمير عبد القادر للاستسلام في (1847 ) ونفي إلى (تطوان ) ومنها إلى ( أنبواز ) ثم استقر في دمشق (1271ه) وتوفي فيها عام (1883م ) .
العلماء المجاهدون في الجزائر بعد الأمير عبد القادر :
1- واحة الزعاطشة جنوب بسكرة سكانها ثلاثة آلاف مواطن مسلم ، زعيمها ( بوزيان ) ، استطاعت هذه الواحة رد الطوابير الفرنسية ، مما جعل فرنسا ترسل سبعة آلاف جندي تحت قيادة الجنرال ( دي هربيون ) ، وبعد حصار أربعة أشهر ، أمر القائد الفرنسي بحرق المنازل بعد إقفالها على السكان ، وقتل فيها (1500) مسلم في تشرين الثاني (1849 م) .
2- في واحتي ( ورقلة ) و ( الأغواط ) ظهر زعيم ديني آخر يدعى ( محمد بن عبدالله ) أتى من طرابلس ، وقاد المسلمين ضد فرنسا ، لكن الجيش الفرنسي أدرك أهمية هذه الواحات للنفط ، فقضى على ثورته .
3- في عام (1864م) قامت ثورة ( ولد سيدي الشيخ ) ثم ثورة ( محمد المقراني ) ثم ثورة ( الشيخ محمد الحداد ) في جبال جرجرة عند السلمين البربر ضد الفرنسيين الصليبيين ، وشملت هذه الثورات بلاد زوادة وقسنطينة والجزائر ( العاصمة ) عام (1871م ) وكان أتباع الثورة هم اتباع الطريقة الرحمانية ، المنتشرة في بلاد القبائل ( البربر واسمهم الصحيح الأمازيغ ) ، وكان انتشار الطريقة أصلاً رد فعل على المنصرين الذين ركزوا جهودهم في بلاد القبائل ( الأمازيغ ) .. وقد نجح الشيخ الحداد في التأثير على أتباعه الذين عرفوا ب ( الإخوان ) ، حتى صارت رابطة الطريقة الرحمانية مقدمة على رابطة القبيلة ، وهذا يعني أن الاسلام كان من عناصر الثورة الأولى .
4- سيطرت هذه الثورة على ثلثي الجزائر ، وعزلت جميع الحاميات الفرنسية في المنطقة ، ولكن الحاج ( محمد المقراني ) استشهد يرحمه الله عام (1871) ، وبعده انتهت الثورة بسبب تعاون أوربا كلها على الجزائر .
5- أما ( بو مرزاق المقراني ) الذي خلف أخاه في زعامة الثورة فكان أشد مراساً ، ظل يناضل حتى كانون الثاني (1872) ، وبعد إخضاع منطقة القبائل ، انتقل إلى الواحات الجنوبية ( ورقلة وغردايا والأغواط … ) ولما تبعه الفرنسيون ، خرج إلى الصحراء مع من بقي من أتباعه ، واستمروا فيها إلى أن أهلكهم الجوع والعطش حتى التقطتهم وأسرتهم دورية فرنسية …
ومن نتيجة هذه الثورة أن صدرت أحكام بإعدام ( 6000) مواطن جزائري من الثائرين ، ثم خفف الحكم عن بعضهم بالنفي إلى جزيرة ( كاليدونيا ) الجديدة ، وهي مستعمرة فرنسية في جنوب المحيط الهادي ، نفي إليها (500) من الثوار الجزائريين …
6- وفي عام (1871) وصل الأمير محي الدين بن عبد القادر الجزائري ، وصل إلى الجزائر سراً ، بعد أن اشتد الحرب بين فرنسا وألمانيا ، ودخل الجزائر متنكراً ، وبايعه السكان ، ووقعت معارك بينه وبين الجيش الفرنسي ، وحقق نصراً في عدة مواقع ، في الشرق الجزائري ، ولكن بعد نهاية الحرب بين ألمانيا وفرنسا ركزت الأخيرة جهودها وقضت على ثورة الشيخ محي الدين بن عبد القادر الجزائري ، فرجع إلى دمشق .
واستمرت الثورات الجزائرية يقودها العلماء ، حتى ثورة (1954 ) ، وقابلت كثيراً ممن شاركوا ثورة الفاتح من نوفمبر خلال عملي في الجزائر ( 1975 1979) ، وعرفت منهم أموراً كثيرة منها :
1- معظم القادة الميدانيين كانوا من حفظة القرآن الكريم مثل ( سي الحواس ، وبلعيد ، وعميروش ، وغيرهم …) .
2- كانوا يطبقون أحكام الشريعة الاسلامية في أماكن تواجدهم ، في منطقة جبال باتنة وبسكرة ، وكانوا يجمعون الزكاة ويوزعونها حسب مصارفها ، وكانوا يجلدون من يشرب الخمر …. وكانوا يعرفون أنهم يجاهدون الكفار الصليبيين الذين يحاربون الاسلام والمسلمين …
3- ومن متابعة مقالات الدكتور ( توفيق الشاوي ) التي نشرها في مجلة المجتمع خلال عقد التسعينات من القرن العشرين ، تبين أن فرنسا بقيت تقاوم الثورة الجزائرية ، حتى آلت قيادة الثورة إلى العلمانيين والماركسيين بدعم من الاتحاد السوفياتي ، والحزب الشيوعي الفرنسي ، وعندما أبعد العلماء والدعاة عن قيادة الثورة الجزائرية ، وكان ذلك في مؤتمر وادي ( الصومام ) ، في أواخر العقد الخامس ، أو قبيل الاستقلال بقليل … عندئذ انسحبت فرنسا وسلمت الجزائر لتلاميذها الذين ربتهم في مدارسها ، وكما تريد ، واستلموا الحكم ليحققوا ما عجزت الجيوش الفرنسية عن تحقيقه … نقل لي الأخ مصطفى المقدم ، وكان من رجال ( سي الحواس ) في جبال باتنة انه قال لهم ذات يوم :
اطلبوا من الله أن يرزقكم الشهادة قبل الاستقلال ، قبل أن يأتي أولاد ( الحركيين ) [ وهو مصطلح يطلقه الجزائريون على المتعاونين مع الفرنسيين ] ، يأتي هؤلاء أولاد الحركيين الذين أبعدوهم عن ساحة المعركة ، وأدخلوهم في المدارس الفرنسية ، وأهلوهم لاستلام الحكم بعد الاستقلال … واستشهد ( سي الحواس ) غدراً عندما اغتيل في طريقه إلى تونس لحضور اجتماع لقادة الثورة فيها …
وقد شاهدت بعيني ، ماقاله ( سي الحواس ) يرحمه الله ، خلال خدمتي في الجزائر …ولاحول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم …
الأمير عبد القادر الجزائري يحمي أهل الذمة في الشام :
في هذه الفتنة التي وقعت في بلاد الشام ، ذهب خلق كثير ، واستطاع الأمير عبد القادر أن ينقذ أكثر من خمسة عشر الفاً من النصارى بعث بهم إلى منازله التي غصت بهم .
حتى انه أخذ مفاتيح قلعة دمشق ، ووضع بها كافة نصارى البلد ، يقدم لهم الطعام والشراب على حسابه الخاص لمدة خمسة عشر يوماً ، وكان لذلك دور كبير في وقف الفتنة وإطفاء نارها ، ورجع عند ذلك عشرة آلاف جندي فرنسي إلى فرنسا بعد أن كانوا في مراكبهم يستعدون لنسف بيروت بقنابلهم المدمرة …
وكان لموقف الأمير عبد القادر الاسلامي الانساني صدى في هذه الفتنة ، صدى في الأوساط العالمية ، فأتته رسائل شكر مصحوبة بالأوسمة ، وشارات الفخر والتقدير ، من جميع ملوك ورؤساء الدول العالمية ، ونوهت به كبريات الصحف العالمية وأشادت بخصاله الكريمة ، ومواقفه الانسانية …
ولم يتصرف الأمير عبد القادر لأجل حماية النصارى إلا التزاماً بدينه الذي يقضي على المسلمين حماية أهل الذمة ، الذين يقطنون في بلاد المسلمين … والأمير عبد القادر متفقه في الدين ، ويعلم حدود ما أنزل الله ، ويعرف واجب المسلمين نحو أهل الذمة … وهو توفير الأمن والحماية لهم … وصون دمائهم وأموالهم وأعراضهم وكنائسهم … وكل ماتم الاتفاق عليه في عقد الذمة …
* كاتب سوري في المنفى
الأمير عبد القادر الجزائري
يقول الفيلسوف المسلم روجيه الجارودي وذلك قبل إعلان إسلامه ، عندما كان رئيساً للمكتب السياسي للحزب الشيوعي الفرنسي في عقد الستينات من القرن العشرين [ كان كارل ماركس واقعاً تحت تأثير ( فيورباخ ) الألماني الملحد ، عندما قال كلمته المشهورة : الدين أفيون الشعوب ، ولو عرف كارل ماركس الإسلام لقال إنه ثورة عالمية ] …
ومن هذاالمنطلق أريدأن أذكر بعض الأمثلة من التاريخ تبين أن الإسلام ثورة إنسانية عالمية،ثورةضد الظلم والاستبداد واستعباد الإنسان لأخيه الإنسان … وقد ذكرت شيئاً عن الحركة السنوسية في ليبيا ، و شيئاً عن معركةميسلون ، ومعركة كفر تخاريم ، وكلاهما ضد المستعمر الفرنسي ، وكان العلماء المسلمون لحمة تلك المعارك .وذكرت الحلقة الأولى عن العالم المجاهد بدر الدين الحسيني يرحمه الله . واليوم أذكر شيئاً عن الأمير عبد القادر الجزائري ( السوري ) الذي دفن في دمشق ، ثم نقلت رفاته بعد أكثر من قرن إلى الجزائر يرحمه الله تعالى …
أذكرها اليوم ، وسوريا تفكر في سن قانون للأحزاب ، يحرمون فيه العلماء والدعاة المسلمين من تشكيل حزب سياسي لهم ، فهل كان العلماء متقاعسين عن الجهاد والنضال ضد المستعمر الفرنسي ، أو المستبد المتفرعن ، الذي كان الشباب المسلم أول وآخر من وقف في وجهه وقالوا له ( ياظالم ) وتحمل الشباب المسلم القمع الرهيب الذي أودى بحياة عشرات الألوف من الناشطين المسلمين … هل يحرم هؤلاء العلماء المجاهدون ، وهؤلاء الشباب البررة من حقهم في العمل السياسي !!!؟
الأمير عبد القادر الجزائري :
ولد عبد القادر بن محي الدين بن مصطفى الحسني الجزائري ، في قرية ( القيطنة ) من قرى إيالة ( وهران ) شمال غرب الجزائر ، في (23 ) رجب (1222) ه الموافق ( 1807) م وتعلم في وهران وحج مع والده (1241ه) فزار المدينة المنورة ودمشق وبغداد …
الاحتلال الصليبي الفرنسي للجزائر :
ولما احتلت فرنسا الجزائر (1830) أراد أهالي وهران مبايعة والده الشيخ ( محي الدين ) شيخ الطريقة الشاذلية ، لكنه اعتذر لكبر سنه ، فاتفق الوجهاء على ولده الأمير عبد القادر وكان عمره خمساً وعشرين سنة ، فسماه والده ( ناصر الدين ) ، وذلك بعد أن ظهرت عبقريته العسكرية في معركتي ( خنق البطاح ) وخاصة في الثانية عندما قسم جيشه إلى خمسة فرق ، فرقتان للقتال ، وفرقتان للدفاع ، وفرقة كمنت وراء العدو ، فاجأته عند تقهقره وأبادته عن آخره ، واستولت على السلاح والذخيرة … وكان الأمير عبد القادر يتقدم الصفوف حتى أن فرسه أصيبت في الأولى بثماني رصاصات ، كما أصيبت بطعنة قاتلة في موقعة ( برج راس العيون ) …
وكان جيشه منظماً على غرار الجيوش الأوربية الحديثة آنذاك ، بلغ عدده في أحد الأوقات (15300) جندي ، قسمهم إلى ثلاثة أصناف : الراكبون وسماهم (الخيالة ) ، والمدفعيون وسماهم ( الرماة ) ، والمشاة وسماهم ( العسكر المحمدي ) . وكانت عاصمته مدينة ( معسكر ) في الغرب الجزائري ، وأحياناً مدينة ( تاكدمت ) في الغرب أيضاً …
جهاده ضد الفرنسيين :
1- كانت الفترة الأولى من (1832 ) وحتى (1839 ) وفيها احتل مدينة ( تلمسان ) واعترف له الفرنسيون بحكم غربي الجزائر ماعدا الساحل ، ثم عقدت معه معاهدة ( تفنا ) في (1938) وتخلت له عن حكم ( وهران ) …
2- المرحلة الثانية حيث حشدت له فرنسا (200) ألف جندي بقيادة ( بوجو ) الصليبي الحاقد على المسلمين ، فكانت ألأعمال الوحشية وسياسة الأرض المحروقة ، يقول ( سنت أرنو ) أحد معاوني ( بوجو ) : [ في ايار 1842 ، لقد كانت حملتنا تدميراً منظماً أكثر منها عملاً عسكرياً ، ونحن اليوم في وسط جبال ( مليانة ) لانطلق إلا قليلاً من الرصاص ، وإنما نقضي وقتنا في حرق جميع القرى والأكواخ … ويقول أيضاً [ إن بلاد ( بن مناصر ) بديعة جداً ، لقد أحرقناها كلها … كم من نساء وأطفال اعتصموا بجبال الأطلس المغطاة بالثلوج ، فماتوا هناك من الجوع والبرد …
وفي حادثة ( ولد رياح ) عندما لجأ ألف مواطن جزائري إلى بعض الكهوف ، فانقض عليهم القائد الفرنسي ( بلسييه ) وأوقد النار على أفواه الكهوف ، فماتوا فيها اختناقاً … وحيال ذلك تناقص سكان الجزائر من (4) مليون إلى ( 2 ) مليون خلال سبع سنوات فقط …
وأمام ذلك كان لابد من إيقاف الحرب ، وخاصة بعد أن هادن سلطان المغرب ( عبد الرحمن بن هشام ) الفرنسيين ، بعد أن هددوه باستعمال القوة ، وتعهد أن يتخلى عن مناصرة الأمير عبد القادر ويخرجه من بلاده ، واضطر الأمير عبد القادر للاستسلام في (1847 ) ونفي إلى (تطوان ) ومنها إلى ( أنبواز ) ثم استقر في دمشق (1271ه) وتوفي فيها عام (1883م ) .
العلماء المجاهدون في الجزائر بعد الأمير عبد القادر :
1- واحة الزعاطشة جنوب بسكرة سكانها ثلاثة آلاف مواطن مسلم ، زعيمها ( بوزيان ) ، استطاعت هذه الواحة رد الطوابير الفرنسية ، مما جعل فرنسا ترسل سبعة آلاف جندي تحت قيادة الجنرال ( دي هربيون ) ، وبعد حصار أربعة أشهر ، أمر القائد الفرنسي بحرق المنازل بعد إقفالها على السكان ، وقتل فيها (1500) مسلم في تشرين الثاني (1849 م) .
2- في واحتي ( ورقلة ) و ( الأغواط ) ظهر زعيم ديني آخر يدعى ( محمد بن عبدالله ) أتى من طرابلس ، وقاد المسلمين ضد فرنسا ، لكن الجيش الفرنسي أدرك أهمية هذه الواحات للنفط ، فقضى على ثورته .
3- في عام (1864م) قامت ثورة ( ولد سيدي الشيخ ) ثم ثورة ( محمد المقراني ) ثم ثورة ( الشيخ محمد الحداد ) في جبال جرجرة عند السلمين البربر ضد الفرنسيين الصليبيين ، وشملت هذه الثورات بلاد زوادة وقسنطينة والجزائر ( العاصمة ) عام (1871م ) وكان أتباع الثورة هم اتباع الطريقة الرحمانية ، المنتشرة في بلاد القبائل ( البربر واسمهم الصحيح الأمازيغ ) ، وكان انتشار الطريقة أصلاً رد فعل على المنصرين الذين ركزوا جهودهم في بلاد القبائل ( الأمازيغ ) .. وقد نجح الشيخ الحداد في التأثير على أتباعه الذين عرفوا ب ( الإخوان ) ، حتى صارت رابطة الطريقة الرحمانية مقدمة على رابطة القبيلة ، وهذا يعني أن الاسلام كان من عناصر الثورة الأولى .
4- سيطرت هذه الثورة على ثلثي الجزائر ، وعزلت جميع الحاميات الفرنسية في المنطقة ، ولكن الحاج ( محمد المقراني ) استشهد يرحمه الله عام (1871) ، وبعده انتهت الثورة بسبب تعاون أوربا كلها على الجزائر .
5- أما ( بو مرزاق المقراني ) الذي خلف أخاه في زعامة الثورة فكان أشد مراساً ، ظل يناضل حتى كانون الثاني (1872) ، وبعد إخضاع منطقة القبائل ، انتقل إلى الواحات الجنوبية ( ورقلة وغردايا والأغواط … ) ولما تبعه الفرنسيون ، خرج إلى الصحراء مع من بقي من أتباعه ، واستمروا فيها إلى أن أهلكهم الجوع والعطش حتى التقطتهم وأسرتهم دورية فرنسية …
ومن نتيجة هذه الثورة أن صدرت أحكام بإعدام ( 6000) مواطن جزائري من الثائرين ، ثم خفف الحكم عن بعضهم بالنفي إلى جزيرة ( كاليدونيا ) الجديدة ، وهي مستعمرة فرنسية في جنوب المحيط الهادي ، نفي إليها (500) من الثوار الجزائريين …
6- وفي عام (1871) وصل الأمير محي الدين بن عبد القادر الجزائري ، وصل إلى الجزائر سراً ، بعد أن اشتد الحرب بين فرنسا وألمانيا ، ودخل الجزائر متنكراً ، وبايعه السكان ، ووقعت معارك بينه وبين الجيش الفرنسي ، وحقق نصراً في عدة مواقع ، في الشرق الجزائري ، ولكن بعد نهاية الحرب بين ألمانيا وفرنسا ركزت الأخيرة جهودها وقضت على ثورة الشيخ محي الدين بن عبد القادر الجزائري ، فرجع إلى دمشق .
واستمرت الثورات الجزائرية يقودها العلماء ، حتى ثورة (1954 ) ، وقابلت كثيراً ممن شاركوا ثورة الفاتح من نوفمبر خلال عملي في الجزائر ( 1975 1979) ، وعرفت منهم أموراً كثيرة منها :
1- معظم القادة الميدانيين كانوا من حفظة القرآن الكريم مثل ( سي الحواس ، وبلعيد ، وعميروش ، وغيرهم …) .
2- كانوا يطبقون أحكام الشريعة الاسلامية في أماكن تواجدهم ، في منطقة جبال باتنة وبسكرة ، وكانوا يجمعون الزكاة ويوزعونها حسب مصارفها ، وكانوا يجلدون من يشرب الخمر …. وكانوا يعرفون أنهم يجاهدون الكفار الصليبيين الذين يحاربون الاسلام والمسلمين …
3- ومن متابعة مقالات الدكتور ( توفيق الشاوي ) التي نشرها في مجلة المجتمع خلال عقد التسعينات من القرن العشرين ، تبين أن فرنسا بقيت تقاوم الثورة الجزائرية ، حتى آلت قيادة الثورة إلى العلمانيين والماركسيين بدعم من الاتحاد السوفياتي ، والحزب الشيوعي الفرنسي ، وعندما أبعد العلماء والدعاة عن قيادة الثورة الجزائرية ، وكان ذلك في مؤتمر وادي ( الصومام ) ، في أواخر العقد الخامس ، أو قبيل الاستقلال بقليل … عندئذ انسحبت فرنسا وسلمت الجزائر لتلاميذها الذين ربتهم في مدارسها ، وكما تريد ، واستلموا الحكم ليحققوا ما عجزت الجيوش الفرنسية عن تحقيقه … نقل لي الأخ مصطفى المقدم ، وكان من رجال ( سي الحواس ) في جبال باتنة انه قال لهم ذات يوم :
اطلبوا من الله أن يرزقكم الشهادة قبل الاستقلال ، قبل أن يأتي أولاد ( الحركيين ) [ وهو مصطلح يطلقه الجزائريون على المتعاونين مع الفرنسيين ] ، يأتي هؤلاء أولاد الحركيين الذين أبعدوهم عن ساحة المعركة ، وأدخلوهم في المدارس الفرنسية ، وأهلوهم لاستلام الحكم بعد الاستقلال … واستشهد ( سي الحواس ) غدراً عندما اغتيل في طريقه إلى تونس لحضور اجتماع لقادة الثورة فيها …
وقد شاهدت بعيني ، ماقاله ( سي الحواس ) يرحمه الله ، خلال خدمتي في الجزائر …ولاحول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم …
الأمير عبد القادر الجزائري يحمي أهل الذمة في الشام :
في هذه الفتنة التي وقعت في بلاد الشام ، ذهب خلق كثير ، واستطاع الأمير عبد القادر أن ينقذ أكثر من خمسة عشر الفاً من النصارى بعث بهم إلى منازله التي غصت بهم .
حتى انه أخذ مفاتيح قلعة دمشق ، ووضع بها كافة نصارى البلد ، يقدم لهم الطعام والشراب على حسابه الخاص لمدة خمسة عشر يوماً ، وكان لذلك دور كبير في وقف الفتنة وإطفاء نارها ، ورجع عند ذلك عشرة آلاف جندي فرنسي إلى فرنسا بعد أن كانوا في مراكبهم يستعدون لنسف بيروت بقنابلهم المدمرة …
وكان لموقف الأمير عبد القادر الاسلامي الانساني صدى في هذه الفتنة ، صدى في الأوساط العالمية ، فأتته رسائل شكر مصحوبة بالأوسمة ، وشارات الفخر والتقدير ، من جميع ملوك ورؤساء الدول العالمية ، ونوهت به كبريات الصحف العالمية وأشادت بخصاله الكريمة ، ومواقفه الانسانية …
ولم يتصرف الأمير عبد القادر لأجل حماية النصارى إلا التزاماً بدينه الذي يقضي على المسلمين حماية أهل الذمة ، الذين يقطنون في بلاد المسلمين … والأمير عبد القادر متفقه في الدين ، ويعلم حدود ما أنزل الله ، ويعرف واجب المسلمين نحو أهل الذمة … وهو توفير الأمن والحماية لهم … وصون دمائهم وأموالهم وأعراضهم وكنائسهم … وكل ماتم الاتفاق عليه في عقد الذمة …
* كاتب سوري في المنفى