السلام عليكم اخواني اخواتي
هذا حديث بين قطين يعطينا عبرا جميلة تفيدنا في الحياة
جاء في امتحان شهادة إتمام الدراسة الابتدائية لعام 1934 في موضوع الإنشاء ما يأتي :
" تقابل قطان احدهما سمين تبدو عليه آثار النعمة، و الآخر نحيف يدل منظره على سوء حاله، فماذا يقولان إذا حدث كل منهما صاحبه عن معيشته ؟؟ "
و قد حار التلاميذ الصغار فيما يصنعون على لسان القطين ، و ضاقوا جميعا و هم أطفال – أن تكون في رؤوسهم عقول السَنانير ، و أعياهم أن تنزل غرائزهم الطيبة في هذه المنزلة من البهيمية و من عيشها خاصة
قال بعضهم : و سخطنا على أساتذتنا اشد السخط ،وعبناهم بأقبح العيب كيف لم يعلمونا من قبل أن نكون حميرا و خيلا وخنازير وفئرانا وقططا وكيف ويحهم لم يلقنونا لغة النهيق و الصهيل والكشيش والمواء والفحيح و أشباهها ………؟؟؟
وقال تلميذ خبيث لأستاذه أما أنا فأوجزت وأعجزت.قال أستاذه: أجدت وأحسنت،ولله أنت،وتالله لقد أصبت فماذا كتبت ؟ قال كتبت هذا :
يقول السمين :ناو،ناو،ناو… فيقول النحيف :نو،ناو،نو..فيرد عليه السمين نو،ناو،ناو..فيغضب النحيف ويكشر عن أسنانه ،ويحرك ذيله ويصيح :نو،نو،نو..فيلطمه السمين فيخدشه ويصرخ: ناو.. فيثب عليه النحيف ويصطرعان ،وتختلط "النونوة" لا يمتاز صوت من صوت ،ولا يمكن الفهم عنهما في هذه الحالة إلا بعد مراجعة قاموس القطط ..
قال الأستاذ: يابني، بارك الله عليك ،لقد أبدعت الفن إبداعا ،فصنعت ما يصنع اكبر النوابغ . يظهر الفن بإظهار الطبيعة و إخفاء نفسه ،وما ينطق القط بلغتنا إلا معجزة لنبي ،و لا نبي بعد محمد "صلى الله عليه و سلم" ، فلا سبيل إلا ما حكيت ووصفت
إن مثل هذا الموضوع يشبه تكليف الطالب الصغير خلق هرتين لا الحديث عنهما ،فان إجادة الإنشاء في مثل هذا الباب ألوهية عقلية يخلق خلقها السوي الجميل نابضا حيا .وأين هذا من الأطفال في الحادية عشرة. وقد قيل لهم في السنوات الماضية "كن زهرة وصف" "واجعل نفسك حبة قمح وقل"
بعدنا عن حديث القطين ،وأنا أريد أن اكتب من حديثهما وخبرهما :
كان القط الهزيل مرابطا في زقاق ، وقد طارد فارة فانجحرت في شق ،فوقف المسكين يتربص بها أن تخرج ،وما عقل الحيوان إلا من حرفة عيشه لا من غيرها وكان القط السمين قد خرج من دار أصحابه يريد أن يفرج عن نفسه ، وأبصر الهزيل من بعيد فاقبل يمشي نحوه فرآه الهزيل وهو يتخلع تخلع الأسد في مشيته ،وقد بسطته النعمة من أطرافه و كان في شعره بريق .وهو يموج في بدنه من قوة وعافية ،ويكاد اهابه ينشق سمنا ،فانكسرت نفس الهزيل ودخلته الحسرة ،واقبل السمين حتى وقف عليه وأدركته الرحمة له إذ رآه نحيفا طاوي البطن بارز الأضلاع .فقال له :
مالي أراك متيبسا كالميت غير انك لم تمت ؟ومالك أعطيت الحياة غير انك لم تحي ؟أو ليس الهر منا صورة مختزلة من الأسد ،فمالك ويحك رجعت صورة مصغرة من الهر ؟ أفلا يسقونك البن و يطعمونك الشحمة و اللحمة و يأتونك من الجبن الأصفر و الأبيض ، ويفتون لك الخبز في المرق ؟ وما لجلدك هذا مغبرا ومالك لا تحاول ان تصنع بلعابك لشعرك صنيعا ،ما أشبهك بأسد أهلكه الا يجد الا العشب الأخضر
قال الهزيل : وان لك لحمة وشحمة ولبنا وسمكا ،وجبنا وفتاتا ؟ وانك لتقضي يومك تلطع جلدك ماسحا وغاسلا ،أو تتطرح على الوسائد نائما متمددا ؟ أما و الله لقد جاءتك النعمة وصلحت لك الحياة وفسدت منك الغريزة ،وربحت شيعا وخسرت لذة عطفوا عليك و أفقدوك أن تعطف نفسك وحملوك وأعجزوك أن تستقل ،وقد صرت معهم كالدجاجة :تسمن لتدبح غير انهم يذبحونك ملالا ودلالا
انك لتأكل من خوان أصحابك ،وتطمع في مواكلتهم فتشبع بالعين و البطن و الرغبة ،ثم لا شيء غير هذا
إن كان أول ما في الحياة أن تأكل ،فأهون ما فيها أن تأكل ، ولكن أين أنت عن إرثك من أسلافك ،وعن متاع أرواحهم وأين أنت من العيش من قبل الجسم كله لا من المعدة وحدها
قال السمين :تالله لقد أكسبك الفقر حكمة وحياة ، ناشدتك الله إلا ما وصفت لي هذه اللذات التي تعلو بالحياة عن مرتبة الشبع
فقال الهزيل :انك ضخم ولكنك أبله هذه ليست لمثلى ما دمت على حد الكفاف من العيش ، يجب أن يكون في طعمك ما يجعل القليل غير قليل ،والسعادة و الشقاء كالحق والباطل كلها من قبل الذات لا من الأسباب و العلل فمن جاراها سعد بها و من عكسها عن مجراها فبما يشقى
و لقد كنت الساعة اختل فارة انحجرت في هذا الشق ، فطعمت منها لذة و ان لم اطعم لحما ، وبالأمس رماني طفل خبيث بحجر يريد عقري فاحدث لي وجعا ولكن الوجع احدث لي الاحتراس ،وسأغشى الآن هذه الدار فأية لذة في السلة و الخطفة والانتهاب والاستراق هل دقت أنت بروحك لذة الفرصة ، هل أدركت يوما فرحة النجاة بعد الروغان من عابث او ظالم وهل نالتك لذة الظفر حين هولك طفل بالضرب فهولته انت بالضرب ففر عنك منهزما لا يلوي ؟
قال السمين : وفي الدنيا هذه اللذات كلها وأنا لا ادري ؟هلم أتوحش معك ليكون لي مثل راحتك المكدودة وعمرك المحكوم ،وسأتصدى معك للرزق أطارده و اواثبه …
فقطع الهزيل عليه وقال: إذا لقانا أول طفل أهوى لك فآخذك أسيرا وأخذني بالضرب لانطلق حرا ،فأنت على نفسك و علي بلاء
كانت الفارة قد رأت ما وقع بينهما فسرها اشتغال الشر بالشر ،فوثبت وثبة من ينجو بحياته ، ولمحها الهزيل كما تلمح العين برقا أومض و انطفأ فقال للسمين : اذهب راشدا ان الوقوف معك ساعة هو ضياع للرزق
و كذلك أمثالك في الدنيا هم بألفاظهم في الأعلى و بمعانيهم في الأسفل
ما رايكم في الموضوع يا اخوة
اختكم في الله جهاد
في امان الله
بارك الله فيك أختي الغالية جهاد ، موضوع قيم جزيل الشكر لك
دوام التألق و الابداع ان شاء الله
السلام عليكم
و فيك كل البركة اختي في الله
لا شكر على واجب فواجبنا ان نفيد و نستفيد
اشكر لك مرورك الجميل نورتي موضوعي
في امان الله حبيبتي الغالية
جزاك الله خيرا جهاد
قصة بحكم قيمة
شكرا لك
السلام عليكم
لا شكر على واجب اختي خولة
بارك الله فيك و جزاك الف خير
تشرفت بمرورك الكريم شكرا لك
بالتوفيق ان شاء الله
تعليق واحد على “حديث قطين .مقتطفات من وحي القلم”
هذا المقال جيد