هناك أمور تساعد على تحمل المصيبة، وإن أهم شيء بينها هو اعتماد الصبر
فهو علاج مخفف ودواء ملطف .
والصبر خلق فاضل من أخلاق النفس يمنع الإنسان عما لا يحسن ولا يجمل، وهو قوة من قوى النفس
التي بها صلاح شأنها وقوام أمرها.
والصبر ليس مقتصر على المصيبة فقد قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
الصبر ثلاثة: صبر على المصيبة ، وصبر على الطاعة ، وصبر على المعصية.
فالإنسان إذا صبر واحتسب مصيبته لوجه الله نال ثوابه، وإذا جزع ولم يصبر أثم وأتعب نفسه .
ولقد وعد الله الصابرين بالأجر العظيم فقال :
( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ) الزمر 10
وأخبر الله أنه معهم بهدايته ونصره ومعونته .
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ***1754; إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ )
البقرة 153
فنال الصابرين هذه المعية التي هي خير الدنيا والآخرة ، والتي اختص بها الأنبياء.
كما قال سبحانه عن بعضهم : ( إني معكما أسمع وأرى ) وأخبر الله أنه ايبتلي بعض خلقه ليمتحن صبرهم . وقال عز وجل :
( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى***1648; نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ ) محمد 31
ذلك أن مفاجأة المصيبة لها وقع شديد تزعزع القلب وتزعجه بصدمتها،
فإن صبر المصاب عند الصدمة الأولى انكسرت حدتها، وضعفت قوتها ، فهان عليه عندها استدامة الصبر
فالجزع لا يرد ذاهبا ، والحزن لا يرجع هالكا ولا عاطبا ، والبكاء لا يجدي صرفا ولا نفعا،
والقلق لا يفيد دفعا لخطب ، فلا نفع لخطب غير الصبر .
( ***1751; وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ155 الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ) البقرة 156
ومما يساعد على تحمل المصيبة: اعتقاد المصاب أن مرارة الدنيا هي بعينها حلاوة في الآخرة .
هذه الحقيقة أعلنها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله :
( حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات )
وليعلم الإنسان أن حضه من المصيبة ما تترك من انطباعاتها في نفسه.
فمن رضي فله الرضى من الله تعالى ، ومن سخط فله السخط منه.
وليحذر الإنسان كل الحذر أن يتلفظ في حال مصيبته بشيء يحبط به أجره ويسخط به ربه
قالتعالى:
( وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ ***1750; وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى***1648; كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) الأنعام 17
صدق الله العظيم