محتويات البحث
1- القمر
2– كيف يبدو القمر
** سطح القمر
** ممّ يتكون القمر
** الجاذبية
** الغلاف الجوي والطقس
** درجة الحرارة
-3 كيف يتحرك القمر
** مدار القمر
** الدوران
** أوجه القمر
** الخسوف
** القمر والمد والجزر
4 -كيف تكوّن القمر
** العُمر والتاريخ
** النظريات العلميّة
5–القمر في التاريخ
** قياس الزمن (الوقت)
**الخرافة أو الأساطير
** الأساطير والتراث الشعبي
** الأدب والموسيقى
** دراسة القمر
** الاستكشاف المستقبلي على القمر
** معالم في دراسة القمر
6– المصادر
القمر
القمر أقرب تابع (كوكب) للأرض في الفضاء. في عام 1969م، أصبح هذا القمر الطبيعي الضخم التابع للأرض أول جسم فضائي يزوره الإنسان.
والقمر أكثر الأجسام لمعانًا في السماء ليلاً، ولكنه لايصدر ضوءًا من ذاته، خلافًا لنجم الشمس مثلا، الذي يصدر ضوءًا من ذاته. وعندما يتألق القمر فإنه يعكس ضوء الشمس. وفي بعض الليالي يبدو القمر وكأنه كرة مضيئة لامعة. وفي ليال أخرى يظهر على شكل شريحة رفيعة من الضوء. ولكن القمر لايغير حجمه، وشكله، وإنما يتغير منظر القمر حينما تضيء الشمس أجزاء مختلفة منه.
يدور القمر حول الأرض مرة واحدة كل 27 يومًا وثلث اليوم تقريبًا، كذلك يـدور حول نفسـه مـرة واحـدة كل 27 يومًا وثلث اليوم. ولذلك فإن وجهًا واحدًا من القمر يبقى متجهًا نحو الأرض. ويبلغ متوسط المسافة بين مركزي الأرض والقمر نحو 384,403كم. وتستغرق الرحلة بالصاروخ من الأرض إلى القمر ثم العودة نحو ستة أيام. ولأن القمر قريب نسبيًا من الأرض، فإنه يبدو وكأنه أكبر كثيرًا من النجوم، وبنفس حجم الشمس تقريبًا. ويبلغ قطر القمر نحو 3,476كم، وتساوي هذه المسافة ربع قطر الأرض تقريبًا، وهي أصغر من قطر الشمس بنحو 400 مرة. ولو شُوهد القمر بجوار الأرض لكان أشبه بكرة التنس بالمقارنة مع كرة القدم.
ليست الأرض هي الكوكب الوحيد الذي له قمر. فكوكب المشتري مثلاً، له ستة عشر قمرًا تابعًا. وقمر الأرض هو السادس في الحجم من بين أربعين قمرًا طبيعيًا للكواكب أو يزيد. ولمزيد من المعلومات عن الأقمار الطبيعية، يمكن الرجوع إلى المقالات المستقلة عن الكواكب.
وليس على القمر أي نوع من الحياة. وهو قد تغير، بالمقارنة مع الأرض، تغيرًا طفيفًا على مدى بلايين السنين. ولايوجد فيه هواء أو رياح أو ماء. ومن على القمر تُرى السماء سوداء ـ حتى أثناء النهار ـ كما تُرى النجوم دائمًا ظاهرة للعيان. وفي الليل، يكون السطح الصخري باردًا جدًا، ودرجة الحرارة أكثر انخفاضًا من درجة أي مكان على الأرض. وفي النهار ترتفع درجة حرارة الصخور فوق درجة غليان الماء بقليل.
نظر الناس على مرِّ العصور إلى القمر ودرسوه، ومنهم من عبده. وقد أصبح الحلم القديم بالسفر إلى القمر تاريخًا في اليوم العشرين من شهر يوليو عام 1969م، عندما هبط الرائدان نيل آرمسترونج وإدوين ألدرين من الولايات المتحدة الأمريكية على السهل الصخري المعروف ببحر السكون.
وقد زودتنا الرحلات الفضائية والهبوط على القمر بحقائق عديدة عنه. كما أن استكشاف القمر قد ساعد أيضًا في حل كثير من الألغاز عن الأرض والشمس والكواكب. ولمزيد من المعلومات عن استكشاف القمر
.
سطح القمر
عندما ُيرى القمر بالعين المجردة من الأرض، يظهر مثل كرة ملساء تتخللها بقع رمادية مُعْتمة وأخرى فاتحة. وعند الاستعانة بمنظارٍ ميدانيِّ أو مقراب (تلسكوب) صغير تتضح الظواهر التي شاهدها لأول مرة العالم الإيطالي جاليليو في القرن السابع عشر الميلادي.
والبقع المعتمة على سطح القمر سهول منبسطة عريضة، ظنها جاليليو مغطاةً بالماء، وأطلق عليها اسم ماريا وهي كلمة لاتينية تعني البحار. ولكننا نعرف اليوم أن الماريا هي أراضٍ منخفضةٍ من الصخور المغطاة بطبقةٍ رقيقةٍ من تربة صخرية. ومعظم الأجزاء الرمادية الفاتحة من سطح القمر خشنة وجبلية. وتُسمى هذه المساحات بالأراضي المرتفعة. وتكثر الماريا بشكل رئيسي على الوجه القريب للقمر الذي يواجه الأرض. أما الوجه البعيد فكله تقريبًا من الأراضي المرتفعة.
وقد تكونت معظم الماريا قبل حوالي 3,3 و3,8 بليون سنة، عند جريان كميات كبيرة من الحمم البركانية (الصخور المنصهرة) التي انهمرت، ثم بردت فوق سطح القمر. وقد ملأت هذه الحمم الأماكن المنخفضة على سطح القمر. وبعض هذه الأماكن المنخفضة ـ مثل حوض إمبريوم في بحر الأمطار ـ فوهات ضخمة. وتتكون الماريا المستديرة عندما تملأ الحمم البركانية هذه الفوهات.
وأكثر الظواهر عددًا على سطح القمر هي الفوهات البركانية. وعلى القمر فوهات داخل فوهات، وأخرى متصلة. ويقدر العلماء أن القمر فيه نصف مليون فوهة يزيد اتساع الواحدة منها على 1,5كم. ويبلغ عدد الفوهات التي لايقل اتساعها عن 30سم، حوالي 30 ألف بليون فوهة.
ومعظم الفوهات الصغيرة حفر بسيطة على هيئة حوض منخفض الحافة. ومعظم الفوهات التي يتراوح اتساع الواحدة من 8 إلى 16كم لها جدران عالية وأرضية مستوية. وكثير من الفوهات التي يزيد اتساع الواحدة منها على 24كم، لها أرضيات مرتفعة أو قمم في المركز. والفوهات الكبرى تحفها الجبال ولها جدران منحدرة مدرجة. أما كبرى الفوهات البركانية، وهو حوض إمبريوم، فيبلغ اتساعها 1,100كم، وأرضيتها مغطاة بالحمم البركانية السوداء التي تشكل عينًا واحدة للشكل المألوف الرّجُل الذي على القمر.
وتُسمى بعض الفوهات البركانية على القمر بالفوهات الشعاعية. وهي مُحاطة بخطوط رمادية فاتحة تسمى الأشعة. وتشبه الأشعّة رشّات من مواد لامعة متناثرة في اتجاهات عديدة. وحول فوهة تايكو التي يبلغ اتساعها 87كم، يوجد قليل من الأشعة التي يتراوح عرضها مابين 16 و 24 كم وتمتد إلى حوالي 1,600كم. ويتكون الحشد الكبير من الفوهات الثانوية الصغيرة داخل الأشعة، بسبب الصخور التي تُقذف من الفوهات الشعاعية. وغالبًا ماتكون الأشعة خليطًا من صخور محطمة قُذفت من الفوهات الشعاعية، وشظايا صخور تناثرت من الفوهات الثانوية. ويعرف العلماء أن الفوهات الشعاعية تكونت في وقت متأخر من عمر القمر أو تاريخه، لأن الأشعة تخترق البحار والجبال وفوهات أخرى.
وقد تكونت البلايين من الفوهات الصغيرة على القمر نتيجة الاصطدام مع النيازك، وهي أجسام صلبة تسير في الفضاء. وكثير من هذه النيازك يدخل الغلاف الجوي للأرض على هيئة شهب. ومعظم الشهب ينصهر أو يتفتت في طبقات الجو العليا مُحْدِثًا خطوطًا من الضوء تسمى أيضًا الشهب. وأكبر هذه الشهب هو الذي يصل إلى سطح الأرض بسرعة، تكفي لأن يحفر فوهة (حفرة نيزكية) فيه. ويعني عدم وجود غلاف جوي للقمر أن النيازك الصغيرة أيضًا تحدث فوهات بركانية على سطحه. وتعمل عوامل التعرية على سطح القمر ببطء شديد لدرجة أن الفوهات التي يبلغ قطرها 30سم فقط تبقى ملايين السنين.
وقد تكّون العديد من الفوهات الكبيرة على القمر غالبًا عندما اصطدمت المذنبات أو الكويكبات بسطحه. وتدور هذه الأجسام حول الشمس ولكنها أكبر كثيرًا من النيازك. ويمكن القول أن أكبر وأقدم الفوهات على القمر نشأت من تصادم واندماج كويكبات صغريات، وهي أجسام صلبة يمكن أن تكون قد تحطمت معًا وكونت القمر نفسه.
وقليل من الفوهات البركانية على سطح القمر يشبه الفُوَّهات البركانية على سطح الأرض. وتوجد بعض هذه الفوهات البركانية على قمم الجبال الصغيرة أو في وسط التلال المنخفضة المستديرة. وفي بعض الأماكن تنتظم الفوهات البركانية في صف كما تنتظم البراكين عمومًا على سطح الأرض. ويوجد العديد من الفوهات البركانية القمرية التي تشبه البراكين على السهول المغطاة بالحمم البركانية.
وتنتشر الفوهات الضخمة في المناطق الجبلية من القمر. وتبدو جميع سلاسل الجبال الرئيسية على القمر كأنها الحواف المكسورة لهذه الفوهات الضخمة. وترتفع جبال الأبنين الوعرة، بالقرب من بحر الأمطار حوالي 6,100م. أما ارتفاع جبال لبنتز، بالقرب من القطب الجنوبي للقمر، فيبلغ على الأقل 7,920م، وهي تقارب في ارتفاعها أعلى الجبال على الأرض.
وعلى القمر أيضًا أودية ضيقة طويلة تُسمى أخاديد، ومعظمها مستقيمة وتكونت على الأغلب عندما تشققت القشرة الخارجية للقمر وتساقطت أجزاء من السطح. والأخاديد المتعرجة قنوات ملتوية تشبه كثيرًا الأنهار الجافة. وقد تكونت على الأغلب من جريان الحمم البركانية فوق سطح الماريا (البحار).
.
ممّ يتكون القمر
لقد عرف العلماء الكثير عن تكوين القمر من دراستهم للصخور والتربة التي أحضرها الرواد الأمريكيون معهم. وستبقى أسئلة جديدة بدون جواب حتى يمكن أخذ عينات من عدد من الأماكن الأخرى على القمر.
وقد كان التراب القمري الذي جمعه رواد أبولو الأوائل رماديًا غامقًا إلى رمادي ـ بني. وهو يتألف من الصخر والزجاج وقطع صخرية مبعثرة. وتكونت التربة بوساطة الطحن والشحذ المتكرر لسطح القمر عندما تصيبه النيازك وتتكون الفوهات. ويتراوح عمق التربة فوق سطح الماريا (البحار) من 1,5م إلى 6م. ويتألف نصفها تقريبًا من شظايا زجاجية. وبعض حبات التربة كرات زجاجية صغيرة مجهرية الحجم. ولا يحيا شيء في تربة القمر. ولاتحتوي التربة على أحافير نباتية أو حيوانية.
وتتألف الصخور القمرية بشكل رئيسي من الخامات الفلزية التي تشتمل على الألومنيوم والكالسيوم والحديد والمغنسيوم إلى جانب الأكسجين والسليكون والتيتانيوم. ويوجد الهيدروجين والهيليوم وغازات أخرى محصورة داخل بعض الصخور. ويعتقد العلماء أن بعض هذه الغازات وصل إلى القمر كجزء من الرياح الشمسية، وهي غاز مكهرب ينبثق من الشمس باستمرار. ولم تكتشف أي عناصر جديدة في العينات القمرية. وقد وجد العلماء عددًا قليلاً من الخامات الفلزية التي لاتظهر طبيعيًا على الأرض، ولكنها تنتمي إلى عائلات فلزية مشهورة.
وقد جمع رواد الفضاء نوعين رئيسيين من الصخور: النوع الأول هو البازلت، وهو حمم بركانية قاسية وأكثر الصخور البركانية شيوعًا على الأرض. وتتكون الصخور البركانية بشكل رئيسي من بلورات سليكات الألومنيوم والبيروكسين والإيلمنيت. وقد تكونت هذه الخامات المعدنية عند درجة حرارة 1200°م، ويثبت ذلك أن هذا الجزء من القمر كان ساخنًا للغاية حينما تكونت الماريا. ويتكون النوع الثاني من صخور القمر، الذي يطلق عليه برشيا، من تراب وقطع من الصخر ضُغطت معًا عندما أصابتها الأجسام الساقطة.
تبدو القشرة الخارجية للقمر صلبة وقوية، ولكن علينا أن نتعلم الكثير عن الباطن. وفي أثناء رحلة أبولو 13، ترك القائمون على أمر الرحلة جزءًا من صاروخ ساتورن الضخم ليسقط مصطدمًا بالقمر. وقد استمرت الاهتزازات الزلزالية التي نشأت مدة أربع ساعات، ولم يكن العلماء يتوقعون هذه الاهتزازات الطويلة الأمد.
.
الجاذبية
يمشي الرواد بسهولة على القمر رغم أنهم يحملون أدوات ثقيلة. وهم يشعرون بالخفة؛ لأن قوة الجاذبية على سطح القمر أضعف بست مرات منها على سطح الأرض. فالشخص الذي يزن60 كجم على سطح الأرض يزن10 كجم فقط على سطح القمر. والجاذبية أضعف على القمر، لأن كتلة القمر (كمية المادة التي يحتويها الجسم) أصغر من كتلة الأرض بإحدى وثمانين مرة. وقد وجد العلماء في عام 1968م، أثناء دراستهم لمدارات المركبات حول القمر أن قوة الجاذبية تختلف اختلافًا طفيفًا من مكان إلى آخر على القمر. وهم يعتقدون أن سبب هذا الاختلاف الطفيف هو التركيز الكبير للكتلة في العديد من البحار المستديرة. وأطلق العلماء على هذه المناطق اسم الماسكون (التركيز الكتلي)، ولكن لم تعرف أسباب الماسكون بعد.
.
الغلاف الجوي والطقس
ليس للقمر غلاف جوي حوله، وإذا وجد فهو ضئيل. ولو كان للقمر طبقة من الغازات تحيط به لتسربت في الفضاء بسبب ضعف جاذبيته. ونتيجة لانعدام الجو، فإن القمر لا طقس له ولا سحب ولا رياح فيه ولا أمطار. ولا يوجد ماء على سطحه. وعلى رواد الفضاء أن يحملوا معهم الهواء ليتنفسوا على القمر. وعليهم كذلك أن يتحادثوا بوساطة الراديو لأنه لايوجد هواء لينقل الصوت.
.
درجة الحرارة
سطح القمر ويبرد أكثر من أي مكان على سطح الأرض. وترتفع درجة الحرارة عند الظهر وفي البحار على خط الاستواء إلى نحو 130°م، وتنخفض إلى أقل من -170م°أثناء الليل القمري الذي يمتد أسبوعين. وفي بعض الفوهات العميقة بالقرب من قطبي القمر تكون درجة الحرارة دائمًا قريبًا من -240م°. ويحمي الرواد أنفسهم من الحرارة والبرودة بوساطة السترات الفضائية.
.
مدار القمر
يدور القمر حول الأرض في مسار بيضي يسمى مدارًا. وتُسمى الرحلة الواحدة حول الأرض دورة. ويتحرك القمر بسرعة متوسطة مقدارها 3,700كم/ساعة تقريبًا على امتداد مداره البالغ 2,3 مليون كم.
ويدور القمر مع الأرض، وهي تدور حول الشمس مرة كل ¼365 يومًا، أي سنة أرضية واحدة. ويتحرك القمر حقيقة من الغرب إلى الشرق في السماء، ولكنه يظهر وكأنه يتحرك من الشرق إلى الغرب عند شروقه وغروبه وذلك لأن الأرض تدور حول محورها بسرعة أكبر من سرعة دوران القمر حول الأرض.
وحيث إن مدار القمر بيضي، فإنه لايكون على نفس المسافة دائمًا من الأرض. وتبعد النقطة التي يكون فيها القمر أقرب ما يمكن من الأرض مسافة 356,399كم، وتسمى هذه النقطة الحضيض القمري. أما النقطة التي يكون فيها القمر أبعد ما يمكن عن الأرض فتبعد مسافة 406,699كم، وتسمى الأوج القمري.
تحفظ قوة جاذبية الأرض القمر في مداره، ولو أن الأرض أو قوة جاذبيتها اختفت فجأة لما عاد القمر يدور حول الأرض، ولاتخذ له مدارًا حول الشمس. وتسبب قوة جذب الشمس للقمر بعض التغيرات غير المنتظمة في مداره حول الأرض، وتسمى هذه التغيرات الترجافات.
يقيس العلماء زمن دورة القمر حول الأرض بالأشهر النجمية وبالأشهر الاقترانية. ويعرف الشهر الاقتراني ـ والذي يساوي 29 يومًا ونصف اليوم ـ بأنه الفترة الزمنية بين ظهور الهلال (القمر الجديد) والهلال الذي يليه. وهو الزمن الذي يستغرقه القمر ليدور حول الأرض بالنسبة للشمس. فإذا بدأ القمر دورته من نقطة تقع بالضبط بين الأرض والشمس فإنه يعود إلى نفس النقطة في مدة تساوي 29 يومًا ونصف اليوم تقريبًا. ويعادل الشهر الاقتراني يومًا كاملاً على القمر. وينقسم اليوم القمري إلى فترتين الأولى فترة ضياء لمدة أسبوعين تقريبًا والثانية فترة ظلام لمدة أسبوعين تقريبًا.
أما الشهر النجمي ـ ويساوي 27 يومًا وثلث اليوم ـ فهو الفترة الزمنية التي يحتاجها القمر ليدور مرة واحدة حول الأرض بالنسبة للنجوم. فإذا بدأت دورته عند خط مع أحد النجوم فإنه يعود إلى نفس الموضع بعد 27 يومًا وثلث اليوم تقريبًا.
والشهر الاقتراني أطول من الشهر النجمي لأن الأرض تدور حول الشمس أثناء دوران القمر حول الأرض. ومع اكتمال دورة واحدة للقمر حول الأرض تكون الأرض قد قطعت جزءًا من ثلاثة عشر جزءًا من مدارها حول الشمس. ولذلك فإن على القمر أن يدور أكثر قليلاً حتى يصبح في نفس الموقع بالنسبة للشمس.
.
الدوران
يدور القمر حول محوره (خط وهمي يمر في قطبيه الشمالي والجنوبي) تمامًا مرة واحدة أثناء كل رحلة له حول الأرض. ويدور القمر من الغرب إلى الشرق، وهو نفس الاتجاه الذي يدور فيه حول الأرض. وعند خط استوائه يدور القمر بسرعة 16 كم/ساعة تقريبًا. وعندما تنظر إلى القمر ترى دائمًا نفس الوجه.
ويتخذ القمر هذا الوضع بوساطة قوى الجاذبية. ونحن نعلم أن القمر يدور حول نفسه لأننا نرى وجهًا واحدًا له فقط. ولو لم يكن يدور لاستطعنا أن نرى كامل سطحه. ونستطيع أحيانًا أن نرى مسافة صغيرة حول حافة (طرف) القمر، إذ يبدو القمر متذبذبًا من وجه إلى وجه آخر ومتأرجحًا إلى أعلى وأسفل أثناء دورانه. وتسمى هذه الحركات الظاهرية بالميسان (التأرجح). وهي تنشأ عن تغييرات طفيفة في سرعة دوران القمر حول الأرض وعن ميلان مدار القمر عن مدار الأرض بمقدار خمس درجات. ويمكننا هذا التأرجح، في أوقات مختلفة، من مشاهدة مامجموعه 59% من سطح القمر ونحن على الأرض. ولايمكن مطلقًا أن نشاهد من سطح الأرض نسبة الـ 41% المتبقية من سطح القمر. وقد بقي الوجه البعيد للقمر سرًا غامضًا حتى 7 أكتوبر 1959م، عندما اتخذ صاروخ سوفييتي مدارًا له حول القمر وأرسل إلى الأرض صورًا قليلة لمنطقة واحدة من ذلك الوجه البعيد. وفي يوم 24 ديسمبر من عام 1968م، أصبح رواد مركبة أبولو 8 أول من شاهد ذلك الوجه البعيد من البشر.
.
أوجه القمر
نستطيع أن نشاهد القمر يتغير أثناء الشهر الاقتراني من هلال رفيع إلى دائرة مكتملة ثم يعود هلالاً رقيقًا مرة أخرى. وتسمى هذه التغيرات الظاهرة في شكل القمر وحجمه أوجهًا. وهي في الحقيقة أوضاع مختلفة للإضاءة وسببها التغيرات في كمية ضوء الشمس المنعكسة عن سطح القمر نحو الأرض. فيبدو القمر متغيرًا في شكله؛ لأننا نرى أجزاء مختلفة من سطحه المضاء بأشعة الشمس، أثناء سيره في مداره حول الأرض. ونصف القمر دائمًا مضاء بأشعة الشمس كالأرض إلا وقت الخسوف. وأحيانًا يكون الجانب البعيد للقمر مضاء بأشعة الشمس تمامًا مع أنه محجوب عن الرؤية من الأرض.
وعندما يقع القمر بين الشمس والأرض يكون جانبه المضاء بأشعة الشمس ـ الجانب البعيد ـ غير مقابل للأرض. ويسمي علماء الفلك هذا الطور المظلم المحاق (القمر الجديد). وفي هذا الطور يكون جانب القمر المقابل للارض مضاء بشكل خافت بأشعة الشمس المنعكسة عن سطح الأرض نحو القمر.
وبعد يوم من ظهور المحاق، تظهر شريحة رفيعة من الضوء حول حافة القمر الشرقية. ويسمى الخط الفاصل بين الجزء المضيء والجزء المظلم من وجه القمر الخط الفاصل. وكلما مرّ يوم نشاهد جزءًا أكبر فأكبر من جانب القمر المضاء بأشعة الشمس، إذ يتقدم القاطع من الشرق إلى الغرب. وبعد نحو سبعة أيام نستطيع أن نرى نصف البدر. وهذا الشكل نصف الدائرى هو نصف الجانب المعرض لأشعة الشمس، وهو الجزء الذي يمكن مشاهدته من الأرض. ويسمى هذا الطور التربيع الأول. وبعد التربيع الأول بسبعة أيام يكون قد تحرك إلى نقطة تصبح فيها الأرض بين القمر والشمس.
ونستطيع الآن أن نرى كامل الجانب المضاء بأشعة الشمس، ونسمي هذا الوجه بدرًا. ويبدو القمر ساطعًا في ليلة صافية. ولو رصفت السماء كلها بدورًا لبلغ لمعانها لمعان الشمس تقريبًا.
وبعد سبعة أيام من إطلالة البدر نشاهد مرة أخرى نصف البدر. ويسمى هذا الوجه بالتربيع الأخير أو التربيع الثالث. وبعد أسبوع آخر يعود القمر إلى موقع بين الأرض والشمس، أي إلى وجه القمر الجديد (المحاق) ويوصف القمر أثناء تغيره من القمر الجديد إلى البدر بأنه متزايد. أما أثناء تحوله من البدر إلى القمر الجديد فيوصف بأنه متناقص ويدعى القمر هلالاً عندما يظهر أصغر من نصف البدر، وعندما يظهر أكبر من نصف البدر المكتمل ولكن ليس بدرًا مكتملاً، فيدعى المحدودب.
يغيب القمر ويطلع في أوقات مختلفة. ففي وجه القمر الجديد يغيب القمر فوق الأفق مع الشمس عند الشرق ويسير قريبًا منها وسط السماء. ومع مرور كل يوم يطلع القمر متأخرًا بمعدل 50 دقيقة عن الشمس، ويتخلف وراءها بنحو 12 درجة.
وفي نهاية الأسبوع الأول ـ عند وجه التربيع الأول ـ يظهر القمر عند الظهر ويغيب عند منتصف الليل تقريبًا. وبعد أسبوع آخر عندما يكون بدرًا يظهر القمر عند غروب الشمس ويغيب عند شروقها. وفي التربيع الأخير يطلع القمر نحو منتصف الليل تقريبًا ويغيب وقت الظهر. وبعد أسبوع آخر يطلع القمر الجديد مع شروق الشمس من الشرق.
.
الخسوف
يتسبب ضوء الشمس في أن يلقي كل من الأرض والقمر ظلاً في الفضاء. وعندما يمر البدر خلال ظل الأرض فإننا نشاهد خسوفًا للقمر. ويكون لون القمر أثناء الخسوف أسود محمرًا. وهو مضاء بشكل خافت بأشعة الشمس الحمراء التي تكون منكسرة (منحنية) خلال الغلاف الجوي للأرض.
وفي نوع آخر من الكسوف، يمر القمر الجديد مباشرة بين الأرض والشمس. فإذا أخفى القمر قرص الشمس أو جزءًا منه فإننا نشاهد كسوفًا شمسيًا (أي كسوفًا للشمس). ويحدث كسوف الشمس عندما يمر ظل القمر فوق الأرض حيث تصادف أن يكون الحجم الظاهري لكل من الشمس والقمر متساويين.
.
القمر والمد والجزر
لاحظ الإنسان، منذ أقدم العصور، ارتفاع مستوى الماء وانخفاضه على امتداد شاطئ البحر. وكما تؤثر جاذبية الأرض على القمر فتجذبه، فإن جاذبية القمر تشد الأرض وأسطحها المائية الكبيرة. والحاصل أن جاذبية القمر تجذب الماء الواقع مباشرة تحت القمر. أما على الجانب الآخر من الأرض فإن القمر يسحب جسم الأرض الصلب بعيدًا عن الماء، ونتيجة لذلك يتكون نتوءان في المحيطات والبحار يسميان مدًا عاليًا. ومع دوران الأرض ينتقل هذان النتوءان من الشرق إلى الغرب. ففي كل يوم يشهد كل مكان على الشاطئ مدين وجزرين
.
العُمر والتاريخ
يقدر عمر الأرض والرجوم التي سقطت عليها بأكثر من 4,5 بليون سنة. ويستدل العلماء من ذلك أن النظام الشمسي بأكمله ـ بما فيه القمر ـ قد تكون في نفس الوقت تقريبًا. وعلى كل حال، فلم يثبت أن عمر أي من الصخور القمرية التي أحضرها إلى الأرض رواد مركبة أبولو يزيد عن 4,2 بليون سنة. وقد حدد العلماء أن عمر بعض هذه الصخور لايقل عن ذلك باستخدام طريقة التأريخ بالبوتاسيوم ـ الأرجون. وتستخدم هذه الطريقة لأن الصخور تحتوي على البوتاسيوم 40 المشع بمعدل ثابت. ويقيس العلماء الكمية النسبية لكل من البوتاسيوم والأرجون في الصخور، ويستعملون هذه النسبة لحساب عمر الصخور.
والحقيقة أن عمر أقدم الصخور القمرية قد يزيد على 4,2 بليون سنة، وذلك لأن درجات الحرارة العالية قد تكون طردت غاز الأرجون الذي تكون في الصخور قبل نحو 4,2 بليون سنة. ويمكن لدرجات الحرارة أن تكون قد ارتفعت إلى تلك المستويات عن طريق القذف بالرجوم أو أية حوادث أخرى.
وقد تكونت معظم الفوهات الكبرى في المناطق المرتفعة من القمر عندما ضربت سطح القمر أجسام صلبة كبيرة.
ويعتقد العلماء أن ضرب سطح القمر حصل قبل حوالى 3,9 – 4,2 بليون سنة. وخلال هذه الفترة أيضًا، يحتمل أن تكون أجسام أخرى صلبة قد ضربت الأرض والكواكب الأخرى، ومع مرور الزمن أصبح عدد الأجسام في الفضاء أقل فأقل، وبذلك تناقص العدد الذي يضرب القمر تدريجيًا.
أما البحار (الماريا) فتكونت عندما انسابت الحمم البركانية فوق سطح القمر قبل نحو 3,3-3,8 بليون سنة. وطبيعة هذه البحار أكثر نعومة من المناطق المرتفعة، لأن الحمم البركانية غطت الفوهات القديمة في المناطق المنخفضة.
.
النظريات العلميّة
طوِّرت نظريات علمية لتفسير كيفية نشوء القمر، ولكنا نحتاج إلى المزيد من الاستكشافات العلمية قبل أن يُفك اللغز.
كان القمر فيما مضى أقرب كثيرًا إلى الأرض مما هو عليه الآن. ويحتمل أنه كان على مسافة 16,000كم تقريبًا من الأرض في بداية تاريخه. وأن الأرض أيضًا كانت تدور بسرعة تساوي عشرة أمثال سرعتها اليوم. ولايزال مدار القمر يكبر كلما دارت الأرض بسرعة أبطأ. وسبب هذه التغييرات هو الاحتكاك الناشئ من المد والجزر مما يبطئ سرعة دوران الأرض حول محورها ويجبر القمر على أن يتخذ مدارًا أكبر.
وفي عام 1879م اقترح العالم الرياضي الإنجليزي، جورج داروين، أن الأرض والقمر كانا جسمًا واحدًا. وحسب هذه النظرية المعروفة بنظرية الانفلات تكوَّن على الأرض، بعد تكوينها بوقت قصير، نتوء ضخم بفعل جاذبية الشمس. وكانت الأرض تدور بسرعة أكبر كثيرًا مما هي عليه اليوم، مما أدى في النهاية إلى أن ينفصل النتوء عن الأرض. ويشير بعض العلماء إلى احتمال أن تكون مادة النتوء قد أصبحت ساخنة جدًا وأنها تكسرت إلى قطع عديدة، ثم تجمعت هذه القطع فيما بعد لتكوين القمر.
أما النظرية الثانية، والمسماة بنظرية الأسر، فتُبين أن القمر كان كوكبًا منفصلاً اتخذ له مدارًا حول الشمس. وكلما مر عدد من السنوات أخذ القمر بالاقتراب من الأرض لتشابه مداريهما. وفي أثناء إحدى هذه الاقترابات تم أسر القمر داخل مجال الجاذبية الأرضية.
وتفيد النظرية الثالثة أن الأرض والقمر تكونا على هيئة كوكب مزدوج، يشبه إلى حد كبير نظام النجوم الثنائية المألوفة في مجرتنا. ويمكن أن تكون الفوهات الكبرى الموجودة في مرحلة مبكرة من تاريخ القمر قد تكونت نتيجة الاصطدام مع أقمار أخرى صغيرة كانت تدور حول الأرض أو مع كويكبات كانت تدور حول الشمس.
وتفترض النظرية الرابعة أن جسمًا كبيرًا من الفضاء اصطدم مع الأرض بعد أن تكوّن القلب الحديدي لها، ونتج عن أثر هذه الصدمة انفجار أدى إلى تطاير المادة الصلبة من القشرة الخارجية للأرض (الصخور بين القلب والسطح) في الفضاء. وبدأت هذه المادة المتطايرة بالدوران حول الأرض ثم التحمت في النهاية في جسم واحد لتكون القمر. ويقول مؤيدو هذه النظرية أن الصخور والمواد الأخرى التي اكتشفت على القمر تشبه تلك الموجودة على الأرض وأنه من الممكن أن تكون قد أتت من قشرة الأرض.