التصنيفات
العلوم الفيزيائية للشعب العلمية

النظائر و النظير

النظائر و النظير


الونشريس

النظائر : هي ذرات تحتوي أنويتها على نفس العدد من البروتونات ولكنها تختلف في عدد النيوترونات التي تحتويها . ويعني ذلك أن العدد الذري للعنصر الواحد لايتغير في حين يتغير عدده الكتلي . ويوصف العنصر في تلك الحالة بأن له عدة نظائر . وعموماً فإن لكل عنصر عدداً من النظائر قد يصل الى خمسين نظير بالنسبة للعناصر الثقيلة . والنظائر هي ترجمة لكلمة مشتقة من اللغة اليونانية ( isotopes ) أي نفس الموضع , ويدل ذلك المعنى على أن النظائر تقع في نفس المكان من الجدول الدوري للعناصر .
ولنظائر العنصر نفس الخواص الكيميائية , وعادة ما توجد العناصر الكيميائية في الطبيعة على هيئة مخاليط من نظائرها المتنوعة . وبعض النظائر لا توجد في الطبيعة بصفة عامة ولكنها تنتج صناعياً باستخدام المفاعلات والمعجلات النووية .

أنواع النظائر
تنقسم النظائر الى نوعين , يعرف النوع الأول بالنظائر المستقرة , بينما يعرف النوع الثاني بالنظائر غير المستقرة أو النظائر المشعة .
ويبلغ عدد النظائر المستقرة حوالي 300 في حين أنه قد تم الإنتاج الصناعي لما يزيد عن 1500 نظير مشع حتى الآن , وهناك 21 عنصراً متواجد طبيعياً في صورة نقيةأي بدون أية نظائر . وتنقسم النظائر المشعة الى نظائر طبيعية موجودة في الطبيعة منذ خلقها الله سبحانه وتعالى وأخرى صناعية تمكن الإنسان من إنتاجها ليستخدمها في الأغراض المختلفة .

إنتاج النظائر المشعة

يتم إنتاج النظائر المشعة المختلفة عن طريق تعريض ( أي تشعيع ) النظائر المستقرة لسيل من الجسيمات النووية كالنيوترونات أو البروتونات
أو الديوترونات ( الديوترون عبارة عن نواة تتكون من بروتون ونيوترون ) أو جسيمات ألفا أو غيرها . وتستخدم لهذا الغرض المفاعلات النووية أو مولدات النيوترونات كمصدر للنيوترونات في حين تستخدم المعجلات النووية كمصدر للجسيمات المشحونة كالبروتونات والديوترونات وجسيمات ألفا وغيرها .
يتم إنتاج النظائر المشعة بواسطة مايلي :

المفاعلات ومولدات النيوترونات

تتكون النظائر المشعة عند التشعيع بالنيوترونات من خلال التفاعل المعروف باسم تفاعل الأسر النيوتروني حيث تأسر النواة المستقرة ( النواة الهدف ) أحد النيوترونات الساقطة عليها فتتكون نواة النظير الجديد .
ومن امثلة هذا التفاعل أسر نواة الصوديوم 23 المستقر للنيوترون وتكون الصوديوم 24 المشع , وأسر نواة الفسفور 31 المستقر للنيوترون مكونة نواة الفسفور 32 المشع , وكذلك أسر نواة الكوبلت 59 المستقرة للنيوترون وتكون الكوبلت 60 المشع .
ويتم إنتاج عدة مئات من النظائر المشعة المختلفة بالتشعيع النيوتروني لنظائر مستقرة . ومن أمثلة النظائر المنتجة بهذا الأسلوب ( الصوديوم 24 , الفسفور 32 , الكروم 51 , الكوبلت 60 , البروم 82 , الفضة 111 , اليود 125 , اليود 131 , الزئبق 197 الذهب 198 ) وغيرها .
كذلك تستخدم التفاعلات النووية المستحثة بالنيوترونات والتي تنطلق عنها جسيمات مشحونة مثل البروتونات أو جسيمات ألفا أو غيرها في الحصول على العديد من النظائر المشعة . ومن الأمثلة على ذلك تجهيز نظير الصوديوم 24 المشع نتيجة قصف المغنيسيوم 24 بالنيوترونات وأسرها وانطلاق البروتون طبقاً للتفاعل الآتي :

مغنيسيوم 24 + نيوترون ———–> صوديوم 24 + بروتون
وتنتج عشرات النظائر المشعة باستخدام التفاعلات النووية المستحثة بالنيوترونات والتي تنتج عنها انطلاق جسيمات مشحونة .
وفضلاً عن ذلك يستخدم التفاعل الإنشطاري للحصول على عدد من النظائر المشعة . فعند تعرض المواد الإنشطارية أو القابلة للإنشطار للنيوترونات تنشطر المادة الإنشطارية أو القابلة للإنشطار تحت ظروف معينة الى نواتين جديدتين متوسطتي الكتلة . ويتم إنتاج عدد من النظائر المشعة نتيجة لانشطار نوى اليورانيوم والثوريوم بالنيوترونات . ومن أمثلة النظائر المنتجة بهذا الأسلوب ( المولبيبدينيوم 99 , الفضة 111 ) وغيرها .
وتعد مفاعلات الأبحاث متوسطة القدرة والتي يتراوح الفيض النيوتروني فيها بين (100000000000 و 100000000000000 نيوترون/ سم2. ثانية) من أنسب المفاعلات لإنتاج معظم النظائر المشعة من خلال التشعيع النيوتروني .
وتعد المفاعلات من نوع البركة السابحة ( Swimming Pool Reactors )
والمفاعلات المشابهة من أكثر المفاعلات ملاءمة لإنتاج النظائر حيث تتميز تلك المفاعلات بسهولة عمليات إدخال وإخراج العينات الخاضعة للتشعيع وبالتالي سهولة التحكم في زمن التشعيع الذي يعد من العناصر الهامة في عملية إنتاج النظائر . إلا أنه في حالة انتاج النظائر المشعة ذات النشاط النوعي المرتفع اللازمة لعمليات التعقيم والعلاج وبعض الأغراض الصناعية الأخرى فإن الأمر يتطلب وجود مفاعلات يصل فيها الفيض النيوتروني الى (1000000000000000 نيوترون/ سم2. ثانية) بل وأكثر من ذلك .
وفي بعض الأحيان تستخدم مولدات النيوترونات بدلاً من المفاعلات كمصدر للنيوترونات , وتعطي المولدات عدداً من النيوترونات يصل الى حوالي ( 10000000000 – 100000000000نيوترون/ ثاتية ) لذا فإنه يمكن استخدام هذه المولدات في تشعيع النظائر المستقرة التي تتميز بمقطع عرضي كبير للتفاعل . ومعنى المقطع العرضي للتفاعل هو احتمال حدوث هذا التفاعل عند سقوط جسيم واحد على نواة هدف واحدة موجودة في وحدة المساحة .

المعجلات
تنتج العديد من النظائر المشعة بقصف النظائر المستقرة بحزمة من الجسيمات المشحونة المسرعة في المعجلات النووية لطاقة تتراوح ما بين 10 الى 40 م.أ.ف تبعاً لنوع النظير وللمقطع العرضي للتفاعل المعين .
ويعد معجل السيكلوترون متغير الطاقة من أنسب المعجلات لإنتاج أكبر عدد من النظائر المشعة باستخدام عملية قصف النظائر المستقرة بالجسيمات المشحونة . ولزيادة معدل الإنتاج ينبغي أن يتميز المعجل بتيار كبير من الجسيمات المشحونة بحيث يصل الى حوالي 100 ميكرو أمبير بل ويزيد وذلك لإمكانية الحصول على النظائر التي تتميز المقاطع العرضية المؤدية لها بقيم صغيرة .
وتجدر الإشارة الى أنه يمكن إنتاج مئات العينات من نفس النظير أو من النظائر المختلفة في آن واحد داخل المفاعل وذلك بوضع جميع العينات المراد تشعيعها داخل المفاعل في نفس الوقت . إلا أنه بالنسبة للمعجلات لا يوجد سوى حزمة واحدة من الجسيمات المعجلة يتم توجيهها للنظير المستقر المطلوب تحضير نظير مشع منه .
يندر استخدام النظائر المشعة المنتجة على المعجلات إلا في حالات الضرورة كعدم ملاءمة الخصائص النووية للنظير المنتج في المفاعل للدراسة أوعدم إمكانية أنتاج النظير المطلوب في المفاعل أو بُعد المفاعل عن المكان الذي سوف يستخدم فيه النظير المشع خاصة إذا كان النظير من النوع ذي العمر النصفي القصير .
ومن النظائر التي تنتج باستخدام المعجلات ( الصوديوم 22 , المنجنيز 52 , الكوبلت 57 , الزنك 65 , الجاليوم 67 )

مراحل إنتاج النظائر

تمر عملية إنتاج النظائر بمراحل عديدة . وتعني المرحلة الاولى بإعداد النظير المستقر المطلوب تشعيعه بحيث يكون على درجة عالية من النقاوة . ويعبأ النظير سواء كان في شكل منفرد أو في شكل مركب كيميائي داخل وعاء التشعيع الذي ينبغي أن يستوفي بعض المتطلبات , ويوفر وصول الجسيمات فيه المساهمة في التفاعل الى النظير المستقر الموجود داخله .
وتتم بعد ذلك عملية التشعيع سواء في المفاعل أو على المعجل وتستمر لفترات متفاوتة تفاوتاً كبيراً تبعاً لنوع النظير وللمقطع العرضي للتفاعل وللنشاط الإشعاعي اللازم . وقد تستمر عملية التشعيع لدقائق محدودة كما قد تمتد لعدة أيام بل لعشرات الأيام .
وبعد التشعيع داخل المفاعل أو على المعجل تبدأ مرحلة المعالجات المختلفة للنظير المشع . وتتضمن هذه المرحلة عمليات فصل النظير المشع عن النظير المستقر الذي تبقى بعد التشعيع أو عن النظائر الأخرى التي تتكون كعمليات جانبية . ويتم في نهاية هذه المرحلة الحصول على النظير المشع المطلوب في الصورة الكيميائية المناسبة للإستخدام للغرض المعين وبالنقاوة المطلوبة . وقد يتطلب الأمر إجراء بعض عمليات التعقيم للنظير المشع في الحالات التي يستخدم فيها النظير داخلياً للأغراض الطبية . وفي نهاية المرحلة تجرى العمليات الخاصة باختيار جودة المنتج وتحديد مدى صلاحيته للإستخدام وتحديد الشدة الإشعاعية النوعية له وتعبئته في العبوات الملائمة ووضعه داخل الدروع الإشعاعية الواقية وغير ذلك من الأعمال الأخرى .
وهكذا فإنه لتنفيذ برنامج متكامل لإنتاج النظائر المشعة يتطلب الأمر توفر قاعدة تقنية تقوم على مفاعل أبحاث متوسط القدره ومعجل متغير الطاقة للجسيمات المشحونة تصل طاقته الى حوالي ( 30 – 40 م .إ.ف ) ويصل تيار حزمة الجسيمات فيه الى حوالي 100 ميكرو أمبير .
وفضلاً عن ذلك يتطلب الأمر توفر بعض الوحدات الرئيسة الأخرى التي تعني بإعداد المادة المطلوب تشعيعها وتنفيذ عمليات الفصل والمعالجات الكيميائية والتقنية وإجراء اختبارات الجودة والصلاحية وإجراء القياسات الإشعاعية وتنفيذ الدروع وغير ذلك من الأعمال المرتبطة بالإنتاج .

استخدامات النظائر المشعة

تستخدم النظائر المشعة في المجالات الصناعية والعلمية والطبية والزراعية . فهي تستخدم في حل مشكلات القياس وفي ضبط جودة الإنتاج الصناعي وتحويل المواد وفي دراسة التفاعلات الكيميائية . كما تشمل مجالات استخدام الإشعاعات النووية والنظائر المشعة نواح أخرى كالكشف عن الجريمة ودراسة البيئة وتحديد أعمار الأثريات .
وفي وقتنا الحالي تستخدم النظائر المشعة في عدة مجالات زراعية تستهدف زيادة الدخل الزراعي وتنمية المحاصيل وحفظها , وزيادة إنتاجية الأرض الزراعية واستنباط أنواع جديدة من المحاصيل الزراعية المحتوية على نسب أكبر من البروتينات . وتساهم تقنيات التشعيع باستخدام النظائر المشعة في إنتاج محاصيل لها القدرة على مقاومة الآفات الزراعية وتحمل التقلبات الجوية . كما تستخدم تلك التقنيات في زيادة إنتاجية اللحوم والألبان في الطيور والحيوانات الداجنة , وفي منع وتقليل التلف الناتج عن تخزين المحاصيل .
وتفيد التقنيات الإشعاعية كذلك في تحديد مصادر المياه الصالحة للري واستخدامها بكفاءة عالية , وفي تحديد كيفية امتصاص النباتات للأسمدة , مما يساعد على التوصل الى أفضل الظروف الملائمة للتنمية الزراعية . وتضاف بعض النظائر المشعة القابلة للذوبان في الماء الى السماد ثم يتتبع النشاط الإشعاعي لتلك النظائر بعد أن يمتصها النبات وبذلك يمكن تحديد كمية السماد اللازمة للنبات بالإضافة الى أفضل المواضع التي يوضع فيها تحقيقاً لأكبر قدر من الإمتصاص وتقليلاً لتكلفة الإنتاج الزراعي .
وقد ثبت أن تشعيع المواد الغذائية الزراعية يساهم في حفظها من التلف , فإذا تعرضت تلك المنتجات الى جرعات إشعاعية معينة فإنها تصبح قادرة على البقاء صالحة لمدة أطول دون أن تتسبب في أية أضرار صحية للبشر أو الحيوانات بعد تناول تلك الأغذية .

ويساعد التشعيع في حفظ وإطالة مدة تخزين البصل والبطاطس والبقوليات والحبوب والفاكهة والأسماك واللحوم والدواجن .

إستخدام التشعيع لمنع تزريع البصل

وتتمثل عملية استخدام النظائر المشعة لتتبع الأثر في إضافة قدر ضئيل من نظير مشع ثم متابعة طريقة إنتشاره وتوزعه بتتبع أثره .
وتستخدم تلك العملية في العديد من المجالات الصناعية كالتهوية ودراسة معدل التدفق والكشف عن تسرب السوائل والغازات من خطوطها وخزاناتها , وفي تحديد نوعية اللحام والكشف عن وجود أية فقاعات غازية بها .
تستخدم الإشعاعات المنبعثة من النظائر المشعة في التصوير الإشعاعي بإشعاعات جاما , التي حلت محل الأشعة السينية حيث يمكن عمل مصدر من الكوبلت أو السيزيوم المشع , واستخدامه بكفاءة أعلى كثيراً من كفاءة الأشعة السينية لاختبار الأنابيب الطويلة حيث أصبحت تلك الطريقة هي المعتمدة لاختبار أنابيب خطوط الغاز والزيت . وبتعرض المطاط لأشعة جاما فإنه يكتسب خصائص جديدة ويصبح أفضل مرونة وأكثر سهولة في عمليات التشكل . وتستخدم إشعاعات جاما حالياً في صناعة الكابلات المعزولة بالمطاط وفي لحام شرائح المطاط مع بعضها . ويتميز المطاط المعرض لأشعة جاما بمقاومة أكبر للكهرباء مما أدى الى صغر سمك عازلات الأسلاك .
وقد ثبت أن إشعاعات جاما تساعد على إتمام بعض التفاعلات الكيميائية الصناعية مثل تفاعلات إنتاج الطلاءات المعدنية وطلاءات السيارات وفي إنتاج البلاستيك وفي المواصفات الخاصة بالأسمنت المسلح لإنتاج مواد شديدة الصلابة . تستخدم النظائر المشعة ايضاً في التأكد من ملء العبوات والمعلبات كمعلبات المشروبات والسوائل . وتستخدم أشعة جاما كذلك في تحسين خواص الأخشاب وإكسابها قساوة أكبر وقدرة أعظم في مقاومة الخدش والإحتراق . وتستخدم الإشعاعات في الوقت الحالي أيضاً في عمليات اكتشاف آبار البترول ومناجم الحديد والنحاس والنيكل والرصاص والزنك والفحم . كما تستخدم النظائر المشعة حالياً في تصنيع البطاريات الكهربية عالية القدرة وطويلة العمر الذي قد يصل الى عشرات السنين دون الحاجة لأية عمليات صيانة . وأساس عمل تلك البطاريات هو تحويل الطاقة الحرارية الناتجة عن تفكك النظير المشع الى طاقة كهربية . ولهذا الغرض تستخدم النظائر المشعة ذات العمر النصفي الطويل مثل ( البلوتونيوم 238 والكوبلت 60 ) . وتستخدم تلك البطاريات في الأقمار الصناعية ومحطات الأرصاد الجوية . وفي الوقت الحالي تستخدم بطارية لاتزيد عن 30 جم في الوزن كمصدر تغذية لجهاز تنظيم ضربات القلب .

الإستخدامات الطبية للنظائر المشعة

التشخيص

التشخيص بحقن المواد المشعة

يتم تشخيص العديد من الأمراض والقصور في وظائف الأعضاء عن طريق حقن نظائر مشعة معينة الى داخل الجسم البشري أو لعضو معين , ويتم بعد ذلك متابعة سلوك وانتشار المادة المشعة في الجسم وتركيزها في الأعضاء المختلفة , وعادة ما تكون النظائر المشعة المستخدمة للحقن هي التي تصدر إشعاعات جاما التي تتميز بقدرة كبيرة على اختراق المواد وبالتالي اختراق الأنسجة والأعضاء البشرية , ويتم متابعة سلوك النظير المشع المحقون وانتشاره في الجسم البشري عموماً وفي الأعضاء المختلفة عن طريق رصد الإشعاعات الصادرة عن النظير في الأعضاء والأنسجة البشرية المختلفة وذلك باستخدام مجس أو كاشف مخصص للكشف عن هذه الإشعاعات يمكن توجيهه الى نقاط الجسم المختلفة وتصوير الإشعاعات الصادرة في لحظات معينة .
يسمى الجهاز المستخدم للكشف عن الإشعاعات الصادرة عن النظائر المشعة في أعضاء الجسم المختلفة بآلة تصوير جاما .
يوجد حالياً ما يقرب من ثلاثمائة من المواد الصيدلية المشعة التي تستخدم في تشخيص مختلف الأمراض , وهي في معظمها مركبات عضوية وتتوفر في الأسواق ويمكن الحصول عليها بسهولة , ولتقليل الجرعة الإشعاعية المستخدمة في التشخيص تستخدم نظائر مشعة ذات عمر نصفي قصير بحيث تكون لها القدرة على التفكك الى عناصر مستقرة خلال دقائق أو ساعات محددة , ويستخدم هذا النوع من المركبات في تشخيص وتحليل وظائف الكبد والدماغ والرئة والقلب والكلى وغيرها , فمثلاً يستخدم اليود المشع في الكشف عن عيوب الغدة الدرقية .

قياس حجم الدم

تستخدم النظائر المشعة في قياس أحجام السوائل التي لا يمكن قياس أحجامها بالطرق العادية , فمثلاً يمكن قياس حجم البلازما أو الخلايا الحمراء اللذين يمثلان أهمية للطبيب حسب الحالة المرضية , ولقياس حجم البلازما تستعمل عينة من زلال آدمي موسوم باليود 131 المشع , أما في حالة قياس الخلايا الحمراء فتستعمل عينة من هذه الخلايا مضافاً اليها الكروم 51 المشع , وتوضع المادة الموسومة في العينة ويستخدم كاشف مناسب لتقدير كمية الإشعاع المحتواة , وبعد ذلك يتم حقن العينة بما فيها من المادة الموسومة في أحد الأوردة , ثم ينتظر بعض الوقت حتى يتم الإتزان باختلاط العينة التي حقنت اختلاطاً جيداً مع سائر الدم ,بعدها تؤخذ عينة من الدم , ويتم مقارنة كمية الإشعاع في عينة الدم الذي تم أخذها بعد فترة الإتزان مع كمية الإشعاع المضافة اولاً , وبذلك يمكن حساب الحجم الكلي للدم , اما خلايا الدم الحمراء أو البلازما فتوجد أجهزة آلية مبرمجة تقوم بقياس الإشعاع وإجراء الحسابات وعرض النتائج , ويتميز هذا النوع من الأجهزة بسهولة استعماله مما يجعله مفيداً في حالة الطوارئ والعمليات .

التصوير بالإنبعاث البوزيتروني

تعتمد نظرية هذا النوع من التصوير على استعمال ظاهرة فناء البوزيترون عند تفاعله مع الإلكترون بعدما يفقد طاقته مما يؤدي الى إنبعاث فوتونين ينطلقان في اتجاهين مختلفين , وتبلغ طاقة كل فوتون 511 كيلو الكترون فولت , ويوضع حول المريض كاشف للإشعاعات عبارة عن كاشف ومضي , وعند حدوث تحول نووي عند نقطة ما داخل المريض ينبعث فوتونان يسجلان في نفس الوقت , وكنتيجة لتسجيل الجسيمات المختلفة يتم إعاة رسم صورة لتوزيع النشاط الإشعاعي داخل المريض , وتتطلب آلة التصوير البوزيترونية ( بوزيترون كاميرا ) توفير النظائر المشعة المصدرة للبوزيترونات التي عادة ما يتم إنتاجها باستخدام معجل السكليترون .
ولما كان عمر النصف لمعظم هذه النظائر المستخدمة في التصوير البوزيتروني قصير فإن هذا يتطلب وجود السيكليترون داخل المستشفى .

العلاج

تستخدم الإشعاعات والنظائر المشعة استخداماً واسعاً في علاج بعض الأمراض مثل علاج السرطان والأورام الأخرى , فمن المعلوم أن الإشعاع يتلف الخلايا الحية ويقتلها مما يساعد على استخدامه لقتل الخلايا السرطانية ووقف نموها , غير أن الجرعات الإشعاعية التي تؤدي الى قتل الخلايا السرطانية يمكنها أن تؤدي في نفس الوقت الى قتل الخلايا السليمة فتتأثر بالإشعاع إلا أن هذه الخلايا تشفى بعد ذلك .

التعقيم والحفظ

أصبح تعقيم الأدوات الطبية والصيدلية والعقاقير بالإشعاعات أمراً واسع الإنتشار , وقد تفوقت الطرق النووية للتعقيم على نظائرها التقليدية لما لهذه الطرق من مزايا عديدة فضلاً عن أنها الطريقة الوحيدة بالنسبة لأنواع معينة من العقاقير والأدوات الطبية لعدم ملاءمة طرق التعقيم التقليدية لها .
يجرى التعقيم في الوقت الحالي باستخدام مصادر مشعة عالية الشدة ( كالسيزيوم 137 و الكوبلت 60 ) وتبلغ الشدة الإشعاعية للمصادر المستخدمة عدة آلاف من الكيوري .

النظير إحدى ذرتين أو أكثر لعنصر معين، تختلف في الوزن الذري بسبب أن نواها الذرية تتضمن أعدادًا متباينةً من النيوترونات. وبعض العناصر كالألومنيوم والفلور والذهب والفوسفور ليس لها إلا نظير واحد موجود في الطبيعة. وكل ذرات هذه العناصر لها الوزن نفسه.
ومعظم العناصر لها بضعة نظائر موجودة في الطبيعة. فالهيدروجين على سبيل المثال، له ثلاثة نظائر. ويسمى أخف نظيرٍ من نظائر الهيدروجين البروتيوم، وهو النظير الأكثر توافرًا، وعدده الكتلي 1، أي أن نواة الذرة تتضمن جسيمًا واحدًا لاغير. هذا الجسيم هو بروتون وله شحنةٌ موجبة. أما النظير الثاني فيسمى الديوتريوم وعدده الكتلي 2. وتتضمن نواة ذرة الديوتريوم جسيمين ـ بروتون ونيوترون. والأخير متعادل كهربيًا وله كتلةٌ تساوي في معظم الحالات كتلة البروتون. أما أثقل نظائر الهيدروجين، وهو التريتيوم، فعدده الكتلي يساوي 3، وهو مشع. وتتضمن نواة هذه الذرة ثلاثة جسيمات: بروتونا ونيوترونين.
يحدد عدد البروتونات في نوى ذرات عنصر من العناصر العدد الذري للعنصر. فالعدد الذري للهيدروجين يساوي واحدًا. ولانجد لعنصرين من العناصر العدد الذري ذاته. فكل عنصرين متتاليين، تتضمن نواة العنصر الأثقل منهما بروتونًا واحدًا أكثر. فاليورانيوم، وهو أثقل عنصر موجود في الطبيعة بكميات تذكر، له 92 بروتونًا، ولذا فإن عدده الذّري 92. وكل نظائر عنصر من العناصر تتضمن العدد نفسه من البروتونات، إلاّ أنها تتباين في عدد النيوترونات. وهكذا فإن العدد الكتلي لنظير يساوي عدد البروتونات زائدًا عدد النيوترونات.
يستخدم العلماء رموزًا في تعيين النظائر، فبالنسبة لليورانيوم (الرمز الكيميائي: U)، يتعين النظير ذو العدد الكتلي 235 بكتابته 235U. ولما كانت كافة ذرات أي عنصر لها العدد الذري نفسه، لذا يمكن حذفه فيكتب: 235U، كما يمكن كتابته: U -235.
تمتاز بعض العناصر بأن لها نظائر كثيرة في الطبيعة. فالقصدير مثلاً، له عشرة نظائر. وأخف نظائر القصدير هو 112 Sn، والنظير الأثقل هو 124 Sn. أما النظير الأكثر وفرة من نظائر القصدير، فهو 120 Sn، إذ يشكل نحو ثلث العنصر. ويعد النظير 115 Sn أقلها وفرة، فهو يشكل 0,34% فقط، من ذرات القصدير. وتتساوى نسب النظائر المختلفة ـ باستثناء حالات قليلة معينة ـ في عينة أي عنصر من العناصر، بغض النظر عن مصدر العينة، وذلك لأن النظائر المختلفة لأي عنصرٍ لها ـ في الغالب ـ الخصائص الكيميائية ذاتها.

النظائر المشعّة. يوجد في الطبيعة أكثر من 270 نظيرًا ثابتًا، ونحو 50 نظيرًا آخر مشعا، بما فيها نظائر اليورانيوم والراديوم. وتسمى هذه النظائر التي تقذف جسيمات أو أشعة نظائر مشعة.
وكل العناصر التي هي أثقل من البزموت (عدده الذري 83) مشعة. وتنحل (تتفكك) هذه الذرات المشعة وتتحول إلى نظائر لعناصر أخرى أخف وزنًا. فهي تنتمي إلي ثلاث سلاسل انحلال مشعة تبدأ بـ 238 U و235 U و232 Th. وتنحل هذه الذرات الثقيلة إلى نظائر مختلفة، وتستمر هكذا حتى تتحول إلى نظائر الرصاص المستقرة الثابتة. أما السرعة التي تنحل بها النظائر المشعة فتقاس بنصف العمر، أو بالوقت اللازم حتى تنحل ذرات عينة ما إلى النصف. ولكلِّ نظير نصف عمر معين. وبعض النظائر في السلاسل المشعة تنحل ببطء. فنظير الراديوم 226Ra مثلا، له نصف عمر يصل إلى 1,600 سنة. وبعض العناصر الأخرى تنحل بسرعة فائقة، حتى أن أنصاف أعمار بعضها يساوي جزءًا صغيرًا من ثانية. ويمكن للنظائر ذات أنصاف الأعمار القصيرة أن توجد في الطبيعة. فهي تتكون باستمرار عن طريق الانحلال الذي يحصل للنظير الأم الأثقل في السلاسل.
ويوجد قليل من النظائر المشعة المتناثرة التي لا تنتمي إلى السلاسل، بين العناصر الأخف من البزموت. من هذه العناصر عنصر البوتاسيوم -40، والروبيديوم -87، والسمريوم -146، واللوتيتيوم -176، والرينيوم -187.

فصل النظائر. طّور العلماء في مطلع الأربعينيات من القرن العشرين، خلال الحرب العالمية الثانية، طرقًا لفصل كمياتٍ ضخمة من نظائر متنوعة. وقد أجدى، بوجه خاص، فصل نظائر اليورانيوم ونظائر الهيدروجين. فاليورانيوم 235 U، على سبيل المثال، فصل من اليورانيوم 238 U المتوافر بكميات أكثر، وذلك للاستخدام في القنابل الذرية وفي مفاعلات نووية مختلفة. وبالمقابل كان لابد من فصل الديوتريوم 2H، من النظير الهيدروجين الخفيف 1H الوفير، وذلك للاستخدام في بحوث الاندماج الهيدروجيني وفي أغراض أخرى.
وتستند طرق فصل الديوتريوم من الهيدروجين الخفيف إلى حقيقة مفادها أن الديوتريوم أثقل من الهيدروجين الخفيف مرتين. وتتوقف سرعة تفاعل كيميائي على كتلة العنصر. والفرق النسبي بين كتلتي نظيري الهيدروجين كبير. وعليه فإن تفاعلاً يدخل فيه الديوتريوم يتم بسرعة مختلفة عن سرعة تفاعل يدخل فيه الهيدروجين الخفيف. وقد استفاد العلماء من هذا المبدأ ففصلوا الديوتريوم من الهيدروجين بمقدار كبير. وهم ينتجون كميات كبيرة من الديوتريوم في كل عام. والفرق النسبي في الكتلة بين البورون 10 والبورون 11 أيضًا كبير، ويكفي لاستخدام طريقة الفصل هذه.
أما الفرق النسبي في الكتلة بين نظائر اليورانيوم المختلفة فصغير، مما اضطر العلماء إلى استخدام طرق أخرى في فصلها. وأكثر هذه الطرق نجاحًا هي الطريقة المسماة بالانتشار الغازي. وتستند هذه الطريقة إلى حقيقة مفادها أن جزيئًا ثقيلاً في غاز ما، يتحرك أبطأ نوعاً ما من جزىء أخف. ونتيجة لذلك فإن جزيئا يتضمن النظير الأخف، في مركب غازي يحتوي على اليورانيوم، سوف تنفذ عبر الثقوب الدقيقة في صفيحة مسامية بيسر وسهولة أكثر من النظير الأثقل. وإذا أعيدت هذه العملية بضع مئات من المرات على نسق واحد، انفصلت النظائر بعضها عن بعض. وهكذا تفصل المختبرات الضخمة كميّات كبيرة من نظائر اليورانيوم وفقًا لهذه الطريقة.
ومن الممكن الحصول على نظائر نقية لمعظم العناصر، بكمياتٍ صغيرة للأغراض البحثية التجريبية. يحصل على هذه النظائر بطريقة أخرى، يمكن أن تحّور لتكون ملائمة الاستعمال بالنسبة لعناصر كثيرة. يؤين التفريغ الكهربائي بخار العنصر أو بخار مركب يتضمن العنصر، وينسلخ خلال التأيين أحد الإلكترونات التي تدور حول نواة الذرة. وبذا يترك الذرة التي تكتسب شحنة موجبة.
يسرِّع حقل كهربائي الذرات المشحونة التي يقال لها أيونات، إلى طاقة معينة. وتولّد هذه العملية حزمة من الأيونات لها الطاقة نفسها. أما إذا عطف حقل مغنطيسي الحزمة الأيونية، فإن الأيونات المتباينة في الكتل تنفصل بعضها عن بعض في دوائر تختلف في أنصاف أقطارها، حيث تتألف كلٌّ دائرة من نظير مختلف عن نظائر العنصر الأخرى. أما العملية فتتم في وعاء أُفرغ من الهواء. وقد استخدم علماء الولايات المتحدة هذه الطريقة خلال الحرب العالمية الثانية وذلك لفصل نظائر اليورانيوم. وعمومًا، فإن طريقة الانتشار الغازي أقل تكلفة. وهناك طريقة مشابهة إلى حد ما تسمى التنظير الطيفي الكتلي، تستعمل في قياس الوفرة النسبية للنظائر الموجودة في الطبيعة، وتستخدم كذلك في تحديد كتل النوى تحديدًا محكمًا. وقد استخدم عدد من طرق أخرى في فصل النظائر.

النظائر المشعة صناعيًا. تمكّن العلماء من إنتاج كثير من النظائر المشعة صناعيًا. وهي ليست موجودة في الطبيعة، ولو وجدت لانحلت منذ زمن بعيد. يمكن إنتاج هذه النظائر صناعيًا، إما في السيكلوترونات، وغيرها من الأجهزة المسرِّعة للجسيمات، أو في المفاعلات النووية. ويمكن للعلماء ـ مثلاً ـ أن يقذفوا نظيرًا من نظائر الصوديوم 23 Na بديوترونات ذات طاقة عالية في السيكلوترون. والديوترون جسيم مكون من بروتون ونيوترون، وإذا اصطدم بذرة صوديوم 23Na، حدث تفاعل نووي، يغدو فيه النيوترون جزءًا من نواة الذرة، وينطرح بروتون منتجا 24Na. كذلك تصنع النظائر المشعة بتعريض العناصر في مفاعل نووي إلى عدد ضخم من النيوترونات. فذرات الصوديوم 23Na، على سبيل المثال تقتنص نيوترونات من المفاعل وتتحول إلى 24Na. ويؤدي انشطار (أو انفلاق) اليورانيوم إلى نشوء أكثر من 450 نظيرًا مشعًا، وأكثر من 100 نظير ثابت مستقر.
وقد تمكن العلماء من إنتاج نحو 1,700 نظير مشع، شملت كافة العناصر. واليوم يوجد للعديد من العناصر 15 نظيرًا صناعيًا أو أكثر.
كذلك أمكن إنتاج كل العناصر التي لاتوجد في الأرض. ومن هذه العناصر التكنيتيوم والبروميثيوم اللذان يوجدان في بعض النجوم ـ والعناصر 93 إلى 112، وهي ماتعرف بعناصر ما فوق اليورانيوم.
ولهذه العناصر المشعة أنصاف أعمار قصيرة، ولهذا اختفت من الأرض بالانحلال إلى عناصر أخرى. وقد شذ البلوتونيوم عن ذلك، فقد وجد العلماء كميات قليلة جدًا من نظير البلوتونيوم 244Pu في الأرض.

استخدام النظائر المشعة. للنظائر المشعة استخدامات مهمة في العلم والصناعة. ولأنها مشعة، فإن كشفها سهل، حتى ولو كانت بكميات صغيرة جدًا. فهي تتفق كيميائيًا مع بقية نظائر العنصر نفسه، وعليه يمكن أن تحل محل النظائر الشائعة في التفاعلات الكيميائية. ولذلك يمكن استخدامها في دراسة تفاصيل تفاعل كيميائي أو تفاعل حيوي. فالكيميائيون الحيويون مثلا، يستخدمون الكربون المشع في تتبع مسار ذرات الكربون في عملية التركيب الضوئي في النباتات الخضراء. وهم يكشفون الجسيمات والأشعة المنبعثة من الذرات المشعة بوساطة أجهزة مثل عداد جايجر، ومطياف أشعة جاما والعدادات النسبية.
وتستخدم النظائر المشعة في الطب النووي على نطاق واسع، حيث تستخدم فيه المواد المشعة لدراسة وتشخيص وعلاج أمراض معينة. كذلك تستخدم النظائر المشعة في مختلف أنواع الدراسات البيئية وبخاصة الدراسات المهتمة بالإشعاع النووي.
هذا وغالبًا ما تستعمل النظائر المشعة في الصناعة في قياس سُمْك المواد، إذ تمتص الأشعة المنبعثة عن نظائر مشعة جزئيًا خلال مرورها عبر المواد. ثم تستخدم كشافات الأشعة في قياس كثافة الأشعة التي مرت عبر المواد. ويبين الاختلاف في كثافة الأشعة الفرق في شحن مادة هي قيد المعاينة.




اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.