فى كل مناسبة و بعد كل حدث هام و مؤثر , هناك من يرى مؤامرة خفية يحيكها أشخاص لا نعرفهم … او نعرف فقط من يمثلونهم … المتآمرون هم المسؤولون عن كل المصائب فى العالم على مر التاريخ … وعلينا الإعتراف بأننا … فى وقت ما … تدور فى رؤوسنا فكرة " انهم يخفون شيئاً عنا " !
نظرية المؤامرة هى احدى الوسائل التى تعتمد عليها مجموعة من الأفراد … أو شعب من الشعوب … فى رفض الواقع … فكل المشكلات التى نعانى منها – حسب المؤمنون بهذه النظرية – سببها آخرون … الكل يتآمر علينا وكل ما يحدث لنا سببه " هم " بهذه الطريقة … نجد ان النظرية تحولت الى عامل سلبى … فبدلاً من العمل على تغيير الواقع و بدلاً من أن نحاول حل المشكلات … فنحن و غيرنا نأخذ الطريق السهل : لا يمكننا تغيير شىء … فالكل يتآمر علينا … و للأسف … فإن شعوبنا العربية من أكثر المتشبثين بوجود " المؤامرة " خصوصاً السياسة منها … لهذا نجد التغيير بطيئاً فى منطقتنا … إن لم نقل أنه معدوم بالكامل …
من جانب آخر … هناك نظريات مؤامرة خاصة بالعديد من الأحداث التى نعيشها و بالكثير من الحقائق التى نعتقد بصحتها دون شك … هناك من يشكك فى العديد من الإنجازات العلمية التى حققها البشر … و هناك من يؤمن بأن الكثير من الحقائق لا تزال خفية " لأنهم " لا يريدون أن نعرفها …
– مصدر الأمراض القاتلة
أصحاب النظرية يقولون أن كل الأمراض الخطيرة التى نعرفها اليوم ( الإيدز و الإيبولا و غيرها ) لم تصل الى البشر من القرود " بمعجزة " كما يحاول العلماء أن يقنعوننا … حسب هذه الإفكار … الأمراض جاءت من بعض المختبرات العلمية التى كانت تعمل على تطوير أسلحة كيميائية .
كيف وجدت هذه الفيروسات الطريق الى خارج المختبرات ؟ الخطأ البشرى …
النظرية الأكثر تطرفاً هى أن العلماء أنفسهم قاموا بتسريب هذه الفيروسات لوضع حد للنمو السكانى الهائل فى دول العالم الثالث …
المتآمرون هنا هم أفراد ( علماء , موظفون , تقنيون ) و حكومات ( اعطت موافقتها على التنفيذ ) …
– وفاة ديانا
تتخطى نظرية المؤامرة الشؤون التى لها علاقة مباشرة بمصير البشرية الى أحداث فردية … ففى حالة وفاة الأميرة ديانا … نجد من يعتقد بأن الوفاة كانت جريمة تم تدبيرها و التخطيط لها فى القصر الملكى البريطانى أو فى مركز المخابرات البريطانية … بعد التحقيقات الأزلية التى تمت من قبل السلطات الفرنسية … و بعد نتائج التحقيق المطول الذى قام به فريق من المحققين البريطانيين و الذى اعلنت نتائجه مؤخراً … لم تكن هناك أية مؤامرة من أى نوع و أن ما حدث لم يتجاوز كونه حادث مرورى مؤسف …
– محرك يعمل بالماء
هنا نجد من يؤمن بأن هذا الإختراع … الذى من الممكن أن يغير أسس الإقتصاد العالمى و أن يؤدى الى انهيار العديد كم الشركات العالمية الضخمة … تم قبل أكثر من 15 عام … لكنه بقى خفياً لأن نفس الشركات الضخمة ( خصوصاً البترولية منها ) لن تسمح بوصوله الى المستهلك
حسب هذه القصة … المخترع مضطر ان يبقى مختفياً بعد تهديده بالقتل عدة مرات … وحسب نفس القصى فإن شركة BMW قامت بفحص الإختراع و تأكيد كونه حقيقياً … الوقود الخاص بهذا المحرك هوالماء و كمية ضئيلة جداً من الألمنيوم تمكن السيارة التى تعمل بالإعتماد على هذا المحرك من أن تسير بسرعة تصل الى 330 كم/الساعة ..
– قاعدة Area 51
كانت هذه المنطقة من أكثر القواعد العسكرية الأمريكية سرية فى التاريخ الى أن قامت الأقمار الصناعية السوفياتية ( فى ذلك الوقت ) بأخذ صور للموقع تؤكد وجود قاعدة عسكرية طالما عملت الحكومة و القيادة العسكرية فى الولايات المتحدة على اخفائها …. سريتها الشديدة ادت الى نشوء نظرية حولها : فالقاعدة ليست قاعدة عسكرية عادية … بل هى مركز للإتصالات بين القادة الأمريكية و كائنات متطورة جاءت من كواكب بعيدة … وفى تلك القاعدة تتم تجربة أسلحة و وسائل تكنولوجيه أوصلتها تلك الكائنات للأمريكيين …
– الوجه على المريخ
فى العام 1976 قام المسبار المدارى الأمريكى Viking 1 بإلتقاط صورة لمنطقة سايدونيا على المريخ … فى الصورة ظهر ما بدى كأنه وجه عملاق على سطح الكوكب الأحمر … تفسير العلماء كان أن ما ظهر هو خداع بصرى ناتج عن زاوية ضوء الشمس الواقع على المنطقة …. و أنه ليس أكثر من ظاهرة طبيعية … حول هذه الصورة نشأت نظرية تقول أن الوجه هو بناء ضخم شيدته حضارة كانت تعيش على المريخ فى فترة زمنية بعيدة فى الماضى … ليس هذا فقط …. كان الأمريكيون على علم بوجود تلك الحضارة إلا أنهم عملوا على اخفاء الأدلة المثبتة لذلك … بين الأعوام 2022 و 2022 قام المسبار الأوروبى Mars Express بإلتقاط عدة صور لنفس الموقع … أكدت الصور عدم وجود أى وجه و أن تفسير العلماء الأساسى كان صحيحاً …
– هل هبطنا على القمر فعلاً ؟
حسب نظرية فريدة من نوعها …. نجد أن كل ما نعرفه حول هبوط الإنسان على القمر مجرد خدعة … المؤمنون بهذه النظرية يؤكدون أن المستوى التكنولوجى فى ستينيات القرن الماضى لم يكن ليسمح لنا بالقيام بهذه المهمة … كل ما حدث… يقولون … كان تمثيلية أداها عدد من الممثلين أمام الكاميرات فى احد الأستوديهات السرية بهدف إثبات التفوق الأمريكى على الإتحاد السوفياتى فى سباق الإنجازات الفضائية … بعض هذه النظريات يشير الى أن الرحلة الأولى فقط ( فى العام 1969 ) كانت مزيفة … فى حين أن نظريات أخرى تؤكد أن كل الرحلات الى القمر كانت مزيفة …
– الأطباق الطائرة و الكائنات الفضائية
النظريات المرتبطة بالفضاء كثيرة جداً … أولها أن الأطباق الطاشرة هى مركبات تقودها كائنات قادمة من كواكب بعيدة و أن السلطات – فى عدة دول – تمنع وصول المعلومات الخاصة بها إلينا … ثم هناك القصة القائلة بأن الأمريكيين حصلوا على مركبة أو أكثر و أنهم قاموا باسر عدة أفراد من تلك الكائنات و أبقوا الموضوع سراً لأنهم يستخدمون المعلومات التى يحصلون عليها من المركبات الفضائية التى سقطت فى تطوير أسلحة و فى اختراعات تكنولوجية متعددة … تعددت الأمور مجرد اختلاق القصص و صلت الى فبركة أدلة فى محاولة لتعزيزها …. مثل الصور المفبركة لطبق طائر فوق مدينة باريس …
كيف تنشأ نظريات المؤامرة
كيف يمكن أن تبقى مؤامرات ذات أثر كبير على البشرية … فى حاضرها و ماضيها … خافية طوال هذا الوقت ؟ هل يعقل أن يتمكنوا " هم " من اخفاء كل الآثار و من اسكات كل الأصوات ومن إزالة جميع الأدلة ؟ و أين هى الأدلة ؟ هل تتشارك فى هذه المؤامرت كل الحكومات و وسائل الإعلام و الصحافة و أجهزة الأمن ؟ فيما يخص كل المؤمرات المذكورة سابقاً … لا يةجد دليل واحد يثبت أن عنصراً واحداً من عناصرها الكثيرة حقيقى … ففى قصص مثل هذه نجد أن الأدلة هى روايات منقولة عن أشخاص مجهولى الهوية لأسباب مختلفة منها المركز الوظيفى و منها المخاوف الأمنية و منها أنهم ليسوا على قيد الحياة … فى كتاب " لم نذهب أبداً الى القمر " المؤلف بيل كيسنج يقدم كل معلوماته بهذه الطريقة : " أخبرنى أحد الأشخاص من تكساس بأن … " أو " وصلنى معلومات من أحد العاملين فى مركز … بأن … " دون تعريف الأشخاص أو مدى ارتباطهم بالوقائع المذكورة و دون تقديم أى دليل مادى على ما تم ذكره …. بعض الحالات تنشأ لأن من يبتدع قصصاً كهذه سيضع نفسه فى مركز اهتمام الآخرين أو أنه سيحصل على شهرة من نوع خاص أو أنه – كما فى حالة كيسنج – سيجنى مالاً و فيراً نتيجة نشره لكتبه ….
يصل البعض الى تصديق قصص حول اختطافهم من قبل كائنات فضائية و خضوعهم لتجارب قامت بها تلك الكائنات عليهم …. حتى أنهم سيعيدون رواية القصة بكل تفاصيلها خلال و ضعهم تحت تأثير التنويم المغناطيسى : " هذا لا يمكن اعتباره دليلاً " تقول سوزان بلاكمور من جامعة فى بريستول West of England …. فبعض المؤثرات الصغيرة جداً " قادرة على خلق ذكريات مزيفة تجعل صاحبها يعيشها و كأنها حقيقية " …. اوهام كهذه قد تنشأ نتيجة وجود مجال مغناطيسى قريب مثل الذى يتشكل بعد حدوث الزلزال … مع ملاحظة أن بلاغات الإختطاف " الفضائية " تزيد بشكل ملحوظ بعد حدوث الزلزال بقوة منخفضة …. قد تنشأ نظريات المؤامرة أيضاً عند وجود شىء يرغب الناس بشدة فى كونه حقيقياً ( كالسيارة ذات المحرك المعتمد على الماء ) … وجود عنصر خفى واحد يكفى لإختلاق القصص حوله ( مثل المنطقة 51 ) …
عدم و ضع ثقة فى كل ما يضلنا من المصادر " الرسمية " ليس سيئاً دائماً … فهو دليل على وجود الحس النقدى و الرغبة فى معرفة لحقيقة … لكن الهام فى الموضوع هو البحث عن الحقائق بالإعتماد على الأسلوب العلمى : أى البحث عن أدلة مادية تثبت وجود ثغرات فى الرواية الرسمية قبل البدء فى تكوين أية نظرية … و لا يجب علينا دائماً تصديق كل ما يقوله آخرون …